كتب - كتب أجنبية

"الأفول":|مستقبل تنظيم القاعدة بعد الثورات العربية

طباعة

السبت 3-3-2012

عرض :رضوي عمار
باحثة دكتوراه،‮ ‬كلية الاقتصاد والعلوم السياسية،‮ ‬جامعة القاهرة‮ ‬


Fawaz A. Gerges,The Rise and Fall of Al-Qaeda ,New York: Oxford University Press, 2011

لا‮ ‬يزال صعود وسقوط القاعدة إحدى القضايا التي تشغل الدوائر السياسية والرأي العام في الدول الغربية، وكذا الأوساط الأكاديمية التي تراه تحديا ترصده العديد من الأبحاث والدراسات‮.وقد احتدم الجدل بعد الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة‮ "‬أسامة بن لادن‮" ‬في مايو‮ ‬1102،‮ ‬والذي قد تؤثر تداعياته في مستقبل الإرهاب، خاصة مع الثورات العربية التي يرى أنصارها أن القاعدة صناعة أمريكية، وذريعة للتدخل في الأراضي الإسلامية‮.‬

ويعرض كتاب "صعود وسقوط القاعدة " للجدل الذي يدور بشأن مستقبل القاعدة بعد مقتل زعيمها، حيث يذكر أن كلا من‮ "‬بن لادن‮" ‬وخليفته‮ "‬أيمن الظواهري‮"‬ لم يؤثرا في الرأي العام العربي‮. ‬فالهجمات علي المدنيين ولدت سخط المسلمين علي القاعدة‮. ‬إلا أنه من ناحية أخري، يأتي تصريح‮ "‬الظواهري‮" ‬بعد ستة أسابيع من مقتل بن لادن علي أيدي القوات الأمريكية الخاصة،‮ ‬والذي يقول فيه إن‮ "‬بن لادن‮" "‬أرهب أمريكا في حياته‮" ‬وسوف‮ "‬يستمر في إرهابها بعد مماته‮"‬، ليشعل الجدل من جديد‮.‬

ويرى الكاتب أنه علي الرغم من حديث أوباما عن سعي القاعدة للحصول علي الأسلحة الذرية، وكون ذلك يمثل التهديد الأكبر الوحيد لأمن الولايات المتحدة الأمريكية،‮ ‬فإن السيناريو الوحيد الممكن لحصول القاعدة علي القنبلة النووية هو أن تصنعها بنفسها،‮ ‬وهو ما يصعب القيام به‮. ‬ويشير الكاتب إلى أن العديد من المسئولين الأمريكيين الحاليين كانوا يعملون في الشأن السوفيتي، وهم يرون الحرب علي الإرهاب الآن من منظور رؤيتهم للحرب الباردة‮.

‬فبعد مقتل بن لادن، سارع المسئولون والخبراء الأمريكيون إلى التحذير من أن الحرب ضد القاعدة لم تنته‮. ‬ففي هذا السياق،‮ ‬صرحت وزيرة الخارجية‮ "‬هيلاري كلينتون‮" ‬بأنه علي الرغم من موت‮ "‬بن لادن‮"‬، فإن القاعدة لا تزال تمثل تهديدا خطيرا، وأن الولايات المتحدة مستمرة في عملياتها الهجومية ضدها‮.  ‬إلا أن‮ "‬جرجس‮" ‬يرى أن الحرب قد انتهت،‮ ‬وأنه لا يمكن مواجهة الإرهاب عبر التدخل العسكري، الذي قد ينتج عنه رد فعل يؤدي لمزيد من الإرهاب‮.‬

القاعدة وتحول مسارات الجهاد‮:‬

يرى الكتاب أن فترة الثمانينيات والتسعينيات وما بعد‮ ‬11‮ ‬سبتمبر شهدت منعطفات فارقة، حيث استعانت الدول بفاعلين من‮ ‬غير الدول،‮ ‬مثل المجاهدين الأفغان، والأفغان العرب، وتنظيم الجهاد، والجماعة الإسلامية، والقاعدة وغيرها من التنظيمات الشبيهة لخدمة مصالحها‮. ‬وفي الوقت ذاته،‮ ‬قبل الفاعلون من‮ ‬غير الدول التفويض وشن الحرب، حتي يتمكنوا من الوصول للسلطة في بلدانهم‮.‬

وفي هذا السياق،‮ ‬أشار‮ "‬جرجس‮" ‬إلى أن القاعدة لم تظهر كتنظيم عالمي قبل النصف الأخير من التسعينيات،‮ ‬وأن رؤية‮ "‬بن لادن‮" ‬للجهاد كانت ترتكز علي مواجهة السوفيت وليس الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت حليفا وقتها ضد الشيوعية‮. ‬بينما جاء التحول إثر حرب الخليج، والتدخل العسكري الأمريكي في منطقة الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية مهد الإسلام وموطن‮ "‬بن لادن‮".

وهو ما رآه جزءا من مؤامرة أمريكية تهدف لإنشاء قواعد عسكرية تسيطر من خلالها علي أراضي المسلمين، وتستولي علي النفط،‮ ‬خاصة بعد قبول المملكة الحل الأمريكي،‮ ‬ورفض الاستعانة بالمجاهدين لمواجهة جيش‮ "‬صدام حسين‮". ‬ولذا،‮ ‬أعلن‮ "‬بن لادن‮" ‬في عام‮ ‬1995‮ ‬قرار الجهاد الدولي، باعتباره الوسيلة الفضلى لإجبار الولايات المتحدة الأمريكية علي الانسحاب من الأراضي العربية والإسلامية‮.‬من ناحية أخري، ذكر الكتاب أن قرار بوش بغزو العراق عام‮ ‬2003‮ ‬ مثل تحولا آخر في مسار القاعدة، حيث مكنها من إعادة تنظيم صفوفها،‮ ‬كما أنه حول الصراع مع القاعدة لصراع مع العالم الإسلامي، الأمر الذي كان يسعى إليه‮ "‬بن لادن‮" ‬و"الظواهري‮". ‬

غير أن الهجمات الانتحارية وعمليات الخطف والذبح التي قام بها‮ "‬أبو مصعب الزرقاوي‮" ‬زادت سخط الرأي العام الإسلامي ضد القاعدة،‮ ‬فضلا عن مواجهة التنظيم انقسامات داخلية طالبت بعزل‮ "‬بن لادن‮" ‬ووصفته بالسبب المباشر للاضطرابات التي اجتاحت العالم الإسلامي‮. ‬وفي هذا الصدد،‮ ‬أكد الكتاب وجود انقسامات بين أنصار حركة الجهاد،‮ ‬تصاعدت وتيرتها عقب أحداث‮ ‬11‮ ‬سبتمبر‮.‬

وأشار الكتاب إلى أن التنظيمات التي تحمل اسم القاعدة في اليمن والصومال والمغرب الإسلامي ليست امتدادا لها،‮ ‬فهي قد تشترك معها في الرؤية والخطاب والأدوات، لكن نشاطها يقتصر علي الإطاحة بالسلطة،‮ ‬وليس الأعداء الخارجيين‮. ‬

ويرى أن‮ "‬بن لادن‮" ‬هدف من وراء هجمات‮ ‬11‮ ‬سبتمبر إلى قتل المئات من الأمريكيين لإجبارهم علي إعادة التفكير في وجودهم العسكري في العالم الإسلامي، بينما استغل الرئيس بوش وإدارته هذه الهجمات كذريعة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط‮.‬

القاعدة بعد الثورات العربية‮:‬

يذكر‮ "‬جرجس‮" ‬أن السؤال الذي شاع بعد أحداث‮ ‬11‮ ‬سبتمبر حول لماذا يكره العرب والمسلمون الولايات المتحدة، لم يكن موفقا، فالسؤال هو‮: ‬لماذا أهمل صناع السياسة في الغرب توق ملايين العرب والمسلمين إلى الحرية؟ ، فالثورات السلمية التي اجتاحت العالم العربي بعد عشر سنوات من نشأة القاعدة كشفت عن حقيقة ادعاء القاعدة بأنهم طليعة المسلمين الذين سينشرون التغيير الثوري في المجتمعات الإسلامية‮. ‬فقد قادت هذه الثورات الطبقة المتوسطة التي ضمت الرجال والنساء من مختلف الفئات العمرية والأطياف السياسية‮.‬

ولم تقدم القاعدة رؤية اقتصادية أو سياسية للمستقبل الذي ترغب فيه الشعوب العربية‮. ‬فالقاعدة رأت الديمقراطية بدعة ومبدأ شيطانيا،‮ ‬كما رأت أن العنف والإرهاب وحده يحقق التغيير‮. ‬بينما كشف الواقع عن أن المعارضة السلمية أكثر تأثيرا في تحقيق التغيير المنشود‮.‬

ويرى أن هذه الثورات تمثل فرصا للولايات المتحدة الأمريكية لبناء أواصر الثقة المتقطعة مع مجتمعات هذه الدول‮. ‬ومن ناحية أخري،‮ ‬يوصي بتعجيل خروج القوات الأجنبية من الأراضي الإسلامية،‮ ‬فضلا عن ضرورة دعم إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة‮.‬

طباعة

تعريف الكاتب

فواز جرجس

فواز جرجس

باحث أمريكي لبناني الأصل متخصص في شئون االشرق الأوسط