من المجلة - ملحق إتجاهات نظرية

الإسلاميون وخطاب المؤامرة‮ .. ‬قراءة مغايرة لتجربة تونس

طباعة
لا يقتصر خطاب المؤامرة علي العالمين العربي أو الإسلامي فقط، إذ إن الخطاب الذي تبناه جورج بوش الابن، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والذي تساءل فيه بدهشة "لماذا يكرهوننا؟،" كان في حقيقة الأمر مستبطنا وجود مؤامرة في مكان ما من العالم ضد كل من القيم وطريقة الحياة الأمريكية. فكما رصد أحد الباحثين، فإن خطاب المؤامرة قد تزايد اللجوء إليه مع تصاعد ما سماه الحرب علي الإرهاب، حيث أسهم في خلق ما سماه الحالة الضبابية اللازمة لمحاربة عدو غير معلوم، فمن الأسهل تحميل أطراف أخري مسئولية الفشل، وعدم تحديد هؤلاء الأطراف، وافتراض وجود مؤامرة ما(1).
 
وقد تكون هناك علاقة بين لحظات ضعف الدولة أو القوي السياسية، وتزايد اللجوء إلي خطاب المؤامرة. فافتراض المؤامرة يبرر الهزيمة، والفشل، والضعف، ويشتري مزيدا من الوقت للنظام والقوي الحاكمة التي تحتاج في هذه اللحظة لتكاتف الجميع ضد المؤامرة، خطابا، وقوي، وممارسات. وبالرغم من أنه لا يمكن نفي فكرة المؤامرة بشكل مطلق، فهناك في عالم السياسة الدولية عدد من الأطراف، سواء كانت دولا، أو شركات، أو كيانات وطنية أو عابرة للوطنية تلجأ إلي المؤامرات كواحدة من أدوات تنفيذ سياساتها، فإنه لا يمكن الركون إلي فكرة المؤامرة كتفسير وحيد لحركة القوي وتحالفاتها، سواء في الداخل أو الخارج. كما أنه لا يمكن قبول وجود المؤامرة كسبب وحيد لعدم قدرة الدولة/القوي السياسية علي تحقيق أهدافها، والتواصل مع جمهورها في الداخل أو الخارج.
 
وتنقسم هذه الورقة إلي جزأين رئيسيين، الأول يتعرض بشكل مختصر لفكرة المؤامرة والكتابات النظرية المختلفة حولها، وموقعها في التحليل السياسي، مع الاهتمام بالعلاقة بين خطاب المؤامرة والتفكير السياسي الإسلامي. أما الجزء الآخر، فيتعرض بقدر من التفصيل للحظة التأسيس الدستوري في التجربة التونسية، ومحاولة قراءتها، في ضوء كل من خطاب المؤامرة والتوافق.
 
وتظهر أهمية دراسة التجربة التونسية لأكثر من سبب، فتونس هي الدولة العربية التي شهدت الشرارة الأولي للحراك العربي، ويري كثير من المراقبين أن تطورات المشهد في تونس تعد مؤشرا علي إجمالي الحراك العربي. كما أن وصول التيار الإسلامي إلي سدة الحكم، عقب سقوط نظام بن علي، وقدرته علي الاستمرار في المنظومة الحاكمة يطرحان علي الأجندة البحثية عددا من الأسئلة، خاصة فيما يتعلق بخطاب المؤامرة.
 
من ناحية أخري، فإن قراءة المشهد الداخلي التونسي بقدر من التفصيل تنفي التوصيفات والتحليلات المبسطة عن المؤامرة، أو علي التيار الإسلامي بخريطته الأضيق، ممثلا في حركة النهضة، أو الأوسع التي تضم الحركات السلفية والجهادية.
المؤامرة .. خطاب أم نظرية متكاملة؟:
 
في الوقت الذي لا ينكر فيه أحد وجود المؤامرة، كأحد أشكال السلوك التفاعلي بين البشر والكيانات، فلا يوجد اتفاق علي حجم الدور الذي تلعبه هذه المؤامرة في هذه التفاعلات. فالبعض يراها هي التفسير الوحيد لكل التفاعلات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية التي تدور حولنا، سواء كان داخليا أو خارجيا. في المقابل، يذهب البعض في رفضها إلي إنكار وجودها من الأساس، ويربط بين الاعتقاد بوجودها، وعدم عقلانية أو رشادة القائل بهذا.
 
ترتبط النظرية العلمية بتوافر عدد من الشروط، علي رأسها أن تكون لديها قدرة علي تفسير الظاهرة من خلال عدد محدود نسبيا من المتغيرات المستقلة، وأن تكون قادرة علي هذا التفسير، من خلال الرجوع لعدد من الأسباب التي من الممكن التحقق منها ( ألا تكون أسبابا غيبية، أو غير قابلة للبحث)، وأنه يمكن استخدامها لدراسة الظواهر المتشابهة من قبل باحثين مختلفين، مع إمكانية التوصل للتفسيرات نفسها، بغض النظر عن الزمان والمكان. وبهذا المنطق، تفتقر المؤامرة لشروط النظرية العلمية، وإن لم تفقد أهميتها كموضوع للدراسة في العلوم الاجتماعية(2). 
 
فعادة ما ترتبط المؤامرة بعدد لا نهائي من الأسباب غير القابلة للدراسة أو المراجعة، كما ترتبط بعدد غير معلوم من الفاعلين ذوي الأجندات الخاصة.من ناحية أخري، يربط البعض بين المكانة التي تحتلها التفسيرات التآمرية للتاريخ والكتاب الذي صدر في عام 1958 من قبل المفكر الأمريكي ويليام كار بعنوان "أحجار علي رقعة الشطرنج"، والذي حاول فيه تقديم تفسير لحركة التاريخ البشري. في هذا الكتاب، ركز كار علي وجود مؤامرة كونية كبري تحكم حركة التاريخ لتحقيق أهداف الشيطان(3). ويري كار ومناصروه أن العالم ينقسم إلي فئتين: "أقلية واعية" تتآمر لتنفيذ مصالحها، و"أكثرية ساذجة" تضحي بحياتها ومقدراتها من أجل أن تتحقق مصالح هؤلاء المتآمرين. وبين التهوين والتهويل من فكرة المؤامرة، وقدرتها التفسيرية أو التنظيرية، هناك ميل بين الباحثين والمراقبين لحسبان أن الخطاب السياسي العربي بشكل عام، والخطاب الإسلامي بشكل خاص، من أكبر المستخدمين لفكرة المؤامرة. وفقا لهذا المنطق، فهناك علاقة وثيقة بين خطاب المؤامرة والتيار الإسلامي بشكل عام، فهو إما جزء من مؤامرة علي استقرار المجتمعات، وإما ضحية لهذه المؤامرة، بما يفسر ضعفه، وضعف المجتمعات الإسلامية بشكل عام، وهو الأمر الذي يحتاج لبعض التفصيل.
 
فاستخدام الخطاب التآمري، حسب قول أحد الباحثين، زاد اللجوء إليه في المنطقة بشكل يكاد يكون وبائيا، واكتساحيا، وشعبويا. فكل التطورات التي يمر بها الوطن العربي تتم قراءتها من خلال واحد أو أكثر من أنماط التفكير المؤامراتي، والتي حددها الباحث في ستة أنماط، الاستهداف، والاستدراج، والتشكيك، والمستفيد، والاختراق، وأخيرا نمط الهذيان. يجمع بين هذه الأنماط عدد من الخصائص يمكن إجمالها فيما يأتي: إن العالم محكوم فقط بفكرة المباراة الصراعية الصفرية، وإن هناك طرفين فقط في أي علاقة تفاعلية، وهذان الطرفان أحدهما مفعول به في كل الأحوال، ويفتقر إلي كل من الإرادة، أو الرغبة، أو القدرة علي الفعل. أما الطرف الآخر في هذه العلاقة، فلديه أجندة خفية لتنفيذها، ويفتقر بشكل كامل لأية قيم أخلاقية أو دينية تحكمه. ويستطيع هذا الطرف سلب الطرف الآخر في التفاعل إرادته، بحيث يجبره علي التصرف، وفقا لأهدافه، ومصالحه، وإرادته، وتعليماته(4).
 
خطاب المؤامرة والتفكير الإسلامي:
 
ويستكمل هذا المنطق، من خلال تحليل الخطاب السياسي لعدد من القوي السياسية في المجتمعات الإسلامية، خاصة في الأوقات التي تعقب اتهام أحد التيارات الإسلامية بارتكاب أعمال عنف. فعلي سبيل المثال، تنتشر الكتابات التي تحلل ظواهر إرهابية معينة بحسبان أنها جزء من مؤامرة علي الإسلام والمسلمين تستهدف إظهارهم بمظهر عنيف وغير متحضر. ولعل نظرة سريعة علي الكتابات التي تحلل ظهور الجماعات "الجهادية" في مصر، أو تنظيم "الدولة الإسلامية" تظهر استبطانا لفكرة المؤامرة، بحسبان أن هذه الجماعات لا يمكن قبول أو مناقشة وجودها بدون افتراض وجود مؤامرة غربية/ صهيونية علي العالمين العربي والإسلامي، أسهمت في خلق هذه الجماعات لأجل إيجاد مزيد من التوتر والاضطراب في المنطقة.
 
ويري البعض أن العقل العربي/ المسلم يمتلك سمات خاصة تسهم في تقبل مثل هذا الخطاب. فهناك رفض علي مستوي الإدراك لأن يكون هناك من يفهم الإسلام بشكل صحيح، وفي الوقت نفسه قادر علي ارتكاب هذا القدر من العنف، أو ممارسة هذا الإرهاب. كما أن العقل المسلم (حسب هؤلاء الباحثين) يعاني مشكلة تتعلق بالفجوة بين الواقع المعيش والتصور الذهني للإمكانيات، هذه الفجوة لابد من ملئها بخطاب المؤامرة الذي يقدم تفسيرا لأسئلة مثل "لماذا تأخرنا وتقدم الآخرون؟"(5). ويؤكد آخرون أن الإطار الحاكم للتفكير السياسي الإسلامي، والذي يري العالم من خلال انقسامه إلي معسكرين فقط (دار الحرب، ودار السلام)، هو أمر يزيد من تأثير استبطان خطاب المؤامرة. فكتابات رموز التيار الإسلامي بتنويعاته الفكرية، مثل كتابات حسن البنا، أو سيد قطب، أو راشد الغنوشي، ترسم حدودا فاصلة بين "نحن"، و"هم". هذه الحدود الفاصلة ترسم في حقيقة الأمر الفرق بين الفرقة الناجية، والآخرين، وتجعل العلاقة بين الاثنين علاقة صفرية تبرر استخدام المؤامرة بشكل دائم ومستمر.
 
الجدير بالملاحظة، في هذا السياق، هو ضرورة أن يتجاوز الباحثون، سواء من داخل التيار الإسلامي أو من خارجه، هذه التقسيمات الكلاسيكية، وأن يعيدوا النظر، سواء في الكتابات التقليدية لإعادة قراءتها في سياق القرن الحادي والعشرين، أو إنتاج خطابات جديدة لا تفارق الثوابت الدينية والمعرفية، ولكن قادرة علي تنزيل النص علي الواقع بشكل يحترم الاثنين. وبين التهوين والتهويل من أمر المؤامرة، خطابا أو نظرية، توجد كتابات أخري تقرأ في انتشار الحديث عن المؤامرة دلالة لأمر أكثر أهمية وتأثيرا في التحول الديمقراطي لمجتمعاتنا العربية والإسلامية بشكل خاص. فعلي سبيل المثال، يري الكاتب الأمريكي جون أندرسون أن في انتشار خطاب المؤامرة محاولة لخلق معني معين، في ظل غياب المعلومات، أو قلتها، أو عدم صحتها(6).
 
فوفقا لأندرسون، تكتسب نظرية المؤامرة قوتها في التحليل السياسي الشعبوي بسبب حالة الضبابية، وغياب المعلومات التي تسود في بعض المجتمعات. فالنظرية لا تعترف بالمصادفات، بل تري أن كل الأشياء تحدث لسبب ما، ويقف وراءها مجموعة من القوي (الأشخاص أو المؤسسات) التي تمتلك رؤية شديدة الوضوح لمصالحها وطرق تنفيذها. هذه المجموعات لا تكون معروفة للعامة، وهو الأمر الذي يضطر الآخرين لاستخدام نظرية المؤامرة لاستحداث المعني، وتفسير الظواهر المحيطة بهم. هذه القراءة لنظرية المؤامرة تجعلها أقرب لفكرة الدولة العميقة بالشكل السائد في الكتابات الحديثة. فوفقا لعدد من الكتابات، فالدولة العميقة تقوم علي التحالف السري بين عدد من القوي الاقتصادية، والبيروقراطية، والأمنية لحماية ما تعرفه بأنه مصالحها، ويتم ترويجه علي أنه مصلحة الدولة ككل.
 
في ضوء ما سبق، تهتم هذه الورقة بالتركيز علي نقطتين، الأولي ما يتعلق بمسألة نقص المعلومات، وغياب الشفافية في النظم العربية، وتأثير هذا في تزايد اللجوء لاستخدام المؤامرة كتفسير منطقي للظواهر والأحداث. النقطة الأخري هي ما يتعلق باستبطان شكل صراعي للعلاقات والتفاعلات السياسية بما يعمق فكرة المؤامرة، ويصل بها إلي عدِّها نظرية متكاملة تحكم حركة العالم. وفي هذا الإطار، يتم التركيز فيما يأتي علي تحليل اللحظة الدستورية في الخبرة التونسية، والدور الذي لعبته حركة النهضة التونسية في هذا السياق، وما إذا كان يمكن فهمه في سياق المؤامرة أو التوافق.
 
حركة النهضة والدستور التونسي:
 
ثورة الياسمين، أو ثورة 14 يناير 2011، كما يطلق عليها التونسيون، كانت الشرارة الأولي التي انطلقت في المنطقة العربية لتسجل بدء حالة من الحراك السياسي الذي اختلف في شدته، واتجاه، ونتائجه من دولة لأخري. وبعيدا عن الجدال الأكاديمي والسياسي حول توصيف ما حدث، وما إذا كان ثورة، أو انتفاضة، أو هبَّة شعبية، فمن الثابت في الحالة التونسية أن رأس النظام القديم قد تمت الإطاحة به، وأن هناك عملية جادة وبطيئة لبناء دعائم مؤسسية للنظام الجديد(7). تميزت حالة الحراك الشعبي في تونس، كحال الدول العربية التي شهدت حراكا، بغياب قيادة منظمة لها، فقد كانت في مراحلها الأولي مجموعات من الاستجابات الشعبية التلقائية لسنوات طويلة من الفساد والمحسوبية، وفشل السياسات الاقتصادية، وغيرها من الأسباب. وترك غياب القيادة المنظمة المجال مفتوحا أمام القوي الأكثر تنظيما، والمحسوبة علي المعارضة التقليدية، وعلي رأسها حركة النهضة التونسية، وزعيمها راشد الغنوشي(8).
 
ترتبط حركة النهضة تقليديا بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وبحركة الإسلام السياسي الأوسع، وتتشابه معها في الظروف السياسية التي تفاعلت معها الحركة قبل ثورة 14 يناير. فعلي سبيل المثال، عانت الحركة اضطهاد رموزها، وتعقبهم أمنيا من قبل كل من نظامي بورقيبة وبن علي للدرجة التي دفعت بعدد منهم إلي مغادرة تونس، طوعا أو قسرا، إلي عدد من الدول الأوروبية. كما رفضت السلطات التونسية أكثر من طلب تقدمت به الحركة لتتحول إلي حزب سياسي، قبل أن تحصل علي الاعتراف الحكومي بها في عام 2011، بعد هروب الرئيس السابق بن علي. وتعرف حركة النهضة نفسها بـ"إننا باختصار حركة سياسية تحرص علي إبراز العمق الحضاري للفعل السياسي بالتواصل مع ثمارات النهضة والإصلاح في أمتنا، وباعتماد الحوار داخل محيطنا الثقافي والوطني، وبالتفاعل مع الحضارات الأخري، إيمانا منا بوحدة المصير الإنساني. هذه حركة النهضة في أبعادها تشق طريقها متكلة علي ربها عز وجل، واثقة في دينها وفي أمتها علي العطاء والإبداع، آملة أن تقدم إسهاماتها في تحقيق دنيا سعيدة، وآخرة أسعد للناس كل الناس، في الأرض كل الأرض، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل"(9). وأكد راشد الغنوشي أن مرجعيات الحركة تقوم علي عدة أسس: أدبيات رموز الفكر الإسلامي التونسي ومدرسة الزيتونة، وأدبيات رموز الإخوان المسلمين، ومفكري العصر من الغرب والعرب، وادبيات حركة الديمقراطيين الاشتراكية التونسية(10).
 
وبالرغم مما يمكن قراءته من هذه التعريفات علي أن الحركة تمتلك قدرا من القدرة علي الانفتاح علي الآخر سواء كان هذا الآخر في الداخل التونسي، أو علي مستوي التلاقح مع الأفكار العالمية، فقد واجهت الحركة العديد من الاتهامات من جانب القوي المدنية في تونس بأنها قامت باختطاف حركة الجماهير، وأنها تحاول فرض رؤيتها الإسلامية علي الهوية التونسية والنظام التونسي، من خلال استئثارها بالحكم، حتي داخل الترويكا الحاكمة، وإقصاء المخالفين لها(11). وقد ساد خطاب المؤامرة في الخطاب السياسي التونسي، - الذي رأي في تشكيل المجلس التأسيسي،  لصياغة الدستور الجديد، والسجالات المختلفة التي سادت عملية الصياغة والإقرار- ترجمة لمؤامرة تقوم بها حركة النهضة علي شركائها في الثورة أو في الحكم، ومؤشرا علي محاولتها إجراء تغييرات جوهرية علي كل من منظومة الحكم والحياة في تونس.
 
المسألة الحاسمة، في هذا السياق، تتعلق بإعادة قراءة هذا المشهد الدستوري، ودور حركة النهضة فيه لاستكشاف ما إذا كان جزءا من مؤامرة علي الثورة، أو جهد ناجح لبناء توافقات وتحالفات حساسة في لحظة استثنائية. وهنا، نعيد التذكير بأن خطاب المؤامرة يتزايد اللجوء إليه حال نقص المعلومات أو غيابها. ومن ثم، فتحليلنا للمشهد والقوي الفاعلة فيه مرتبط بحجم المعلومات المتاح، والذي قد لا يكون كافيا أو حقيقيا. أعقب هروب بن علي، في يناير 2014، تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة محمد الغنوشي لإدارة المرحلة الانتقالية. ومنذ اللحظة الأولي، عانت التجربة التونسية مشكلات المرحلة الانتقالية التي عانتها الخبرة المصرية، والتي تمثل أهمها في مراوحة فكرة الثورة لمصلحة فكرة إصلاح النظام من الداخل. فالأصل في الثورة أن تقوم علي منطق نفي ما قبلها من علاقات ومؤسسات ونخبة. ومن ثم، يتوقع أن يتصدر مشهد ما بعد رحيل رأس النظام السياسي نخبة جديدة تتبني منطقا جديدا في بناء مؤسسات الدولة، ورسم شكل العلاقات بين هذه المؤسسات.
 
وتمثلت الخطوة الأولي في بناء النظام الجديد في انتخابات المجلس التأسيسي التي تم تأجيلها إلي أكتوبر 2011، وسط اتهامات من حركة النهضة، وبعض قوي اليسار للحكومة الانتقالية. وشهدت الانتخابات إقبالا جماهيريا فاق توقعات كل من المراقبين والساسة، وأسفرت عن فوز قوائم حركة النهضة بنحو 40 من الأصوات. وكان قد سبق الانتخابات درجة مرتفعة من الاستقطاب السياسي ارتبطت بأكثر من ظاهرة، الأولي كانت حالة الحراك الحزبي الكبير، فقد تأسس أكثر من مئة حزب في الفترة ما بعد هروب بن علي، والانتخابات في أكتوبر. الثانية تنصرف إلي التحالفات التي كانت قد بدأت في التشكل بين حركة النهضة، وبعض قوي اليسار من ناحية، والقوي المدنية وبعض رموز النظام المحسوبين علي نظام بن علي من ناحية أخري. وأخيرا، ارتبطت لحظة الانتخابات بارتفاع الخطاب السياسي حول فكرة المؤامرة. فتبنت بعض القوي المحسوبة علي التيار المدني خطابا تحريضيا ضد حركة النهضة، وعدَّتها رأس مؤامرة علي "نمط الحياة التونسي"، وهوية المجتمع ذات الطابع العلماني الواضح. من ناحيتها، لم تدخر حركة النهضة خطابها الذي هاجم هذه التيارات التي وصفها بالعلمانية، ورآها لا تتناسب مع الهوية المجتمعية التونسية الباحثة عن الإسلام(12).
 
استغرقت عملية إعداد الدستور ما يزيد علي العامين، وسط سجالات مطولة، سواء داخل المجلس التأسيسي أو خارجه، حول قضايا إعادة بناء الدولة، ورسم العلاقات بين القوي السياسية، علي اختلاف توجهاتها السياسية والأيديولوجية، وقضايا العلاقة بين المجتمع والدولة، خاصة في مسائل الهوية والحقوق الشخصية، وسط استمرار لمظاهر الاضطراب السياسي، والانفلات الأمني، والصعوبات الاقتصادية داخليا، واستمرار حالة السيولة في المحيط الإقليمي، مع تطورات الوضع في ليبيا، ومصر، وسوريا. وصلت هذه السجالات لمنعطف خطير في صيف 2013، هدد عملية البناء الدستوري بالانهيار الكامل، خاصة بعد انسحاب عدد كبير من أعضاء المجلس التأسيسي من جلسات المجلس، واستقالة عدد من الوزراء، مما هدد بحالة من الفراغ الدستوري.
ولكن تم تجاوز الأزمة من خلال ما عرف بمبادرة الرباعية. تكونت المبادرة من أربع قوي، هي: الاتحاد العام التونسي للشغل، واتحاد أرباب الأعمال، ونقابة المحامين، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان. وأعلنت المبادرة أن هدفها الأول هو استعادة حالة الحوار الوطني، وحماية المسار الديمقراطي. وبالرغم من الصعوبات التي واجهت الحوار الوطني، والاتهامات المتبادلة بين أطرافه بالخيانة والعمالة، فإن القوي السياسية، بشقيها الإسلامي (ممثلة في حركة النهضة وحلفائها من قوي اليسار الديمقراطي)، والمدني (ممثلا في القوي العلمانية والمدنية والليبرالية)، استطاعت التوافق في النهاية علي خروج الدستور بشكل توافقي، واستقالة الحكومة التي ترأستها حركة النهضة، والدعوة لانتخابات جديدة بنهاية عام 2014(13).
 
تشكل هذه اللحظة التأسيسية حالة دراسة مهمة، يمكن من خلالها قراءة التفاعل بين خطاب المؤامرة أو التوافق. فالتحليل الأسهل يمكن من خلاله قراءة أزمة التوافق التونسي، والخروج منها علي أنها جزء من مؤامرة كبري علي التيار الإسلامي، قامت بها القوي العلمانية التونسية، بمساعدة عدد من القوي الدولية والإقليمية التي تعمل علي كسر شوكة التيارات الإسلامية، والإسلام بالتالي، في المنطقة كلها، أو أنها مؤامرة من التيار الإسلامي، الغرض منها تقديم تنازلات تكتيكية، مثل التنازل عن النص علي الشريعة في الدستور، والاحتفاظ بمواد الهوية علي شكلها المرضي للتيارات المدنية.
 
ويعقب هذه التنازلات التكتيكية لجوء التيار الإسلامي بخريطته الواسعة (النهضة، والتيارات السلفية الجهادية، وغيرها) إلي الاستفادة من الفرص التي تتيحها الديمقراطية، وحرية التعبير للتغلغل وسط المجتمع، وفرض رؤيتها عليه. ويمكن، في هذا السياق، الاستعانة بعدد كبير من التصريحات التي أطلقها قادة في التيار الإسلامي أو التيارات المدنية، والتي تعضد خطاب المؤامرة(14). ولكن هذا الخطاب في حقيقة الأمر لن يقدم أو يؤخر في فهم تعقيد المشهد التونسي أو مآلاته المستقبلية، سواء علي مستوي الدراسة، أو صنع السياسة. هذا لا يعني بالتأكيد النفي المطلق لفكرة المؤامرة، فلا يمكن تجاهل وجود قوي، أو أشخاص، أو مؤسسات في الداخل التونسي أو علي مستوي الإقليم تمتلك أجندة تخصها، ومستعدة للتآمر مع غيرها لتحقيق هذه الأجندة(15).
 
خطاب التوافق وفهم سلوك النهضة:
 
نزعم أن فهم الوضع التونسي، وعلاقة حركة النهضة بغيرها، داخل التيار الإسلامي أو خارجه، يمكن أن يتم بشكل أفضل من خلال خطاب التوافق، وذلك بناء علي الأمور الآتية:
 
- التناقض بين منطقي الدولة والثورة،أو بمعني أدق التناقض بين منطقي الإصلاح و الثورة. فكما رصد أحد الباحثين في تونس، فإن حركة النهضة وحلفاءها من داخل حركة اليسار واجهت تحديات الحكم ومصاعبه، بعد فوزها في انتخابات المجلس التأسيسي، وهو الأمر الذي أدي إلي تغيير الخطاب السياسي من استبطان فكرة الثورة ومنطقها، ومطالبها الاجتماعية والاقتصادية، إلي الحديث باسم الدولة والمؤسسات والتحديات الأمنية، وهو ما يفرض في التحليل الأخير توازنات، وتحالفات، وتنازلات لابد منها للحفاظ علي الدولة(16).
 
- ظهور التعددية داخل التيار الواحد بشكل يشرذم الرؤية، والتوجهات، والسياسات. فنتيجة لانفتاح المجال العام، بعد هروب بن علي، انفتحت الآفاق للتعبير عن التمايزات الداخلية في كل تيار سياسي. فالتيار الإسلامي الذي كان يتم التعبير عنه، من خلال حركة النهضة، توسعت أطيافه، لتضم - بالإضافة إليها - تيارات سلفية أكثر تعددية، بعضها أعلن إيمانه بالقيم الديمقراطية الحداثية، والبعض الآخر رفض الديمقراطية، عملية وقيما وإن استفاد من حالة الانفتاح السياسي التي صاحبت عملية بنائها (17). كما أن التيار المدني اتسع ليعلن عن أطيافه التي قبل بعضها التحالف مع تيار النهضة، ورفض بعضها الآخر التيار الإسلامي بكامله علي أساس أنه تيار يخاصم الحداثة، ويريد العودة بتونس إلي ما قبل دولة الاستقلال(18).
 
وقد فرض هذا التشرذم حسابات عقلانية للتفاوض بين بعض القوي السياسية المحسوبة علي اليسار مع حركة النهضة، خاصة في مواجهة تكفير بعض الجماعات السلفية لتوجهات وسياسات حركة النهضة. وفرض، في الوقت نفسه، علي التيار المدني بزعامة "حزب نداء تونس" التفاوض، من أجل الحفاظ علي عملية بناء المؤسسات، ومحاولة الحفاظ علي علمانية الهوية التونسية، في مواجهة ما بدا أنه جهود لأسلمة المجتمع من قبل التيارات السلفية بشكل خاص.
 
- الانفتاح النسبي للمجال العام، في إطار ما يعرف بنظرية التدافع الاجتماعي. وترفض هذه النظرية التي رفعتها حركة النهضة محاولات فرض أسلمة المجتمع من أعلي (من خلال الدولة، أو النصوص القانونية والدستورية)، وتري أن فتح المجال العام من شأنه أن يحمي خيارات الناس الاجتماعية والسياسية، وسيأتي بالشريعة والإسلام من خلال خيارات الناس الديمقراطية، وهو الأمر الذي يحمي الاثنتين في النهاية. تطورات الوضع التونسي طرحت علي الساحة مسألة التدافع الداخلي داخل كل حركة علي حدة، وليس فقط التدافع علي مستوي المجتمع بين الاتجاهات الأيديولوجية المختلفة، وهو الأمر الذي زاد في تعقيد المشهد، وفرض توجهات التوافق، بدلا من الصراع والمؤامرة(19).
 
- دور المؤسسة العسكرية وجمعيات المجتمع المدني،حيث لا يمكن فهم توازنات الوضع الداخلي التونسي بدون فهم الدور الذي لعبه كل من المجتمع المدني، والمؤسسة العسكرية في تطورات الثورة التونسية. فاحترافية المؤسسة العسكرية التونسية، وإصرارها علي الابتعاد عن تفاصيل المشهد السياسي حرما الأطراف السياسية من إمكانية اللعب علي وتر الاستعانة بهذه المؤسسة في الصراع السياسي، ومهدا لضرورة التوافق بمعني معين، بديلا عن إدخال المؤسسة العسكرية في المعادلة السياسية. علي مستوي آخر، لا يمكن إنكار مستوي النضج داخل مؤسسات المجتمع المدني التونسي، والتي استطاعت أن تتحول إلي منبر يتبني المطالب الوطنية، بدلا من أن تكون منابر للتعبير عن التجاذبات السياسية. فالاتحاد العام التونسي للشغل، الذي كان من أهم القوي المشاركة في الثورة التونسية في مختلف مراحلها، لم يركز علي الطبيعة الفئوية المرتبطة بتكوينه وتعبيره عن القطاعات العمالية، وإنما تجاوز هذا الدور، بالتعاون مع غيره من المؤسسات المدنية، ليكون منصة توافق بين الفرقاء السياسيين(20).
 
- تأثير السياق الإقليمي في فرض خطاب التوافق. فالتطورات في مصر، وعودة الجيش إلي صدارة المشهد السياسي فرضتا مراجعة علي كل الأطياف السياسية. فبعد فترة من التشدد من قبل التيارات المدنية، والإصرار علي استقالة حكومة حركة النهضة، وحل المجلس التأسيسي، والتشدد من قبل حركة النهضة، وحسبان موقف التيارات المدنية محاولة من الثورة المضادة للعودة بتونس إلي الوراء، أدرك الفرقاء السياسيون أن التشدد سيطيح بالجميع في النهاية. ومن ثم، كان سبيل التوافق بين الجميع، وتقديم تنازلات محسوبة من جانب كل طرف بديلا أفضل من تفجير المشهد السياسي بالكامل(21). كذلك، فرضت حالة السيولة التي عانتها الدولة الليبية، بعد سقوط نظام القذافي، وتصاعد وتيرة وقسوة الحرب الأهلية بين القبائل الليبية، نفسها علي المشهد الاجتماعي والاقتصادي داخل تونس، خاصة أنه أضيفت لها مهمة تأمين الحدود الليبية - التونسية في مواجهة تهريب الأسلحة والبشر والحركات المسلحة. ولعل مخاوف انتقال الفوضي وارتفاع تكلفة مواجهة الإرهاب والفوضي، فرضت علي الجميع مراجعة ما، وقبولا بهذه التنازلات(22).
 
هل تجاوزت تونس لحظة احتمالية انتكاس تجربة التحول الديمقراطي؟، وهل تجاوزت خطاب المؤامرة بالكامل من جانب القوي السياسية في مواجهة بعضها بعضا؟ لا يمكن الإجابة بشكل قطعي علي أي من التساؤلين أو أية أسئلة غيرهما. فالبعض يري أن التحول الديمقراطي لم يبدأ في تونس، كما لم يبدأ في أي من تجارب الحراك العربي، وأن ما حدث منذ ديسمبر 2010 هو بداية تفكيك الأنظمة السلطوية، تمهيدا لبدء التحول الديمقراطي. كما أن المؤامرة ستظل واحدة من أدوات القوي السياسية الداخلية أو الدولية لتنفيذ سياستها، وستظل أيضا واحدا من موضوعات التحليل السياسي. المهم ألا تتحول المؤامرة للسيطرة علي العقل العربي لوصف كل ما يحدث حولنا، ولتبرير ضعفنا في مواجهة الآخر.
 
الهوامش:
 
1- Shofwan AlBanna Choiruzzad (2013), “Within a Thick Mist: Conspiracy Theories and Counter Terrorism in Indonesia” in nternational Journal of Social Inquiry, Vol6., No2., pp. 96-116.
 
2- إبراهيم عرفات (2005)، نظرية المؤامرة: مراجعة لدور الشك في التحليل السياسي، في مجلة النهضة، المجلد السادس، العدد 3، ص ص1-.28
 
3- وليام جاي كار (1970)، أحجار علي رقعة الشطرنج، ترجمة: سعيد جزائرلي، دار النفائس.
 
4- محمد عبدالسلام (2006)، قواعد التفكير غير العلمي في المنطقة العربية، جريدة الأهرام القاهرية، 25 و31 يناير 2006، موجود علي الرابط التالي:
 
- http://www.ahram.org.eg/Archive/25/1/2006/FILE.2HTM 
 
5- Reza Habib Raja (2012), Why do Muslims love Conspiracy Theories, available on the following link:
 
http://www.newageislam.com/islam-and-the-west/raza-habib-raja/why-muslims-believe-in-conspiracy-theories/d/6745
 
6- Jon W. Anderson (1996), Conspiracy Theories: Premature Entextualization and Popular Political Analysis, in Arab Studies Journal, Vol. iv, No.1. pp 96-102. Available on the following link: http://faculty.cua.edu/anderson/conspiracy%20ASJ.66pdf
 
7- يختلف المراقبون والمحللون حول مدي جدة هذا النظام عما قبله، خاصة في معرض مقارنة السياسات والانحيازات الاقتصادية للنظام الجديد، ولكن هذا أمر يخرج عن نطاق هذه الدراسة. انظر علي سبيل المثال:
- بيرم ناجي (2012)، حركة النهضة التونسية: دراسة نقدية، الحوار المتمدن، العدد 3824، 19 أغسطس 2012، موجود علي الرابط التالي:
 
- http://www.ahewar.org/debat/show.art.aspaid=320544
 
8- هناك العديد من الكتابات التي تناولت الثورة التونسية من حيث تحليل الأسباب، والسياق، والمسارات. انظر - علي سبيل المثال- لهذه الدراسات:
 
عزمي بشارة (2012)، الثورة التونسية المجيدة: بنية ثورة وصيرورتها من خلال يومياتها، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
 
9- القانون الأساسي لحركة النهضة، علي الرابط التالي:
http://www.ikhwanwiki.com/index.phptitle=%D8%A7%D9%84%D9%82%D8 %A7%D9%86%D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A_%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9
 
10- كمال بن يونس، في احتفال قاطعه اليساريون والدستوريون وحضرته "الترويكا": قيادات النهضة تدعو إلي توافق سياسي وطني، جريدة الصباح، 8 يونيو 2014.
 
11- بيرم ناجي، ضد التيار في تونس: قوة ثالثة جديدة صعبة ولكنها ممكنة (رؤية يسارية ديمقراطية)، الحوار المتمدن، العدد 3818، في 13 أغسطس 2014، متاحة علي الرابط التالي:
 
- http://www.ahewar.org/debat/show.art.aspaid=319694
 
12- انظر، علي سبيل المثال، كلا من الدراسة التي أعدتها صافيناز محمد أحمد، والدراسة التي أعدها سهيل الحبيب حول الانتخابات التونسية للمجلس التأسيسي.
 
- صافيناز محمد أحمد، عام من الثورة التونسية: المسار والتحديات، القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (2012). موجود علي الرابط التالي:
 
- http://acpss.ahramdigital.org.eg/News.aspxSerial=55
 
- سهيل الحبيب، دور الإدماج الحسي المباشر سياسيا وأيديولوجيا في الانتخابات التونسية، الجزء الأول، سلسلة دراسات وأوراق بحثية، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (2012).
 
13- سارة ميرش، الدستور التوفيقي في تونس (2014)، موجود علي الرابط التالي:
http://carnegieendowment.org/sada/21/01/2014/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3/gyzm
 
14- انظر، علي سبيل المثال، تصريحات الغنوشي في جريدة القدس، والتصريحات الموجودة علي منتديات أنصار الشريعة بتونس:
 
- http://www.ansar-alsharee3a.com/showthread.phpt=4709
- http://www.alquds.co.uk/p=127432
 
15- انظر الدراسة التي أعدها أنور الجمعاوي، المشهد السياسي في تونس: الدرب الطويل نحو التوافق، دراسات سياسات عربية، رقم 6، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (2014).
 
16- حول رصد تحولات الخطاب السياسي للتيارات السياسية في تونس، وارتباطها بتغير المواقع من مؤسسات الحكم، انظر دراسة سهيل الحبيب (2012)، المشهد السياسي التونسي من الإدماج الحسي الانتخابي إلي إكراهات التجربة السلطوية العملية: قراءة في دراماتيكية تحول الخطاب ودلالته (2/2)، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
 
17- شيريل جاكوبس، فرصة للاعتدال (2013)، موجود علي الرابط التالي:
http://carnegieendowment.org/sada/27/06/2013/%D9%81%D8%B1%D8%B5 %D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%84/gc6z
 
18- عمر بلحاج صلاح، عودة الثورة المضادة في تونس (2014)، موجود علي الرابط التالي:
 
http://carnegieendowment.org/sada/25/04/2014/%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B6%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3/h93r
 
19- سهيل الحبيب، المشهد السياسي التونسي من الإدماج الحسي الانتخابي إلي إكراهات التجربة السلطوية العملية: قراءة في دراماتيكية تحول الخطاب ودلالته (2/2)، مرجع سابق (2012).
 
20- خميس بن بريك، الرابحون والخاسرون من المسار الانتقالي بتونس (2014)، موجود علي الرابط التالي:
 
http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/30/1/2014/الرابحون-والخاسرون-من-المسار-الانتقالي-بتونس
 
21- محمد كرو، خطوة تونس التاريخية نحو الديمقراطية (2014)، موجود علي الرابط التالي:
 
http://www.carnegie-mec.org/22/04/2014/%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9/h8sw
 
22- صافيناز محمد، مرجع سابق.
 
- كذلك، انظر تصريحات راشد الغنوشي عن تونس، ومصر، والخليج، الموجودة علي الرابط التالي:
http://www.noonpost.net/content/2120
طباعة

    تعريف الكاتب

    د. أمل حمادة

    د. أمل حمادة

    مدرس العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة