مقالات رأى

"مؤتمرات الشباب": أداة الدولة "المُتفردة" للتواصل والبناء

طباعة

فيما كان يتاجر البعض بالشباب ويملأ آفاق الدنيا كلاما عن أحلامهم وطموحاتهم وآمالهم دونما فعل حقيقى، ويستغل آخرون حماسهم ونقاءهم وقودا لإشعال الفتن والتطرف والإرهاب، وحده مؤتمر الشباب من تبنى وتحرك بخطى حقيقية صادقة وإيجابية نحو الشباب بتكليفات ورعاية مباشرة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى. مؤتمر الشباب يخرج للنور: ولد "مؤتمر الشباب الأول" من رحم شبابى أيضا "البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة"، بمشاركة أكثر من ثلاثة آلاف شاب من مختلف الاتجاهات والأعمار والتوجهات السياسية والعلمية، تحت شعار "ابدع.. انطلق"، متسلحا بمبادئ الفكر والحوار الموضوعى وإيجاد البدائل والحلول المبتكرة والشفافية، ليظهر هذا النموذج للعلن ولأول مرة نابضا بالحيوية والإرادة والعمل الصادق المخلص والمتجرد، وبأكثر من 84 جلسة نقاشية شملت السياسية والفن والاقتصاد والرياضة والاجتماع والثقافة والتعليم والخطاب الدينى، كما أُطلقت "جائزة" الإبداع السنوى" لتكريم النماذج الشبابية الملهمة لأول مرة على منصة التكريم الرئاسى. ولم يقتصر المؤتمر على كونه منصة للحوار والنقاش فقط بل امتد ليضم صالونا ثقافيا، والفعاليات الرياضية بوصفها رسالة سلام من شباب مصر، وفى مقدمتهم السيد الرئيس إلى العالم أجمع فى وقت شديد الدقة والحساسية من عُمر هذا الوطن. ومنذُ نسخته الأولى فى مدينة شرم الشيخ فى أكتوبر عام 2016، ظهر المؤتمر شبابيا بامتياز من الفكرة إلى الإعداد والتنفيذ والتوصيات، ليضرب نموذجا متفردا فى التواصل بين الدولة والشباب شاهده الجميع، وهو تواصل لم يقتصر على الاستماع فقط أو حتى الحوار المجتزأ أو المقيد، بل كان حوارا متعمقا طرح فيه الشباب أفكاره بكل أريحية أمام رئيس الدولة الذى آمن بهم وحرص على مناقشتهم وتدوين الملاحظات، وفى الوقت نفسه كان فى المقابل الكثير ممن راهن على فشل التجربة ووصفها بالمجوفة والخالية من المعنى والقيمة! نجاحات وتطور مستمر للمنهجية: هذه المنهجية التى قامت على الإيمان الحقيقى بالشباب وقدراتهم، لم تتوقف عند حد فتح قنوات الاتصال المباشر بين القيادة السياسية والدولة مع الشباب، بل تطورت لتشمل أدوات اتصالية جديدة ومبتكرة بعنوان "اسأل الرئيس"، لتتضمن أبرز استفسارات المواطنين حول مختلف الموضوعات التى تشغل الرأى العام. حيث توالت نجاحات مؤتمرات الشباب من خلال مخرجاته الاستثنائية، فمنذ "مؤتمر الشباب" فى نسخته الأولى حتى نسخته الثامنة وفى أقل من ثلاثة سنوات جاب المؤتمر أرجاء المعمورة بين الصعيد وبحرى والعاصمة والقناة وسيناء وأسوان ليؤكد للجميع بما قدمه من توصيات ومبادرات شملت حلولا واقعية لمشكلات مزمنة على الأصالة والتفرد فى المنهجية الجديدة للتواصل بين الدولة والشباب، وقدم الشباب المصرى نفسه فى صورة محترمة أبهرت الجميع برؤى وأفكار سابقة لعصره، وأوضح فيها عمق وعيه وفهمه لقضايا وطنه والعالم واشتباكه معها بقدرة متميزة. حزمة من المنتجات والمبادرات الوطنية المخلصة: قدمت مؤتمرات الشباب المتتالية على مدى سنوات قليلة، حزمة من المنتجات الوطنية التى أسهمت فى تغيير حياة المصريين للأفضل على رأسها درة تاج المشروعات القومية "حياة كريمة"، ومبادرة "ابدأ" لدعم الصناعة، ومبادرة العفو الرئاسى عن الشباب المحبوسين، وتحول مؤتمر الشباب إلى منصة شبابية عالمية للحوار "منتدى شباب العالم" بنسخه الأربع، وإطلاق منتدى الشباب العربى الإفريقى، هذا إلى جانب إنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب أصبحت منارة علمية تقدم نقله نوعية فى إعداد الشباب المصرى والإفريقى لتقلد المناصب القيادية، والحوار الوطنى، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وغيرها من المنتجات الوطنية الخالصة المخلصة. النسخة التاسعة.. مصارحة ووضوح ورسائل طمأنة: ومن عروس البحر المتوسط، انطلقت نسخة جديدة من مؤتمر الشباب يونيو 2023، مراعية للظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر والعالم، لتخفض عدد ساعات الحوار وتُركزه، بما يترجم حرص القيادة السياسية على مواصلة فتح آفاق جديدة للتلاقى والحوار الدائم مع الشباب خاصة والمصريين بشكل عام، عنوانها الثقة الدائمة بين السيد الرئيس وأبنائه من الشباب من كل القطاعات الشرائح، شباب الجامعات والرياضيين والمثقفين والإعلاميين وشباب الأحزاب وعدد من أعضاء مجلس النواب. تسع سنوات من العمل الجاد والمخلص ظهرت بعض نتائجها التى تحققت بأيدى المصريين من مشروعات قومية فى مختلف قطاعات الدولة خلال المؤتمر، ومناقشة لكل القضايا الشاغلة للمواطن المصرى والرأى العام؛ حيث قدم السيد الرئيس خلال مداخلاته حزمة من الرسائل التى اتسمت بالصراحة والوضوح والموضوعية قدمت التحديات التى تواجهها الدولة المصرية بالأرقام وحديث عن طريقة عمل الدولة للعبور من هذه الأزمة. تضمن المؤتمر شرحا اتسم بالمصارحة والوضوح من السيد الرئيس للمصريين عن كل تفاصيل أزمة سعر الصرف والدولار والبدائل المطروحة للحل، مع تأكيد أن الدولة تعمل على تخفيف آثار الأزمات العالمية المستمرة منذ 3 سنوات، كما تم وضع أسعار استرشادية مشجعة للسلع الزراعية الاستراتيجية. كما تضمنت الرسائل أن الحل الأمثل لهذه الأزمة يأتى من المواجهة المشتركة بين الحكومة ورجال الأعمال والمواطنين بهدف خفض الفاتورة الاستيرادية وزيادة المكون المحلى فى الصناعة مع زيادة الصادرات بالدولار فى أقرب وقت ممكن، كما شملت المداخلات رسائل طمأنة من الرئيس للمصريين فيما يخص هذا الملف بشكل خاص، بأن الدولة لن تنفذ إجراءات تحرير سعر صرف الجنيه إذا كان سيؤثر فى المصريين. وجاءت أبرز رسائل السيد الرئيس لتؤكد مرة أخرى أن "بناء الدول وإصلاحها أمر ليس باليسير"، وأن إنقاذ الوطن كان ضرورة حتمية فى مرحلة ما لمنع انهيار الدولة، وأن الدولة المصرية ملك لكل المصريين وليست للرئيس أو الحكومة، وأن حجم العمل المطلوب فى الدولة المصرية حجم كبير جدا يحتاج إلى العمل ليل نهار من الجميع، وتستطيع الدولة والشعب معا التغلب على جميع التحديات التى تواجهها، لذلك فالدولة تحتاج إلى تضافر جميع الجهود لتنفيذ استحقاق الإصلاح. كما شملت الرسائل متابعة السيد الرئيس لجلسات الحوار الوطنى التى كشفت عن حجم كبير من التفاهمات، والتوقيع على مخرجات الحوار الوطنى دون قيد أو شرط مادام كان ذلك فى حدود ما يكفله الدستور والقانون للرئيس من صلاحيات، وستحال توصيات الحوار الوطنى خارج الاختصاصات الدستورية للرئيس إلى مجلس النواب. وختاما، حولت مؤتمرات الشباب شكل التواصل من الإلقاء والحوار ذى الاتجاه الواحد أو استقطاب الشباب واستغلال آمالهم وطموحاتهم، إلى ملتقى حقيقى يتقدم فيه الشباب بأفكاره وإبداعاته المدروسة وحلول مبتكرة للمشكلات لتحديات الدولة المصرية، وقدمت الفرصة الحقيقية للجميع ليكون قوة دافعة صانعة لمستقبل بلاده مشاركا فى كتابة تاريخها بمداد من العمل والجهد والإخلاص. تسع سنوات من الإنجازات والنجاحات تحققت بعقول المصريين وجهودهم المخلصة فى ربوع مصر بمختلف ملفات وقطاعات الدولة فى "الجمهورية الجديدة"، من تثبيت أركان الدولة ومؤسساتها والحرب على الإرهاب مرورا بدرة تاج المشروعات القومية مبادرة "حياة كريمة" إلى مبادرة "ابدأ" لدعم الصناعة وصولا إلى المبادرات الرئاسية متعددة التدخلات رغم الظروف الاقتصادية العالمية بالغة الصعوبة، وقيادة سياسية ترى وتعمل وتتعامل مع كل الملفات على كل المستويات طوال الوقت، تعتمد منهج العمل المشترك الحقيقى على الأرض مع المصارحة والصدق والاستماع الجيد للآراء والمطالب فى كل الأمور، ودولة تمد أيادى التنمية متعددة التدخلات إلى القرى والكفور والنجوع ولا تقتصر على المدن والعواصم.

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. محمد منير غازى

    د. محمد منير غازى

    باحث فى الدراسات السياسية والاتصال السياسى