تحليلات - عالم عربى

هل تؤدي مقاطعة قطر إلى حلحلة أزمة سد النهضة؟

  • 6-7-2017

طباعة
تطرح زيارة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى إثيوبيا، إبان القمة الإفريقية الـ29 في أديس أبابا في يوليو الجاري، في سياق أزمة مقاطعة دول خليجية وعربية، خاصة السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين، للنظام القطري، فرصا محتملة لحلحلة مسار المفاوضات المأزومة حول أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا.
 
ذلك أن التحالف المصري مع السعودية والإمارات في مواجهة النظام القطري قد يسهم في مزيد من الضغوطات المحتملة على أديس أبابا، لاسيما في ضوء ثقل نفوذ الرياض وأبو ظبي في المجالات الاستثمارية والاقتصادية في إثيوبيا. من هنا، بات من الممكن لمصر أن تطلب إلى حلفائها الخليجيين التعاون معها في حل أزمة سد النهضة، في ضوء ما يقتضيه التحالف متعدد الأطراف من تعاون في القضايا المشتركة.
 
 وتستند الفرصة المطروحة لحلحلة أزمة سد النهضة إلى قدرة حلفاء مصر الخليجيين على التأثير في صانع القرار الإثيوبي، بالنظر إلى التعاون الوثيق في المجالات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، وكذلك المساعدات الإنسانية، والاجتماعية الضخمة.
 
ومع أهمية تلك الأدوات، تظل الأداة الاقتصادية هي الأكثر تأثيرا في هذا الصدد، خاصة أن دول الخليج تعد أكبر شريك اقتصادي لإثيوبيا. جدير بالذكر أن الاقتصاد الإثيوبي يقوم على الزراعة، والإنتاج الحيواني، وتسيطر الاستثمارات الخليجية على هذين القطاعين - وإن كان هناك حديث عن بترول إثيوبي لم يعلن عنه،هذا فضلا عن العمالة الإثيوبية الكثيفة في الخليج، والتي تسهم بقدر كبير في الناتج المحلى الإجمالي الإثيوبي.
 
وعلى الرغم من تعمد إثيوبيا وشركائها عدم إصدار إحصاءات رسمية، فإن كل المؤشرات تؤكد أن عصب الاقتصاد الإثيوبي بيد الخليجيين، وهو ما تؤكده الأبعاد الآتية:
 
أولا- العلاقات الاقتصادية السعودية - الإثيوبية، حيث تشير قواعد بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، ومنظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي إلى ازدياد حجم التبادل التجاري بين إثيوبيا والسعودية في العقد الأخير، ولا يستثنى من ذلك سوى عام 2009، والذي شهد تراجعا تأثرا بالأزمة العالمية. 
 
فوفقا لأحدث تقديرات "الأونكتاد" 2016، بلغ حجم الصادرات الإثيوبية للسعودية من البضائع زهاء نصف المليار دولار، وبلغت وارداتها من المملكة من البضائع نحو 301 مليون دولار. كما أن المستثمرين السعوديين لهم نصيب الأسد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وفى مقدمتهم رجل الأعمال "محمد حسين علي العمودي"، وهو سعودي ذو أصول إثيوبية. 
 
وتعد مصانع الإسمنت التي أنشأها العمودي بإثيوبيا المصدر الرئيسي للإسمنت المستخدم في تشييد سدود إثيوبيا، كما تتعاون شركاته مع شركة "سالينى" الإيطالية، من خلال مصنعين للإسمنت يتم توريد معظم إنتاجهما إلى سد النهضة، فيما تم توقيع عقود مع شركات وسيطة مملوكة له أيضا لتقديم الخدمات اللوجستية للمشروع. 
 
ووفقا لتصريحات دبلوماسية للقنصل العام لجمهورية إثيوبيا في السعودية، "مروان بدري" فإن حجم الاستثمارات السعودية في إثيوبيا بلغ 13.3 مليار دولار في العديد من المجالات، يتصدرها المجال الزراعي.
 
ثانيا- العلاقات الاقتصادية الإماراتية - الإثيوبية: حيث شهد التبادل التجاري بين البلدين ازديادا ملحوظا بين البلدين في العقد الأخير، ولم تتأثر أيضا سوى في عام 2009. ووفقا لأحدث بيانات "الأونكتاد" في عام 2016، بلغ حجم الصادرات الإثيوبية للإمارات من البضائع نحو 460 مليون دولار، وتبلغ وارداتها من الإمارات من البضائع نحو 160 مليون دولار.
 
إضافة إلى ذلك، أن وكالة الأنباء الإماراتية "وام" قد تشير إلى أن حجم الاستثمارات الإماراتية في إثيوبيا قد بلغ 3 مليارات درهم إماراتي، تركز أبرزها في قطاعات السياحة والفنادق، وصناعات الألومنيوم والأدوية، وفى قطاعي الزراعة والإنتاج الحيواني.
 
 ثالثا- العلاقات الاقتصادية البحرينية - الإثيوبية، حيث تراوح التبادل التجاري بين البلدين بين الزيادة والنقصان في العقد الأخير، لكنه يتزايد منذ عامين بشكل كبير. فوفقا لـ "الأونكتاد" عام 2016، يبلغ حجم الصادرات الإثيوبية للبحرين من البضائع نحو 141 مليون دولار، وتبلغ وارداتها من البحرين من البضائع نحو 196 مليون دولار.
 
تحديات محتملة:
 
يتمثل التحدي الأكبر في هذه القضية فيما يمكن أن تنزع إليه قطر، في ظل أزمة المقاطعة، من توظيف استثماراتها ومساعداتها ومعوناتها إلى إثيوبيا، لدفع أديس أبابا إلى عدم التعاون مع مصر، والمضي قدما، وبوتيرة أسرع، في إتمام سد النهضة.
 
 ومما يرجح استخدام قطر لهذه الوسيلة أن لديها علاقات تعاونية وطيدة مع إثيوبيا منذ عام 2012 في شتى المجالات، وفى مقدمتها المجال الاقتصادي، خاصة بعد قطيعة بين البلدين منذ أربع سنوات، بسبب اتهام الدوحة بدعم إريتريا. 
 
كما أن قراءة وتحليل حجم التبادل التجاري بين البلدين، وفقا للأونكتاد، تشير إلى أن ذلك الحجم بين إثيوبيا وقطر، وإن كان قد شهد تراجعا عام 2016، إلا أنه كان في زيادة مطردة لأربع سنوات سابقة. أضف إلى ذلك، ضخامة وتنوع الاستثمارات القطرية في إثيوبيا.
 
في النهاية، يمكن القول إنه من المرجح أن تلعب دول الخليج المتحالفة ضد قطر دورا في حلحلة أزمة سد النهضة لصالح مصر، خصوصا، في ظل البراجماتية المتناهية للنظام الإثيوبي الذي التزم الحياد في الأزمة الخليجية.
طباعة

    تعريف الكاتب