من المجلة - قضايا الديمقراطية

سياسات مواجهة التغير البيئى ورهانات المستقبل.. قراءة فى التجربة الإسبانية

طباعة

تواجه الأجيال القادمة تغيرات فى النظم البيئية من شأنها التأثير على مستقبلها وبقية الكائنات الحية الأخرى على هذا الكوكب، الأمر الذي يهدد بشكل خطير بقاءها. وإلى جوار ذلك كله ثمة تهديدات لا يمكن التقليل من شأنها فى الوقت الحاضر مثل النزاعات النووية التي تلوح فى الأفق عبر التنافس الدولي الحالي بين قوى تأفل وأخرى تبزغ. لذا من المهم تناول الموضوع من زوايا متعددة، حيث إن التغير فى المناخ وتدمير النظم البيئية يشكلان تحديات لا يستهان بها، ويسببان آثارًا يصعب التغلب عليها حتى فى المدى البعيد، على الجانب الآخر، أضحت القضية مصيرية فلم يعد الاهتمام بها يقتصر على العلماء أو المتخصصين، لأنها خرجت من نطاق المشكلات البحثية والمعملية، إلى قضية كونية مشتركة يتقاسمها سكان المعمورة ضمانًا لبقائهم واستمراريتهم ومقدرتهم على العيش، فاتسعت دائرة الاهتمام بها وتناولها فى شتى مناحي المسارات الإنسانية، خاصة فى الأروقة السياسية الداخلية والخارجية لدول العالم بأسره.

فى هذا السياق، يجب أن نشير إلى ضرورة تناول القضية فى إطارها الرسمي نتيجة للتطور المتسارع فى التدهور البيئي مما يجعلنا نلتزم بإتباع التعريف الكلاسيكي لواجب الدولة القومية فى هذا الأمر، والتزامها الأساسي فى توفير الأمن لسكانها، وخاصة الأمن البيئي الذي لا يتنصل من هذه المسئولية القومية نظرًا لتعرض سلامة الناس وممتلكاتهم بشكل متزايد لظواهر بيئية شديدة يصعب العيش معها، بما فى ذلك الفيضانات الشديدة والجفاف والحرائق الهائلة والأعاصير أو موجات الحرارة الأشد خطورة على الإطلاق. وبهذا المعنى، فإن مواجهة المشكلات البيئية هي أيضًا مهمة من مهام الدولة، وبخاصة الديمقراطية، التي تسعى إلى تلبية احتياجات السكان كما هو الحال فى مصر.
هذا هو السبب فى أن الاهتمام بالمشكلات البيئية لا يمكن أن يكون غريبًا على التداول الديمقراطي التشاركي، فإذا كانت الديمقراطية هي نظام الحكم الذي يسمح، على وجه التحديد، بأفضل تمثيل للمصلحة المشتركة المتسعة وتفعيلها على المصلحة الخاصة الضيقة، فإن الحفاظ على البيئة، كشرط للبقاء ورفاهية المجتمعات، هو بالضرورة فى لب المسألة الديمقراطية، ليأتي وفق هذا التصور «مشروع حياة كريمة» التنموي الرائد عالميًا فى الآونة الأخيرة، من الإسهامات التي تسير فى هذا الاتجاه؛ حيث إنه يسعى إلى الارتقاء بالوضع البيئي ضمن مشروع متكامل لرفع مستوى المعيشة بين السكان الأكثر احتياجَا، من خلال الحفاظ على الموارد المائية من خلال عملية تبطين الترع والعناية بالمسكن، والحفاظ على الاستقرار بجوار الرقعة الزراعية، وضمان توفير ما يلزم للارتقاء بزراعة الأرض الطينية وحمايتها من الاعتداء عليها وتغيير نشاطها.
ومن المعروف أن هشاشة النظم الطبيعية فى أكثر مناطق العالم تنوعًا هي نتيجة مباشرة للنشاط الاقتصادي الذي تم القيام به فى القرنين الماضيين. واستخدام الطاقات غير المتجددة لتنفيذ الإنتاج الضخم للبضائع، لنقل وتجارة السلع والخدمات فى داخل وبين الدول، وتوسيع الأنشطة الأولية -الاستخراجية والزراعية والحيوانية- مع الإضرار بالنظم البيئية، وكذلك الاستهلاك المتسارع للمنتجات التي تنطوي على الاستخدام المتزايد للنفايات التي لا يمكن للنظم البيئية استيعابها، كل هذا هو أساس التدهور البيئي العميق الذي نعاني منه، وهذا يعني أن طريقة «حل» المشكلة الاقتصادية، وتوسيع الوصول المادي إلى السلع والخدمات، جعلت مشكلة الاستدامة البيئية تنمو بشكل كبير، وعلى الرغم من ذلك، فإن الوصول إلى المستلزمات الاقتصادية الأساسية معرض للخطر بشكل متزايد، نتيجة للآثار السلبية لتغير المناخ إلى حد كبير؛ على سبيل المثال، الإمدادات الغذائية الكافية لإجمالي السكان الذين يسكنون هذا الكوكب.
ونظرًا لضخامة التحديات وطريقة إنشائها، فإن تدخل القطاع المدار بواسطة الدولة أمر ضروري، لكي لا يكون السوق، هو الذي يخفف من آثار الأنشطة الاقتصادية التي قد تكون مربحة لشركات معينة أو يعدل من تلقاء نفسه أنماط الإنتاج أو الاستهلاك. هناك الكثير من الأمثلة على الاستغلال «العقلاني» من منظور الربحية الاقتصادية المباشرة لبعض الموارد الطبيعية التي هي، فى الوقت نفسه، غير عقلانية من وجهة النظر البيئية والجماعية، لذلك، إذا لم تكن السوق الحرة هي التي، على سبيل المثال، تضع قيودًا على الانبعاثات الملوثة، فيجب أن يكون التدخل العام هو الذي يقوم بذلك، أي اليد المرئية للدولة؛ فإن تحديد كيفية حدوث هذا التدخل، مع أي توجه، بناءً على الأهداف، يتطلب مداولات عامة واسعة ومستنيرة، وبالتالي ديمقراطية بمعنى تشاركي يشترك فيه المجتمع مع الدولة الأمينة على مقدراتها، نظرًا لأن المشكلات البيئية ناتجة عن نشاط بشري، فإن تغيير أنماط الإنتاج والتوزيع والاستهلاك سيكون مهمة شاقة تتطلب وجود الدولة بشكل فعال، ولكن إذا كانت هناك بدائل، كما تظهر الدراسات المختلفة بالفعل، فإن هذا سيتطلب عملًا متضافرًا مع المجتمع ككل كما قلنا، الأمر الذي يتطلب حتماً اتخاذ إجراءات من قبل القطاع العام الرسمي على المستويات المحلية، والإقليمية، والدولية. وبعبارة أخرى، ستكون هناك حاجة إلى الأهداف والقوانين والسياسات والإجراءات البيئية والديمقراطية بمفهوم الذي نطرحه.

إصلاح البيئة .. قضية سياسية
علينا إدراك أن معالجة المشكلات البيئية التأثير على المصالح المكتسبة فى جميع القطاعات التي يتكون منها الاقتصاد وتعديل أنماط الحياة الفردية فى جميع أنحاء النسيج الاجتماعي الموجود؛ هنا، مرة أخرى، قضية سياسية بامتياز: كيفية التفريق بين القوة الاقتصادية - وتأثير مجموعات القوى الاقتصادية - والسلطة السياسية التي تنبع فى ديمقراطية الدولة وفى إطارها الرسمي، من السكان والقوى الاجتماعية التي ينتجها المجتمع والتي يجب أن تسعى إلى تمثيل مصلحة الأغلبية.
هذا يندرج تحت التعريف القديم لماهية الدولة الحديثة، حيث تتحد القوة الاقتصادية والسلطة السياسية وتضع القضية البيئية فى أولوياتها، فمنذ نصف قرن خلا أو يزيد بدأ الوعي يتزايد على نطاق عالمي بخطورة المشكلات البيئية على كوكب الأرض، على الرغم من أن هناك قوى سياسية وفاعلين ينكرون تغير المناخ ويقللون من أهميته أمام أعين العالم بأسره، لتبرز الإجراءات الحكومية المختلفة التي تعدل كفة الميزان للصالح البيئي كما يحدث فى مصر الآن من خلال الاهتمام المتزايد بقضايا البيئة.
لقد مر العالم بفترة طويلة من التشكيك فى الأدلة التجريبية على الأضرار التي لحقت بالموارد الطبيعية وأرصدة النظم الإيكولوجية المقدمة بصرامة مفرطة من قبل المجتمع العلمي الدولي والمنظمات الجادة المعنية بالبيئة، انطلاقا من حقيقة ما إذا كان الحزب السياسي أو الحكومة يهتم بالبيانات العلمية أو يختار إنكارها، يحيل ذلك كله إلى أننا نواجه نقاشًا سياسيًا محتدمًا وجادًا، نحن نواجه قضية ليست -أو بالأحرى لا يمكن أن تكون- غريبة على الديمقراطيات فى عصرنا. وليس من قبيل المصادفة أن الحكومات التي تخلت عن جداول الأعمال الدولية بشأن تغير المناخ والبيئة هي أيضًا الحكومات التي غالبًا ما وصلت إلى السلطة من خلال التصويت ومن خلال الصندوق، وتنكر الكثير من الأساس الذي يجعل الحياة الديمقراطية ممكنة: فإن احترام حقوق الإنسان يبدأ من احترام البيئة التي يعيش فيها هذا الإنسان الذي هو محور هذا الكون، واحترام حقه فى التمتع بموارده وحياته.
هنا ينبغي، القول إن الدولة لها دور مهم ورئيس فى الحفاظ على البيئة باعتباره جانبًا من الحفاظ على بقائها وديمومتها، وأن إدخال هذه القضية بشكل رئيسي أو فرعي لمؤسسات أو نظم يمكن أن تتغير أو يتغير مسارها يجعل القضية هشة، ويؤدي إلى نتائج وخيمة قد لا يتمكن من التغلب عليها فيما بعد. بيد أنه من الضروري أن يقتصر اهتمام مؤسسات الدول، سواء كانت أحزابًا أو منظمات مجتمع مدني على التشاور والتوعية والإسهام فى الدراسات والمعلومات التي قد تفيد الدولة فى مواجهتها للقضية.  

