تحليلات - عالم عربى

مؤشرات نجاح الجهود المصرية لإتمام المصالحة الفلسطينية

طباعة
تعددت خلال الساعات الماضية المؤشرات على نجاح الجهود المصرية لإتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتي "فتح" و"حماس" لإنهاء الإنقسام، وذلك بعدما أعلنت حركة حماس في 18 سبتمبر 2017 قرارها بقبول المصالحة مع فتح. إثر مفاوضات مكثفة استمرت لثلاثة أشهر بالقاهرة، ومن بين تلك المؤشرات ما يلي:
 
الإشادة الدولية: أصدرت مجموعة الرباعية الدولية المكونة من (روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة) اليوم 29 سبتمبر 2017 بيانا تشيد فيه بالجهود المصرية لتهيئة الظروف التي تتيح للسلطة الفلسطينية لتولي مسئولياتها في غزة. وأعربت المجموعة عن استعدادها للتواصل مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية لدعم المصالحة. لأن إنهاء الانقسام الفلسطيني سيؤدي لرفع المعاناة الانسانية بقطاع غزة عبر فتح المعابر، وبدء عملية إعادة إعمار غزة وهو أمر هام للوصول إلى سلام دائم. كما قام مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط "نيكولاى ميلادنوف" بأولى زياراته لقطاع غزة في 25 سبتمبر 2017 واستقبله خلالها رئيس مكتب حماس بالقطاع "يحيى السنوار" وأشاد المبعوث الأممي بالجهود المصرية لإنجاح المصالحة  وبقرار "حماس" إنهاء الانقسام. ويعد هذا البيان الأول الذي تصدره المجموعة منذ سنوات حول المصالحة الفلسطينية مما يؤكد وجود دعم دولي قوى للجهود المصرية لإنهاء الإنقسام الفلسطيني. 
 
تعهد "حماس" بإنهاء الإنقسام: تعهد رئيس حركة حماس فى غزة "يحيى السنوار" بإنهاء كافة الملفات والمشكلات التى تعصف بالقضية الفلسطينىة، لأن قرار المصالحة استراتيجى ولا رجعة عنه، وأكد أن "حماس" ستقدم المزيد من التنازلات من أجل إنجاز المصالحة وإنهاء الإنقسام. وذلك يوم 28 أغسطس 2017 فى أول لقاء يجمعه بالشباب الفلسطينى فى قطاع غزة منذ الإعلان عن تخلي الحركة عن إدارة القطاع. وأمتد لأربع ساعات ونصف. وأكد أن حركة "حماس" قوية ومتماسكة، لذلك ستقدم تنازلات كبيرة لإتمام المصالحة، وتعهد بمواجهة من يرفض المصالحة من أبناء حماس قبل أبناء فتح. وهذا تعهد هام لينهي الجدل بشأن قدرة "حماس" علي إقناع الفصائل الفلسطينية داخل غزة بإتمام المصالحة. 
 
إعادة ترتيب أولويات حماس: أصبح مؤكدًا أن حركة "حماس" تعيد ترتيب وهيكلة أجندتها السياسية. وقد تجلي ذلك مؤخرًا من خلال تصريحات رئيس المكتب السياسى لحركة حماس "إسماعيل هنية" خلال اجتماعه يوم 25 سبتمبر الحالي مع قيادات حركة حماس وباقى الفصائل فى القطاع، حيث أكد "هنية" أن أهم أولويات "حماس" هى النهوض بالمشروع الوطنى الفلسطينى، وجدد إنفتاح الحركة على كل الدول العربية والإقليمية. بينما نفي رئيس حركة حماس فى غزة "يحيى السنوار" خلال لقائه بمجموعة من الشباب بالقطاع سعى حماس للحرب أو المواجهة مع إسرائيل مع الحفاظ على قدرة الحركة على الدفاع عن القطاع حال قررت تل أبيب الحرب. لان الاولوية لدى الحركة الآن هي مواجهة الأزمة الإنسانية التى يعيشها قطاع غزة، وإنهاء الإنقسام. وهذا يعد تحولا في أولويات عمل الحركة ويتسق في الوقت نفسه مع الرؤية المصرية لحل القضية الفلسطينية، مما يؤكد نجاح القاهرة في تغير قناعات حركة "حماس" وتوجيهها لتعلي من أولوية العمل الوطني والمصلحة الوطنية وليس الحزبية.
 
ترحيب شعبي بغزة: شكك البعض في قبول الشارع السياسي بغزة للمصالحة وهو ما تم نفيه من خلال تنظيم عدة فعاليات للإشادة بالجهود المصرية لإتمام المصالحة، حيث نظمت الهيئة العليا للمجلس العشائرى الفلسطينى يوم 25 سبتمبر 2017 وقفة فى ساحة الجندى المجهول بقطاع غزة، للاحتفال بالمصالحة وإنهاء الانقسام، وتقديم الشكر لمصر على ما بذلته من جهود لإتمام الأمر. وبدورها نظمت الهيئة العليا لشئون العشائر الفلسطينية فعالية للاشادة بجهود مصر في اتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام يوم 29 سبتمبر 2017. وأكد الشيخ أبو سلمان المغنى، رئيس الهيئة العليا لشئون العشائر الفلسطينية ورئيس المؤتمر الشعبى لإنهاء الانقسام، أن مصر هي الحاضنة للشعب الفلسطينى. كما توجه القيادى "عاكف المصرى" مفوض العلاقات الوطنية والعامة بحماس بالشكر لمصر، وكذلك "خالد البطش" القيادى فى حركة الجهاد الإسلامى.  
 
بدء تسليم السلطة بغزة لفتح: أعلنت الحكومة الفلسطينية برئاسة "رامى الحمد الله" أنها ستتوجه يوم 2 أكتوبر 2017 لقطاع غزة، لعقد إجتماعها الأسبوعى هناك وستبدأ فى تسلم مهام عملها. وسيرافقها وفد أمني مصري يشرف على أول اجتماع للمصالحة بين "فتح" و"حماس". وستبدأ حكومة "الحمدلله" تسلم مسئولياتها فى قطاع غزة بشكل فعلى شامل دون أى اجتزاء أو انتقاص لكافة مهامها ومسئولياتها وصلاحياتها، عبر بسط ولايتها القانونية وفقا للقانون الأساسى الفلسطيني فى جميع القطاعات والمجالات دون إستثناء داخل القطاع، وكذلك سيتم تشكيل عدد من اللجان الوزارية التى تختص بتسلم المعابر والدوائر الحكومية ومعالجة آثار وتبعات الإنقسام وكافة القضايا المدنية والإدارية والقانونية الناجمة عنه.
 
وختاماً، نؤكد أن نجاح الجهود المصرية لإتمام المصالحة الفلسطينية وخطاب الرئيس "عبد الفتاح السيسي" أمام الدورة الـ (72) للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي وجه فيه دعوة لدعم جهود حل القضية الفلسطينية، قد أعاد الزخم للقضية التي شهدت تراجعًا في أجندة أولويات العمل الدولي والعربي منذ عام 2011 لصالح قضايا الربيع العربي، ولذا يجب على المجتمع الدولي والعربي والفلسطيني دعم الجهود المصرية المستمرة حتى نتوصل لإتمام المصالحة الفلسطينية وتسوية سلمية دائمة.
طباعة

تعريف الكاتب

د. منى سليمان

د. منى سليمان

باحثة فى العلوم السياسية.