مقالات رأى

الخلافات الإيرانية الخليجية

طباعة

أخذت الخلافات الإيرانية الخليجية أبعاداً جديدة، إذ أصبحت جزءاً من الخلافات الداخلية في بعض دول الخليج العربية، وذلك من منطلق طائفي، فبدلاً من المشاركة والانصهار نجد بعض القوى السياسية تدعو للفرقة والصدام. ففي البحرين مثلاً اشتدت الخلافات بين الشيعة والسنة، رغم محاولات عاهل البحرين رصّ الصفوف، ومطالبة الجميع بالعودة للحوار والمفاوضات بين الحكومة وأقطاب المعارضة الشيعية. وفي السعودية شهدت المنطقة الشرقية أحداثاً إرهابية مؤسفة. أما في الكويت فطالب نائب سلفي من الحكومة ممثلة بوزير العدل والأوقاف، مراقبة الحسينيات الجعفرية، رغم توضيح الحكومة بأن الحسينيات لم تخضع طوال تاريخ الكويت للمراقبة، لأن تمويلها وإدارتها يقوم به مواطنون كويتيون شيعة. النائب الإسلامي السابق الدكتور عبدالله النفيسي أثار زوبعة حين قال في محاضرة عامة: "إنه تم فرض الشيخ ناصر المحمد كرئيس للوزراء في الكويت بسبب النفوذ الإيراني، لأن إيران ترتاح للتعامل معه". بعض نواب الأمة اعتبروا هذا الكلام تعدياً على صلاحيات أمير البلاد.

وتأتي هذه التوترات الداخلية في دول المنطقة، بينما تزداد الحشود العسكرية البحرية في الخليج. وقد حذرت إيران دول "التعاون" من المشاركة في مشروع درع أميركية مضادة للصواريخ في المنطقة. وزيرة الخارجية الأميركية أكدت بدورها أنه إذا امتلكت إيران السلاح النووي ذات يوم فستسعى دول المنطقة بدورها إلى حيازته، لكن التسلح النووي ليس الخطر الوحيد المقلق من جانب إيران، فهذه الأخيرة، وفقاً للوزيرة الأميركية، تدعم وتصدر الإرهاب من تايلاند إلى المكسيك، وتتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها.

ويبقى السؤال: كيف يمكن التعامل مع إيران؟ وهل من مصلحتنا في الخليج التخاصم مع الجارة الإسلامية الكبيرة والوقوف مع الغرب ضدها؟ دول الخليج أعلنت بشكل واضح أنها لا تحبذ قيام حرب في المنطقة، ونصحت إيران والدول الغربية معاً بحل خلافاتهم بالتفاوض والحوار. كما رفضت التدخلات الإيرانية في العراق وغزة ولبنان وفي شؤون الدول الخليجية ذاتها. مشكلتنا مع إيران تكمن في الأفكار الثورية التي شكلتها عام 1979 ومستمرة عليها إلى الآن. والقادة الإيرانيون يفخرون بمسار "الثورة" ويعتقدون أنها ستحقق طموحاتهم. وهنا تحدث المتناقضات، فهم من جهة يريدون زيادة التعاون الثقافي والتجاري والاقتصادي مع دول الخليج، وفي الوقت نفسه يخوضون حرباً باردة ضد الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي للدول الخليجية.

الرئيس الإيراني السابق رفسنجاني صرح قائلاً: "لو كانت علاقتنا جيدة مع السعودية لما كان بوسع الغرب أن يفرض علينا عقوبات"، مضيفاً أن "السعودية وحدها تستطيع أن تحل مكاننا، وإذا كانت تنتج النفط طبقاً لحصتها، فلا أحد في العالم يستطيع الاعتداء علينا"، معلناً أنه بالإمكان إقامة علاقات جيدة مع الرياض، ومنتقداً من يدلون بتصريحات متشددة حيال السعودية دون تفكير في العواقب.

--------------------

* نقلا عن الاتحاد الإماراتية، الأحد 8/4/2012.

طباعة

تعريف الكاتب

د. شملان يوسف العيسى

د. شملان يوسف العيسى

رئيس سابق لقسم العلوم السياسية بجامعة الكويت.