مقالات رأى

تنزيلات النفط.. هل تتوقف؟

طباعة
إلى أي مدى تستطيع دول الخليج أن تستمر في السحب من احتياطياتها وتغطية نفقاتها الضخمة مع استمرار انخفاض أسعار النفط ووصولها إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات طوال؟
 
كان الحديث العام الماضي في مثل هذا الوقت عن قدرة دول الخليج التي تقود فعليا « أوبك « في الدفاع عن مصالحها من خلال اتباع سياسة الحفاظ على حصتها العالمية في مواجهة المنتجين من خارج المنظمة ووضع حد لتنافسية النفط الصخري، مستندة الى احتياطيات مالية قوية ورهانها على عدم قدرة المنتجين على الصمود في مواجهة أسعار متدنية، لكن ماذا كانت النتيجة؟
 
استمرار هبوط أسعار النفط من 60 دولاراً عندما اتخذت أوبك قرارها في ديسمبر/كانون الأول الماضي بالإبقاء على معدلات الإنتاج كما هي، ووصولها بعد نحو عام من هذا التاريخ إلى مستوى 40 دولاراً، بعد أن كانت الأسعار حول ال 110 دولارات قبل عامين من الآن. أي أن الخسائر تفاقمت وزادت لمستويات خطيرة باتت تهدد اقتصادات دول أساسية في أوبك فضلاً عن الأزمات التي لحقت بالمنتجين من خارج المنظمة.
 
رهان «أوبك» لم يأخذ في الحسبان كما يجب الاقتصاد العالمي المخيب للآمال، وما يعني ذلك من تراجع الطلب على النفط، فالمشهد الاقتصادي بدا ضبابياً لدرجة انعدام الرؤية، فباستثناء الاقتصاد الأمريكي الذي كان «بقعة ضوء» في 2015، كان اقتصاد العالم في وضع سيئ انطلاقاً من الصين ثاني أكبر اقتصاد مروراً بآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وصولاً إلى القارة العجوز.
 
رهان«أوبك» لم يأخذ في الحسبان أن دول المنظمة أمامها تحديات تنموية واجتماعية ضخمة لا تسمح لها إلا بترشيد إنفاقها ببحدود معينة ، كما لم يأخذ في الاعتبار إمكانية طول مدة الأزمة النفطية، وأيضاً تعنت الجميع بالنسبة للإنتاج للحصول على أكبر قدر من العائدات.
 
جميع الدول المنتجة للنفط في أزمة .. أزمة عائدات، وأزمة اقتراض، وأزمة نمو، والكل بالتالي متضرر من «التعنت»، ولا يوجد حل على المديين القصير والمتوسط إلا بتخفيض الإنتاج، فإذا كان العالم لا يحتاج إلا إلى 94 مليون برميل يومياً، فلماذا يتم إنتاج 98 مليوناً، لماذا لا ينتج 94 مليوناً فقط أو حتى أقل بقليل، ما دام النفط حتى وقتنا الحالي ضرورة سلعة ناضبة؟
 
المرونة من قبل «أوبك» عشية الاجتماع الوزاري في ديسمبر المقبل ضرورة، و»الحكمة» من قبل اللاعبين الأساسيين في المنظمة أيضاً ضرورة، والحوار مع الآخر، والتفاهم مع الجميع مهم جداً في هذه المرحلة الحرجة التي كبدت دولنا أكثر من 300 مليار دولار خسائر هذا العام ذهبت للمصنعين الذين ما زالوا يبيعوننا منتجاتهم المصدرة بخصم متواضع لا يوازي «تنزيلات» النفط التي نبيع بها والتي يؤمل ان ينتهي موسمها..
 
-------------------------
* نقلا عن دار الخليج، 29-11-2015
طباعة

تعريف الكاتب

رائد برقاوي

رائد برقاوي

رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة الخليج - وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية