من المجلة - المقــــــــــــالات

الحوار الوطني.. رؤية للمحتوى «مستقبل مصر»

طباعة

أطلق سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية الذي يقام سنويًا دعوة للحوار الوطني مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز بهدف النقاش حول «أولويات العمل الوطني فى المرحلة الراهنة»، قائلا: إن «مصر وطن يتسع للجميع، والاختلاف فى الرأي لا يفسد للوطن قضية»، مكلفًا (إدارة المؤتمر الوطني للشباب) بالتنسيق مع التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي والتيارات السياسية والحزبية والشبابية كافة لإدارة هذا الحوار.

أولًا- المقدمات:
وقد حدد سيادته الأطر العامة للقضايا المصيرية التي يمكن أن تكون أساسًا للحوار والنقاش بين القوى السياسية، هذه الأطر العامة يمكن أن نستشفها فى القرارات الثلاثة عشر التي أعلنها الرئيس فى هذا الخطاب، وهي:
1- تكليف الحكومة بعقد مؤتمر صحفى عالمي لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تشمل تنفيذ إجراءات عاجلة لتحسين واقع الاستثمار وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مجالات البنية التحتية، والطاقة، والتحول الرقمي.
2- إطلاق مبادرات دعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني، ومن خلال دعم الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، مع تقديم عدد من الحوافز فى صورة أراض بحق الانتفاع وإعفاء من الضرائب لمدة خمس سنوات، بالإضافة إلى تقديم أوجه الدعم اللازم لتقنين الأوضاع للمخالفين، وتقديم الدعم الفني والمادي اللازم للمتعثرين.
3- تكليف أجهزة ومؤسسات الدولة بالاستمرار فى دعم مبادرة التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي التي نفذتها خلال الشهرين الماضيين، لتقديم الدعم والحماية الاجتماعية لعدد تسعة ملايين أسرة، مع قيام الحكومة بدعم التحالف بقيمة 9 مليارات جنيه حتى نهاية العام الجاري.
4- انطلاقًا من إعلان عام 2022 عامًا للمجتمع المدني, فعلى كافة الأجهزة المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، إطلاق منصة حوار من خلال التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي ووزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي لحقوق الإنسان لتقديم الدعم الأهلي والمجتمعي، واقتراح التعديلات التشريعية اللازمة لتسهيل العمل المجتمعي، بما يخدم أهداف الدولة فى تحقيق التنمية المستدامة.
5- تكليف الحكومة ومختلف الأجهزة المعنية بتعزيز جميع أوجه الدعم المقدم لمزارعي القمح فى مصر، وذلك بزيادة المحفزات المقدمة للمزارعين سواء كانت مادية, خدمية، وبما يحقق الاكتفاء الذاتي من القمح.
6- إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات (المؤتمر الوطني للشباب), على أن تتصل قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة.
7- تكليف الوزارات والمؤسسات والأجهزة التي ساهمت فى توفير السلع الأساسية للمواطنين من خلال المعارض المختلفة التي تم إقامتها على مستوى محافظات الجمهورية، بالعمل على استمرار عمل هذه المعارض لتقديم كافة السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مدعمة حتى نهاية العام الجاري.
8- تكليف إدارة المؤتمر الوطني للشباب بالتنسيق مع مختلف التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الحالية، ورفع نتائج هذا الحوار إلي الرئيس  شخصيًا مع وعد بقيام سيادته بحضور هذه الحوارات فى مراحلها النهائية.
9- قيام الحكومة بالإعلان عن خطة واضحة يتم الالتزام بها لخفض الدين العام، وسد عجز الموازنة على مدار الأربع سنوات المقبلة.
10- قيام الحكومة بطرح رؤية كاملة للنهوض بالبورصة المصرية تهدف إلى زيادة أحجام وأعداد الشركات المقيد لها أوراق مالية.
11- تكليف الحكومة بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص فى الأصول المملوكة للدولة ومستهدف 10 مليارات دولار سنوياً ولمدة أربع سنوات.
12- قيام الحكومة بالبدء بطرح حصص شركات مملوكة للدولة فى البورصة المصرية، ومن ضمنها الشركات المملوكة للقوات المسلحة قبل نهاية هذا العام.
13- استكمال سداد المديونية الخاصة للغارمين والغارمات الموجودين فى السجون بتكلفة مالية تصل إلى 450 مليون جنيه لإخلاء سبيلهم، وذلك كدفعة أولى للمساعدات المقدمة لهم ولأسرهم، والعمل على دمجهم فى الحياة العامة وتمكينهم اقتصاديا.
ثانيًا- المفاهيم والسياق والأهداف:
1- المفاهيم:
تمثل هذه القضايا الثلاث عشرة أساسًا واضحًا للحوار بين مختلف القوى السياسية حول أولويات العمل الوطني، الأمر الذي يتطلب التحضير للعملية الحوارية وفقًا لها. ونجد أن الإطار المفاهيمي الذي ورد فى قرارات الرئيس، وفقًا لتقديري يشمل ما يلي:
أ- الحوار الوطني وليس الحوار السياسي سيكون وفقًا لما طالب به عملية حوارية وتشاورية متسعة مع أطراف عديدة، تمثل كافة فئات الشعب ومن كل المحافظات، وليست مقصورة على النخب السياسية أو الثقافية أو الإعلامية فقط، ما ألمح إليه فى قرار تكليف إدارة مؤتمر الشباب بإدارة الحوار.
ب- إن أعمال الحوار الوطني ينبغي أن تقدم إطارًا قابلًا للتنفيذ، يقدم رؤى كل فئات المجتمع لمسارات الجهود التنموية والسياسات التي انتهجتها الدولة والحكومة وفقًا لاستراتيجية مصر 2030، وما يمكن طرحه من رؤى وسياسات بديلة قابلة للتطبيق الفعلي بهدف مساعدة المواطنين على التوافق وفهم حزمة السياسات العامة التي يمكن أن تكون أحد مخرجات الحوار، الأمر الذي إذا تطور فى رؤية شاملة متوافق عليها، يتطلب تعديلات كبيرة فى السياسات العامة للدولة، وقد يقتضي تعديل بعض مواد الدستور أو تغييره بالكامل.
ج- ينبغي أن يكون التمييز واضحًا بين أننا ندير حوارًا وطنيًا ولسنا بشأن الحديث حول نزاعات وآليات تسويتها، مثل المفاوضات والوساطة، ينبغي على الجميع قبل انطلاق أعمال الحوار ولإنجاح مخرجاته التوافق على أننا اجتمعنا لنتحاور، ولم نجتمع لتسوية نزاعات أو إدارة أزمة، ولكننا نجتمع جميعًا كمصريين للتباحث حول إشكاليات معقدة وتحديات كبيرة أمام الوطن.
د- إن المحور الرئيسي للحوار هو «مستقبل مصر اقتصاديًا ومجتمعيًا»، حيث إن القرارات التي تعلقت بذلك قد بلغت 10 قرارات فى تكليفه، ومن ثم فينبغي العمل إعلاميًا، ونصًا فى دعوة الحوار وبرنامجه على تبني هذه القضايا التي ينبغي أن تعطى لها الأولوية، وأن يعلن بوضوح أن جدول أعمال، ومحاور وجلسات النقاش، وورش العمل، ستعمل جميعها لتحقيق التوافق المجتمعي الشامل حولها.
هـ- لا تعنى الدعوة للحوار أن هناك حديث عن عدم استقرار الوضع السياسي أو أي أزمة سياسية تعاني منها مصر، وإن كان من المتوقع أن تشمل جلسات الحوار مكونًا مهمًا يتعلق بحقوق الإنسان ولكن فى ظل الالتزام الكامل بالرؤية المصرية الشاملة لحقوق الإنسان التي لا تقصره فى المكون السياسي والقانوني فقط، وذلك فى ظل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تهدف إلى ضمان توفير حياة كريمة للمصريين فى الصحة، والتعليم، والسكن، والنقل، إلى الحقوق. وبعيدًا عن الدخول فى المهاترات التي ذهبت إليها بعض القوى السياسية، والتي قد تختلف رؤاها وتصوراتها وتوجهاتها وتقديراتها للواقع ورؤيتها لسبل الحل وحتى أهدافها من المشاركة فى الحوار، ولا ينبغي على فصيل استباق الحوار أو وضع شروط للمشاركة، وتحويل جوهر فكرة الحوار لخلق أزمة سياسية، ومن ثم ينبغي ترشيد هذه القوى عبر تهيئة وتحضير أطراف الحوار للدخول فى العملية الحوارية من خلال أجندة واضحة لا تحمل اللبس أو التأويل، بما يجعل جلسات الحوار الرسمية فعالة وبناءة ومنجزة، حيث إن اختلاف سقف الطموح لدى هذه القوى عن أولويات أجندة الحوار، يمكن له فى أية لحظة أن يفجر الأمر بما يخلق أزمة حقيقية.
و- بانتهاء الحوار وورش العمل المعمقة، التي ستترجم ما ورد فى النقاشات الموسعة خلال جلسات العمل المفتوحة لكل الأطراف، فإن الأمر متروك لسيادته لإقرار ما سينتج عن الحوار من توصيات وسياسات، وينبغي أن يقر ذلك بوضوح فى جدول الأعمال التمهيدي.
فى هذا الإطار المفاهيمي، وفى إطار تكليف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي لإدارة المؤتمر الوطني للشباب -والذي يتم تنظيمه تحت مظلة الأكاديمية الوطنية للتدريب- جاءت استجابة الأكاديمية لإدارة حوار وطني حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة ورفع نتائج هذا الحوار إلى سيادته. وهي رسالة ينبغي أن تصل للجميع لتجهيز أنفسهم بأن الحوار شامل ولا يقتصر فحسب على المكون السياسي أو الحقوقي.
من أجل بناء الثقة، ووفقًا للخبرات المحلية والدولية السابقة فى إدارة مثل هذه الحوارات، فقد أكدت الأكاديمية الوطنية للتدريب أنها ستقوم بإدارة هذا الحوار الوطني بكل تجرد وحيادية تامة. وأن دورها سيتمثل فى التنسيق بين الفئات والقوى والمنظمات القانونية والنقابات والهيئات المختلفة المشاركة بالحوار، دون التدخل فى مضمون أو محتوى ما يتم مناقشته، من أجل إفساح المجال أمام حوار وطني جاد وفعال وجامع يتماشى مع طموحات وتطلعات القيادة السياسية، وليكون خطوة فى غاية الأهمية تساعد فى تحديد أولويات العمل الوطني، وتدشن لتحقيق أحد أهم أهداف الجمهورية الجديدة التي تقبل بالجميع ولا يمكن فيها أن يفسد الخلاف فى الرأي للوطن قضية.
والتزامًا بتكليف السيد الرئيس، فقد أكدت  الأكاديمية الوطنية للتدريب قيامها بتوسيع قاعدة المشاركة فى الحوار من خلال دعوة جميع ممثلي المجتمع المصري بكافة فئاته ومؤسساته بأكبر عدد ممكن لضمان تمثيل جميع الفئات فى الحوار المجتمعي، وتحقيق الزخم الحقيقي والمصداقية وتدشين لمرحلة جديدة فى المسار السياسي للدولة المصرية، بعد أن عبرت جميع التهديدات والمخاطر الأمنية التي كانت تضعها فى حالة استثنائية، كما سيتم مراعاة التنوع فى أماكن عقد جلسات الحوار، بحيث تشمل معظم مناطق الجمهورية. كما فتحت باب التسجيل على الموقع الإلكتروني للمؤتمر الوطني للشباب لمن يرغب فى المشاركة وفتح الأفق والمجال أمام الجميع.
وفى النهاية، سيتم تشكيل لجنة مشتركة حيادية من مراكز الفكر والرأي، تكون مهمتها تجميع مخرجات الحوار الوطني عبر جلساته المختلفة فى وثيقة أولية موحدة متفق عليها من جميع القوى والفئات المشاركة يتم رفعها إلى رئيس الجمهورية.
2- السياق والأهداف:
أ- السياقات الدولية:

تدل سابق خبرة الحوارات الوطنية على المستوى الإقليمي والدولي، على أنها طريقة فعالة للتغلب على التصدعات، وأنها تقدم حلولًا يمكن أن تساهم فى تسوية النزاعات الداخلية، ولإعادة بناء العلاقات بين الدولة ومؤسساتها ومجموعاتها المختلفة فى مجتمع يمزقه النزاع، بغية التوصل على النحو الأمثل إلى عقد اجتماعي جديد بين مجموعات المصالح المتنوعة المعنية بالنزاع، ومعظمها لم تكن حوارات بل كانت أقرب إلى المفاوضات والوساطة. وهو ما تدلنا عليه خبرة العقد الماضي فى المنطقة العربية وحتى اليوم، حيث اكتسبت الحوارات الوطنية -خاصة فى دول ما يطلق عليه الربيع العربي، والعديد من الدول الإفريقية- أهمية ملحوظة بوصفها منصات للتحول السلمي، وأيضًا لحماية السيادة الوطنية من التدخلات المدارة دوليًا فى أنحاء كثيرة من العالم. إزاء هذه الخلفية، تنشأ ممارسات الحوار الوطني كآلية صالحة لتحويل مسار النزاعات عبر الوساطة والتفاوض، بحيث تكون قادرة على استيعاب المطالب المختلفة للقوى الوطنية المتنازعة.
ولعل أشهر انعقادات هذه الحوارات، التي تعد وفقًا للبعض المد الثالث للديمقراطية الغربية، ما يلي:
أولًا-  من  أجل  التصدي  للاضطرابات  السياسية  الكبرى  التي  تسبب  فيها  انهيار  الحكم الشيوعي فى أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى فى عام 1989 ، حيث عقدت بولندا، والمجر، وتشيكوسلوفاكيا، وألمانيا الشرقية، وبلغاريا آنذاك سلسلة من اجتماعات الموائد المستديرة لتفتح أبواب الديمقراطية أمام الجهات الفاعلة الناشئة حديثًا وقتها وأجنداتها.
ثانيًا- أدى ارتفاع الشعور بالاستياء العارم والفجوة المتنامية بين المواطنين والنخبة الحاكمة، وسط الوعي المتصل بالذكرى المئوية الثانية للثورة الفرنسية، إلى دفع عدد من البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية إلى عقد مؤتمرات وطنية فى أوائل التسعينيات من القرن العشرين.
 ثالثًا- خلال  التسعينيات  من  القرن  العشرين  أجرت  بلدان  كثيرة  فى  أمريكا  اللاتينية عمليات لوضع الدستور قائمة على التوافق فى محاولتها لتعزيز الجانب التشاركي فى  الحكم  والتنمية. وتعكس  العمليات  التي  جرى  من  خلالها  التوصل  إلى  الاتفاق عناصر  دستورية أصبحت سمة رئيسية بهذه البلدان،  كما  فى  بوليفيا  وكولومبيا.
 وفى معظم هذه الخبرات، فإن الحوارات الوطنية تأتي استجابة لأزمات ذات أهمية وطنية شاملة. وبعد عمليات الانتقال السياسي عندما  تنزع الشرعية عن المؤسسات الوطنية كجزء من عملية الابتعاد عن الحرب الأهلية، هنا تطلق الحوارات الوطنية فى سياقات التحول، عندما تنزع الشرعية عن المؤسسات القديمة وتستدعي الحاجة وضع عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع.
وتقوم هذه الحوارات التي تحاول حل الأزمة السياسية، باستبدال النظم السياسية القديمة، وتضع آليات أكثر شمولًا. ويتولد عن الحوارات الوطنية، بوظيفتها هذه، قيادة يطلقون عليها القيادة الوطنية، وذلك ضمن  نظام  جديد سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، سعيًا لحل الخلافات سلميًا.
وفقًا للسياق القائم لخبرات هذه الحوارات الوطنية فقد ركزت على مجموعة ضيقة من الأهداف المحددة تتعلق بالترتيبات الأمنية، والتعديلات الدستورية، ولجان تقصي الحقائق، وإعادة بناء نظام سياسي جديد، ووضع عقد اجتماعي جديد. ولعل أبرز هذه الأهداف قد تمثلت فيما يلي:
- الحوارات الوطنية كآليات لمنع الأزمات وإدارتها:
الحوار الوطني هو مسعى قصير الأمد، يتخذ استراتيجيًا كوسيلة لحل أو لمنع اندلاع عنف مسلح، بما يسمح بكسر الجمود السياسي وإعادة إرساء حد أدنى من التوافق السياسي، فيما يمكن التفاوض حول الإصلاحات والخطوات الأخرى لتحقيق التغيير.
- الحوارات الوطنية كآليات للتغيير الأساسي (الدستور):
حيث تتكثف جلسات الحوار حول دعم الجهود المبذولة على مسار أطول أمدًا، والمتبعة كوسيلة لإعادة تعريف الإشكاليات العالقة بين الدولة والمجتمع، أو للتأسيس لعقد اجتماعي بهدف تحقيق تغييرات مؤسسية ودستورية بعيدة المدى.
ب- السياق المصري والأهداف:
بعد ثمانية أعوام من التجربة التنموية المصرية، شاء القدر أن يتعرض العالم لأزمة كبرى تتمثل فى جائحة كورونا التي أوقفت الإنتاج فى الدول الصناعية الكبرى نتيجة قرارات الإغلاق، وامتدت آثارها لتشمل سلاسل الإمداد والتوريد عبر مختلف وسائل النقل، وقُيدت على إثرها حركة السياحة أيضًا خوفًا من تمدد وانتشار الجائحة، وهي الأمور كلها التي دفعت العالم لمراجعة أولوياته وسياساته لمواجهة هذه التحديات. فبعد أن كانت قضية البطالة هي الأولوية الأولى على أجندة المنظمات المالية والنقدية الدولية، عادت قضية التضخم لتتصدر المشهد، بعد المعاناة الشديدة من آثار الجائحة على الاقتصاد العالمي وعلى المؤسسات المالية والمصارف المركزية الدولية وأيضًا البورصات الدولية، وهو الأمر الذي تسبب فى أضرار كبيرة أصابت العديد من الاقتصادات فى دول العالم النامية والمتقدمة على حد سواء.
غير أن معدلات التنمية التي تحققت على الأرض المصرية، والتصنيف الآمن للمؤسسات المالية المصرية، والثقة فى سياسات البنك المركزي من قبل مؤسسات وصناديق النقد الدولية، والطفرة التنموية الكبيرة فى جميع القطاعات من البنية التحتية، مرورًا بالقطاع الزراعي، وصولاً للقطاع الصناعي، قد مكنت الدولة المصرية من الحفاظ على معدلاتها التنموية، بل أن تتمتع حتى هذه اللحظة بثقة كبيرة فى نسب النمو المتوقعة بين أقرانها فى الإقليم. والدولة فى ذلك رتبت أولوياتها وفقًا لاستراتيجية مصر 2030، وسط توقعات بتحديات يمكن للدولة أن تجابهها، وحتى الجائحة -غير المتوقعة- تمكنت مصر بفضل معدلها التنموي من مواجهة تداعياتها على مختلف القطاعات خاصة الصحي، واستكمال مشروعات البنية التحتية اللازمة لجذب الاستثمارات. وفيما كان العالم يتعافى تدريجيًا من الجائحة، جاءت الأزمة الأوكرانية-الروسية لتهدد بأزمة اقتصادية لم يعرفها من قبل. وأصبح الكثير من بلدان العالم معرض لتحديات ومخاطر بل وتهديدات كثيرة من آثار الحرب، وذلك تحديدًا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، والغذاء، وتراجع السياحة، والصعوبة المحتملة فى الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، وانقطاع كامل لسلاسل الإمداد والتوريد لمحصولات الغذاء الرئيسية، وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وتأتي هذه الأزمة فى وقت تشهد فيه معظم بلدان المنطقة تضاؤلا فى الحيز المالي المتاح لمواجهة تداعيات آثار الجائحة ومحدودية قدراتها على التعافي، والتي كانت تتطلب تعاونًا دوليًا غير مسبوق، لتصطدم الطموحات والأولويات بتعاظم المخاطر. ويُرجح أن يفضي هذا الأمر إلى اشتداد الضغوط الاجتماعية-الاقتصادية، والتعرض لمخاطر الديون العامة، ومعاناة كبيرة فى تحقيق الأمن الغذائي العالمي. حيث ارتفعت أسعار القمح، والنفط، والغاز، والكهرباء إلى مستويات قياسية تعظم من المخاوف بشكل كبير، خاصة أن كثيرا من دول العالم تعتمد على روسيا وأوكرانيا فى توفير إمداداتها منها.
لهذا، أطلقت العديد من المنظمات الدولية تحذيرات شديدة اللهجة بالمخاطر المتوقعة، حيث أشارت منظمة «اليونيسيف» إلى وجود مجموعة من الصدمات العالمية التي تهدد الأمن الغذائي فى جميع أنحاء العالم، وعلى رأسها الحرب الأوكرانية، والتي عصفت بالعالم وقت أن كانت معظم اقتصاداته فى مرحلة التعافى من كورونا. كذلك، نجد أن ظروف الجفاف المستمرة فى بعض البلدان بسبب تغير المناخ، تهيئ الظروف لزيادة كبيرة فى المستويات العالمية لمرض هزال الأطفال. وقالت المديرة التنفيذية لـ «اليونيسيف»، كاثرين راسل: «حتى قبل الضغوط التي فرضتها الحرب فى أوكرانيا على الأمن الغذائي، فى جميع أنحاء العالم، كانت النزاعات والصدمات المناخية وكـوفيد-19 تلقي بتبعات كارثية على قدرة الأسر على إطعام أطفالها».
وفى الإطار ذاته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من مجاعة عالمية قد تستمر لسنوات بسبب الأزمة. كما أطلقت منظمة «الفاو » نداءً عاجلًا للمساعدة من أجل تأمين الإمدادات الغذائية فى العالم، وذلك بعد أن دفعت الجائحة مئات الملايين من الناس إلى الفقر، فى ظل نقص الإمدادات الغذائية. وقالت فاو إن الزراعة فى العديد من البلدان معرضة للخطر كذلك نتيجة للأزمة، داعية إلى اتخاذ إجراءات على نطاق واسع، بحسب أقوال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) شو دونيو فى اجتماع وزاري للأمم المتحدة فى نيويورك. وكخطوة أولى، دعا المسئول الأممي إلى زيادة المساعدات الطارئة للزراعة. لجعل نظم الأغذية الزراعية أكثر كفاءة، ومرونة، واستدامة. وقال إنه يجب إعادة تصميم إنتاج الأغذية وتجهيزها فى جميع أنحاء العالم، لتصبح أكثر مرونة «لتجنب مستوى الضعف الذي نواجهه اليوم». حيث تفاقمت أسعار الغذاء العالمية، وذلك بالنظر إلى أن روسيا وأوكرانيا يعتبران مصدرًا مهمًا فى أسواق الحبوب العالمية، كما أن روسيا هي واحدة من أكبر مصدري الأسمدة والغاز فى العالم.
لذا، لم يكن غريبًا أن تشتمل دعوة السيد الرئيس على عشر نقاط من النقاط الثلاث عشرة، محورها جميعًا المحورين الاقتصادي والاجتماعي، حيث من المفهوم أن الدولة تبحث عن البدائل الوطنية اللازمة، والسياسات المحفزة لدعم القطاعات الاقتصادية، والبحث عن الآليات اللازمة لتشجيع توطين الصناعة، وزيادة قدرة المجتمع على الإنتاج لتحقيق التوازن بين الصادرات والواردات تلك المعادلة التي تشكل جوهر عمل أي نظام اقتصادي. ومن المفهوم مدى الترابط بين تحقيق التوازن بين السياسة والاقتصاد. لذا، ينبغي أن تركز الدولة على تحقيق التماسك واللحمة الوطنية حول الرؤية المصرية الشاملة لحقوق الإنسان تلك التي تعد الحقوق السياسية والقانونية من ضمنها، لكنها ليست محورها الرئيسي.
ومثلما ذكر د. زياد بهاء الدين فى تحليله، فإنه مع انتهاء الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدوليين، بدا واضحًا أن هناك إجماعًا دوليًا على أن الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن الحرب الأوكرانية شديدة العمق ومستمرة لعامين على الأقل، وستؤدى إلى استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وتعثر التجارة وتباطؤ الإنتاج فى العالم.
لذا، لا ينبغي أن نتوقف أمام التحديات موقف المتفرج، بل ينبغي أن ندعو إلى الحوار، وإلى التفكير فيما يتيحه من فرص إيجابية يمكن أن يستفيد منها اقتصادنا القومي لو أحسنا إدارة ملفاتنا وأولوياتنا فى الحوار، وذلك لتقديم سياسات وبدائل داعمة لفرص الاقتصاد المصري بكل قطاعاته فى هذه المرحلة. حيث إن كل أزمة تجلب معها فرصًا لمن يكون مستعدًا وقادرًا على الاستجابة للمعطيات الجديدة بسرعة وكفاءة. والأزمة الراهنة لا تختلف فى ذلك، بل هناك–فى تقديرى–أربعة عوامل يمكن أن تعمل لمصلحتنا:
- العامل الأول أن التراجع الأخير لسعر الجنيه (مضافا إلى تعويم عام ٢٠١٦ وما قد يلحقه مستقبلا)، يمنح الصادرات المصرية ميزة كبيرة للمنافسة فى الأسواق العالمية ويتيح لمنتجي السلع والخدمات القابلة للتصدير دفعة جديدة.
- العامل الثاني أن فرصة جذب الاستثمار إلى مصر لا تزال هائلة، والعوائد التي من الممكن تحقيقها كبيرة، بسبب ضعف المنافسة المحلية، وكبر حجم السوق الوطنية، والتكلفة التنافسية للعمالة والطاقة، والموارد الطبيعية والمعدنية غير المستغلة، والبنية التحتية الحديثة لشبكة الطرق والكباري، واستقرار الوضع الأمني، ومرة أخرى بسبب تحسن تنافسية التصدير.
- العامل الثالث وهو بدء تغير الخطاب الاقتصادي الرسمي على نحو ما أكده السيد رئيس الجمهورية فى حفل «إفطار الأسرة المصرية»، بالتأكيد على تشجيع الاستثمار والقطاع الخاص وتخارج الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية.
- العامل الرابع والأخير وهو دولي، حيث إن الأسواق العالمية كما كانت عقب أزمة «كورونا»، لا تزال تبحث عن تنويع لمصادر الإنتاج والتخزين والتوزيع حتى تتجنب مستقبلًا الاختناقات الخطيرة التي تعرضت لها فى العامين الماضيين بسبب التركز فى بلدان قليلة، وهو ما يمنح الفرصة لمصر لكي تستقطب جانبا من الصناعات والخدمات الباحثة عن موطن جديد.
هناك إذن ما يمكن الاستناد إليه للتقدم والاستفادة من الظروف العالمية رغم التوقعات بامتداد الأزمة الراهنة. ولكن ما سبق لن يتحقق وحده، وبالتأكيد لن يتحقق لو بقينا فى إطار السياسات الاقتصادية ذاتها التي دفعت بنا إلى أزمتنا الحالية، بل إنه مشروط بتغييرات كبرى فى تلك السياسات لابد من اتخاذها عاجلًا، وإلا دفعنا ثمن الغلاء والاضطراب الاقتصادي، ثم ضيعنا فى الوقت ذاته الفرص المتاحة.
ومما سبق، خاصة فيما يتعلق بالعامل الثالث، نجد أن الحكومة المصرية قد سارعت بعقد مؤتمر اقتصادي عالمي للتعريف بجهود الدولة والحكومة عبر سياسات الحماية والضمان الاجتماعية، والقطاع المصرفى المصري، والسياسات المالية الاحترازية التي تم اتخاذها بغية التصدي لتداعيات جائحة كورونا والأزمة الروسية-الأوكرانية.
ففى ضوء عملية الإصلاح وتعزيز المقدرات التي تشهدها الدولة بشكل مكثف ومتسارع منذ عام 2014، تزداد الحاجة لبناء أكبر قدر من التوافق المجتمعي حول العناصر التالية:
1- غايات الإصلاح وإعادة البناء، وفى هذا الإطار ينبغي تعزيز التوافق حول أولويات هذا الإصلاح فى ضوء تهديدات وتحديات الأمن القومي المصري، وموقع مصر من خارطة التفاعلات الإقليمية والدولية.
2- طبيعة السياقات الاقتصادية، والسياسية، والمعرفية، والثقافية على الأصعدة المحلية، والإقليمية، والدولية، التي تتم فى إطارها عملية الإصلاح، وما يتيحه ذلك من فرص أو يفرضه من تحديات.
3- تحديد أي الأدوات والمداخل التنموية هي الأكثر مناسبة، وأي الاقترابات الهندسية المجتمعية، والأنظمة الاقتصادية، والمعرفية، والثقافية، هي الأقدر على تحقيق هذه الغايات بأكثر معدلات الأداء والإنجاز كفاءة وفعالية.
4- لا يمكن بناء هذا التوافق حول الأدوات واقترابات الفعل والحركة بشكل موضوعي من دون بناء وعي دقيق وموضوعي يقارب بين الغايات المتوخاة، وطبيعة السياقات التي تتحرك فيها الدولة المصرية، والتحولات المستقبلية المحتمل أن تشهدها هذه السياقات فى الآماد المختلفة. وهو الأمر الذي يتطلب عرضًا دقيقًا عبر كافة وسائل الإعلام، والمنصات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، لما يتم من نقاشات وحوارات، وأتصور أن منصة مؤتمرات الشباب ومنصة منتدى شباب العالم يمكن توظيفهما فى هذا الإطار.
5- ماهية القدرات والمزايا المتاحة للمجتمع المصري حاليًا، ولكل قطاع من قطاعاته سواء بشريًا، أو فئويًا، أو منطاقيًا وجغرافيا، وحدود التطوير الممكن إحداثه فى هذه القدرات فى الآماد الزمنية المختلفة. بعبارة أخرى، يتعين بناء توافق حول الخريطة التنموية التي تتحرك مصر عليها، وهو أمر مهم حتى لا تشعر أي فئة بالغبن أو بإهدار ما هو متاح لها من إمكانيات وقدرات.
6- مقدار التكلفة التي يمكن للمجتمع وكل قطاع من قطاعاته تحملها فى كل مرحلة من مراحل الإصلاح وإعادة البناء، وحزم الدعم التي يمكن تقديمها بشكل عام أو قطاعي لتقليل الآثار السلبية لهذه التكلفة.
7- التفكير خارج الصندوق فى تنويع مصادر استثمارية جديدة، نتمكن فيها من الاستفادة من المدن الجديدة، ومد الخطط العمرانية وفقًا لاستراتيجية مصر 2030، والعقلية المصرية التي تعودت على مدار سنوات طويلة على تفضيل الاستثمار غير الآمن عن نظيره الآمن فى البنوك، وكذلك القضاء على ظاهرة الاكتناز المجتمعي والتي أثبتت شهادات قناة السويس والـ 18% أنها موجودة بكثرة. وقد يكون الحل لذلك بخلق مناطق اقتصادية تتناسب وطبيعة الانتشار المنطقي، مثل مصنع السكر فى المنيا، على أن تكون الاستثمارات لأبناء المحافظة وأن يكونوا وأبناؤهم من العاملين به، وأن تعود نسب متميزة من الأرباح لهم. كذلك، يمكن البحث عن استثمارات اقتصادية فى مشروعات الزراعة المتوافقة والمحبة للمياه المالحة، وهي الاستثمارات الناجحة لدى تجارب العديد من الدول، ويمكن أن توفر لمصر وفورات فى محاصيل نعاني التهديد من جرائها.
ثالثًا- محاور مقترحة:
تعد إشكالية الحوار الوطني وتضافره لتحقيق حقوق الإنسان بالمفهوم الشامل فى مصر من أكثر القضايا المجتمعية المثيرة للجدل بسبب انعكاسها على المجتمع، فهي أحد المحددات المهمة لعناصر الاستقرار القومي والأمني، نظرًا لتأثيرها على تحقيق التنمية المستدامة من ناحية، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى، لذلك ينبغي أن يركز الحوار الوطني على استعراض الوضع الحالي لحقوق الإنسان من خلال التركيز على محددات الأمن القومي، وتضافر جهود الجهات الوطنية المختلفة، وانعكاس ذلك على التنمية الاقتصادية -وفقًا لما ذكرناه- والاستقرار الأمني فى البلاد. فعلى سبيل المثال تعد قضية السكان قضية أمن قومي تستوي فى خطورتها مع الإرهاب، والعمل العشوائي بدون تخطيط أو تكاتف والسير على محور رئيسي محدد يضعف من قدرات الدولة على مواجهة احتياجات المواطنين الأساسية من الحصول على جميع الحقوق الأساسية التي تتمثل فى التعليم والخدمات الصحية وغيرها؛ ومن ثم تهديد كيانها وعلاقتها بالمواطنين.
تلك هي القضية المحورية فى ضمان التمتع بحقوق الإنسان، وما يسفر عن عدم التمتع بهذه الحقوق من مشكلات تهدد الأمن والسلام، فلا ينبغي أن نغض الطرف عن إصلاح أحوال الفلاحين، والاستماع لمشكلات المواطن الحقيقية ومصادر معاناته بعيدًا عن المزايدات ومحاولات خلق الاحتقان السياسي.
وتعد العلاقة قوية بين التنمية الشاملة وبين الحوار الوطني وحقوق الإنسان والسلام الاجتماعي. كما تشير التنمية الاجتماعية إلى التأثير على تطور الناس والمجتمعات بطريقة تحقق العدالة وتحسين الظروف المعيشية والصحة وتحقيق المشاركة. وتتجه التنمية البيئية إلى حماية الإنسان، والمحافظة على الموارد الطبيعية. أما التنمية الاقتصادية، فتتمثل فى تطوير البنية الاقتصادية فضلاً عن إدارة ذكية للموارد الطبيعية والاجتماعية، كما ذكرنا ضمن المقترحات.
 وتمثل حقوق الإنسان مجموعة من الحقوق والحريات الأساسية تستند إلى الإقرار بقيمة وكرامة الفرد، بكونه إنسانًا. وهي حقوق مستمدة من القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، وهي فى النهاية حرية الممارسات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والفكرية، يتم تقنينها فى إطار تنظيمي مجتمعي يضعها فى شكل واقع تشريعي ملموس يحولها من حريات مطلقة إلى حريات منضبطة تقود المجتمع إلى حالة من الوفاق والسلام الاجتماعي. وما الاتفاقيات والعهود الدولية إلا ضوابط للحريات كي لا تتناقض حرية الفرد مع حرية الجماعة. وهناك تأكيد واضح على أن لكل شخص حقوقًا إنسانية، غير أنه على كل شخص فى الوقت ذاته مسئوليات نحو احترام الحقوق الإنسانية للآخرين، كما يتوقف التمتع بالحقوق عندما تتسبب ممارسة الأفراد لها فى تهديد مصالح الدولة أو إعاقتها عن القيام بدورها فى حماية هذه الحقوق أو إعاقة الآخرين فى المجتمع عن التمتع بها. لذا، نقترح المحاور التالية:
1- الحوار الوطني والتنمية الاقتصادية.
2- الحوار الوطني والتنمية المجتمعية.
3- الحوار الوطني وقضايا الاستقرار الأمني.
4- جهود الدولة المصرية فى تعزيز حقوق الإنسان.
5- الحوار الوطني وتحديات المرأة.
6- الحوار الوطني وقضايا الشباب والرياضة.
7- الحوار الوطني والتنمية الاقتصادية والمجتمعية الشاملة من خلال توطين وامتلاك التكنولوجيا.

أي إننا بالنهاية، سنكون بصدد محاور ثلاثة رئيسية:
أولًا- المحور الاقتصادي:
يتعلق هذا المحور بالقرارات أرقام (1، 2، 3، 5، 7، 8، 9، 11), ويمكن أن يشمل ما يلي:
1- تعزيز الاستفادة من قطاع الطاقة فى مصر.
2- كيفية توظيف المصريين فى الخارج فى دعم الاقتصاد المصري «رءوس الأموال المصرية فى الخارج,المبدعون و رجال الأعمال,المبتكرون فى مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال».
3- كيفية «دعم القطاع الخاص» وتعظيم دوره فى الاقتصاد المصري.
4- كيفية النهوض بالصناعة المصرية من خلال سد «الفجوات التشريعية» أو العوائق التي تحول دون إحراز تقدم ملحوظ لأداء الصناعة المصرية, وما هي التحفيزات اللازمة لتحقيق هذا التطور المنشود.
5- دعم ريادة الأعمال للشباب وتسهيل استثماراتهم فى المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.
6- مراجعة قانون الحماية الفكرية وضمان الجودة.
7- كيفية دعم الصادرات المصرية.
8- التكنولوجيا والتحول الرقمي ودورهما فى دعم الاقتصاد المصري.
9- المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال, من خلال تفعيلهم لمبادرات تخدم الاقتصاد المصري بأخذهم دورا وطنيا يقابله «تسهيلات ومحفزات» من قبل الحكومة المصرية.
10- كيفية النهوض بقطاع السياحة المصري وكيفية التعافى بعد جائحة كورونا وآثار الأزمة الروسية-الأوكرانية الممتدة حتى اليوم.
11- كيفية جذب الاستثمارات  الخارجية، والإصلاحات التشريعية، والتسهيلات الإدارية اللازمة لتشجيع الاستثمار الخارجي.
ثانيًا- الإصلاح السياسي:
1- حوار موسع بين رؤساء الأحزاب السياسية حول أولويات العمل الوطني فى المرحلة المقبلة.
2- تنظيم لقاء بين شباب الأحزاب السياسية -يستفاد فيه من خبرات شباب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين- حول تصوراتهم للأولويات الوطنية فى الجمهورية الجديدة.
3- مبادرة العفو الرئاسي وكيفية إعادة تفعيلها وتوسيع دورها فى أبعاد مجتمعية واجتماعية، لإعادة تأهيل المعفو عنهم وتضمينهم فى القوة الإنتاجية للمجتمع.
4- المعارضة السياسية البناءة والمعارضة البرلمانية الوطنية، للبحث فى تأسيس أولويات المعارضة الوطنية على قاعدة المصلحة الوطنية.
5- النظام الحزبي وكيفية تفعيل دور الأحزاب فى الحياة السياسية.
6- تمكين الشباب سياسيًا فى الجمهورية الجديدة، وعرض خبرات الشباب المتأهلين فى الأكاديمية الوطنية للتدريب من خلال برامجها المختلفة.
7- تعزيز مبدأ (المواطنة المصرية) كأساس للعمل السياسي فى الجمهورية الجديدة.
8- إصلاح وتجديد الخطاب الديني.
9- الإصلاحات التشريعية المطلوبة لإنجاز الإصلاح السياسي.
ثالثاً- المجال الاجتماعي:
يتعلق هذا المحور بالقرارات أرقام (2، 3، 13) :
1- كيفية تقليص الآثار الاجتماعية للإصلاح الاقتصادي.
2- مبادرة «حياة كريمة» وكيفية تعظيم دورها واقتراح مبادرات مشابهة تستهدف فئات أخرى، بحسبها ستكون الحل السحري وقاطرة التنمية المصرية.
3- كيفية جعل الـ (9 مليارات جنيه) التي تناولها القرار رقم (3) تصب فى مصلحة الفئات المستهدفة منها.
4- مناقشة «إجراءات الحماية الاجتماعية» فى مصر وسبل زيادتها وتسليط الضوء على مبادرات الدولة فى هذا المجال.
5- إجراءات الضمان الاجتماعي المطلوب تطبيقها فى المرحلة المقبلة لمجابهة التحديات الدولية المتلاحقة (صحيًا، وسياسيًا، وعسكريًا، إقليميًا ودوليًا).
6- قضايا المرأة والأحوال الشخصية.
7- قضايا الشباب والرياضة.    
فى النهاية، ينبغي التأكيد على أن فكرة الحوار الوطني، هي فرصة لبناء تلاحم مجتمعي لمواجهة الأزمات المختلفة التي تواجهها الدولة المصرية ومؤسساتها فى المرحلة الآنية وفى المستقبل، وبقدر ما ينعقد هذا الحوار فى ظل أزمات عالمية متتالية ومتراكمة، فإنه يُعد فرصة نحو بناء مستقبل مختلف للمجتمع المصري فى الجمهورية الجديدة، يحقق فيه الحياة الكريمة وفقًا للمفهوم المصري الشامل لحقوق الإنسان، متمتعًا فيه بكرامته الإنسانية، فى ظل التزام الدولة وكل قوى المجتمع بتحقيق العدالة الاجتماعية.

طباعة

    تعريف الكاتب

    أحمد ناجي قمحة

    أحمد ناجي قمحة

    رئيس تحرير مجلتى السياسة الدولية والديمقراطية