مقالات رأى

الاغتيال السياسي: تاريخ من الصراعات الأيديولوجية والسياسية

طباعة

 عرفت الإنسانية جرائم الاغتيال منذ القدم وحتى يومنا هذا. واغتيال الشيء يعنى القضاء عليه والتخلص منه، وهو من الغلَ (الكراهية الشديدة ). ويشير هذا المفهوم إلى دلالات عدة، حيث الاغتيال يكون بنية مسبقة ومبيتَة عند من يقوم بالاغتيال، ويأتي على غِّرِة، أو غفلة للشخص "المغتال" "المقتول"، بمعنى أن عملية الاغتيال يسبقها تخطيط وتدبير محكم وتدريب قبل الشروع في التنفيذ.

فالاغتيال مصطلح يستعمل لوصف عملية قتل منظمة ومتعمدة تستهدف شخصية مهمة ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري أو قيادي، ويكون مرتكز عملية الاغتيال عادة أسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية تستهدف شخصاً معيناً يعتبره منظمو عملية الاغتيال عائقاً لهم في طريق انتشار أوسع لأفكارهم أو أهدافهم.  

ولعلنا نستطيع القول إن أول حادثة قتل شهدتها البشرية، وهي قتل قابيل لهابيل، كان لها نصيبها من وقائع الاغتيال السياسي بالمنظور الحديث إذا نظرنا لها من زاوية الصراع على النفوذ والحظوة بين الأخوين، وكذلك طبيعة القتل خلسة وغدرا.بينما حمل التاريخ العربى وقائع متعددة، منها حرب البسوس التى استمرت 40 سنة بعد اندلاعها عام 534 ميلادي بين قبيلتى بكر وتغلب، وكانت جذوتها قتل الجساس لكليب بن ربيعة التغلبي على يد الجسّاس بن مرّة الشيبانيّ من قبيلة بكر بن وائل، بعدما كان كليب أول من ملك قومه تغلب وبكر أبناء وائل وبعضا من قبائل ربيعة من العدنانيين، وبعهده استطاعت العرب العدنانية حكم مناطقها في الجزيرة العربية بعيدا عن السيطرة القحطانية التي كانت سائدة في شبه الجزيرة العربية.

نماذج الاغتيال السياسي:  

تعددت نماذج الاغتيال السياسي تاريخيا، وبدأ هذا النوع من الجرائم السياسية يقع فى العادة ويستهدف أشخاصاً، بحيث لا يتوقف الأثر التدميرى المادي والمعنوي على نتائج هذا الاغتيال بشكل مباشر فقط، لذلك فإن للاغتيال السياسي نماذج تختلف عن بعضها بعضا، وأخطر هذه النماذج نموذج الجماعات الدينية المتطرفة التي تطمح للسيطرة على أدوات التغيير السياسي المطلوب من خلالها الاستجابة الموضوعية للمناخ النفسي والسياسي والأيديولوجى في مجتمعاتها المتخيلة، حيث تنطلق من بوابة السياسة نحو تعميق المتناقضات الاقتصادية والاجتماعية، دون الالتفاف إلى مفردات البطولة والخيانة، مع التأكيد على وجود حالات تزييف للوعي،  ولذلك فإن الجماعات الدينية المتطرفة تلجأ إلى أساليب تمنع على الفرد حقه فى تشكيل جوهر حياته ومستقبلة ومصيره، ويحمل التاريخ صورا كثيرة لتأثير حالة استمرار النهج الديني المسيس باعتباره ارتقاء نحو التآمر لوضع مشاريع متكاملة ذات صورة دينية متطرفة مستقطبة بذلك رموزاً تلعب أدوارا دون إدراك منها لحقيقتها.

 وتعيش الجماعات الدينية المتطرفة عادة في الظل، وقد يكون لها ظهور سطحي لكنه سرياَ بالأساس، بحيث تمارس دورها من خلال خطوات تنفيذ مخططها العام دون النظر في التراجع عن مقصدها ونيتها فى تطبيق مخططاتها. وكانت حادثة اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات سنة 1981 من أبرز هذه الاغتيالات، حيث قام أعضاء من "الجماعة الإسلامية"، وهى جماعة جهادية متطرفة عن طريق الضابط خالد الإسلامبولى باغتيال الرئيس المصري في أثناء العرض العسكري، وكذلك عملية اغتيال الشهيد المستشار هشام بركات في 29 يونيو 2015، عندما فجع الشعب المصري خبر استشهاد النائب العام الراحل، من خلال استهداف موكبه وتفجيره بشارع عمار بن ياسر بمصر الجديدة في أثناء ذهابه لعمله في نهار رمضان، وأسفر الانفجار عن إصابة تسعة أشخاص بينهم مدني وضابط شرطة ورقيب من حراس النائب العام، كما تسبب في إحداث تلفيات بالسيارات والمنازل والمحال التجارية المحيطة بموقع الانفجار. وفي مايو 2016، أفرجت نيابة أمن الدولة العليا عن نتائج التحقيقات التي أجرتها، وانتهت أن مرتكبي الجريمة هم من عناصر المجموعات المسلحة المتقدمة بتنظيم الإخوان الإرهابى.

أنواع الاغتيال السياسي:

يعد الاغتيال السياسى عمل مادى، مع أنه يمتلك ركنا معنويا، وسببا له صلة بين الركنين، وتتعدد أنواع الاغتيال السياسي من حيث الطريقة التى يتم بها الركن المادى لعملية الاغتيال، ومنها:

- الاغتيال المباشر، وهو عبارة عن قيام مجموعة من أعضاء أجهزة السلطة والجماعات والحركات بعملية الاغتيال، ومن ثم الهروب بعد ذلك، وهذه المجموعة يطلق عليها اسم فرقة التصفية.

- الاغتيال بواسطة العملاء المحليين، وهنا بالرغم من اتساع نشاط الأجهزة الأمنية في أماكن كثيرة من العالم إلا أنها أحيانا لا تستطيع أن تصل إلى الهدف، وذلك للحرص الأمني الشديد الذي يتخذه الهدف في التضليل، ولهذا تجنح تلك الأجهزة لتتمكن من تنفيذ عملية الاغتيال إلى العملاء المحليون مباشرة وتسمى هذه الفرق بالوحدات الخاصة، حيث يتخفي العملاء المحليون ويقتربون من الهدف ويطلقون عليه نيرانهم.

- الاغتيال بواسطة الرسائل المفخخة، وتتم هذه الاغتيالات بواسطة الرسائل والطرود المفخخة، وهي طريقة قديمة في الاغتيال، لكن هذا النوع من الاغتيالات لا يلقى رواجا الآن، لأنه يتعذر تحقق أهدافه، لأن التطور العلمي والتكنولوجي أصبح يحدد طبيعة ما تحتويه هذه المظاريف.

- الاغتيال بواسطة التفجير عن بُعد، وهو أسلوب قديم في مجال العمليات العسكرية، حيث كانت تقوم مجموعة بزرع الألغام والعبوات الناسفة، ثم يتم تفجيرها عن بعد، وتم استخدام تلك الطريقة مع بعض النشطاء الفلسطينيين، مثلما اغتيل الشهيد إياد الحردان الذي كان يتردد على كابينة تليفون عمومي، وقام العملاء برصد تحركاته وتردده عليها، فقاموا بزرع عبوة ناسفة في التليفون العمومي وعند وصوله واستخدامه لهذا الهاتف تم تفجيره، مما أدى لوفاته على الفور.

- الاغتيال بواسطة الطائرات، ويتم الاغتيال بقصف البيوت والسيارات وهذه العملية تحتاج لعملاء على الأرض، كما حدث مع الشيخ أحمد ياسين وغيره.

- الاغتيال بواسطة الحقن السامة، وهي من أشد أنواع الاغتيالات بشاعة، وتعتمد على الوصول إلى الضحية، ثم حقنها فتموت على الفور، وهذا النوع يتم بشكل خفي لا يعرف تفاصيله فى الغالب.

- الإسقاط من علو شاهق، مثال ذلك إسقاط الفلسطينى قاسم أحمد الجعبري من طائرة مروحية في عام 1997 بعد اعتقاله والتحقيق معه من قبل الجهات الإسرائيلية. وهناك كذلك الاغتيال داخل الزنازين والاغتيال بالتعذيب والممارسات الوحشية والاغتيال في أثناء الإضراب عن الطعام.

- الاغتيال بالإهمال الطبي وعدم المعالجة السريعة، حيث يتم الاغتيال بالإهمال وعدم تقديم العلاج، وهذه الطريقة يتم استخدامها بشكل شائع في قتل الأسرى عند النظم الفاشية والديكتاتورية، وتسمىبالإعدام الخفي، حيث يتم بالخفاء وبين القضبان، وتتم عملية الاغتيال في المستشفيات وبشكل بطيء، أو داخل زنازين الاحتلال ومكاتب تحقيقاته.

يشير هذا الكم من أنواع عمليات الاغتيال في العالم إلى استمرار استخدام القتل خارج إطار القانون كأداة لتصفية الخلافات السياسية، ويعبر كذلك عن أقصى درجات التوتر التي تدفع الأطراف لاستخدام أسلحة غير تقليدية لتصفية الحسابات.

دوافع الاغتيالات السياسية:

يمكن تقسيم تلك الدوافع التى تقف خلف عمليات الاغتيال إلى دوافع عسكرية، ودوافع سياسية، ودوافع عقائدية ودينية، ودوافع أيديولوجية وفكرية ودوافع اقتصادية ودوافع شخصية. فقد يكون الدافع الشخصي وراء الاغتيال لسوء فهم بين القاتل والضحية، فعمليات الاغتيال السياسى تشمل حوادث متعددة في كل بلاد العالم، لأنها مظهر اجتماعي  بشرى لا يمكن أن يتوقف.

  وقد يكون الدافع سياسيا، حيث تعمد قوة سياسية معينة (منظمة أو دولة ..) إلى اغتيال شخصية سياسية بسبب مواقفها المعارضة أو لكونها عقبة تقف أمام الآخرين، وقد يكون الدافع السياسي لغرض إشعال فتنة معينة تعقب الاغتيال، حيث يكون المغدور ذا وزن سياسي وله من الأهمية والعصبة العائلية والحزبية، مما يدعو إلى الانتقام ورد الصاع صاعين.

مع اختلاف أشكال أنظمة الحكم في الدول المختلفة حول العالم إلا أن السمة المشتركة بين كل أنظمة الحكم هو وجود الحكومة والمعارضة. ويمكن أن تتوجه حكومة ما إلى اغتيال رموز المعارضة النشطة التي تشكل خطرا على السلطة القائمة. وكذلك يمكن للمعارضة أن تسلك الطرق الديمقراطية بالحوار والانتخابات وفق للنظم الدستورية المتفق عليها في كل بلد أو أن تتخذ طريق العنف في التغيير ومحاولة فرض الرأي بالقوة.

وقد تلجأ قوة المعارضة إلى التخطيط لاغتيال القيادات السياسية الحاكمة أو الشخصيات التي لها تأثير على النظام السياسي. وعلى جانب آخر، قد يتخذ الاغتيال دوافع سياسية ذات طابع دولي، حيث يمكن أن ينتج اغتيال عالم من دولة مناهضة أو منافسة أو معارضة لدولة أخرى، وذلك لإعاقة تقدم هذه الدولة باغتيال العناصر المؤثرة فيها. كما تم اغتيال الدبلوماسي المصري إيهاب الشريف في 3 يوليو 2005 ببغداد على يد جماعة أبو مصعب الزرقاوي، والهدف كان إرسال رسالة إرهاب وتخويف لعرقلة العملية السياسية فى العراق. وهناك عمليات اغتيال أخرى سلط عليها الضوء بشكل كبير، أبرزها جون فيتزجيرالد كنيدي، الرئيس الـ 35 للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1963، واغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين عام 2004، رداً على سلسلة العمليات التي نفذها الجهاز العسكري لحماس فى ذلك الوقت، وأبرزها في ميناء أسدود الإسرائيلي، واغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الراحل رفيق الحريرى ومن معه في جريمة اغتيال سياسي.

ومن أبرز عمليات اغتيالات العلماء في مجال الطاقة النووية على يد جهاز الموساد الإسرائيلي الدكتور يحيى المشد، الذي قاد برنامج العراق النووي،  وقُتل المشد في حجرته بفندق في باريس في يونيو 1980، في عملية منسوبة بصفة كبيرة للموساد.كذلك الدكتورة سميرة موسي عالمة الذرة المصرية التي اغتيلت في الولايات المتحدة بسبب محاولتها نقل التكنولوجيا النووية إلى مصر والعالم العربي، وكذلك اغتيال كبير علماء الذرة محسن فخري زادة.

     الدوافع الدينية: تُعد الدوافع الدينية من بين أقوي الدوافع على الإطلاق للقيام بعمليات اغتيالات للقيادات والشخصيات المهمة، خاصة في المناطق التي يغلب عليها الصراع العرقي والمذهبي، وحال وصول أحد أفراد القبائل المتنازعة لمركز مؤثر في صنع القرار في الدولة، حيث يعتقد القائم بعملية الاغتيال هنا بأنه صاحب عقيدة، كذلك يعتقد بأنه يجب عليه أن يضحى بنفسه في سبيل ما يؤمن به، فهو يعتقد بأن الجهاد واجب ديني.

لذلك، يكون تأمين القيادات والشخصية المهمة على درجة عالية من الأهمية. خاصة في هذه المجتمعات التي تتسم بالصراعات الدينية. ومن أبرز عمليات الاغتيال بدوافع من الصراعات الدينية والمذهبية اغتيال أنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند عام 1984، التى سقطت صريعة رصاصات غادرة من بعض السيخ المتعصبين داخل حرسها الشخصي انتقاما لاقتحام الجيش الهندى المعبد الذهبي في امريتسار المقدس لدى السيخ. ومن قبلها، اغتيال الزعيم التحريري المهاتما غاندي بعد أقل من ستة أشهر من استقلال باكستان، وهو في طريقه إلى اجتماع صلاة في المدينة،  للمساعدة في حماية المسلمين الذين اختاروا البقاء في الهند وبدأوا الصيام من أجل حقوق المسلمين. عندما أطلق شاب هندوسي متعصب النار عليه، كان الرجل غاضبا من موقف غاندي التصالحي تجاه المجتمعات الإسلامية وباكستان فى إطار من الصراع المحموم بين المسلمين والهندوس .

  أما الدوافع العسكرية، فتتمثل في استهداف القادة العسكريين، وهي تكتسب أهمية كبيرة، فربما كان اغتيال قائد واحد في بعض الأحيان كفيل بكسر جيش عملاق، مثلما حدث في اغتيال القائد العام للقوات البحرية اليابانية في أثناء الحرب العالمية الثانية ايسوروكو ياماموتو، والذي مثل عاملا سلبيا كبيرا على معنويات الجيش الياباني في تلك الحرب.

وقد أكد عدد من المواثيق والأعراف الدولية على حظر السلوك الذي يوصف على أنه اغتيال، من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقيات جنيف، والتي تحظر صراحة استهداف وقتل أي شخص خارج نطاق القضاء.

وتستند هذه العهود على عدة قوانين دولية، من بينها القانون الدولي الإنساني، الذي يطبق خلال فترات النزاع المسلح، سواء كان داخليا أو خارجيا، إضافة إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان، المعني بحماية الحقوق الأساسية للجميع في كل الأوقات، بالتنسيق مع معاهدات حقوق الإنسان، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقوانين الحرب.

توظيف الاغتيالات فى الصراعات السياسية:

تمثل عملية الاغتيال السياسى جزءا من حلقات الصراع السياسى فى تاريخ وحاضر بلدان عدة. وبينما تعتقد أطراف أن عملية الاغتيال ستكون حلا ناجعا لتأزم الوضع، فإن أطرافا أخرى داخلية وخارجية تلجأ لها لتعقيد الأمور وإدخال البلاد فى نفق مظلم. وفى كل الحالات، فإن النتائج تكون غير مأمونة إضافة إلى الشكوك القانونية والأخلاقية حول تلك الوسيلة ذاتها، وقد شهدنا فى الآونة الأخيرة أمثلة لتوظيف الاغتيالات السياسية فى الصراعات السياسية، ومنها:

الاغتيالات في دول "الربيع العربي": تحولت الاغتيالات إلى واحدة من أكثر أشكال   العنف السياسي شيوعا  بعد ما عرف بالربيع العربي بشكل أضحى يمثل خطرًا داهمًا على الاستقرار الداخلي لتلك الدول، وبصفة خاصة مع تصاعد حدة الاحتقان السياسي والتوتر المجتمعي الذي فرضته الصراعات السياسية. فقد تزايدت تلك العمليات بشكل ملحوظ،  وبغض النظر عن نجاحها أو فشلها، فإنها ساهمت في تعميق الخلاف بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية، وهو ما قد يؤدي إلى انتشار ما يمكن تسميته بـدورة العنف ودفع هذه الدول إلى مسار حافة الهاوية. ولكن ما يلاحظ على هذه الاغتيالات في دول “الربيع العربي” هو اتساع نطاقها لتشمل عددًا من الفئات، مثل السياسيين والعسكريين ورجال القضاء والشرطة والفنانين والنشطاء السياسيين، ممن اتخذوا مواقفاً لا تنسجم مع أطروحات المتطرفين وأصحاب الأجندات، وهنا نشير إلى بعض تلك الحالات:

- فقد شهدت تونس حالتي اغتيال سياسي لرمزين من المعارضة ينتميان للتيارين اليساري والقومي المعاديين لقوى الإسلام السياسي، التى وصلت إلى سدة الحكم بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، وهما المعارض اليساري وأمين عام حزب حركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد، الذي اغتيل في 6 فبراير 2013، والمعارض القومي والنائب عن حركة الشعب محمد البراهمي الذي اغتيل في  يوليو من العام ذاته.

- أما ليبيا، فقد سجلت أول حادث اغتيال بالسلك القضائي، حيث اغتيل في 16 يونيو عام 2013 المستشار محمد نجيب هويدي، رئيس دائرة الجنايات بمحكمة استئناف درنة، كما شهدت ليبيا وفي يوم واحد حالتي اغتيال، وتحديداً في 26 يوليو 2013، الأولى العقيد طيار متقاعد سالم السراح في مدينة بني غازي، والأخرى العقيد خطاب الرحيم رئيس مركز شرطة جخرة جنوب بني غازي الليبية، كما اغتيل الإعلامي عز الدين قوصاد المذيع بقناة “ليبيا الحرة” في 9 أغسطس عام 2013.

 -وفي اليمن، وقع العديد من عمليات الاغتيال منذ يونيو عام2013، كان أبرزها اغتيال العميد يحيى العميسي قائد الشرطة الجوية في مدينة سيئون، والعقيد عبدالرحمن باشكيل مدير البحث الجنائي بالمدينة ذاتها أثناء تحقيقه في واقعة اغتيال العميسي. كما اغتيل الفنان الكوميدي اليمني سام المعلمي أمام منزله بغرب صنعاء يونيو 2013، وهو من الشخصيات المعروفة بنقدها اللاذع والمستمر للعديد من التوجهات، لاسيما الطائفية، التي تنتهجها مختلف القوى السياسية اليمنية، ولحالة الانفلات والتدهور الأمني الذي يعاني منه اليمن منذ عدة سنوات.

هايتي:

مؤخرا اغتيل رئيس هايتى "جوفينيل مويس" على أيدي مجموعة مسلحة وسط حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي،واتهمت أرملة رئيس هايتي أعداء غير ظاهرين بترتيب اغتياله لوقف التحول الديمقراطي مع تصاعد الصراع على السلطة،وقالت إن زوجها استهدف لدواع سياسية.

  واتهمت السلطات فرقة اغتيال تتألف من 26 كولومبيا واثنين من هايتي يحملان الجنسية الأميركية باغتيال الرئيس، فيما ذكرت وسائل إعلام كولومبية أن الكولومبيين ربما جرى التعاقد معهم لحراسة الرئيس.

كان الرئيس الراحل، الذي اتهم قوى تعمل في الظلام بالضلوع في اضطرابات قائمة منذ سنوات، وتحدث عن ساسة معارضين ورجال أعمال يعارضون محاولاته تطهير العقود الحكوميةوالساحة السياسية، قد اقترح تنظيم استفتاء لتغيير الدستور. وكان الاستفتاء المقرر في 26 سبتمبر الماضى مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية سيلغي منصب رئيس الوزراء، وسيغير النظام التشريعي، وسيعزز صلاحيات الرئاسة،  وخيم الاغتيال على تلك الخطط، وأدى إلى فوضى سياسية في الحكومة، التي طلبت قوات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

ورفضت الولايات المتحدة،  طلب هايتي إرسال قوات للمساعدة في تأمين البنية التحتية الرئيسية، لكنها تعهدت بالمساعدة في التحقيق  وسيحتاج طلب استقبال قوات من الأمم المتحدة تفويضا من مجلس الأمن. وفي فبراير الماضي، اندلع نزاع كبير بين الرئيس الهايتي الذى أعلن أن ولايته تنتهي في فبراير 2022، أي بعد 5 سنوات من حلف اليمين الدستورية، فيما ترى المعارضة أن فترته انتهت في فبراير 2021.

بالإضافة إلى الأزمة السياسية، تصاعد عنف العصابات المسلحة، خلال الفترة الماضية في هايتي، كما باتت عمليات الاختطاف مقابل فدية شائعة في الدولة الواقعة في البحر الكاريبي. وعلى صعيد الأزمة الأمنية، أعلنت السلطات حالة  الطوارئ في بعض أحياء العاصمة ومناطق أخرى لإعادة بسط سلطة الدولة في مناطق خرجت عن سيطرتها، وباتت في يد العصابات، وتواجه هايتي أيضا فقرا مزمنا، وكوارث طبيعية متكررة، تخلف خسائر بشرية ومادية جسيمة.

ختاما، إن ظاهرة الاغتيال السياسي ظاهرة عالمية الطابع، أي أنها منتشرة قى كافة المجتمعات وتختلف من حيث الدرجة والنوع ومن مجتمع إلى آخر، كما تختلف أيضا ردات الفعل إزاءها من بلد إلى آخر، فجريمة اغتيال واحدة يمكن أن تطيح بحكومات وأنظمة فى بعض البلدان، ولكن فى دول أخرى ربما تمر هذه الجرائم ويفلت الجناة والمخططون، لا بل ربما يحظى هؤلاء الجناة بحماية وغطاء من جانب نظام سياسي وأجهزته الأمنية والقضائية، وفى هذه الحالة تصبح جريمة الاغتيال السياسي جريمة رسمية، أو إرهاب دولة.

طباعة

    تعريف الكاتب

    أمنية السيد حجاج

    أمنية السيد حجاج

    مساعد رئيس تحرير مجلة الديمقراطية