من المجلة - كيف يفكر العرب ؟

هواجس الأمن وتداعيات "الإسلاموفوبيا" : فرنسا نموذجا

طباعة
شكل تاريخ  14 يوليو 2016 علامة فارقة في التاريخ السياسي الدموي الفرنسي، فهو التاريخ الذي ارتطمت فيه أفراح الجماهير الفرنسية، وهي تحتفل بعيدها الوطني السنوي، بالحدث الدموي بمدينة نيس الفرنسية السياحية، والذي أودى بحياة  84 قتيلا، فضلا عن مئات الجرحى.
 
 الحادث حمل دلالات سياسية وأمنية خطيرة، فالسائق الذي حمل نعشه في كفه يحمل في قلبه عقيدة راديكالية انتقامية تجاه بيئة فرنسية رفضت أن تحتضن طموحه وهواجسه في ضمان اندماج اجتماعي. ووسط هذا الحدث الذي كان بطله التونسي محمد لحويج بوهلال، المنحدر من مدينة فقيرة مسحوقة هي مدينة مساكن، طُرحت تساؤلات كبري حول درجة اندماج اجيال كثيرة من ذوي الأصول العربية والمغاربية في الوسط الفرنسي الرافض لكل أنواع الاندماج في بيئة تسكنها هواجس الإسلاموفوبيا، وتعصف بها رياح الكراهية للمهاجرين، ولو كانت هذه الهجرة لأسباب إنسانية.
 
ومع تدحرج تداعيات هذا الحدث، برز من جديد الحديث عن الدور الفرنسي المناور تجاه ما يحدث من حراك في دول الربيع العربي أو الدول التي شهدت موجات ارتدادية سياسية. ووسط انتقاد حاد للدور الفرنسي في دول محورية في المغرب العربي، مثل ليبيا، اعترف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند - ولأول مرة بتاريخ 20 يوليو 2016 - بأن الدور الاستخباراتي الفرنسي يمارس مهامه في ليبيا وسط أجواء بالغة الخطورة. إذ ولأول مرة، برز تناقض بين الدور الفرنسي الذي يدعي الحياد في الشأن الليبي وواقع جديد أبان عن قتل ثلاثة جنود فرنسيين في مدينة أجدابيا الليبية كانوا يقاتلون في صفوف قوات الجنرال حفتر.
 
لقد أعادت هذه الوقائع الحديث عن الدور الفرنسي وتداعياته، وهل ستجني فرنسي ثمار دورها التدخلي في مستعمراتها القديمة أو في دول الربيع العربي؟
 
أولا- الوسط الفرنسي  السياسي والاجتماعي .. عود علي بدء:
 
وسط بذور بيئة أوروبية - فرنسية، تنشأ أجيال جديدة من جذور مغاربية ومشرقية تحمل جنسية البلد الذي تقيم فيه. ولكن شرائح واسعة تشعر بالاغتراب، والتهميش، والإقصاء السياسي والاقتصادي مما حدا بفئات لا يستهان بها إلى الانخراط في صفوف التيارات الراديكالية والتكفيرية. يحدث هذا وسط دور فرنسي تدخلي في دول الربيع العربي، ووسط تنام لهيئات وجماعات أممية تتبني العمل المسلح الدموي.
 
ونظرا لما تعرضت له فرنسا من عمليات إرهابية، خلال سنة 2015، تنامي شعور لدي صانع القرار بضرورة إعادة النظر في النظام القانوني للجنسية بشكل يعقد ويصعب من الإجراءات الجزائية في مكافحة الجريمة، وهو ما يمكن أن يحول فرنسا إلى جمهورية بوليسية.
 
ويمكن القول، من خلال قراءة متأنية فاحصة، بوجود علاقة بين الشعور بالاغتراب لدي الجيلين الثالث والرابع  من مسلمي فرنسا، وتنامي ظاهرة الراديكالية الإسلاموية لدي شريحة واسعة من جيل جديد ينظر للعالم برؤية مخالفة لآبائه المهاجرين إلى أوروبا. إن ما يؤكد تنامي الشعور بالاغتراب أيضا هو تصاعد موجة الرهاب من الإسلام، أو ما يسمي الإسلاموفوبيا. هذه الأخيرة التي ترتبط مفصليا بصعود اليمين المتطرف في أوروبا(1). إن ظاهرة الإسلاموفوبيا  أضحت واقعا معيشا في الغرب، وفي أوروبا بخاصة، ليس فقط من خلال منظومة القوانين التي تنتهك حقوق المسلمين، بل تعدي ذلك نحو الخطاب السياسي والإعلامي السائد الأوروبي الجديد.
 
لقد حظي مفهوم أسلمة أوروبا بنقاش واسع في الأدبيات اليمينية في الغرب، وهو يعني أن المسلمين الذين يمثلون حضارة دونية يحصلون على مزيد من التغلغل والنفوذ بما يكفي لتشكيل تهديد حقيقي للهوية الأوروبية، حيث يقوم الفكر اليميني المتطرف على فكرة (الاستعلائية) في كون الغرب أهم وأرفع وأفضل من نظرائهم المسلمين، وأن الهوية الأوروبية محل تهديد من قبل أولئك الأقل شأنا.
 
يمكن تلمس هذا الموقف بشكل مباشر وصريح في برامج بعض الاحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة، أو مواقف بعض قادتها كما يأتي:
 
1- الجبهة الوطنية الفرنسية  بقيادة جون ماري لوبان سابقا، وحاليا ابنته  مارين لوبان: أول حزب استخدم الإسلاموفوبيا في دعايته السياسية وحملته الانتخابية للتخويف من الإسلام والمسلمين.
 
2- الحزب النمساوي اليميني الشعبي: وصف الإسلام بأنه العدو الأول للأمة النمساوية، ولأوروبا والعالم أجمع.
 
3- الحزب الدنماركي  التقدمي: دعا إلى إيجاد  منطقة حرة للمسلمين بمنزلة المنطقة العازلة  في خضم تحذيره من خطر  أسلمة أوروبا.
 
4- الحزب اليميني الشعبي الدنماركي: حذرالجماهير في أثناء حملته الانتخابية من الإسلام كمصدر لتهديد الثقافة لأوروبا، علاوة على أنه ضد الحضارة الغربية.
 
5- (أومبرتو بوسي ) زعيم حزب الشعب الهولندي: قارن الإسلام بالفاشية، والقرآن بكتاب هتلر - كفاحي - وعّد المسلمين متخلفين، لذا وجب منع الهجرة من البلدان الإسلامية نحو هولندا.
 
6- (ثيلو سارازين) الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، رأي أن المهاجرين المسلمين يجعلون ألمانيا أغبي وأفقر، لأنهم جينيا أقل ذكاء، ولأنهم يزاحمون الألمان في الاستفادة من الموارد الاقتصادية.
 
ويمكن الإشارة إلى تنامي ظاهرة الخوف من الإسلام إلى جملة أمور، أهمها:
 
- تزايد تعداد المسلمين في أوروبا بما شكل نسبة يصعب تجاوزها انتخابيا وسياسيا، إذ يتجاوز عدد مسلمي أوروبا 20 مليونا ، حسب الإحصاءات الحديثة.
 
- تنامي الشعور بالاغتراب لدي الأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين ذوي الأصول المغاربية، وصعوبة اندماجهم في النسق الاجتماعي والسياسي.
 
- صعود التوجهات الراديكالية  في أوساط مسلمي أوروبا بسبب انخراطهم في التنظيمات الجهادية الأممية، وإعلان الولاء لها، ويدلل على ذلك التفجيرات الأخيرة التي شهدتها صحيفة شارل إيبدو، أو الملعب الفرنسي الشهير.
 
- دخول الظاهرة الإسلاموية ضمن التسويق الانتخابي للأحزاب اليمينية في أوروبا، وهو ما يبرر التوجهات اليمينية الجديدة المعادية لرموز الديانة الإسلامية ونشطائها من قادة العمل الإسلامي الحركي في أوروبا.
 
وترتبط ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا بالموروث الكولونيالي، وازدواجية المعايير العلمانية الأوروبية الجديدة(2). إذ إن هذه الظاهرة تزايدت أيضا في الغرب عموما، وفي فرنسا، بعد أن أصبحت  أراضيها مسرحا للعمليات الإرهابية المتكررة، وبات يستدعي بشكل عاجل التفكير بعمق في هذه الظاهرة، خصوصا أن استفحالها صار مهددا للرابطة الاجتماعية، وللعيش المشترك اللذين باتت تلفهما الأخطار المنذرة بتقويض السلم العالمي، والمنبعثة في أصلها من فكرة الحروب الحضارية التي لا تزيد الهوة بين الشعوب إلا اتساعا. فعندما تعلو فكرة الصدام بدلا من التعايش السلمي وتكثيف الحوار، فإن تمزيق النسيج الاجتماعي بدواعي الاختلاف الثقافي والانقسام العقائدي يجعل من السهل جدا هدر القيم الإنسانية، والعودة مجددا إلى مسلسل التوحش الذي ألجمته الدولة الحديثة، وأعادت تهذيبه واستئناسه.
 
إن ما أجج الموجة الراديكالية وسط أجيال جديدة في فرنسا هو ما تعرضت له الجريدة الساخرة شارلي إيبدو من تفجير دموي بعد نشرها لرسوم ساخرة من الرسول الأكرم محمد -صلي الله عليه وسلم- بدعوي حرية التعبير بتاريخ  7 يناير 2015. وقد خلف الهجوم على الصحيفة في ذلك اليوم واليومين التاليين نحو 20 قتيلا، منهم 12 في هجوم شارل إيبدو، وأربعة في احتجاز الرهائن في منطقة بورت دوفنسان في ضواحي باريس، وضحية واحدة في حادث إطلاق نار في منطقة مونروج، وعدد كبير من الجرحي. وقد انتفضت أوروبا عن بكرة أبيها في مسيرة مليونية، حضرها كثير من رؤساء العالم، وتجاوز عدد المشاركين ثلاثة ملايين و700 ألف مشارك في 14 يناير 2015.
 
وقد تبني الهجوم تنظيم القاعدة بما عرف بعملية نصرة النبي محمد، بعد بث شريط فيديو بصوت الظواهري.
 
لقد عُدّت العملية الإرهابية أخطر عملية تتعرض لها باريس منذ ستينيات القرن الماضي، ولم يندمل الجرح الأوروبي، إذ  تعرضت باريس في 13 نوفمبر 2015 إلى أعنف واخطر تفجير إرهابي عرفته أوروبا منذ عقود، حيث اقتحم مسلحون ملعب باتكلان، وأطلقوا النار بشكل عشوائي على الجماهير بما أدي إلى مقتل 130 شخصا، وجرح 368 آخرين. وقد تبني التفجير سبعة أشخاص من جذور مغاربية، أغلبهم  ينتمون إلى تنظيم  "داعش"، وذلك فيما عُدّ ردا على اعتداءات فرنسا ومشاركتها في الحرب المعلنة على التنظيم في العراق، وسوريا، وليبيا، ومالي.
 
ثانيا - مراجعة المقولات الأمنية الفرنسية الراسخة:
 
في ضوء التفجيرات المتوالية، انفجرت وسائل الإعلام الأوروبية لإعادة النقاش في مسألة هوية المهاجرين، وأصولهم، ودرجة اندماجهم في أوروبا، وتنادت الأصوات اليمينية من جديد لضرورة استحداث قانون جديد يرتبط بالجنسية، وتعقب الإرهاب والإرهابيين. وطرح في مشروع  قانون للاستخبارات الجديد في فرنسا(3).
 
لقد أثار مشروع قانون الاستخبارات الجديد، الذي طرحته الحكومة الفرنسية وتدفع نحو تبنيه بدعوي مكافحة الإرهاب، جدلا حادا وانقسامات حتي داخل الأحزاب المدافعة عنه، والرافضة له.
 
ويعتقد الرافضون لمشروع القانون في أنه ربما يطلق يد الاستخبارات والأمن للتضييق على الحريات العامة بدعوي مكافحة الإرهاب. لكن الحكومة الاشتراكية رفضت تلك الاتهامات، وأكدت أن مشروع القانون فرضته التحديات الأمنية التي تواجهها فرنسا، وأن هناك ضمانات دستورية وقانونية تكفل الحريات.
 
واستحضرت الحكومة مفردات خطر الإرهاب المتربص بفرنسا، وحتمية الحرب الاستباقية، في محاولة لإثناء الرافضين لمشروع القانون المثير للجدل عن رفضهم. وأيد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي (يمين) قانون فالس، لكن وزير الدفاع الأسبق في عهده، هيرفيه موران، عبر عن رفضه لهذا المشروع، وأيدته مارين لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، وجبهة اليسار، والمدافعون عن البيئة، ومنظمة العفو الدولية.
 
ويري مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي، أن القانون الجديد يسعي لحماية المواطن والحريات المكفولة دستوريا، إذ أكد  أن مشروع القانون يهدف أساسا إلى تدبير الإمكانات المتاحة وإدارتها بما يتناسب وحجم التحديات الأمنية التي تواجهها فرنسا، دون المساس بالخصوصيات، والحريات الفردية والعامة.
 
وتحاول الجهات الرسمية الفرنسية،  منذ أن طرح مشروع القانون، تطمين الرافضين له، ويسعي لتبديد المخاوف القائمة من أن يكون هذا القانون مدخلا للتضييق على الحريات العامة والفردية تحت مسمي مكافحة الإرهاب.
 
ويقول رئيس الوزراء الفرنسي "إن التهديد الإرهابي في أعلى مستوياته، وليس هناك بلد أو مجتمع في منأي عنه".
 
وسيسمح القانون الجديد بتزويد أجهزة الاستخبارات الفرنسية الستة بوسائل إضافية تتلاءم مع التكنولوجيات الجديدة، وقادرة على التسلل ومراقبة المتشددين المحتملين، دون المرور بالقضاء، في خطوة تراها الحكومة الفرنسية تقليصا للإجراءات القضائية التي قد تستغرق وقتا، مما قد يمنح الإرهابيين متسعا من الوقت لتنفيذ اعتداءاتهم، أو الإفلات.
 
وقال "فرنسا تخوض الحرب على الإرهاب دائما بقوة القانون"، مضيفا أن القانون الجديد سيكون أيضا حاميا للمواطنين، لأن حدود ما يمكن فعله في دولة القانون سيكون بالغ الوضوح، ولن تعود هناك منطقة رمادية.
 
ويستبعد "فالس" أن تكون عملية المراقبة وفق القانون الجديد جماعية، لكنه أكد في المقابل ضرورة مراقبة ما سماه الأوساط الإسلامية المتشددة في فرنسا "بشكل وثيق".
 
وفي دفاعه عن مشروع القانون الجديد، أوضح أن "هناك 1900 فرد في فرنسا لديهم صلات بالشبكات الإرهابية الجهادية، بينهم 1450 في سوريا والعراق".
 
ويقول فالس إن كل تلك الإمكانات المتاحة، والتي ستخصص للرقابة، ستخضع للإشراف من قبل سلطة إدارية مستقلة، وسيتم استحداثها تحت اسم اللجنة الوطنية لمراقبة تقنيات الاستخبارات، وستضم تسعة أشخاص، أربعة من السلك القضائي، وأربعة برلمانيين، ومتخصصا في الاتصالات الإلكترونية. لكن تطمينات رئيس الوزراء الفرنسي لم تبدد مخاوف المعارضين لمشروع القانون، وهواجس المنظمات الحقوقية التي تخشي أن يكون إطارا لتشريع انتهاك الحريات.
 
وحذر بعض الخبراء الأمنيين من إنشاء شبكات واسعة لجمع كمية لا متناهية من المعلومات، قد تخرج عن السيطرة، وقد تهدد قيم الجمهورية، وتؤسس لدولة بوليسية معممة، وهو الموقف الذي تبنته مارين لوبان أيضا.
 
ويري منتقدو هذه الآلية، المعروفة باسم "الصندوق الأسود"، أنها بداية لعمليات مراقبة على نطاق واسع، مما يهدد مبدأ الخصوصية.
 
ويخشي هؤلاء من الصلاحيات المفرطة التي سيمنحها القانون الجديد لأجهزة الاستخبارات، وفروعها الأمنية، مشيرين إلى أنها قد تطلق يد تلك الأجهزة لتعبث بالحريات الفردية والعامة بحجة مكافحة الإرهاب، على غرار ما حدث من انتهاكات في الولايات المتحدة وخارجها، في إطار الحرب التي أطلقتها تحت مسمي مكافحة الإرهاب، بعد اعتداءات 11 سبتمبر .2001
 
وتعزز هذه الهواجس أيضا مخاوف اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات، والهيئة الإدارية المستقلة.
 
ويسعي المشروع إلى أن تتيح تلك الآليات أيضا إجراء عمليات رصد لمحتويات البريد الإلكتروني، والمحادثات الهاتفية بالنسبة فقط إلى الأشخاص المرتبطين بشكل مباشر بتحقيقات جارية.
 
وأوضحوا أن مشروع القانون، بصيغته الحالية، ينص على اعتماد تكنولوجيات جديدة تتيح لعناصر الاستخبارات وضع ميكروفونات، ومؤشرات لاسلكية، وكاميرات في أي مكان يرونه ضروريا.
 
إن المشروع الجديد يتيح استخدام برمجيات تجسس تتولي دون علم المستخدم تسجيل كل ما يطبع، من خلال لوحة مفاتيح حاسوبه. ويسمح مشروع القانون، إضافة إلى ذلك، بـ "استخدام أجهزة متحركة عن قرب"، أي أجهزة تتيح اعتراض اتصالات في دائرة معينة. ورأوا أن ذلك يتيح وبشكل واسع انتهاك الخصوصية، وأنه لا توجد ضمانات فعلية لحماية الحريات الفردية والعامة، مما يشير إلى دخول فرنسا مرحلة جديدة قد تنتهك فيها أهم المبادئ التي قامت عليها الجمهورية.
 
وتري المصادر الحكومية الفرنسية أن مشروع قانون الاستخبارات الجديد، الذي أعلنه رئيس الوزراء مانويل فالس، ينص على زيادة تدابير الأمن بشأن الإنترنت من أجل الحيلولة دون وقوع اعتداءات إرهابية. وفي هذا الإطار، سيتم تشغيل 2680 شخصا في العام الحالي.
 
وينتتقد الخبراء الأمنيون قانون  مكافحة الإرهاب، كونه يصادر الحريات الفردية(4)، وهو ما من شأنه أن يسمح  لأجهزة الاستخبارات باختراق "الإرهابيين" المحتملين، ومراقبتهم من خلال أذونات إدارية بدون الموافقة المسبقة من قاض. وقد استبقت السلطات الانتقادات في مجال الحريات العامة والحياة الخاصة، مؤكدة أن كل هذه التدابير ستخضع للإشراف، وأن المراقبة ستقتصر حصرا على الحالات المتعلقة بالإرهاب.
 
وأوضح مكتب رئيس الوزراء أن "فرنسا هي إحدي الديمقراطيات الغربية الأخيرة التي لا تملك إطارا قانونيا متماسكا ومتكاملا" يضبط عمل أجهزة الاستخبارات الستة.
 
وأوضح مستشارو الوزارات المعنية (الداخلية، والعدل، والدفاع) أن مشروع القانون يهدف إلى منح الأجهزة الوسائل المناسبة في مواجهة التقنيات الجديدة، وإدراج ضمن "إطار قانوني" ما كان يتم خارج مراقبة القضاء، وخارج أي إطار بصورة عامة.
 
وسينص القانون على "اللجوء إلى أجهزة لتسجيل كلام أشخاص وصورهم، أو لبرامج معلوماتية تلتقط البيانات المعلوماتية"، مما سيسمح لعناصر الاستخبارات بوضع ميكروفونات، وكاميرات تجسس وغيرها، أينما يرون ذلك ضروريا، بما في ذلك إقامة مراكز تتبع هواتف المشتركين التي تسمح باعتراض الاتصالات في مربع معين، سواء اتصالات مشتبه بهم، أو المقربين منهم.
 
وتؤكد السلطات أن هذا القانون لا يمت بصلة إلى قانون "باتريوت اكت" الأمريكي لمكافحة الإرهاب، الذي أقر إثر اعتداءات 11 سبتمبر .2011
 
وأفادت رئاسة الوزراء بأن الإجراءات "ستحدد بشكل دقيق"، وأن أي طلب سيكون "مبررا"، وأن القرارات تبقي من صلاحية رئيس الوزراء نفسه، وستكون محدودة في الزمن.
 
وقال بيار تارتاكوفسكي، رئيس رابطة حقوق الإنسان منتقدا: "أخشي في حال الصدمة المسيطرة على البلد أن يتم تمرير مثل هذا القانون بدون جدل كبير".
 
وأظهر استطلاع للرأي، أُجري في نهاية يناير 2016 بعد الاعتداءات التي نفذها ثلاثة جهاديين، أن الفرنسيين لن يعارضوا إجراءات لمكافحة "التطرف الديني"، حتي لو كانت تتضمن تعديا على الحريات الفردية. وأيد 71 من المستطلعين في هذا التحقيق، الذي أجراه معهد إيبسوس لحساب صحيفة لوموند وإذاعة أوروبا 1، تعميم التنصت على الاتصالات الهاتفية بدون إذن مسبق من القضاء.
 
من جهتها، نددت "لا كوادراتور دو نيت"، الجمعية الفرنسية الرئيسية للدفاع عن الحريات عبر الإنترنت، في بيان بـ "التسييس الأمني لأحداث يناير الدامية"، الأمر الذي "قد يؤدي إلى تجاوزات هائلة للحكومة على صعيد مراقبة المواطنين".
 
ويهدد هذا المسلك القانوني والتنظيمي الجديد فرنسا في حال الاتجاه إلى إقرار  مشروع قانون يسهل التجسس لمكافحة الإرهاب(5). ويلغي هذا المشروع، الذي عارضته جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان، وبعض اليساريين، وبعض أعضاء الحزب الاشتراكي الحاكم، الذي ينتمي إليه الرئيس فرانسوا أولاند، الحاجة إلى استصدار أوامر قضائية للتجسس على المكالمات الهاتفية، وزرع مكبرات الصوت والكاميرات المخفية، وغيرها من الأجهزة السرية. وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من جانب منتقدين يخشون أن يؤدي هذا إلى عمليات مراقبة على نطاق واسع، فإن الجمعية الوطنية وافقت على مشروع القانون بأغلبية كبيرة من الأصوات، فقد صوت 438 عضوا لمصلحته مقابل 86 صوتوا برفضه.
 
وبموجب هذا المشروع، تم إعلان حالة الطوارئ في فرنسا عقب الهجمات الإرهابية(6). إذ أعلنت فرنسا حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وأغلقت حدودها بعد مقتل عشرات في سلسلة هجمات بالأسلحة والقنابل في باريس، في الوقت الذي توعد فيه الرئيس فرانسوا أولاند بحرب "لا هوادة فيها" ضد الإرهابيين.
 
وبموجب الإجراءات التنظيمية الجديدة، أقر  الإليزيه نشر "1500 جندي إضافي في باريس، وإجراءات أمنية استثنائية في أنحاء البلاد". كما قررت السلطات الفرنسية تعليق الدراسة اليوم في المدارس والجامعات التابعة لـ "إيل دو فرانس"، التي تضم ثماني مقاطعات، ضمنها باريس.
 
هذا، وأعلنت الرئاسة الفرنسية (الإليزيه) أن البلاد تقوم باستعادة الرقابة على الحدود، وليس إغلاق الحدود، عقب الهجمات الإرهابية التي وقعت في باريس. وذكر قصر الإليزيه في بيان صحفي، صدر عقب اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، أن "رئيس الجمهورية فرانسوا أولاند قرر الاستعادة الفورية للرقابة على الحدود".
 
وقالت مصادر إن نحو 1500 متفرج كانوا موجودين في مسرح باتاكلان لحضور حفل موسيقي. وفي الإطار نفسه، وبعد سلسلة الأحداث الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس مساء الجمعة 13 نوفمبر 2015، أصدر مجلس الوزراء الفرنسي قرارا أعلن فيه حالة الطوارئ على كامل التراب الوطني الفرنسي(7).
 
إن حالة الطوارئ نظام استثنائي أقره قانون تم التصويت عليه في فرنسا عام 1955، ضمن الإجراءات التي اتخذت في إطار الحرب الاستعمارية على الجزائر في ذلك الوقت، وكانت تلك المرة الأولي في القرن العشرين التي تعلن فيها حالة الطوارئ.
 
وكانت المرة الأولي بموجب مرسوم أصدره الرئيس الأسبق جاك شيراك، خلال أحداث الشغب التي ضربت الضواحي الفرنسية عام 2005، غير حالة الطوارئ تلك التي كانت تتعلق فقط بمدينة باريس وضواحيها، وليس عموم الأراضي الفرنسية، كما هو الحال بعد اعتداءات ليل الجمعة/السبت الدامية.
 
ويمكن إعلان حالة الطوارئ على سائر الأراضي لبلد ما، أو على جزء منها، إما في حالة الخطر الوشيك الناجم عن اعتداءات تستهدف الأمن القومي، أو بسبب أحداث تشكل بحكم طبيعتها وخطورتها ما يسمي بالكارثة العامة.
 
وبموجب إعلان حالة الطوارئ في فرنسا، يمكن للمحافظ تجريد القضاء من حقوقه المتعارف عليها، فتحوز السلطات الإدارية صلاحيات للتفتيش ليلا نهارا، وتطلق يد القضاء العسكري للتحقيق في شئون من خارج صلاحياته المتعارف عليها.
 
ويفيد استقراء نتائج الاحداث بأن فرنسا تعاني حالة الصدمة(8) بفعل الهجمات الإرهابية، ويسعي اليمين الفرنسي إلى تبني هذا القرار في سلوك مشابه للسلوك الامريكي الرسمي عقب تفجيرات 11 من سبتمبر 2001. وهو ما دفع الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات جديدة لتعزيز أجهزتها الأمنية، وفقا لرئيس الوزراء مانويل فالس. فهل يمكن أن تؤدي مجموعة الإجراءات الجديدة هذه إلى تحول جذري في قوانين مكافحة الإرهاب في فرنسا، واعتماد، كما حصل في الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، قانون "باتريوت آكت" بنسخة فرنسية؟
 
إثر هجمات 11 سبتمبر، تبني الرئيس الأمريكي جورج بوش في أكتوبر 2001 "قانون مكافحة الإرهاب"، أو "باتريوت آكت" الذي عُدّ حينها قانونا رائدا، إذ عزز سلطات الوكالات الحكومية الأمريكية، وسمح بمزيد من التنسيق بين مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الاستخبارات المركزية. كما أزال القيود عن التنصت، وعن رصد رسائل البريد الإلكتروني، والسجلات الطبية، والمعاملات المصرفية، وأجاز عمليات التفتيش في غياب الأشخاص المعنيين. وأدخل القانون ما عرف "بالمقاتل العدو"، أو "المقاتل غير الشرعي"، سامحا باعتقال واتهام المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية، وإرسالهم إلى معتقل القاعدة الأمريكية في جوانتانامو من دون محاكمتهم، أو حتي توجيه التهم إليهم. صدرت قوانين أخري جاءت مكملة "لقانون باتريوت"، ومهدت الطريق لأساليب استجواب قاسية ضد المشتبه فيهم، ولمراكز اعتقال سرية خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ولمحاكمة معتقلي جوانتانامو أمام محاكم عسكرية.
 
وفي هذا الصدد، يري الخبير العسكري الجنرال وهبه قاطيشا "أن هذه التغييرات هي ضرورية نتيجة تطور التكنولوجيا التي تجعل من عالمنا قرية كونية". وتأكيدا على تصريح مانويل فالس حول التدابير الجديدة التي ستتخذ، كشف النائب أورفواس عن استحداث ألف وظيفة إضافية في أجهزة المخابرات بحلول عام 2017، منها 400 في فرع الأمن الداخلي(DGSI) ، و280 في المديرية العامة للأمن الخارجي(DGSE) ، فضلا عن بعض الوظائف الإضافية في جهاز المخابرات العامة(RG)  الذي تم تأسيسه العام الماضي. وتشارك حاليا في فرنسا ستة أجهزة في مكافحة الإرهاب تضم 13 ألف عنصر، مع ميزانية تصل إلى نحو 1.3 مليار يورو.
 
تشرف المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) منذ العام الماضي على عمل المخابرات فيما خص قضايا مكافحة الإرهاب. وقد أنشئ الجهاز المخابراتي هذا خلفا للمديرية المركزية للاستخبارات الداخلية DCRI، بعد أن أطلق الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في شهر مارس 2016 إجراءات إصلاحية لمكافحة الإرهاب تمحورت بشكل خاص حول الحد من انتشار الإسلام المتطرف.
 
أما التغيير الأبرز، فكان قد حصل في عام 2008 مع إنشاء المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية (DCRI)، التي أنشئت بعد دمج مديرية مراقبة الإقليم (DST)، وجهاز المخابرات العامة (RG).  وعليه، باتت مهام جهاز المخابرات العامة (RG) منوطة بإدارة فرعية في جهاز الشرطة. وقد لقيت هذه الإصلاحات انتقادات لاذعة، بحيث أعلن النائب أورفواس "أن إلغاء جهاز المخابرات العامة هو خطأ فادح". في الواقع، تم دمج مديرية مراقبة الإقليم(DST)  التي يعد نشاطها مركزيا مع مديرية المخابرات العامة التي تميزت بشبكاتها الاستخباراتية المنتشرة على كامل الأراضي: ثقافتان متناقضتان وجدتا من الصعب تقارب الواحدة من الأخري. هوة أخري نشأت بين المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية (DCRI)، وهو جهاز استخباراتي قوي، والمديرية العامة للأمن الداخلي(SDIG)  التي لا تضاهيها قوة، على الرغم من أنها تمكنت من رصد إشارات التطرف في بعض الأحياء الفرنسية الحساسة. وبعد عملية محمد مراح، ألمح بعض المختصين إلى ضعف التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية في باريس، وتلك الموجودة في الأقاليم.
 
ثالثا - فرنسا الديمقراطية .. والمقاربة البوليسية(9):
 
هدم تصاعد الإرهاب فرنسا الرسمية وغير الرسمية، ووضعت على الواجهة خلفيات استهداف الدولة التي انخرطت في سياسات اصطفاف إقليمي مست العديد من البلدان العربية والإسلامية، أسهم بعضها في تغيير أنظمة الحكم، على غرار ما حدث في ليبيا، أو إضعاف الأنظمة التي تواجه وضعا غير مستقر، مع تنامي نشاط المجموعات الجهادية التي وضعت فرنسا ضمن قائمة أهدافها. فرنسا، التي وضعت تنظيمات مسلحة في خانة المجموعات 'المعتدلة'، تجد نفسها في مواجهتها في عقر دارها، وهو جعل دمشق توجه رسالة ضمنية لباريس بأنها "سبق أن حذرت من أن الإرهاب لا حدود له، وأنه سيرتد على داعميه".
 
ولكن العمليات الإرهابية، بنمطها المتناسق وحصيلتها الكبيرة، أماطت اللثام عن أبعاد جديدة في الصدام بين المجموعات الجهادية التي تبنت واحتضنت باريس بعضها، ودعمتها بطريقة أو بأخري في ليبيا، حيث أسهمت هذه الأخيرة في الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، أو في تصنيف مجموعات جهادية بـ "المعتدلة" في سوريا.
 
ومن بين الملاحظات المسجلة على خلفية عمليات باريس تطور الأساليب العملياتية للمجموعة المهاجمة، إذ توحي بأنها عملية مخطط لها من حيث التوقيت، واختيار المواقع، والتنسيق لضمان أكبر قدر من الخسائر البشرية، وأكبر قدر من الصدمة، والترويع، والصدي الإعلامي، حيث تزامنت مع حدث كروي حضره رسميون فرنسيون، بداية بالرئيس فرانسوا أولاند، وهو ما يفترض وجود ترتيبات أمنية مشددة في المنطقة وحولها، سواء على مستوي ملعب فرنسا، أو المواقع الأخري. ومع ذلك، فإن مجموعات مسلحة مزجت بين عمليات الاقتحام "الكومندوس"، والعمليات "الانتحارية"، حيث كان معظم العناصر يرتدي متفجرات، وهو ما ضمن صدي إعلاميا واسعا. وتمكنت هذه المجموعات من تخطي الحواجز الأمنية، والتسلل، واختراق المنظومة الأمنية والاستعلامية، وارتكاب مجزرة في عدة أماكن، متحدية بذلك المنظومة الأمنية التي اعتمدت منذ فترة في إطار عملية "فيجيبيرات" وغيرها، حيث إن العديد من التحذيرات سبقت هذه العملية، فضلا عن تهديدات أطلقتها عدة تنظيمات، وتجسدت سابقا في تبني عملية "شارلي إيبدو"، والعمليات المتتالية التي صاحبتها، دون أن تتمكن الأجهزة الاستخباراتية والأمنية من تفاديها، أو الحد منها، ويبدو أن العمليات أسهمت فيها شبكات نائمة بأنماط وأساليب تكيفت مع الإجراءات الأمنية المعمول بها، واستغلت ثغرات في المنظومة الأمنية الفرنسية لتوجيه ضربة، ستكون تداعياتها كبيرة لاحقا.
 
1- حصيلة الإسلاموفوبيا وهواجس حماية الجمهورية الفرنسية(10):
 
تزايدت حدة الاعتداءات والتهديدات تجاه المسلمين، خلال الأشهر التسعة الأولي من عام 2015، ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2014، وذلك بعدما تم تسجيل 330 اعتداء، منها اعتداءات مباشرة على المساجد، والأشخاص، والمقابر.
 
وتقول الأرقام التي قدمها المرصد الوطني لمناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا  إن 103 اعتداءات مباشرة تم تسجيلها حتي نهاية شهر سبتمبر 2015، بينما تندرج الاعتداءات المتبقية في تهديدات لفظية، وكلمات عنصرية، وعنف غير مباشر.
 
ودق المركز ناقوس الخطر فيما يخص "ازدياد الشعارات التحريضية في مواقع الإنترنت ووسائل الإعلام الفرنسية ضد المسلمين"، مبرزا على لسان مديره، عبد الله بن ذكري، أن تصرفات بعض السياسيين الفرنسيين، وإطلاقهم لتصريحات غير مسئولة، أججا العداء تجاه المسلمين.
 
هذه الأرقام، التي أوضح المركز أن مصدرها هو وزارة الداخلية، تلفت الانتباه إلى استخدام بعض السياسيين الفرنسيين للخطاب التحريضي ضد المسلمين، عقب الاستعداد للانتخابات، إذ يعمد هؤلاء إلى الإيحاء بأن مشاكل فرنسا تأتي من حضور المسلمين فيها، كما يقول المركز.
 
من جهتها، أعلنت لجنة مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا صباح يوم الإثنين (28 ديسمبر 2015) أن سنة 2015 شهدت ارتفاعا مقلقا في الأعمال المعادية للإسلام بسبب الهجمات الإرهابية التي ضربت باريس في شهري يناير ثم نوفمبر المنصرمين، وفق ما نشرت إذاعة أوروبا 1 الفرنسية.
 
وأوضحت لجنة مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا أن "الأعمال المعادية للإسلام قد بلغت أعلى مستوياتها هذه السنة".
 
وقال جواد بشارة، المسئول الجهوي للجنة في منطقة با دو كاليه، إن "معطيات هذه السنة مأساوية. ففي الربع الأول لعام 2015، شهدنا ارتفاعا بنسبة 23 مقارنة بالسنة الماضية في الأعمال المعادية للإسلام، ونحن قلقون جدا لذلك".
 
وعزت اللجنة هذا الارتفاع بشكل مباشر إلى الأحداث الإرهابية التي عاشتها باريس هذه السنة. فبعد الهجوم على الجريدة الساخرة شارلي إيبدو، سجل شهر يناير المنصرم أكثر نسبة من الاعتداءات.
 
ومنذ هجمات نوفمبر المنصرم، زادت حدة التوتر بشكل لافت، وسجلت اللجنة أكثر من 222 عملا معاديا للإسلام.
 
ويشير المصدر نفسه إلى أن "عدد الأمهات المحجبات اللاتي يمنعن من مرافقة أطفالهن خلال الفسحات المدرسية في ارتفاع مستمر، 119 حالة لها علاقة مباشرة بالتمييز، و103 حالات مرتبطة بحالة الطوارئ المفروضة، والمداهمات التعسفية".
 
وإلى جانب المساجد التي تتعرض للتخريب، ارتفعت أيضا الاعتدءات على المساجد. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة أعربت عن قلقها من هذا الارتفاع للحكومة الفرنسية، مطالبة إياها بردود قوية وذكية لمحاولة التقليل من الأعمال المعادية للإسلام في البلاد(11).
 
ويتخوف المسلمون في فرنسا من تزايد الاعتداءات الإرهابية على مقار العبادة والتجمعات التي يرتادونها(12). كان مسلمو فرنسا يتوقعون أن يتزايد عدد الأعمال، والتصرفات، والممارسات العنصرية التي تطول الجالية الإسلامية، علما بأن مثل هذه التصرفات وما يرافقها من تحامل على الإسلام والمسلمين في البلدان الغربية ظاهرة برزت بشكل خاص بعد العمليات الإرهابية التي ارتكبها تنظيم "القاعدة" في الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر .2001
 
وحسب إحصاءات "التجمع ضد الإسلاموفوبيا"، ذكرت الجمعية الفرنسية التي تأسست عام 2003 أن الفترة الممتدة بين 13 و19 نوفمبر 2015 شهدت حصول 24 اعتداء لفظيا، أو جسديا، أو معنويا ضد مسلمين أو رموز إسلامية في فرنسا. ومن هذه الاعتداءات اللفظية والجسدية التي سجلت في هذا الإطار العمليات الإرهابية الأخيرة التي ارتكبت في باريس، وضاحية "سان دوني" الباريسية، بعد تفكيك خلية ينتمي إليها عدد من المشاركين في هذه العمليات.
 
2- قراءة قانونية سياسية في قانون مكافحة الإرهاب:
 
بعد حالة من الترقب، وتنامي الخطاب التحريضي ضد المسلمين، وبعد إرهاصات، خرج إلى النور القانون الفرنسي المسمي دعم الحرب ضد الجريمة المنظمة والإرهاب ومصادر تمويلها: فعالية وضمانات الإجراءات الجزائية.
 
ويمكن بهذا الصدد تقديم قراءتين متقاطعتين:
 
القراءة الأولي:
 
أماطت الحكومة الفرنسية اللثام عن مشروع قانون جديد يهدف أساسا إلى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، عنونته بـ:
 
"دعم الحرب ضد الجريمة المنظمة والإرهاب ومصادر تمويلهما: فعالية وضمانات الإجراءات الجزائية"
 
في قراءة نقدية واستقصائية لمشروع القانون، سوف نجده يركز أساسا على مجموعة من العناصر، من أهمها أربعة عناصر:
 
أ- دعم آليات ووسائل المراقبة (En renforant les moyens de surveillance):
 
تسعي الحكومة من خلال هذه الآلية إلي توفير أحسن وأفضل الإمكانيات والوسائل التكنولوجية لقوات الأمن والشرطة في مجال عمليات المراقبة، بحيث تتيح لهذه الأجهزة مراقبة واسترجاع جميع المعطيات، وبيانات الاتصال من الجهاز أو الأجهزة التي استخدمها مستعمل الكمبيوتر، أو الهاتف، النقال أو الأرضي.
 
يتيح القانون لرجل الأمن استخدام هذه البيانات عن طريق ترخيص بسيط يحصل عليه من طرف وكيل الجمهورية، علما بأن هذا الإجراء في الوقت الحالي ليس مسموحا به إلا في أضيق الحالات، وفي إطار معلومات قضائية مؤكدة، بالإضافة إلى وجود حرج لدي قضاة الأحكام في الترخيص لمثل هذه الإجراءات التي تحد من حرية المواطن الفرنسي.
 
ب- تسهيل عمليات البحث (En facilitant les perquisitions):
 
يمكن الآن، ومن خلال حالة الطوارئ، السماح بعمليات المداهمة والبحث الليلية، على أن تكون بأمر من مثَّل الدولة في المقاطعة، أو المنطقة "المحافظ أو الوالي" (Le Prfet)، على الرغم من أن هذا الإجراء كان من صلاحيات القضاة. ففي حال تم تمرير مشروع القانون، سيتم هذا الإجراء مباشرة مع فتح التحقيق الأولي في قضايا الإرهاب.
 
سيتم السماح بعمليات المداهمة الليلية بصفة وقائية(De faon prventive)  عندما يتعلق الأمر بمنع احتمال وقوع ضرر على الحياة أو السلامة البدنية. ومع ذلك، فإن هذه التدابير سوف تعطي بشكل حذر للشرطة، حتي في ظل حالة الطوارئ.
 
ج- الحد من تهريب الأسلحة (En tentant d'endiguer le trafic d'armes):
 
سيفرض مشروع هذا القانون زيادة العقوبات في حالات ومحاولات الإتجار بالأسلحة، حيث يمتد بإجراءاته إلى حظر حيازة السلاح بالنسبة للمدانين، بالإضافة إلى إدراجهم في سجل وطني لهذا الغرض.
 
سيسمح للشرطة أخيرا باستخدام تقنيات "الشراء الفجائي" (Coup d'achat) والمستعملة في مكافحة تهريب المخدرات، وسوف يستطيع المحققون اكتشاف عمليات البيع أو الشراء الوهمي للسلاح، فضلا عن قدرتهم على التسلل، واختراق شبكات الإتجار بالسلاح.
 
د- مكافحة غسل الأموال (En luttant contre le blanchiment d'argent):
 
تأمل الحكومة في المحصلة في مهاجمة ومحاصرة مصادر تمويل الإرهاب، وذلك من خلال تضمين جزء من قانون "سابين" (Loi Sapin) الخاص بغسل الأموال.
 
فالبعد الدولي لهذه المنظمات الإجرامية، والأسلحة التي تحوزها، والوسائل المتاحة لها، دون إغفال قدراتها المتعاظمة في المجال المالي، ووسائلها التواصلية بما يسمح لها بسهولة تحريك وتنقل عناصرها، وإعادة نشرهم بصورة دائمة وسريعة، كل هذه المعطيات عجلت بالتفكير في هذا النص القانوني، وجعلت من الضروري تكييفه" وتقديمه إلى مجلس الدولة.
 
القراءة الثانية:
 
هذا القانون الموجود على أرفف مجلس الدولة لإبداء الرأي، والمزمع تمريره ووضعه موضع التنفيذ، سوف يعد بالنسبة للحكومة الفرنسية واحدة من أهم آليات دعم سلطاتها، معززة به أدوار الشرطة والأجهزة الأمنية، وكذلك سلطات حكام المناطق والمقاطعات (Prfets de dpartements et des rgions) في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
 
سوف يأتي هذا القانون بجديده، رغم ترسانة القوانين في المجال ذاته، والتي كانت السلطات الفرنسية تسنها وتقرها من فترة لأخري خلال السنوات العشرين الماضية، خاصة قوانين نوفمبر 2014، وقانون المعلومات الذي صدر في يوليو 2015.
 
يأتي هذا القانون في ظل اقتناعات بدأت تتبدي للحكومة الفرنسية برئاسة "مانويل فالس"(Manuel Valls)  بخصوص افتقار جهاز الشرطة الفرنسية للأدوات، والوسائل، والآليات الفعالة والكافية في مواجهة التهديدات الإرهابية الجديدة. والمتجددة. كما أن الحاجة أملت وجوده، والرغبة في تطبيقه، بعد حالة الطوارئ التي تبعت الهجمات الدامية التي تعرضت لها مدن (باريس)، و(سان دونيس) في 13 نوفمبر .2015
 
إن هذا المشروع المقدم من طرف الحكومة الفرنسية، والمعروض على الجمعية الوطنية (البرلمان)، يعد نتاجا وتتويجا للجهود التي بذلها عدد من الدوائر التشريعية خلال السنوات الثلاث الماضية، وهي الفترة التي عرفت فيها الدولة نشاطا إجراميا وإرهابيا لافتا. ولعل السبب المباشر في سرعة إخراجه وعرضه على التصويت هو جملة الأحداث التي ميزت المشهد الأمني الفرنسي خلال سنة 2015، وما توجها من تفجيرات دامية طالت العاصمة باريس في نهاية السنة.
 
إن هذا المشروع يسعي أساسا إلى تعزيز فعالية مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، من خلال إطلاق يد القضاة والمدعين العامين، ووكلاء الجمهورية على مستوي المحاكم الفرنسية، ومنحهم وسائل جديدة للتحقيق، والبحث عن أية مخاطر إرهابية محتملة، ولو اقتضي الأمر "انتهاك حرمة المنازل"، واستخدام الأجهزة التقنية لالتقاط البيانات المباشرة وغير المباشرة، والحصول على الأرقام الشخصية لاشتراك المستخدم (IMSI)، وكذا تسجيل الدخول لتحديد الخطر ومكمنه. كما يمكن المحققين من استخدام الصوت، وتحديد الصور، والتقاط بيانات الكمبيوتر كجزء من التحقيقات من قبل النيابة العامة. بالإضافة إلى ذلك، لن يبقي مقتصرا الاستيلاء على البيانات الحاسوبية التي تظهر على الشاشة أو الواردة والمرسلة من قبل الأجهزة السمعية والبصرية، ولكن سوف تطول عمليات التجسس والرقابة، حتي تلك المخزنة في الذاكرة الداخلية للكمبيوتر.
 
يعتقد القائمون على مشروع هذا القانون في أنه سوف يساعد السلطات المختصة في فرنسا على التأمين الجيد لمختلف المناسبات الرياضية التي تعتزم البلاد استضافتها، حيث سيتم تعزيز الضوابط الأمنية في المنشآت الرياضية، والأماكن العامة من خلال مجموعة من الإجراءات الإدارية ذات الطابع الأمني مثل: (الإذن المسبق، والتحقيق الإداري للتحقق من سلوك الناس، وإمكانية الوصول إلى المواقع محل الشك عن طريق إذن قضائي سهل الحصول عليه).
 
مشروع هذا القانون يحدد إطارا قانونيا لتفتيش الأمتعة عبر الأجهزة البصرية بواسطة ضابط الشرطة القضائية كجزء من عملية التحقق من الهوية، كما تتيح لضباط الأمن من الذين يتعاملون بشكل مباشر مع المواطنين والزوار صلاحيات أوسع في مراقبة وتفتيش المشتبه بهم، أو أولئك الذين يعتقد في أنهم يمثلون خطرا على أمن الدولة، أو في أشخاص مرتبطين بهم. غير أن القانون لا يجيز احتجاز هؤلاء أو إخضاعهم للتحري في مراكز الشرطة أو المقار الأمنية لأكثر من أربع ساعات.
 
بالإضافة إلى ذلك، فإن القانون يتيح لأفراد الشرطة أو الدرك التعامل المباشر والعنيف إذا اقتضي الأمر مع كل شخص مسلح، أو ذلك الذي ارتكب عدة جرائم، كالقتل أو الشروع فيه، أو من يعتقد يقينا أنه يستعد لارتكاب جريمة، إذ يمكنهم التدخل من دون انتظار شروعه في تنفيذ عملية جديدة.
 
ينص مشروع القانون أيضا على تسهيلات أكبر في مجال استخدام كاميرات مراقبة المرور والمشاة لمصلحة وحدات الشرطة والدرك الوطني في أداء مهامهم، وذلك في سبيل منع الضرر على النظام العام، وحماية سلامة الأشخاص والممتلكات. فالشرطة القضائية تكون قادرة على المضي قدما في كل مكان بما في ذلك القطاع الخاص، عندما يتعلق الأمر بحماية الأشخاص أو الممتلكات.
 
يتيح القانون أيضا إجراءات أكثر تضييقا على أولئك العائدين من الأماكن التي تشهد أو شهدت عمليات إرهابية، حيث يمكن القانون المحققين من إخضاع أولئك لإجراءات المراقبة الإدارية لفترة أقصاها شهر واحد بالنسبة للذين بقي الاتصال بينهم وبين ذويهم مفتوحا خلال فترة غيابهم، وقد تمتد لفترة ستة أشهر بالنسبة لأولئك الذين انقطع تواصلهم مع ذويهم خلال الفترة التي زاروا فيها واحدا من الأماكن التي شهدت أعمالا إرهابية أو أكثر.
 
ويهدف مشروع القانون أيضا إلى تعزيز إجراءات حماية الشهود المهددين، وعلى المحكمة أن تأمر بتحسين الحماية لمن يقع في دائرة تهديدات انتقامية ضده، أو ضد أسرته، أو أقاربه.
 
يميز هذا القانون تشديده في إجراءات وشروط اقتناء والحصول على الأسلحة والذخيرة (الحظر العام في المناطق أ(A)  وب(B)  وج (C)، بالنسبة للأشخاص المشتبه في خضوعهم لعمليات تجنيد، حيث يمكن للولاة فرض حظر ضد الأشخاص الخاضعين للتنبيه الأمني (على غرار مكافحة المخدرات).
 
يهدف مشروع القانون أيضا، في شقه المتعلق بالأموال وتمويل الإرهاب، إلى مراقبة التحويلات المالية، والبطاقات الائتمانية والمصرفية، وحركة رءوس الأموال، كما يفرض رقابة للحد من تدفق مبالغ كبيرة من المال عبر بطاقات الدفع المسبق، وسيتم تعزيز إمكانية تتبع المعاملات مع هذه البطاقات. بالإضافة إلى ذلك، سوف تطول الأشخاص المشتبه في تورطهم في عمليات غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، إجراءات رقابية وتفتيشية دقيقة وقاسية.
 
وقد ناقش البروفيسور (Pascal Beauvais) أستاذ القانون الجنائي وعلم الإجرام في جامعة باريس (Ouest-Nanterre La Dfense) المسألة المثيرة للقلق، معقبا على هذه التدابير الجديدة في مشروع قانون حكومي جديد ضد الإرهاب، ورأي أنه سوف يعزز من موقع السلطة التنفيذية على حساب الصلاحيات التقليدية للسلطتين التشريعية والقضائية، الأمر الذي يضر بشكل بالغ بمبدأ الفصل بين السلطات في فرنسا، على أساس خطورة النزعة نحو "استخدام التشريع بالأوامر".
 
يؤكد مشروع القانون النزوع المستمر لإعادة رسم صورة المدعي العام السابقة فيما يتعلق بالمحاكم العادية، وزيادة صلاحيات قسرية من قبل الشرطة الإدارية، وكذلك سلطة المحافظ(Prfet)،  وسيطرة المحاكم الإدارية، مثل مجلس الدولة. فمن خلال حديثة، يبدي الأستاذ (Pascal Beauvais) خشية من تأثر المهام التقليدية للقضاة بشكل سلبي على أساس أنهم هم من يقود التحقيقات في جرائم أكثر خطورة، فهو يؤكد أن القاضي كان دائما في مأمن من العقوبة، والطرد، والتحويل التعسفي، على أساس كونه معينا من قبل مجلس القضاء الأعلى. وعلى العكس من ذلك، فإن المدعي العام أصبح يتمتع بصلات مع السلطة التنفيذية سوف ينظر إليها مستقبلا على أنها مشبوهة.
 
هناك تقهقر سوف يخلفه هذا القانون في مجال الحريات العامة للمواطن الفرنسي، حيث إن المواطن سوف يتفاجأ مع مرور الوقت بعمليات التفتيش والدخول المفاجئ إلى المنزل. فهذا يدل من منظور ليبرالي على تدخل خطير من الدولة في الحق المباشر للمواطن، وفي احترام الحياة الخاصة له. وقد تكون لذلك تداعيات خطيرة تمس بالصحة النفسية له، بما تسببه من حالات الصدمة التي تطول العائلة، والأطفال، والأشخاص المسنين، حيث إن هذه الإجراءات (التي ستكون عادية بموجب أحكام هذا القانون) لم تكن تتقرر إلا في الجرائم الأكثر خطورة من قبل، ولا تصدر إلا عن قاض بدرجة عليا، وفي حالة التلبس بالجريمة، إذ يعتقد الأستاذ(Pascal Beauvais)  أن المشروع معد في "عجلة من الأمر".
 
لكن من جهة أخري، نلمس في أحكام المشروع في أجزاء أخري منه أن المواطن بشكل عام محمي من المخاطر التعسفية عن طريق ضمانات القانون الذي يؤكد وجود القاضي المستقل، بالإضافة إلي أن تحرك الأجهزة الأمنية في المراقبة، والضبط والإحضار، والاعتقال إنما يتطلب شروطا صارمة، وعناصر ملموسة، وليس مجرد "شعور بالخطر على الحياة أو السلامة الجسدية للأفراد"(13).
 
على سبيل الختام:
 
يمكن القول إنه في ضوء الإجراءات التطبيقية للقانون سالف الذكر، فإن الجالية المسلمة ستدخل ضمن دائرة المتهمين، حتي تثبت قرينة البراءة. وفي هذا الصدد، فإن العمل من طرف الجالية، وفق مقاربة جماعية منظمة، أصبح أكثر من ضرورة.
 
وتتطلب هذه المقاربة الاندماج الفعلي في المجتمع الحاضنة الأوروبية، وفق آلية ذكية، ونقصد بالانخراط إثبات المواطنة اقتصاديا وسياسيا، والإسهام في تطوير خطاب ديني عقلاني مستنير يعطي التصور النير للديانة الإسلامية. وفوق كل ذلك، ينبغي على المنظومة الفرنسية الرسمية أن تستحدث آليات ترتقي بمواطنة أبناء المهاجرين بتحسين ظروف حياتهم الاجتماعية والتنموية، وتوفير آليات العمل السياسي بشكل يمكنهم من العمل تحت جميع الأطياف السياسية الفرنسية، ومن ثم تقديم تصورات تشكل رصيدا سياسيا، وانتخابيا، وإنسانيا، لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستهانة بوزنه الحقيقي.
 
والحال أنه بعد تداعيات هجوم  نيس الدموي، يجب على فرنسا استخلاص الدروس الآتية:
 
- إعادة النظر في دورها التدخلي، سواء دورها في حلف الناتو، أو دورها المناور في دول الربيع العربي. إذ إن سلوكياتها تجاه الموجات الإصلاحية التي شهدتها  الدول العربية وبعض الدول الإفريقية وارتداداتها لا يوجد ما يبررها.
 
- تمكين الملايين من الأجيال الثانية والثالثة من أبناء الجاليات العربية من الاندماج الحقيقي والفاعل في الحياة السياسية والاجتماعية، على غرار ما قامت به كثير من الدول الإسكندنافية، والمملكة المتحدة، وتجنب التعاطي بروح من التعالي مع أجيال قدمت الكثير للأمة الفرنسية.
 
- تعزيز التعاون الاستخباراتي والأمني بشكل إيجابي مع ضفتي المتوسط بشكل يسهم في إحداث نقلة نوعية في قدرات المؤسسة العسكرية لطرفي الضفة المتوسطية، ويضمن تطوير المنظومة القانونية للطرفين.
 
- صياغة قوانين مكافحة الإرهاب في فرنسا وفق آلية لا تنتهك الخصوصية  القانونية والاجتماعية، سيما في ظل تعالي أصوات بتفعيل قوانين تطلق يد أجهزة الاستخبارات في الاعتداء على الخصوصيات، وهو ما يعد خرقا حقيقيا للنصوص القانونية الديمقراطية.
 
الهوامش :
 
1- رابح زغوني: الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف في أوروبا: مقاربة سوسيوثقافية، مجلة المستقبل العربي،  العدد 421، مارس 2014، ص 127 وما بعدها،  بتصرف.
 
2- د. مختار مروفل: الإسلاموفوبيا في فرنسا من الموروث الكولونيالي إلي ازدواجية المعايير العلمانية: قراءة نقدية، ص 166-167-168، دراسة موجودة على الرابط:
 
http://tanwair.net/wp-content/uploads/12/2015/%D9%85%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%81%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D9%85%D8%AE%D8%B1%D8%AC-.5pdf
 
3- مشروع قانون الاستخبارات الجديد يثير انقسامات في فرنسا:
 
http://www.alarab.co.uk/id=51541
 
قراءة نقدية واستطلاع لسياسيين فرنسيين على الرابط، مجلة العرب اللندنية:
 
http://www.alarab.co.uk/pdf/05/05/2015-05/p.12pdf
 
4- فرنسا: قانون لتعزيز مكافحة الإرهاب:
 
http://middle-east-online.com/id=196286
 
5- الجمعية الوطنية بفرنسا تقر مشروع قانون يسهل التجسس لمكافحة الإرهاب:
 
http://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKBN0NQ1UY20150505
 
6- إعلان حالة الطوارئ في فرنسا عقب الهجمات الإرهابية التي أدت إلي مقتل 120 شخصا:
 
http://radioalgerie.dz/news/ar/article/20151114/.58183html
 
7- ماذا يعني إعلان حالة الطوارئ في فرنسا؟:
 
http://www.mc-doualiya.com/articles/20151114
 
8- للاستزادة أكثر، يطالع التقرير، فرنسا: قوانين خاصة بمكافحة الإرهاب:
 
http://www.assakina.com/news/news2/.62394html
 
9- حفيظ صواليلي، "داعش" ينقل الحرب المقدسة إلي فرنسا: ثمن العجز في مكافحة الإرهاب، يومية الخبر، 15 نوفمبر 2015:
 
http://www.elkhabar.com/press/article/94475
 
10- الإسلاموفوبيا تزداد في فرنسا .. والاعتداءات بحق المسلمين تضاعفت في 2015:
 
http://www.alarab.co.uk/id=69655
 
- يطالع أيضا تقرير سي. إن. إن حول  الإسلاموفوبيا على الرابط:
 
http://arabic.cnn.com/world/23/10/2015/islamophobia-france
 
11- ارتفاع مقلق لظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا:
 
http://www.islamicnews.org.sa/page/public/news_details.aspxid=139898#
 
12- حسان التليلي، مسلمو فرنسا: الإسلاموفوبيا من أسلوب التشكي إلي المساهمة في التصدي والإرهاب، يومية الرياض، 24 نوفمبر 2015:
 
http://www.alriyadh.com/1103261
 
13- للاستزادة أكثر، يطالع  الوثائق الرسمية التالية ذات العلاقة بمشروع قانون مكافحة الإرهاب في فرنسا:
 
http://www.gouvernement.fr/action/la-lutte-contre-le-terrorisme
 
http://www.lemonde.fr/police-justice/article/05/01/2016/antiterrorisme-le-gouvernement-veut-etendre-les-pouvoirs-de-la-police_4841803_.1653578html
 
http://www.francetvinfo.fr/faits-divers/terrorisme/attaques-du-13-novembre-a-paris/lutte-contre-le-terrorisme-comment-le-gouvernement-compte-renforcer-les-pouvoirs-de-la-police_.1253975html
 
http://www.liberation.fr/debats/13/01/2016/projet-de-loi-contre-le-terrorisme-le-juge-evince_1426193
 
http://www.reporters.dz/index.php/actualite/le-ministre-de-la-justice-annonce-de-nouveaux-projets-de-loi-l-avant-projet-de-loi-de-lutte-contre-le-recrutement-des-terroristes-aujourd-hui-devant-le-conseil-de-gouvernement
 
http://www.liberation.fr/france/07/01/2016/loi-antiterroriste-un-impressionnant-renforcement-du-pouvoir-executif_1424906
طباعة

    تعريف الكاتب

    د. بوحنية قوي

    د. بوحنية قوي

    أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية،‮ ‬جامعة ورقلة،‮ ‬الجزائر‮.‬