السياسة البيئية للأحزاب حول العالم.. بعض النماذج:
يشير قسم من الدراسات الميدانية والواقع المعاصر العالمي إلى أن معظم الأحزاب السياسية بعيدة عن قطاعات كبيرة من المواطنين، وأن هناك عزوفًا جماهيريًا واضحًا عن الانضمام لأنشطة الأحزاب السياسية بوجه عام، مما يعني غياب قطاعات كبيرة من الشعب عن المشاركة فى أنشطة الأحزاب، وهذا يستلزم جهودًا ودراسات مكثفة من هذه الأحزاب لدراسة أسباب إحجام قطاعات كبيرة من المواطنين عن الانضمام والمشاركة فى الأنشطة الحزبية، كما يقتضي البحث عن وسائل وقضايا مناسبة لجذب المواطنين للأنشطة الحزبية، ونعتقد أن مشكلات وقضايا البيئة تهم وتمس حياة كل مواطن؛ سواء كان هذا فى الريف أو الصحراء أو الحضر وتعتبر وسيلة رئيسية لجذب المواطنين، وتدعيم الثقة بين المواطن والحزب؛ لأن المواطن بوجه عام يعاني من مشكلات البيئة بمختلف صورها، والأحزاب بما لديها من اتصالات وتأثير على الجهات التنفيذية وخبرات وخبراء فى المشاركة الشعبية وقيادة العمل الاجتماعي لحل مشكلات الجماهير، ومن ثم فالأحزاب من المؤسسات القادرة على إرشاد وتوعية الجماهير فى مجال حماية البيئة بوجه خاص؛ لأن المصلحة هنا مشتركة بين الأحزاب والجماهير والمسئولين والجهات التنفيذية، ما يسهل الطريق للدولة فى التعامل مع القضية واتخاذ القرارات المصيرية لحلها. فالبيئة تجمع كل الأطراف ويستفيد الجميع من هذه الجهود، ولذلك نجحت أحزاب الخضر فى الغرب بوجه عام فى الآونة الأخيرة(1).
ففى الانتخابات الألمانية الأخيرة حصل حزب الخضر فى ألمانيا فى 2018 على نحو 19% ، وهي نسبة عالية فى الدول الغربية وتجعل انضمامه لأي حزب آخر فرصة مؤكدة لتشكيل الحكومة، كما تجعل اتحاده مع أي حزب آخر سمعة طيبة وشرف؛ لأنهم يدافعون عن حقوق الشعب فى بيئة صحية، وهذا يعطي حزب الخضر قوة فى فرض شروطه فيما يتعلق ببرنامج الحكومة للاهتمام بقضايا البيئة، ولذلك أصبحت أحزاب الخضر فى الغرب من القوة؛ ما يجعلها قادرة على حسم الانتخابات عند انضمامها لأي حزب، ومن ثم تسعى جميع الأحزاب للتعاون معها وكسبها واستطاعت إلزام معظم المصانع بتركيب فلاتر ومرشحات لحماية المواطن من التلوث، بل إنها نجحت فى تغيير سياسات بعض الحكومات وإلزامها بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالبيئة مثل تغير المناخ، ومن هنا يستفيد الجميع، ومن جانب آخر تعد الأحزاب السياسية هي القادرة على تعديل أو إصدار تشريعات مناسبة فى كافة قضايا البيئة من خلال علاقتها بالسلطة التشريعية المسئولة عن إصدار القوانين، كما أن الأحزاب السياسية هي الأقدر على متابعة تنفيذ القانون والتقويم أو التعديل عند الحاجة، كما أنها الأجدر بنشر الوعي البيئي والثقافة البيئية بوجه عام بين الجماهير، مثل ترشيد استخدام المياه؛ سواء فى الزراعة أو المسكن وخلافه، ومشكلات الصرف الصحي ،والكهرباء، كما أنها قادرة على تنفيذ مشروعات صغيرة صديقة للبيئة مثل جمع المخلفات أو مشروع البيوجاز وغيره.
ونستنتج مما سبق بأن حماية البيئة، فى حاجة لجهود الأحزاب السياسية وهذه الأحزاب فى أشد الحاجة لتبني قضايا البيئة، وهي قضية كل مواطن وأنه كلما اعتمدت الأحزاب على قضايا البيئة ونجحت فيها زادت شعبيتها وقاعدتها الجماهيرية، ويستفيد المواطن والحزب والوطن ويقل التلوث ويزداد الجمال ويختفى القبح وتزدهر السياحة والاقتصاد(2).
 كما أن لكل فرد دوره فى نشر الوعي البيئي وخطورة التلوث وكيفية مواجهته والحد منه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي للعمل على إيجاد عرف بيئي ووعي شعبي بقضايا البيئة والتلوث. لذا يجب فى مصر إعادة النظر فى تشكيل وزارة البيئة؛ بحيث تضم ممثلين لمختلف قطاعات الدولة؛ مثلما يوجد فى كثير من الدول الأخرى، حيث تضم وزارة البيئة أعضاء من وزارات الدفاع والداخلية والاقتصاد، والمالية، والبحث العلمي، والزراعة، والسياحة وغير ذلك؛ لتدعيم الوزارة، وتكون قراراتها متسقة مع كل الجهات المعنية، مما يكسبها قوة ومكانة.
البرامج البيئية للأحزاب السياسية الرئيسية الأربعة فى إسبانيا ذات التمثيل النيابي فى الانتخابات العامة لشهر إبريل 2019 كنموذج دراسة:
كانت المقترحات البيئية فى الانتخابات العامة فى إسبانيا 2019 فى حملة انتخابية تسود فيها العواطف أكثر من المقترحات الملموسة الفعالة، مع اهتمام القادة السياسيين بإطلاق رسائل الاستهلاك المحلي التابعين للحزب أكثر من إقناع الناخبين الجدد بقضايا البيئة، لتحصد هذه الأحزاب فى نهاية الحملة 40٪ من أصوات المترددين، وفقًا لجميع الاستطلاعات، مما يشير إلى واحدة من أكثر النتائج إحكامًا وغموضًا للديمقراطية الإسبانية فى الفترة الأخيرة.
ما نريد أن نعرفه تحديدًا من خلال عرض هذه التجربة مضمون السياسات البيئية التي تقترحها هذه الأحزاب السياسية والتي تتوقع الاستطلاعات أن تحصل على أكبر عدد من الأصوات. إنها ليست مهمة سهلة، كل طرف يقدم برنامجه بطريقة مختلفة ويمكن احتواء التدابير البيئية فى فصول مختلفة من الشيء نفسه، مما يوضح أيضًا مفهومًا بيئيًا وموقف انطلاق مختلف تمامًا بينهما.
من ناحية أخرى، حتى مع الأخذ فى الحسبان أن البرامج الانتخابية يتم وضعها كأهداف عامة تقريبًا دون تحديد كيفية تحقيقها أو تنفيذها، فهناك أوقات توضع فيها البرامج سيناريوهات فى صورة عامة، تقريبًا كمجرد إعلان للمبادئ ليس أكثر.
هذه المعلومات المقدمة تقريبية للمقترحات البيئية للأحزاب الرئيسية الأربعة ذات التمثيل البرلماني فى 2019، ولمعرفة المزيد عن مقترحاتهم، نوصي بالذهاب مباشرة إلى برامجهم.
وانعقدت يوم الاثنين 22 إبريل 2019 أولى المناظرات التليفزيونية بين مرشحي هذه الأحزاب السياسية الأربعة، فهل ستكون هناك فرصة للإصغاء إلى آرائهم يناقشون أيا من هذه القضايا أم لا؟

برنامج حزب العمل الاشتراكي الإسباني فى 2019.. عقد اجتماعي جديد:
يقترح الحزب الاشتراكي اتفاقية بين القوى الرأسمالية والقوى العاملة من أجل عقد صفقة بيئية سميت (الصفقة الخضراء الجديدة)، «تسمح بمواجهة التحول البيئي الضروري من خلال تعزيز الكفاءة القصوى فى استخدام تقنيات استخدام الموارد والتقنيات الأقل تلويثًا للبيئة وتحدث تأثيرًا أقل على التنوع البيولوجي، لا سيما من خلال استخدام الطاقات المتجددة وخلق وظائف «خضراء» فى جميع القطاعات ».
من هذا المنطلق، عرض الحزب إجراء تعديل فى الدستور الإسباني، «فى الوقت الذي يتم فيه دراسة إجراء تعديل عليه فى عدة جوانب»، ليشمل ما تم تسميته «المبادئ الإرشادية لتحقيق الاستدامة أي النظر فى حدود وإمكانيات الكوكب كشرط للتقدم الاقتصادي ومبادئ الاحتراز وعدم الحفاظ على رأس المال الطبيعي. وبالمثل، فقد أكدت على الالتزام بتوفير الحصول على المياه والطاقة كخدمات ذات اهتمام عام فى إطار المحافظة على البيئة وترشيدها».
بناءً عليه، حددت التزامات رئيسية فيما يتعلق بتغير المناخ وتحول الطاقة فيما يلي:
1- تخفيض 90٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فى عام 2050.
2- زيادة استهلاك الطاقات المتجددة «حتى 35٪ على الأقل عام 2030، مع 74٪ على الأقل من توليد الكهرباء من مصادر متجددة». مع العمل على الحصول على 100٪ من الكهرباء التي تأتي من مصادر متجددة فى عام 2050.
3- زيادة كهربة قطاع النقل والمواصلات.
4- الإغلاق التدريجي لمحطات الطاقة الحرارية ومحطات الطاقة النووية، رغم عدم تحديد مواعيدها بعد.
5- فرض الضرائب البيئية وتعزز عملية إزالة الكربون من الاقتصاد وتفضيل عمليات التحول البيئي.
التركيز على التنوع البيولوجي كان نقطة أخرى فى برنامج الحزب، حيث يتناول معالجة «إستراتيجية الدولة للحفاظ على هذا التنوع البيولوجي للاستفادة منه فى كافة المجالات، فى إطار الأهداف العالمية للأمم المتحدة والتي سوف يقوم الحزب بالعمل على دمج قيم التنوع البيولوجي فى الخطة الوطنية للدولة لتفعيلها وتعظيم الاستفادة منها».
فى هذه المرحلة، ستتم الموافقة على خطة للحفاظ على الغابات بما يتماشى مع استراتيجية الاقتصاد الحيوي الأوروبية لتحقيق التوازن البيئي.
ولم يتوقف الأمر على هذا، بل امتد لدعم قضيتين تؤثران على مجموعتين محددتين للغاية فى عالم الغابات هما تعزيز كتائب مكافحة الحرائق ووضع بعض «اللوائح الأساسية لهذه الكتائب، بحيث تكون ظروف عمل هؤلاء المهنيين الذين يلعبون دورًا حاسمًا فى الحفاظ على التنوع البيولوجي فى جميع أنحاء الإقليم، وكذلك فى الوقاية من حرائق الغابات وانقراضها بشكل حاسم.
أما فيما يتعلق بما يؤثر على البحر، فإن المقترحات تسير فى اتجاهين: منع المزيد من استهلاك البلاستيك ومنع وصوله إلى البحر من خلال خطة لجمع القمامة فى البحر ودعم «المبادرة الدولية للموافقة على معيار ملزم لحماية البحر والمحيطات خارج المياه الإقليمية بالتعاون مع الدول الأخرى.
وفيما يتعلق بسياسة المياه، فإنه يقترح صياغة خطة وطنية لتنقية المياه وإعادة تدويرها، واستغلال مياه الصرف الصحي بعد تنقيتها فى الزراعة، ورفع كفاءة نظم الري، وكذلك رفع كفاءة ادخار المياه وإعادة استخدامها فى مشاريع بيئية وهذا كله سوف يتم جنبًا إلى جنب مع تفعيل الكتاب الأخضر الذي تمت الموافقة عليه مؤخرًا والذي يؤكد تفعيل السياسة المائية وفقا للمبادئ التالية:
1- ضمان «سلامة الأحواض الهيدروغرافية، خاصة تلك» التي اعتمدت حتى الآن، إلى حد كبير، على مساهمات من أحواض أخرى، والتي ستميل إلى الانكماش تدريجياً بسبب تغير المناخ». هذا البيان فى البرنامج ليس واضحًا ما إذا كان إعلانًا عن نيتهم أو نتيجة لتغير المناخ. يخططون لتحقيق ذلك باستخدام جميع أنواع المياه السطحية والجوفية وتحلية المياه وإعادة استخدامها.
2- ضمان حق الوصول لخدمات المياه والصرف الصحي الأساسية بشكل يقلل من الفاقد، وعد المياه منفعة عامة تخضع للملكية العامة للدولة.
تهدف عملية التحول البيئي التي تبناها الحزب فى دعم استراتيجية الاقتصاد الأخضر الجديدة التي تهدف فى الأساس إلى «التقدم نحو» صفر نفايات «بحلول عام 2050 كاستراتيجية وطنية يجب تحقيقها»(3).

الحزب الشعبي وتركيبته الحيوية:
هدف البرنامج الانتخابي للحزب الشعبي فى انتخابات 2019 لتشجيع جميع الأطراف لتتفق على مكافحة التغير المناخي كأحد أهم محاور سياستها البيئية. كما حدد مؤتمر المندوبين المفوضين للحزب إعداد «خطة وطنية للطاقة والمناخ 2021-2030 يحدد فيها السياسات والتدابير التي يجب تطبيقها لتحقيق الأهداف المتفق عليها فى الاتحاد الأوروبي»، فى هذه الحالة، لا تنوي تجاوز الإجراءات التي تمت الموافقة عليها بالفعل فى الاتحاد الأوروبي كمعيار استرشادي.
وتعهدت وثيقة الحزب الشعبي بتعزيز «الخطة المتطورة للطاقة والمناخ التي تعزز تمويل البحث والتطوير والابتكار، وهو مفهوم جديد تم تكييفه مع الدراسات المتعلقة بالتقدم التكنولوجي والبحثي الذي يركز على تقدم المجتمع، كونه أحد أهم مكونات تكنولوجيا المعلومات فى الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والتكيف مع تغير المناخ». فيما يتعلق بهذه النقطة، فإنه يعتزم إنشاء عملية انتقال فى مجال الطاقة «تفضل التوظيف الجيد وتأخذ فى الاعتبار القطاعات الأكثر ضعفاً بسبب التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون».
وفى الموضوعات المتعلقة بالطاقة، اقترح التوصل إلى «ميثاق حكومي لإنشاء مزيج مستقر للطاقة لمدة 40 عامًا يوفر التناغم بين قطاع الطاقة والمستهلك ويسمح فى الوقت نفسه بتحقيق أهداف أمن الإمداد وتغير المناخ وأسعار الطاقة»، والمراهنة على مصادر الطاقة المتجددة «التنافسية بالفعل» ولكن «دون التخلي عن التقنيات الأخرى التي لا تزال مفيدة لإسبانيا»، مثل حالة الطاقة النووية.
 وقد سعى الحزب لخلق حالة من الرفض لاستخدام الوقود الأحفوري من خلال التنبيه بأخطاره على البيئة وتشجيع منع المركبات المستخدمة له «يجب أن يكون التطور التكنولوجي وقرارات المستهلكين هي التي تضبط إيقاع استبدال بعض التقنيات بأخرى فى مجال النقل».
وفيما يتعلق بالسياسة الهيدرولوجية، فإنه يعد «بنظام يأخذ فى الحسبان جميع البنى التحتية للمياه الضرورية فى البلاد لتسهيل الوصول إلى المياه لجميع الإسبان، على أساس احترام خصوصية وطبيعة الأحواض النهرية والاستدامة البيئية وأولوية الاستخدام الأمثل، وضمان احتياجاته الحالية والمستقبلية».
أما فيما يتعلق بمقترحاته المحددة المتعلقة بعالم الغابات، يقول برنامج الحزب الشعبي فى النقطة 369 «سننفذ استراتيجيات الإدارة المستدامة للغابات والمحميات من أجل المساهمة فى خلق فرص العمل فى قطاع السياحة البيئية، مع الاعتراف بالأهمية الاستراتيجية للغابات فى التماسك الإقليمي والتنمية الريفية المستدامة للحفاظ على التركيبة السكانية ومنع الهجرة من المناطق النائية من خلال جعلها كناطق جاذبة ومنتجة للوظائف المتناغمة مع البيئة».
وارتبط هذا الاقتراح العام للغاية جزئيًا بما يلي، «سوف نشجع تركيب صناعات الطاقة على أساس استخدام الكتلة الحيوية التي تتكون من نفايات الغابات والمنتجات الأخرى التي لا تحدث ضرارًا بيئيًا.» وفى النقطة 355، يلتزم بتعزيز «خطط التنمية الريفية لجعل الأنشطة الزراعية والحيوانية هي المحركات الحقيقية للإنعاش الاقتصادي»، لكنه لم يوضح إلى أي مدى أو بأي طريقة(4).

حزب المواطنين.. خطة إعادة التشجير:
يظهر البرنامج الانتخابي لحزب المواطنين فى انتخابات 2019 مرة أخرى تغير المناخ ضمن الأولويات، حيث يريدون إعداد قانون بشأن تغير المناخ والانتقال للطاقة المتجددة لضمان عدم الاعتماد على الوقود الأحفوري». دون إعطاء أرقام محددة، فإنهم يريدون إحداث «تحول نحو نموذج للطاقة يعتمد على الطاقات المتجددة فى عام 2050».
بحسب برنامجه الانتخابي، «سيتم تحسين كفاءة الطاقة من خلال إعادة تأهيل 300 ألف منزل سنويًا موفرًا للطاقة وسيتم بناء العقارات الجديدة وجميع المباني والمرافق العامة وفقًا لمعايير طاقة التي تقترب استهلاكها منها من صفر استهلاك للطاقة الملوثة. ففيما يتعلق بسياسة الغابات والمحميات، يريدون إطلاق «خطة إعادة التشجير الوطنية بهدف زراعة 10 أشجار لكل إسباني فى نهاية مدة المجلس التشريعي» وبحسب أرقامه، فإن هذه الأشجار الجديدة، البالغ عددها 500 مليون شجرة، تضخ أكسجين يعادل ما يستهلكه مائة ألف سيارة وستعزز «خلق فرص عمل مستقرة ولائقة فى البيئة الريفية»، على الرغم من أنه لم يحدد عددها أو نوعيتها.
وفيما يتعلق بحرائق الغابات، يعد الحزب برنامجا للموافقة على «خطة وطنية لمنع الحرائق وصياغة قانون الطوارئ العام الذي يحدد آليات التخطيط والتنسيق لمختلف خدمات الوقاية وإطفاء الحرائق والإنقاذ فى جميع أنحاء إسبانيا». وسوف تعزز أيضا قوانين الاقتصاد الدائري الجديد للمواطنين بهدف تقليل النفايات فى مدافن النفايات قدر الإمكان من خلال «إعادة تدوير النفايات المنزلية ومن خلال تعزيز جمعها الانتقائي» من بين تدابير محددة أخرى فى هذا المجال.
يعتزم تحديث الخطة الهيدرولوجية الوطنية على أساس سياسات «تحسين إدارة وتنقية وإعادة استخدام المياه فى المناطق الحضرية وزيادة الاستثمار فى هذا المجال وترابط الأحواض النهرية وتكامل محطات تحلية المياه». ويكمن الاختلاف هنا فى مفهوم «الترابط بين الأحواض النهرية»، والذي تم تفسيره على أنه إمكانية فتح النقاش الاجتماعي حول التحويلات بين الأحواض النهرية المختلفة لإعادة توزيع المياه بين المناطق المختلفة لتقليل الفاقد(5).
حزب نحن نستطيع (بوديموس).. نموذج إنتاج جديد:
كما هو الحال فى بقية الأحزاب الرئيسية فى انتخابات 2019 وضعوا فى قلب مقترحاتهم تغير المناخ، مشتركين مع بقية الأحزاب الإسبانية فى الاتفاق على الإجراءات التي يجب وضعها موضع التنفيذ والسرعة التي يجب أن يتم بها التنفيذ واتخاذ القرارات اللازمة. فوفقًا لبوديموس، «من خلال تعبئة 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي كل عام من رأس المال العام والخاص، يمكن توفير ما يلزم من أموال لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار النصف فى غضون عقد وبنسبة 90٪ فى عام 2040، والتي من خلالها نلبي أهداف الهيئة الدولية المشتركة للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ وسنخلق أيضًا ستمائة ألف وظيفة من خلال هذه العملية».
إنهم يدركون فى بوديموس أن هذا يفترض ثورة إنتاجية كاملة تتطلب العديد من التدابير التكميلية والمتزامنة فى مجالات قطاعية مختلفة ولهذه الغاية، يقترح الحزب إنشاء منصب نائب الرئيس للتحول البيئي والبرنامج الصناعي الجديد لتوجيه وتنسيق هذه الإصلاحات مع بقية الإدارات الحكومية والقوى الاجتماعية والأهلية.
ويقترحون على سبيل المثال، فى مسائل الطاقة ما يلي:
1- «تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري بمقدار النصف خلال عقد والوصول إلى 100٪ من إنتاج الطاقات المتجددة بحلول عام 2040».
2- «إنشاء شركة طاقة عامة كجهة فاعلة مهمة لتحقيق هذا التحول فى استخدام الطاقة المتجددة».
3- إغلاق محطات الفحم عام 2025 والمحطات النووية عام 2024.
أما بالنسبة لسياسة المياه، فيقترحون «وضع حد لتسليع المياه» أي المتاجرة بالمياه و «استعادة إدارة المياه وإمدادها وتنقيتها وكذلك الصرف الصحي والري للدولة لتحقيق مصلحة العامة».
إنهم يعارضون أي نوع من النقل بين الأحواض النهرية ويقترحون «الإدارة الطلب» كحل. (Demand Side (Management - DSM ، إدارة جانب الطلب (DSM) هي استراتيجية تستخدمها شركات للتحكم فى الطلب، وتشجيع المستهلكين على تعديل نمط ومستوى استخدامهم للكهرباء أو المياه وفقًا لاحتياجاتهم الفعلية من خلال تفعيل باقات تدفع مسبقًا.
وأشار الحزب فى برنامجه إلى إمكانية المراهنة أيضًا على السيارة الكهربائية أو على مصدر آخر بديل عن الوقود الأحفوري، مع جدول زمني وأهداف مبيعات تتراوح بين 25٪ من السيارات فى عام 2025 والتي يجب أن تكون بهذه التقنية و70٪ فى عام 2030 و100٪ من السيارات المباعة فى 2040.
ومع ذلك، فهو يعتبر القطار «وسيلة النقل ذو الأولوية فى الربط بين مختلف المناطق ونقل البضائع» ولهذا يقترح سلسلة من التدابير التي تعزز استخدامه من قبل المواطنين، مثل «دعم إنشاء خطوط السكك الحديدية ووضعها كأولوية فى خطة حماية البيئة»، وتحسين مستوى الخدمة على المستوى الوطني والدولي ضمن أمور أخرى تلزم لدعم هذا القطاع. كما أنه ملتزم بــ «إعادة التصنيع الأخضر ومبدأ الاقتصاد الدائري» لخلق فرص عمل فى الشركات التي لها تأثير إيجابي على التنوع البيولوجي والبيئة والتلوث المنخفض، على الرغم من أنه لم يشرح بالضبط كيفية عمل هذا.
أما فى مجال قطاع الغابات والمحميات، يضع «بوديموس» نصب عينيه أنه من الضرورى وضع خطة لاستعادة الغابات والموارد الهيدرولوجية «مع استعادة وإعادة غرس كتلة من المساحات الخُضر مناسبة لكل نظام بيئي حفاظًا على التنوع»، وعلى وجه التحديد، فيما يتعلق بحرائق الغابات، يقترح «توفير التمويل الكافى لآليات وعمليات مكافحة الحرائق، ولكن من المهم جدًا ضمان التمويل الكافى لطرق الوقاية».
ويرى بوديموس فى هذه المشكلة، أن «الأشخاص الذين يخاطرون بحياتهم لمكافحة الحرائق على مدار العام لا يمكن أن يخضعوا لظروف غير مستقرة وأجور متدنية، بل يجب أن يشعروا بتحسن واضح فى الاعتراف بهم مهنيًا ودراسة وضع أجور عادلة لهم مع تحسين ظروف عملهم واستقرارهم وأمنهم الوظيفى والاجتماعي كونهم يواجهون الحرائق والظروف الخطرة» ومع ذلك، لا يوجد اقتراح ملموس يجسد هذا البيان.
أما سياسته فى التنوع البيولوجي، يقترح الحزب «زيادة الاستثمار فى المتنزهات الوطنية المحمية ودعم 167 بلدية تقع داخلها، كذلك العمل على دعم الموافقة على الخطة الاستراتيجية الثانية للحفاظ على التراث الطبيعي والتنوع البيولوجي»(6).

