من المجلة - قضايا الديمقراطية

دور الإعلام فى تنمية الوعى بكيفية مواجهة المشكلات البيئية

طباعة

 حظت البيئة المعاصرة باهتمام النظام العالمي الجديد، وأصبحت من أهم القضايا التي يعانيها العالم اليوم، وازداد القلق العالمي المشترك، لأن الكرة الأرضية أصبحت مهددة وملوثة، بسبب الاستعلال السئ للموارد البيئية ناهيك الممارسات البشرية الخاطئة، وزيادة التلوث نتيجة هذه السلوكيات، وأيضا سلوكيات الدول الصناعية، التي تسببت فى تلوث العالم كله، وأضرت بالدول كلها الصناعية منها والنامية، وهو ما ترتب عليه  آثارا ضارة على الكائنات الحية، وبالتالي على توازن البيئة.

ومع زيادة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على البيئة وعناصرها على العالم بشكل عام، ازدادت الحاجة إلى إكساب الأفراد والجماعات الخبرة والدراية الكافيتين بعناصر ومكونات وقضايا وإشكاليات البيئة، وفهم العلاقة التأثيرية المتبادلة بين الإنسان وبيئته، وتقدير قيمة المكونات البيئية الأساسية المحيطة، والتعرف على المشكلات البيئية، والتدرب على حلها ومنع حدوثها، وتجنب الوقوع فى الكوارث البيئية قبل وقوعها، وما يترتب عليها من أزمات اجتماعية، و بالتالي اقتصادية أو سياسية.
ولذلك فالتوعية البيئية أمر فى غاية الأهمية وخاصة تغيير سلوكيات الأفراد وطريقة تعاملهم مع البيئة التي يعيشون فيها، ومن هنا جاء دورالإعلام البيئي بوسائله المختلفة، مثل الصحف اليومية، والمجلات العامة والمتخصصة، والإذاعة والتليفزيون، وأيضا الوسائل الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير كبير فى الشباب.
والإعلام من أهم الوسائل التي تلعب دورا مهما فى تنمية الوعي بقضايا البيئة، وإقناع المواطن بدوره وواجباته ومسئولياته تجاه البيئة، وفهمه لقضايا مثل التنمية المستدامة، ومعرفته لتأثير الكوارث والحوادث البيئية والتغيرات المناخية على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ويمكن إلى حد ما أن يعلم الإنسان أن أي مؤثر خارجي سوف يؤثر فيه وظهر هذا فى جائحة كورونا التي أثرت فى العالم كله، لكنها كانت أزمة خارجة عن إرادتنا جميعا، لكن البيئة يمكن أن نحميها على الأقل من تصرفاتنا الخاطئة.

أولاً- الإعلام البيئي.. الدور والأهمية:
بدأ ينمو مصطلح «الإعلام البيئي» فى مطلع السبعينيات وتحديدا منذ انعقاد المؤتمر الدولي للبيئة البشرية الذي انعقد فى استوكهولم عام 1972، كما أكد على الحق فى الإعلام البيئي باعتباره حق كل إنسان دون تمييز أو تفرقة فى أن يعرف الأنباء والمعلومات المتعلقة بالحقائق البيئية، ثم أكد مؤتمر «ريو دي جانيرو» عام 1992 فى توصياته على أهمية وسائل الإعلام فى الترويج لقضايا البيئة وحمايتها من كافة مظاهر التدهور.
كما زاد اهتمام وسائل الإعلام المختلفة بالقضايا البيئية نتيجة لمشكلات التلوث والكوارث البيئية التي طرأت فى فترت السبعينيات والثمانينيات، مثل تحطم ناقلة النفط «أموكوكانديس» عام 1978، وحادثة المفاعل النووي فى «ثري مايل أيلند»، وانفجار بئر النفط فى خليج المكسيك عام 1979، وانفجار المفاعل النووي السوفيتي تشيرنوبل عام 1986.
ولذلك أصبح للإعلام البيئي دور فى التغلب والتخفيف من حدة المشكلات البيئية، فضلا عن دوره في تعزيز الوعي البيئي، واكتساب المعرفة ونقلها، وعلى إدراك البشرية لخطورة العبث بعناصر البيئة المختلفة، واستعدادهم للتفاعل معها فى التوعية لنشر القيم الجديدة الخاصة بحماية البيئة أو الدعوة للتخلي عن سلوكيات ضارة بها والاعتماد على برامج صديقة للبيئة، وأن يكون للجامعات والشباب دور فى التوعية البيئية.
ويجب أن يتناول الإعلام البيئي الموضوعات التي تخص البيئة، ومعرفة تركيب وعمل المنظمات والبرامج البيئية عالميا وإقليميا ومحليا، والاطلاع على المعاهدات البيئية ومتابعة تطوراتها ومتابعة تقارير البيئة لتحليل التطورات ومقارنة آراء الناس والجمعيات الأهلية والمؤسسات الرسمية والهيئات الدولية.

ثانياً- التجارب الدولية فى الإعلام البيئي:
يعتبر الإعلام البيئي ظاهرة حديثة فى الإعلام الوطني. لذا، كانت الكتابات حول البيئة بسيطة وغير مكثفة، إلا أن تطور الصناعة وازدياد السكان وانتشار النفايات بأنواعها وزيادة عدد السيارات، أدى إلى تلوث الهواء وظهور الظواهر التي تؤثر على البيئة، مثل انجراف التربة والتصحر، وهو ما يتطلب معالجة حقيقية واقعية وموضوعية دقيقة من قبل وسائل الإعلام باختلاف أنواعها، سواء المكتوبة أو المسموعة والمرئية.
في هذا السياق ظهرت العديد من التجارب الإعلامية الدولية، منها تجربة الجزائر والتى قامت بإصدار  مجموعة من القوانين: قانون متعلق بحماية البيئة فى إطار التنمية المستدامة، أو المرسوم التنفيذي المنظم للعلاقات بين الإدارة والمواطن، وهكذا.
كان الإعلام البيئى فى الجزائر وسيلة من وسائل التغيير للوصول لمجتمع متوازن قادرعلى التفاعل مع البيئة بشكل إيجابي من خلال تنمية مهارات عامة الناس وزيادة شعورهم بالمسئولية  تجاه البيئة المحيطة، وخصوصا،  لأن أي فعل يقوم به الإنسان تجاه البيئة فإنه يؤثر فيها وتؤثر فيه، وبالتالي فإن سلامته من سلامتها و نهايته فى دمارها وتخريبها، وبالتالي فإن الإعلام البيئي بات لا غنى عنه فى الوقت الحالي.

ثالثاً- أسباب غياب الإعلام البيئي عن المجتمعات العربية؟ وما التحديات التي يواجهها؟
• هناك عدة أسباب يرجع لها غياب الاهتمام بالإعلام البيئي، منها أن قضايا البيئة ذات أبعاد متداخلة مع الاقتصاد، والتنمية، والاجتماع، والسياسة، والعلوم البيولوجية والنباتية.
• عدم اقتناع الإعلاميين بضرورة مناقشة قضايا البيئة فى برامجهم و مقالاتهم.
• الكتابة فى البيئة تحتاج لمراجعة بعض الأمور الفنية والعلمية والإحصائيات، فتحتاج إلى وقت أطول فى كتابة تقرير صحفي، مما يجعل الصحفى والإعلامي قليل الإنتاج، أي قليل الحصول على الدخل المالي.
• لا يوجد برامج تليفزيونية متخصصة فى البيئة.

رابعاً- العوامل المؤثرة فى الإعلام البيئي:
 هناك عدة عوامل مؤثرة فى تنمية الإعلام البيئي، يمكن بيانها على النحو التالى:

1- العوامل السياسية: الاختلافات والمنافسات فى الرؤى بالنسبة لقضايا البيئة بين الدول الصناعية الكبرى ودول العالم الثالث، الأمر الذي كان له تأثيره الواضح فى درجة الاهتمام التي أولاها الإعلام لهذه القضايا بين دول العالم.
2- العوامل الاقتصادية: لها دور كبير فى تناول ودراسة القضايا البيئية، وخاصة العلاقة بين الدول النامية والدول الصناعية الكبرى، و لذلك أصبحت المعالجة الإعلامية لقضايا البيئة أكثر صعوبة بسبب الحساسية السياسية والمصالح الاقتصادية بين دول الشمال المصنعة ودول الجنوب النامية التي لا تزال برامجها الصناعية التنموية فى إطارها الأول، وخاصة لأن الشركات متعدة الجنسيات تسيطر فى المجال البيئي على 70% من التجارة العالمية، و80% من الاستثمارات الخارجية، وتتحكم فى نقل الغازات المسببة للتغيرات المناخية. فأصبح الإعلام البيئي يمثل تخوفا كبيرا لهذه الشركات، لأنه يمثل خطورة كبيرة عليها و يهدد مصالحها بالكشف عن أدوارها البشعة فى تلويث البيئة من خلال الحملات الإعلامية الجادة، فى جميع أنحاء العالم تعمل على استقطاب رجال الإعلام وتحويلهم إلى أدوات دعائية.
كما استغلت الشركات المتعددة الجنسية حاجة الدول النامية إلى المشروعات الصناعية وقامت بنقل العديد من الصناعات التي ينتج عنها درجة عالية من التلوث إلى الدول النامية، واستأجرت بعض أراضيها لدفن النفايات السامة الضارة بصحة الإنسان، و على الرغم من هذه التصرفات إلا أن مؤتمر «ريو دي جانيرو» الأخير شهد خلاف اقتصاديا بين الدول الصناعية الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، ودول العالم الثالث على حجم المساعدات التي يجب أن تقدمها الدول الصناعية إلى نظيرتها النامية لتمويل نفقات حماية البيئة من التلوث، والتي من المفترض أن تبلغ 100 مليار دولار سنويًا إلى البلدان النامية حتى تتمكن من التكيف والتحرك نحو اقتصادات أكثر اخضرارًا.
3- العوامل الإعلامية: هي المتعلقة بالبناء لوسائل الإعلام وطبيعة عملها، ومستوى العاملين من حيث الحرفية ودرجة إلمامهم وإدراكهم لقضايا البيئة، ومستوى القضية المتوفرة فى هذه المحددات مثل الصحفيين ورجال الإعلام، سواء كانوا ينتمون إلى وسائل الإعلام المقروءة أو المرئية أو المسموعة.

خامساً- سبل تنمية الوعي البيئي وأهميته وضرورة استخدام القوة الناعمة:
تنمية الوعي البيئى له أهمية كبيرة جدا على العالم كله، فقد أشارت دراسات غربية إلى أن البيئة تحتل موقعا متقدما فى قائمة الاهتمامات الإعلاميـة دوليـا، فهي تشـغل المركز الثاني فى قضايا العلم والتكنولوجيا بعد الطب والصحة، وخاصة لأن المشكلات البيئية عديدة ومنها مشكلات طبيعية إلى حد ما مثل الكوارث والبراكين والحرائق، وهذا النوع ليس للإنسان أي تدخل فيه، فهو أمر قدري بحت.  وهناك نوع آخر بفعل تعامل الإنسان مع البيئة وهذا النوع هو محور اهتمامنا لأن الإنسان له دور كبير فيه بشكل مباشر ومن أمثلة هذا النوع:
• مشكلة الانفجار السكاني.
• مشكلة استنزاف مصادر الطاقة أو الموارد الطبيعية.
• مشكلة القمامة و التلوث.
• مشكلة تلوث كل من الماء والهواء والتربة.
• مشكلة التلوث الضوضائي.
فعلى سبيل المثال: مشكلة الانفجار السكاني تؤدي لحالة من عدم التوازن بين حاجاتهم المتزايدة للاستهلاك وبين المواد المتوافرة، لأن تزايد معدل الاستهلاك بشكل مستمر يؤدي إلى نقصان المواد الطبيعية غير المتجددة.
أما مشكلة التلوث فهی إحدى أنواع التلوث نتيجة القاء النفايات أو القمامة فى الشارع، وهذا النوع من التلوث متسبب فيه الإنسان بشكل مباشر.
من هنا، يأتي دور الإعلام فى تنمية الوعي البيئي لدي المواطن، والتغيير فى سلوكياته، حتى يحمي البيئة من الأضرار التي تعود عليها بسبب تصرفات وسلوك وثقافة الإنسان، فلو استخدمنا أداة واحدة من أدوات القوة الناعمة وهي التلفزيون وتم عمل برامج توعوية بأساليب شبابية تخاطب الشباب عن البيئة فسوف تتغير السلوكيات.
وفى هذا السياق يشار إلى التجربة المصرية فى التسعينيات والتى قدمت نموذجا إعلاميا مميزا، من خلال مسلسل «سر الأرض» الذي كان يقدمه الفنان أحمد آدم، والمسلسل من إنتاج التلفزيون المصري ووزارة الزراعة ويهدف الي نشر التوعية والنصائح والمعلومات الخاصة بالزراعة وما يخصها، بالإضافة إلي المشروعات الزراعية الأخرى (مثل تربية الحيوانات) وكان يتم بثه أسبوعيا يوم الجمعة علي القناة الأولى المصرية، ورغم كونه برنامجا يستهدف فئة المزارعين، إلا أنه أثار إعجاب واهتمام العديد من فئات الشعب من مختلف المراحل العمرية، وحقق المسلسل نجاحا كبيرا، فيمكن أن نكرر هذه التجربة على البيئة، وخصوصا أن متوسط الوقت الذي يقضيه الفرد فى مشاهدة التلفزيون يومياً 180 دقيقة.

سادساً- جهود الدولة المصرية لمواجهة التغيرات المناخية ورؤية مصر 2030:
تستضيف مصر مؤتمر المناخ Cop27 فى شرم الشيخ، و يحظى ملف البيئة فى مصر بدعم كبير من القيادة السياسية، وتم وضعه ضمن أولويات الدولة فى ظل مرحلة النمو والسعي نحو تحقيق التنمية المستدامة التي تمر بها مصر، كما شهد ملف البيئة اختلافا فى مصر فى السنوات الأخيرة، حيث كان فى السابق مرتبط بمواجهة التلوث والمخلفات، ولكن أصبح التعامل مع ذلك الملف يتم بصورة أشمل وأوسع، ورؤية وزارة البيئة نحو التعافى الأخضر ودور الإعلام البيئي وأهميته المجتمعية، والتحاور حول رؤية الدولة للقضايا البيئية ومكانها على الخريطة الإعلامية، وطريقة وصولها للمواطن المصري بطريقة صحيحة ومبسطة، وكذلك المحطات المختلفة التي مرت بها البيئة على مستوى العالم، وأين نحن من تلك الرؤية فى مصر؟
وتلتزم مصربأجندة العمل المناخي، فهي تضع اللمسات الأخيرة على الاستراتيجية الوطنية لتغيّر المناخ بهدف دعم خطة التنمية التي وضعتها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وتتضمن الرؤية الهدف الخامس الخاص بـ «الاستدامة البيئية نظام بيئي متكامل ومستدام».
 ويقدم البنك الدولي الدعم لمصر فى مشروعات تهدف إلى تحسين مستوى حياة المواطنين، مع ضمان تقوية القدرة على تحمل آثار تغير المناخ والحد من الانبعاثات، ومؤتمر المناخ فرصة رائعة لمصر لإبقاء قضية تغير المناخ فى صدارة جدول الأعمال العالمي، وهي القضية التي نعتقد أنها جزء لا يتجزأ من سلامة المواطنين والاقتصادات، بل ومستقبل كوكبنا على حد سواء.
وقد اتخذت مصر العديد من السياسات والإجراءات لمواجهة تحدي التغيرات المناخية، والتكيف مع تداعياتها، وذلك انطلاقًا من كونها تهديدات تنموية واقتصادية أكثر منها مجرد تهديدات بيئية، ومن أهم تلك الإجراءات:
1- إنشاء «المجلس الوطني للتغيرات المناخية»، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1912 لسنة 2015، كجهة وطنية رئيسية معنية بقضية التغيرات المناخية، وتعمل على رسم وصياغة وتحديث الاستراتيجيات والسياسات والخطط العامة للدولة فيما يخص التكيف مع هذه التغيرات، وذلك فى ضوء الاتفاقيات الدولية، والمصالح الوطنية. ومؤخرًا تم إعادة هيكلة المجلس، ليصبح تحت رئاسة رئيس مجلس الوزراء مباشرة.
2- الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، كأحد أهم قرارات المجلس الوطني للتغيرات المناخية، لرفع مستوى التنسيق بين كافة الوزارات والجهات المعنية فى الدولة بشأن مجابهة مخاطر وتهديدات التغيرات المناخية، من خلال رسم خارطة طريق لأكثر السياسات والبرامج كفاءة وفعالية فى التكيف مع تداعيات تلك التهديدات، بما يضمن تحقيق تنمية اقتصادية مُستدامة.
وتتضمن أهداف الاستراتيجية الوطنية ما يلى:
أ- تعزيز حوكمة وإدارة العمل فى مجال التغيرات المناخية.
ب- زيادة المرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
ج- تحسين البنية التحتية لدعم الأنشطة المناخية.
د- تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة بما يرفع الوعي بضرورة التصدي لمخاطر التغيرات المناخية.
هـ- تعزيز شراكة القطاع الخاص فى تمويل الأنشطة الخضراء والصديقة للبيئة.

ماذا تقدم الدول الصناعية الكبرى للدول النامية؟
يتطلب العمل المناخي استثمارات مالية كبيرة من قبل الحكومات والشركات، لكن التقاعس عن العمل المناخي يكلف ثمنا باهضاً، تتمثل إحدى الخطوات الحاسمة فى وفاء البلدان الصناعية بالتزامها بتقديم 100 مليار دولار سنويًا إلى البلدان النامية، حتى تتمكن من التكيف والتحرك نحو اقتصادات أكثر اخضرارًا.

سابعاً- موقع مصر الريادي وموقعها من الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية:
وقعت مصر اتفاقية «باريس للمناخ» ضمن 194 دولة وقعت على الاتفاق، وكان أهم بنودها  تعهد المجتمع الدولى بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها «دون درجتين مئويتين»، قياسا بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وبمتابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، والسعى لتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى واتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار فى الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات، والسعى لوضع آلية مراجعة كل 5 سنوات للتعهدات الوطنية.
موقع مصر الريادي على المستوى الإقليمي -العربي والإفريقي- يجعل لها دورا بارزا فى التمثيل فى المجموعات الإقليمية طبقا لتقسيم الأمم المتحدة، فمصر عضو فى مجموعة 77 والصين، والمجموعة الإفريقية، ومجموعة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك): فهناك التزامات على الدول الصناعية يجب أن تقوم بها تجاه الدول النامية طبقاً للاتفاقية والبروتوكول، سواء من حيث خفض الانبعاثات، أو نقل التكنولوجيا، أو تمويل صناديق التأقلم مع التغيرات المناخية، أو البحوث والمراقبة وتحديد المخاطر والتهديدات، وتعويض الدول النامية المعرضة لآثار التغيرات المناخية.

ثامناً- المشروعات الخضراء فى مصر:
طرحت مصر أول سند سيادي أخضر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا -بقيمة 750 مليون دولار، واستطاعت أن تجذب اهتمام المستثمرين بالعائدات المالية والبيئية، فقد خصصت مصر 46% منها لقطاع النقل النظيف (مشروع مونوريل القاهرة)، و54% لإمدادات المياه المستدامة وإدارة مياه الصرف الصحي.
أيضا، مبادرة «حياة كريمة»، وهي مبادرة وطنية للتنمية، فرصة رائعة لإحراز تقدم فى الجهود التي تُبذل على المستوى المحلي لمواجهة تغير المناخ.
وكما نشاهد، فإن الدولة المصرية لها دور كبير فى مواجهة تحديات تغير المناخ، فلابد أن يعمل كل منا دوره، فالإعلام له دور فى توعية المواطنين بأهمية ترشيد الاستهلاك وتوفير المياه والطاقة، ونشر جهود الدولة، ونقل المعرفة للمواطن، حتى يكون قادراً على مواكبة الأحداث، وأقصد هنا بتغيير سلوكيات الأفراد بأن يقوم الموظف بإغلاق الأنوار والتكييف إذا لم يستخدمها، وأيضا أن يستهلك الاستهلاك الرشيد العاقل لكل الطاقة الموجودة فى المنزل و العمل.

تاسعاً- عام 2022 عام المجتمع المدني، ودوره فى التوعية البيئية:
لأننا عرضنا دور الدولة فى التوعية البيئية ودور الإعلام فى تثقيف الأفراد بيئيا، وتغيير سلوكهم والعمل على تنميتهم، فلابد أن يكون للمجتمع المدني دور فى التوعية البيئية، وخاصة أن «عام 2022عام المجتمع المدني»  كما أطلق عليه سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فلابد أن يكون له دور فى التوعية البيئية ومواجهة التحديات المناخية،
وفى هذا الإطار فإن ثمة نماذج من مجموعة من المنظمات التي ساهمت فى ظهور الوعي البيئي من أهمها :
 - منظمة السلام الأخضر Green Peace ذات الصيت الإعلامي الكبير التي نشأت فى كندا عام 1971، لتنظم الحملات البيئية فى مجال الدفاع عن البحار والمحيطات، وحماية الغابات، ومعارضة استعمال الملوثات.
 - منظمة أصدقاء الأرض Friends of Earth وهي شبكة عالمية لمنظمات بيئية تأسست عام 1969، تعتبر أكبر شبكة بيئية تعمل على حل المشكلات البيئية.
- حركة تشيبكو الهندية، وهي تعد من أبرز المنظمات غير الحكومية التي تعمل فى مجال حماية البيئة، وتعتبر هذه الحركة تاريخيا وفلسفيا وتنظيميا امتدادا للحركة الغاندية وقد نجحت فى حماية غابات الهمالايا من جشع المقاولين المحليين والأجانب، وقد نشأت هذه الحركة عندما ظهرت بوادر خطر الاضطراب البيئي عندما جفت مصادر المياه.

ختاما، يمكن القول إن التوعية البيئية أمر فى غاية الأهمية وخاصة تغيير سلوكيات الأفراد وطريقة تعاملهم مع البيئة التي يعيشون فيها، ومن هنا جاء دور الإعلام البيئي بوسائله المختلفة، مثل الصحف اليومية والمجلات العامة والمتخصصة والإذاعة والتليفزيون، وأيضا الوسائل الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير كبيرعلى الشباب، وللإعلام من تأثير كبيرعلى الثقافة وعلى سلوكيات الأفراد، وإقناع المواطن بدوره وواجباته ومسئولياته تجاه البيئة، وفهمه لموضوع مثل التنمية المستدامة يجعله يحافظ على بيئته لكي يحافظ على حقوق أولاده والأجيال القادمة، ومعرفته لتأثير الكوارث والحوادث البيئية والتغيرات المناخية على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، لكن البيئة يمكن أن نحميها على الأقل من تصرفاتنا الخاطئة، ومثل ماتبدل الدولة المصرية مجهودا كبيرا فى مواجهة التحديات المناخية، لابد أن يكون المجتمع كله يعمل بالتوازي حتى ننقذ البيئة.

عاشراً- توصيات واقتراحات للمحافظة علي البيئة وزيادة الوعي بأهميتها:
 وفى هذا السياق يمكن تقديم بعض التوصيات فى هذا الإطار:
- على مستوى الأسرة: إدخال ثقافة اهتمام الأسرة بالبيئة ودورها الفاعل فى تحسين الوعي البيئي لدى أفرادها.
- المناهج الدراسية: وضع بعض المفردات والموضوعات فى المناهج الدراسية تخص البيئة والتوعية بهـا والمحافظـة عليهـا علـى كل المستويات، مع التركيز على المراحل الدراسية الأولى.
- إيجاد برامج ومسلسلات تلفزيونية على غرار مسلسل «سر الأرض»: للتنمية البيئية وتغيير الثقافات والسلوكيات.
- إتاحة المجال للمختصين: وذلك من خلال إقامة الندوات ودعوة عينات من أفراد المجتمع ومن ذوي القدرة على التأثير.
- توظيف الخطاب الديني: الاهتمام بالخطاب الديني والاستفادة من خطباء الجمعة فى تخصيص جزء من الخطبة للتوعية البيئية.
- الاستفادة من الخبرات الدولية، لاسيما فى الدول المتقدمة فى مجال البيئة بمختلف الوسائل ومنها بعثات متخصصة.
- تعاون جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات فى معالجة المشكلات البيئية وبالإمكان الاستفادة.

المصادر:

دور وسائل الإعلام فى تشكيل الوعي البيئى لدى الجمهور اليمني، دراسة ميدانية، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية المجلد رقم 6 ،  العدد 6 ، 30 يونيه 2022 .  https://journals.ajsrp.com/index.php/jhss/article/view/5290
الإعلام ودوره فى تشكيل الوعي البيئي.... نظرة شاملة حول جدلية العلاقة والتأثير، أ نزيهة وهابي، قسم العلوم الإنسانية، جامعة البليدة.    https://www.asjp.cerist.dz/en/article/34665
دور التربية فى تحسين الوعي البيئي The Role Of Education In Environmental Awareness   عياد حسين محمد علي  
https://www.iasj.net/iasj/download/a440d075c27da674
دور الإعلام فى نشر الوعي البيئي، د. مجاني باديس، جامعة الحاج لخضر، باتنة/ الجزائر 2017، العدد 30 مجلة العلوم الإجتماعية و الإنسانية. https://www.asjp.cerist.dz/en/article/16797
دور الإعلام فى نشر الوعي البیئي ، د. مجاني بادیس، مجلة البدر،  العدد 3 شهر مارس سنة 2016.
 https://www.asjp.cerist.dz/en/article/16797
دور الإعلام فى خدمة قضايا التنمية الاقتصادية والبيئة /سلوان محمود/جامعة حلوان. كلية الحقوق/ مارس 1999 .
 http://search.mandumah.com/Record/113693
دور وسائل الإعلام والإنترنت فى توعية وتوجيه سلوك الأفراد نحو البيئة/ جامعة أم القرى،  الجمعية العلمية السعودية للمناهج والإشراف التربوي،2011، جامعة أم القرى- الجمعية العلمية السعودية للمناهج والإشراف التربوي.
 https://search.mandumah.com/Record/97716
مشكلات وقضايا البيئة فى الوطن العربي ودور الاعلام فى مواجهتها/جامعة الدول العربية، الأمانة العامة/العطار، محمد محمود /2011 . http://search.mandumah.com/Record/313053
محمد سعد أبو عامود، «دور الإعلام فى معالجة قضايا البيئة 1972-1992», مقال منشور على الموقع:
 http://search.mandumah.com/Record/313053
البنك الدولي: مصر: التصدي لتغير المناخ من أجل مستقبل أكثر صحة وازدهاراً. https://cutt.ly/3XKqIUQ
التغيرات المناخية فى مصر: التداعيات وآليات التكيف، آمنة فايد، باحث مساعد، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.  
 https://cutt.ly/MXKqB9n

طباعة

    تعريف الكاتب

    ياسمين مجدي

    ياسمين مجدي

    باحث اقتصادي، طالب ماجستير - كلية الدراسات الإفريقية العليا، جامعة القاهرة.