من المجلة - ملحق تحولات إستراتيجية

‮‬الخروج المتعثر‮: ‬‮"‬اللاتكامل‮" ‬العربي وتحدي بلوغ‮ ‬رُشد الاختيار

طباعة
يتوقف الباحثون كثيرا أمام المفارقة الكبيرة بين مبررات التكامل العربي وضروراته، وبين حجم الإنجاز الذي تحقق في هذا المجال علي مدي نصف قرن‮.‬
 
 فمع أن الدعوة إلي التكامل العربي تستند إلي عديد من العوامل الثقافية والمادية،‮ ‬مثل حدة اللغة، والخبرة التاريخية المتقاربة، وتكامل الاقتصادات في عدد من المجالات، والتحديات الخارجية  والداخلية المشتركة‮ (‬ابتداء من الصراع العربي الإسرائيلي، وسياسات الإلحاق في مرحلة الحرب الباردة، وصولا إلي تهديدات الإرهاب والحروب الداخلية،‮ ‬والمخاطر المترتبة علي تفكك  الدول‮)‬، فإن الإنجاز الذي تحقق كان نزيرا‮.
 
فكل تجارب التكامل العربي،‮ ‬التي أخذت أشكال الوحدة الاندماجية‮ (‬الوحدة المصرية‮ - ‬السورية‮)‬، والتنظيمات الأقاليمية‮ (‬مجلس التعاون العربي، والاتحاد المغاربي‮)‬، واتفاقيات  التنسيق السياسي والاقتصادي‮ (‬مصر،‮ ‬وسوريا،‮ ‬والعراق، ومصر،‮ ‬وليبيا،‮ ‬والسودان‮)‬، انتهت بالفشل أو التعرض لأزمات حادة،‮ ‬مثل الوحدة اليمنية، باستثناء دولة الإمارات العربية  المتحدة،‮ ‬ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وظل التكامل الاقتصادي بين الدول العربية أقل من مثيله في الدول المناظرة في معدل النمو الاقتصادي‮.‬
 
وتزداد المفارقة‮ ‬غرابة عندما نُدخل في الحسبان أن الدعوة إلي التكامل العربي تعد من أقدم دعوات التكامل الإقليمي في العالم‮.‬ وللدلالة علي ذلك،‮ ‬نشير إلي أن اجتماع ممثلي الدول المؤسسة  لجامعة الدول العربية‮ (‬وهي مصر،‮ ‬والسعودية،‮ ‬وسوريا،‮ ‬والعراق،‮ ‬ولبنان،‮ ‬وشرق الأردن‮)‬،‮ ‬في مارس‮ ‬1945،‮ ‬كان سابقا لانعقاد مؤتمر سان فرانسسكو،‮ ‬الذي تم فيه توقيع  ميثاق إنشاء الأمم المتحدة في أكتوبر من العام نفسه، وهو الميثاق الذي أورد في فصله الثامن نصا يتعلق بدور المنظمات الإقليمية في حفظ الأمن والسلام الإقليمي والدولي‮. ‬وكان للوفود العربية  المشاركة في المؤتمر دور مهم في صياغة هذا الجزء من الميثاق‮.‬
طباعة

    تعريف الكاتب

    د‮. ‬علي الدين هلال

    د‮. ‬علي الدين هلال

    أستاذ العلوم السياسية،‮ ‬جامعة القاهرة‮.‬