تحليلات

حوكمة الهجرة بين المسئولية العالمية والالتزامات الوطنية

طباعة

يحتفل العالم فى يوم 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمى للمهاجرين، وتنتهز العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية والمعنيين بقضية الهجرة هذا اليوم من أجل تسليط الضوء على هذه القضية المهمة التى أدت الأزمات الأقتصادية والسياسية والبيئية المتتالية على مر العقد السابق إلى زيادة عدد المنخرطين فيها، وتعرُّض الكثيرين منهم للمعاناة سواء داخل بلدان المهجر أو خلال رحلة الهجرة إليها.

شهدت الألفية الثالثة نشاطا دوليا مكثفا فى محاولة لإرساء الأساس اللازم من أجل حوكمة الهجرة وإدارتها بطريقة تأخذ فى الحسبان الأبعاد الإنسانية والحقوقية للمهاجرين، وذلك نتيجة التزايد المستمر لحركة الأفراد بين الدول، فقد أدت العديد من الأحداث السياسية والبيئية–إلى جانب الظروف الاقتصادية السيئة- إلى دفع ملايين البشر إلى ترك أوطانهم والهجرة إلى بلدان أخرى، واتجاه العديد من المهاجرين إلى الهجرة غير النظامية المحفوفة بالمخاطر التى نتج عنها معاناة العديد منهم وفقدان الكثير لحياتهم.

تعد جمهورية مصر العربية من البلدان المستقبلة والمصدرة للمهاجرين، ولهذا اتخذت مصر العديد من الإجراءات الهادفة لحوكمة الهجرة بهدف إدارة حركة الهجرة من وإلى أراضيها بكفاءة لضمان الحفاظ على حقوق المهاجرين والعمل على الحد من المخاطر التى قد يتعرضون عليها. وتحاول هذه الورقة إلقاء الضوء على كل من الإجراءات العالمية والوطنية الهادفة إلى حوكمة الهجرة.

اليوم العالمى للهجرة:

اختارت الأمم المتحدة بقرارها رقم (45/93) فى عام 2000يوم (18 ديسمبر) يوما عالميا للمهاجرين؛ حيث ألقت المنظمة الدولية للهجرة وقتئذ الضوء على حقيقة أن أكثر من 150مليون مهاجر استقبلوا الألفية الجديدة خارج بلدانهم.

الهجرة الدولية فى أبسط معانيها هى انتقال الأفراد أو الجماعات من دولة إلى أخرى، ولكن العوامل المحددة والمؤثرة لهذا الانتقال تختلف باختلاف الظروف والتحديات والاختيارات المتاحة للأفراد، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات، وكذلك القوانين المنظمة لشئون الهجرة والمهاجرين فى دول الإرسال أو الاستقبال، والمواثيق والمعاهدات الدولية المعنية. وتُعرف منظمة الأمم المتحدة المهاجر على أنه "شخص أقام فى دولة أجنبية لأكثر من سنة بغض النظر عن الأسباب سواء كانت طوعية أو قسرية، وبغض النظر عن الوسيلة المستخدمة للهجرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية"[1].

طبقا لبيانات منظمة الأمم المتحدة بلغ عدد المهاجرين الدوليين فى عام 2020 نحو281 مليونا[2]،ومثلوا نسبة 3.6% من سكان العالم.

ويرجع اختيار يوم (18 ديسمبر) لكونه اليوم الذى اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بالقرار(45/158) فى عام 1990. ويهدف الاحتفال باليوم العالمى لموضوع ما إلى: 1- تثقيف الجمهور العام به ورفع الوعى العالمى بشأنه، 2- حشد الإرادة السياسية والموارد للتصدى له، 3- الاحتفاء بالإنجازات التى حُققت بشأنه وتعزيزها.

ويمكن إيجاز الأهداف الرئيسية للاحتفال باليوم العالمى للمهاجرين فى تسليط الضوء على قضية إنسانية ملحة، ناتجة عن التزايد المستمر فى أعداد المهاجرين على مر العقود السابقة كنتيجة للتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تدفع ملايين الأفراد إلى اتخاذ قرار الهجرة حتى ولو بطرقغير آمنة وغير نظامية، الأمر الذى يعرض حياة الآلاف منهم للخطر على مستوى الأقاليم الجغرافية فى العالم،والدعوة لاحترام حقوق المهاجرين والتعامل معهم بإنسانية، وتعريف الرأى العام بالمساهمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى قدمها -ويمكن أن يقدمها - المهاجرون للبلدان المستقبل لهم.

وتشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن الكثير من المهاجرين يهاجرون إلى بلادٍ مضطرين ومجبرين على الذهاب إليها (قسريا)، والهجرة القسرية للمهاجرين تصبح ضرورة؛ حيث إن بقاءهم فى دولتهم أمر يهدد حياتهم أو حتى أمنهم، وقد تكون أسبابها سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية أو بيئية. ويتحول المهاجر القسرى إلى لاجئ فى حال ثبوت وجوده خارج وطنه الأصلى لأسباب محددة فى اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين[3].

المسئولية العالمية لحوكمة الهجرة:

نظرا لأن حركة الأفراد بين الدول أمر حتمى خاصة مع تزايد وتفاقم المشكلات والأزمات التى تواجهها العديد من الدول التى لم يجد الكثيرون سبيلا للتعامل معها إلا من خلال الانتقال إلى بلدان أخرى حتى ولو بطرق غير نظامية – أى بالمخالفة للقوانين المنظمة لحركة الأفراد سواء فى دولتهم أو الدولة المستقبلة لهم، شهدت الألفية الثالثة نشاطا دوليا مكثفا فى محاولة لإرساء الأساس اللازم من أجل تعاون دولى شامل بشأن قضية الهجرة وربطها بقضية التنمية، وتبنت منظمة الأمم المتحدة – بوصفها أكبر منظمة عالمية حكومية تضم عضويتها أغلب دول العالم-  حوارين رفيعى المستوى بشأن الهجرة الدولية والتنمية، تم عقدهما فى عامى 2006 و2013، وبلغت المحادثات التى بدأت بشأن هذين الحوارين ذروتها فى عقد قمة للاجئين والمهاجرين فى عام 2016، وهى القمة التى اعتمدت خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (A/RES/71/1)[4]،وهو إعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين، والذى عدَّ إعلانا سياسيا كاشفا للمسئولية المشتركة للدول حول الحماية الدولية لحقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين من خلال دعوة الدول إلى ضرورة الالتزام بالأسس والمبادئ والمعايير التى تفضى إلى تبنى اتفاق عالمى بشأن الهجرة الآمنة والمنظمة والقانونية بحلول عام 2018؛ تشارك فى إعداده كل الفواعل الحكومية وغير الحكومية بالاعتماد على أسس ومعايير الحوكمة العالمية للهجرة.

وبعد ست جوالات من المفاوضات الحكومية الدولية وافقت 192 من الدول الأعضاء فى يوليو 2018 على مشروع نهائى للنص الخاص بالاتفاق العالمى من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، وجرى اعتماده بالقرار (A/RES/73/195) من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر2018 وعُرف بـ "الاتفاق العالمى من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية" (الاتفاق العالمى للهجرة )، ويعد أول اتفاق حكومى دولى يُمكن اعتباره إطارا من أجل تعزيز إدارة الهجرة بطريقة كلية وشاملة.

يوفر الاتفاق العالمى للهجرة 23 هدفا وعملية تنفيذ وكذلك متابعة واستعراض للإجراءات التى تتخذها الدول، مدعومة بالتزامات محددة تسعى إلى معالجة التحديات المتصلة بالهجرة،ويتضمن كل هدف التزاما، تليه مجموعة من الإجراءات التى تعد أدوات سياساتية لإدارة الهجرة تسعى إلى الحد من المخاطر ومعالجة نقاط الضعف التى يواجهها المهاجرون فى مختلف مراحل الهجرة وتهيئة ظروف مواتيةلتمكين المهاجرين ليصبحوا أعضاء فاعلين فى المجتمع، والأهداف هى[5]:

-  جمع واستخدام بيانات دقيقة ومصنفة واستخدامها كأساس للسياسات القائمة على الأدلة.

-  تقليص الدوافع السلبية والعوامل الهيكلية التى تضطر الناس إلى مغادرة بلدهم الأصلى.

-  تقديم معلومات دقيقة وفى وقتها فى جميع مراحل الهجرة.

- ضمان حيازة جميع المهاجرين ما يثبت هويتهم القانونية ووثائق كافية.

- تعزيز توافر ومرونة وسائل الهجرة النظامية.

- تيسير التوظيف المنصف والأخلاقى، وضمان الظروف التى تكفل العمل اللائق.

- معالجة أوجه الضعف فى الهجرة والحد منها.

- إنقاذ الأرواح البشرية وبذل جهود منسقة على الصعيد الدولى بشأن المهاجرين المفقودين.

- تعزيز التدابير عبر الوطنية لمكافحة تهريب المهاجرين.

- منع الاتجار بالأشخاص ومكافحته والقضاء عليه فى سياق الهجرة الدولية.

- إدارة الحدود بطريقة متكاملة وآمنة ومنسقة.

- تعزيز درجة اليقين وإمكانية التنبؤ بالنتائج فى إجراءات الهجرة من أجل الفرز والتقييم والإحالة على نحو مناسب.

- عدم اللجوء إلى احتجاز المهاجرين إلا كملاذ أخير، والعمل على إيجاد بدائل.

- تعزيز الحماية والمساعدة والتعاون القنصلى على امتداد دورة الهجرة.

- تيسير حصول المهاجرين على الخدمات الأساسية.

- تمكين المهاجرين والمجتمعات من تحقيق الاندماج التام والتماسك الاجتماعى.

- القضاء على جميع أشكال التمييز وتشجيع الخطاب العام المسـتند إلى الأدلة من أجل التأثير على التصورات السـائدة عن الهجرة.

- الاستثمار فى تنمية المهارات وتيسير الاعتراف المتبادل بالمهارات والمؤهلات والكفاءات.

- إيجاد الظروف التى تساعد المهاجرين والمغتربين على المساهمة الكاملة فى التنمية المستدامة فى جميع البلدان.

- تشجيع إرسال التحويلات المالية بوسائل أسرع وأكثر أماناوأقل كلفة، وتيسير الاندماج المالى للمهاجرين.

- التعاون على تيسير عودة المهاجرين والسماح بدخولهم من جديد بصورة آمنة تصون كرامتهم وكذلك إعادة إدماجهم إدماجا مستداما.

- إنشاء آليات من أجل تحويل استحقاقات الضمان الاجتماعى والاستحقاقات المكتسبة.

- تعزيز التعاون الدولى والشراكات العالمية تحقيقا للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.

وحرصت منظمة الأمم المتحدة على دعم تنسيق الجهود لتنفيذ الاتفاق العالمى للهجرة من خلال إنشاء شبكة الأمم المتحدة المعنية بالهجرة على نطاق منظومة الأمم المتحدة تتألف من 38 كيانا يتبع منظومة الأمم المتحدة ويعمل بشكل جماعى من أجل دعم الدول فى معالجة أولوياتها فى مجال الهجرة، وتتولى الشبكة لجنة تنفيذية لتسعة كيانات تابعة للأمم المتحدة تقدم توجيها عاما إلى الشبكة وترتب لها الأولويات،وهى: المنظمة الدولية للهجرة (كمنسق وأمانة للشبكة)، منظمة العمل الدولية، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين، منظمة الأمم المتحدة للطفولة، مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، ومنظمة الصحة العالمية[6].

وعلى مستوى المنطقة العربية تم إنشاء11 شبكة من شبكات الأمم المتحدة بشأن الهجرةعلى المستوى الوطنى وشبكة إقليمية.وسعت العديد من الدول العربية إلى إدماج الهجرة فى جهودها لتحقيق التنمية المستدامة من خلال إيجاد روابط بين الإطارين الدوليين للهجرة والتنمية، وكذلك توسيع مسارات الهجرة والحد من الهجرة غير النظامية بينها، من خلال اعتماد مجموعة من التدابير منها إبرام الاتفاقات الثنائية وتطوير إجراءات دخول شفافة، وبالإضافة إلى برامج توجيهية قبل المغادرة وبعد الوصول للمهاجرين[7].