ختاما:
إن الوضع البيئي، والتدهور الناجم عن تغير المناخ، بالإضافة إلى التلوث واستغلال الموارد الطبيعية التي تسببها الشركات الكبرى، تجعل من عام 2022 عامًا معقدًا لحماية الطبيعة والحياة، فوفقًا لاتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، التي تم تبنيها فى عام 2015، فقد زادت الحاجة إلى الحفاظ على درجة حرارة الكوكب أقل من درجتين، لتجنب الآثار الأكثر دراماتيكية للتغير المناخي. ومع ذلك، تظل القوى العظمى غير ملتزمة بالقضية وغير مكترثة تأثيراتها.
إن التأمل فى قراءة تجارب الدول الأخرى ومن بينها التجربة الإسبانية يقدم تصورات الآخر فى مواجهة هذه القضية المصيرية والملحة، عسى أن نستفيد من بعض نتائجها فى تصورنا الوطني المخلص الذي يسعى إلى الحفاظ على مقدرات الدولة المصرية، ومشاركة المنطقة التي نعيش فيها، والعالم  ـ الذي نحن جزء منه ــ فى حل هذه القضية، انطلاقًا من رسالة مصر الأبدية فى مد جسور التعاون مع العالم، والإسهام فى بناء الحضارة الإنسانية التي كانت مصر ولا تزال فاعلا مهما فيها. إذ يمكن القول وباطمئنان، إن ملف البيئة فى مصر شهد تقدمًا ملحوظًا وبداية حقيقية للاستثمار الأخضر فى إطار الجمهورية الجديدة؛ وبدعم رئاسي مباشر ومخلص، فنال الدعم الكامل من قبل قيادة سياسية واعية بدورها تساند بإخلاص المؤسسات غير الرسمية الناشئة فى هذا الملف الحيوي، فوُضعت هذه القضية ضمن قائمة أولويات الحكومة المصرية لتحقيق التنمية المستدامة؛ بما يسهم فى تحقيق التنمية مع دمج حقيقي للبعد البيئي فى كل قطاعات الدولة.
ويتم العمل على تنفيذ العديد من الاستراتيجيات والمبادرات لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030، بالإضافة إلى الاهتمام البالغ بتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية والتعاون الثنائي مع الدول الصديقة الواعية بأهمية القضية، وأيضًا من خلال وجود قوي فى المحافل الدولية البيئية، وتعزيز الدور المصري وامتداده على المستويين القاري والإقليمي، وسعي مصر الدائم إلى توحيد الصوت الإفريقي من خلال توحيد المطالب الإفريقية، وعرضها على المستوى الدولي فى كل المحافل الدولية؛ حيث يأتي إعلان اختيار مصر لاستضافة مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ المقبل COP27 بشرم الشيخ فى نوفمبر المقبل، خلال مؤتمر تغير المناخ فى دورته السادسة والعشرين بجلاسكو، تتويجًا لتلك الجهود وتعبيرًا عن ثقة ودعم جميع الوفود المشاركة فى المؤتمر لاستضافة مصر هذا الحدث البيئي المهم .
ويعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 من أهم الإنجازات الوطنية لرسم خارطة طريق شاملة لآليات مواجهة آثار تغير المناخ تتماشى مع أهداف تحسين جودة حياة المواطن، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتعزيز ريادة مصر فى ملف المناخ عالمياً، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام منخفض الانبعاثات فى مختلف القطاعات، وبناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة به، وتعزيز حوكمة وإدارة العمل فى مجال تغير المناخ، وتحسين البنية التحتية لتمويل المناخ، إلى جانب تعزيز دور البحث العلمي والتكنولوجيا.
لذا تم تنفيذ العديد من المشروعات القومية فى مجالي التخفيف والتكيف لعرضها على العالم خلال رئاستها لمؤتمر المناخ القادم COP27، ومن مشروعات التخفيف إقامة مجمع «بنبان» للطاقة الشمسية فى أسوان  كأكبر مجمع لتوليد الكهرباء النظيفة فى الشرق الأوسط، ومشروعات كفاءة الطاقة ومشروعات طاقة الرياح، وأيضا مشروعات النقل المستدام، مثل مشروع المونوريل وشبكة مترو الأنفاق، ومشروعات تحويل المخلفات لطاقة والإدارة المتكاملة للمخلفات، مثل مشروعات البيوجاز، والمدافن الصحية ومصانع التدوير، أما مشروعات التكيف، فمنها مشروعات ترشيد المياه وتبطين الترع، ومحطات تحلية مياه البحر والصرف الصحي، ومبادرة «حياة كريمة» كنموذج متكامل لمشروعات التخفيف والتكيف مع آثار تغير المناخ من خلال تنفيذ مشروعات توصيل الغاز الطبيعي وإدارة المخلفات، ومشروعات تبطين الترع ومحطات معالجة الصرف الصحي والتشجير، إلى جانب ما يتم فى الوقت الحالى من جهود لتحويل مدينة شرم الشيخ المستضيفة لمؤتمر المناخ إلى مدينة خضراء سواء فى مجال السياحة الخضراء من خلال حصول الفنادق ومراكز الغوص على العلامة الخضراء وتحول الفنادق لاستخدام الطاقة الشمسية، ووضع خطة لاستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة فى المدينة، بالإضافة إلى مشروعات تطوير البنية التحتية، والتحول إلى النقل الكهربي.
كل هذا يشكل طفرة فى دور الدولة ومؤسساتها فى محاولة التقليل من مخاطر التغير المناخي، الطريق مازال طويلًا لكن الاستمرارية والتخطيط هما السبيل لتحقيق الغاية من الحفاظ على حياة الكائنات التي تسكن هذا الكوكب.

المصادر:

 -تقدم أحزاب الخضر بعد نجاحاتها الكبيرة فى أنحاء أوروبا. https://bit.ly/3e1Ckei
 -دور الأحزاب السياسية فى حماية البيئة. https://bit.ly/3TooAKH
Https://Bit.Ly/2V8wok5 Programa Electoral Psoe / Elecciones Generales-
Elecciones Generales, Autonómicas Y Municipales. Pp, Https://Bit.Ly/2Xkwcda-
Programa Electoral Ciudadanos  Elecciones Generales 2019 – 10 Https://bit.ly/3wHvy3O-
Programa De Podemos Para Un Nuevo País Https://Bit.Ly/2K6jezd-

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. محمد أحمد مرسى

    د. محمد أحمد مرسى

    أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المساعد- كلية الإدارة والاقتصاد - جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا