تحليلات

المواقف الإقليمية والدولية من الحرب على غزة .. المحركات والدوافع

طباعة

أطلقت حركة حماس فجر يوم 7 أكتوبر 2023 عملية "طوفان الأقصى" فى سياق اعتداءات القوات الإسرائيلية والمستوطنين المتواصلة على الشعب الفلسطينى وممتلكاته ومقدساته التى زادت حدتها منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا فى ديسمبر 2022 بقيادة بنيامين نتنياهو فى الدقائق الأخيرة من انتهاء المهلة الممنوحة له لتشكيل الائتلاف الحكومى بأغلبية مريحة نوعا ما ليسيطر نتنياهو على 64 مقعدا من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا. وبالشراكة من الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة (الصهيونية الدينية، والقوة اليهودية، وشاس، ويهدوت هتوراة)[1]. وقد نفذت حركة حماس هجوما كبيرا برا وبحرا وجوا، وخاضت حرب شوارع مع الجيش الإسرائيلى، وأسرت عددا كبيرا من الإسرائيليين. وفى المقابل، أطلقت القوات الإسرائيلية عملية "السيوف الحديدية"، وشنت غارات مكثفة على مناطق عدة فى قطاع غزة الذى يسكنه أكثر من مليونى فلسطينى يعانون أوضاعا معيشية متدهورة من جراء الحصار الإسرائيلى، واستهدفت المدنيين، وعملت على تهجيرهم قسرا، واستخدمت أسلحة محرمة دوليا مثل الفسفور الأبيض، وقصفت المدنيين والمرضى فى المستشفى الأهلى العربى المعمدانى،وسقوط مئات الضحايا فى تصعيد شديد الخطورة يشكل نقطة تحول فى الصراع. وتواصلت الغارات الإسرائيلية، وأسفرت عن دمار هائل فى المناطق السكانية والبنية التحتية وخسائر كبيرة فى الأرواح والممتلكات. على تلك الخلفية، نسعى لرصد المواقف الدولية والإقليمية من الحرب على غزة وتفسيرها، كما فى التالى:   

أولا - تطورات الحرب على غزة:

يمكن رصد تلك التطورات بين الجانبين حتى الوقت الحالى كما يلى:

1-    الفصائل الفلسطينية

توغلت من البحر عبر زوارق، ومن البر عبر اختراق أجزاء من السياج الحدودى الشائك، ومن الجو عبر طائرات شراعية، وسيطرت على قاعدة عسكرية، وعلى عدد من المواقع ونقاط المراقبة المنتشرة على حدود القطاع، كما سيطرت وحدات كوماندوز تابعة للحركة على نحو 20 مستوطنة إسرائيلية، وأطلقت آلاف الصواريخ من قطاع غزة، ونفذت عمليات نوعية، وتمكن مقاتلو حماس من اختراق الجدار الأمنى الذى بنته إسرائيل حول غزة [2]، والعبور من خلاله بأعداد كبيرة، واقتحام عدد من مستوطنات الغلاف، والاشتباك بحرب شوارع مع القوات الإسرائيلية، وقتل وجرح عدد منهم، وأسر بعض الجنود والمستوطنين، والسيطرة على آليات إسرائيلية، وإسقاط بعض المسيرات الإسرائيلية، وقصف مطار بن جوريونردا على استهداف المدنيين [3].

الخسائر الفلسطينية: استشهاد نحو 4 آلاف فلسطينى غالبيتهم من النساء والأطفال منذ بدء العملية منهم 500 شهيد نتيجة الهجوم الوحشى على مستشفى المعمدانى، و16 شهيدا فى  استهداف طال كنيسة الروم الأرثوذكس وسط غزة، واستشهاد 46 من الطواقم الطبية، وآلاف الجرحى والمصابين (13000)[4]، وتدمير البنية التحتية والسكنية بغزة،واستهداف النازحين من غزة فى الممرات الآمنة، ووضع إنسانى متدهور ونقص حاد فى الغذاء الوقود والكهرباء، وعدم وصول المساعدات الإنسانية للقطاع حتى يوم 21 أكتوبر[5].  وأوضحتمنظمة الصحة العالمية أنه تم تنفيذ 115 هجوما على المرافق الصحية فى غـزةبما فى ذلك عرقلة تقديم الرعاية الصحية، والعنف الجسدى تجاه الفرق الصحية، واحتجاز العاملين فى مجال الصحة ومركبات الإسعاف، والتفتيش العسكرى للأصول الصحية[6]، وخروج 7 مستشفيات عن الخدمة جراء الاستهداف الإسرائيلى ونفاد الوقود، وخروج 21 مركزا صحيا عن الخدمة من جراء نفاد الوقود، وتدمير 23 سيارة إسعاف[7]. إضافة إلى امتداد التصعيد للضفة الغربية وسقوط نحو 60 شهيدا، وحدوث اشتباكات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الأمن الفلسطينية فى الضفة الغربية عقب قصف مستشفى المعمدانى.

2-الجيش الإسرائيلى:

قام بتدمير نحو 5000 هدف لحماس فى غزة، وشن غارات متواصلة على غزة، وقصف مدارس تابعة للإنروا [8]، والهجوم على أهداف مدنية مثل مجمع الشفاء الطبى ومستشفى المعمدانى، وقصف محيط مستشفى الأوروبى جنوب القطاع[9]، وقصف قطاع غزة بأكثر من 4 آلاف طن من المتفجرات، وإلقاء أكثر من 6 آلاف قنبلة، وإخلاء بعض المستوطنات فى غلاف غزة وأخرى القريبة من الحدود اللبنانية، وشن غارات جوية مكثفة على قطاع غزة، وتوجيه السكان بإخلاء الشمال والتوجه جنوبا نحو وادى غزة[10]، واستهداف المدنيين، وقصف إسرائيلى لجنوب لبنان واستشهاد صحفيين. كما استدعت إسرائيل 360 ألف جندى احتياطى استعدادا لاجتياح برى مُحتمل، وتم حشد الجنود استعدادا للدخول البرى إلى غزة ثم التردد وتأجيل الاجتياح البرى - تحت ضغوط أمريكية- وفى ظل المخاوف من الخسائر الفادحة فى أرواح الجنود الإسرائيليين[11].

الخسائر الإسرائيلية: عدد القتلى من الجنود فى حدود 245 جنديا، وبلغت حصيلة القتلى الإسرائيليين نحو 1400 شخص، وعدد الجرحى تقريبا 3300[12]، وتم إلغاء عدد من الرحلات الجوية المتجهة إلى مطار بن جوريون. وتزايد التهديدات الأمنية للسفارات والمصالح الإٍسرائيلية بالخارج[13].وقد بلغت الخسائر الإسرائيلية وفق بعض تقديرات ضعفى مجمل خسائرها فى حرب عام 1967، سقط غالبيتهم فى اليوم الأول من العملية ما أسفر عن اهتزاز ثقة الإسرائيليين بمنظومتهم الأمنية والعسكرية وقدرتها على حمايتهم؛ حيث تعد هذه العملية نوعية فى توقيتها وفى حجمها، وفى قواعدها ونتائجها وآثارها[14]، فهذه أول مرة منذ نشأة إسرائيل قبل أكثر من 75 عاما يتسلل فيها مقاتلون فلسطينيون إلى داخل مناطق 1948، وثمةتخوف إسرائيلىمن أن تقود الحرب على غزة التى يرجح أن تستمر فترة طويلة لحين تحقيق هدف تدمير قدرات حماس إلى امتداد نطاق المواجهات إلى لبنان؛ حيث يزداد التوتر مع حزب الله ما يعنى أن إسرائيل قد تضطر إلى خوض مواجهة على جبهتين أو أكثر ما يؤدى إلى وقوع خسائر جسيمة وإلحاق دمار كبير فى البنية التحتية الإسرائيلية[15]، وحتى الآن لم ينخرط حزب الله فى المواجهة إنما فقط يرد بحذر على الاعتداءات الإسرائيلية على أهدافه وعناصره.

يلاحظ أن تطورات الأحداث شهدت تصعيدا خطيرا ونقطة تحول بقصف طائرات الجيش الإسرائيلى لمستشفى الأهلى العربى "المعمدانى"، فى غزة مساء 17 أكتوبر، فى وجود مئات الفلسطينيين النازحين الذين لجأوا إليه بحثا عن مكان آمن، وسقوط مئات الضحايا فى حدود 500 شهيد، ما يجعله الهجوم الأكثر دموية فى 5 حروب على غزة منذ عام 2008. بناء على ذلك ألغيت القمة الرباعية التى كان من المقرر عقدها فى العاصمة عمان بحضور الرئيس الأمريكى جو بايدن بالتنسيق بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، فى ضوء قصف مستشفى المعمدانى[16]. ومن زاوية أخرى، فقد تمكنت كتائب القسام خلال الجولة الحالية من نقل المعركة إلى داخل نطاق الأراضى الخاضعة للاحتلال الإسرائيلى بداية من اقتحام مقاتليها برا وجوا السياج العازل بين قطاع غزة وما يسمى بغلاف غزة تجاه العمق الإسرائيلى، فيما أجريت جميع جولات المواجهات السابقة بين الطرفين داخل قطاع غزة. ويؤخذ فى الحسبان أن غلاف غزة يشكل أهمية استراتيجية لتل أبيب لكونه عبارة عن منطقة عازلة بين القطاع وإسرائيل لتحييد التهديدات المحتملة من غزة، ولذلك تقدم إسرائيل امتيازات هائلة لتشجيع المستوطنين على العيش فى مستوطناته، كما يمثل خط الدفاع الأول لإسرائيل من جهة غزة، ولذلك يعد الحدث اختراقا كبيرا لهذا الخط الدفاعى؛ حيث شوهد ولأول مرة مقاتلو كتائب القسام يتجولون بأسلحتهم داخل المستوطنات[17].

ثانيا - دوافع المواقف الإقليمية:

اتفقت مواقف مختلف الدول العربية (مصر – الأردن – لبنان- سوريا- عُمان- قطر- السعودية-الإمارات –العراق- الكويت- المغرب-تونس- الجزائر) على التضامن مع الشعب الفلسطينى ورفض تصفية القضية الفلسطينية وضرورة وقف التصعيد، والحفاظ على أرواح المدنيين، وأنالتصعيد الجارى نتيجة استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى، وبإلقاء الضوء على موقف جامعة الدول العربية فقد دعا الأمين العام أحمد أبو الغيط إلى وقف العمليات العسكرية فى غزة بشكل فورى، ورأى أن استمرار إسرائيل فى تطبيق سياسات عنيفة ومتطرفة يعد قنبلة موقوتة تحرم المنطقة من أى فرص جادة للاستقرار على المدى المنظور. أما مجلس التعاونلدول الخليج العربية فقد دعا الأمين العام له جاسم محمد البديوى إلى وقف التصعيد الفورى وحماية المدنيين الأبرياء، وأن هذه الأوضاع نتجت بسبب استمرار الاعتداءات الإسرائيلية الصارخة والمستمرة ضد الشعب الفلسطينى والأماكن المقدسة، وجدد الدعوة لمؤسسات المجتمع الدولى إلى التدخل بقوة وسرعة لإعادة إحياء جهود تمكين الشعب الفلسطينى من حقوقه المشروعة فى إقامة دولته على أراضى عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية[18]، وجاء الرأى العام مساندا للقضية الفلسطينية، وفى يوم الجمعة 20 أكتوبر شهدت عدة دول عربية وإسلامية خروج تظاهرات شعبية عارمة للتضامن مع الفلسطينيين وللتنديد بالضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، وامتدت حشود المتظاهرين إلى مختلف أرجاء العام العربى فى مصر، وتونس، والجزائر، والمغرب، العراق، والسعودية، والأردن، والبحرين، وقطر، وغيرها[19]. وفيما يلى تناول دوافع بعض تلك المواقف:

1- مصر

أ‌- المستوى الرسمى

اتسم الموقف المصرى بالحسم وسرعة التفاعل منذ بداية الأزمة، وشدد الرئيسعبد الفتاح السيسى على ضرورة أن يبقى سكان غزة موجودين على أرضهم فى القطاع؛ لأن خروجهم قد يؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية. وأكد الرئيس أن مصر لم ولن تتأخر عن مساعدة الفلسطينيين لكن خروجهم من بلادهم يعنى تصفية القضية الفلسطينية التى هى قضية العرب جميعاً[20].والقضية الفلسطينية على رأس أولويات القيادة السياسية فى مصر؛ حيث نجح الرئيس عبد الفتاح السيسى فى التهدئة خلال عامى 2021،2022 وخصص مبلغ 500 مليون دولار لتعمير قطاع غزة[21].

وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى اتصالات مكثفة بهدف إيقاف إطلاق النار، واستقبل العديد من المسئولين والسياسيين دوليا وإقليمياإلى جانب التواصل مع القوى الإقليمية والدولية الأساسية، وكذا العمل مع المجموعة العربية فى مجلس الأمن على إيجاد وسائل ضغط دولية تجبر إسرائيل على التجاوب مع الرغبة المصرية فى فرض هدنة إنسانية. وطالبت مصر إسرائيل بتجنب استهداف الجانب الفلسطينى من معبر رفح حتى يتسنى إيصال المساعدات الدولية إلى القطاع[22]. استكمالا لتلك الجهود اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع مجلس الأمن القومى المصرىواتخذ قرارا باستضافة قمة دولية وإقليمية[23].

وعلى صعيد متصل، اجتمع وزير الخارجية أنتونى ج. بلينكن بالرئيس عبد الفتاح السيسى فى مصر؛ حيث شدد الوزير بلينكن على تركيز الولايات المتحدة على وقف هجمات حركة حماس الإرهابية (من وجهة النظر الأمريكية) ضد إسرائيل وتجنب اتساع رقعة الصراع[24]، وحينما طلب وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن السماح لرعاياهم بالعبور لم يسمح الرئيس السيسى بذلك إلا لو تحققت شروط ثلاثة، تتحدد فى وقف إطلاق النار لفترة مؤقتة كهدنة، والسماح بدخول المساعدات إلى غزة وتوفير ممر آمن،وعَدَّ أن ردة الفعل الإسرائيلى تتجاوز حق الدفاع عن النفس وتتحول إلى عقاب جماعى لقطاع غزة،  كما أقامت مصر أكبر جسر مساعدات ونظمت حملات للتبرع بالدم لدعم غزة[25]. وأكد الرئيس أن مصر مستمرة فى مساعيها لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غـزة لتجنيب الشعب الفلسطينى المزيد من المعاناة الإنسانية، وتوافدت قوافل مساعدات التحالف الوطنى للعمل التنموى فى الوصول إلى رفح، كما استقبل مطار العريش الدولى طائرات مساعدات إنسانية من عدة دول[26]. وقد تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسى اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكى جو بايدن مساءالأربعاء الماضى، ركز الاتصال على الوضع الإنسانى فى قطاع غزة، وتم الاتفاق على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح بشكل مستدام، وقيام الجهات المعنية فى الدولتين بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة لتأمين وصول المساعدات. وأعرب الرئيس بايدن عن الشكر والتقدير لجهود القيادة المصرية نحو تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة.

وكان تحرك وزارة الخارجية المصرية نشطا أيضا، وذكرت أن مصر تعد القصـف المتعمد لمنشآت وأهداف مدنية انتهاكا خطيرا لأحكام القانون الدولى والإنسانى، وأن مصر طالبت جميع دول العالم لا سيما الدول الكبرى وذات التأثير بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات ومطالبة إسرائـيل بالتوقف عن استهداف محيط معبر رفح[27]. وفور قصف إسرائيل لمستشفى المعمدانى أدان الرئيس القصف، وعدَّه انتهاكا صريحا للقانون الدولى ومقررات الشرعية الدولية والإنسانية، وأكد موقف مصر دولة وشعبا رفضها لاستمرار هذه الممارسات ضد المدنيين، وطالب بوقفها بشكل فورى[28].وتصدى الرئيس بقوة للدعوات الإسرائيلية والأمريكية والأوربية الخبيثة لتصدير المشكلة لمصر، وأشار خلال استقباله المستشار الألمانى أولاف شولتس إلى أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء "يعنى نقل القتال إليها، وستكون قاعدة لضرب إسرائيل". وأوضح أن الأمر لن يقتصر على تهجير الفلسطينيين من غزة، بل سيمتد إلى تهجيرهم أيضا من الضفة الغربية إلى الأردن، وهناك من الممكن نقل الفلسطينيين إلى صحراء النقب حتى تنهى إسرائيل عمليتها فى غزة[29]. وقد لاقى موقف مصر الرسمى استحسانا وتأييدا واسعا لدى الرأى العام المصرى والاطمئنان للرد الحاسم فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى.

وانعقدت "قمة القاهرة للسلام يوم 21 أكتوبر 2023 بالعاصمة الإدارية بمشاركة دولية وإقليمية واسعةتمثل 31 دولة وثلاث منظمات دولية، إلى جانب عدد من الشخصيات الاعتبارية فى العالم؛من أجلالتشاور والنظر فى سبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمة فى قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكرى. وحضر القمةالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيس المجلس الأوروبى شارل ميشيل، والرئيس الفلسطينى محمود عباس، وقادة وممثلو العديد من الدول منها:الأردن، والبحرين، وقطر، والإمارات، والسعودية، والعراق، والكويت، وسلطنة عمان، وليبيا، وموريتانيا، وإسبانيا، والولايات المتحدة، واليونان، وقبرص، وجنوب إفريقيا، وتركيا، والبرازيل، وفرنسا، واليابان، وبريطانيا، والنرويج، وروسيا، والصين [30]. وقد أكد بيان الرئاسة المصرية عدة نقاط هى:

· الرغبة فى إحداث التوافق على نبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق.

· الدعوة إلى وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.

· المطالبة باحترام قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، والأهمية القصوى لحماية المدنيين.

· تأكيد الأولوية الخاصة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة.

· الحذر من مخاطر امتداد رقعة الصراع الحالى إلى مناطق أخرى فى الإقليم.

· التطلع إلى إطلاق نداء عالمى للسلام يعيد تقييم نمط التعامل الدولى مع القضية الفلسطينية، ويمهد الطريق لإطلاق عملية سلام جادة تُفضى إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

· العمل على تمتعالشعب الفلسطينى بجميع الحقوق التى تتمتع بها باقى الشعوب بدءًا من الحق فى الحياة، والحق فى المسكن الآمن، والرعاية الصحية اللائقة، والتعليم.

· تأكيد موقف مصر الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجى لا حياد أو تراجع عنه.

· استمرار مصر فى الحفاظ على سيادتها وأمنها القومى،وعدم قبول تصفية القضية الفلسطينية على حساب أى دولة بالمنطقة[31].

ب- المستوى الشعبى

كان التعاطف الشعبى مع الفلسطينيين لافتا ومؤيدا للإجراءات التى اتخذتها الدولة المصرية. ونظمت العديد من الأحزاب وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ونقابة الصحفيين وقفات احتجاجية لتفويض الرئيس السيسى، ودعم موقف مصر الرافض لتهجير الفلسـطينيين،كما نظم شباب التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى اعتصاما أمام بوابة معبر رفح مطالبين بدخول مواد الإغاثة لقطاع غزة،وكان هتافهم "مرابطون حتى الإغاثة". وخرجت التظاهرات الشعبية فى مختلف المحافظات والجامعات وغيرها لتأييد موقف الدولة المصرية وإظهار التضامن مع الفلسطينيين[32]. وحرص المواطنون من مختلف الفئات الأعمار على التوافد على الشوارع والميادين فى جميع المحافظات حاملين أعلام مصر وفلسطين، فى جمعة "تحيا مصر" يوم 20 أكتوبر لتأييد الرئيس عبد الفتاح السيسى لحماية أمن مصر القومى، واتخاذ إجراءات دعم القضية الفلسطينية والتنديد بقتل إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين واستهدافهم عن عمد، ورددوا الهتافات الغاضبة ضد إسرائيل[33].

2- الأردن

اتسق الموقف الأردنى مع المصرى منذ بدء الأحداث ما يؤشر على التنسيق المعتاد المستمر بين الطرفين فى هذا الملف، وحذر الملك عبدالله الثانى من محاولة دفع اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن، وأنه يجب التعامل مع الوضع الإنسانى داخل قطاع غزة والضفة الغربية، وكرر ذلك فى مناسبات عدة أحدثها خلال لقائه المستشار الألمانى أولاف شولتس يوم17 أكتوبر[34]. وتتمثل أهمية التوافق الأردنى المصرى فى توحيد المواقف وإيجاد كتلة داعمة فى مواجهة الأطروحات والرؤية الإسرائيلية والأمريكية لتسوية القضية.

 3- لبنان

اكتفى حزب الله، الذراع العسكرية، فى لبنان بتدخل محدود محسوب ومنضبط حتى الآن فى الحرب بين إسرائيل وحماس، ويضم محور المقاومة فصائل فلسطينية (حماس، الجهاد،..) وأخرى من لبنان والعراق وسوريا، وحزب الله، ومجموعات أخرى مناوئة لإسرائيل، تتلقى دعما بالمال والسلاح، ما يعنى أن موقف حزب الله من التصعيد يبقى متصلا بمصالح القوة الإقليمية الراعية لها، وفى حال حدوث غزو برى كامل لقطاع غزة (وهو أمر مستبعد كما سبقت الإشارة) فإنه يستدعى انضمام حزب الله إلى ساحة الحرب[35]. إن إسرائيل وحزب الله لا يزالان حتى اللحظة "يلتزمان قواعد الاشتباك" المعمول بها ضمنيا منذ صيف 2006. ويسود توازن ردع بين الطرفين منذ الحرب المدمرة التى خاضاها فى يوليو 2006. فى حينيسعى لبنان الرسى بكل السبل  لتجنب الزج به فى الحرب بسبب الانهيار الاقتصادى المزمن الذى يعانيه لبنان منذ أربع سنوات، وفى ظل وسط انقسام سياسى يعطل المؤسسات الدستورية.

أما عن موقف راعية حزب الله، فلم يكن على وتيرة واحدة من البداية، فقد نفتعلاقتها بقرار طوفان الأقصى، ووفق المتحدث باسم وزارة خارجيتها فإنها لا تتدخل فى قرارات الدول الأخرى بما فيها فلسطين[36]، ثم عادت بعثتها لدى الأمم المتحدة وصرحت "إذا لم تتوقف جرائم الحرب والإبادة الجماعية التى يرتكبها نظام الفصل العنصرى الإسرائيلى على الفور، فقد يخرج الوضع عن نطاق السيطرة ويؤدى إلى عواقب واسعة النطاق"[37]. ومع تواصل التصعيد بين إسرائيل وحماس وما ينطوى عليه من تداعيات أمنية وإنسانية كبيرة واحتمالات توسع نطاقات الصراع لتطول دولا أخرى استخدمت لغة حادة ظهرت فى تصريحات المرشد الأعلى بأن بلاده "يجب أن ترد على ما يحدث فى غزة"، وفى المقابل حذرتساحى هنغبى رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى من أنه إذا تدخل أعداؤنا ووجهوا ضربات على خلفية الحرب على غزة، فإن الولايات المتحدة ستتدخل[38].

لا يخفى على المتابعين أن فهم دوافع هذا الموقف يرتبط بما لها من تاريخ طويل فى تدريب وتسليح الميليشيات المسلحة فى المنطقة من غزة إلى لبنان، والعراق، وسوريا، واليمن، وكانت قد دعمت حماس وساعدتها على تصميم وإنتاج نظام صاروخى فى غزة[39]، أما بشأن المواقف والتهديدات والتصريحات المتبادلة فالأرجح أنها لن تتدخل مباشرة فى الصراع، وأن هذه التصريحات هى من باب تسجيل الموقف فقط وإرضاء الرأى العام، ولا يمكن ترجمتها عمليا  لأسباب تتعلق بتفاوت موازين القوى العسكرية واختلالها لمصلحة إسرائيل والولايات المتحدة، وانشغال الحليف الروسى بالحرب الممتدة فى أوكرانيا والدعم الغربى المستمر لأوكرانيا بما يطيل أمد الحرب، وتشيرالعقيدة العسكرية لها إلى أنها تسعى إلى نقل المعركة إلى خارج الأراضى، فالأفضل لها من حيث التكلفة السياسية والاقتصادية الاكتفاء بأن ترد بضربات محسوبة على الاعتداءات الإسرائيلية من خلال أذرعها والقوى الموالية لها كحزب الله فى لبنان.

يلفت النظر أنه على الرغم من أن حماس تعرف ردة فعل إسرائيل وأن الدمار سيكون هائلا فى قطاع غزة فإنها قامت بهجومها الواسع وغير المسبوق، وقد يكون من ضمن التفسيرات أن هناك دعما لها لتحقيق عدة مكاسب من طوفان الأقصى مثل تجميد اتفاقات إبراهام مع الدول العربية، وتوقف التطبيع المزمع  مع السعودية،وإجهاض أى تحالف بين دول الخليج وإسرائيل، وعزمها مساومة الولايات المتحدة بعدم التدخل المباشر فى الحرب، فى مقابل التفاوض مع واشنطن مجددا بشأن العودةللاتفاق النووى، وما يترتب عليه من مكاسب اقتصادية لها.

ثالثا- دوافع المواقف الدولية:

1- الولايات المتحدة الأمريكية

قامت الولايات المتحدة فور اندلاع الأزمة بالتشاور المستمر مع مصر بشأن مستجدات الوضع المتوتر والتصعيد العسكرى فى القطاع، وأسفرت تلك المشاورات - حسب ما هو معلن- عن  التوافق على احتواء الموقف بما لا يسمح باتساع دائرة الصراع وتهديد الأمن والاستقرار الإقليميين، وأولوية حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة[40]. وتجدر الإشارة أن 29 مواطنا أمريكيا قتلوا فى هجمات حماس فى إسرائيل، ولا يزال مصير 15 مواطنا وشخصا يحملون إقامة قانونية ودائمة غير معلوم[41].

وقد اتجهت حاملة الطائرات الأمريكية "يو أس أس  أيزنهاور" إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، لتنضم إلى "جيرالد فورد" كجزء من الجهود لردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل، ومن أجل إرسال رسالة حازمة للغاية إلى إيران مفادها البقاء خارج الحرب. وتوفر حاملة الطائرات مجموعة من الخيارات العسكرية كونها تشكل مركزا لعمليات القيادة والسيطرة،كذلك يمكنها إطلاق واستعادة طائرات المراقبة E2-Hawkeyeالمعروفة برادارها الذى يوفر نظام إنذار مبكر عند إطلاق الصواريخ المضادة[42]. وتقوم تلك الطائرات بالمراقبة وإدارة المجال الجوى. كما طلب البنتاجون تجهيز طائرات حربية إضافية لدعم أسراب طائرات A-10وF-15وF-16الموجودة فى قواعد فى جميع أنحاء الشرق الأوسط لمساعدة إسرائيل إذا لزم الأمر[43].

لقد أبدى الرئيس الأمريكى جو بايدن دعما غير محدود لإسرائيل وإظهار التضامن الكامل،  وأجرى نحو خمس مكالمات هاتفية خلال الأيام القليلة الماضية مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو،وذهب إلى إسرائيل فى 18 أكتوبر، وسبق أن زار وزير الخارجية الأمريكىأنتونى بلينكنإسرائيل مرتين فى أسبوع واحد[44] قبل أن يتم نقله ونتنياهو إلى مخبأ للاحتماء بعد أن دوت صفارات الإنذار للتحذير من صواريخ قادمة. كما أعلن وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن أن الولايات المتحدة ستزود إسرائيل بخلية من قوات العمليات الخاصة التى بدأت بالفعل بمساعدة إسرائيل على عمليات الاستخبارات والتخطيط العسكرى. ومن الممكن أن تشارك تلك القوات الأمريكية فى عمليات تحرير الرهائن الإسرائيلية إذا طُلب منها ذلك،ولم تضع الولايات المتحدة شروطا لاستخدام مساعداتها العسكرية لإسرائيل. وعلى صعيد آخر، تعمل الولايات المتحدة على إقناع شركات الدفاع الأمريكية بتسريع طلبات الأسلحة التى تقدمت بها إسرائيل بالفعل قبل هجوم حماس وأهمها الحصول على ذخائر لنظام الدفاع الجوى الإسرائيلى "القبة الحديدية" بشكل سريع[45].

يعكس هذا الحشد العسكرى قلق الولايات المتحدة من تصاعدالقتال إلى صراع إقليمى أكثر خطورة، والمهمة الأساسية لتلك السفن والطائرات الحربية حاليا هى ردع "حزب الله" ومن يقف وراءها أو غيرهم،  ففى الوقت الذى يهدف الرئيس الأمريكى جو بايدن فيه إلى إظهار التضامن مع إسرائيل، فإنه لا يريد اتساع الصراع فى المنطقة[46]. وتحاول واشنطن أيضا حشد الدول العربية للمساعدة على تجنب حرب إقليمية أوسع. وتدخلت الولايات المتحدة لتأجيل الغزو  الإسرائيلى البرى القادم لغزة. وفى سياق التطورات، أعرب الرئيس الأمريكى جو بايدن عن ترحيبه بإفراج حركة حماس عن رهينتين أمريكيتين لدواع إنسانية بوساطة قطرية، وأشارت إلى إمكانية الإفراج عن المزيد من المحتجزين المدنيين[47]، ما يعنى أن تحرير الرهائن ورقة ضغط تستخدمها حماس لتحقيق مطالبها التى ستكشف عنها الأيام القادمة، وربما منها التخلى عن الهجوم البرى على القطاع.

هناك مجموعة من الدوافع الأمريكية تفسر الانحياز الأمريكى المطلق لإسرائيل منها الرغبة فى تمرير المخطط  الإسرائيلى لتهجير الفلسطينيين، والسعى لاكتساب تأييد اللوبى اليهودى له فىانتخابات الرئاسةالمقبلة 2024، إضافة إلى الروابط المتينة التى تجمع بينهما والمصالح المشتركة والتزام الولايات المتحدة الدائم بأمن إسرائيل والحفاظ على قدرة إسرائيل على ردع أعدائها وتعزيزها، وذلك تماشيا مع العلاقة الأمنية طويلة الأمد بين البلدين، والالتزام الأمريكى الراسخ بذلك خاصة الحفاظ على تفوقإسرائيل العسكرى النوعى، وقدرتها على الدفاع عن نفسها ضد أى تهديد، أو مجموعة من التهديدات، وهى التزامات استراتيجية ذات أهمية حيوية للأمن القومى الأمريكى. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى جو بايدن قد وقع فى عام 2022 مع ورئيس الوزراء الإسرائيلى وقتئذ يائير لابيد البيان الذى أطلق عليه إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل[48].

لا يمكن إغفال الانتقادات التى تطول الرئيس جو بايدن فى الداخلالأمريكى، فقد اقتحمت مجموعة من المتظاهرين مبنى الكونجرس الأمريكى يوم 18 أكتوبر، وطالبت بفرض وقف النار فى قطاع غزة[49]، ويواجه بايدن انتقادات من الديمقراطيين؛ إذ أصبح الديمقراطيون التقدميون أكثر انتقادا للحكومة الإسرائيلي خاصة بعد الانفجار المميت فى مستشفى بمدينة غزة، فى حين أعرب البعض عن دعم قوى للفلسطينيين، وهناك شرائح واسعة من الناخبين الديمقراطيين وخاصة الشباب منهم متشككة إن لم تكن معادية للسياسة الإسرائيلية فى التعامل مع الفلسطينيين وغير راغبة فى دعم الحرب[50]. من جانب آخر، فإن تقديم الولايات المتحدة دعما قويا لإسرائيل يمكن أن يضع الولايات المتحدة فى مواجهة غير مرغوبة مع قوى فى الإقليم ومن وراءها روسيا والتورط فى حرب إقليمية[51].

2- روسيا

وصف الرئيس بوتين تصعيد الصراع بأنه فشل للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، ولم يعرب عن أى تضامن مع إسرائيل،وتحدث عن الخسائر غير المقبولة فى صفوف الفلسطينيين، وحذر من عواقب العدوان الإسرائيلى الوخيمة. وأعربت حماس عن امتنانها للرئيس الروسى لاتخاذه هذا الموقف[52]. فروسيا لديها علاقة ممتدة مع حماس، ولم تعلن قط أن حماس منظمة إرهابية، كما أن وفودا من حماس زارت موسكو العام الماضى وهذا العام. وإثر اندلاع الأحداث اتفق الرئيسان عبد الفتاح السيسى وفلاديمير بوتين على منع توسع رقعة العنف بما يهدد أمن المنطقة واستقرارها، وأعلنت روسيا استعدادها للوساطة أكثر من مرة، كما فشل مجلس الأمن الدولى فى تبنى مشروع قرار روسى ينص على وقف إطلاق نار إنسانى فى قطاع غـزة، ووقف العدوان الإسرائيلى على القطاع. أيد مشروع القرار كل من الصين، والجابون، وموزامبيق، وروسيا، والإمارات العربية المتحدة، وعارضته فرنسا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وامتنع ستة أعضاء عن التصويت (ألبانيا، والبرازيل، والإكوادور، وغانا، ومالطا، وسويسرا)[53]. يضاف إلى ذلك أن روسيا و الإمارات طالبتا بعقد اجتماع لمجلس الأمن لمناقشة القصف الإسرائيلى لمستشفى المعمدانى بغزة.

يسعى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالفعل إلى تحقيق بعض المكاسب، ويتمثل أولها فى تحويل الاهتمام الدولى عن الحرب الروسية فى أوكرانيا، وإضعاف رغبة المقاومة لدى الأوكرانيين بحجة أن الغرب سيوجه أنظاره إلى الأزمة الجديدة فى الشرق الأوسط، ومن ثم سيضعف الدعم الدولى المقدم لكييف. وتفترض روسيا أن الدعم الأمريكى القوى لإسرائيل سيطرح مشكلات جديدة فى العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين الأكثر تعاطفا مع القضية الفلسطينية. وأتت الإدانة الصادرة عن أوروبا، وخاصة فرنسا والاتحاد الأوروبى لحماس، أكثر حدة مما توقعت روسيا[54]. يفهم موقف روسيا على ضوء علاقاتها العسكرية مع طهران والصفقة السرية الخاصة باستيراد روسيا الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار فى مقابل تقنيات الصواريخ ما يشكل تحديا خطيرا لإسرائيل. ولا يخفى على أحد أن روسيا ترغب فى نظام متعدد الأقطاب؛ حيث يتم تقاسم السلطة بشكل أكثر توازنا، وتريد عالما لا تتصرف فيه الولايات المتحدة بوصفها القوة التى لا غنى عنها[55]. فى كل الأحوال، فالغرب لن يسمح لموسكو فى الدخول لتلك المنطقة أو التوسط فى الأزمة،وتبذل الولايات المتحدة والغرب أقصى جهودهما لمنع تطوير العلاقات الروسية فى المنطقة العربية الإفريقية، حتى لا تنهار هيمنة أمريكا التى تعانى الضعف والتحيز، والسبب الرئيسى وراء التوتر والعنف فى منطقة الشرق الأوسط.وفى الغالب، لنيكون التدخل المباشر لروسيا من أجل التسوية فى هذا الملف منفردا، ولكن عن طريق الصين التى بدأت بالفعل الحديث رسميا عن وساطة بجانب الدول العربية المعنية بالملف وصاحبة التأثير مثل مصر والسعودية والإمارات.

3- الاتحاد الأوروبى

انسجم موقف الاتحاد الأوروبى مع موقف واشنطن المنحاز لوجهة النظر الإسرائيلية، وأدان بشدة ما سماه "الهجمات الإرهابية" التى تشنها حماس، مع الإشارة أيضا إلى أهمية ضمان حماية جميع المدنيين فى كل الأوقات. وقد صاحب ذلك حالة ارتباك سببتها المفوضية الأوروبية بشأن إعادة النظر فى المساعدة للفلسطينيين التى تذهب فى جزء منها إلى السلطة الفلسطينية، وفى جزء آخر إلى مؤسسات الإغاثة الدولية فى الضفة الغربية وفى غزة، ويعد الاتحاد الأوروبى الجهة الرئيسية التى تقدمها، ثم التراجع عن تلك التصريحات[56]. كما أعلنت شركة ميتا الأمريكية، مالكة منصتى انستجرام وفيسبوك وخدمة واتساب، إزالة أو إضافة علامة تميز المحتوى المقلق لنحو ٨٠٠ ألف بوست وصورة وفيديو تنفيذا لتحذير الاتحاد الأوروبى شركات التواصل الاجتماعى، وتلويحه بفرض عقوبات قانونية عليها إذا لم تحذف "المعلومات المضللة" أو أى محتوى مؤيد لحركة حماس[57].وغض الاتحادالأوروبى النظر عنعمليات القصف الجوى الإسرائيلى ضد أهداف مدنية ودفع عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى النزوح من بيوتهم إلى مناطق ليست آمنة. تتعلق دوافع موقف الاتحاد الأوروبى بمخاوف أوروبا الشديدة من تصدير النزاع الإسرائيلى - الفلسطينى إلى داخل بلدان الاتحاد، وتدفق مزيد من اللاجئين والمهاجرين، وأنالشرق الأوسط لم يعد من أولويات بعض النخب وبعض اليسار الأوروبى المنشغل بقضاياه الداخلية والحرب الطويلة فى أوكرانيا والعداء مع روسيا، أما اليمين المتشدد الذى كان متهما بالعداء للسامية فى فترات سابقة فقد حصلت به تحولات لمصلحة إسرائيل خاصة عند حزب مارين لوبان فى فرنسا وأحزاب مماثلة من المجر إلى إيطاليا وألمانيا. وهكذا أصبح أقصى اليمين واليمين التقليدى فى مواقف أقرب إلى إسرائيل ما أسهم فى التراجع عن المسألة الفلسطينية.وتباينت مواقف الدول الأوروبية، كل على حدة، ولم تنجح  دول الاتحاد الأوروبى، السبعة والعشرون، فى التوافق على موقف سياسى واحد إزاء التطورات المتسارعة فى حرب غزة[58].

ختاما: ثمة مجموعة من الدوافع التى تحرك موقف كل دولة على حدة سواء على المستويين الإقليمى أو الدولى. وإزاء الدعم الأمريكى غير المحدود لإسرائيل، والتغافل عن جرائم الحرب التى ترتكبها بحق الفلسطينيين، يكون من الضرورى توظيف التوافق فى المواقف العربية والزخم الذى أحدثته قمة القاهرة للسلام فى تنسيق التحركات والجهود لمساندة القضية الفلسطينية والتصدى للمخططات الإسرائيلية الأمريكية الهادفة لتصفيتها.

المصادر:


[1]- نتنياهو يعلن التوصل لتشكيل حكومة اللحظة الأخيرة فى إسرائيل، دويتشه فيله،  22 ديسمبر 2022

https://cutt.ly/RwQLbjep

[2]- إشارات واضحة من حماس قبل الهجوم.. إسرائيل لم تتلقفها، سكاى نيوز عربية، 13 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/fwQLQ4Pu

[3]- كتائب القسام: قصفنا بالصواريخ مطار بن غوريون فى إسرائيل، العربية، 14 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/lwQLYiTG

[4]- الاحتلال الإسرائيلى يواصل عدوانه المستمر على قطاع غزة ، اليوم السابع، 20 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/yjje4eb4

انظر أيضً:

القاهرة الإخبارية: قصف إسرائيلى بمحيط المستشفى الأوروبى جنوب قطاع غزة، درب، 17 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/VwQLG1q2

[5]- فتح معبر رفح وبدء دخول المساعدات إلى قطاع غزة، سكاى نيوز عربية، 21 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/536nynbd

[6]- الصحة العالمية: 115 هجوما على المرافق الصحية فى غزة، الهيئة الوطنية للإعلام، 17 اكتوبر 2023

https://cutt.ly/ewQLLSCJ

[7]- الاحتلال يطالب مستشفى القدس بالإخلاء والطواقم الطبية ترفض، المركز الفلسطينى للإعلام، 20أكتوبر2023

https://tinyurl.com/29pbn5j3

[8]- مسئول إسرائيلي: هاجمنا نحو 5000 هدف لحماس حتى الآن، العربية ، 17 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/6wQLXWoe

[9]- قصف إسرائيلى بمحيط المستشفى الأوروبى جنوب قطاع غزة، القاهرة 24، 18 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/nwQLMQeE

[10]- كفاح زبون، إسرائيل تحاول دفع الفلسطينيين للنزوح إلى جنوب غزة تمهيدا لعملية برية، الشرق الأوسط، 13 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/CwQCjSIk

[11]- كيف يقيم خبراء إسرائيليون الهجوم البرى المحتمل على غزة؟ بى بى سي، 14 أكتوبر2023

https://cutt.ly/fwQCll2U

[12]- القاهرة الإخبارية: قصف إسرائيلى بمحيط المستشفى الأوروبى جنوب قطاع غزة، مرجع سابق

[13]- شولتس وشتاينماير يدينان محاولة اعتداء على كنيس يهودى فى برلين، دويتشه فيله ، 18 أكتوبر 2023  

https://cutt.ly/IwQCmn3M

[14]- عملية "طوفان الأقصى" انهيار الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه غزة، المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات، 12 أكتوبر  2023

https://cutt.ly/FwQCz5bF

[15]- الجيش الإسرائيلى يواصل تحذير حزب الله من التدخل فى حرب غزة، العربية، : 16 أكتوبر 2023  

https://cutt.ly/zwQCvHX6

[16]- إلغاء الاجتماع الرباعى الذى كان يشارك فيه بايدن ومقررا الأربعاء فى عمان، القناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية CGTN، 18 أكتوبر 2023  

https://cutt.ly/gwQCQDII

[17]- عملية  طوفان الأقصى الأسباب والتداعيات والسيناريوهات المتوقعة،المعهد الدولى للدراسات الإيرانية، 13 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/wwQCTq57

[18]- أيهم السهلى، كيف تفاعلت بعض الدول العربية مع العدوان على قطاع غزة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 13 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/448eb7ez

[19]- مظاهرات فى عدد من الدول العربية دعما لغزة، بى بى سى، 20 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/23mf8zst

[20]- عبد الفتاح السيسى يدعو سكان غزة إلى البقاء صامدين فى أرضهم، فرانس 24، 12 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/xwQCUSCm

[21]- مصر وإنقاذ قطاع غزة ووقف نزيف الدم، الأهرام،17 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/5wQCIgkn

[22]- محمد عودة، بعد طوفان الأقصى مساعٍ عربية ودولية حثيثة لوقف التصعيد فى غزة، الغد، 8 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/hwQCLfPC

[23]- مصر: السيسى يرأس اجتماع مجلس الأمن القومى وصدور 6 قرارات، سى إن إن، 15 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/rwQCZNLP

[24]- اجتماع الوزير بلينكن بالرئيس المصرى السيسى، سفارة الولايات المتحدة الأمريكية فى مصر، 15 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/AwQCC4HZ

[25]- السيسى لبلينكن: الرد الإسرائيلى تحول إلى عقاب جماعى،سكاى نيوز عربية،  15 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/gwQCNpE4

[26]- هبة وهدان، مطار العريش المصرى يستقبل طائرة مساعدات برازيلية لغزة، القاهرة الإخبارية، 18 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/wwQCNMSB

[27]-   مصر تدين بأشد العبارات القصف الإسرائيلى لمستشفى الأهلى المعمدانى فى غزة، وكالة أنباء الشرق الاوسط ، 18 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/1wQCM9iz

[28]- السيسى يدين القصف المتعمد لمستشفى المعمدانى فى غزة، الشرق الأوسط،17 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/JwQC1mqe

[29]- "هناك صحراء النقب" السيسى يحذر من خطورة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، الحرة، 18 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/4wQVqBeP

[30]- الرئيس السيسى يستقبل قادة وزعماء الدول المشاركة بقمة القاهرة للسلام 2023، اليوم السابع،21 أكتوبر 2023

 https://tinyurl.com/4ftu2s94

[31]- بيان جمهورية مصر العربية حول قمة القاهرة للسلام، الرئاسة المصرية، ٢١ أكتوبر ٢٠٢٣

https://tinyurl.com/buzkh8zj

[32]- المظاهرات تزلزل المحافظات تأييدا لموقف مصر والرئيس السيسى من القضية الفلسطينية، اليوم السابع، 18 أكتوبر 2023

[33]- جمعة تحيا مصر المواطنون يتوافدون للاحتشاد بالميادين وأمام المساجد للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلى، برلمانى، 20 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/5n6s9nkc

[34]- العاهل الأردنى: استقبال اللاجئين فى الأردن أو مصر خط أحمر، العربية، 17 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/nwQViMTB

[35]- فى ظل مناوشات منضبطة إلى أين تصل حدود المواجهة حزب الله وإسرائيل؟ الشرق، 14 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/pwQVoC62

[36]- إيران ترفض اتهامها بالضلوع فى هجوم حماس على إسرائيل وتدعو إلى اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، فرانس 24، 9أكتوبر 2023

https://cutt.ly/rwQVjmSc

[37]- إيران تحذر من "عواقب واسعة النطاق" إذا لم توقف إسرائيل هجماتها على غزة، سى إن إن،15 أكتوبر  2023

https://cutt.ly/ZwQVkfry

[38]- خامنئى: يجب أن نرد على ما يحدث فى غزة، شبكة لالش الإعلامية ،17 أكتوبر  2023

https://cutt.ly/PwQVlC27

[39]- ضياء عودة، ثلاثة مستويات لتدخل إيران.. هل تتوسع حرب إسرائيل وغزة؟ الحرة، 16 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/kwQVcpGj

[40]- السيسى وبايدن يؤكدان التوافق بشأن أولوية حماية المدنيين بغزة، سكاى نيوز عربية، 17 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/lwQVc1RU

[41]- الخارجية الأمريكية تؤكد مقتل 29 أمريكيا فى هجوم حماس،سكاى نيوز عربية، 15 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/DwQVvvwT

[42]- أسلحة وطائرات وسفن وقوات خاصة تعرف على الدعم العسكرى الأمريكى الإضافى لإسرائيل، يورونيوز، 12 أكتوبر 2023

https://cutt.ly/IwQVbb6W

[43]- يحتاجها فى 2024 فرصة يبحث عنها بايدن بدعمه لإسرائيل، سكاى نيوز عربية، 17 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/bdfzmcba

[44]- بلينكن يصل إلى القاهرة. ويعود لإسرائيل غدا، الشرق الأوسط، 15 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/muz8jfwj

[45]- الولايات المتحدة تعزز الجيش الإسرائيلى: نظرة على المساعدة التى تقدمها فى الحرب ضد حماس، رياض هيرالد، 12 أكتوبر2023

https://tinyurl.com/mrd33fkz

[46]- فى زمن الحرب.. ما هدف زيارة بايدن الاستثنائية إلى إسرائيل؟ الحرة، 17 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/3fwxvnrd

[47]- حماس تفرج عن رهينتين أمريكيتين فى أول بصيص أمل لعائلات المحتجزين، فرانس 24، 20 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/2p98j6f9

[48]- إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، البيت الأبيض، 14 يوليو 2022

https://tinyurl.com/4acpxtjk

[49]- الشرطة الأمريكية تبعد متظاهرين ضد الحرب على غزة عن مبنى الكونغرس، ار تى، 18 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/3wffu57c

[50]-Reid J. Epstein, Biden Walks a Tightrope on Israel-Gaza as Democratic Tensions Smolder,The New YorkTimes,Oct. 18, 2023

https://tinyurl.com/ye2j98t9

[51]- أزمة إسرائيل تكشف انقسامات الجمهوريين حول بايدن وترامب، القاهرة الإخبارية، ١٦ أكتوبر ٢٠٢٣

https://tinyurl.com/33f7c28w

[52]- روسيا تريد أن تكون من الرابحين فى حرب غزة، العرب، 18 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/arm7pmny

[53]- لماذا فشل مجلس الأمن فى تبنى مشروع قرار روسى لوقف إطلاق النار فى غزة، بى بى سى، 17 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/mr2brpjw

[54]- روسيا تدعو إلى عدم توسع رقعة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، يورو نيوز، 12 أكتوبر ٢٠٢٣

https://tinyurl.com/4ntf9vjw

[55]-Stephen M. Walt,America Is a Root Cause of Israel and Palestine’s Latest War,Foreign Policy,

October 18, 2023

https://tinyurl.com/y7ap98su

[56]- الاتحاد الأوروبى يحاول توحيد مواقفه بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس، فرانس 24، 17 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/bdehyznj

[57]- الاتحاد الأوروبى ومعركة العالم الافتراضى فى حرب إسرائيل – غزة، مونت كارلو الدولية، 14 أكتوبر ٢٠٢٣

https://tinyurl.com/5fz2j4h4

[58]- ميشال أبونجم، أوروبا عاجزة عن إسماع صوتها فى حرب غزة وانقساماتها تطفو على السطح، الشرق الأوسط، 11 أكتوبر 2023

https://tinyurl.com/3mf6xyxa

 

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. حنان أبوسكين

    د. حنان أبوسكين

    أستاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية