من المجلة - ملف العدد

سيناريوهات العلاقات الروسية - الإسرائيلية .. في ضوء الصراع الإقليمي

طباعة
تمر العلاقات الإسرائيلية - الروسية بمنعطف  دقيق، جراء التدخل العسكري الروسي في سوريا، وما يتبعه من احتمالات الصدام بين الجيشين الروسي والإسرائيلي علي الساحة السورية، رغم اختلاف أهدافهما، وتأثير ذلك في مستقبل العلاقات بينهما، وفرص الدفع بالقضية الفلسطينية قدما نحو التسوية، وذلك في ضوء تعقد الموقف الدولي، وضبابية المشهد الإقليمي، وفي ظل تلاحق الأحداث بعد التدخل الروسي، وما واكبه من تفجير طائرة الركاب الروسية فوق سيناء بواسطة عبوة ناسفة، ثم تفجيرات باريس، وكذلك إسقاط تركيا للطائرة الروسية علي الحدود السورية.
 
أولا- السياق التاريخي:
 
اعترفت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي معا، وفي اليوم نفسه، بقيام إسرائيل. ولاشك في أن لروسيا بصمة قوية داخل المجتمع الإسرائيلي حاليا نظرا لوجود نحو مليون يهودي فيه (20 من إجمالي السكان). وقد ارتبطت العلاقات الإسرائيلية - الروسية بمرحلة بزوغ الأفكار الصهيونية كحل لما يطلق عليه "المسألة اليهودية". فبعد قرون طويلة من الشتات، وفشل حركة "الهسكالاه" (التنوير اليهودي علي غرار التنوير الأوروبي) في دمج اليهود في مجتمعاتهم تحت شعار "كن يهوديا داخل بيتك إنسانا خارج بيتك"، كانت الدعوة للصهيونية بمنزلة شهادة وفاة لحركة "الهسكالاه". وقد تنامي هذا الاتجاه بعيد اغتيال القيصر الروسي الكسندر الثاني في مارس 1881، حيث وجه أصبع الاتهام إلي اليهود، وحدثت اضطرابات ضد اليهود، عرفت بجرائم "بوجروم"، وانتشرت حالة من العداء لليهود في المجتمعات الأوروبية مصحوبة باضطهاد ممنهج لفقرائهم في روسيا، ورومانيا، وألمانيا، وبولندا، والنمسا. وقد وصلت جرائم "البوجروم" إلي ذروتها في "الهولوكوست" في عهد هتلر.
 
وإذا تجاوزنا مرحلة الاعتراف الروسي بإسرائيل في الأمم المتحدة، فسنجد أن إنذار "بولجانين" القاطع أسهم كثيرا في تراجع العدوان الثلاثي علي مصر عام .1956 كما أن منظومة العلاقات قد تدهورت بين تل أبيب وموسكو حتي تم قطعها نهائيا في الفترة من 1967 حتي عام 1991. أي أن مساندة الجانب الروسي للعرب في الصراع العربي - الإسرائيلي كانت واضحة وقوية حتي تفكك الاتحاد السوفيتي. وواكب هذا التفكك السماح بهجرة مليون يهودي روسي لإسرائيل دون إتاحة أي بديل آخر أمامهم للمفاضلة، مما أسهم في تغير المجتمع الإسرائيلي من الداخل إلي حد بعيد.
طباعة

    تعريف الكاتب

    ‏د‏. ‏أحمد‏ ‏فؤاد‏ ‏أنور

    ‏د‏. ‏أحمد‏ ‏فؤاد‏ ‏أنور

    مدرس الأدب العبري بجامعة الإسكندرية.