الالتزامات الوطنية بحوكمة الهجرة:

تجدر الإشارة هنا إلى أن السبيل لتحقيق الاتفاق العالمى للهجرة يبدأعلى المستوى الوطنى، ليس فقط من خلال العمل على حوكمة الهجرة عبر استراتيجيات وسياسات وخطط عمل متخصصة فى مجال الهجرة، بل أيضا من خلال تعميم جميع الإجراءات الهادفة إلى حوكمة الهجرة فى مختلف جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتعد مصر من أكبر البلدان المستقبلة لموجات مختلفة من الهجرة سواء كان نظامية غير نظامية بشكل عام، كما أنها بلد معبر للاجئين وملتمسى اللجوء وملجأ يقصدونها أيضا. وقد أعلنت المنظمة الدولية للهجرة فى أغسطس 2022 أن العدد الحالى للمهاجرين الدوليين المقيمين فى مصر هو 9,012,582 مهاجرا ولاجئا، أى ما يعادل 8.7٪ من السكان المصريين.وتأتى هذه المجموعة من المهاجرين واللاجئين من 133 دولة، بينهم المجموعات الكُبرى، مثل المهاجرين السودانيين (4 ملايين)، والسوريون (1.5 مليون)، واليمنيون (مليون)، والليبيون (مليون). وتشكل هذه الجنسيات الأربع 80٪ من المهاجرين المقيمين حاليا فى البلاد[8].

كما أن مصر تعد من الدول المصدرة للمهاجرين، وطبقا لأحدث بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى عام 2019، فإن عدد المصريين المقيمين بالخارج بلغ نحو9 ملايين مصرى، 54.6% منهم موجودون فى الدول العربية، و31.1% فى دول الأمريكتين، و12.8% مقيمون بالدول الأوروبية، و1.4% فى الدول الآسيوية[9].

هذا، يرجع اهتمام مصر بقضية حوكمة الهجرة إلى ما قبل اعتماد الاتفاق العالمى للهجرة بعقود؛ حيث تم تبنى تشريع ينظم هجرة المصريين ويعمل على رعايتهم فى الخارج وهو قانون الهجرة ورعاية المصريين فى الخارج رقم (111) لسنة 1983، وفى عام 1996 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (165) بمسئوليات وتنظيم وزارة القوى العاملة والهجرة لتهتم وتنظم شئون المهاجرين للخارج. وتقر مصر بأن لكل أجنبى يقيم فى إقليمها الاعتراف له بالحريات الأساسية والمرتبطة بكونه إنسانا، مثل حرية العقيدة والديانة والانتقال داخل الدولة دون قيود، كذلك يتمتع الأجنبى بحرية التعبير عن الرأى، بما لا يخالف النظام العام. وفى بعض الحالات مثل الزواج من مواطن مصرى يُتاح للأجانب واللاجئين الحصول على الجنسية المصرية والتمتع بكامل الحقوق المكفولة للمواطنين المصريين. كما منح القانون المصرى لكل أجنبى الحق فى التقاضى دون قيد أو شرط، كما يحق له إبرام الزواج فى إقليم الدولة وتكوين علاقات القرابة والولاية والأبوة. بالإضافة إلى الحق فى تلقى التركة بالميراث وفقا لأحكام القانون المصرى وتملك المنقولات، أما العقارات فللأجنبى الحق فى التملك لمرة واحدة بغرض السكن الخاص. وقد يستفيد الأجانب من بعض الجنسيات (مثل السودانيين) الموجودين فى مصر بالقوانين الخاصة بالضمان الاجتماعى شريطة أن يكون قد مر على بقائهم فى مصر مدة عشر سنوات على الأقل، وأن تكون دولتهم ممن تجيز المعاملة بالمثل فى هذا الشأن.

وفى إطار حرص الدولة المصرية خلال الأعوام السابقة على استكمال الأطر التشريعية والمؤسسية التى من شأنها إيجاد آليات فاعلة لتخطيط وتنظيم وتنفيذ ومتابعة سياساتها بشأن هجرة المصريين إلى الخارجتم فى عام 2014 تأسيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 380 لسنة 2014. كما تمتإعادة وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج–بموجب القرار الجمهورى رقم (379) لسنة 2015-التى تضمنت رؤيتها ورسالتها مركزات تقوم على تعزير ارتباط المصريين بالخارج بالوطن والحفاظ على الهوية الوطنية، مع تقديم الدعم والحماية لمصالحهم وحل مشكلاتهم، ووضع سياسة وطنية عادلة وفعالة ومتكاملة لحوكمة هجرة المصريين للخارج، وهو ما نص عليه صراحة فى المادة الثانية من القانون رقم (111) لسنة 1983.        

وفى عام 2016 صدر قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين رقم (82) لسنة 2016 للتصدى لقضية الهجرة غير الشرعية، الذى تم بموجبه دمج اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية مع اللجنة التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار فى الأفراد التى تأسست فى عام 2007 بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1584 لسنة 2007، لتصبح اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر رسميا بموجب القانون رقم 82 لسنة 2016، وتم تشكيلها فى بداية عام 2017 بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 192 لسنة 2017 لتضم فى عضويتها 30 وزارة وهيئة ومجلس قومى[10].

وتبنى مصر استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية للفترة من 2016 – 2026 تستهدف الفئات الأكثر عرضة لخطر الاستغلال من جانب المهربين، وهم الشباب (18 - 35 سنة) والأطفال وأُسرهم والوافدون إلى مصر بشكل غير شرعى،وتسعى إلى ردع ومعاقبة سماسرة وتجار الهجرة من خلال إجراءات وعقوبات مشددة. ويشارك فى تنفيذ الاستراتيجية جميع الجهات الحكومية– الوطنية والدولية- المعنية بالمكافحة والتوعية إلى جانب جهات إنفاذ القانون والأجهزة التعليمية والدينية والإعلامية،إضافة إلى هيئات ومكونات المجتمع المدنى بهدف العمل على معالجة الأسباب الجذرية الدافعة للهجرة غير الشرعية.

وتمثلت أهم غايات الاستراتيجية فى رفع الوعى العام بقضية الهجرة غير الشرعية، وتعبئة الموارد اللازمة لدعمها، ودعم التنمية كأساس لمكافحتها، وحماية الفئات الأكثر عُرضة لمخاطرها، وتوفير البدائل الإيجابية لفرص العمل فى مصر، ودعم مسارات الهجرة الشرعية، واستثمار التعاون الدولى لخدمة القضية، ورفع القدرة المعلوماتية ذات الصلة بها، وبناء وتفعيل الإطار التشريعى الداعم لأنشطة مكافحة الهجرة الشرعية، وتعزيز التعاون الإقليمى.

كما عملت السلطات المصرية بالتعاون مع المؤسسات الحكومية المختلفة على وقف تدفق المهاجريين غير النظاميين (المصريين وغير المصريين) عن طريق سواحلها من خلال خطة متكاملة تضمنت ضبط السواحل عن طرق المؤسسات الأمنية وعلى رأسها القوات المسلحة ووزارة الداخلية، ورفع قدرات المؤسسات والجهات المعنية بمكافحة الهجرة غير الشرعية، وإطلاق استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر، والعمل على استضافة ورعاية المنتديات الدولية المعنية بمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية، وعقد عدد من بروتوكولات التعاون والعمل مع الدول والجهات المعنية بجهود حوكمة الهجرة[11].

ومنحت الجهات الحكومية الإدارية المعنية بعمل الجمعيات الأهلية الوطنية والدولية جميع الموافقات والتسهيلات التى تحتاج إليها الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية العاملة فى مجال الهجرة للعمل مع المهاجرين المصريين وغير المصريين للعمل فى مجالات والمساعدة والتوعية، لتوفير المساعدات والخدمات التى يحتاجون إليها، وتنمية الوعى بمخاطر الهجرة غير الشرعية والتعريف بأساليب وطرق المواجهة المختلفة، وبناء المعرفة حول القضايا والمشكلات الاجتماعية التى تواجه المجتمعات المصدرة للمهاجرين وكيفية التعامل معها، وكذلك تعريف المجتمعات المحلية بفرص التمويل والاستثمار المتاحة لإيجاد فرص بديلة للهجرة غير النظامية، وتنمية قدرات ومهارات راغبى الهجرة  لتحسين وزيادة فرصهم فى الهجرة النظامية.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، مازالت السلطات المصرية تعمل جاهدة على وضع التزاماتها فى إطار الاتفاق العالمى للهجرة محل التنفيذ باستكمال ما بدأته من إجراءات – حتى قبل اعتماده- التى تتفق مع أهدافه الثلاثة والعشرين على كل المستويات: السياساتية والمؤسسية والتشريعية والتنفيذية بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية بالقضية الحكومية وغير الحكومية، والوطنية والدولية من أجل ضمان حقوق المهاجرين – المصريين وغير المصريين- المنصوص عليها فى كل الوثائق والمعاهدات الدولية ووضعها محل التنفيذ داخل الأراضى المصرية.

الهوامش:


[1]تعريف "المهاجر" كما هو مذكور فى الموقع الرسمى لمنظمة الأمم المتحدة:http://www.un.org/ar/sections/issues-depth/migration/index.html

[2]الموقع الرسمى لمنظمة الأمم المتحدة:https://www.un.org/ar/observances/migrants-day

[3]يُعرف اللاجئ بأنه " شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العرق، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأى سياسى، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد." بموجب المادة (1) من نص الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، تم اعتمادها يوم 28 يوليو 1951 فى مؤتمر الأمم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين وعديمى الجنسية، الذى دعته الجمعية العامة للأمم المتحدة للانعقاد بمقتضى قرارها رقم 429(د-5) المؤرخ فى 14 ديسمبر1950، تاريخ بدء التنفيذ: 22 إبريل 1954، وفقا لأحكام المادة (43).

[4]نص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (A/RES/71/1)فى 19 سبتمبر 2016، والمعروف بإعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين، والمتاح على الموقع الإلكترونى:https://www.unhcr.org/ar/5c470c334.html

[5]نص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدةA/RES/73/195) )فى 10 ديسمبر 2018، والمعروف الاتفاق العالمى من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، المتاح على الموقع الإليكتروني:https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/N18/451/97/PDF/N1845197.pdf?OpenElement

[6]https://www.ohchr.org/ar/migration/global-compact-safe-orderly-and-regular-migration-gcm

[7]الموقع الرسمى للمنتدى العربى للتنمية المستدامة:https://afsd-2021.unescwa.org/index-ar.html

[8]الموقع الرسمى لمنظمة الهجرة الدولية :https://egypt.iom.int/news/almnzmt-aldwlyt-llhjrt-fy-msr-tuqdr-aldd-alhaly-llmhajryn-aldhyn-yyshwn-fy-msr-b-9-mlayyn-shkhs-mn-133-dwlt

[9]"المركزى للتعبئة والإحصاء" يعلن خريطة المصريين المقيمين بالخارج فى نهاية 2019.. عددهم يتراجع لـ 9 ملايين.. 4.9 مليون بالدول العربية والصدارة للسعودية بـ36.6%.. الوصافة للأردن بـ22.5%.. والإمارات بالمركز الثالث، فى 5 إبريل 2021، المنشور على الموقع الإلكتروني: https://bit.ly/3PK3zJ2

[10]الموقع الإلكترونى الرسمى للجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر:

https://www.nccpimandtip.gov.eg/ar/AboutUs/#overView

[11]المرجع السابق.

 

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. سالى محمود عاشور

    د. سالى محمود عاشور

    أستاذ العلوم السياسية المساعد، المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية