دراسات - مجلة السياسة الدولية

سياسة إيران تجاه إفريقيا من منظور الجيواستراتيجية المذهبية

  • 1-1-2020

طباعة
علي الرغم من البعد الجغرافي النسبي بين موقع الجمهورية الإيرانية الإسلامية من ناحية، والقارة الإفريقية من ناحية أخري، وعدم وجود إرث استعماري إيراني سابق تجاه إفريقيا، وخلوها من أي جالية من أبناء هذه القارة‮(‬1‮)‬، فإن إيران،‮ ‬عشية الثورة الإسلامية عام‮ ‬1979، انضمت إلي قائمة الدول الكبري التاريخية والإقليمية الجديدة التي تنظر لإفريقيا من منظور مساحات النفوذ والحركة، سواء كان هذا النفوذ عسكريا، أو سياسيا، أو اقتصاديا، أو ثقافيا، أو عقائديا،‮ ‬مما جعلها‮ -‬أي إيران‮- ‬منافسا طموحا لقوي دولية وإقليمية كبري في إفريقيا‮.‬ بأدوات متعددة علي رأسها الأداة الدينية العقائدية‮.‬
فقبل قيام الثورة الإسلامية في إيران،‮ ‬كانت علاقاتها الدبلوماسية والسياسية بالقارة الإفريقية محدودة بشكل ملحوظ‮.‬ فكان عدد مكاتب إيران السياسية في هذه القارة محدودا، ولم يكن لتبادل البعثات الدبلوماسية ازدهار كبير، وبلغ‮ ‬مجموع المعاهدات‮ -‬أي الاتفاقات ذات الطبيعة السياسية‮- ‬بين إيران والدول الإفريقية ستين معاهدة فقط‮(‬2‮).‬
تحاول هذه الدراسة تفسير النظريات السياسية الإيرانية،‮ ‬التي تركزت علي أهمية البعد الديني ودوره في تعزيز نفوذها الخارجي،‮ ‬ضمن الإطار الأشمل لسياستها الخارجية،‮ ‬من خلال سعيها لبناء مجال حيوي خاص بها،‮ ‬وفق أسس،‮ "‬جيواستراتيجية مذهبية‮".‬
السؤال الذي‮ ‬يطرح هنا‮: ‬ما الذي أدي بإيران إلي تفعيل نظرية المجال الحيوي؟ تكمن الإجابة في انتهاء صراع الأيديولوجيات بين الرأسمالية والشيوعية، وعولمة العالم شرقه وغربه بالرأسمالية، إذ إن الدول‮ -‬خصوصا الدول الكبري‮- ‬أصبحت تولي اهتماما شديدا في إطار المنافسة العالمية لمجالات الأسواق والطاقة علي وجه الخصوص، والدين علي وجه العموم بتحديد وتوسيع مجالها الحيوي كلما استطاعت إلي ذلك سبيلا‮(‬3‮).‬
من خلال تطبيق منهج المصلحة الوطنية الإيرانية في القارة الإفريقية،‮ ‬نستطيع رسم خريطة للوجود الإيراني في القارة،‮ ‬إذ نجد اتساع نطاق العلاقات الإيرانية‮ - ‬الإفريقية بشكل كبير منذ بداية الألفية، حيث تمتلك الجمهورية الإسلامية أكثر من‮ ‬30‮ ‬سفارة في القارة الإفريقية مكَّنتها من الحصول علي مقعد داخل أروقة الاتحاد الإفريقي بصفة العضو المراقب،‮ ‬إضافة إلي أنه في منتصف عام‮ ‬2010،‮ ‬عقدت القمة الإفريقية‮ - ‬الإيرانية في طهران بمشاركة‮ ‬40‮ ‬دولة إفريقية، بينهم رؤساء،‮ ‬ووزراء ودبلوماسيون ورجال أعمال‮. ‬وما فتئت القيادة الإيرانية علي مستوي الرئاسة وكبار المسئولين تزور العواصم الإفريقية بشكل دوري‮(‬4‮).‬
حين نلقي نظرة بانورامية علي بعض ملامح الحضور الإيراني الشيعي في عدة أجزاء من القارة الإفريقية، نجد‮: ‬حسينية في مدينة مكناس المغربية، وعزاء عاشوراء في قرية‮ "‬دار الهجرة‮" ‬بالسنغال، وتأسيسا لفرع من حزب الله اللبناني في مدينة سكوتو النيجيرية، ونموذجا لولاية الفقيه في جزر القُمر، ومدرسة‮ "‬حوزة الرسول الأعظم‮" ‬في داكار،‮ ‬عاصمة السنغال،‮ ‬كنموذج مكبر للمدارس الدينية الإسلامية المنتشرة في مدن وقري السنغال‮. ‬كما نري مشاهد جديدة‮ ‬غير مألوفة في شمال إفريقيا وغربها،‮ ‬أي في منطقة‮ "‬الغرب الإسلامي‮"‬،‮ ‬التي سيطر فيها المذهب المالكي السني منذ قيام دولة المرابطين في القرن الخامس الهجري، وانهيار الخلافة الفاطمية‮.‬
تتمثل إشكالية الدراسة في أنها‮  ‬تسعي إلي الإجابة عن تساؤل رئيسي هو‮: ‬كيف تجلت ثورة الخميني،‮ ‬ذات الطابع الديني،‮ ‬علي السياسة الخارجية الإيرانية تجاه القارة الإفريقية؟،‮ ‬حيث إننا نري في جميع الثورات البارزة في التاريخ الإنساني أن كل ثورة احتوت علي اتجاهين فيما يخص نشر أفكارها خارج الحدود، وهما‮:‬
1‮- ‬اتجاه بناء الدولة النموذج Model  State من خلال محاولة الوصول ببناء الدولة إلي مرحلة الكمال من وجهة نظر أيديولوجية الثورة، بما يجذب تأييد شعوب أو قوي محيطة تكون مشاركة في خصائص معينة مع شعب الدولة الذي قامت فيه الثورة‮.‬
2‮- ‬اتجاه تصدير الثورة، وهو يناصر فكرة دور خارجي فعال للنظام الثوري في مساندة قوي تتبني أفكاره نفسها‮. ‬وإحدي حجج هذا الاتجاه أن أفضل وسائل الدفاع هي الهجوم‮.‬ فعندئذ،‮ ‬يعد الدور الخارجي الفعال والمتدخل في شئون دول أخري إجراء وقائيا يخدم كمقدمة لاحتواء أي هجوم علي الثورة من القوي الإقليمية والدولية التي تراها هذه الثورة معادية لها‮. ‬والحالة الإيرانية ليست استثناء من هذه القاعدة، بل إن كون الثورة الإيرانية رفعت شعارات إسلامية،‮ ‬فإنها أعطت مبررا إضافيا لأنصار الاتجاه الثاني‮.‬
علي هذا الأساس، يمكن القول إن الدين والبعد الثقافي يعدان أحد محددات السياسة الخارجية للدول‮(‬5‮).‬ فهو أحد أهم محددات فهم طبيعة عمل هذه السياسة، حيث تتفاوت رؤي الدول المختلفة للبعد الديني، وطبيعة الدور الذي يلعبه في صناعة وتنفيذ السياسة الخارجية‮.‬ فالنموذج الإيراني هو الأكثر وضوحا في علاقة الدين بالسياسة الخارجية منذ الربع الأخير للقرن العشرين وحتي الآن، حيث لعب الدين دورا بارزا في تكوين الشرعية الداخلية للنظام الإيراني، وسنهتم بالتطبيق علي البعد الديني في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول إفريقيا‮.‬
فقد ذهب أغلب المؤرخين إلي إعطاء الإسلام الدور الأبرز في توطيد علاقة العرب بغرب إفريقيا‮. ‬يقول الدكتور‮ "‬بكري صمب‮"(‬6‮) ‬إن‮ "‬تحليل العلاقات الدولية،‮ ‬بمعزل عن البعد الديني في العلاقات العربية‮ - ‬الإفريقية، يعد ثغرة عميقة في علم العلاقات الدولية، والذي أهمل منذ نشأته موضوع الدين، ومكانته المتميزة التي تجعل الكثير من الأنشطة العابرة للأوطان والحدود تحمل طابعه‮".‬
فقد آن الأوان،‮ ‬إذن،‮ ‬لإيلاء الدين أهميته المناسبة في دراسة ظواهر العلاقات الدولية في هذا الجزء من دول الجنوب،‮ ‬نظرا لمكانته وتأثيره‮. ‬وسيتم تقديم نماذج لحضور البعد الديني في هذه العلاقات العربية‮ - ‬الإفريقية بالتعرف علي مبررات توظيف البعد الديني في دبلوماسبة الدول المختارة، وأهم تجليات هذا التوظيف وأدواته، ودور الفاعلين‮ ‬غير الرسميين الذين يمثلون وكلاء موازين للممثلين الرسميين للعلاقات الدبلوماسية من هذا الطرف أو ذاك‮.‬
وعليه،‮ ‬نؤكد أن هناك دولا عربية توظف باقتدار البعد الديني في سياستها الخارجية،‮ ‬مثل المغرب‮. ‬في هذا السياق،‮ ‬تتجلي أهمية الوقوف علي النموذج المغربي في التعاطي مع هذه الحيثية،‮ ‬حيث ترتبط المغرب بعلاقات قديمة بإفريقيا الغربية‮.‬ ويمثل البعد الديني في صلته بهذا الجزء من القارة حجر الزاوية، وتستمد المملكة المغربية شرعيتها الداخلية من هذا البعد الديني، بالارتكاز علي المفهوم الخلافاتي للسلطة،‮ ‬إذ تدرك المغرب أهمية الرموز المقدسة وثقلها في توظيفها للبعد الديني في علاقاتها بإفريقيا جنوبي الصحراء، وتحسن استخدامها كضمان لديمومة مسار سياستها الخارجية عن طريق قنوات رسمية،‮ ‬وفاعلين دوليين،‮ ‬وشبكات،‮ ‬وبعثات تعليمية،‮ ‬وجمعية مشتركة بين المغرب والسنغال‮ (‬رابطة علماء المغرب والسنغال‮)‬، وتستثمر قوة الانتماء الديني لدي شعوب المنطقة، وما يمثله في ذاكرتهم الجماعية، وماضيهم التاريخي، وإرثهم الثقافي لتحقيق ما تريده من نفوذ وولاء وامتداد‮.‬
وعليه،‮ ‬فإن استخدام إيران للورقة الشيعية لا يعني أنها تخضع سياستها الخارجية ومصالحها القومية لأمور طائفية، بل علي العكس تماما، فإن إيران تقوم بتوظيف مثل هذه الورقة المهمة لخدمة مصالحها القومية ونفوذيها الإقليمي والدولي، من خلال البعد الديني في سياستها الخارجية، وهو ما ستحاول الدراسة رصده في السطورالتالية‮.‬
المحور الأول‮- ‬الأسس المكونة للسياسة الخارجية الإيرانية‮:‬
السياسة وليدة الجغرافيا وبيئتها الاجتماعية والثقافية، وتعبير عن الحاجات المادية والروحية للمجتمعات‮.‬ كما أن الأسطورة والديانات القديمة تشكل رؤية مركبة ومعقدة للكون،‮ ‬والطبيعة،‮ ‬والمجتمع في صياغة المعتقد الذي تتوارثه الأجيال المتعاقبة‮(‬7‮).‬ وإيران تستثمر داخليا في هوية إيرانية شاملة، لكنها لا تغض الطرف تماما عن الاستثمار في ماضيها الإمبراطوري الفارسي، الذي اتسم في معظم منعطفاته بنزعة التمدد والتوسع‮. ‬ويري محجوب الزويري أن تاريخ القرن العشرين أثبت أن عاملي الدين والهوية يبقيان حاضرين بقوة في الحالة الإيرانية‮.‬ فوجود ملكية علمانية، كما كانت الحال في فترة حكم الشاه، لم يطمس تماما الهوية الدينية الشيعية ببعدها القومي الفارسي‮(‬8‮).‬
وعليه، تستمد إيران سياستها الخارجية من جذور ثقافتها التليدة التي اصطبغ‮ ‬بها عقلها الجمعي، من خلال تجارب وموروثات ثقافية وحضارية مشتركة، ومن خلال نظريات فكرية دينية ذات بعد سياسي،‮ ‬خاصة بمؤسس الجمهورية الإيرانية الخميني‮. ‬لذا،‮ ‬لا يمكن فهم البناء السياسي الإيراني،‮ ‬وطبيعة العلاقات الخارجية للدولة دون معرفة تاريخ التجربة الإيرانية كنموذج للحكم الديني المبني علي ولاية الفقيه،‮ ‬واتخاذ العقيدة الشيعية منهجا دينيا سياسيا اجتماعيا إذ إن هناك علاقة جدلية بين الفرد الذي يحمل تمايزا دينيا ومذهبيا وبين الاصطفاف السياسي الذي تشكل فيه البني الدينية إطارا مرجعيا للتحيز السياسي، في إطار الأداء الإنساني الذي يعني التفاعل بين السلوك والإنجاز‮(‬9‮).‬
وعليه،‮ ‬تؤثر مجمل هذه الروافد في عقل صانع القرار السياسي الإيراني،‮ ‬هذا العقل المكون للمؤسسات السياسية التي تصنع السياسة الخارجية للبلاد تجاه الكيانات الدولية الأخري، وهو ما سوف نعرض له في ومضات سريعة متزنة في هذا المحور من الدراسة‮.‬
أولا‮- ‬ملامح الهوية الثقافية والحضارية الإيرانية‮:‬
إن القوة الأساسية لأي مجتمع تكمن في قوة اعتزازه بتراثه وهويته وكفاءة تعاطيه مع معطيات وقوانين العصر‮. ‬فالهوية مفهوم حيوي له ماض،‮ ‬وحاضر،‮ ‬ومستقبل، وذلك لعدة أسباب، منها‮: ‬أن تشكيل الهوية يتم عبر تاريخ طويل تختلط فيه العقيدة واللغة بالعادات والتقاليد، والإنتاج الحضاري،‮ ‬عبر الأجيال المختلفة،‮ ‬مع التمازج الهوياتي والثقافات الأخري، ولأنها تتفاعل وتتعايش مع مختلف تلك المكونات،‮ ‬كي تحقق حاضرا بالتمدد أو الانكماش‮. ‬فالهوية قابلة للتطور والتغيير، بيد أن هناك جزءا صلبا، وهو العقيدة الدينية، والتقاليد والأعراف التي تستمر لقرون متتالية،‮ ‬ولأجيال بعد أجيال‮.‬
إن هوية المجتمع تتكون من عنصرين‮(‬10‮):‬
‮❊ ‬العنصر الأول‮ "‬مادي‮": ‬ويتمثل في الإنتاج الحضاري لهذا المجتمع، ومخرجاته من معمار، ومواقع أثرية، ومخطوطات ومقتنيات تراثية، وإنجازات للأسلاف‮.‬
‮❊ ‬العنصر الآخر‮ "‬معنوي‮": ‬وهو الموروث الثقافي من عقيدة، ولغة، وقيم، وعادات،‮ ‬وتقاليد،‮ ‬والإبداع الثقافي والفني والفكري لهذا المجتمع‮. ‬هذا العنصر يتميز بأنه عابر للحدود عن طريق الاتصال والتواصل بين المجتمعات‮.‬
من هنا،‮ ‬فإن لكل دولة هوية تميزها عن الدول الأخري، وترسم ملامح علاقاتها مع‮ ‬غيرها من دول المجتمع، أشبه بنظام حياة يعيش ويعمل، ويفكر به المجتمع‮. ‬وللهوية وظائف متعددة،‮ ‬من أهمها‮(‬11‮):‬
‮❊ ‬بناء النسق الاجتماعي والمشروع الاستثماري الكبير الذي يجمع ويحفظ إنتاج وإبداع التراث‮.‬
‮❊ ‬إيجاد ماكينة ذاتية في شحن الطاقة النفسية الفكرية لأفراد المجتمع للحث علي العمل والإنجاز، والتباهي بالإرث التاريخي‮.‬
‮❊ ‬وضع معيار للحكم علي الأفكار،‮ ‬والأشخاص،‮ ‬والأشياء‮.‬
ويحفل التشكيلان الثقافي والحضاري للشخصية القومية الإيرانية‮  ‬بالعديد من التناقضات والمفارقات التي لا ينبغي للمرء أن يبحث عن الاتساق بين عناصرها‮(‬12‮)‬، وسنوضح ذلك من خلال ثلاثة عناصر تمثل أبرز ملامح الهوية الإيرانية‮:‬
1‮- ‬القومية الفارسية‮:‬
التاريخ الإيراني هو تاريخ بلاد فارس وأساطيرها،‮ ‬التي تتحدث عن إمبراطورية وصلت حدودها إلي شرق العالم وغربه‮(‬13‮). ‬والمسألة الفارسية لصيقة بتاريخ المنطقة العربية، والصراع العربي‮ - ‬الفارسي يمتد من العصر الجاهلي منذ الاصطفاف مع الفرس أو ضدهم‮.‬ إذن الفارسية مفهوم ذو سيرورة تاريخية مستمرة دال علي نزوع قومي‮.‬
كان المحرك الأساسي لبعض سلالات الإمبراطورية الفارسية هو العرقية الآرية، وتأثير الديانة الزرداشتية، والإرث الإمبراطوري التوسعي‮.‬ أما الآن،‮ ‬فالمحرك الأساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو‮ "‬المذهبية الصفوية‮" ‬و"الإرث الإمبراطوري التوسعي‮" ‬معا‮.‬
يمكن القول إن الروح القومية الفارسية لم تمت عند الإيرانيين، بل بقيت عند شرائح وفئات منهم، فلم ينسوا ثقافتهم، وإمبراطوريتهم القديمة‮. ‬ولقد كان الفرس دوما،‮ ‬عبر التاريخ،‮ ‬يهدفون إلي إقامة دولة فارسية متميزة الخصوصية في مظهرها وحقيقتها‮ (‬14‮).‬
2‮- ‬الأيديولوجيا‮:‬
الأيديولوجيا هي متغير من بين الكثير من المتغيرات المتداخلة والمتفاعلة، كما أنها تكتسب مضامين دولية تختلف بحسب النظر إليها، سواء من جانب الذين يدافعون عنها،‮ ‬أو من جانب من يناصبونها العداء‮(‬15‮). ‬وقد مثلت تصورات الخميني المحرك الفكري للسياسة الخارجية الإيرانية‮.‬ فالخميني قسَّم العالم من حيث القوة قسمين‮: ‬المستضعفون والمستكبرون، فالمستكبرون هم الدول والشعوب التي تملك القوة وتستخدمها للسيطرة علي الآخرين واستغلالهم‮.‬ أما المستضعفون،‮ ‬فهم الذين لا يملكون القوة، ويخضعون لاستغلال معسكر المستكبرين، ويضم ذلك بالطبع الدول العربية،‮ ‬ومعظم الدول الإسلامية‮. ‬هنا،‮ ‬يبرز محددان‮:‬
الأول‮: ‬يري الخميني أن إيران الإسلامية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تسلك المسلك الحيادي،‮ ‬لأنها وحدها التي تتمتع بالاستقلال الحقيقي‮.‬ كما يري أن إيران هي الدولة الوحيدة التي يتحقق فيها الإسلام الصحيح، وهي الحكومة الإسلامية، التي تأسست علي مبادئ القرآن‮.‬ ومن ثم،‮ ‬فإن صراعها مع أي طرف خارجي مهما تكن هويته هو بالأساس كفاح بين الحق والباطل‮.‬
الآخر‮: ‬تعد ولاية الفقيه وارتباطها بالأيديولوجيا الإيرانية بحسبانها ثورة إسلامية في إيران،‮ ‬وقيام حكومة إسلامية فيها تحت قيادة الولي الفقيه، مقدمة مرحلية لبناء الدولة الإسلامية العالمية التي أكد آية الله خامنئي حتمية ظهورها بزعامة المهدي المنتظر‮(‬16‮).‬
3‮- ‬العقيدة الشيعية‮:‬
نظرا لطبيعة الأحداث التي رافقت نشأة الفكر الشيعي، والتطورات التاريخية التي أحاطت به،‮ ‬عبر مراحل التاريخ الإسلامي المختلفة، فإن هذا الفكر اصطبغ‮ ‬بصبغة سياسية واضحة، خاصة أن السياسة‮ -‬لا الدين‮- ‬هي التي وقفت أساسا، خلف الانقسامات في التاريخ الإسلامي، وولد من رحمها الشيعة وغيرهم من الفرق الأخري، فكان الخلاف حول‮ "‬من له حق تولي خلافة النبي‮"(‬17‮).‬
ثم انتقل بعد ذلك إلي المجال الديني المذهبي، حينما حاول كل فريق أن يحيط رأيه بسند ديني شرعي، وهو ما جعل السياسة لدي الشيعة من أصول الدين لا من فروعه، كما هي لدي السنة‮.‬
لقد أوجدت الثورة الإيرانية للمذهب الشيعي فجرا جديدا،‮ ‬وأملا، ومنحته رقما أساسيا في معادلة السياسة والمجتمع في الوطن العربي‮. ‬لذا،‮ ‬كان الارتباط التلقائي بين الروح‮ (‬الثورة الإيرانية‮) ‬والجسد‮ (‬المذهب الشيعي‮) ‬متلازما ومسايرا‮.‬
من تلك الملامح والأسس السابقة للهوية الثقافية الإيرانية برزت عدة توجهات فكرية للسياسة الخارجية الإيرانية نوجزها كالتالي‮:‬
‮- ‬يعد العامل الديني من أبرز الأركان الفكرية للسياسة الإيرانية، وخصوصا أن الجمهورية الإيرانية المعاصرة قد نشأت علي المزج بين الثيوقراطية الدينية والأدوات الديمقراطية الغربية‮ (‬المضبوطة دينيا‮) ‬لتحافظ علي سلطة الفكر الديني ورجالاته كفكر مؤسس وقائد للدولة ككل‮.‬
‮- ‬وظفت إيران العامل الديني في بناء أساس فكري تستند إليه سياستها الخارجية تجاه العالم،‮ ‬بغية إنشاء بؤر موالية لها في البداية، ثم العمل من خلالها علي التغلغل في المجتمعات، وهدم هويتها الوطنية، وبناء هويات فرعية تفسح المجال أمام استكمال المشروع الإيراني، معتمدة علي حزمة من النظريات الأساسية في البناء الفكري الديني للسياسة الخارجية‮.‬
‮- ‬في إطار فهم حدود سلطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الخارجية، وكيفية بناء إمبراطورية تكون بمنزلة المركز والمرجع، هناك نظريات منحت إيران صلاحيات وسلطات خارج حدودها علي أساس أنها دولة الإسلام الحقيقي التي تجسد نواة العالم الإسلامي ومركزه القيادي، من خلال عدة نظريات تلخص الفكر السياسي الإيراني ذا البعد المذهبي الشيعي‮. ‬ويتضمن الجزء التالي نبذة عن كل نظرية، ومدي تأثيرها في رسم سياسة إيران الخارجية تجاه إفريقيا‮.‬
1‮- ‬ولاية الفقيه‮:‬
شكلت هذه النظرية أداة مهمة في الفكر السياسي، عبر تحويل الدولة الإيرانية إلي دولة ثيوقراطية يحكمها رجالات الدين،‮ ‬وفق منطوقها عند الإمام الخميني،‮ ‬وهي مرتبة أعلي من الرسل والملائكة،‮ ‬لأنها تمثل النيابة عن‮ "‬المهدي المنتظر‮" ‬الذي هو جزء من روح الله‮(‬18‮).‬
وهي تمنح بموجبها صكوكا تذكرنا بصكوك الغفران المسيحية القروسطية، حيث يستطيع الولي الفقيه أن يوكل ممثلين عنه لروح الله،‮ ‬لأنه يتمتع بسلطة إلهية قوية قادرة شرعيا أن تلغي كل ما يوافق عليه البشر في صيغهم التعاقدية النسبية‮(‬19‮)"‬، التي وضعها مهدي بازركان‮(‬20‮) ‬لتحمل فكرة الإيمان‮ "‬بالمهدي المنتظر،‮ ‬حامل راية العدل والحرية، إذ يتوجب علي إيران،‮ ‬في زمن‮ ‬غيبته،‮ ‬توظيف مختلف الثورات والسياسات في العالم من أجل تحقيق الأهداف القومية الإيرانية، تمهيدا لعودته، وذلك من خلال التوسل بالإسلام‮(‬21‮). ‬وكانت بداية ظهور هذه الفئة القومية،‮ ‬منذ زمن الحركة الدستورية‮(‬22‮).‬
2‮- ‬تصدير الثورة الخمينية‮:‬
يقال عادة إن الثورات تندلع عندما تتهدد آمال الشعوب وتطلعاتها، ولا تعود الأنظمة الحاكمة قادرة علي تلبية مطالب الجماهير‮.‬ وتشق الثورات طريقها إلي النصر،‮ ‬عبر صراعها مع واقع النظام الحاكم الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالوضع الدولي القائم لتطفو‮ - ‬إثرها‮ - ‬إلي السطح مسألة تصدير تجارب الثورة إلي البلدان المحيطة والمجتمع الدولي بأسره‮.‬
يصدق هذا القانون العام علي الثورة الإسلامية في إيران‮.‬ فما إن تم إسقاط نظام محمد رضا بهلوي،‮ ‬حتي أخذ موضوع تصدير الثورة يثار بشكل جاد، نظرا للسمات العميقة التي اتسمت بها هذه الثورة‮.‬ وفي ظل هذه الأجواء،‮ ‬وجدت الأفكار،‮ ‬التي تقترب قليلا أو كثيرا من أيديولوجية الثورة،‮ ‬طريقها إلي الظهور والانتشار‮.‬
إن قضية تصدير الثورة حازت الكثير من الجدل داخل الوسط الإيراني، وإحدي الدلالات علي ذلك هي دمج وزراتي الدفاع والحرس الثوري عام‮ ‬1989‮ ‬في وزارة القوات المسلحة، بمعني إنهاء أي دور خارجي مستقل للحرس الثوري‮(‬23‮).‬ ويبدو أحيانا أن تصدير الثورة كأداة‮ -‬وليس هدفا‮- ‬للسياسة الخارجية يعكس مكسبا سياسيا‮(‬24‮).‬
3‮- ‬نظرية أم القري‮:‬
تشكل نظرية أم القري إحدي النظريات التي تحرك السياسة الإيرانية، والتي تدمج الأسطورة بالفعل السياسي، وتتحقق أهدافها من خلال نشر التشيع في العالم الإسلامي، والسعي لإقامة حكومات تدين لمرشد إيران بالولاء التام، واستعمال مختلف الوسائل لتحقيق ذلك، سواء أكانت الوسائل انتخابات، أم انتفاضات، أم اغتيالات، أم باستخدام المغريات الاقتصادية وغيرها، أم بتشجيع الأتباع علي نشر الفوضي في البلاد التي يعيشون فيها، أم بالتحالف مع أي‮ ‬غزو خارجي، أم بالتدخل المباشر‮(‬25‮).‬
وبالمجمل،‮ ‬تمثل إيران الدولة القائدة التي تفرز زعيما تكون له السلطة،‮ ‬والصلاحية،‮ ‬والولاية علي الأمة، استنادا إلي التجربة التاريخية للدولة الإسلامية، وتعني هذه الحكومة بالواقع التنفيذي والتطبيقي في ظل عالم اليوم‮.‬
ثانيا‮- ‬انعاكاسات الأسس الفكرية علي أدوات صنع السياسة الخارجية الإيرانية‮:‬
يقتضي تحديد الأطر العامة لتحرك السياسة الخارجية الإيرانية،‮ ‬بطبيعة الحال،‮ ‬العودة إلي مفهوم‮ "‬تصدير الثورة الإسلامية‮"‬،‮ ‬حيث لعبت العقيدة دور الركيزة الأساسية لرؤية إيران للعالم الخارجي، خاصة في العقد الأول من عمرها‮.‬
وتعبر مقولة الخميني أصدق تعبير عن ذلك،‮ ‬حين أعلن قائلا‮ "‬إننا نواجه الدنيا مواجهة عقائدية‮"(‬26‮).‬ فمنذ قيام الثورة الإسلامية عام‮ ‬1979، تأرجحت السياسة الخارجية الإيرانية حول جملة خيارات استراتيجية كانت من أهم خطوطها العريضة‮: ‬رسم العلاقات الدولية لإيران‮(‬27‮)‬، والسعي نحو تحويل إيران إلي ند لهيمنة الولايات المتحدة في‮ ‬غرب آسيا،‮ ‬وشمال إفريقيا،‮ ‬والعالم الإسلامي الأوسع،‮ ‬وذلك في سعي كبير لوضع البلاد كقوة رئيسية في النظام الدولي، بالإضافة إلي دعوة نخب السياسة الخارجية الإيرانية منذ عام‮ ‬1979‮ ‬إلي تمكين‮ "‬العالم الثالث‮"‬، والدفاع عن حركة عدم الانحياز، وإبراز الحاجة إلي نظام عالمي متعدد الأقطاب، لا تهيمن عليه قوة عظمي واحدة بمفردها، وبالطبع تعد إيران نفسها أحد أقطاب هذا النظام الدولي،‮ ‬جنبا إلي جنب الهند،‮ ‬والصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة‮(‬28‮).‬
يتمثل أحد تلك الخيارات في إصرار الإمام الخميني علي تصوير الثورة بحسبانها إسلامية شاملة تتبني قضايا جميع المستضعفين، وقائلة بالوحدة الإسلامية المتجاوزة للخلاف الشيعي‮ - ‬السني‮.‬
وجاء العامل الديني حافزا للجمهورية الإيرانية باتجاه إقامة علاقات دينية ثقافية مع دول القارة الإفريقية،‮ ‬علي وجه العموم،‮ ‬كمجال حيوي له،‮ ‬وأرض تنافس بينها وبعض القوي الدولية، ودول الخليج العربي والمغرب العربي بوجه خاص كثأر قديم لحضارة فارس‮.‬ إلا أن جدارة تلك التفاعلات اقتضت أيضا حدوث تغيير في بنية النسق الدولي،‮ ‬ولحقها تغيير مباشر في السياسة الخارجية للجمهورية الإيرانية الإسلامية في توجهها بوجه عام، ونحو دول المغرب العربي والغرب الإفريقي بوجه خاص‮.‬
موازاة لذلك، برز الاهتمام الديني الثقافي في توجهات إيران،‮ ‬تزامنا مع أطروحة‮ "‬نهاية التاريخ‮" ‬لفرنسيس فوكوياما،‮ ‬وأطروحة‮ "‬صدام الحضارات‮" ‬لصمويل هنتنجتون، الأمر الذي أحدث كذلك تحولا في اهتمامات الباحثين في حقل الدراسات الدولية مع أواخر القرن العشرين، وأصبحت بذلك العوامل الدينية الثقافية جزءا بارزا من اهتمام التكتلات الإقليمية،‮ ‬وأحيانا حافزا لبلورتها، وبدت بذلك القارة الإفريقية محل اهتمام الجمهورية الإيرانية الإسلامية‮.‬
وعليه،‮ ‬سنتناول آلية صنع القرار، الذي يعني بتحليل عملية صنع قرار السياسة الخارجية الإيرانية والقوي المؤثرة فيه، سواء علي المستوي القيادي، أو علي مستوي المؤسسة الدينية، وكذلك علي مستوي القوي الأخري ذات المصلحة،‮ ‬وذلك من خلال تناول دور كل من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية،‮ ‬ودور الأيديولوجيا في صناعة القرار، ومكانة المصلحة القومية، وترجمتها في مجموع الأدوات التي تعتمدها إيران لتنفيذ سياستها خارجيا داخل إقليمها،‮ ‬ثم خارجها كنموذج دراستنا للقارة الإفريقية‮.‬
ثالثا‮- ‬مؤسسات صنع السياسة الخارجية الإيرانية‮:‬
أوجد النظام الإيراني،‮ ‬إبان ثورة‮ ‬1979،‮ ‬عددا من المؤسسات التي تضمن استمرار الفكر الخميني، ونهج الثورة علي المستوي التطبيقي‮. ‬وانعكست ثنائية‮ (‬جمهوري وإسلامي‮) ‬علي تصنيف المؤسسات الحاكمة بين مؤسسات منتخبة ومؤسسات معينة، وعلي التنافس فيما بينها، مع خصوصية واضحة لوضع المرشد‮. ‬ويشهد هذا المجال الحيوي تجاذبا بين التيارات المحافظة والإصلاحية، وبين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ولعل التجاور بين أنشطة القيادة السياسة الخارجية الإيرانية الرسمية وغير الرسمية يوضح مدي تعقيد الدبلوماسية الإيرانية‮. ‬
في ضوء هذا المحور،‮ ‬نتحدث عن دوائر صنع القرار الإيراني الرسمية وغير الرسمية‮:‬
1‮- ‬الإطار الدستوري للجمهورية‮:‬
مما لا شك فيه أن نص الدستور الإيراني في مسألة السياسة الخارجية عبَّر عن جوهر كيان يعتنق الإسلام يعمل به تحت شعار‮ "‬ديار الإسلام‮" ‬والدفاع عنها، أي الدولة الإسلامية الشاملة لكل المسلمين في الأقطار التي تعيش فيها‮ ‬غالبية إسلامية‮.‬
إذ جاء الفصل العاشر من الدستور الإيراني ليرسم ملامح السياسة الخارجية الإيرانية في أربع مواد‮: ‬الأولي المادة‮ ‬152‮: ‬السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية تقوم علي رفض أي شكل من أشكال الهيمنة، والحفاظ علي استقلال البلاد من جميع النواحي، ووحدة أراضيها والدفاع عن حقوق جميع المسلمين، وعدم الخضوع للدول العظمي المهيمنة علي العالم، والحفاظ علي علاقات سلمية متبادلة مع جميع دول عدم الانحياز المسالمة‮(‬29‮).‬
فقد تضمنت هذه المادة الدفاع عن حقوق المسلمين، وعدم الانحياز مقابل القوي المتسلطة، وتبادل العلاقات السلمية مع الدول‮ ‬غير المحاربة‮. (‬وذلك يشير إلي رفض إقامة علاقات مع الدول الاستعمارية التي لها قوات في دول أخري، وذلك أيضا يتنافي مع الواقع الحالي والمعاصر للجمهورية الإسلامية‮)(‬30‮).‬
وناقشت المادة‮ ‬153‮: ‬منع أي شكل من أشكال المعاهدات التي تؤدي إلي سيطرة الأجانب علي الموارد الطبيعية والاقتصادية والجيش، أو أي شأن من الشئون الوطنية الأخري‮.‬
في حين أكدت المادة‮ ‬154‮ ‬أن‮: ‬الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر سعادة الإنسان في جميع المجتمعات البشرية مثلها الأعلي، وتري‮  ‬الاستقلال، والحرية، والسيادة حقا من حقوق جميع شعوب العالم‮. ‬ولهذا،‮ ‬فإن الجمهورية الإسلامية تتعهد بعدم التدخل في شئون البلدان الأخري، ولكنها تلتزم بمساعدة مختلف النضالات الحقة،‮ ‬للمستضعفين أمام مستكبري العالم‮.‬
في المادة الأخيرة رقم‮ ‬155،‮ ‬قررت إيران استضافة معارضي حكومات الدول، فنصت علي‮: "‬يجوز لحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تمنح حق اللجوء السياسي للراغبين ما لم يكونوا خونة ومخربين وفقا لقوانين إيران‮".‬
وبالعودة إلي مقدمة الدستور ونصه الأول، فإن حق التدخل هذا، في دعم حركات التحرر ضد حكومات أو قوي محتلة في العالم،‮ ‬لا يرد في أي دستور آخر، وهو ما دفع إلي اتهام إيران الإسلامية بتصدير ثورتها، وأن العبارة الأخيرة‮ "‬عدم التدخل في شئون الشعوب الأخري‮" ‬لا تنسجم مع نص المادة‮(‬31‮).‬
2‮- ‬المرشد الأعلي للثورة‮ "‬الولي الفقيه‮":‬
لم تتوقف العلاقة بين ولاية الفقيه والنظام السياسي الإيراني عند حدود العلاقة الروحية والمرجعية الدينية، كما هو الحال بالنسبة لعلاقة المسيحيين بمرجعية الفاتيكان الدينية مثلا، ولكن العلاقة تعدت ذلك إلي لزوم الطاعة،‮ ‬والإيمان،‮ ‬والانقياد للولي الفقيه في سياساته الداخلية والخارجية وتطلعاته الأخري الخارجة عن الحدود الجغرافية لنظامه ودولته‮. ‬وتكمن الإشكالية وتكبر عندما تعطي ولايته مضمون الأيديولوجيا الدينية العابرة للحدود والأوطان، حيث يصبح ارتباط حزب ولاية الفقيه بالولي الفقيه ولاء سياسيا لدولة الفقيه‮(‬32‮).‬
ووفقا للدستور الإيراني،‮ ‬جاءت معظم صلاحيات الولي الفقيه كـ‮ (‬تعيين وعزل أعضاء مجلس صيانة الدستور‮- ‬تعيين رئيس السلطة التنفيذي‮ - ‬تعيين رئيس مؤسسة الإذاعة والتليفزيون‮ - ‬القائد الأعلي لقوات الحرس الثوري‮ - ‬تعيين القيادات العليا للقوات المسلحة‮).‬
وهكذا،‮ ‬يصبح المرشد صاحب السلطات الأوسع في إقرار الملامح العامة للسياسة الخارجية، وبالتالي تشكل ولاية الفقيه إحدي أهم مؤسسات صنع السياسة الخارجية بوصفها تجسيدا للإطار الفلسفي،‮ ‬مما يؤدي إلي توسيع حدود سلطة المرشد ونطاقها في السياسة الخارجية، بمعني أن مفهوم السلطة لا يتقيد بقيود دستورية أو قانونية‮.‬
3‮- ‬المؤسسات المنتخبة‮:‬
تتمثل المؤسسات المنتخبة في‮: ‬مجلس الخبراء، ورئيس الجمهورية، ومجلس الشوري الإسلامي‮.‬
ينعكس ما هو جمهوري في الجمهورية الإسلامية علي المؤسسات التي تتشكل بالاختيار المباشر للمواطنين لها، وتسهم بشكل أو بآخر في رسم السياسة الخارجية للدولة الإيرانية‮.‬ وسنقوم بالإشارة إلي دور أهم تلك المؤسسات في صنع السياسة الخارجية‮.‬
‮❊ ‬رئيس الجمهورية الإيرانية‮:‬
تعد السلطة التنفيذية إحدي السلطات الثلاث التي تكون النظام السياسي في أي دولة، والنظام السياسي الإيراني له من الخصوصية ما يميزه‮.‬ لذلك،‮ ‬فلرئيس الجمهورية‮ -‬بحسبانه رئيس السلطة التنفيذية‮- ‬صلاحيات تنفيذية إلا في المجالات المرتبطة بالمرشد، وتوقيع المعاهدات الدولية بعد تصديق مجلس الشوري‮. ‬كما أنه يلعب دورا مركزيا في عملية صنع القرار السياسي، ضمن إطار أيديولوجية إيران، ومسئول عن وضع أولويات السياسة الخارجية الجديدة‮(‬33‮).‬
‮❊ ‬مجلس الشوري الإسلامي‮ "‬البرلمان‮":‬
هو المكون الأول من السلطة التشريعية‮.‬ وللتعرف علي دور البرلمان في تشكيل وصنع السياسة الخارجية الإيرانية،‮ ‬يتوجب علينا التعرف علي الآتي‮:‬
أ‮- ‬لجنة الشئون الخارجية بالمجلس،‮ ‬التي تقوم بدراسة السياسة العالمية وعلاقات جمهورية إيران الإسلامية مع الدول والشعوب الأخري، وتباشر الإشراف عليها بصورة مستمرة، كما أنها تقوم في الأوقات اللازمة بطرح الأسئلة وطلبات الإحاطة حول أي تحرك حكومي، وخصوصا وزارة الخارجية، وتتلقي التوضيحات عليها‮.‬
ب‮- ‬مبدأ الثمانين الذي يقول‮ "‬لا يجوز أن تتم العمليات التي تقوم بها الحكومة من إقراض أو اقتراض،‮ ‬سواء الداخلية أو الخارجية،‮ ‬إلا بعد تصديق مجلس الشوري الإسلامي عليها‮(‬34‮).‬
ج‮- ‬اتخذ مجلس الشوري الإسلامي،‮ ‬طيلة دوراته التشريعية،‮ ‬مجموعة قرارات تنفيذية مباشرة بشأن قضايا يختص بها كانت لها انعكاساتها علي صورة السياسة الخارجية الإيرانية‮.‬ ومن أبرز هذه القرارات ما اتخذه بشأن مسألة سلمان رشدي،‮ ‬مما يمكن عدَّه كذلك رأيا شرعيا في المسألة تمثل النظام نفسه‮.‬
4‮- ‬المؤسسات المعينة‮:‬
تعد المؤسسات المعينة من قبل المرشد الأعلي،‮ ‬سواء بشكل مباشر أو‮ ‬غير مباشر،‮ ‬صاحبة اليد العليا علي المؤسسات المنتخبة‮.‬ فبيدها حق الاعتراض علي اختيارات الشعب،‮ ‬الممثل في المؤسسات المنتخبة، كمجلس صيانة الدستور، ومجمع تشخيص مصلحة النظام، والمجلس الأعلي للأمن القومي، وتتراوح أدوارهم في صنع السياسة الخارجية بين التوغل والمحدودية، حسب الوظائف المنوطة بكل منها‮.‬
من خلال قراءة التفاصيل السابقة،‮ ‬والتأمل فيها بدقة،‮ ‬نكتشف بوضوح ما أصبح يسمي‮ (‬الدور‮) ‬في هيكلية الدستور الإيراني، ويعني الدوران في حلقة مفرغة لا تخرج من يد‮ (‬القائد‮) ‬أو‮ (‬مجلس الصيانة‮) ‬إلا لتعود إليهما‮. ‬كما تتخذ العلاقات بين المؤسسات المنتخبة والمعينة عدة أنماط تعبر عن سيطرة المؤسسات المعينة علي المؤسسات المنتخبة، وتتمثل في توازي وتقاطع في هيكل النظام السياسي، مع ولاء وتبعية للولي الفقيه، بالإضافة إلي حق النقض لبعض المؤسسات المعينة‮.‬
5‮- ‬المجلس الأعلي للثورة والثقافة‮:‬
يقوم المجلس بالمهام التالية ذات الصلة بالسياسة الخارجية الإيرانية‮:‬
‮- ‬الإشراف علي جميع الأنشطة الثقافية الإيرانية في الخارج، وعلي المستشارين الثقافيين، ودور الثقافة الإيرانية في دول العالم‮.‬
‮-  ‬تتولي رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية اختيار الوفود التي تشارك في المؤتمرات الدولية، وتعمل علي إيجاد حلقات للحوار بين المذاهب الإسلامية‮.‬
‮-  ‬إرسال العلماء،‮ ‬ومسئولي المراكز الإسلامية وقراء القرآن إلي الخارج‮.‬ فإيران لها أكثر من ثمانية مراكز ثقافية في مختلف أنحاء العالم‮.‬
‮- ‬تقدم المساعدات الثقافية لكل المسلمين في العالم، ومن ضمن أنشطتها العمل علي تحقيق التقارب والتفاهم بين المذاهب الإسلامية‮(‬35‮).‬
من أهم قرارات المجلس ذاته،‮ ‬الذي كان له أثر علي القارة الإفريقية،‮ ‬نظام جامعة المصطفي العالمية،‮ ‬حيث صدَّق المجلس الأعلي للثورة الثقافية في الاجتماع رقم‮ ‬635‮ ‬في‮ ‬11‮ ‬نوفمبر‮ ‬2008‮ ‬علي نظام المؤسسة العلمية والتعليمية جامعة المصطفي العالمية‮(‬36‮)‬،‮ ‬وله عدة فروع في القارة الإفريقية‮ (‬داكار‮ - ‬غانا‮). ‬وللمجلس ممثليات في عدد من البلدان،‮ ‬نذكر منها ما هو داخل حقل دراستنا القارة الإفريقية‮ (‬غانا‮ -  ‬تنزانيا‮  - ‬زيمبابوي‮ - ‬النيجر‮ - ‬أوغندا‮ - ‬إثيوبيا‮ - ‬جنوب إفريقيا‮ -  ‬كينيا‮)(‬37‮)‬، وهناك الكثير من العواصم العالمية‮.‬
كما قام مكتب البحوث والدراسات السياسية والدولية،‮ ‬التابع لوزارة الخارجية الإيرانية،‮ ‬بإصدار مجلة فصلية عن قارة إفريقيا وأخبارها ومقوماتها بعنوان‮ "‬فصل نامه مطالعات إفريقا‮" (‬فصلية بحوث إفريقيا‮)‬، ليعد دليلا ناهضا علي مدي الاهتمام الإيراني الثقافي بالقارة الإفريقية، وتعد هذه المجلة أداة لدراسة القارة وتقديمها لصانع القرار الإيراني‮.‬
كما تهتم المجلة بمناقشة الصحوة الإسلامية في إفريقيا،‮ ‬وهو أمر مهم ضمن قضايا الأوساط السياسية الإيرانية‮. ‬وتخصص إيران ميزانيات كبيرة للأعمال الثقافية خارج حدودها، فقد بلغت موازنة إيران الثقافية عام‮ ‬2008‮ ‬نحو‮ ‬2500‮ ‬مليار تومان إيراني، ذهب منها‮ ‬386‮ ‬مليار تومان إلي وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، والمتبقي من المبلغ‮ ‬يذهب للنشاطات الدعائية والترويجية للثقافة الإيرانية‮. ‬وكانت إحصاءات خطة التنمية الرابعة مثالا للدبلوماسية الثقافية في إيران‮. ‬ويتم توزيع الأموال المخصصة لمجالين الأول‮: ‬الدبلوماسية الثقافية، والآخر دعم أصحاب الجنسية الإيرانية المقيمين بالخارج، ونجد تباين تمويل البعد الثقافي خلال فترة رئاسية واحدة،‮ ‬وفي خطة تنموية واحدة للدولة،‮ ‬وهذا يدل علي مكانة البعد الثقافي،‮ ‬من خلال أدوات السياسة الخارجية‮.‬
تعد الدبلوماسية الثقافية ركنا من أركان السياسة الخارجية للدول ذات المنهجية التوسعية، والتي تعتمدها كطريق سريع متعدد المسارات من أجل إنشاء قنوات لتقديم صورتها الحقيقية للأخرين، التي تشمل منظومة القيم والتقاليد والمعتقدات من أجل تحقيق مفاهيم مشتركة،‮ ‬وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب والدول‮.‬
فإذا كانت السياسة الثقافية في الخلفية الفكرية للجمهورية الإيرانية هي سياسة الثورة الإسلامية، وتلك الثورة تهدف إلي أن تكون الثقافة الإسلامية مبدأ وأساسا في جميع الشئون الفردية والاجتماعية للبلاد، فإن الدبلوماسية الثقافية تدير التفاعل مع العالم الخارجي من قبل الحكومات، ومن خلال أدوات وآليات مختلفة‮.‬
رابعا‮- ‬أهداف السياسة الخارجية الإيرانية‮:‬
هناك آراء متضاربة حول أهداف السياسة الخارجية الإيرانية، حيث يري الدكتور‮ "‬جواد لاريجاني‮"(‬38‮) ‬أنها تقوم علي تصدير الثورة، وتأمين الاحتياجات الداخلية لأم القري‮ -‬أي تلبية الاحتياجات الإيرانية‮- ‬في حين يري الدكتور‮ "‬بيزن ايزدي‮"(‬39‮) ‬أن أهداف السياسة الخارجية الإيرانية تتركز في‮:‬
‮- ‬تأمين المصالح الوطنية الإيرانية‮.‬
‮- ‬تنفيذ المهام الملقاة علي عاتق حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران، والتي تتلخص في‮:‬
1‮- ‬السعي لتأسيس أمة عالمية واحدة‮:‬
يؤسس الإيرانيون لهذا الهدف من منطلق الآية القرآنية ‮(‬إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون‮). ‬إذ إنهم يرون أن الإسلام يدعو جميع المسلمين للوحدة والاتحاد، ولذلك يتحتم‮ -‬من وجهة نظرهم‮- ‬علي الحكومة الإسلامية العمل علي تأسيس ائتلاف إسلامي عالمي تجتمع أمة الإسلام كافة تحت لوائه،‮ ‬حتي يتسني تحقيق هدف الأمة الواحدة في نهاية الأمر‮.‬
2‮- ‬حماية المستضعفين من سياسات المستكبرين‮:‬
ينص البند الرابع عشر من الدستور الإيراني علي أن الحكومة الإسلامية في إيران تعمل‮ - ‬ضمن أهدافها‮ - ‬علي إسعاد الإنسان في المجتمعات البشرية كافة، وأن الاستقلال والحرية وإقرار حكومة العدل والحق لهو حق مكفول لجميع شعوب العالم‮.‬ وعليه،‮ ‬فهي تؤيد حقوق المستضعفين ونضالهم في مواجهة المستكبرين في أي نقطة ما من بقاع الأرض‮.‬ وتباعا،‮ ‬تتحرك سياسة إيران الخارجية علي نصرة المستضعفين في الأرض، ومحاربة المستكبرين، الأمر الذي من شأنه تحقيق هدف الأمة العالمية الواحدة،‮ ‬انطلاقا أيضا من الآية القرآنية‮: (‬ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين‮)(‬41‮).‬
3‮- ‬صيانة الاستقلال وحماية الحدود‮:‬
نص البند الثالث والخمسون بعد المئة من الدستور الإيراني علي صيانة استقلال الأراضي الإيرانية، وبقاء حدودها بعيدة عن جميع أشكال التهديدات الخارجية، ومن ثم جعلت السياسة الخارجية الإيرانية استقلال بلادها،‮ ‬والدفاع عن حدودها وثغورها محور اهتمامها‮.‬
4‮- ‬الدعوة‮:‬
من بين أهداف ووظائف السياسة الخارجية الإيرانية أيضا الدعوة،‮ ‬بمعني دعوة‮ ‬غير المسلمين إلي الإسلام،‮ ‬استنادا لقوله تعالي‮: (‬ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن‮) -‬النحل‮: ‬125‭.‬ لكن إذا بحثنا الأمر جيدا،‮ ‬فسنجد وجودا إيرانيا في الدول الإسلامية،‮ ‬خاصة ذات الكثافة السنية، وهذا ما تحقق في دول عربية وإفريقية من خلال الدراسة‮.‬
5‮- ‬مبدأ اللا شرقية واللا‮ ‬غربية‮:‬
منذ قيام الثورة في إيران، وهي ترفع شعار‮ "‬اللاشرقية واللاغربية‮" ‬في سياستها الخارجية، ذلك الشعار الذي يعني الحياد من المنظور السياسي‮ (‬الحياد عن الكتلة الشرقية والغربية‮)‬،‮ ‬واتباع سياسة الولاية الإسلامية علي المجتمع من المنظور الديني‮. ‬ومن خلال ما‮ ‬يطرح من قراءات،‮ ‬وجد أن ثمة طرقا لتنظيم السياسة الخارجية تتبعها الدولة الإيرانية، وتتبعها كل الدول علي صعيدين، هما‮: ‬الشعوب والحكومات‮.‬
أ‮- ‬الشعوب‮:‬
تري إيران أن العالم مقسم إلي شعوب جائرة مستكبرة، وأخري مظلومة مستضعفة، وأن هذه الأخيرة تحتاج إلي النضال من أجل حصولها علي حقوقها في مواجهة قوي الاستكبار‮.‬ لذلك،‮ ‬فقد عمدت سياستها الخارجية إلي بعض السبل لتوصيل تجربتها‮ (‬نموذجها الثوري‮) ‬إلي شعوب العالم الثالث، وخاصة للشعوب المقهورة منه كشعوب إفريقيا، وسود أمريكا‮. ‬لذا،‮ ‬يتحتم علي المتصدين لسياستها الخارجية اتباع أداة تمكنها من تصدير ثورتها لشعوب العالم المستضعفة،‮ ‬ودعم الحركات التحررية في العالم عن طريق‮"(‬42‮)":‬
‮- ‬وسائل الإعلام المختلفة لخدمة تصدير الثورة الإيرانية‮.‬
‮- ‬سفاراتها في الخارج،‮ ‬من خلال تنظيم الندوات والمؤتمرات‮.‬
‮- ‬إرسال البعثات العلمية للخارج،‮ ‬من أجل تعليم اللغة الفارسية وأبجديات الثورة‮.‬
ب‮- ‬الحكومات‮:‬
قام النظام الإيراني بتقسيم الحكومات إلي أقسام‮: ‬حكومات إسلامية، وأخري‮ ‬غير إسلامية، علي أن الأولي مقسمة بدورها إلي ثلاث‮:‬
‮- ‬حكومات إسلامية صديقة‮: ‬تربطها علاقات وثيقة بالحكومة الإيرانية، وقد تتخذ هذه الحكومات المواقف السياسية نفسها التي تنتهجها إيران نحو حكومات الاستكبار العالمي، وهذه الحكومات من الضروري الدخول معها في علاقات تعاون مشتركة‮.‬
‮- ‬حكومات إسلامية محايدة‮: ‬وهذه الحكومات قد لا تتوافق سياستها بالضرورة مع المبادئ الإيرانية، لكنها في الوقت ذاته لا تتخذ مواقف مناهضة للسياسات الإيرانية، وهذه يتحتم التواصل معها،‮ ‬دون الإخلال بالأهداف الأساسية للجمهورية الإيرانية الإسلامية‮.‬
‮- ‬حكومات ثالثة وأخيرة‮: ‬لا تتخذ مواقف مناهضة، غير أنها تعد أداة في يد قوي الاستكبار العالمي يسيطر عليها كيفما يشاء لظلم الشعوب المستضعفة، وهذه يتحتم التواصل معها أيضا من أجل إثنائها عن تلك السياسة‮(‬43‮).‬
أما الحكومات‮ ‬غير الإسلامية، فهي مقسمة إلي ثلاث أيضا‮:‬
1‮- ‬حكومات ثورية‮: ‬لديها سياسة مستقلة عن قوي الاستكبار، وهذه الحكومات تجد دعما من شعوبها، وهو ما يحتم إقرار العلاقة معها من أجل ترغيبها في نهج السياسة الإيرانية‮.‬
2‮- ‬حكومات لا تميل لسياسة إيران الخارجية‮: ‬لكنها لا تعاديها‮.‬ لذلك،‮ ‬ينبغي إقامة علاقات اقتصادية سياسية معها،‮ ‬حتي تظل ذات سياسة مستقلة بعيدا عن نفوذ الاستكبار العالمي‮.‬
3‮- ‬حكومات ثالثة وأخيرة مناهضة بالفعل للإسلام وإيران‮: ‬كحكومات نظام الاحتلال الإسرائيلي، وتلك تحديدا من الضروري عدم الاعتراف بها، بل العمل علي عزلها عن المجتمع الدولي‮.‬
واستطاعت إيران،‮ ‬وفقا لمبدأ المصلحة القومية،‮ ‬أن تحقق نجاحات علي مختلف الأصعدة في مجال السياسة الخارجية في مجالها الحيوي في منطقة الخليج، ومع دول الجوار الجغرافي في آسيا الوسطي، واستطاعت تحقيق قدر من النجاح أيضا في علاقاتها بواشنطن نحو التهدئة والانفتاح‮. ‬كما نجحت في الوجود الدبلوماسي في أمريكا اللاتينية، وأيضا في القارة الإفريقية.
مما سبق،‮ ‬نجد أن النظام الإيراني،‮ ‬مع قدرته وقوته وبنائه المحكم لمؤسسات فاعلة في السيطرة علي مرافق الحياة العامة المختلفة، يحمل تناقضاته الذاتية وتناقضات أخري مع مجتمع ينمو بشكل كبير، وجله من الشباب الذين لا يفكرون وفق الأطر التقليدية للمؤسسة الدينية السياسية الحاكمة في إيران، ويرغبون في تغيير هذا الواقع الذي يضعهم في مواجهات متتالية مع دول الجوار والعالم‮.‬
تتفرد السياسة الإيرانية بعدد من الثنائيات التي تطوعها إيران لمصلحتها، رغم أن البعض قد يظن أنها متعارضة، وأنها سبب في اضطراب كثير من المحللين في فهم السياسة الإيرانية‮.‬ وهذه الثنائيات هي‮: ‬سياسة إيران أيديولوجية أم براجماتية؟ إيران فارسية أم إسلامية؟ دستورية أم ثورية؟ محافظة أم إصلاحية؟ وقد أجادت إيران التلاعب والتنقل بين هذه الثنائيات بحسب المرحلة، وبحسب الخصم أو الطرف المستهدف لتحقيق مصالحها‮. ‬وتلخيصا للوضع الراهن،‮ ‬يمكن رصد أهداف السياسة الخارجية الإيرانية في الأهداف التالية‮:‬
1‮- ‬دعم المشروع الإيراني الإقليمي علي حساب المشروع الأمريكي والغربي‮.‬
2‮- ‬تصدير النموذج الثوري الإيراني إلي الخارج‮.‬
3‮- ‬بناء القدرات الإيرانية، خاصة النووية‮.‬
4‮- ‬تقوية الدور المركزي في العالم الإسلامي، ودعم المقاومة في المنطقة‮.‬
نجحت إيران في استخدام عناصر القوة الناعمة لها مع الدول النامية، باستخدام السياسة الثقافية لها تجاه الخارج لنشر اللغة الفارسية والفكر الشيعي، والتي هي تصدير للثورة في شكلها الثقافي عبر عدة أدوات منها‮: ‬الصحف، والمجلات، والمعارض، والندوات‮. ‬وينفذ هذه السياسة الثقافية الملحقيات والمستشاريات الثقافية للسفارات الإيرانية، وعدد من المؤسسات الرسمية والشعبية الإيرانية،‮ ‬كالمجمع العالمي لأهل البيت، ومنظمة التبليغ‮ ‬الإسلامية‮(‬44‮). ‬وسنحاول في المحور القادم توضيح كيف نفذت الجمهورية الإيرانية أهدافها الخارجية في القارة الإفريقية‮.‬
المحور الثاني‮- ‬السياسة الإيرانية تجاه إفريقيا‮ .. ‬إقليم شرق إفريقيا نموذجا‮:‬
يفسر الحضور السياسي لإيران في البلاد الإفريقية علي أنه وجود له أبعاد سياسية واقتصادية، وهذا حق مشروع لكل دولة تريد تحسين علاقاتها بالدول الأخري‮. ‬وعلي الرغم من عدم مجاورتها لأي دولة من دول إفريقيا، وخلوها من أي جالية من أبناء القارة، فإن إيران، منذ بداية عهد الثورة الإسلامية،‮ ‬عام‮ ‬1979،‮ ‬بدأت تنظر إلي إفريقيا كأرض صالحة لتحقيق أبعاد ثقافية ودينية، يتم من خلالها ترويج المذهب الشيعي في تلك البلاد الإفريقية‮.‬
هذا البعد الثقافي موجود علي امتداد الحكومات التي توالت علي إيران بعد الثورة، وهذا ما أكده الرئيس الأسبق رفسنجاني في أثناء زيارته للسنغال‮(‬45‮)‬، وأكده كذلك رئيس الجمهورية محمد خاتمي في أثناء جولته في كل من نيجيريا،‮ ‬والسنغال،‮ ‬وسيراليون،‮ ‬ومالي،‮ ‬وبنين،‮ ‬وزيمبابوي،‮ ‬وأوغندا، بأن جعل من ضمن المباحثات التي تناولتها الزيارة التعاون الدولي للانفتاح علي الدول الإفريقية‮.‬ وقد واصل نجاد سياسة‮ (‬خاتمي‮)‬، عادَّا دول إفريقيا حليفا مستقبليا متوقعا في وجه الاستكبار العالمي‮.‬
وفي تصريح لوزير الخارجية الإيراني السابق،‮ ‬منوشهر متكي،‮ ‬أكد أن‮ (‬الجمهورية الإسلامية الإيرانية تولي أهمية فائقة للقضايا الثقافية، بعدِّها الأرضية الأساسية للعلاقات بين البلدان‮)(‬46‮)‬، وعَّد وزير الخارجية تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقي أمرا بناء وإيجابيا‮. ‬لكنه ينوه مع ذلك بالدور الثقافي في تنمية العلاقات بين البلدان‮.‬
بعد اندلاع الثورة عام‮ ‬1979،‮ ‬تبنت الدولة دور المدافع عن عقيدة النشاط المستقل عن الأحلاف العالمية،‮ ‬وقاعدة الثورة الإسلامية العالمية‮(‬47‮).‬ وكانت أول خطوة تتخذها الحكومة الإسلامية في إيران هي قطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول الغرب، وكل ما‮ ‬يمت إليهم بصلة من قريب أو بعيد‮.‬ وكانت جنوب إفريقيا في تلك المرحلة تعاني أزمة العنصرية ومشكلة ناميبيا، فكانت حديث إيران في إفريقيا‮.‬
بدأت إيران في تقديم المساعدات إلي دول المواجهة والتنظيمات والمؤسسات المناضلة، مثل المؤتمر الوطني الإفريقي‮ ‬(ANC)، ومؤتمر بان أفريكان‮ ‬(PAC)، ونشطت مكاتب التمثيل الدبلوماسي الإيرانية في دول المواجهة‮.‬ ومن جملة هذه الدول‮ (‬زيمبابوي، وموزمبيق، وتنزانيا، وناميبيا، وزامبيا‮).‬ وكان سفر آية الله خامنئي‮ -‬رئيس الجمهورية آنذاك‮- ‬إلي دول‮ (‬أنجولا، وتنزانيا، وموزمبيق، وزيمبابوي‮) ‬نقطة تحول في تاريخ العلاقات الإيرانية‮ - ‬الإفريقية‮. ‬وأخذت السياسية الخارجية تتغير مع تغير الجمهوريات المتوالية في الحكم الإيراني،‮ ‬وفقا لأهداف النظام ومقوماته، وظروفه الخارجية والداخلية‮.‬ وبغض النظر عن مساحات التغير،‮ ‬فإن أدوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا ظلت مستقرة‮.‬
أولاً‮- ‬أدوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا‮:‬
تستند أي سياسة خارجية لدولة ما يتم انتهاجها إلي عدد من الآليات والأدوات لتكون تلك الأدوات مجتمعة هي مقاربة لإيجاد الطريق الذي تسلكه الدولة لنجاح سياستها الخارجية لتحقق مصلحتها‮. ‬وغالبا ما تسعي الدول إلي الاستناد إلي قواها،‮ ‬أيا كانت،‮ ‬صلبة أو ناعمة،‮ ‬لتحقيق تلك الأهداف، فإما أن تعتمد القوة الصلبة مستخدمة الآلة العسكرية، ويتم هذا عن طريق الحروب، أو باستخدام القوة الناعمة، وهي الأنسب والأقدر علي تنفيذ السياسات، خصوصا إن كانت ثقافية تصب فيما يعرف بالترويج للنموذج السياسي للدولة، كنموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن تلك الأدوات‮:‬
‮❊ ‬الأداة الاقتصادية‮: ‬التبادل التجاري والاستثمارت، والأداة الدبلوماسية، وأداة المراكز الثقافية الإيرانية‮.‬ وتعد أهم أداة المراكز الثقافية الملحقة بالسفارات الإيرانية،‮ ‬فهي من أهم الأدوات مزدهرة النشاط في بعض الدوائر الثقافية والدينية المرتبطة رسميا أو بصفة‮ ‬غير مباشرة بالنظام الإيراني في أكثر من بلد إفريقي‮.‬
‮❊ ‬توظيف العنصر البشري‮: ‬حيث عملت إيران علي تنشيط الدبلوماسية الثقافية والشعبية علي صعيد مختلف،‮ ‬من خلال شبكة واسعة من العلاقات داخل عدد من دوائر التأثير الديني والاجتماعي في إفريقيا وغرب إفريقيا خاصة، كل هذا بالاعتماد علي توظيف العنصر البشري‮ "‬الشيعي‮" ‬المختلف معها في العرق،‮ ‬والمتشابه في العقيدة كالحضور التقليدي للجاليات الشيعية اللبنانية في إفريقيا، أو بعض الجماعات المتصوفة الأقرب في ملامح العقيدة كحب آل البيت‮. ‬فقد جري السعي إلي استقطاب بعض الأشخاص والمجموعات منهم بغرض وضع أسس للتبشير محليا بالمذهب الشيعي‮(‬48‮).‬
في السطور القادمة، نعرض لأهم الأمثلة علي توظيف العنصر البشري في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا، والتي تتم عبر الجاليات اللبنانية، وهي الجاليات الشيعية العربية‮ -‬اللبنانية تحديدا‮- ‬ولها حضور متجذر في المنطقة الغربية الإفريقية يعود إلي عقود عدة خلت‮.‬ وتتمتع تلك الجالية بنفوذ اقتصادي قوي وعلاقات ومصالح متشعبة مع النخب المتحكمة في تلك البلدان الإفريقية، حيث امتلكت ثروات طائلة مكنتها من التأثير في صناع القرار من داكار إلي تنزانيا، وأخذ بعض هذا التأثير طابعا رسميا في بعض البلدان الإفريقية بفعل الوجود الاقتصادي المتزايد للجاليات الشيعية فيها،‮ ‬حيث تشير معطيات شبه رسمية إلي امتلاك الجالية اللبنانية الشيعية نحو‮ ‬60٪‮ ‬من القطاعات الاقتصادية الحيوية في ساحل العاج، و80٪‮ ‬من شركات جمع وتصدير القهوة والكاكاو‮.‬ وقدرت بعض الدراسات نسبة حضورهم بنحو‮ ‬80٪‮ ‬في تجارة الألماس في سيراليون‮(‬49‮).‬
لا نغفل في هذا السياق التطرق إلي أداة إفريقية استطاعت الجمهورية الإيرانية توظيفها في خدمة أهدافها ووجودها بالقارة، وهي‮ "‬الجماعات الصوفية‮"‬، التي تخلق للنشاط الإيراني بيئة مواتية ومناسبة للعمل والاستقطاب، وكسب الولاء والوجود‮.‬ وفي بعض الأحيان،‮ ‬تسهل لها الانخراط في المجتمع، بل تدخل معها في تحالف‮ ‬غير معلن في أحيان أخري‮. ‬هذه الجماعات الصوفية هي بمنزلة حليف طبيعي للحضور الإيراني، ينظرون إليه نظرة مسالمة‮ ‬غير عدائية مما يسهل انخراط ممثلي الدبلوماسية الإيرانية في دوائرهم وأنشطتهم‮.‬
تمثل العلاقة بين بعض النظريات الشيعية والصوفية نموذجا لانتقال الأفكار والمفاهيم بين مجالين فكريين متباينين في المظهر‮. ‬ففي الوقت الذي يعلن فيه الصوفية ميلهم إلي الزهد، واعتزالهم شئون الناس اليومية، خاصة منها ما قد يكون عاملا علي الصراع والفرقة، نري الفكر الشيعي دائم الاستحضار لنشأته المأساوية، إثر نزاع علي السلطة معروف، ومعانقته لمحن الزمان، ومواجهته لأرباب السلطة، مرددا دوما مطالبه السياسية‮.‬
رغم هذا التباين في طبيعة التكوين بين المجالين المتقابلين،‮ ‬فإن ظروفا عدة قد جعلت الفكر الصوفي يتبني العديد من الأفكار والمفاهيم ذات الأصول الشيعية، موظفا إياها في مجاله الخاص وممارسا عليها أنواعا من القلب لدلالاتها الأصلية‮(‬50‮).‬
لذلك يمكن القول إن إيران تتمتع بهامش أكبر للحركة والوجود في إقليم‮ ‬غرب إفريقيا‮ -‬الحزام الإسلامي للقارة الإفريقية‮- ‬عنه في باقي أقاليم القارة‮.‬ ويمكن إرجاع هذا الأمر إلي أن عدد المعتقدين بالمذهب في إقليم الغرب في تزايد مستمر، وتوجد جالية لبنانية كبيرة في الغرب من المعروف أنها تقدم دعما ماليا سنويا لحزب الله الحليف الرئيسي لإيران في لبنان‮.‬
إلا أن ذلك لم يمنع إيران من السعي إلي التقارب مع كل من تنزانيا،‮ ‬وإريتريا،‮ ‬وجيبوتي‮.‬ كما تبحث إيران عن دور في تسوية الأزمة الصومالية،‮ ‬في محاولة منها لتعزيز وجودها في منطقة القرن الإفريقي‮. ‬وحتي الدول الحليفة للغرب،‮ ‬سعت طهران إلي بناء جسور للتعاون معها مثل كينيا وأوغندا‮.‬
وقد جاءت التحركات الإيرانية في القارة الإفريقية،‮ ‬والتي زادت وتيرتها في عهد أحمدي نجاد للأسباب التالية‮:‬
‮❊ ‬البحث عن أدوار خارجية للحفاظ علي هيبة الدولة ووجودها دوليا‮.‬
‮❊ ‬كسر حالة العزلة التي فرضها عليها الغرب اقتصاديا وعسكريا‮.‬
‮❊ ‬السعي إلي كسب أصوات الدول الإفريقية في المنظمات الدولية، لمواجهة الضغوط التي تمارسها القوي المعادية لإيران في هذه المنظمات، خصوصا فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني‮.‬
‮❊ ‬تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية‮.‬
‮❊ ‬قتح أسواق في الدول ذات المصالح الحيوية‮.‬
‮❊ ‬منافسة ومجابهة بعض الدول العالمية كالولايات المتحدة الأمريكية،‮ ‬وفرنسا،‮ ‬والصين،‮ ‬والسعودية‮.‬
ثانيا‮- ‬خريطة الوجود الإيراني في شرق القارة الإفريقية‮:‬
تعد القارة الإفريقية أرضا خصبة لمختلف الأنشطة الفكرية والدينية، نظرا للطبيعة الجغرافية، وتركيبة الشخصية الإفريقية السهلة المنفتحة،‮ ‬مما يجعلها فريسة سهلة لقبول ثقافة الآخر‮. ‬وقد كان للجمهورية الإيرانية حضور ووجود في القارة الإفريقية ككل، ولكن تغير نوع الوجود في كل بلد‮. ‬فتميزت في الجنوب بوجود تبادل اقتصادي مع دول جنوب القارة، وفي الشمال الإفريقي،‮ ‬الذي ارتبط بالجمهورية الإيرانية بعلاقات تاريخية تعود للدولة الفاطمية،‮ ‬تغلب البعد الثقافي الديني،‮ ‬مما أدي إلي قطع العلاقات الإيرانية مع بعض دول الشمال الإفريقي‮.‬ وفي الغرب الإفريقي،‮ ‬الحزام الإسلامي للقارة الإفريقية،‮ ‬توطدت العلاقات الثقافية‮ (‬الدينية‮ - ‬التعليمية‮) ‬الإيرانية مع دوله الكبري، وتم تكوين بعض الموالين للجمهورية الإيرانية كجماعة الشيخ الزكزاكي‮.‬ أما الوسط الإفريقي،‮ ‬فقد‮ ‬غابت العلاقات الإيرانية الاقتصادية،‮ ‬والثقافية،‮ ‬والدبلوماسية،‮ ‬بعض الشيء‮.‬ وربما يعود هذا إلي أن منطقة الوسط منطقة صراعات‮.‬ أما في إقليم شرق إفريقيا،‮ ‬فسنعرض خريطة تفصيلية لبعض دوله في السطور التالية‮.‬
الأول‮- ‬الوجود الإيراني في كينيا‮:‬
ثمة مصلحة مشتركة في هذه العلاقة البينية‮. ‬فإيران دولة إقليمية تسعي إلي كسر القيود المفروضة عليها في إطار العلاقات والتفاعلات الدولية،‮ ‬ودولة كينيا،‮ ‬كذلك،‮ ‬في ظل حكم الرئيس مواي كيباكي،‮ ‬أيضا تعاني عزلة‮. ‬من هنا،‮ ‬جاءت هذه العلاقة التي كان لكلا الطرفين فيها مصلحة من أكثر من زاوية، مع ما يراه البعض في هذا النموذج من العلاقات الإيرانية‮ - ‬الإفريقية من سعي إيران نحو ترسيخ وجودها في كينيا‮.‬ كما يري البعض في هذه العلاقة نموذجا تستخدم فيه إيران سياسة خارجية متعددة الأبعاد لتطوير العلاقات الثنائية‮.‬ وجاءت فترة الرئيس أحمدي نجاد لتوطد العلاقات بين البلدين، حيث كانت زيارته عام‮ ‬2009‮ ‬مهمة بكل المقاييس‮. ‬خلال هذه الزيارة،‮ ‬التقي نجاد في الزيارة الرئيس الكيني مواي كيباكي ورئيس الوزراء، وتم توقيع عدد من مذكرات التفاهم‮(‬51‮).‬ هكذا،‮ ‬تكون الزيارات بين البلدين علي أعلي مستوي دبلوماسي‮.‬
‮❊ ‬البعد الديني للسياسة الخارجية الإيرانية في كينيا‮:‬
دخل الإسلام كينيا عبر الهجرات العربية، وكان مذهب أهل السنة هو الذي يسيطر علي حياة المسلمين الذين تبلغ‮ ‬نسبتهم‮ ‬35٪‮ ‬من عدد السكان، والأغلب يتبع المذهب الشافعي‮. ‬فالمسلمون في كينيا يشكلون أقلية، لكنها أقلية ذات مغزي،‮ ‬ولها وزنها المعتبر، لا يمكن تجاوزها أو إهمالها في دراسة التفاعلات الجديدة في الخريطة الدينية السياسية الإفريقية‮. ‬وتتركز هذه الأقلية في مناطق لها أهمية اقتصادية واستراتيجية تمنحهم علي الأقل الثقل السياسي، خاصة في مواسم الانتخابات المختلفة، أو ينبغي أن يكونوا كذلك علي الأقل‮.‬
الشيعة في كينيا هم أقلية دينية نشطة تحتاج إلي دراسة موسعة،‮ ‬نظرا لدورها الكبير في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية في كينيا منذ القرن التاسع عشر،‮ ‬مع التركيز علي بعض المؤسسات الشيعية الرائدة التي تسهم في عملية التنمية في كينيا، مثل شبكة الأغا خان للتنمية‮(‬52‮). ‬وتتكون الطائفة الشيعية الكينية من الإثني عشرية،‮ ‬والإسماعيلية‮ (‬الأغا خان والبهرة‮).‬
‮❊ (‬الإثنا عشرية‮) ‬هي الطائفة الشيعية الكبري في العالم الإسلامي، لكنهم يعيشون كأقلية في معظم أنحاء العالم، وكنخبة حاكمة في إيران والعراق، وكأغلبية في أذربيجان والبحرين‮. ‬وفي كينيا،‮ ‬يبلغ‮ ‬عددهم نحو‮ ‬3000‮ - ‬4000،‮ ‬ويعيش معظمهم في مومباسا،‮ ‬ونيروبي،‮ ‬وكيسمو،‮ ‬وبعض المدن الكبري، ويتلقون التعليم الديني من الزعماء الدينيين في العراق أو إيران‮(‬53‮).‬
الشيعة الإثنا عشرية في كينيا من أكثر الطوائف نشاطا، ونشاطهم هنا ليس وفقا علي دعوة‮ ‬غير المسلمين، بل يمتد ليشمل محاولة تحويل المسلمين السنة إلي طائفتهم الشيعية‮. ‬وقد تكثف هذا العمل بشكل كبير بعد قيام الخميني بالثورة الإسلامية في عام‮ ‬1979،‮ ‬حيث انتشرت الأنشطة عبر وسائل الإعلام،‮ ‬والصحافة،‮ ‬والمؤسسات التعليمية، والأعمال الخيرية،‮ ‬والدعم المالي الدبلوماسي المباشر من السفارة الإيرانية في نيروبي، ونجحوا في تحويل بعض الشباب من المذهب السني إلي المذهب الشيعي‮(‬54‮).‬
‮❊ ‬الإسماعيلية‮: ‬وهي أهم المجموعات الشيعية في كينيا، وهم أتباع أغاخان الهندي الأصل، واهتمت هذه المجموعة بالتعليم، وبترقية شئون أفرادها في كل النواحي، وأنشأت المستشفيات‮.‬ ويعد مستشفي أغاخان في نيروبي من أحدث وأحسن المستشفيات الخاصة في إفريقيا، ومؤسسات أغاخان التعليمية في كينيا معروفة‮.‬ والشيعة‮ -‬كما يقول هاري ديفيد،‮ ‬صاحب كتاب‮ "‬الإسلام والسياسة في كينيا‮"- ‬هم أفضل تنظيما من السنة رغم قلة عددهم والطوائف الرئيسية هناك‮(‬55‮).‬
مما لا شك فيه أن الوسيلة الثقافية تعد من أهم وسائل المد الشيعي في إفريقيا‮. ‬لهذا،‮ ‬تهتم إيران بتقديم المنح للطلاب الأفارقة من أجل الدراسة في إيران، وتقوم السفارات والقنصليات الإيرانية بدور كبير في فتح مراكز ثقافية في دول القارة الإفريقية، خاصة في شرق إفريقيا وغربها، وهذه المراكز عبارة عن مكاتب ثقافية،‮ ‬وقاعات للاجتماع،‮ ‬وعقد الندوات،‮ ‬وأماكن لتوزيع الكتب،‮ ‬والنشرات والمجلات،‮ ‬والجرائد،‮ ‬والأشرطة الدينية ذات المذهب الشيعي‮. ‬ولقد عزمت إيران علي بناء جامعة في كينيا تغطي شرق إفريقيا، وهي خطة متفق عليها منذ التسعينيات تحت إطار التبادل الثقافي‮.‬
يقع أشهر هذه المراكز الثقافية في كينيا بوسط مدينة نيروبي لتعليم اللغتين العربية والفارسية،‮ ‬والعلوم الإسلامية، وهو أهم مركز إيراني، ويقع تحت إدارة السفارة الإيرانية‮. ‬ويصدر المركز الكثير من المجلات، من أهمها‮: ‬رسالة التقريب، ومجلة التوحيد، ورسالة الثقلين، ومجلة الهدي للأطفال‮(‬56‮).‬
في نهاية يونيو‮ ‬2009، نظمت رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيرانية ندوة بحضور مجموعة من علماء كينيا،‮ ‬ومستشار قائد الثورة الإسلامية في شئون العالم الإسلامي‮. ‬أشاد الشيخ محمد علي تسخيري‮ -‬رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إيران‮- ‬بالنجاح الذي تحقق في مجال التقريب بين السنة والشيعة، مؤكدا أن المساحة المشتركة بين السنة والشيعة تصل إلي‮ ‬95٪، ولا تتجاوز نسبة الاختلاف‮ ‬5٪، وهو اختلاف طبيعي نتيجة لحرية الاجتهاد‮(‬57‮).‬
كما نظمت الرابطة أسبوعا للصداقة الإيرانية‮ - ‬الكينية في العام نفسه، كما بدأ في يونيو أيضا أسبوع الصداقة بين أطفال إيران وكينيا، وتم توزيع عدد من كتب الأطفال وأفلام وبرامج حاسوب،‮ ‬وصور بهدف زيادة جاذبية المذهب الشيعي لدي المسلمين الكينيين‮(‬58‮).‬
‮(‬أ‮) ‬النشاط الشيعي في كينيا‮:‬
لم يكن للمذهب الشيعي ولا أصحابه نشاط ملحوظ في كينيا، بل كان الأمر مقتصرا علي ممارسة عباداتهم في حسينياتهم ومساجدهم‮. ‬ثم بدأ الشيعة حملات منظمة للدعوة إلي التشيع، ونشر مذهبهم في أوساط أهل السنة بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية في عام‮ ‬1979، مثل‮:‬
‮- ‬إنشاء المراكز الثقافية الشيعية، كما في المركز الثقافي الإيراني في العاصمة نيروبي، وهو يعد من أكبر المراكز الثقافية في وسط البلد، ويتبع مباشرة السفارة الإيرانية‮.‬
‮- ‬فتح المدارس الشيعية بكل المراحل الدراسية، ويتم التدريس فيها باللغة الفارسية،‮ ‬والسواحلية،‮ ‬والإنجليزية‮.‬
وتعتزم إيران فتح جامعة في كينيا،‮ ‬وفق ما صرح به النائب الثاني لرئيس حزب فورد كينيا،‮ ‬الحزب المعارض للحكومة،‮ ‬البروفيسور راشد مزي والذي قال‮: "‬إن هناك خطوات جارية لبناء جامعة في منطقة الساحل بكينيا‮".‬ وقد أدلي بهذا التصريح بعد رجوعه من رحلة قام بها إلي إيران مع زميله عضو البرلمان فارح معلم، وصرح بأن التمويل سيكون بالكامل من قبل إيران‮. ‬فعندما زار أحمدي نجاد مدينة مومباسا الساحلية، كان محاطا من قبل الآلاف من الشيعة الكينيين، وهم يهتفون الله أكبر‮(‬59‮). ‬وسنعرض بعض المؤسسات التنموية والتعليمية الشيعية الرائدة في كينيا التي لها أنشطة علي أرض الواقع كالتالي‮:‬
‮❊ ‬شبكة الأغا خان للتنمية‮:‬
يقع المكتب الرئيسي للمؤسسة في جنيف‮  ‬بسويسرا، وتتعاون الشبكة مع الشركاء المحليين،‮ ‬والوطنيين،‮ ‬والدوليين من أجل تحقيق تحسينات مستدامة للحياة في الدول الخمس والثلاثين التي تعمل فيها‮. ‬نشطت الشبكة في كينيا عام‮ ‬1974، وعملت في مجالات الصحة،‮ ‬والتعليم،‮ ‬والتنمية الريفية، وتعزيز المجتمع المدني والبيئة‮.‬ وفي عام‮ ‬1996، اندمجت فروع المؤسسة في كل من كينيا،‮ ‬وتنزانيا،‮ ‬وأوغندا تحت هيكل إدارة وحكم إقليمي مشترك‮(‬60‮).‬
وقد حقق صندوق‮ "‬الأغا خان للتنمية الاقتصادية‮" ‬استثمارات رئيسية في الصناعة الكينية والبنية التحتية، بما في ذلك توليد الكهرباء،‮ ‬والزراعة،‮ ‬والإعلام،‮ ‬والسياحة، التي تقوم باستثمارات جريئة،‮ ‬ولكن محسوبة في المشاريع الاقتصادية التي تتراوح بين توليد الطاقة من أجل الأعمال الزراعية، وهي من أنجح المنظمات والمؤسسات المدرجة في بورصة نيروبي، إلي جانب أنها توفر فرص العمل لعشرات الآلاف الكينيين‮.‬
ولدي جامعة الأغا خان‮ ‬(AKU)‮ ‬توسعات ضخمة في مجال الرعاية الصحية،‮ ‬والتعليم المهني من الأطباء والممرضين والمدرسين، ويخدم مستشفي الأغا خان‮ ‬(AKH)‮ ‬أكثر من‮ ‬460‮ ‬ألف مريض سنويا في المؤسسات الطبية في جميع أنحاء الدولة‮. ‬أكاديمية الأغا خان في مومباسا هي الأولي من شبكة دولية من المدارس المكرسة لتحقيق التميز في مجال التعليم‮.‬
‮❊ ‬بعثة مسلم بلال‮ - ‬كينيا‮:‬
في عام‮ ‬1964، عقد اتحاد خوجة الشيعة الإثني عشرية، وهم جماعات إفريقيا في طنجة‮/ ‬تنزانيا، وتعهدوا بالإجماع علي نقل التعاليم الإسلامية الشيعية إلي الأفارقة الأصليين في شرق إفريقيا‮(‬61‮). ‬بُذلت جهود كثيرة لنشر التشيع في أوساط الأفارقة الأصليين قبل ذلك القرار، لكن كانت من قبل الأفراد بجهود ذاتية، وبطريقة‮ ‬غير منظمة‮. ‬وجاء القرار لهم كحافز لتشكيل منظمة تحت اسم‮ (‬بعثة مسلم بلال‮) ‬التي تأسست في كل من تنزانيا وكينيا، حاملة اسم أول مؤذن في الإسلام ذي أصل إفريقي‮ (‬حبشي‮). ‬وفي نوفمبر‮ ‬1971، سجلت بعثة مسلم بلال كينيا كمنظمة خيرية دينية‮.‬
بعثة مسلم بلال احتفالات‮ (‬محرم السنوية‮) ‬في مقرها، وتكرس ذكري‮ "‬شهداء كربلاء‮"‬،‮ ‬ويتم تنظيم سلسلة من المحاضرات لتتزامن مع فترة الحداد‮. ‬كما تم توجيه الدعوة لعدد من علماء السنة لإعطاء المحاضرات العامة لجمهور أوسع‮. ‬تتميز هذه الاستراتيجية المتبعة،‮ ‬خلال تاريخ الشيعة السياسي للوصول لغير الشيعة،‮ ‬بميزة مزدوجة،‮ ‬أولا‮: ‬تعليم‮ ‬غير الشيعة التشيع، ثانيا‮: ‬التقليل من المشاعر المعادية للشيعة داخل البلد‮(‬62‮).‬
بالإضافة إلي ما سبق،‮ ‬يأتي تقديم المنح الدراسية للطلبة المحتاجين، وعقد الندوات وورش العمل الدورية لتدريب معلمي العلوم الدينية الإسلامية من الأئمة ومجموعات الشباب،‮ ‬من أجل التبشير الشيعي،‮ ‬الإسلام بينهم‮(‬63‮).‬
‮❊ ‬مركز أمير المؤمنين‮:‬
يقع المركز في كوالي قرب مومباسا‮.‬ تأسس عام‮ ‬1992 كمركز شيعي تديره مؤسسة الإمام المهدي الإيرانية تخرج فيه أكثر من‮ ‬50‮ ‬طالبا، وتمكن من تأمين‮ ‬12‮ ‬منحة دراسية لمزيد من الدراسات الشيعية في سوريا،‮ ‬ولبنان،‮ ‬ودول عربية أخري، وهو مركز تعليمي في الأساس، يتألف من ثلاثة مستويات تعليمية تركز علي الدراسات الشيعية الاثني عشرية‮.‬
ونستطيع أن نلخص نشاطات المذهب الشيعي علي أرض كينيا بحسب المناطق التالية‮:‬
1‮ - ‬مدينة لامو‮ (‬وهي مدينة إسلامية عريقة شهدت قيام إمارات إسلامية‮). ‬لذا،‮ ‬فإن النشاط الشيعي بدأ منها لأهميتها الدينية والتاريخية‮.‬ وتشرف جمعية آل البيت بلامو علي مدرسة الصفا، وهي مدعومة من رجال أعمال كويتيين ولبنانيين من الطائفة الشيعية عن طريق صندوق دعم الرسوم المدرسية، فيسدد الرسوم المدرسية للمشتركين بالمدرسة التي تتضمن المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية‮.‬
2‮- ‬مدينة ماتندوني، بالإضافة إلي نشاطهم في جزر فازا الشرقية، ومن أهم القبائل التي تسكن في هذه الجزر قبيلة الباجون، وخليط من العرب والأفارقة، بالإضافة إلي قبائل باغري،‮ ‬وساني،‮ ‬وكوكويو‮.‬
3‮- ‬مدينة مالندي في حي مأويني،‮ ‬وقد أسس النشاط مركزا يضم مدرسة ابتدائية، ومكتبة عامة، ومسجدا، ومن أهم الشخصيات الشيعية في تلك المنطقة‮ "‬دميلا‮"(‬64‮).‬
4‮- ‬مومباسا عاصمة الساحل، تأسست بها مدرسة ثانوية بنظام الدمج بين العلوم الشرعية والمنهج الكيني‮. ‬كما أن لهم نشاطا صحيا من خلال المستوصفات التي يديرونها قرب مسجد الشيخ‮ (‬دور‮)‬، ولهم مجموعة أوقاف في فيبنجو‮.‬
5‮- ‬ماثوقا، وفيها مركز تابع للشيعة، ويضم قسما داخليا، وهو عبارة عن معهد لتدريب الدعاة وطلبة العلم القادمين من مختلف مناطق كينيا ليتم تدريبهم لكي يقوموا بالدعوة إلي التشيع‮.‬
6‮- ‬شيموني، وفيها مسجد ومدرسة ابتدائية، كما أن لديهم الكثير من المساجد في القري النائية‮.‬
7‮- ‬وفي نيروبي،‮ ‬يوجد الكثير من المراكز ضمن مدرسة رسول الله الأكرم‮: ‬مدرسة جعفر أكاديمي، ومستوصف باك رود،‮ ‬والنادي الجعفري في حي لفنتون، والهلال الأحمر الإيراني‮.‬
8‮- ‬منطقة ناكورو‮: ‬تعد أحد أهم مراكز انتشار الشيعة، ولهم مراكز فيها،‮ ‬مثل‮:‬
‮- ‬مركز الرسول الأكرم‮: ‬يضم مدرسة من الروضة إلي الثانوية، بالإضافة إلي مسجد،‮ ‬وقسم داخلي للمبيت،‮ ‬ومزرعة،‮ ‬ومعهد لإعداد الدعاة‮(‬65‮).‬
‮- ‬مركز بلال‮: ‬المقر الرئيسي للشيعة في المنطقة، وفيه مطبعة لطباعة الكتب الشيعية، ومعهد حاسوب،‮ ‬وقاعة للمؤتمرات،‮ ‬وسكن للدعاة والعمال، كما توجد مدرسة متكاملة من الروضة إلي الثانوية‮.‬ ويجري في المركز نشاطات متعددة للشباب والنساء، ويتزعم هذا المركز شيخ لبناني‮(‬66‮).‬
‮- ‬مبني تجاري وقفي للاستثمار،‮ ‬وتغطية وتمويل نفقات الأنشطة، وتقديم قروض ميسرة للمتشيعين الجدد‮.‬
‮- ‬مركز بحيرة ناكرو‮: ‬يقع في حي فقير، وفيه مدرسة دينية‮.‬
‮- ‬مركز الإمام الأعظم‮: ‬يتكون من أربعة طوابق، ومركز للمهتدين الجدد، ومعهد للبنين‮.‬
‮- ‬مركز روندة‮: ‬يقع في أحد الأحياء الفقيرة، وفيه مسجد ومدرسة‮.‬
‮(‬ب‮) ‬الشخصيات الشيعية البارزة في كينيا‮:‬
تنحدر أصول أغلب الشخصيات البارزة الشيعية من منطقة لبنان، وأغلب الأشخاص المتشيعين الجدد كانوا يتبعون المذهب الصوفي‮(‬67‮). ‬وقام هؤلاء‮ - ‬بدورهم‮ - ‬بدعوة عامة المسلمين إلي التشيع، كما تحولت بعض مساجد أهل السنة إلي مساجد للشيعة، ومن أهمها‮: ‬مسجد الصفا في مدينة لامو، الذي تحول فيما بعد إلي قبلة للشيعة بعد هدمه وبنائه من جديد علي نفقة الشيعي محسن كويتي، وأشهر الأسماء الشيعية في كينيا‮:‬
‮- ‬حسين البيضوني‮ (‬لبناني الجنسية، وهو عمدة الاثني عشرية في المنطقة الساحلية‮).‬
‮- ‬الشيخ عبدالله ناصر‮ (‬أقوي علماء نيروبي،‮ ‬لكنه تشيع فيما بعد‮).‬
‮- ‬مزي منبي بن الشيخ أحمد البدوي‮ (‬كان من علماء الصوفية‮).‬
‮- ‬حسين ألبيتي‮ (‬رئيس بلدية لاموا‮).‬
‮- ‬علي بونوا‮ (‬صاحب فندق سن سيل لاموا‮).‬
تجسد كينيا في نهاية المطاف نموذجا لمحاولة إيران لاستمالة بعض الدول الأقل احتمالا للتحالف مع إيران، من خلال توقيع صفقة معها لبيعها أربعة ملايين برميل من النفط الخام سنويا‮. ‬كما أن الطائفة الشيعية في كينيا نموذج لمجتمع صغير منظم يلعب دورا تنمويا وخيريا،‮ ‬من خلال الجهود المنظمة وعلاقاته الخارجية‮.‬ والمذهب الشيعي في كينيا له وجود تاريخي، وله أكثر من حافظ خارجي هندي وإيراني‮.‬
الثاني‮- ‬الوجود الإيراني في تنزانيا‮:‬
ظهرت تنزانيا من اتحاد دولتين هما تانجانيا وزنجبار، وعاصمتها‮ " ‬دار السلام‮"‬، وهي أكبر دول شرق إفريقيا من حيث الأغلبية السكانية المسلمة،‮ ‬إذ تبلغ‮ ‬نسبة المسلمين نحو‮ ‬60٪‮ ‬من إجمالي عدد السكان‮. ‬إلا أنهم بالرغم من ذلك يعانون التهميش، فأكثر من ثلثي المواقع الحزبية والحكومية يشغلها المسيحيون، وهو ما يعد إرثا استعماريا ناتجا عن عزل الاستعمار للمسلمين عن المناصب السياسية والإدارية‮.‬
فالمسلمون يكادون ينحصرون في إشغال وظائف المؤسسات الدينية التنزانية فقط، والتي تخضع لسيطرة‮ (‬مجلس تنزانيا الإسلامي‮)(‬68‮).‬
وقد هاجرت إلي زنجبار منذ نحو ألف سنة جماعات من شيراز، ولا تزال حتي الآن‮.‬ وبعد مرور عدة قرون،‮ ‬يعد الانتساب إلي الشيرازيين نوعا من الأصالة، وهم لا‮ ‬يزالون يحتفلون اليوم بعيد النيروز، ولا تزال سواحل شرق إفريقيا تستقبل منذ خمسمئة سنة سائحين من الإيرانيين والآشوريين‮(‬69‮). ‬وقد قام الشيعة الشيراز المهاجرون إلي سواحل دول شرق إفريقيا،‮ ‬خاصة زنجبار،‮ ‬بعملين رئيسيين‮(‬70‮) ‬لا‮ ‬يزال أثرهما باقيا حتي الآن،‮ ‬هما‮:‬
1‮- ‬تيسير التبادل التجاري وتحسين الاقتصاد،‮ ‬وتعمير المدن ومراكز إقامتهم‮.‬
2‮- ‬العمل علي نشر الإسلام في شرق إفريقيا، وبناء المساجد والمنشآت العامة في زنجبار ومومباسا‮.‬
منذ منتصف القرن التاسع عشر،‮ ‬تغيرت الظروف السياسية في القارة الإفريقية، وقام أبناء الشيرازيين وأحفادهم بتأسيس حزب بتأييد من الحركات المناهضة للاستعمار، وعن طريق الائتلاف مع المواطنين المحليين، وقاموا في القرن العشرين بأنشطة سياسية ضد العرب والاستعمار الإنجليزي، إلي أن شاركوا في النهاية في استقلال جزيرة زنجبار في عام‮ ‬1963‭.‬
الجدير بالذكر أن حزب‮ "‬أفرو شيرازي‮" ‬هو الحزب الحاكم الذي يتولي المسئولية السياسية في جمهورية زنجبار الفيدرالية‮.‬
تعد العلاقات بين إيران وتنزانيا من أكثر العلاقات الإفريقية‮ - ‬الإيرانية تقدما‮.‬ فقديما بني الشيراز دولتهم في زنجبار‮.‬ وحديثا،‮ ‬تسعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالمنوال نفسه إلي تجديد العلاقات، حيث إن تنزانيا تمثل أحد الأهداف المهمة لإيران في شرق إفريقيا‮.‬
مع مجئ الرئيس أحمدي نجاد عام‮ ‬2005‮ ‬للرئاسة، كانت الزيارة الأولي لوزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي‮" ‬إلي تنزانيا، حيث التقي رئيس الجمهورية، ثم التقي نظيره برنارد ميمي، ثم التقي أماني عبيد كرومي،‮ ‬رئيس جمهورية زنجبار ذات الحكم الذاتي، وتنوعت الاتفاقات بينهم، تجارية،‮ ‬وثقافية،‮ ‬ودينية،‮ ‬وعسكرية، نذكر منها‮ (‬71‮):‬
‮❊ ‬التوأمة بين مدينتي إيرانشهر الإيرانية وباغايامو التنزانية، وهي المدينة التي دخلها الإيرانيون من البلوش لأول مرة في القرن التاسع‮.‬
‮❊ ‬دعوة المستثمرين الإيرانيين لتوظيف رءوس أموالهم في جزيرة زنجبار التي أصبح الشيرازيون جزءا من هويتها‮.‬
‮❊ ‬استعداد إيران لفتح أول فرع للجامعة الإسلامية الحرة في زنجبار،‮ ‬من أجل رفع المستوي التعليمي في زنجار‮.‬
فيما أكد الرئيس كرومي أن التاريخ والتراث الثقافي من مبان وآثار إيرانية مفخرة لشعب زنجبار، داعيا الشركات الإيرانية للعمل في مجال البنية التحتية‮. ‬وأعلن الرئيس كرومي تأييد ودعم بلاده التام للنشاطات النووية الإيرانية السلمية، مشددا علي أنه لا ينبغي للدول الأخري أن تفرض رؤيتها علي العالم،‮ ‬لأن الظروف العالمية الراهنة ترفض مثل هذه الأساليب‮(‬72‮).‬
في عام‮ ‬2008، استقبل أحمدي نجاد برنارد ميمي،‮ ‬وزير خارجية جمهورية تنزانيا،‮ ‬ورأي وزير خارجية إيران،‮ ‬منوشهر متكي،‮ ‬أن زيارة برنارد لإيران تهدف إلي تقوية العلاقات بين البلدين، ودعا نظيره التنزاني لاستفادته من خبرات إيران في مجالي الزراعة والصناعة‮.‬
في يناير‮ ‬2009، كانت زيارة وزير الدفاع التنزاني إلي طهران،‮ ‬علي رأس وفد رفيع المستوي من بلاده، بناء علي دعوة رسمية من نظيره الإيراني،‮ ‬العميد مصطفي محمد نجار‮.‬ وقد قام الوزير التنزاني،‮ ‬خلال زيارته بزيارة ضريح الإمام الخميني‮(‬73‮). ‬كما أشار السفير الإيراني،‮ ‬مهدي آقا جعفري إلي أن الصادرات‮ ‬غير النفطية لتنزانيا تشهد طفرة، وأن‮ "‬دار السلام‮" ‬تعد بوابة دخول السلع الإيرانية إلي شرق القارة الإفريقية‮(‬74‮)‬،‮ ‬كما دعمت تنزانيا إيران كثيرا في برنامجها النووي في الخطاب الدولي‮.‬
‮❊ ‬البعد الديني والثقافي في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه تنزانيا‮:‬
في واقع الحال،‮ ‬نستطيع القول إن هناك جيلا جديدا من الشيعة في تنزانيا وزنجبار‮(‬75‮)‬،‮ ‬ويظهر أثر ذلك الجيل الجديد علي عدة مستويات‮. ‬ففيما يتعلق بالعادات والتقاليد، يبدو الأثر الفارسي واضحا في الاحتفال بعيد النيروز، حيث تبدأ السنة الجديدة عندهم بهذا العيد، ويحتفل الأهالي علي طريقتهم الوطنية التي تنحصر في‮ (‬الرقص والتحطيب‮)‬، كما توجد مقابر خاصة بالشيعة في زنجبار‮.‬
علي صعيد اللغة، يري الإيرانيون المحدثون أن أكثر من خمسمئة كلمة فارسية دخلت اللغة السواحلية‮.‬ ويري دكتور عبدالله نجيب‮(‬76‮) ‬أن هناك عددا قليلا من الكلمات الفارسية هي ما اقتحمت اللغة السواحلية، مثل‮: (‬نيروزي من نوروز، شاها من شاه، ديسمالي من دست مال، سركالي من سركال‮).‬ فهناك الكثير تسرب من اللغة الفارسية إلي اللغة السواحلية، مثل‮: ‬تبانجه‮: ‬مسدس‮  ‬بندقية، بافته‮: ‬منسوج من القطن، بوستان‮: ‬حديقة‮.‬
‮(‬أ‮) ‬زنجبار مركز للشيعة‮:‬
تقع جزيرة زنجبار سياسيا ضمن إطار دولة تنزانيا‮.‬ أما جغرافيا،‮ ‬فهي تقع علي الساحل الشرقي لإفريقيا، ولا يوجد إحصاء دقيق وجديد عن تعداد الشيعة في تنزانيا وزنجبار‮. ‬وقد تم هدم المسجد القديم للشيعة ومقابر بعض الدعاة بعد ثورة‮ ‬1964‮ ‬من قبل حكومة الثورة في زنجبار، وهاجر الكثير من الشيعة الإيرانيين تدريجيا من الجزيرة بعد أن تعرضوا للاضطهاد والقتل في مراسم الأربعين عام‮ ‬1964، وبقي الشيعة المحليون‮.‬
ونظرا لانتشار الشيعة في كل أنحاء شرق إفريقيا وتنزانيا، وحتي لا تقام مراسم التعزية بعدد قليل، فإن كل الشيعة يحرصون علي الحضور إلي جزيرة زنجبار في‮ "‬يوم الأربعين‮" ‬بشكل مكثف لإقامة الأربعين الحسينية، ويحضرها الكثير من العلماء والشخصيات‮(‬77‮).‬
وفي عام‮ ‬1997،‮ ‬مع رحيل سيد محمد مهدي الشوشتري، انتهي آخر تذكار لحضور العلماء الإيرانيين في شرق إفريقيا، وأنهي الجيل الثاني من جماعة المهاجرين الإيرانيين إلي زنجبار حياتهم هناك بعد مئة عام من الدعوة الدينية، حيث يقيم بعض أبناء وأحفاد أسرة الشوشتري حتي الآن في طهران، ويتقن بعضهم ممن قضوا طفولتهم في زنجبار اللغة السواحلية‮(‬78‮). ‬ولمدة أسبوع،‮ ‬تكون كل فنادق الشيعة خاصة محجوزة لضيوف الحسين‮.‬ ولمدة يومين وبصورة مستمرة،‮ ‬يتوافد الأفارقة إلي المساجد والحسينيات للتعزية وضرب الصدور‮.‬
ويعد توزيع الشربات،‮ ‬وتقديم الطعام للمعزين والفقراء وسكان زنجبار الذين يسمون‮ "‬نياز‮" - ‬عملا مهما من أعمال مراسم التعزية‮(‬79‮).‬
كما أن الشيعة في شرق إفريقيا،‮ ‬وجزيرة زنجبار،‮ ‬ومومباسا،‮ ‬وجزر القمر يؤدون مجموعة الطقوس الإيرانية في كل عام مع بداية السنة الهجرية القمرية، وهي‮:‬
1‮- ‬طقوس عاشوراء في الحسينيات والمساجد‮.‬
2‮- ‬إقامة معارض رمزية عن واقعة كربلاء، وعقد اجتماعات للمحاضرات الدينية‮.‬
3‮- ‬مراسم الحداد وضرب الصدور، وتعطيل العمل في أيام تاسوعاء،‮ ‬وعاشوراء،‮ ‬والأربعين‮.‬
4‮- ‬تقديم الطعام للمعزين والفقراء، وإقامة مجالس لقراءة الروضة،‮ ‬خاصة النساء‮.‬
5‮- ‬انطلاق المسيرات في دار السلام وزنجبار‮.‬
تري الشعوب الإفريقية في الوقت الحاضر أن الاحتفال بعاشوراء تعبير عن وجود الشيعة وعشاق أهل البيت في القارة الإفريقية‮.‬ فلا يوجد تاريخ محدد حول كيفية دخول طقوس التعزية وإقامة مراسم عاشوراء والأربعيين‮.‬ إلا أن كل الوقائع تذهب إلي أن الدعاة والعلماء ذوي الأصول الإيرانية هم الذين قاموا بدور فعال ومؤثر في تأسيس مراسم التعزية والحداد بتوجيه منهم، كما كان هذا في إنشاء أماكن التعزية في المدن والمساجد والحسينيات‮(‬80‮).‬
تنشر هذه المناسبات بلغتها الفارسية نفسها،‮ ‬مع وجود أشعار إيرانية، بالإضافة إلي وجود الإيرانيين والدعاة منهم بوجه خاص،‮ ‬في زنجبار،‮ ‬الذين كانوا علي صلة وثيقة بالشيعة الإثني عشرية، وكانوا أئمة للجماعة وملجأ للشيعة الذين يرجعون إلي أصول هندية‮.‬ وبعض الشيعة الآخرين كان لهم مؤسسات وحسينيات في الدول الإفريقية، وموجودون في دول‮ ‬غرب إفريقيا،‮ ‬مثل ساحل العاج والسنغال وبنين‮.‬
وللبحرانيين الكثير من الحسينيات ومركز عزاء في زنجبار ودار السلام، ولهم هيكل تنظيمي دقيق، ولهم أيضا مساجد،‮ ‬ومراكز تبليغ،‮ ‬ومدارس ومستشفيات ونُزل خاصة بالمسافرين من مدن تنزانيا، وهم يتبعون الاتحاد العالمي للشيعة الإثني عشرية الموجود في لندن،‮ ‬وهو مكتب شيعة شرق إفريقيا‮. ‬هكذا،‮ ‬تتلخص نشاطات الشيعة في إقامة المراسم الدينية الإسلامية،‮ ‬مع نشر وطباعة الكتب باللغتين السواحلية والإنجليزية وإصدار المجلات،‮ ‬مثل‮ "‬لايت‮" ‬باللغة الإنجليزية، و"صوت بلال‮" ‬باللغة السواحلية، وكذلك إقامة المؤتمرات للتعريف بالشيعة ومذهب أهل البيت‮.‬
الجدير بالذكر أن حركة اعتناق المذهب الشيعي أصبحت ظاهرة واضحة في أوساط التنزانيين‮. ‬فقد دخل الكثير من المثقفين في هذا المذهب، وألفوا كتبا كثيرة، مثل‮ (‬تاريخ الإسلام‮)‬،‮ ‬و(زواج المتعة صحيح‮)‬،‮ ‬و(إرشاد المتعلمين‮)‬،‮ ‬و(طاولة الاكتشاف‮)‬،‮ ‬و(هل تعرف الصلاة‮)‬،‮ ‬و(حقوق البشر في الإسلام‮)‬،‮ ‬و(الخمس والزكاة‮)‬،‮ ‬و(مسائل الإسلام‮)‬،‮ ‬و(ما هو الإسلام‮)‬،‮ ‬و(الشيعة‮)‬،‮ ‬وكتب أخري‮. ‬وللشيعة التنزانيين العديد من المساجد والحسينيات الخاصة بهم، منها‮(‬81‮):‬
1‮- ‬مسجد كيزمكازي أو شيرازي‮ (‬مسجد فاطمة الزهراء‮):‬
يشكل هذا المسجد مصدر فخر للسكان المحليين،‮ ‬ولا يزال الوجود الإسلامي الذي جاء به الإيرانيون حاضرا من خلال هذا المسجد القديم الذي يحمل هذا الاسم‮. ‬يعرف الجامع محليا أيضا باسم‮ "‬مسجد شيرازي ديمباني‮"‬، وهو يقع بالقرب من قرية صيادين،‮ ‬التي تقع إلي الجنوب من ستونتاون‮. ‬يزيد عمر المسجد علي مئتي عام‮.‬ ومع هذا لا تزال بنيته صلبة قوية‮. ‬وتزين جدران المسجد الأمامية ومحرابه عبارات من القرآن الكريم‮. ‬ففي زنجبار حسينيات بعدد المعصومين الأربعة عشر، منها حسينية المأتم، التي يرجع تاريخ بنائها إلي ما قبل‮ ‬140‮ ‬عاما‮.‬ وفي العاصمة،‮ ‬توجد‮ (‬الحسينية الحيدرية‮)‬،‮ ‬و(حسينية أبي الفضل العباس‮).‬
2‮- ‬مسجد حجة الإسلام القديم‮:‬
أقدم مركز لتجمع الشيعة في زنجبار، ويقع مقابل حمام الإيرانيين التاريخي في القسم القديم من هذه الجزيرة‮. ‬وتقام صلاة الجمعة للشيعة في الوقت الحاضر أيضا في هذا المسجد، وبه مجموعة من صور لعلماء وأئمة الجماعة،‮ ‬وعدة أضرحة كتذكار لذكري كربلاء والنجف الأشرف‮. ‬ويشاهد علي جدران هذا المسجد‮ "‬آية التطهير‮" ‬وأحاديث للرسول،‮ ‬منها حديث الثقلين‮.‬
‮(‬ب‮) ‬المؤسسات التنموية والتعليمية في تنزانيا‮:‬
مركز دار الهدي‮ (‬مركز ومدرسة لها فروع كثيرة‮)‬، ومركز بلال مسلم، ومركز ياز، ومركز السيد الخوئي، ومدرسة أهل البيت‮ (‬عليهم السلام‮)‬، ومدرسة الزهراء‮ (‬عليها السلام‮) ‬في العاصمة، بالإضافة إلي مراكز أخري موزعة في البلاد،‮ ‬مثل‮: ‬حوزات أهل البيت‮ (‬عليهم السلام‮)‬، وحوزة ولي العصر في عروشا،‮ ‬ويانكان،‮ ‬ودار السلام،‮ ‬ومناطق أخري‮. ‬ويبلغ‮ ‬عدد الطلبة في هذه المدارس والحوزات‮ ‬400‮ ‬طالب، يدرسون العلوم الدينية، بالإضافة إلي العشرات من التنزانيين الذين يدرسون خارج البلاد، خصوصا في إيران وسوريا‮(‬82‮).‬
أهم تلك المؤسسات والمراكز الدينية الشيعية هي جماعة الخوجة الشيعة الإثني عشرية‮ ‬Kola Shia Ithnaasheri Jamaat لصاحبها محمد رضا بيار علي‮.‬ هذه الجماعة أو المؤسسة هي الأضخم من نوعها في عموم إفريقيا وشرقها خصوصا، وتقوم بمجالات وأنشطة كثيرة لإبراز التراث الإسلامي الإمامي في تنزانيا ومدينة عروشا إحدي معاقل الشيعة الكبيرة في إفريقيا‮.‬
من أهم الشخصيات الشيعية البارزة في تنزانيا الشيخ محمد زكري يوندو مؤسس الحركة الشيعية في تنزانيا في لوشوتو الواقعة في منطقة طنجة‮.‬
الثالث‮- ‬الوجود الإيراني في منطقة القرن الإفريقي‮:‬
يكتسب القرن الإفريقي أهميته الاستراتيجية من كون كل دوله تطل علي المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر،‮ ‬حيث مضيق باب المندب من ناحية أخري‮. ‬لذا،‮ ‬فإن كل دوله تتحكم في طريق التجارة العالمي، خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلي أوروبا والولايات المتحدة، كما أنها تعد ممرا مهما لأي تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي‮.‬
في سباق التدافع الدولي، أبدت إيران اهتماما متزايدا بدول القرن الإفريقي في الفترة الأخيرة، وذلك في سياق فتح المزيد من دوائر التعاون مع مختلف التجمعات لتأسيس وجود إيراني مادي علي الأرض،‮ ‬وبحري فعال في البحر الأحمر يقود لقناة السويس‮. ‬لذا،‮ ‬تعمل علي تقوية علاقاتها بالدول الإفريقية التي تطل علي البحر الأحمر، من بينها السودان،‮ ‬وإريتريا،‮ ‬وجيبوتي من ناحية، ومن ناحية أخري تسعي لتقوية علاقاتها البحرية باليمن‮.‬
‮- ‬الوجود الإيراني في إريتريا‮:‬
في حالة إريتريا، برز البعد الديني للسياسة الخارجية الإيرانية‮.‬ فثمة تقارير تتحدث عن حضور شيعي في إريتريا،‮ ‬لكنها تتسم بالتعميم، ولا تعطي دلائل لحقائق فعلية، مع أنه لا يمكن نفي الأمر نسبة للنشاط الإيراني المكثف‮.‬
بدأت إيران منذ إقامة العلاقات مع إريتريا بنشر التشيع وسط أتباع الصوفية عن طريق ملحقها الثقافي، رغم أن الثقل الشيعي في المنطقة لا يتمركز في إريتريا، حيث إن الشعب الإريتري معروف عنه أن التحول العقائدي ليس سهلا فيه‮.‬
ولذلك، فإنه وإن وجد تشيع، فليس كما تهوله الدعاية الشيعية أو التقارير‮ ‬غير المؤكدة،‮ ‬وذلك لأن الصوفية في إريتريا ليست متجذرة‮. ‬بمعني آخر، ليس في إريتريا صوفية بالمعني الفكري، كما لا توجد بها الطرق الصوفية المتعددة التي توجد في الدول المجاورة‮. ‬كما أن المجتمع الإريتري في عمومه متفق في الدين، وإن وجدت نسبة كبيرة تتسم بالأمية، مما ساعد في مواجهة السبل المختلفة التي اتبعتها المنظمات التنصيرية، والتي يري البعض أنها قد تكون بمنزلة حجر عثرة بينها وبين التشيع أيضا‮(‬83‮).‬
نستطيع القول إن شعور كلا النظامين بخطورة الوجود الغربي‮ (‬أمريكا وفرنسا‮) ‬في جيبوتي علي أمنهما القومي دفعهما إلي التقارب أكثر لمواجهة أي تحديات تنجم عن الوجود الغربي‮. ‬وفيما يتعلق بمصلحة إيران،‮ ‬فقد صرحت إيران بأن وجود بعض قواتها العسكرية والبحرية علي موانئ إريتريا هو لمكافحة عمليات القرصنة، ومن أجل حماية الممرات المائية‮ / ‬البحرية لتأمين السفن التجارية‮. ‬والحقيقة أن لإيران أهدافا مبيتة‮ ‬غير معلنة متعلقة بمصفاة تكرير البترول وحماية السفن‮. ‬ومن بين تلك الأهداف،‮ ‬تمركز إيران في أهم ممرين مائيين في العالم، وهما باب‮ "‬مضيق هرمز‮"‬، و"باب المندب‮".‬
‮-  ‬الوجود الإيراني في الصومال‮:‬
أما في الحالة الصومالية، فنجد أن المحدد الثقافي الديني لعب دورا أكبر في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الصومال‮.‬ فبعد افتتاح السفارة في مقديشيو،‮ ‬بدأت إيران أنشطتها الإغاثية والثقافية عبر مكتبين تابعين لها، أحدهما لجمعية الهلال الأحمر الإيراني، والآخر لمؤسسة الإمام الخميني الخيرية، ويشرفان علي سبعة مخيمات في مقديشيو‮(‬84‮).‬
وكون الصومال بلدا مسلما سنيا شافعيا صرف، أرهق الطرف الإيراني في كيفية قبول الشعب الصومالي مشروعه الثقافي الديني، علي الرغم من حبه واحتفائه بأهل البيت‮.‬ وعليه،‮ ‬لا توجد أقليات شيعية،‮ ‬ولم يشهد التاريخ الديني في البلاد أتباعا للمذاهب الفقهية الأخري،‮ ‬مثل الحنابلة، أو المالكية‮.‬ وعليه،‮ ‬لا تجد إيران من يرتبط معها من الناحية العقائدية‮.‬
واستمر البحث عن شريك محلي، إذ تعد الطرق الصوفية الحليف الأقرب لإيران‮.‬ فالطرق الصوفية لها قواسم مشتركة مع إيران، مثل محاربة الفكر الوهابي السلفي المهيمن علي الساحة الدينية الاجتماعية‮.‬ وعلي هذا الأساس،‮ ‬قامت السفارة الإيرانية في مقديشيو بفتح قنوات تواصل مع المجموعات الصوفية في البلاد بمكوناتها الثلاثة‮ (‬الصوفية التقليدية، المتمثلة في مشايخها،‮ ‬وقادة الطرق‮ (‬الطريقة القادرية، والطريقة الأحمدية‮). ‬الصوفية السياسية هي الجناح السياسي لتنظيم أهل السنة والجماعة، وكان لهم تمثيل وزاري‮. ‬أما الصوفية المسلحة فهي الجناح العسكري لتنظيم أهل السنة والجماعة‮)‬، وتعاملت الجمهورية الإيرانية مع كل فريق وفق اهتماماته‮.‬ وربما‮ ‬غرض الإيرانيين من تقديم هذا الدعم هو أن يصبحوا رقما صعبا في المعادلة الاجتماعية والسياسية في البلاد واستخدامهم كورقة ضغط عند الحاجة‮(‬85‮).‬
لم تكتف إيران في الصومال بالتعامل مع الطرق الصوفية وضمها إلي طريق آل البيت، بل بحثت عن قوي أخري تستطيع التقرب منها‮.‬ وكانت الجالية الصومالية في بريطانيا هي التي قامت بإنشاء حسينيات لنشر العقيدة وتقديم خدمات اجتماعية، ويشير بعض المتابعين إلي أن هناك ثمانية وعشرين شخصا صوماليا في لندن وحدها تشيعوا، وهناك أسماء معروفة بعدائها المعلن لرموز أهل السنة، وإظهارها ذلك علي الملأ‮(‬86‮).‬
في النهاية، يتمثل الوجود الإيراني في الصومال حاليا في توطيد الروابط مع شريك محلي، يتسلح بالدعم الإيراني في المجالات الهادفة والمؤثرة في المستقبل، وكذلك الاحتفاظ بالعلاقة مع الجماعات المسلحة الصوفية، واستخدامها في الوقت المناسب، وهو ما يعرض الصومال ليصبح يوما ما ورقة قد تستخدمها إيران لحفظ التوازن دوليا،‮ ‬فضلا عن البوارج الحربية الست الإيرانية المستقرة في المياه الصومالية لحماية السفن التجارية الإيرانية‮(‬87‮).‬
تتعامل إيران مع تنظيم أهل السنة والجماعة كوفد رسمي، كما تجسد في أفغانستان من قبل، بما يعني أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية ذات المذهب الشيعي، لا تتردد في التعاون المفيد والمصلحي مع المنظمات السنية المتطرفة،‮ ‬حال إذا كان الهدف هو ضرب الوجود الغربي والعربي في المنطقة، وكذلك حال وجود تطابق في المصالح بين الطرفين،‮ ‬وتغليب مصلحة إيران وتحقيقها‮.‬
‮- ‬الوجود الإيراني في أوغندا‮:‬
كان المذهب الشيعي موجودا بالفعل في أوغندا بشكل محدود عن طريق التجار الهنود‮(‬88‮)‬ يسمون‮ "‬الخوجة‮"‬، وكانوا منكفئين علي ذواتهم يتعايشون كأقلية لا تسعي للتمدد علي الأقل في المستوي المنظور والمرصود، إلي أن قامت الدولة الإيرانية والثورة الإسلامية‮ -‬ لأسباب استراتيجية، سياسية وعسكرية، قبل أن تكون دعوية‮ -‬ بحركة تشييع قوية بسبب نشاط الإيرانيين الواسع في البلاد‮. ‬ولكن لا توجد إحصائية دقيقة للشيعة في أوغندا، رغم أن بعض المواقع الشيعية تري أن عددهم يقدر بمئات الآلاف منتشرين في أغلب المدن الأوغندية، مثل بونيا،‮ ‬وامبالي،‮ ‬وجينجا،‮ ‬وإيكانكا،‮ ‬وفورت بورتل،‮ ‬وسوروتي، ومركزهم الكبير في العاصمة كمبالا‮(‬89‮)‬،‮ ‬حيث أنشأ الشيعة بأوغندا حوزة شيعية أطلقوا عليها اسم‮ (‬حوزة الإمام الصادق‮) ‬يشرف عليها مركز أهل البيت الإسلامي الثقافي في كمبالا‮.‬ وقد تأسست في عام‮ ‬2004، ويقوم مركز أهل البيت الإسلامي الثقافي في كمبالا بخدمة عدة أهداف دينية، وثقافية، واجتماعية‮.‬
ويعود سبب مقتل الدكتور عبد القادر موايا، من خلال الصحافة الشيعية العربية، إلي أن الرجل قد أسهم في تشييد خمسين مسجدا للشيعة في أوغندا، وهو رقم يعبر بالتأكيد عن نشاطه ودوره، وحجم المال الداخلي والخارجي الذي وضع بين يديه، مما أصبح يؤثر به سياسيا إلي الحد الذي جعل جماعة مسلحة تهتم بقتله مع أنه من المفترض أن تتركز عملياتها علي الأهداف الحكومية‮. ‬لكن عبارات التأبين والإشادة،‮ ‬التي وردت علي لسان وزراء ونواب برلمان،‮ ‬دلت علي أن الرجل لم يكن يقتصر علي نشاط تشييعي لا علاقة له بالسياسة في هذا البلد المضطرب‮(‬90‮).‬
وما يكشفه قتل الدكتور الشيعي موايا هو أن الصراع في أوغندا، الذي يقوم به منظمة جيش الرب، التي أدرجتها الولايات المتحدة ضمن المنظمات الإرهابية، تغير أيديولوجيا من الحالة‮ "‬الإثنية‮" ‬إلي‮ "‬الدينية‮"‬، خاصة بعد العلاقة المتنامية له مع حركة شباب المجاهدين الصومالية‮.‬ وعليه،‮ ‬أخذ الصراع منحي متصاعدا‮. ‬وهناك‮ -‬علي ما يبدو‮- ‬في أوغندا وميض تحت رماد الاستقطاب الديني والقبلي، يجد طريقه للاضطرام، أسهمت إيران فيه عن طريق تمويل الجماعات الشيعية الجديدة‮.‬
يظل مستقبل الوجود الشيعي والإيراني في أوغندا محاطا بهالة من الغموض، حيث تتقاطع مصالح الدولة الأوغندية وحكومتها الحالية المعادية للعرب والمسلمين‮.‬
‮- ‬الوجود الإيراني في إثيوبيا‮:‬
من خلال السفارة الإيرانية، لعب البعد الديني الإيراني دورا كبيرا في دعم النشاط الشيعي ورعايته في هذا البلد‮.‬ وقد أسست الجهات الإيرانية مشاريع حيوية، مثل مدرسة آل البيت،‮ ‬قبل‮ ‬20‮ ‬عاما،‮ ‬في الجانب الغربي من العاصمة‮(‬91‮)‬،‮ ‬ومكتبة الإمام الخميني التي أنشئت عام‮ ‬1995،‮ ‬تحت إشراف الملحق الثقافي الإيراني لإيجاد مرجعية ثقافية وعلمية للمذهب الشيعي،‮ ‬وهو من أنشط الملاحق وأكثرها حيوية مقارنة بسفارة الدول الإسلامية العربية في أديس بابا‮.‬
وهناك دروس ودورات تعطي في مقر الملحق باللغة الفارسية،‮ ‬ودورات أخري في التاريخ الإيراني‮.‬ ومنذ هذا الوقت،‮ ‬بدأ النشاط الشيعي في الحضور علي الساحة الإثيوبية‮(‬92‮). ‬وعلي الرغم من وجود أنشطة متفرقة للشيعة في إثيوبيا،‮ ‬فإن التشيع لم يتحول إلي ظاهرة في أثيوبيا‮.‬
‮- ‬الوجود الإيراني في جيبوتي عبر المحدد الديني‮:‬
تثبت جميع التقارير عدم وجود نشاط شيعي ظاهر في جيبوتي، علي الرغم من أن دائرة المعارف الحسينية الشيعية تذكر أن نسبة الشيعة في جيبوتي تبلغ‮ ‬5٪‮ ‬من تعداد السكان، أي ما يفوق عشرة آلاف مواطن جيبوتي، وهذه مبالغة كبري لا يشهد لها الواقع، لاسيما مع‮ ‬غياب إحصاءات دقيقة وموضوعية‮. ‬وبحكم عدم وجود مؤسسات شيعية تقوم بالتبليغ‮ ‬الشيعي، فليس هناك في الواقع ظاهرة شيعية‮.‬
ختاما،‮ ‬في ظل تعدد الديانات والمذاهب داخل الدولة الواحدة، وصعوبة التعامل السياسي مع مثل هذا التنوع، خاصة في الدول الإفريقية، في ظل بحثها عن لعبة سياسية،‮ ‬لا تستطيع بها أن تنفي الآخر وتهمشه، كما لا يستطيع الطرف الآخر أن يهمشها، كان الوضع المثالي لدخول ثقل البعد الديني في سياسة إيران الخارجية تجاه إفريقيا والتناقضات التي يحملها، وأثر الثورة الإسلامية الخمينية علي عقلية صانع القرار الإيراني، من خلال الأهداف والأدوات التي استخدمها للتوغل داخل أقاليم ودول القارة الإفريقية،‮ ‬التي تتفاعل مع البعد الديني الإيراني، بالإضافة إلي تنامي الحديث عن دور الدين في السياسات الخارجية للدول الدينية الإقليمية، مثال‮ (‬السعودية،‮  ‬وتركيا،‮  ‬والمغرب‮)‬، وموقعه في ظل الدولة الإفريقية،‮ ‬التي تتبني الديمقراطية أخيرا منذ فترة التسعينيات، خاصة الدول التي تتميز بتنوع إثني ومذهبي كبير، وتدعو إلي تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية،‮ ‬والسماح بالتعددية الدينية والسياسية‮.‬
يضاف إلي ما سبق الجدلية الحادة حول ظاهرة التشيع، وإمكانية تأثير ظاهرة‮ "‬الطائفية المذهبية الشيعية‮" ‬في الدولة الإفريقية التي تعاني سوء إدارة التعددية، مما يؤكد ضرورة البحث في موضوع دور البعد الديني في سياسة دولة إقليمية كإيران،‮ ‬خاصة بعد نجاح مفاوضات الاتفاق النووي‮ (‬5‮+‬1‮) ‬ودخولها النادي النووي،‮ ‬مع خروجها من العزلة الاقتصادية‮. ‬هذا بالإضافة إلي ما تشهده الدول المجاورة لها‮ (‬العراق،‮ ‬وسوريا،‮ ‬واليمن،‮ ‬ولبنان‮) ‬عامة،‮ ‬ودول الخليج العربي بشكل خاص من تزايد لخطر التعصب الطائفي بين القطبين السني والشيعي، وتطور هذا التعصب إلي نزاعات مسلحة في الكثير من الدول العربية، ومن ثم ظهور دور الطائفية في زعزعة استقرار هذه الدول‮.‬ ومع هذا التصعيد،‮ ‬نجد أنفسنا أمام أرقام لبعض الأفارقة حديثي الدخول في المذهب الشيعي،‮ ‬مما يستدعي ضرورة البحث في الأسباب وخريطة الوجود، خاصة داخل الحزام الإسلامي الغربي للقارة الإفريقية‮.‬
فضلا عما سبق، تعاني الدولة الإفريقية حالة من الضعف والانهيار، بل هناك دول الآن لا يتوافر من أركانها الخمسة‮ (‬الإقليم،‮ ‬والشعب،‮ ‬والسلطة السياسية،‮ ‬والاعتراف الدولي،‮ ‬والتكيف‮) ‬سوي الاعتراف الدولي‮ (‬كالصومال‮)‬، ويعود هذا إلي كثرة الصراعات الداخلية‮. ‬لذلك،‮ ‬أردنا الوقوف علي أسباب ونتائج ظاهرة التشيع داخل القارة الإفريقية، ودخول مذهب جديد لتكوين طائفة جديدة، ومن ثم ظهور مطالب لهم سواء من خلال وجودهم داخل النظام أو معارضته، وأحيانا المطالبة بالاستقلال، وكيفية تأثير هذه المطالب في المستقبل في كيان الدولة، في ظل موجة إرهاب الإسلام السياسي التي لم تنج منها القارة، حيث ظهرت بوادرها في دولة نيجيريا‮ (‬نموذج بوكوحرام،‮ ‬ونموذج الشيخ إبراهيم زكزاكي‮).‬
أخيرا،‮ ‬نري ضرورة تأكيد كون الإسلام أوسع وأرحب من أن يتقيد أو‮ ‬يتمحور في دائرة الخلاف حول الإمامة، حيث يضخم أو يحجم كل فريق موقف الفريق الآخر‮. ‬ولعل الخطأ الذي وقع فيه الفكر الإسلامي قديما في أثناء التدوين هو التركيز علي هذه القضايا والاكتفاء بالمعلوم‮. ‬ولعل علي علماء المسلمين المعاصرين مراعاة هذه الحقيقة في خطاباتهم، وبيان الإسلام وفق ما كان عليه في العهد النبوي، لا إعادة تاريخ الإسلام الذي يركز علي أحداث ما بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم‮.‬
 
الهوامش‮ :‬
 
‮(‬1‮) ‬في هذا الصدد،‮ ‬يشير ماريان بريمر، الصحافي والكاتب بموقع قنطرة الألماني في كتابه‮ "‬الإيرانيون الأفارقة‮"‬ إلي وجود إيرانيين ذوي أصول إفريقية ينحدرون في الغالب من أبناء العبيد الذين جلبهم تجار الخليج العرب، الذين كانوا يسيطرون علي مناطق شاسعة تطل علي المحيط الهندي، إلي إيران من الأجزاء الشمالية والشمالية الشرقية من قارة إفريقيا، بما في ذلك تنزانيا‮ (‬زنجبار‮) ‬وكينيا،‮ ‬وأثيوبيا،‮ ‬والصومال‮.‬
‮(‬2‮) ‬محمد نور الدين عبدالمنعم، المستجدات السياسية، قضايا إيرانية‮ (‬القاهرة‮: ‬جامعة القاهرة، مركز الدراسات الشرقية، العدد السابع، 2005‮) ‬ص‮.‬111
‮(‬3‮) ‬السيد ياسين، من الصراع الأيديولوجي إلي دوائر المجال الحيوي، ‮(‬القاهرة‮: ‬جريدة الأهرام، صفحة قضايا وآراء، العدد‮ ‬44469،‮ ‬السنة‮ ‬133،‮ ‬3‮ ‬أكتوبر‮ ‬2008‮).‬
‮(‬4‮) ‬حمدي عبد الرحمن، القوة الإيرانية الناعمة في إفريقيا،‮ (‬الدوحة‮: ‬مركز الجزيرة للدراسات،‮ ‬2013‮) ‬ص‭.‬1
(5) Jeffrey Haynes, Religion, Politics and International Relations, (London: Routledge, 2011). Introduction.
(6) Bakary Sambe, La Tidjaniya: USAGES DIPLOMATIQUES D'UNE CONFRERIE SOUFIE", Politique trangre, (Dakar: 4 Hiver, 2010) p.846.
‮(‬7‮) ‬إدوارد سعيد، السلطة والسياسة والثقافة، ترجمة‮/ ‬نائلة قلقيلي حجازي‮ (‬بيروت‮: ‬دار الأدب،‮ ‬2008‮)‬،‮ ‬ص207‭.‬
‮(‬8‮) ‬محجوب الزويري،‮ ‬إيران والعرب في ظلال الدين والسياسة عبر التاريخ، في‮: ‬مجموعة من الكتاب،العرب وإيران‮: ‬مراجعة في التاريخ والسياسة،‮ (‬الدوحة‮: ‬المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012‮)‬، ص‮.‬70
(9)‮ ‬Sad Amir Arjomand, The Shadow Of God And The Hidden ImamReligion, Political Order, and Societal Change in Shi'ite Iran from the Beginning to 1890, (Berkeley: University of California Berkeley ,Center for Middle Eastern Studies, November, 2010 ) p. 109.
‮(‬10‮) ‬إبراهيم الديب، مرتكزات المشروع الإيراني‮ "‬الصفوي‮" ‬في المنطقة‮ - ‬مجموعة باحثين، المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية‮ (‬عمان‮: ‬مركز أمية للبحوث والدارسات الاستراتيجية،‮ ‬2014‮) ‬ص‮.‬237
‮(‬11‮) ‬المرجع السابق، ص‮.‬241
(12) Michael Eisenstadt, The Strategic Culture of the Islamic Republic of Iran Operational and Policy Implications, "Middle East Studies" (U.S: Marine Corps University,no1, August 2011) p.3.
‮(‬13‮) ‬حمزة الأصفهاني، تاريخ بياميران وشاهان،‮ (‬تهران‮: ‬انتشارات أمير كيير، 1329هـ‮) ‬ص10‮ -‬‭.‬11
‮(‬14‮) ‬محمود أيوب، الفرس وحقيقتهم،‮ (‬القاهرة‮: ‬دار التاريخ، 1984‮) ‬ص‮.‬26
‮(‬15‮) ‬إسماعيل صبري مقلد، العلاقات السياسية الدولية‮ - ‬دراسة في الأصول والنظريات،‮ (‬الكويت‮: ‬مطبوعات جامعة الكويت،‮ ‬1971‮)‬، ص51‮ -.‬53
‮(‬16‮) ‬صالح المانع، البعد الأيديولوجي في العلاقات السعودية الإيرانية,‮ ‬جمال سند السويدي، محرر، إيران والخليج‮: ‬البحث عن الاستقرار‮ (‬أبو ظبي‮: ‬مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 1996‮)‬، ص224‮ -.‬225
‮(‬17‮) ‬فرنسوا تويال، الشيعة في العالم‮: ‬صحوة المستبعدين واستراتيجياتهم، ترجمة‮: ‬نسيب عون‮ (‬بيروت‮: ‬دار الفارابي،‮ ‬2007‮)‬، ص‮.‬37
‮(‬18‮) ‬الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية، م س ذ، ص‭.‬42
‮(‬2‮) ‬ربيع يعقوب، ولاية الفقيه‮: ‬حقيقتها وأسرارها، علي الموقع الإلكتروني التالي‮:‬
http://www10452.lccc.com/
‮(‬20‮) (‬مهدي بازركان‮) ‬أول رئيس وزاء إيراني بعد سقوط دولة الشاه‮.‬
‮(‬21‮) ‬نبيل علي العتوم، إيران والإمبراطورية الشيعية الموعودة‮ (‬لندن‮: ‬مركز العصر للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، 2013‮)‬، ص‮.‬145
‮(‬22‮) ‬حركة انطلقت من رحم ظلم الحكام الظالمين، وحكم مظفر الدين شاه، وتوجت بعد نضال طويل بالنصر عام‮ ‬1906، ورغم أنها لم توجه الوجهة الصحيحة، فإنها أوجدت تحولا كبيرا في تركيبة المجتمع الإيراني، حيث أزالت الفوارق الطبقية، وصادرت نفوذ رجال الحكم الإقطاعيين‮.‬
‮(‬23‮) ‬وليد الناصر، إيران‮: ‬دراسة عن الثورة والدولة‮ (‬السودان‮: ‬الراصد، 2012‮)‬، ص‮.‬12
‮(‬24‮) ‬علي حسين باكير، اكتشاف القوة الناعمة الإيرانية‮ .. ‬القدرات وحدود التأثير،‮ (‬الدوحة‮: ‬مركز الجزيرة للدراسات، أبريل‮ ‬2012‮).‬
‮(‬25‮) ‬حامد خليفة، نظرية أم القري الإيرانية والطريق إلي مكة والمنامة ومخاطرها علي دول الخليج العربي، سلسلة الراصد‮.‬
‮(‬26‮) ‬تغريد كشيك، السياسة الإقليمية الإيرانية، الموقع الإلكتروني التالي‮: ‬http: //www.grenc.comhttp
(27) Maaike Warnaar, Iranian foreign policy during Ahmadinejad: Ideology and actions (New York: Palgrave Macmillan, 2013) pp. 12-20.
(28) Ibid , p.15.
‮(‬29‮) ‬دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، (طهران‮: ‬رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، مديرية الترجمة والنشر، 1997‮)‬، المادة الثانية والخمسون بعد المائة من الفصل العاشر‮.‬
‮(‬30‮) ‬فضيحة‮ (‬إيران جيت‮)‬، مبيعات إدارة ريجان سرا أسلحة لإيران، وذلك رغم الحظر المعلن علي بيع الأسلحة إليها، واستخدمت أرباح تلك الصفقة في مساعدة الميليشيات الإرهابية في نيكاراجوا، وهو ما تم كشفه وافتضاحه في عام‮ ‬1986‭.‬
‮(‬31‮) ‬برز الاختلاف علي تفسير معني‮ "‬تصدير الثورة‮".‬ وفي رأي أقطاب النظام أنها لا تدعم بالعمل العسكري، بل بنشر الوعي الفكري في العالم الإسلامي، لجهة القيام بثورات مشابهة للثورة الإسلامية في إيران، من أجل إنشاء أنظمة إسلامية تواجه الاستكبار العالمي‮.‬ للمزيد انظر‮: ‬غضنفر ركن آبادي، الإسلام والنظام السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سلسة الفكر الإيراني المعاصر‮ (‬بيروت‮: ‬مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي،‮ ‬2011‮) ‬ص‮.‬340
‮(‬32‮) ‬غضنفر ركن آبادي، م.س.ذ‮.‬، ص‮.‬303
‮(‬33‮) ‬يحيي داود عباس، تاريخ الجمهورية في إيران،‮ "‬مختارات إيرانية‮" (‬القاهرة‮: ‬مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد‮ ‬86،‮ ‬سبتمبر‮ ‬2007م‮) ‬ص‮.‬45
‮(‬34‮) ‬منال محمد محمد أحمد، دور القيادة السياسية في التحول من الشرعية الثورية إلي الشرعية الدستورية، مع التطبيق علي الحالة الإيرانية‮ (‬1979‮- ‬2001م‮)‬، م.س.ذ، ص‮.‬54
‮(‬35‮) ‬أحمد عبدالله، الشيخ محمد علي تسخيري‮: ‬التقريب بين المذاهب الإسلامية حقق نجاحا كبيرا، جريدة الشرق الأوسط‮ (‬لندن‮: ‬جريدة الشرق الأوسط، العدد‮ ‬8236،‮ ‬السبت‮ ‬16‮ ‬يونيو‮ ‬2001‮) ‬http: //archive.aawsat.com
‮(‬36‮) ‬المجلس الأعلي للثورة والثقافة، أهم قرارات المجلس الأعلي للثورة الثقافية خلال السنوات العشر الأخيرة، علي موقعه الإلكتروني التالي‮: ‬http: //ar.farhangoelm.ir
‮(‬37‮) ‬التشيع في إفريقيا‮ (‬تقرير ميداني‮)‬، اتحاد علماء المسلمين‮: ‬لجنة تقصي الحقائق بمجلس الأمناء‮ (‬السعودية‮: ‬مركز نماء للبحوث والدراسات،‮ ‬2011‮) ‬ص‮.‬39
‮(‬38‮) ‬جواد لاريجاني، صاحب نظرية وكتاب‮ "‬أم القري‮".‬
‮(‬39‮) ‬بيزن ايزدي، مدخل إلي السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية، مرجع سبق ذكره، ص‮.‬25
‮(‬40‮) (‬سورة المؤمنون‮: ‬الآية‮ ‬52‮).‬
‮(‬41‮) (‬سورة القصص‮: ‬الآية‮ ‬5‮).‬
(42) Mahmood Sariolghalam, OP,Cit, p.64.
‮(‬43‮) ‬صالح بن عبدالعزيز القنيعير، السياسة الخارجية الإيرانية وأثرها علي الأمن القومي العربي،‮ ‬1979، 1995، رسالة دكتوراه‮ (‬القاهرة‮: ‬أكاديمية ناصر العسكرية العليا، كلية الدفاع الوطني،‮ ‬1988‮)‬، ص68‮ -.‬69
‮(‬44‮) ‬سماح عبدالصبور عبدالحي، القوة الذكية في السياسة الخارجية‮ (‬القاهرة‮: ‬دار البشير‮ ‬2014‮) ‬ص‭.‬89
‮(‬45‮) ‬وكالة مهر للأنباء، 18 نوفمبر‮ ‬1385هـ‮.‬
‮(‬46‮) ‬وكالة مهر للأنباء، 18 نوفمبر‮ ‬1388هـ‮.‬
(47) Ahmed Bakhshi, "Status of Africa in Irans Foreign Relations Based On Twenty Years plan SWOT Matrix", "Africa Research Quarterly Publicatino", (Vol , no1, spring 2009), p.31.
‮(‬48‮)‬ مقابلة مع الشيخ عبد المنعم الزين، موقع مجلة مقاربات اللبنانية، ‮(‬نشرت بتاريخ‮: ‬26‮ ‬يونيو‮ ‬2012‮)‬، وفيها يتحدث الزين عن وجود‮ ‬50‮ ‬منظمة مرخصة باسم آل البيت في السنغال وحدها، ويتبعها عشرات المساجد والمؤسسات التعليمية في‮ ‬غرب إفريقيا ككل‮.‬ وتمتلك‮ "‬المؤسسة الإسلامية الاجتماعية‮" ‬في السنغال وحدها عشرات المدارس التي يتراوح تلاميذ الواحدة منها بين‮ ‬8000‮ ‬و10000،‮ ‬كما يتبعها مستشفي عالج أكثر من مليون مريض سنغالي، ونشرت المقابلة علي الرابط‮:‬
http: //www.mouqarabat.com/EventDetail.aspx?id=24#.VTjwwdJ+
‮(‬49‮) ‬عبدالواحد اكمير، المغاربة واللبنانيون في إفريقيا الغربية، ‮(‬أصل المقال تقرير قدِّم لمؤتمر القومي العربي‮ ‬2000‮)‬، منشور علي موقع محمد عابد الجابري علي الرابط‮:‬
http: //www.aljabriabed.net/n87_03akmir
‮(‬50‮) ‬كامل مصطفي الشيبي، الصلة بين التصوف والتشيع، ج1،‮ (‬بغداد‮: ‬مطبعة الزهراء،1963‮) ‬ص110‮-.‬115
‮(‬51‮) ‬جمال محمد السيد ضلع، التحركات الإيرانية في إفريقيا وأبعادها، ورقة عمل مقدمة إلي مؤتمر‮ "‬التحركات الإيرانية في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي وانعكاساتها علي الأمن الإقليمي والاستقرار في المنطقة‮" (‬القاهرة‮: ‬المركز الدولي للدارسات المستقبلية والاستراتيجية، أكتوبر‮ ‬2009‮) ‬ص‮ ‬4‮-.‬5
(52) Mohamed Sheikh Alio, “Kenyan Shiite Community: A Socio-Historical Perspective”, Journal Of Humanities And Social Science (Poland: International Organization of Scientific Research, Volume 19, Issue 5, Ver. IV, May. 2014), p.11.
(53) Ibid, p.13.
(54) Idem.
(55) Arya Ojede, “Islam and politics in Kenya”, The International Journal of African Historical Studies (Boston: University African Studies Center, Vol. 34, No. 3 2001), p.676.
(56) Intelligence and Terrorism Information Center , Iran‮'‬s activity in East Africa, the gateway to the Middle East and the African continent ,op. cit. p.9.
(57) Ibid, p.10.
(58) Intelligence and Terrorism Information Center , op,cit , p.9.
‮(‬59‮) ‬صحيفة رويترز،‮ ‬25‮ ‬فبراير‮ ‬2009‭.‬
(60) Arya Ojede,‮ ‬"Islam and politics in Kenya”, op, cit, p.22.
(61) Omar Abdallah Bute, The activities of the Ithna-Ashariyah Shiah, and their impact on ‮\‬the community of the Kenya coastal areas, (Mbale: Islamic University, 2013) p.24.
(62) Muhammad Bakari, Asian Muslims in Kenya. Retrieved from: http: //www. kenbilal. org
(63) Omar Abdallah Bute, op. cit, p. p.71.
‮(‬64‮) ‬محمد عثمان، تقرير عن النشاط الشيعي في كينيا‮ (‬نيروبي‮: ‬مركز الدراسات الشرقية والإفريقية، 2010‮) ‬ص‭.‬3
‮(‬65‮) ‬المرجع نفسه‮.‬
‮(‬66‮) ‬المرجع السابق، ص‮.‬50
‮(‬67‮) ‬التشيع في إفريقيا، تقرير ميداني،‮ ‬مرجع سبق ذكره، ص‮.‬527
(68) Muhammad Bakari, Asian Muslims in Kenya,op,cit p. p. 90-92
‮(‬69‮) ‬محمد نور الدين عبدالمنعم، المد الشيعي حول العالم،‮ "‬قضايا إيرانية‮" (‬القاهرة‮: ‬جامعة القاهرة، مركز الدراسات الشرقية، العدد‮ ‬10،‮ ‬2011‮) ‬ص‭.‬76
‮(‬70‮) ‬المرجع السابق ذكره، ص‮.‬77
‮(‬71‮) ‬محمد نور الدين عبدالمنعم، مرجع سبق ذكره، ص‮.‬
‮(‬72‮) ‬المرجع السابق، ص‮.‬535
‮(‬73‮) ‬وكالة مهر للأنباء‮- ‬إيران‮/ ‬19‮ ‬يناير‮ ‬2009‭.‬
‮(‬74‮) ‬وكالة أبناء فارس، إيران، ‮:‬
http: //arabic. farsnews. com/iran/new s
‮(‬75‮) ‬محمد نور الدين عبدالمنعم، مرجع سبق ذكره، ص‮.‬81
‮(‬76‮) ‬المرجع السابق، ص‮.‬78
(77) Intelligence and Terrorism Information Center , op,cit. p.13.
‮(‬78‮) ‬ياسر الكنعاني، المحرم في شرق إفريقيا، مراسل وكالة أنباء‮ "‬أبنا‮" ‬في الدول الإفريقية والدول المتحدثة بالفرنسية، انظر الموقع الإلكتروني التالي‮: ‬WWW. ABNA. IR
‮(‬79‮) ‬محمد نور الدين عبدالمنعم، مرجع سبق ذكره، ص‮.‬85
‮(‬80‮) ‬ياسر الكنعاني، مرجع سبق ذكره‮.‬
‮(‬81‮) ‬محمد نور الدين عبدالمنعم، مرجع سبق ذكره، ص‮.‬87
‮(‬82‮) ‬مركز الأبحاث العقائدية، الشيعة في تنزانيا، متاح علي الرابط الإلكتروني التالي‮:‬
http: //www. aqaed. com/shia/world/_tanzania
‮(‬83‮) ‬الشيعة في القرن الإفريقي وإريتريا،‮ (‬السودان‮: ‬مركز البحر الأحمر للدراسات والبحوث، يونيو‮ ‬2015‮):‬
http: //www. albayan. co. uk
‮(‬84‮) ‬التشيع في الصومال‮ .. ‬حقيقة أم خيال،‮ (‬الصومال‮: ‬مركز مقديشو للبحوث، أبريل‮ ‬2015‮):‬
http: //mogadishucenter.com/07/04/2015/%D8%A7%D9%84%D8%
‮(‬85‮) ‬فهد ياسين، مرجع سبق ذكره‮.‬
‮(‬86‮) ‬محمد علي، صومالي يعلن التشيع علي اليوتيوب‮:‬
https: //www. youtube. com
(87) Intelligence and Terrorism Information Center, Op. cit, p p 2-.3.
(88) Arya Ojede,‮' ‬Islam and politics in Kenya,op,cit, p50.
‮(‬89‮) ‬محمد خليفة صديق، التوسع الشيعي في أوغندا‮ .. ‬الواقع والمستقبل‮ (‬السودان‮: ‬مركز الراصد، العدد مئة وسبعة وأربعون، يونيو‮ ‬2015‮) ‬ص32‭.‬
‮(‬90‮) ‬مقتل داعية إيراني في أوغندا‮ .. ‬وميض النار، موقع المسلم‮ ‬1436‭/‬3‭/‬11هـ، علي الموقع الإلكتروني التالي‮:‬
http: //www. almoslim. net/node
‮(‬91‮) ‬التشيع في إفريقيا، تقرير ميداني، مرجع سبق ذكره، ص612‭.‬
‮(‬92‮) ‬المرجع السابق، ص614‭.‬
 
طباعة

    تعريف الكاتب