تحليلات - مصر

أبعاد وتداعيات مباحثات "السيسي" بألمانيا.. ملف المناخ يتصدر

طباعة

يبدأ الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" يوم 17 يوليو الحالي زيارة لبرلين تستغرق يومين يلتقى خلالها مع نظيره الألماني "فرانك – شتاينماير" والمستشار "أولاف شولتس"، وعدد من القيادات السياسية بالبلاد، كما سيشارك في مؤتمر "حوار بطرسبرج للمناخ" بصفة مصر رئيسا لمؤتمر المناخ (cop27)الذي سيعقد فى نوفمبر المقبل، وستركز المباحثات على تداعيات الأزمة الأوكرانية، لاسيما أزمتي الطاقة والغذاء، كما سيتم بحث سائر القضايا الإقليمية، وتولى برلين أهمية كبرى لمصر كدولة إقليمية لها امتداد عربي شرق أوسطي إفريقي متوسطي يمكن الاعتماد عليها لمعالجة أزمة الطاقة وإرساء الاستقرار بالشرق الأوسط.

مرحلة استراتيجية بالعلاقات المصرية-الألمانية:

تعد العلاقات المصرية-الألمانية نموذجا متميزا في العلاقات الدولية، حيث تتوافق الدولتان في معظم القضايا محل الاهتمام المشترك وتعملان على تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بينهما، وقد قام الرئيس "السيسي" منذ تولى منصبه في يونيو 2014 بست زيارات لألمانيا، مثلت نقطة تحول في العلاقات الثنائية، هي:

- تدشين مرحلة جديدة للتعاون: مثلت زيارة الرئيس "السيسي" الأولى إلى ألمانيا في يونيو 2015، تأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات بين الدولتين، حيث كانت أولى الزيارات له منذ توليه منصبه، وعقد لقاءه الأول مع المستشارة الألمانية السابقة "إنجيلا ميركل" التي أكدت دعم برلين للدولة المصرية الوطنية في مكافحة الإرهاب بعد ثورة 30 يونيو 2013، كما شهدت عقد شراكات ثنائية اقتصادية، لاسيما مع شركة "سيمنز" الألمانية لبناء عدد من محطات الكهرباء بمصر، حيث نفذت 3 محطات بقيمة 8.5 مليار يورو، وتم تعزيز التعاون بمجالات جديدة كالتحول الرقمي والإنتاج الحيواني، وأسفرت المباحثات عن توافق في الرؤى بين برلين والقاهرة بمختلف القضايا، لاسيما الاعتماد على الحلول السلمية لمعالجة قضايا الشرق الأوسط.

- تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي: قام الرئيس "السيسي" بثاني زياراته لبرلين في 3 يونيو 2017 وعقد لقاءات مع القيادة السياسية الألمانية، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية، مما جعل مصر ثالث أكبر شريك تجارى لألمانيا في الشرق الأوسط، وسجل حجم التبادل التجاري بينهم أعلى مستوياته بقيمة 5.8 مليار يورو، ما عكس الثقة في مناخ الاستثمار المصري بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016. وعلى الصعيد الثقافي، أعلن عن تمويل ألماني لمتحف "إخناتون" بالمنيا بقيمة 2 مليون يورو تبدأ بموازنة عام 2019، وتم إنشاء الجامعة الألمانية الجديدة بمصر، كما وقعت القاهرة وبرلين اتفاقا للتعاون الأمني في يوليو 2016، وآخر في أغسطس 2017 للحد من الهجرة غير الشرعية، وجدير بالذكر أنه لم يتم تسجيل أي حالة هجرة من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016.

- تعاون ثنائي لدعم القارة الإفريقية: قام الرئيس "السيسي" بزيارة لبرلين استمرت أربعة أيام (28-31) أكتوبر 2018،تم التوقيع خلالها على خمس اتفاقيات للتعاون فى التعليم والاقتصاد بقيمة 129 مليون يورو والتصنيع والاستثمار والطاقة، وتم التوقيع على إعلان نوايا بشأن المبادرة المصرية-الألمانية الشاملة الجديدة للتعليم والتدريب الفنى والمهنى والتعليم المزدوج وإنشاء هيئة لمراقبة الجودة التعليمية وإنشاء أكاديمية لتدريب المعلمين. وأعلنت  شركة (توي TUI) وهى أكبر شركة سياحة فى ألمانيا تمتلك 46 فندقا فى مصر، زيادة عدد رحلاتها إلى المقاصد السياحية المصرية بستة أضعاف.

ثم شارك الرئيس بفعاليات القمة الألمانية-الإفريقية ببرلين بغية تعزيز التنمية في 11 دولة إفريقية ووقف تدفق المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا. والمبادرة مثلت تحول ألماني تجاه القارة الإفريقية. وخلال كلمته بالقمة أكد الرئيس "السيسي" أن مصر أقرت استراتيجية تنموية تتسم بالشمول والتنوع، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، تتمثل في رؤية مصر 2030. وقد مثل الحضور المصري أهمية خاصة، لأنه تولت رئاسة الاتحاد الإفريقي عام 2019، كما أن التعاون الاقتصادي والعلمي المصري-الألماني يعد نموذجا يحتذى به في العلاقات الألمانية-الإفريقية.

- مشاركة متميزة بمؤتمر ميونيخ للأمن: شارك الرئيس "السيسي" خلال الفترة من (15 إلى 17) فبراير 2019 فى مؤتمر "ميونيخ للسياسات الأمنية-MSC" بألمانيا، ويعد أول رئيس دولة غير أوروبية يلقي كلمة بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر منذ نشأته عام 1963، وقد أكد فى كلمته على الثوابت الوطنية المصرية المتمثلة في الحفاظ على الدولة الوطنية وترسيخ تماسك مؤسساتها وقواتها الوطنية النظامية واحترام سيادة الدول على أراضيها وسلامتها الإقليمية كأساس للاستقرار بالشرق الأوسط، وعقدت بالزيارة قمة مصرية-ألمانية كان لها بعدان الأول ثنائي لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي، الآخر إقليمي لبحث ملفي ليبيا وسوريا، وكذلك رؤية مصر بشأن سبل تعزيز العمل الإفريقي.

- تنسيق مستمر بالملف الليبي:شارك الرئيس "السيسي" في مؤتمر (برلين 1) بشأن الأزمة الليبية في 19 يناير 2020 بدعوة من "ميركل"، والذي أصدر بيانا ختاميا يدعم فيه الجهود المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية وكتابة الدستور الليبي فى مباحثات الغردقة بمصر، كما شارك في مؤتمر (برلين 2) بنهاية 2021، وحث الأطراف الليبية على الالتزام بالقرارات الأممية.

هذا بينما قامت "ميركل"بزيارتين إلى مصر الأولى في مارس 2017 والثانية في فبراير 2019، فضلا عن عقد عدة لقاءات بينها وبين الرئيس "السيسي" على هامش أعمال قمة العشرين في اليابان، وفي فرنسا على هامش أعمال قمة السبع الصناعية، وعلى هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 محددات استراتيجية:

تكتسب زيارة الرئيس "السيسي" أهمية خاصة، حيث إنها تتزامن مع مرور 70 عاما على تدشين العلاقات الثنائية بين القاهرة وبرلين، كما أنها أول زيارة بعهد الحكومة الجديدة برئاسة "شولتس" الذي تولى منصبه رسميا في نهاية 2021 بعد 16 عاما من حكم "ميركل"، وحددت الحكومة الجديدة أولوياتها بالشرق الأوسط في 3 قضايا، هي (منع انتشار الأسلحة النووية، إرساء الاستقرار لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا، دعم مكافحة الإرهاب والتطرف)، ولذا سيتم بحث سبل استمرار التعاون بين القاهرة وبرلين لمعالجة تلك القضايا، فضلا عن تداعيات الأزمة الأوكرانية، وهو ما أكدت عليه وزيرة الخارجية الألمانية "أنالينا بيربوك" خلال زيارتها للقاهرة فى منتصف العام الحالي، بناء علي عدة محددات، هي:

- شريك استراتيجي: ثمة تقدير شخصي كبير من النخب السياسية الألمانية للرئيس "السيسي" باعتباره شريكا استراتيجيا لها، وقد تجلى ذلك خلال زياراته السابقة التي حرص خلالها معظم الوزراء وكذلك رجال الاقتصاد ووسائل الإعلام على عقد لقاءات معه، كما تثمن برلين الثوابت الوطنية للرئيس "السيسي"، حيث إنه لم يسع لافتعال أزمات إقليمية، أو لتوتير العلاقات مع دول أخرى، أو التدخل في ِشأنها الداخلي، أو تسييس عمل الجاليات المصرية بالخارج. وقد رحبت برلين بزيارة الرئيس الحالية، حيث أكد السفير الألماني بالقاهرة "فرانك هارتمان" "نحن سعداء جداً بالزيارة المرتقبة التي سوف يقوم بها الرئيس المصري إلى برلين، لأن هذه الزيارة من شأنها أن تؤكد من جديد عمق العلاقات الألمانية-المصرية والاهتمام المشترك لكلا البلدين بتعميق التعاون في مجال حماية المناخ والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط"، كما أوضح رئيس جمعية الصداقة البرلمانية الألمانية-المصرية النائب البرلماني "شتيفان الباني" أن "برلين تعول على مصر كأحد عوامل الاستقرار في الشرق الأوسط".

- محورية التوقيت: الزيارة تأتي غداة مشاركة الرئيس "السيسي" في قمة "جدة للأمن والتنمية"التي ألقى خلالها كلمة مهمة تحدد المحاور الخمس للسياسة الخارجية المصرية في المرحلة الراهنة هي: أهمية الحفاظ على الأمن المائي المصري والعربي، وهي دعوة ضمنية للقوى الكبرى لاتخاذ موقف حاسم لحل أزمة "سد النهضة" الأثيوبي بعد تعثر المفاوضات إثر تعنت أديس أبابا ومخالفتها لكافة القوانين والأعراف الدولية المتبعة في هذا الشأن، وضرورة تسوية القضية الفلسطينية بحل شامل عادل دائم بناء على الأسس والمرجعيات الدولية وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، بل إن الرئيس قد رهن الاستقرار بالمنطقة بحل تلك القضية، ومواجهة الإرهاب وتفكيك الميليشيات المسلحة بالدول العربية ومقاومة داعميها، وتعزيز التعاون الدولي لمعالجة أزمتي أمن الطاقة والغذاء، ونجد فى هذه المحاور أن الرئيس قد أوجز المشكلات الراهنة ووضع حلولا لها. كما شهدت جدة عقد قمة مصرية أمريكية هي الأولى بين الرئيسين، وأكدا على استمرار التعاون والتنسيق بينهما في شتى المجالات.

ومشاركة الرئيس "السيسي" فى قمة جدة ثم زيارته لبرلين تحمل عدة رسائل، منها: حرص القوى الكبرى على التشاور مع القيادة السياسية المصرية احتراما للدور الإقليمي المصري النشط لمعالجة القضية الفلسطينية والليبية والهجرة غير الشرعية، فضلا عن التأكيد المصري على محورية أمن دول الخليج العربي للأمن القومي المصري في مواجهة أي تدخلات خارجية أو اعتداءات مباشرة، وهذه الأسس ستكون محاور المباحثات الألمانية-المصرية.

- معالجة أزمتي الطاقة والغذاء: أسفرت الأزمة الأوكرانية عن أزمات متلاحقة في نقص إمدادات الطاقة من الغاز الروسي الذي كانت تعتمد عليه ألمانيا والقارة الأوروبية بشكل أساسي لإمدادها بالمحروقات، فضلا عن نقص الحبوب الغذائية، وتعد مصر من أكثر الدول تأثيرا بتلك الأزمة، حيث إنها تستورد على 60% من القمح الروسي والأوكراني، ولذا فهناك مسئولية دولية لمعالجة الأزمتين، لأنه لن تتمكن دولة واحدة من حل تلك الأزمات بمفردها ويجب التوصل لحلول جذرية مبتكرة لضمان إيصال إمدادات الطاقة والغذاء لكافة الشعوب المتقدمة والنامية، ولذا تعول برلين على مصر التي تسعى لتصبح مركزا لتصدير الغاز بشرق المتوسط، وقد بدأت ذلك بعد توقيع أول اتفاقية لتصدير الغاز المصري لأوروبا مباشرة، كما قدم الاتحاد الأوروبي قروضا ومنحا للدول النامية لمواجهة نقص المواد الغذائية، ومن المتوقع أن يصدر عن القمة المصرية-الألمانية المزيد من الحلول المبتكرة للأزمتين، لاسيما فيما يخص الشراكة الألمانية الإفريقية، حيث سيعاني عدد من دول القارة الإفريقية من نقص الغذاء خلال العام الحالي.

- تعزيز التعاون العسكري:أعلنت برلين عزمها رفع الإنفاق العسكري لها لنحو 2% من الدخل القومي لبناء أكبر جيش  تقليدي أوروبي بغية مواجهة التهديدات الأمنية والعسكرية الناجمة عن الأزمة الأوكرانية، وهو ما يمكن الاستفادة منه لتعزيز التعاون العسكري المصري الألماني عبر التصنيع المشترك وتبادل الخبرات التكنولوجية وتوطينها بمصر، لاسيما أن هذا التعاون قد شهد تقدما ملحوظا بعهد الرئيس "السيسي" فقد كان يحرص على عقد اجتماعات دورية مع أعضاء الاتحاد الفيدرالى الألمانى للصناعات الأمنية والدفاعية خلال زياراته لبرلين، كما عقدت مصر عدة صفقات لشراء أسلحة ألمانية متطورة منها شراء 4 غواصات من طراز "دولفين"، وهي أحدث الغواصات ألمانية الصنع، فضلا عن الأسلحة التقليدية. كما أن الأزمة الأوكرانية وما حملته من خلافات في الرؤى الأوروبية والأمريكية تمثل دافعا لبرلين للبحث عن شركاء جدد لتعزيز التعاون الأمني والعسكري معها.

- توافق الرؤى بالقضايا الإقليمية: ثمة توافق بين الرؤية المصرية والألمانية لمعالجة كل القضايا الراهنة، تعتمد على نبذ الحل العسكري والاعتماد على الحلول السلمية للصراعات والنزاعات الدولية والالتزام بالقرارات الأممية، ورفض أي سباق للتسلح وكذلك رفض وجود الأسلحة النووية بالشرق الأوسط، كما تدعم برلين رؤية الرئيس "السيسي" التي تقوم عليالتمسك بالدولة الوطنية واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشأن الداخلي لها، والقاهرة وبرلين يشاركان في حل الأزمة السورية، لأنهما عضوان في المجموعة المصغرة لها، كما لهما دور بارز في تسوية الأزمة الليبية، فضلا عن الدعم الألماني للقضية الفلسطينية، واعتماد برلين على الدور المصري للتواصل مع الدول الإفريقية لتعزيز الشراكة معها، كما أن هناك توافق على إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن، ولذا فتعزيز التعاون السياسي المصري-الألماني سيسهم في تحقيق هذه الأهداف كافة.

 "حوار بطرسبرج" للمناخ:

يشارك الرئيس "السيسي" خلال زيارته لبرلين في رئاسة مؤتمر "حوار بطرسبرج للمناخ" الذي سيعقد يومي (18 و19) يوليو2022، بالمشاركة مع وزيرة الخارجية الألمانية "أنالينا بيربوك"، ووزيرة الدولة الألمانية والمبعوثة الخاصة لتدابير المناخ الدولية "جينيفر مورجان"، وذلك باعتبار مصر رئيس المؤتمر السنوي للأمم المتحدة حول المناخ للعام الحالي الذي سيعقد بمدينة شرم الشيخ بمصر في نوفمبر المقبل باسم قمة المناخ(COP27)، حيث:

- أهمية الحوار:تنظم ألمانيا منذ عام 2009 الحوار لبحث قضايا المناخ ويعقد عادة قبيل انعقاد المؤتمر السنوي للأمم المتحدة حول المناخ، والحوار هذا العام له أهمية مضاعفة، حيث أن الائتلاف الألماني الحاكم كان يضع قضايا المناخ كأولوية للسياسة الخارجية الألمانية، ويسعى لتتصدر أجندة العمل الدولي، وأعلن "شولتس" عزمه تطبيق "الحياد المناخي"، وهو منع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة تماما عام 2045، بينما عارض حزب الخضر المشارك بالائتلاف الحاكم ذلك وطالبه بتطبيق ذلك عام 2030، كما تعتزم ألمانيا غلق ما يقرب من نصف مفاعلاتها النووية قبل نهاية عام 2022، بيد أن منع تدفق الغاز الروسي لبرلين سيؤدي لعرقلة تنفيذ تلك الخطط الطموح، وسيتطلب وضع جداول زمنية جديدة لها، الأمر الذي سيؤثر فى شعبيىة الائتلاف الحاكم وحزب الخضر ثاني الأحزاب شعبية بالبلاد له (118) نائبا من أصل (736) نائبا بالبوندستاج الألماني، مما يتطلب إيجاد حلول بديلة للحفاظ على المناخ وإدارة أزمة الطاقة الحالية.

- الإعداد المصري لـ cop27: تعد مصر أول دولة إفريقية عربية شرق أوسطية تستضيف مؤتمر المناخ الأممي، وهو ما يمثل اعترافا دوليا بنجاح الدولة المصرية في مواجهة الأزمات البنيوية التي مرت بها منذ عام 2011،  وكذلك بنجاح دورها التنموي والاقتصادي الرائد، وقد ركزت مصر جهدها الدبلوماسي للإعداد الجيد المتميز للمؤتمر على مدار العام الماضي منذ تسلمها رئاسته من بريطانيا في قمة "جلاسكو" التي حضرها الرئيس "السيسي"، ومنذ ذلك الحين يقوم رئيس المؤتمر الحالي وزير الخارجية المصري "سامح شكري" بعدة زيارات ولقاءات دولية لحشد الجهود لمعالجة قضايا التغير المناخي، كما أولى الرئيس "السيسي" قضايا المناخ اهتماما بارزا في جميع خطاباته السياسية وتواصل مع عدد من قادة العالم بشأنها، حيث تسعى مصر لدعم الدول النامية التي تعاني من تلك الأزمة عبر توفير الدعم المادي والتكنولوجي والتنموي لها، لاسيما أن مصر كانت فى مقدمة دول العالم التى أعطت أكبر اهتمام خلال السنوات الماضية لقضايا المناخ، رغم التحديات الجمة للأمنية والسياسية والاقتصادية التي تعرضت لها مصر خلال العقد الماضي.

- تعزيز التعاون لمواجهة التغير المناخي: من أبرز تداعيات الأزمة الأوكرانية عدم الالتزام بتطبيق سياسات التحول للاقتصاد الأخضر والحياد المناخي وتقليل الانبعاثات الحرارية وفق الخطط الزمنية لكل دولة، حيث إن الدول الأوروبية ستعود للاعتماد على الوقود الأحفوري والمفاعلات النووية لتوفير الطاقة وسد العجز الناجم عن نقص الإمدادات بها حتى إيجاد بدائل مناسبة لها وهذا سيستغرق عامين أو ثلاثة بالنسبة للدول المتقدمة، وفيما يخص الدول النامية فإنها لن تتمكن من الالتزام بخطط التغير المناخي، نظرا لمعاناتها من أزمتي نقص الطاقة والغذاء والركود الاقتصادي العالمي الآخذ في التصاعد، مما سيتطلب بذل المزيد من الجهد والتعاون على المستوى الوطني والدولي من أجل الموازنة بين الأزمة الاقتصادية والتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال تعزيز شراكات جديدة للمناخ الأخضر ومراجعة شاملة للسياسات التجارية والاقتصادية والإنمائية والأمنية ومراعاة البعد البيئي والمناخي، وهذا سيكون محور النقاش بحوار بطرسبرج وقمة (cop27)المقبلة.

خلاصة القول، إن المتغيرات الجيوسياسية الآنية والمستقبلية تدفع بالعلاقات المصرية-الألمانية للمزيد من الأهمية والتعاون بشتى المجالات لمواجهة التهديدات والتحديات المشتركة، التقليدية والجديدة، كالتغييرات المناخية، مما يعزز الدور المصري الإقليمي والدولي.

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. منى سليمان

    د. منى سليمان

    باحثة فى العلوم السياسية.