مقالات رأى

"٣٠ يونيو" بين الإرادة الشعبية والمسئولية المجتمعية والوطنية

طباعة

كانت ثورة الشعب فى 30 يونيو إعلانا عن الواجب الوطنى المنوط بكل مواطن مصرى أصيل؛ حيث أيقظت الوازع الفكرى نحو مسئولية الإنسان والمؤسسات نحو المجتمع، وكانت شارة البدء للمبادرات المجتمعية.

ومن أهم المبادرات التى تدعم المسئولية المجتمعية بقوة صندوق "تحيا مصر"، ففى ١ يوليو عام ٢٠١٤ أعلنت رئاسة الجمهورية تدشين صندوق "تحيا مصر" تفعيلا للمبادرة التى سبق أن أعلنها الرئيس بإنشاء صندوق لدعم الاقتصاد، وأصدرت الرئاسة بيانا قالت فيه: "إن ذلك يأتى تقديرا للحظات الدقيقة التى يمر بها الوطن وما يصاحبها من ظروف اقتصادية واجتماعية حرجة حركت مشاعر المصريين الإيجابية تجاه الوطن، كما أبرزت العزيمة الوطنية والإرادة الحقيقية لجموع الشعب المصرى العظيم بحتمية العبور بمصرنا الحبيبة إلى آفاق مستقبل واعد يليق بعراقة ماضيها وتضحيات أبنائها".

والتاريخ يشهد أنه فى 7/7/2014 قدم الرئيس عبد الفتاح السيسى تبرعا لصندوق "تحيا مصر"، وافيا بوعده بالتبرع بنصف راتبه والتنازل عن نصف ما يملك لمصلحة الدولة، ليدعم روح التضامن والتكافل بين أبناء الوطن فى مرحلة حرجة كانت تمر بها البلاد.

وكانت أهداف الصندوق تصب فى الصالح العام على كل المستويات كالتالى:

- النمو الاقتصادى الشامل المستمر، والحد من الفقر.

- تلبية احتياجات الفئات الأكثر فقرا.

- عقد شراكات بين القطاعات المحلية والإقليمية والدولية مدخلا للتنمية المستديمة.

- تشجيع مشاركة القطاع الخاص بوصفه محورا أساسيا لدفع عجلة التنمية بالاشتراك مع الجهات الحكومية المسئولة.

وظهرت إنجازات صندوق تحيا مصر فى عدة مجالات؛ ففى قطاع الصحة أدى الصندوق دورا بارزا فى دعم توجه الدولة لرعاية صحة المواطنين وذلك بشراكة استراتيجية مع بنوك عدة، اتحاد بنوك مصر بشكل عام، بالكشف عن فيرس سى، ورعاية مرضى الفشل الكلوى وغير ذلك، وتوفير حضانات الأطفال المبتسرين. ونفذ الصندوق المبادرة الرئاسية "نور حياة" لمكافحة مسببات ضعف وفقدان الإبصار بين البالغين وتلاميذ المرحلة الابتدائية، ونظم القوافل الطبية التى تجوب أنحاء مصر، وأطلق الصندوق مبادرة "أمل فى بكرة" للمشاركة فى المبادرة الرئاسية لرعاية مرضى الضمور العضلى من الأطفال، كما أطلق مبادرة "دكان الفرحة" فى شهر إبريل عام 2019 بهدف تنفيذ أنشطة وبرامج الحماية الاجتماعية للأسر الأولى بالرعاية بجميع القرى والنجوع.

وشارك الصندوق فى المبادرة الرئاسية "سجون بلا غارمين" منذ عام 2015، وأطلق مبادرة "بالهنا والشفا" للمشاركة فى توفير الدعم الغذائى الأسر الأولى بالرعاية، وشارك أيضا فى تأسيس أول صندوق استثمارى خيرى لرعاية ذوى القدرات الخاصة تحت اسم "عطاء"، ودعم البرنامج القومى لحماية أطفال بلا مأوى (إحنا معاك) لحماية أطفال الشوارع، وشارك فى فعالية تنفيذ رؤية الدولة فى مواجهة ظاهرة العشوائيات وتوفير سكن كريم لسكانها، وحرص الصندوق على مشاركة أجهزة الدولة فى تنفيذ مشروعات التنمية والخدمات فى مثلث (العريش – رفح – الشيخ زويد)، وعمل الصندوق على تنفيذ مخطط التنمية المستدامة لقرية سيدى عبد الرحمن بمحافظة مطروح، ورفع مؤشر جودة الحياة العمرانية، والاجتماعية، والاقتصادية، والخدمية لسكان القرية، وبناء مدارسها. ووفر الصندوق ثلاثة معامل مهارات فى كليات الطب بجامعات عين شمس، والقاهرة، والإسكندرية، مواكبة لجميع المستجدات العلمية والتكنولوجية.

ومن أهم المبادرات التى تعتنى بالمسئولية المجتمعية مبادرة "مصر بلا غارمات" التى كانت ضمن مهامى كعضو المجلس الرئاسى التخصصى لتنمية المجتمع؛ حيث إن هذه المبادرة تطرح رؤية جديدة كليا للتعامل مع القضية، تتمثل فى محاور اجتماعية وتشريعية عدة، وتضع خطة لإعادة تأهيل وتنمية الغارمات لتحقيق التمكين الاقتصادى لهن بخلق مشروعات صغيرة وإعداد برامج لتدريبهن، وتوفير فرص عمل تضمن لهن حياة كريمة، بعيدا عن المبادرات النمطية التى اتبعتها منظمات المجتمع المدنى لسنوات عدة، والمتمثلة فى سداد الديون عن بعض الغارمات فحسب، فالرئيس السيسى يحرك الوضع الساكن بمبادراته من خلال المجلس التخصصى لتنمية المجتمع.

كما لا تخفى حملة 100 مليون صحة وما قدمته من خدمات جليلة لوطننا الغالى ولسيدات مصر؛ لأن صحة المصريين تكمن فى صحتهن، وكما صدر بيان من الحكومة وفيه (تستهدف المبادرة الكشف المبكر عن أورام الثدى لنحو ٢٨ مليون سيدة بجميع محافظات الجمهورية بالفحص والكشف الإكلينيكى عن المرض وتوفير العلاج بالمجان. وتشمل المبادرة أيضا التوعية بالصحة الإنجابية، وتنظيم الأسرة والحياة الصحية، والكشف عن الأمراض غير السارية (السكرى، ضغط الدم، قياس الوزن والطول وتحديد مؤشر كتلة الجسم، ومستوى الإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن)، والتاريخ يشهد الواقع التنموى والتوعوى للمبادرة الرئاسية 100 مليون صحة، أحد أهم الإنجازات؛ حيث شملت أهداف المبادرة، الكشف عن فيروس سى.

وتضمنت المبادرة عددا كبيرا من المبادرة تحت مظلة 100 صحة، ومنها المبادرات التالية:

- الاكتشاف المبكر وعلاج مرض سرطان الكبد فى مارس 2022.

- إطلاق المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار للتدخلات الحرجة فى يوليو 2018، بتكلفة إجمالية 6.2 مليار جنيه، وتم تسجيل 1.4 مليون مواطن على المنظومة وعلاج 1.4 مليون مواطن.

- مبادرة متابعة وعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوى التى تم إطلاقها فى يونيو 2020، مستهدفة أصحاب الأمراض المزمنة لمن هم فوق سن الـ 35 عاما، وتم صرف ما تخطى 2.5 مليار جنيه، وفحص أكثر من 29.2 مليون مواطن وتقديم العلاج اللازم للمرضى بالمجان حتى الآن.

- مبادرة دعم صحة المرأة المصرية وأطلقت فى يوليو 2019، بهدف تقديم خدمة الكشف المبكر عن أورام الثدى والأمراض غير السارية والصحة الإنجابية للسيدات، بتكلفة 602.9 مليون جنيه وفحص 24.6 مليون سيدة بداية من سن الـ 18 عاما حتى الآن.

- مبادرات دعم صحة الأم والجنين، فى مارس 2020، بتكلفة 55.5 مليون جنيه، وقد تم فحص 1.48 مليون سيدة من أصل 1.5 مليون سيدة مستهدفة.

- مبادرة للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثى الولادة فى يوليو 2021، بهدف الوصول إلى جيل صحى وخال من مسببات الإعاقة عن طريق الكشف عن 19 مرضا وراثيا لدى حديثى الولادة.

- مبادرة الاكتشاف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع لحديثى الولادة فى سبتمبر 2019.

- مبادرة علاج مرضى الضمور العضلى الشوكى فى يوليو 2021.

- مبادرة الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم فى فبراير 2019.

- مبادرة مكافحة مسببات ضعف وفقدان الإبصار (نور حياة) فى يناير 2019.

و كانت من ضمن أهم وأحدث المبادرات مبادرة "كتف فى كتف" التى تعد أعظم حدث وأضخم مبادرة حماية اجتماعية فى تاريخ العمل الأهلى التنموى المصرى باستاد القاهرة يوم الجمعة 17 مارس 2023 بحضور ورعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، وبمشاركة نحو 50 ألف متطوع، وهى مبادرة تستهدف تعبئة وتوزيع أكثر من 4 ملايين صندوق من المواد الغذائية بكل ربوع الجمهورية خلال الشهر الجارى على الفئات الأولى بالرعاية والأسر الأكثر احتياجا للتخفيف من آثار الأزمات الاقتصادية المتلاحقة عالميا التى خلفت موجات من التضخم وارتفاع الأسعار.

وشارك المتطوعون بالمجلس العربى للمسئولية المجتمعية فى ممارسة العمل التطوعى كنموذج يحتذى به فى الالتزام والانضباط والاحترافية وذلك من خلال مشاركتهم فى الاحتفالية الكبرى "كتف فى كتف" التى نظمها التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى فى استاد القاهرة، ووصل عدد المتطوعين إلى ربع مليون متطوع خلال عام 2022 وتم دمج أكثر من 40 ألف متطوع منهم فى مبادرة كتف فى كتف.

وقد جالت مبادرة "كتف فى كتف" فى عدد كبير من محافظات مصر منها:"القاهرة – الجيزة – القليوبية – الغربية – المنوفية – الشرقية – الدقهلية – كفر الشيخ – البحيرة – الإسكندرية – الإسماعيلية – الفيوم – بنى سويف – سوهاج – الأقصر – أسوان- محافظة جنوب وشمال سيناء".

وقد رُسخ مفهوم المسئولية المجتمعية فى مجتمعاتنا العربية مصطلحا وتنظيما، نتيجة لاحتياج المجتمع المدنى إليه، فالمسئولية المجتمعية واحدة من دعائم المجتمع المهمة ووسيلة من وسائل تقدم الشعوب؛ حيث تقاس قيمة الفرد فى مجتمعه بمدى تحمله للمسئولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين؛ لتحقيق عملية التنمية المستدامة بمفهومها الواسع وأبعادها المختلفة وكل ما يترتب عليها من تغيرات هو الدور الأصيل للمسئولية المجتمعية والمسئولية الوطنية، ذلك الدور الذى إذا تم بشكله الصحيح فستتحقق التنمية المرجوة فى المستقبل القريب.

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. راندا رزق

    د. راندا رزق

    أستاذ الإعلام التربوى بجامعة القاهرة، أمين عام المجلس العربي للمسئولية المجتمعية