من المجلة - ملف العدد

نقل التكنولوجيا وحلول مواجهة تغير المناخ.. التحديات والفرص

طباعة

حذرت صحيفة «نيويورك تايمز» فى تقرير لها  من أن تغير المناخ قد يؤدى إلى خفض ما يصل إلى عُشر الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2100، أى أكثر من ضعف الخسائر الناجمة عن الركود العظيم، كما حذرت من انخفاض غلة المحاصيل، وانتشار الأمراض وارتفاع منسوب البحار المدمر للمدن الساحلية. ومن المتوقع أن تنخفض آثار تغير المناخ من 14٪ إلى 11٪ من الناتج الاقتصادى العالمى بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات النمو دون تغير المناخ، ويتوقع أيضا أن نصل إلى 23 تريليون دولار خفضا فى الناتج الاقتصادى العالمى نتيجة لهذه التغيرات المناخية(1).

أولا- نقل التكنولوجيا وتغير المناخ:

يتحرك العالم الآن للحد من تأثيرات التغيرات المناخية بكل الوسائل الممكنة. وتعد التكنولوجيا إحدى أهم تلك الوسائل، حيث لعبت التكنولوجيا دورًا مثيرًا للاهتمام عبر التاريخ فيما يتعلق بتغير المناخ. وكان أول تأثير كبير لها فى ثمانينيات القرن التاسع عشر، فى أثناء الثورة الصناعية الثانية، عندما تم استخدام الفحم لأول مرة لتوليد الكهرباء للمنازل والمصانع. فى ذلك الوقت، كان هذا التقدم مبشرا للإنسانية ولكن عواقبه ظهرت بعد ذلك، حيث أن التطورات التكنولوجية المبكرة ساعدت فى تزويد المنازل والشركات بالطاقة، ما أدى إلى المزيد من انبعاثات الكربون.

أصبحت التطورات التكنولوجية الحالية أكثر اخضرارًا ووعيًا بالتأثيرات البيئية مما كانت عليه فى الماضي، وأصبح المجتمع فى وضع أفضل بكثير لزيادة إنتاج الطاقة واستهلاكها بطريقة موفرة للطاقة. ولكن لا تزال الآثار السلبية التى خلفتها الثورات الصناعية المتتابعة قائمة ومتمثلة فى زيادة انبعاثات الكربون. على الجانب الآخر، يساعد تطبيق التكنولوجيات الحديثة، مثل النقل الكهربائى، فى التخفيف من تأثير وسائل النقل التى ينبعث منها الكربون. كما تقلل التكنولوجيات الرقمية على المدى البعيد من الانبعاثات الكربونية بنسبة 15% طبقا لتقرير نشره المنتدى الاقتصادى العالمي(2).

يلعب نقل التكنولوجيا دورًا حيويا فى الاستجابة العالمية الفعالة لتحدى تغير المناخ، نظرًا لأن التكنولوجيا فى صورتها غير الصديقة للبيئة تعد مصدراً مزعجا للانبعاثات والغازات الضارة بالمناخ. لذلك، فإن تحقيق الحد العالمى منها يتطلب الابتكار لجعل التكنولوجيات القائمة أنظف ومقاومة لتغيرات المناخ.

إن ابتكار وتوطين التكنولوجيا يواجه العديد من التحديات، حيث إن التكنولوجيات المؤثرة فى الغالب الأعم تحتكرها الدول الكبرى، ما يثير التساؤل: هل نستطيع إيجاد حالة مرضية تساعد فى خلق منظومة لمنح ونقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة للدول الفقيرة ذات الحاجة،  وذلك حتى نسهم فى خفض تأثيرات المناخ التى تؤثر إجمالا فى الجميع دون أن تفرق بين الغنى والفقير، وبين المتقدم و النامي؟

الإجابة عن ذلك التساؤل تتطلب منا إلقاء الضوء على مفاهيم نقل التكنولوجيا، حيث يتبنى مرفق البيئة العالمية مفهوم نقل التكنولوجيا على أنه مجموعة واسعة من العمليات ونماذج الأعمال المبتكرة التى تدفع نقل التكنولوجيا، متمثلة فى المعرفة والخبرة والمعدات و البرمجيات وجميع أدوات التكنولوجيا الحديثة والبازغة، من الدول المانحة المتقدمة إلى الدول النامية  فى إطار تحقيق المصلحة للفئات المختلفة المؤثرة والمتأثرة، مثل القطاع الخاص والحكومات والمؤسسات المانحة والمالية وبرامج المسئولية المجتمعية والكيانات غير الحكومية والتعليمية والبحثية بغرض تخفيف آثار تغير المناخ بشكل يحافظ على مستقبل الحياة على كوكب الأرض ومستقبل الإنسان عليها. وتستهدف الجهود الدولية التقنيات التى تساعد فى الحفاظ على متوسط ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من 2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة(3).

