مقالات رأى

الخليج وحروب المنطقة

طباعة

توقعت مجلة "فورن بولسي" الأميركية اندلاع 10 حروب أو صراعات في مناطق متفرقة في جميع أنحاء العالم خلال العام الجديد 2012، والأزمات المتوقعة تشمل: سوريا، حيث يتوقع سقوط نظام الأسد وحصول حرب أهلية ضد الطائفة العلوية. والحرب الأخرى بين إيران وإسرائيل بسبب التسلح النووي الإيراني... فيما ستجري الحرب الثالثة في أفغانستان، حيث من المتوقع أن تشتد هجمات "طالبان". أما منطقة القلاقل الرابعة فهي باكستان التي سوف تشهد حالة من عدم الاستقرار بسبب تدهور العلاقات الباكستانية الأميركية. وتعد اليمن المنطقة الخامسة التي سوف تشهد مشاكل وحروب أهلية بسبب فشل محاولات التوفيق بين الفرقاء. علاوة على منطقة آسيا الوسطى أو الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفييتي السابق. كما توقعت المجلة حروباً في أفريقيا، وتحديداً بوروندي والكونجو الديمقراطي، وحروباً أخرى بين كينيا والصومال. لكن المجلة كانت متفائلة بالاستقرار في تونس وميانمار.

ولسوء الحظ فإن معظم المناطق المرشحة لحروب هي إما دول عربية شقيقة، أو دول إسلامية صديقة، وكلها مجاورة لدول الخليج العربية، وقد لعبت دول الخليج دوراً متميزاً في فرض الأمن والاستقرار فيها. لقد حاولت دول الخليج لعبَ دورٍ لتهدئة الأمور في كل من اليمن وسوريا وفي حث الولايات المتحدة على عدم شن أي حرب ضد إيران. لكن كيف يمكن التعامل خليجياً مع كل هذه المتغيرات والمشاكل المعقدة والشائكة؟

نحن في الخليج، دولا وشعوباً، غير متفقين حول كيفية التعامل مع كل هذه التحولات، خاصة في سوريا واليمن وإيران. ففي حالة سوريا مثلاً كل دول الخليج متفقة حول ضرورة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، لكن هناك شريحة مهمة من الشعب الخليجي تعارض التدخل في الشؤون الداخلية، لاسيما في كل من البحرين والسعودية والكويت. وبينما يقف السُنة وراء دعم الشعب السوري ضد حكومته المستبدة، هنالك خلاف خليجي إزاء المسألة الإيرانية؛ فقطر مثلاً لديها علاقات قوية مع إيران، وتؤيدها في هذا الموقف سلطنة عُمان، بينما تتخذ دول الخليج الأخرى موقفاً متشدداً من إيران لأنها تتدخل في قضايا الخليج المحلية وتحديداً في البحرين والكويت والسعودية. لكن هنالك مواقف حكومية وشعبية ترفض أي اعتداء إسرائيلي أو أميركي على إيران رغم وجود اتفاقيات أمنية أميركية مع دول الخليج العربية، لأنه ليس من مصلحة أحد تهديد السلام في المنطقة خصوصاً وأن هنالك تهديدات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز إذا اشتد الحصار الاقتصادي ضد إيران، بينما ترى الولايات المتحدة أن المضيق ممر استراتيجي دولي لا يجوز إغلاقه خصوصاً وأن 40 في المئة من إمدادات النفط العالمي تأتي من دول الخليج العربية.

حالة عدم الاستقرار في اليمن والصومال سوف تنعكس سلباً على كل دول المنطقة، لذلك من مسؤوليتنا في الخليج مساعدة الفرقاء في اليمن على حل مشاكلهم ومساعدتهم في تحقيق ذلك. من مصلحتنا استقرار باكستان ونظامها الديمقراطي، وعلينا الضغط على الولايات المتحدة لإعادة الثقة بين واشنطن وإسلام آباد.

وهناك مشاكل كثيرة متوقعة في منطقتنا لم تتطرق لها المجلة، إذ ماذا يعني فشل الثورات العربية الربيعية؟ وماذا سيحدث في العراق إذا لم تتحقق الوحدة الوطنية؟ وأخيراً كيف ستتعامل دول الخليج مع مطالب الشباب الخليجي المطالب بالإصلاح والتغير الديمقراطي السلمي؟

-------------------
* نقلا عن الاتحاد الإماراتية، الأحد 1/1/2012.

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. شملان يوسف العيسى

    د. شملان يوسف العيسى

    رئيس سابق لقسم العلوم السياسية بجامعة الكويت.