تحليلات - صحف عربية وعالمية

أمن الخليج أولاً يا قطر

  • مهره سعيد المهيري

  • 13-8-2017

.
طباعة
 نقلاً عن صحيفة الاتحاد
الأحد 13 أغسطس 2017
 
منذ نشأتنا، ونحن نعرف أن سياسة دولتنا تقوم على الهدوء والسكينة وعدم العجلة في تبني ردات الفعل على مواقف تُصدر من أطراف أو تسيء إليها من آخرين. فكانت هذه السياسة ومازالت تعتمد على نظام الاحتواء. فتغض الطرف كثيراً عن أخطاء الأخوة والأشقاء العرب والمسلمين بدافع أخلاقي يقوم على مبدأ "جمع ولا تفرق"، ولم تكن تتخذ أي إجراءات مضادة إلا بعد أن يصل الأذى مداه ويطفح الكيل.
 
رؤية الإمارات وحرصها على ُلحمة ووحدة الخليج جعلها تدفع بالأسهل وبالطرق الأخوية والوسائل الدبلوماسية، إلا أن مبدأ صبر وحلم الإماراتي، -للأسف الشديد- ، جعل الساسة القطريين أكثر جرأة في شرهم وتمادياً في غيهم ودعمهم للإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية لبلادنا وعدد كبير من البلدان العربية. فكان آخر الدواء هو الكي، فتم عزل هذه الخلية السرطانية قبل أن تفتك بالوحدة الخليجية. ولإخراس الألسن المشككة والأبواق المستأجرة، جاءت قوائم دعاة الشر أفراداً وجماعات ممن كانت سبباً في إشعال الفتن لسنوات لتكون دليلاً قاطعاً وبرهاناً ساطعاً على دعم قطر لهؤلاء. وقد اتخذت بلادنا الإجراءات الكفيلة بذلك من خلال المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية، ليس بقصد الضرر، بل هو لردع الظالم عن غيه والأخذ فوق يديه ولو بالقوة، ليعود لرشده وصوابه، ولكي يعلم أن الحل ينطلق من أشقائه الخليجيين وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ورؤيتها لصالح ومستقبل الخليج والمنطقة العربية.
في كل مشكلة، ووراء كل مصيبة تقع في عالمنا العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة اِبْحَثْ وستجد لقرن الشيطان (قطر) ناباً وذيلاً. ناب غدر وحقد وذيل خسة وحسد وتآمر.
حاول الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي احتواء شر قطر وتهذيب سلوكها، بالنصح والإرشاد. لكن محاولاتهم باءت بالفشل، وذلك لتأصل الشر في أنفس مُسيري السياسة القطرية الحمقاء. قطر دولة تضخمت لديها الذات وبلغ الغرور مبلغه حتى أصبحت قناتها الفضائية "الجزيرة"، قناة نشر الشر والفتن والأكاذيب.
 
من المهم أن يعرف الكل حجمه وقدره. فالتصعيد الإعلامي الذي ينتهجه ساسة قطر ومحاولة الالتفاف على الحقائق والقرائن المادية الدامغة بات مكشوفاً، بل أصبح ردحاً إعلامياً وإسفافاً بعيداً عن المهنية. تجاوز هذا السفه لب الخلاف وقوائم الكيانات والشخصيات المتهمة بتمويل الإرهاب، وتحول لمهاجمة المؤسسات، والشخصيات، والرموز، وتسمية الأمور بغير مسمياتها والتسويق لمظلومية الحصار الاقتصادي وما خفي على أحد أن الجسور الجوية ممدودة إلى تركيا وإيران!  فهل يدرك ساسة قطر خطورة الموقف؟ هم عرب وخليجيون وليسوا فرساً، أو أتراكاً.
 
إلى متى ستستمر قطر في الإساءة لرموز الخليج؟ هل تدرك قطر مزالق السياسة التي تتبعها؟ وهل تعلم كل العلم بأن كافة شعوب الخليج أصبحت على وعي ودراية بسوء الإعلام القطري. لم يسلم أحد من إساءاتك يا قطر، لا الأحياء ولا من صار في ذمة الله، ابتداء من الملك عبدالله بن عبدالعزيز والملك سلمان بن عبدالعزيز والشيخ زايد والشيخ محمد بن زايد والشيخ صباح الأحمد. ولا تزال مسيرة الإساءة مستمرة.
 
سيل الإساءات التي توجه إلى الرموز لا يتوقف من منابر الفتنة في الدوحة، لأن الهدف هو تغيير عقلية المواطن الخليجي والتأثير على المواطن العربي وإيهام المشاهد الغربي. وكلما زاد سيل الاتهامات والشتائم بحق الرموز التي تتصدى للفتنة القطرية، كلما أدركنا أنها فشلت في تحقيق أهدافها، وأن الخليجي والعربي والغربي الواعين لا يتجاوبون مع الدعاية السوداء التي تحفل بها المنابر الإعلامية القطرية وأولها "الجزيرة". لعبتهم مكشوفة، والناس تستطيع أن تميز بين مشعل النار ومسبباته، وبين الزعماء الذين نذروا حياتهم لجعل المنطقة أرض سلام ووئام.
 
إلى متى يا قطر وأنت تمولين سقط متاع الأرض حتى تتحقق أهدافك في شق الصف الخليجي؟ هل تدرك قطر ماذا تفعل؟ فبعد انكشاف الكيد، ينبغي رص الصفوف للشعوب الخليجية فلن ينفعها إلا تضامنها وتعاونها وترابطها بوجه كل ما من شأنهُ تفكيك اللحمة والروابط والأخوة، وإلا تشرذمت وضعُفت وتكالبت عليها أنياب الأطماع، وسيكون المصير حتماً القتل والدمار والانهيار والتشريد والفقر والجهل. ولنا أمثلة بما حل ببلدان جارة كثيرة بسبب الفتنة القطرية وما جرته من أهوال على شعوبها.
 
لا سبيل أمام الشعوب الخليجية إنْ هي أرادت البقاء في هذا العالم العاصف، سوى تقوية الروابط والأواصر وتعزيز التعاون والتعاطف والتكاتف ولن يكون أحد "أرحّم منّا على بعضنا بعضاً". وعلى الإنسان الفطن أن يفكر جيداً بالعواقب الوخيمة التي ستحل على شعوب المنطقة في حال اندلعت حرب، لا قدر الله. تحكيم العقل الآن خير من الندم الذي لا ينفع. وينبغي ألا تفرط الشعوب بالأمن الذي تنعم به دول الخليج، وقد اتضحت الآن وتكشفت حقيقة "نوايا القلوب" وقد فهمها الصغير مثل الكبير عندما يتحدث الأتراك والألمان والروس والإيرانيون والأميركان عن "مستقبل الخليج"!
 
نريد مستقبلاً آمناً لدار الخليج نصنعه بأيدينا، وليس فتنة يقودها من هو بيننا ويُحسب علينا أخاً ومن أهل الدار.
طباعة