والحقيقة أن نقل التكنولوجيا لا يقتصر على نقل الخبرات و المعارف، ولكن أيضا وسائل التمويل الأخضر والمعرفة الفنية المختصة بإنشاء نماذج أعمال ومشروعات خضراء ذكية مستدامة ذات بعد تكنولوجي. ويمكن القول إن نقل التكنولوجيا ببساطة هو عملية التنازل عن حقوق استغلال التكنولوجيا وبيعها وترخيصها (باستثناء العلامات التجارية حيث  لا تكون عادة جزءًا من معاملات نقل التكنولوجيا)، وتوفير المعرفة والخبرة الفنية والمواصفات والمعدات الخاصة بالتدريب والخطط ودراسات الجدوى والنماذج والعمليات والتعليمات والأدلة، والصيغ والتصميمات الهندسية الأساسية، والخدمات الاستشارية والتكنولوجية والإدارية. وفى حالة نقل تكنولوجيا صناعية، قد يتضمن ذلك تركيب وتشغيل المصانع والمعدات والمشاريع الجاهزة. كما قد يعنى ذلك أيضا المساعدة فى اقتناء واستخدام المعدات والسلع الوسيطة والمواد الخام التى تم الحصول عليها عن طريق الشراء أو الإيجار أو بأى وسيلة أخرى. وبالتالي، توفر تلك العملية الكثير من الوقت والجهد والمال، وتضمن للمانح والمستقبل التعاون بشكل مفيد لكل الأطراف، حال إتمامها من خلال نموذج عمل مفيد للجميع يتم التفاوض عليه. بل يمكن القول إن نقل التكنولوجيا هو السبيل الوحيد لتحقيق رفاهية الإنسان، ليس هذا فقط، بل إنه حجر الزاوية فى معالجة والقضاء على الأزمات الملحة التى تواجه البشرية، مثل قضايا المناخ، وهو ما رأيناه جميعا من تكاتف فى توفير التكنولوجيا اللازمة لإنتاج اللقاحات فى فترة كورونا، إيمانا بأنه من حق الدول النامية العيش، وكذلك أخذا فى الحسبان أن المشكلات من هذا النوع عندما تطول الجميع لا تفرق بين غنى و فقير، وبين متطور و نام(4).

عمليا، تتم عملية نقل التكنولوجيا من خلال اتفاقية ترخيص تحتفظ للجامعة أو المركز البحثى أو مطور التكنولوجيا بموجبها بحقوق الملكية الفكرية، بينما يحصل الشريك المستقبل للتكنولوجيا على حقوق مشروطة لاستخدام التكنولوجيا وتطويرها من خلال نموذج عمل يفيد كل الأطراف ويحقق قيمة أو قدرة تنافسية مناسبة فى السوق، و منهجية تجمع بين إشراك الباحثين وتعزيز التكنولوجيا وتشجيع الشركاء الصناعيين المحتملين على استخدام التكنولوجيا.

تتطلب الاتفاقية عادة أن يستوفى الشركاء عددًا من الشروط التى تشمل إنشاء خطة تطوير أو تسويق مرضية، وتوفير معلومات حول القدرة على تنفيذ الخطة وتطوير التكنولوجيا وتسويقها تجاريًا خلال فترة زمنية محددة وآلية تقديم المعلومات المالية وتسديد حقوق الشريك المالك للتكنولوجيا وتقاسم الفوائد، بهدف توفير دعم مستدام لمزيد من البحث والتطوير  والمشاركة فى أنشطة نقل التكنولوجيا(5).

يمثل نقل التكنولوجيا، إذن، منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق حل للمشكلة أو التحدى الذى تسهم التكنولوجيا موضوع الاتفاق فى حله. وقد أشارت اتفاقية المناخ التى تشمل الغالبية الكاسحة من دول العالم فى باريس للدور الذى تلعبه التكنولوجيا  فى جهود التخفيف من آثار التغيرات المناخية، حيث تتطلب المادتان الرابعة والخامسة من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) من الدول المتقدمة اتخاذ جميع الخطوات لتعزيز وتسهيل وتمويل نقل التكنولوجيات الصديقة للبيئة ومشاركة الدراية الفنية للأطراف الأخرى، لاسيما الدول النامية لتمكينها من تنفيذ جهود إيجابية فى مكافحة التغيرات المناخية(6).

وافقت الأطراف المعنية فى مؤتمر المناخ للأمم المتحدة فى كانكون عام 2010 على تنفيذ آلية لتسهيل نقل وتطوير التكنولوجيا، تتمثل فى وجود لجنة تنفيذية فنية من 20 خبيرا منتخبا ومركز تكنولوجيا المناخ (CTCN) بغرض المساعدة فى وصول البلدان النامية إلى التكنولوجيات اللازمة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية(7).

كما يلتزم الاتحاد الأوروبى بخفض انبعاثاته، بحلول عام 2050، ما سيتطلب «إزالة الكربون» من الاقتصاد، وبالتالى ستتصاعد الحاجة إلى التقنيات المبتكرة. لذلك، يعد الاتحاد الأوروبى لاعبًا رائدًا فى مجال التقنيات المنخفضة الكربون التى يجب معالجتها. ولكن بينما تقل الانبعاثات الكربونية فى أوروبا نتيجة للآليات التى توفرها التكنولوجيا، يتطلب ذلك ابتكار تكنولوجيات جديدة وإتاحة وصول أكبر للبلدان النامية إلى التكنولوجيات الموجودة والاهتمام جديا بدعم العمل للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى والتكيف مع الآثار الضارة(8).

ثانيا- الاستراتيجية المزدوجة الفائدة:

 هى استراتيجية تفاوض يحصل فيها كلا الطرفين على منافع متساوية، فهل تستطيع الدول المتقدمة المالكة للتكنولوجيات ومانحتها والدول النامية المستقبلة للتكنولوجيا تحقيق فوائد متساوية من نقل التكنولوجيا؟

يمكن الإشارة لتلك الفوائد فيما يلي:

1- لم تحقق دول العالم المستهدف الوصول له من وقف تأثيرات تغير المناخ، حيث إنه بموجب المؤشرات الحالية للبلدان، ستكون الانبعاثات العالمية أعلى بنسبة 16٪ عام 2030 مما كانت عليه فى عام 2010 وفقًا لتحليل أجرته اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهذا بعيد عن التخفيض المرجو بنسبة 45٪ بحلول عام 2030 الذى يرى العلماء أنه ضرورى للحد من ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة، وتجنب الآثار المدمرة لذلك، مثل موجات الحرارة المميتة والعواصف المدمرة التى تضرب بالفعل البلدان فى جميع أنحاء العالم، يمثل ذلك الأمر دافعا كبيرا للدول النامية والمتقدمة للجلوس و العمل معا على تحقيق تلك الأهداف المشتركة، حيث يعد نقل التكنولوجيا إحدى أهم الوسائل لخلق بيئة تفاعلية تشاركية بين الأطراف ذات المصلحة للوصول بأهداف تغير المناخ للمؤشرات المستهدفة(9).

2- يعد نقل التكنولوجيا والمعرفة التكنولوجية عبر الاستثمار الأجنبى المباشر أحد أهم العناصر التى تعزز التنمية الاقتصادية فى الدول النامية والفقيرة، كما يساعد فى فتح أسواق جديدة أمام الدول الصانعة للتكنولوجيا بكافة مستوياتها.

3- يتلقى كل من يشارك فى نقل التكنولوجيا الفوائد بشكل إيجابى وعميق. ولكن آثار نقل التكنولوجيا تتجاوز الشركاء حيث إن نقل التكنولوجيا يؤثر فى الصناعة بشكل عام، وفى التنافسية والمنتجات والعمليات والخدمات بشكل خاص، ما يؤدى إلى زيادة الكفاءة والفعالية، وزيادة الوجود فى السوق وزيادة الأرباح وزيادة المستوى المطلوب الوصول له وزيادة التوقعات، الأمر الذى يساعد فى التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعى وتحقيق مكاسب تعود بالفائدة على جميع المواطنين.

4- تعزيز القدرات البشرية للدول المستقبلة للتكنولوجيا عبر تطوير وتعزيز المواهب التكنولوجية فى التخصصات المعنية، ومن ثم القدرة على توفير وظائف جديدة لائقة، وتحفيز إنشاء شركات ناشئة تساعد فى توطين التكنولوجيا وبالتالى زيادة القيمة المضافة. كما أن نقل التكنولوجيا يعزز أيضا القدرات البشرية للدول المانحة للتكنولوجيا، حيث إن توطين التكنولوجيات فى ظروف أخرى يتطلب عادة تعديلات تناسب البيئة المستقبلة. وبالتالى، يسهم ذلك فى توسيع مدارك وأفاق المعرفة التكنولوجية والابتكار لدى العاملين على تلك التكنولوجيات.


-

5- يمكن أن يعزز نقل التكنولوجيا المملوكة للدول المتقدمة إلى المناطق الأفقر خلق أسواقً جديدة مستقرة ويسهم فى تحقيق أرباح للشركات، ما يعد مكسبا لكل من العالمين المتقدم والنامي. كما أنه يطور بيئات ابتكارية محفزة على خلق مواهب تكنولوجية متميزة غير مكلفة تساعد فى نمو الشراكة بين الدول المتقدمة والنامية دون خسارة الدول المتقدمة للميزة التنافسية التى تملكها.

6- فى حين أن التقدم التكنولوجى فى الاقتصادات الأكثر تقدمًا ينطوى على توليد معارف جديدة يمكن تطبيقها على النشاط الصناعى والإنتاجي، فإن التقدم التكنولوجى فى البلدان النامية يتأثر بشدة بقدرتها على الوصول إلى المعرفة التكنولوجية وتطويرها وتكييفها ونشرها. ولهذا السبب، يمثل نقل التكنولوجيا فرصة أمام الجميع، حيث يقلل الآثار السيئة المترتبة على الفجوة التكنولوجية بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية ما يجعل أهداف اتفاقية المناخ واقعا يمكن تحقيقه.

7- يساعد نقل التكنولوجيا فى تطوير الملكية الفكرية من المراحل المبكرة إلى مراحل التسويق بشكل تجاري. كما يساعد الجهات المستقبلة للتكنولوجيا. ويؤدى المقابل المادى لترخيص التكنولوجيا من خلال اتفاقيات نقل التكنولوجيا لزيادة العائد على الاستثمارات، ما يدفع بالمزيد من الابتكارات الإبداعات من قبل مجتمع البحث  والمخترعين. ويمكن أن يساعد فى زيادة استخدامات التكنولوجيا وتحويلها إلى منتجات للاستخدام العام. إن النقل الناجح وتطوير التكنولوجيا يعمل على تعزيز مؤسسة البحث وشركائها التجاريين(10).

ثالثا- مقترحات  لنقل تكنولوجيا أكثر مواءمة:

نظرا لأهمية نقل التكنولوجيا، فإن المعرفة والتقنيات التى يمكن الوصول إليها تتطلب مجموعة من الظروف المحددة لجذب مطورى التكنولوجيا لاتفاقيات تجارية، وهو ما يسمى «البيئة التمكينية»، التى تتضمن مجموعة من المحددات المترابطة القانونية والتنظيمية والمالية والإعلامية والسياسية.وتشمل العناصر الرئيسية أيضا وجود قوة عاملة ماهرة للحفاظ على المعرفة فى المجتمع، وضمان نقل التكنولوجيات بشكل كفء وفعال إلى الدول النامية، وبالتالى تقديم فرص عمل لائقة للقطاع الخاص الذى لديه القدرة على استيعاب استثمارات أعلى من القطاع العام. لذلك، فإن مشاركة القطاع الخاص هى محرك رئيسى لنقل وابتكار التكنولوجيا. يظهر ذلك فى أن أكثر من ثلثى الإنفاق على الابتكار يأتى من القطاع الخاص، والغالبية العظمى من التكنولوجيات يملكها ويديرها القطاع الخاص(11).

والمعلوم أن البحث والتطوير هو الخطوة الأولى فى عملية إدارة ونقل وتطوير التكنولوجيا، حيث يقوم الباحثون بتحديد التحديات المناخية عبر سلسلة تراكمية من الإضافات، ثم التشارك بين الباحثين والمبتكرين و الأسواق الحاضنة للأفكار. ثم تأتى الخطوة التالية التى تختص بابتكار الحلول، ما يؤدى إلى رفع مستوى رأس المال البشري، وبالتالى يمكن اختراق الأسواق وتحقيق نتائج إيجابية على الأرض عبر التعاون البحثى وشبكات الأعمال لنشر الحلول، ومن ثم تحقيق فوائد وعوائد اقتصادية لمطورى التكنولوجيا. وبدورة العمل نفسها، يتم نقل المعرفة للدول النامية، وبالتالى يمكن تحديد التحديات المناخية الخاصة بالبيئة الحاضنة لتنفيذ المشروع أو التكنولوجيا. يتطلب ذلك بعض التعديلات التى تتيح للتكنولوجيا نشر الحلول الناتجة على نطاق أوسع، وبالتالى مضاعفة العوائد الاقتصادية.

أما العوائد الاقتصادية، فقد تكون من ترخيص التكنولوجيا أو تصدير الحلول للدول ذات البيئة المشابهة، ما قد يمثل فرصة أمام مصر لتبنى ريادة تكنولوجية فى مجال حلول تغير المناخ. ويمكن التعاون مع إفريقيا والدول الأخرى للمساعدة فى نشرها، وبالتالى يحقق ذلك التعاون الإقتصادى فوائد اقتصادية مباشرة و غير مباشرة(12).

 وحتى يتسنى تشكيل إدارة نقل للتكنولوجيا بشكل جاد، فإن شركات العالم النامى المنخرطة فى نقل التكنولوجيا تبحث عن بيئة قانونية وتنظيمية قوية وحماية قوية للملكية الفكرية وبنية تحتية متطورة تحمى ثمار أى تعاون. لذلك، فإن البيئة الممكنة لإدارة التكنولوجيا مهمة وركيزة قوية(13).

بناء على ذلك، يجب تحديد أولويات تكنولوجيات المناخ المطلوب الحصول عليها مقابل ما يمكن تطويره محليا، حيث تمثل الشركات المصرية الناشئة فرصة لتوطين تكنولوجيات وحلول مكافحة تغير المناخ بشكل ذاتى اعتمادا على توفر التكنولوجيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعى ومهارة الكوادر المصرية فى هذا الشأن، وهو من نراه واضحا للعيان فى عودة مجالات متعلقة بالاقتصاد الأخضر عموما، مثل الشركات الناشئة المصرية العاملة فى حلول الذكاء الاصطناعى فى الزراعة والصناعة والنقل وغيرها.

إن تحديد أولويات التكنولوجيات المطلوبة يمكن أن يدفع إلى برامج تحفيزية وتدريبية لتدريب كوادر تمثل فرصة للتعهيد أمام الكيانات التى تتطلع إلى الاستفادة من العائد الاقتصادى من بيع التكنولوجيا عبر اتفاقيات نقل التكنولوجيا. وبالتالي، تفضل تلك الكيانات البيئة التى تتوافر فيها كوادر لديها أساسيات المعرفة الفنية و نقل التكنولوجيا. ومن ثم، تكون عملية الاستفادة تفاعلية وتشاركية وليست فى اتجاه واحد فقط.

يجب القيام بالمزيد من العمل لخلق قيادات واعية بأهمية نقل التكنولوجيا لإقناع قادة الأعمال فى العالم المتقدم بأن نقل التكنولوجيا يجب عدّه جزءًا أساسيًا من المسئولية الاجتماعية للشركات التى تركز تقليديًا على السلامة فى مكان العمل والإدارة الأخلاقية. ومن الممكن آن يمتد نطاق ذلك لتطوير تبادل الأفكار وإيجاد سبل للتعاون، بدون التفريط فى الملكية الفكرية بما يعزز التنمية الاقتصادية من خلال تسويق التكنولوجيا المبتكرة وتوفير فرص عمل جديدة لائقة ونمو اقتصادى مستدام، بالإضافة لحل مشكلات وتحديات المناخ التى تهدد كوكب الأرض، وهو هدف لا يمكن لأى طرف تحقيق تقدم فيه بمفرده، بل من خلال المشاركة والإدارة الرشيدة للموارد.


-

الخلاصة:

 إن تطوير الدولة المصرية منصة مقاصة للتكنولوجيا لرصد الاحتياجات من التكنولوجيات الخاصة بتغير المناخ والبنية التحتية للابتكار من قبل الكيانات العامة والخاصة والشركات العالمية والدول المتقدمة، لتقديم حلول تلبى تلك الاحتياجات، يساعد فى التوفيق بين العرض والطلب لتحفيز المستهدفات فى مكافحة آثار تغيير المناخ، ما سيحدّ على الحد من الانبعاثات الضارة على المستويين العربى والإفريقي. سيوفر ذلك الأمر بيئة لممارسة ضغط جماعى من أجل الاستفادة من التمويلات والتكتلات الدولية الموجهة لنقل التكنولوجيا الخاصة بمواجهة تغييرات المناخ، خصوصا تلك التى يصعب على الشركات الوطنية الاستثمار فى تطويرها.

الهوامش:

1- Climate Change Could Cut World Economy by $23 Trillion in 2050, Insurance Giant Warns,2021, Accessed on 4 September 2022, available at: https://www.nytimes.com/2021/04/22/climate/climate-change-economy.html.

- Climate crisis: what is COP and can it save the world?, The Guardian, 2 December, 2019, available at: https://www.theguardian.com/news/2019/dec/02/climate-crisis-what-is-cop-and-can-it-save-the-world.

2- Digital technologies can cut global emissions by 20%. Here›s how,2022, available at: https://www.weforum.org/agenda/2022/05/how-digital-solutions-can-reduce-global-emissions, Accessed on 4 September 2022.

3- Experts: International Tech Transfer Can Benefit All, 2022, available at: https://www.wipo.int/pressroom/en/stories/int_tech_transfer.html, Accessed on 4 September 2022.

4- Transfer of technology and knowledge-sharing for development: Science, technology and innovation issues for developing countries, 2022, available at: https://unctad.org/webflyer/transfer-technology-and-knowledge-sharing-development-science-technology-and-innovation, Accessed on   4 September 2022.

5- “Hoekman, Bernard M.; Maskus, Keith E.; Saggi, Kamal, Transfer of Technology to Developing Countries: Unilateral and Multilateral Policy Options. Policy Research Working Paper;No.3332. World Bank, Washington, D.C.. © World Bank, 2004, available at: https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/14181 License: CC BY 3.0 IGO.

6- UNFCCC, Conference of the Parties, available at: https://unfccc.int/process/bodies/supreme-bodies/conference-of-the-parties-cop.

7- Oh, C, Evaluation of the UNFCCC Technology Mechanism’s contribution to an international climate policy framework. International Environmental Agreements: Politics, Law and Economics, 2022,  1- 16.

8- Dima, A. M., Begu, L., Vasilescu, M. D., & Maassen, M. A, The relationship between the knowledge economy and global competitiveness in the European Union. Sustainability, 2018. 10(6), 1706.

9- Climatalk, A Timeline of COP, 2021, available at:  https://climatalk.org/2021/01/29/a-timeline-of-cop/

10- Minpeng Chen, Lei Zhang, Fei Teng, Jingjing Dai, Zhuang Li, Ziqi Wang &Yuting Li , 2020, Climate technology transfer in BRI era: needs, priorities, and barriers from receivers’ perspective, Ecosystem Health and Sustainability, 6:1, DOI: 10.1080/20964129.2020.1780948

- Dwivedi, Y. K., Hughes, L., Kar, A. K., Baabdullah, A. M., Grover, P., Abbas, R., ... & Wade, M. Climate change and COP26: Are digital technologies and information management part of the problem or the solution? An editorial reflection and call to action. International Journal of Information Management, 2022,  63, 102456.

11- Biagini, B., Kuhl, L., Gallagher, K. S., & Ortiz, C. Technology transfer for adaptation. Nature Climate Change, 2014,  4(9), 828- 834.

12- Berlin Mandate, Climate Change: In Context,  Encyclopedia,  April 15, 2021, available at:  https://www.encyclopedia.com/environment/energy-government-and-defense-magazines/berlin-mandate

13-Digital Technologies Are Part of the Climate Change Problem, February 20, 2022, ICTworks, available at:  https://www.ictworks.org/digital-technologies-climate-change-problem/, Accessed on 4 September 2022.

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. محمد خليف

    د. محمد خليف

    استشارى الابتكار والتحول الرقمي، عضو مجلس بحوث الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا