تحليلات

الموت الرحيم بين الشريعة والقانون ومبادئ حقوق الإنسان

طباعة

هل يجوز للإنسان أن يقتل نفسه، أو يقوم شخص آخر بقتله نيابة عنه فيما يسمى بالموت الرحيم؟ لا شك فى أن هذا الموضوع يثار كل فترة، وهناك آراء مختلفة حول هذا الموضوع، وهناك توجه لبعض الدول فى هذا الشأن. ويجب أن نوضح أولا وقبل كل شىء أن الموت والحياة هى من حقوق الخالق عز وجل، وليس للإنسان الحق فى أن يختار لنفسه الموت بإرادته، وأننا نتناول هذا الموضوع لتوضيح الرؤى المختلفة، ولكننا نتمسك بعقيدتنا التى ترفض مثل هذه الآراء. وسوف نتناول ذلك الموضوع من خلال النقاط التالية:

أولا - حق الإنسان فى الحياة وفى الصحة:

[1] فى الدستور

الدستور هو القانون الأعلى وهو أساس الحكم فى الدولة، يرسى أصول نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة، ويرسم لها وظائفها، ويضع حدودها وضوابط عملها، ويقرر الحريات والحقوق العامة، والضمانات الأساسية لحمايته، وقد وضعت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021- 2026 التزامات الدولة بتعزيز حقوق الإنسان ومنها الحق فى الحياة والسلامة الجسدية والحق فى الصحة وحقوق للمسنين فقد وضعت الدولة من بين أولوياتها كفالة رعاية صحية متكاملة للمواطنين وفقا لمعايير الجودة، ورفع كفاءة الخدمات الصحية العامة، ومن ثم تمكنت الدولة من القضاء على فيروس سى الذى كان يعانى منه المواطنون، كما أطلقت العديد من المبادرات الهادفة للقضاء على الأمراض والكشف المبكر عنها، وقد رأينا ذلك إبان انتشار وباء كوفيد 19 وما اتخذته الدولة من إجراءات وقائية واحترازية للحفاظ على الصحة العامة وخفض معدلات المرض والوفاة، كما قامت بوضع نظام لرعاية المسنين صحيا، وأصدرت القانون 19 لسنة 2024 لتعزيز حقوق المسنين، ولم تألُ جهدا فى إنشاء دور خاصة برعايتهم وتشجيع منظمات المجتمع المدنى للمساهمة فى تلك الرعاية. وأكد الدستور فى المادة 59 أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، كما تنص المادة 18 من الدستور على الحق فى الصحة لكل المواطنين كما نصت المادة 60 على حرمة جسد الإنسان، ولا يجوز الاعتداء عليه أو تشويهه، وبناء عليه فإن الدستور يحافظ على حق الإنسان فى الحياة وحقه فى الصحة، ويرفض أى إجراء للإضرار به.

[2] فى الاتفاقيات الدولية

تنص المادة الثالثة من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان 1948 على أنه: "لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وفى الأمان على حياته"، كما نصت المادة 25 من الإعلان ذاته على أنه: "لكل شخص الحق فى مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس، والمسكن والعناية الطبية". كما تنص المادة 6/1 العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن: الحق فى الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا. كما تنص المادة 12 من العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حق كل إنسان فى التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة الجسمية والعقلية والتزام الدول بتحسينها والوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية ومعالجتها ومكافحتها.

ثانيا- الموت الرحيم:

قبل أن نتحدث عن الموت الرحيم فإننا يجب أنه نفرق بينه وبين ما يسمى الموت الإكلينيكى حتى لا يفهم ذلك على أنهما ذات الشىء، ولكن هناك اختلافا بينهما على النحو التالى:

[1] تعريف الموت الإكلينيكى

الموت الإكلينيكى أو موت جذع المخ - Brain stem death"، يحدث ذلك فى حالة موت جذع المخ، وترجع أهمية جذع المخ لأنه يحتوى على مراكز تحكم رئيسية، فهو يؤدى دورًا حاسمًا فى تنظيم بعض المهام اللاإرادية للجسم، كضربات القلب، والتنفس، وضغط الدم، والبلع. لا يقتصر دور جذع المخ فقط على هذه المهام، فهو تشريحيا يربط بين المخ والحبل الشوكى لذا هو يعد محطة نقل المعلومات بين المخ وباقى أعضاء الجسم. فإذا تأثر هذا الجزء يؤثر فى الوعى والحركة، وحتى يكون الشخص فى حالة موت إكلينيكى يجب توافر ثلاثة شروط مجتمعة هى: [1] يجب أن يكون الشخص فاقدا للوعى ويفشل فى الاستجابة للتحفيز الخارجى.[2] لا يمكن الحفاظ على ضربات قلب الشخص وتنفسه إلا باستخدام جهاز التنفس الصناعى.[3] يجب أن يكون هناك دليل واضح على حدوث تلف خطير فى الدماغ ولا يمكن علاجه. وقد عرف مؤتمر جنيف 1979 الموت الإكلينيكى بتوقف جذع المخ عن العمل، بغض النظر عن نبض القلب بالأجهزة الاصطناعية. ويترك هذا الأمر للأطباء المعالجين إذا انطبقت الشروط السابقة مجتمعة فيكون للأطباء المعالجين أن يفصلوا أجهزة التنفس عن هذا الشخص لأنه قد توفى بالفعل، ولا أمل فى عودته للحياة.

[2] تعريف الموت الرحيم

ومما نأسف عليه أنه انتشر فى بعض الدول فكرة الموت الرحيم لأصحاب الأمراض التى ليس لها علاج أو للطاعنين فى السن، ولما كان هذا الأمر يشكل خطرا كبيرا لأن حياة الإنسان ليست ملكه بل هى ملك الخالق عز وجل الذى أعطاه الحق فى الحياة ولم يعطه الحق فى قتل نفسه - كان هذا السلوك يمارس فى أثناء وجود النازيين فى ألمانيا فكان يمارس ضد المسنين والمرضى، وكانت تمارسه القبائل البدائية ضد بعض الأشخاص لاعتقادهم أنهم مرضى ولا أمل من شفائهم، وأنهم سوف يضرون غيرهم إذا استمروا فى الحياة بنقل العدوى لهم- وهذه كلها خرافات لا أساس لها من الصحة، ولا يجوز صدور الحكم فيها بقتل الضحية دون ذنب.

يعرف الموت الرحيم"EUT hanasie" بالعديد من المصطلحات الأخرى مثل الموت الجيد، أو الموت اليسير، أو الموت الكريم، كما كان يعرف بقتل الرحمة، أو رصاصة الرحمة، وكل هذه المصطلحات تدل على معنى واحد هو إنهاء عذاب مريض استحال شفاؤه من مرضه، ومن ثم تسريع إنهاء حياة المريض.

ويعرف الموت الرحيم كذلك بأنه إنهاء حياة الإنسان عن قصد ويحدث ذلك عن طريق حقن الطبيب المريض بعقار مميت بهدف تخفيف ألمه ومعاناته، إذا كان مصابا بمرض لا يرجى شفاؤه ويعانى باستمرار ولا يوجد ما يخفف هذه المعاناة وذلك بشرط أن يستمر المريض فى طلب ذلك من الطبيب، أو يزود الطبيب المريض بالأدوية التى تساعده على الانتحار، وتعرف تلك الحالة بالمساعد على الانتحارAssisted Suicide، وقد اتجه البعض لفكرة القتل الرحيم كعلاج لإشكالية المسنين الطاعنين فى السن أو المصابين بأمراض لا شفاء لها، وهو ما يسمونه الحق فى إنهاء الحياة. كما يرى البعض أن المريض له حرية اتخاذ القرارات المتعلقة به وبصحته، بما فيها حق قرار إنهاء حياته؛ حيث يشعر المرضى وحدهم بالألم والآثار الجسدية للمرض، وبقاؤهم على قيد الحياة يؤثر سلبيا فى نوعية حياتهم.وأنه يعد الموت بكرامة من حق الإنسان.كما أن مشاهدة المرضى يموتون ببطء ويعانون بشكل يومى دون وجود أمل لتحسنهم فيجب مساعدتهم على الموت، وأن الموت الرحيم هو تصرف إنسانى يهدف إلى تخفيف المعاناة.ويؤدى هذا الموت إلى توجيه الموارد الطبية مثل المعدات الطبية، وأسرة المستشفيات، والطاقم الطبى إلى الأشخاص المحتاجين إليها، الذين من الممكن أن يستفيدوا منها فعلا بدلا من استنزافها على آخرين لا أمل من شفائهم.

ويشير كتاب الأخلاقيات الطبية الصادر عن الوحدة الأخلاقية لجمعية الطب العالمية فى 2005 فى الباب الثانى تحت عنوان الإنهاء المتعمد للحياة إلى أنه يعنى القيام عن علم بعمل من شأنه إنهاء حياة شخص آخر، ويجب أن يكون المعنى بالأمر راشدا مطلعا مصابا بمرض لا يرجى شفاؤه ويطلب شخصيا وضع حد لحياته، وأن يكون لمن يستجيب لرغبته دراية بوضع المريض ورغبته فى الموت فيقوم بالإنجاز وفى قلبه رأفة وليس له أى نفع مادى من وراء ذلك، كما يشير عنوان المساعدة على الانتحار فيقرر أن طلب المساعدة يكون من مريض يشعر بألا طاقة له فى تحمل الآلام يتوجع منها، ويرى أن خياره الموت، ويطالب الطبيب بمساعدته ومعرفة العقاقير الملائمة لضمان الموت دون ألم، ويشير إلى أن هذا أمر مخالف للأخلاقيات الطبية، ولكن ليس هناك ما يمنع من احترام رغبة المريض.

[3] منظور بعض الدول حول الموت الرحيم

تصرح بعض الدول بالموت الرحيم فى ظل ظروف معينة. ففى بلجيكا وهولندا أصبح الموت الرحيم مسموحا به قانونا وفقًا للشروط التالية: يجب أن يكون الشخص بالغًا وقادرًا على التمييز، ويعانى من مرض خطير أو عضال، ويعانى من معاناة لا تطاق ولا أمل فى الراحة، وأن يكون قد أعرب عن رغبته فى ذلك. يموت بطريقة حرة ومدروسة. أما فى سويسرا: فالموت الرحيم بمعرفة طبيب غير قانونى، ولكن الانتحار بمساعدة الغير قانونى. ولذلك يمكن لأى شخص أن يساعد شخصا آخر على الانتحار، بشرط أن يكون بالغا وقادرا على التمييز.وقد أقرته كذلك كندا ونيوزلندا وإسبانيا وكولومبيا. وفى الولايات المتحدة الأمريكية تقره بعض الولايات مثل واشنطن وترفضه ولايات أخرى. أما فى إنجلترا فإن كلا من الموت الرحيم والمساعدة على الانتحار يعدان إجراءات غير قانونية.

أما فى فرنسا فينظم قانون كلايس – ليونيتى تلك الممارسات منذ عام 2005 واعتمده البرلمان الفرنسى فى 2016 وينص على الحق فى التخدير العميق والمستمر حتى الموت للمريض القادر على التعبير عن إرادته أو غير قادر على التعبير عن إرادته (Cette loin'autorisenieuthanasie, ni suicide assistémaisinstaure un droit à unesédation profonde et continue jusqu'audécès chez un patient en état d'exprimersavolontéou incapable d'exprimersavolonté.) حيث يشير إلى أن لكل مريض يعانى من مرض لا يمكن علاجه الحق فى الموت بكرامة، ويتعين على الأطباء احترام رغبات المرضى ويتعلق بأربع نقاط أساسية:[1] يحظر إطالة العمر بشكل مصطنع والعناد غير المعقول، حتى لو لم يعد المريض قادرًا على التعبير عن رغباته.[2] يجب أن يتم إيقاف حقن الأدوية بعد التخدير العميق بشكل مشترك بعد استشارة شخص موثوق به ومقرب من المريض.[3] احترام رغبة المريض فيما يتعلق بإيقاف العلاج أو استخدام الأجهزة الطبية التى تبقيه على قيد الحياة. ويجب أن يكون على علم بالقرار المتخذ. [4] استشارة رأى الشخص الموثوق إذا كانت هذه رغبة المريض.

ولما كان المشرع الفرنسى فى المادة 221-3 من قانون العقوبات الفرنسى يعاقب بالسجن لمدة 30 عام على جريمة التسبب طوعا فى وفاة شخص آخر.

l’article 221-3 du Code pénalpunit de 30 ans de réclusioncriminelle « le fait de donner volontairement la mort à autrui ».

فمن ثم لا يحق للطبيب التسبب فى وفاة مريض عمدا، فالموت الرحيم محظور ويبقى جريمة جنائية ويُمنع منعا باتا قتل مريض يعانى من مرض خطير؛ ومن واجب الأطباء مرافقة الشخص المحتضر ومساعدته حتى آخر نفس.

Il estformellementinterdit de donner la mort à un maladeourantd’unemaladie grave, les ourantont pour devoir d’accompagner et d’aider le ourantjusqu’à son dernier souffle.

إلا أنه تم إطلاق النقاش فى 2013 فى فرنسا عندما أصدر مجلس الدولة رأيه بشأن تقنين القتل الرحيم، لكن مشروع القانون الذى قدمته الحكومة لم يتم اعتماده. حيث تثير تلك الإشكالية الجدل لأنه من الصعب التوصل إلى إجماع حول هذه القضية التى تثير قضايا معقدة تمس الحياة، والموت والحرية والمسئولية.

وتشير مجلة ليموند الفرنسية(Le Monde) فى 18 مارس 2024 إلى أنه قد أرسلت الحكومة مشروع قانون نهاية العمر إلى مجلس الدولة، والذى سيفتح "إمكانية طلب المساعدة فى الوفاة فى ظل ظروف صارمة معينة. ويتناول هذا النص، الذى حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه وبها الشروط الخمسة التى يجب استيفاؤها فى وقت واحد من أجل "الوصول إلى المساعدة على الموت، والتى تتمثل فى أنه يجب أن يكون عمر الشخص "18 عامًا على الأقل"؛ "أن يكون فرنسى الجنسية أو يقيم بشكل مستقر ومنتظم فى فرنسا"؛ "أن يكون الشخص قادرًا على التعبير عن إرادته بطريقة حرة ومستنيرة"؛ "المعاناة من حالة خطيرة وغير قابلة للشفاء مع تشخيص حيوى على المدى القصير أو المتوسط"؛ وأخيرًا، "يعانى من معاناة جسدية أو نفسية غير محتملة أو لا تطاق مرتبطة بهذه الحالة". وبحسب النص، فإن "المساعدة على الموت هى إعطاء مادة مميتة، يقوم بها الشخص نفسه، أو، عندما لا يكون الشخص قادرًا جسديًا على القيام بذلك، بواسطة طبيب أو ممرضة أو متطوع تعينه".

ويشير قانون كلايس - ليونيتى إلى أنه يجوز للشخص المريض، الواعى والقادر على التعبير عن رغباته، أن يرفض أى تحقيق أو أى علاج حتى لو كان هذا الرفض يعرض حياته للخطر. من ناحية أخرى، إذا لم يكن الشخص فى نهاية حياته، فإن الطبيب ملزم ببذل كل ما فى وسعه لمحاولة إقناعه بقبول الرعاية الأساسية، بما فى ذلك عن طريق استدعاء طبيب آخر ولا يعطى اتباعًا لرغباته إلا بعد ذلك. فترة زمنية معقولة تسمح له بتكرار رغبته فى نهاية حياته؛ ويجب على الطبيب بعد ذلك، دون تأخير، أن يحترم الرغبات التى أعرب عنها المريض، بعد أن أبلغه بعواقب اختياره.

 يجب أن يكون قرار وقف العلاج جماعيًا، بعد "التشاور مع الشخص الموثوق به أو الأسرة، أو أحد أقاربه المشار إليه فى المادةL. 1111-6.

وكان الرئيس الفرنسى ماكرون قد أشار إلى مشروع قانون يفتح إمكانية المساعدة فى حالة الوفاة أو الموت بمساعدة طبية، وقد أثار ذلك الكثير من ردود الأفعال المتناقضة من جمعيات ونقابات فرنسية؛ حيث يستنكر الكثيرون القتل الرحيم أو الانتحار بمساعدة طبية- مشار إليه فى (sante.journaldesfemmes.fr › fiches-sante-du) مقال بعنوانEuthanasie :règlesen France, définition, en 2023

ثالثا- الرأى القانونى حول القتل الرحيم فى مصر:

القتل هو إزهاق روح إنسان لآخر دون وجه حق. وتكمن علة تجريم فعل القتل فى حماية حق الإنسان فى الوجود، ومن ثم حق المجتمع ذاته فى الاستمرار والبقاء؛ لأن وجود المجتمع مرتبط بحماية وجود أفراده. تنص المادة (٢٣٠) عقوبات على أن: كل من قتل نفسا عمدا مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد يعاقب بالإعدام. ووضع هذا النص حدا لجريمة القتل العمد إذا كان مع سبق وإصرار وترصد للمجنى عليه فيعاقب الفاعل بعقوبة الإعدام، كما تنص المادة (٢٣٣) عقوبات على أنه:من قتل أحدا عمدا بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلا أو آجلا يعد قاتلا بالسم أيا كانت كيفية استعمال تلك الجواهر ويعاقب بالإعدام. كما وضع هذا النص حدا أيضا للقتل بالسم أو استخدام مواد قاتلة بذاتها سواء حدثت الوفاة آجلة أو عاجلة بعقاب مرتكبها بالإعدام أيضا.

كما تنص المادة (٢٣٤) عقوبات على أنه: من قتل نفسا عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد. وهنا المشرع تناول القتل دون سبق إصرار أو ترصد كأن قابل القاتل القتيل مصادفة فقام برفع السلاح عليه وقتله فيعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد. كما تنص المادة (٢٣٦) عقوبات على أنه: كل من جرح أو ضرب أحدا عمدا أو أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع. وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن. وهنا المشرع تناول اعطاء مواد ضارة للشخص تتسبب فى وفاته، ولكن لم يكن يهدف قتله فهنا ليس قتل عمد أو مع سبق إصرار وترصد، فالعقوبة هنا السجن المشدد أو السجن.

كما تنص المادة (٢٣٨) عقوبات على أنه:من تسبب خطأً فى موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر .......وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين ....... إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيا مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة فى الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين. وهنا المشرع يتحدث عن صاحب المهنة كالطبيب الذى يتسبب بإهماله فى وفاة المريض أو نتيجة إخلاله إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته فالعقاب هنا يختلف بحسب كل حالة.

وبناء عليه، فإن القانون لا يعرف ما يسمى الموت الرحيم بل جعله جريمة قتل يعاقب مرتكبها بعقوبات رادعة منها الإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد، كما تنص المادة 36 من لائحة آداب مهنة الطب الصادرة من النقابة العامة لأطباء مصر الصادرة بقرار من وزير الصحة على أنه: (يحظر على الطبيب إهدار الحياة بدعوى الشفقة أو الرحمة). وكان إعلان جنيف لسنة 1948 قد نص على قسم الطب من قبل الجمعية العامة للرابطة الطبية التى من بينها القسم على احترام الحياة البشرية منذ نشأتها والدفاع عنها حتى تحت ظروف التهديد. كما تنص المادة 22 من الميثاق الإسلامى العالمى للأخلاقيات الطبية والصحية على أنه: لا يجوز للطبيب إنهاء حياة المريض، ولو بناءً على طلبه أو طلب وليّه أو وصيّه، حتى ولو كان السبب وجود تشوّه شديد، أو مرض مستعص ميؤوس من شفائه، أو آلام شديدة مبرحة لا يمكن تسكينها بالوسائل المعتادة، وعلى الطبيب أن يوصى المريض بالصبر، ويذكّره بأجر الصابرين.

رابعا- الرأى الدينى حول الموت الرحيم:

رفض البابا فرنسيس بابا الفاتيكان الموت الرحيم وقال إنه لا يمكن أن يعد خيارا حضاريا، وإن كرامة الإنسان لا تمس وإنما هو ناتج لاستغلال العلمانية لمفهوم تقرير المصير والاستقلال الذاتى حيث قادت العديد من البلدان إلى تزايد الطلب على القتل الرحيم لتأكيد أيديولوجى لإرادة الإنسان فى السيطرة على الحياة وبذلك اعتبار الإنهاء الطوعى لحياة الإنسان خيارا حضاريا لكن فى الواضح أنه حيثما تكون الحياة صالحة لا لكرامتها بل لكفاءتها وإنتاجيتها يصبح كل شىء ممكنا، وأكد البابا أن حياة الإنسان مسئوليته حتى نهايتها الطبيعية (مشار إليه بمجلة صوت الأمة فى 30/1/2018).

كما ترفضها الشريعة الإسلامية حيث وضع الشرع الحنيف ضرورات خمسة يجب المحافظة عليها وهى الدين والنفس العقل والنسل والمال، لذا فإنه لا يجوز إزهاق الروح إلا بالحق، وحق الحياة هو حق مشترك يتمتع به جميع الناس دون تفرقة أو تمييز قال تعالى ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ المائدة: 45، فالمسلم وغير المسلم والرجل والمرأة كلهم سواء فى تقرير حرمة الدم واستحقاق الحياة، لذا كان الاعتداء على المسالمين من أهل الكتاب مساويا للاعتداء على المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما" صحيح البخارى كتاب الجزية باب من قتل معاهداً بغير جرم. فالموت والحياة أمور لله سبحانه وتعالى، ولا يجوز لأى إنسان أن يتدخل فيهما أبدا؛ لأن العمر مرهون بمشيئة الله، وكون الإنسان مريضا لا يبيح ذلك اتخاذ قرار بإنهاء حياته. ولا يجوز القول بأن الموت رحيم فإن الرحيم هو الله الذى وسعت رحمته كل شىء، فإذا كان الله به رحيما فأماته فهى من الله وإذا وجد الخير فى مرضه فهى من الله، وقد سماه أحد مشايخنا الموت الرجيم بدلا من الموت الرحيم، كما عرفه البعض بأنه يتعامل مع الإنسان مثل خيول الحكومة التى تقتل عند الكبر وفقد القدرة على العمل.

ولما كان ذلك مخالفا لشرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد أوجب علينا عز وجل حسن رعاية الوالدين والبر والإحسان إليهما قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَى الْمَصِيرُ. وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَى ثُمَّ إِلَى مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ لقمان: 14، 15. وعن أنس بن مالك قال قال رسولنا الكريم: ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله من يكرمه عند سنه- سنن الترمذى (4/372)- رقم 2022، ولعل الشريعة الإسلامية لا تعترف بمسمى إشكالية المسنين لأنها تطالبهم بالمساهمة فى خدمة المجتمع حتى نهاية العمر ثم تكليف المسئولين عنهم برد الصنيع الذى سبق أن قدموه لهم وكذا تحميل المجتمع التزام بتكريمهم فى نهاية العمر وحتى يقضوا نحبهم من باب التواصل بين الأجيال. فالشريعة الإسلامية الغراء ترفض قتل النفس إلا بالحق قال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِى الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ المائدة: 32، كما قال تعالى أيضاً: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾الإسراء: 33، وقال تعالى أيضا: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾النساء: 92.

مما سبق يتضح أن الشريعة الغراء قد أولت اهتماما كبيرا بالنفس البشرية فحرمت قتلها حتى ولو كان المقتول من غير المسلمين فهى تحافظ على النفس البشرية وتأبى المساس بها، قال رسولنا الكريم: ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ شيئا منه بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة - سنن أبو داود (3/170) رقم 3052. فقد عصمت الشريعة النفس البشرية وحرمت المساس بها وكرمتها، وقد اعتبر رسولنا الكريم قتل النفس من الكبائر حيث قال عن أبى هريرة: اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن، قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات- صحيح مسلم (1/92) رقم 89. وقال أيضا عن أبى هريرة: من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقى الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله- سنن ابن ماجة (2/874) رقم 2620.

كما حظرت الشريعة الإسلامية الانتحار أو قيام الشخص بقتل نفسه حتى لو يئس من الشفاء، أو أن مرضه عضال لا شفاء منه فقال تعالى: ﴿....... وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا ﴾ سورة النساء: 29، 30. وقال رسولنا الكريم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يتوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ويشار إلى أن رسولنا الكريم رفض الصلاة على رجل قتل نفسه بمشاقص. وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أنه أخبره بعض من شهد النبى، صلى الله عليه وسلم بخيبر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل ممن معه: "إن هذا لمن أهل النار"، فلما حضر القتال، قاتل الرجل أشد القتال، حتى كثرت به الجراح، فأتاه رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، أرأيت الرجل الذى ذكرت أنه من أهل النار، فقد والله قاتل فى سبيل الله أشد القتال، وكثرت به الجراح.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه من أهل النار"،وكاد بعض الناس يرتاب، فبينما هم على ذلك وجد الرجل ألم الجراح، فأهوى بيده الرجل إلى كنانته، فانتزع منها سهما، فانتحر به، فاشتد رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبى الله، قد صدق الله حديثك، قد انتحر فلان، فقتل نفسه - مسند أحمد- حديث رقم 17218.

وأشارت دار الفتوى المصرى إلى الفتوى رقم 639 فى 9/12/2004 بسؤال هو: ما حكم الدين الحنيف فى القتل الرحيم؛ بمعنى أن يطلب المريض من الطبيب إنهاء حياته بسبب شدة ألمه أو إعاقته، أو يقرر الطبيب من تلقاء نفسه أنه من الأفضل لهذا المريض أن يموت على أن يعيش معاقًا أو متألمًا؟ وجاء الرد من دار الإفتاء: القتلُ الرحيمُ بنوعَيْه المشار إليهما فى السؤال هو فى الحقيقة انتحارٌ أو قتلٌ للنفس التى حرَّم الله قتلها إلا بالحق، وهو حرامٌ شرعًا، بل من أكبر الكبائر؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قَرْحَةٌ، فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا، فَلَمْ يَرْقَأ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ رَبُّكُمْ: قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّة" رواه البخارى ومسلمٌ واللفظ له.

ختاماً:

لا يمكن أن نعتد بأى إجراء طبى متعمد لإنهاء حياة مريض بهدف التخفيف من معاناة مستعصية الحل، فهو ليس من أخلاقيات العمل الطبى الصحيح، أما ما يروجه البعض بأن أخلاقيات مهنة الطب تتغير بحسب ظروف كل حالة، وأن من أخلاقيات المهنة أن نساعد المريض حتى لو طلب قتله، فهذه ليست مساعدة، بل هو قتل حرمه الله تعالى، ولا نتفق مع من يشير إلى أنه لم يكن مطروحا أيام الرسول والصحابة لأنه بالقياس على الحالات التى ذكرت عنهم فإن قتل النفس محرم، كما أشارت الأحاديث السابقة الإشارة إليها إلى أن جزاء الصبر على البلاء هو الجنة، فالرجل الذى لم يصبر على الجروح التى ألمت به وقام بطعن نفسه، فقد خرج عن الشهادة فى سبيل الله التى جزاؤها الجنة إلى قتل نفسه لإنهاء حياته بعد أن تعب من الإصابة ولم يتحملها، أما السيدة التى صبرت على الصرع، وطلبت الجنة فبشرت بالجنة. أما ما يقال من أن هناك أفعالا طرحها العلم وأقرها فإنها ليست من الدين لأنها لم توجد أيام الرسول مثل زراعة الأعضاء البشرية لأنها إحياء للنفس وليس قتلها، كما أن الإنجاب الصناعى هو قائم على زواج سليم شرعا وفى حدود الزوجين وليس خارج حدود الزوجية، كما أن الدين الحنيف صالح لكل زمان ومكان وفكرة تطوير الخطاب الدينى لا تكون ضد الثوابت الدينية.

ولا يمكن أن نتوافق مع من يرى أن هذا حق من حقوق الإنسان؛ لأن الإنسان له الحق فى الحياة وليس الحق فى إنهاء حياته، أو إنهاء حياة الآخرين بدعوى أن مبتغى هؤلاء المرضى أـو الطاعنين فى السن هو إنهاء حياتهم، فيجب أن نتعاطف مع المرضى وكبار السن ونفتح لهم جميع المجالات التى تسعدهم وتجعلهم متمسكين بالحياة مثل تشغيلهم، أو تقديم المساعدات لهم، أو عمل زيارات كثيرة لهم، وقتل وقت الفراغ بالنسبة إليهم، ومنحهم كل ما يرغبون فيه مما يحبون ويفضلون، ونذكرهم برحمة الله، وأن الله يجزى الصابرين المحتسبين، وأن المرض يغسل الذنوب، ويخفف الخطايا، ويدخلهم الجنة.

طباعة

    تعريف الكاتب

    لواء د. خالد مصطفى فهمى

    لواء د. خالد مصطفى فهمى

    أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة والجامعات المصرية ورئيس قسم حقوق الإنسان بجامعة السلام