مقالات رأى

اجتهادات «سى الباجى»!

طباعة
يبدو الباجى قائد السبسى زعيم حركة «نداء تونس» هو المرشح الأول فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت أمس بعد أن فازت هذه الحركة بالمركز الأول فى الانتخابات البرلمانية التى أُجريت فى 26 أكتوبر الماضى. ولذلك تُثار أسئلة كثيرة حول اتجاهاته.
 
 فلم يكن «سى الباجى», كما يُلقب, فى قلب دائرة الضوء فى أى وقت مضى مثلما هو الآن، رغم أنه بدأ نشاطه السياسى فى خمسينيات القرن الماضى فى صفوف الحركة الوطنية التونسية. وقام بأدوار مهمة فى مرحلة حكم الحبيب بورقيبة، التى تشبه فى بعض جوانبها مرحلة جمال عبد الناصر فى مصر.
 
فيجمع الناصرية والبورقيبية أن كلاً منهما قامت على مشروع للتنمية والتحديث والتقدم من خلال سياسات للإصلاح الزراعى والتصنيع والتوسع فى التعليم. ورغم أنهما افتقدتا الديمقراطية.. ارتبط المشروع البورقيبى بتطور مجتمع مدنى فى مصر فلكل مساوئ طابعها التسلطى بخلاف المشروع الناصرى الذى أضعف هذا المجتمع وحاصر الحريات العامة فى آن معا.
 
وبخلاف الأوضاع الداخلية التى توجد قواسم مشتركة بين المشروعين بشأنها، اختلفت سياستهما الخارجية تماماً. فقد حرص بورقيبة على تدعيم العلاقات مع الغرب، وقفز على الميراث الاستعمارى الذى ظل مؤثراً على توجهات عبد الناصر لأسباب فى مقدمتها قرب مصر جغرافياً وسياسياً من فلسطين وانخراطها المباشر بالتالى فى الصراع المركزى فى المنطقة حينئذ.
 
وتولى «سى الباجى» مناصب عدة فى المرحلة البورقيبية، ثم كان أول رئيس للبرلمان فى عهد زين العابدين بن على قبل أن ينسحب من المشهد فيما يسميه هو «توقفاً اضطرارياً». ورغم أنه لم ينتقد نظام بن على فى أى وقت، ولم يستقل رسمياً من حزب التجمع الدستورى، فقد ابتعد عن الحياة السياسية منذ أن انقلب الرئيس السابق على تعهداته التى أعلنها عند توليه الرئاسة عام 1987 بشأن بناء نظام ديمقراطى.
 
والأرجح أنه وجد من الصعب عليه، وهو الذى شارك فى مشروع لبناء دولة حديثة، أن يكون جزءاً من «مشروع» لا أفق له إلا المحافظة على سلطة فاسدة.
 
ولذلك يظلمه من يقول إنه عائد من نظام بن على. فهو ينتمى إلى مشروع بورقيبة الوطنى. ولكن التحدى الأول والمصيرى الذى يواجهه هو تقديم مشروع للمستقبل لم يظهر ما يدل على وجوده حتى الآن.
 
------------------------------
* نفلا عن صحيفة الأهرام المصرية، الإثنين، 24/11/2014.
طباعة

تعريف الكاتب

د. وحيد عبد المجيد

د. وحيد عبد المجيد

مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام