مقالات رأى

المعركة الصعبة لمصر في اليونسكو.. محاولة للفهم

طباعة
مع انتهاء الجولة الأولى من انتخابات المدير العام لمنظمة اليونسكو دون حسم أي مرشح النتيجة لمصلحته، فإنه بقي سبعة مرشحين، هم: المصرية السفيرة مشيرة خطاب (11 صوتا)، والفرنسية أودريه أزولاي (13 صوتا)، والقطري حمد بن عبد العزيز الكواري ( 17 صوتا)، واللبنانية فيرا خوري لاكويه (6 أصوات)، والصيني كيان تانج (5 أصوات)، والفيتنامي فام سان ثو ( صوتان)، والأذربيجاني بولا بلبلاوغلو (صوتان).
 وفي قراءة لهذه الانتخابات، وحال انسحاب أضعف الأصوات (فيتنام، وأذربيجان، والصين) من الجولة الثانية أو الثالثة، وبقيت لبنان، ومصر، وفرنسا، وقطر في السباق، أتوقع أن يكون شكل التصويت في هاتين الجولتين كالآتى:
1- قطر 21 وقد حصلت على 19 في أول جولة
2- مصر 17 وقد حصلت على 11 في أول جولة
3- فرنسا 15 وقد حصلت على 13 صوتا في أول جولة
4- لبنان 6 وقد حصلت على 6 أصوات في أول جولة
ومن المتوقع بقاء لبنان في التصويت حتى الجولة الثالثة أو الرابعة، وحينها سوف تنسحب وتذهب بأصواتها إلى فرنسا أو قطر، ولن تذهب تلك الأصوات للسفيرة مشيرة خطاب، لأن المرشحة اللبنانية فيرا خوري لا تهوى مصر، وهي تتحكم في أصوات بعض دول الكاريبي الصغيرة (4 أصوات على الأقل)، فضلا عن أن مرشحة لبنان، التي كانت في السابق سفيرة سانتا لوتشيا لدى اليونسكو، لم تدخل السباق لتنافس، وإنما لتساوم بأصواتها لترجيح كفة على كفة، وهي لها صلات راسخة بالولايات المتحدة، ودوائر يهودية أخرى مؤثرة. 
وحال ذهبت أصوات لبنان إلى فرنسا، فسوف تكون نتيجة الجولة الثانية، أو الثالثة، أو ربما الرابعة، كالآتى: 
1- قطر 21
2- فرنسا 20
3- مصر 17
في هذه الحالة، سوف تدخل قطر وفرنسا بصفتهما الحاصلتين على أعلى الأصوات جولة نهائية، قد تكون الجولة الرابعة، أو الخامسة والأخيرة. ومن المتوقع ذهاب أصوات لبنان إلى مرشحة فرنسا التي تنتمي إلى الدوائر اليهودية المؤثرة ذاتها. أما إذا ذهبت أصوات لبنان إلى قطر من الجولتين الثالثة والرابعة، وهو أيضاً خيار غير مستبعد، فسوف تتمكن قطر من حسم الانتخابات مبكراً، وقبل الوصول إلى الجولة الخامسة والأخيرة.
تلك هي توقعاتي للأصوات من واقع قراءة لجولة التصويت الأولى، التي تشي نتائجها بحصول قطر على نصيب الأسد من أصوات إفريقيا، على الأقل 10 من 13 صوتا لإفريقيا، وإنها ربما تكون قد حصلت أيضاً على 4 أصوات من أصل 7 تخص المجموعة العربية.
إن فرصة مصر والسيدة مشيرة خطاب تبدو صعبة، والأصوات التي حصلت عليها تبدو مشتتة. وأتوقع أن يكون توزيعها كالآتى:
عدد 1 صوت من أوروبا الشرقية من أصل 7
عدد 2 صوت من المجموعة العربية من أصل 7
عدد 2 صوت من إفريقيا من أصل 13
عدد 3 صوت من آسيا من أصل 12
عدد 3 صوت من أمريكا الجنوبية من أصل 10
عدد صفر صوت من مجموعة أوروبا الغربية من أصل 9
ويضعف هذا التشتت للأصوات حظوظ مصر في انتخابات اليونسكو، ولكن فرصتها الوحيدة للبقاء، تكمن فيما إذا استطاعت تثبيت الأصوات التي حصلت عليها في الجولة الأولى حتى تصل بها إلى جولة التصفية النهائية بين 2 فقط ، وكذلك أيضا إذا ما انسحبت فرنسا لمصلحهتا، وهو أمر مستبعد، لكنه ليس مستحيلا، إضافة إلى ممارسة ضغوط كبيرة على إفريقيا لخطف أصوات من قطر، وحينها سوف تدخل مصر مع قطر في منافسة شرسة للغاية.
نصيحتي إلى وزارة الخارجية، من واقع خبرتي كمنسق عام سابق لحملة ترشيح السيد فاروق حسني ( وزير الثقافة المصري الأسبق) باليونسكو، هي تثبيت الأصوات التي حصلت عليها مصر أولاً، والبدء فوراً وبلا أي تباطؤ في الضغط على إفريقيا، وربما المطالبة بتغيير المصوتين بإرسال وزراء أفارقة للتصويت مكان السفراء.
أرجو أكون مخطئا، وأتمنى كل التوفيق للسيدة مشيرة خطاب، رغم صعوبة الموضوع، لاسيما أن مرشح قطر وزير ثقافة من العيار الثقيل، وتعلّم في مصر، ولديه شبكة علاقات دولية واسعة جداً، وشقيقه على الكواري كان سفيراً لقطر لدى في اليونسكو، وربما لا يزال.
لقد سعت قطر، منذ أمد طويل، إلى أن يكون لها تأثير بالقوة الناعمة في الرياضة، أو الثقافة، أو الإعلام، وأدركت أنه لكى يكون لدويلة صغرى (قزمة في الحقيقة) مثلها مكانة في العالم، فإنها يجب عليها أن تستثمر أموالاً طائلة في تلك المجالات. 
وقد نجحت الدوحة في هذا الأمر، وكان من الممكن حصولها على دعم عربي كبير، لو كانت قد استثمرت هذا النجاح في مصلحة الوطن العربي الكبير، لكنها بكل أسف وظّفته توظيفاً سياسياً مغرضاً ومشيناً، لا يليق لا بشعب قطر الخلوق شديد العروبية، ولا بتوجهات الأسرة الحاكمة، التي سبق لها الوقوف في وجه ترشيح السيد فاروق حسني منذ 8 سنوات، لأنها كانت تتحين تلك اللحظة.
 وبرغم صعوبة حصول مصر على المنصب، فإنه ليس بالمستحيل، إذا ما تداركت الخارجية المصرية الأمر في إطار ما قمت بشرحه، مع أطيب تمنياتي للسيدة الفاضلة مشيرة خطاب بالتوفيق والسداد، وأتمنى أن أكون مخطئا في قراءتي وتحليلي.
طباعة

    تعريف الكاتب

    حسام نصار

    حسام نصار

    وكيل أول ززارة الثقافة للعلاقات الثقافية الخارجية - سابقًا -.