أنشطة السياسة الدولية - مؤتمرات وندوات

مرحلة مؤقتة:| " ندوة" تحديات الاستقرار الداخلي في مصر

طباعة
 نظرا لانعكاسات الوضع الداخلي في مصر بعد ثورة 30 يونيو على المنطقة العربية، وخصوصا دول الربيع العربي، عقد مركز عصام فارس بدولة لبنان ندوة حملت عنوان " تحديات الاستقرار والديمقراطية في مصر" للوقوف على ما تمر به مصر من تداعيات بعد 30 يونيو. وقد شارك في الندوة عدد من خبراء العلوم السياسية، كان على رأسهم  الدكتورة نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية، والمفكر جورج إسحاق، القيادي بجبهة الإتقاذ المصرية، ومؤسس حركة كفاية.
  في بداية الندوة، أكد طلال سلمان، الناشر الصحفي بجريدة السفير اللبنانية، أن ثورة 30 يونيو أسقطت محاولة إعادة التاريخ إلى الخلف بشعارات الإخوان التي تنكر على المسلمين إسلامهم، قبل أن تنكر على الأقباط وطنيتهم وانتماءهم إلى الأرض التي تحمل اسمهم. ورأى أن مصر تؤكد بثورتها أنها تعرف طريقها إلى غدها الأفضل، مؤكداً أن شعبها الذي عرف بإيمانه العميق ونبذه العنف لن يتساهل مرة أخرى مع الذين اختطفوا ثورته، فاحتكروا السلطة، وحاولوا استيراد مصر أخرى متعصبة في وجه المؤمنين، ومغلقة على الماضي في وجه الثوار الشباب المؤهلين لبناء المستقبل.
 
أولا- انعكاسات الداخل المصري على اندلاع ثورة 30 يونيو:
 
شددت الدكتورة نيفين مُسعد على أن السبب الأهم الذي قاد إلى تظاهرات 30  يونيو هو أن النظام الجديد الذي حاول حكم مصر بعد وصول "الإخوان" أراد تغيير هوية مصر، على أساس أن مصر هي الدولة الرئيسية لإقامة الخلافة الإسلامية. ولفتت إلى أن هذا النظام أثر سلباً من خلال مقاربته للعلاقة بين مكونات مصر الداخلية، عن طريق تعزيز الهوية، والتحريض بين المسلمين والمسيحيين، وبين الشيعة والسنّة، مستشهدةً بحادثة التعرض للشيعة في مؤتمر عقد لدعم سوريا، وكأن هناك شعباً "إخوانياً" وليس شعباً مصرياً. وأضافت أن إحدى خطايا "الإخوان" هي حكم مصر بمنطق التنظيم، وليس إدارة الدولة، وذلك من خلال تغليب عنصر الولاء الحزبي على عنصر الكفاءة، أو الاتصال الخارجي بمسئولي "الإخوان".
 
ورأت مُسعد أن ما قاد إلى 30 يونيو أيضاً هو تركيز السلطات في يد الرئاسة، معتبرة أن "الإخوان" حولوا مصر إلى أضحوكة، وأن النظام لم يكن إسلامياً بقدر ما كان إخوانياً، معتمدين على قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" كما في مسألة قبول القروض من صندوق النقد الدولي على خلاف مبادئهم الإسلامية التي ترفض الربا. وقالت إنَّ من بين القضايا التي أثَّرت فى نظام "الإخوان" هو السعي لـ "أخونة" القضية الفلسطينية بتعاملهم مع القضية الفلسطينية من منطلق أيديولوجي على أساس أن "حماس" تنتمي إلى "الإخوان المسلمين".
 
وأكدت مُسعد أن الجيش لا يستحوذ على السلطة، ولو أن له دوراً أساسياً، معربة عن اعتقادها بأن الانتخابات النيابية والرئاسية ستحصل، مشيرةً إلى الحاجة إلى الجيش للحفاظ على الاستقرار.
 
ثانيا- تأثير التحديات الاقتصادية فى الاستقرار المصري:
 
وعرضت دكتورة نيفين للتحديات التي تواجه مصر حالياً ومستقبلاً، فأكدت أن التحدي الأول والخطير هو اقتصادي، ويراهن عليه الإسلاميون و"الإخوان" للدفع في اتجاه النقمة على الجيش، والقائمين على الحكم، خاصة أن "الإخوان" يدفعون في اتجاه العصيان المدني، ويريدون شل القدرة الاقتصادية. لكنها لفتت إلى أن الجيش يواجه ذلك بخطوات ذكية، منها إلغاء دفع بعض المصاريف والغرامات.
 
وأضافت نيفين مسعد أن التحدي الثاني هو دور الجيش في الحياة السياسية، لافتةً إلى أن هناك محاولات لدفع الفريق السيسي للترشح إلى الرئاسة، وهذا ما يضر به وبالجيش، مشيرةً إلى أن لو خلع السيسي بذلته العسكرية، وترشح للرئاسة، فإنه سيفوز بأكثرية كبيرة. ورأت أن من بين التحديات مسألة الاستقلال الوطني، وكيفية التوفيق بين مواجهة التحديات الاقتصادية، والاعتماد على المعونات المالية من دول الخليج، وتشكيل واقع سياسي لا يتأثر بهذه الدول.
 
 وعن العلاقة مع الولايات المتحدة، قالت الدكتورة نيفين مسعد إن الجيش يحتاج إلى المعونة الأمريكية من أجل التسليح والتدريب، على الرغم من الاختلاف في عدد من القضايا.
 وأكدت مسعد في نهاية كلمتها محورية تحدي تحقيق الديمقراطية، في ظل وجود موجة تدفع في اتجاه الاقتصاص من كل تنظيم "الإخوان"، لافتة إلى أهمية التمييز بين المحرضين على العنف والفئات الأخرى، ولا سيما الشبابية منها، وعدم اعتماد مبدأ الإقصاء.
 
واستعرض  المفكر السياسي جورج إسحاق  الوقائع التي أدّت إلى ما هو عليه الوضع اليوم، معتبراً أن فض التظاهر في رابعة والنهضة صوّر الإخوان على أنهم مظلومون، بينما هم الظالمون، وأن أخطر ما فعله الإخوان خلال حكمهم هو إصدار إعلان دستوري غير توافقي، ومباشرة "أخونة" النظام والدولة، والاستئثار بالحكم دون أي شريك، بما قسم المجتمع المصري عمودياً.
 
 ولفت جورج  إلى أن مطالب جبهة الإنقاذ انحسرت سابقاً فى تغيير رئيس الحكومة، والنائب العام، وقانون الانتخاب. غير أن عدم تجاوب الرئيس محمد مرسي، واقتصار دعواته للحوار على الجهد الشكلي، أدّى إلى المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لافتاً إلى أن الجبهة لم يكن لديها أي آلية للوصول إلى ذلك. لكن جهد الشباب في الحصول على توقيع 23 مليون مصري، وتظاهرة 30 يونيو التي كانت عفوية، ولم يكن للجيش أي علاقة بها، دفعا القوات المسلّحة إلى تنحية الرئيس، مما فتح بالمجال أمام التغيير.
 
وقال إسحاق إنَّ النظر إلى ما حصل في 30 يونيو على أنه انقلاب هو إهانة للشعب المصري، ونفى مقولة إن الجيش يحكم مصر اليوم، وإنه سيطر على تمرّد 30 يونيو، مبدياً اعتقاده بأن الفريق السيسي لن يترشّح للرئاسة. ولفت إلى أن الجيش يحمي خريطة المرحلة الانتقالية التي قُدّمت إليه، وتتضمّن عدة خطوات، أبرزها تشكيل لجنة تأسيسية جامعة لوضع مسوّدة دستور ديمقراطي حديث يوافق عليها 70 في المائة من هذه اللجنة، مشيراً إلى أن هذه المسوّدة ستكون قابلة للنقاش والتعديل، وستطرح على استفتاء شعبي.
 
ثالثا- رؤية واقعية للانتخابات النيابية المقبلة في مصر:
 
وأضاف إسحاق أن الخطوة التالية يجب أن تكون إجراء انتخابات نيابية، وفق قانون جديد مختلط، مناصفة بين النسبية والدوائر الفردية، بموازاة تنقية قوائم الناخبين، واعتماد التصويت الإلكتروني، ليصار بعدها إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، موضحاً أنَّ الانتخابات النيابية السابقة كانت حرّة، ولكن شابها استعمال الدين بشكل كبير، لا سيّما مسألة محاربة المرشّحين المسيحيين عبر شعار عدم جواز ولاية غير المسلم على المسلم. 
وكشف عن أن جبهة الإنقاذ ستخوض الانتخابات النيابية بقوائم موحّدة تعتمد الكفاءة والحيثية الشعبية في اختيار مرشّحيها، وأن ما تصبو إليه الجبهة هو دولة مدنية حديثة تعتمد على المواطنة، وعدم التمييز الديني، أو المذهبي، أو الطبقي بين أبناء الشعب، مرتكزاً لها، داعياً إلى الاجتهاد للتوفيق بين مقتضيات الفقه الإسلامي، وموجبات هذه الدولة. 
 
ورفض إسحاق دعوات اجتثاث جماعة الإخوان المسلمين، مؤكداً رفضه منطق عزل الجماعة سياسياً، معتبراً في الوقت نفسه أن شعبية الإخوان لن تعود إلى ما كانت عليه قبل توليها الحكم في المستقبل المنظور. وأبدى حذراً من تدفّق الأموال الخليجية إلى مصر، إن كان لدعم الدولة، أو لدعم الإخوان والسلفيين، داعياً إلى تشديد الرقابة على مآل هذه الأموال النهائي. 
طباعة

    تعريف الكاتب

    أسماء رأفة

    أسماء رأفة

    باحثة بجامعة بيروت