مقالات رأى

"بريتون وودز" وعملية النصب الكبرى!

طباعة

قامت الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1973، خلال حقبة تولى الرئيس ريتشارد نيكسون، بأكبر عملية نصب فى التاريخ ما سمى وقتها "صدمة نيكسون" (Nixon Shock): وهى سلسلة من التدابير الاقتصادية التى قام بها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد نيكسون  عام 1971، وكان من أهمها إلغاء التحويل الدولى المباشر من الدولار الأمريكى إلى الذهب حسب اتفاقية بريتون وودز.
وعلى الرغم من أن إجراءات نيكسون لم تُلغِ نظام بريتون وودز للصرف المالى الدولى بشكل رسمى، فإن تعليق أحد مكوناته الرئيسية جعل نظام بريتون وودز غير قابل للتنفيذ الفعلى. وكذلك فعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكى نيكسون قد أقر علانية عزمه استئناف التحويل المباشر للدولار بعد الإصلاحات التى طبقت على نظام بريتون وودز، فإن جميع محاولات الإصلاح هذه أثبتت فشلها، وبحلول عام 1973 استبدل نظام بريتون وودز بحكم الأمر الواقع إلى نظام تعويم العملات الورقية الذى لا يزال العمل به قائما حتى وقتنا هذا. لكن ما نظام "بريتون وودز" الذى تخلص نيكسون من الارتباط به؟

اتفاقية بريتون وودز(Bretton Woods) :
كان هذا هو الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولى الذى عقد فى يوليو سنة 1944 فى غابات بريتون فى نيوهامبشاير بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام المالى العالمى وتشجيع تنمية التجارة بعد الحرب العالمية الثانية!

وقد أمل ممثلو الدول المجتمعة فى إزالة المعوقات بشأن الإقراض والتجارة الدولية، والمدفوعات على المدى الطويل، مع ضمان استقرار سعر الصرف، ومنع التخفيضات التنافسية، وتعزيز النمو الاقتصادى، وقد رفع المؤتمر خططه إلى منظمتين دوليتين (تقعان تحت سيطرة الولايات المتحدة) هما "صندوق النقد الدولى" و"البنك الدولى للإنشاء والتعمير".
وكان من ضمن قرارات المؤتمر ربط عملة الدولار بغطاء من الذهب وجعله عملة مرجعية؛ حيث تم تثبيت عملات الدول المشاركة مقابل الدولار (سعر الصرف)، وتحديد قيمة الدولار بسعر 35 دولارا مقابل أوقية واحدة من الذهب.

وقد وافقت الدول على المشاركة فى المحافظة على قيمة عملاتها فى نطاق هامش ضيق مقابل الدولار الأمريكى، وسعر مماثل من الذهب للتبادل عند الحاجة؛ وعليه ربح الدولار مركزا خاصا بوصفه عملة مرجعية، ما أدى إلى تحول الاقتصاد العالمى من هيمنة أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ولقد منعت أمريكا الدول من تخفيض قيمة عملاتها بشكل كبير حتى تستفيد تجارتها الخارجية ولم يسمح للدول إلا بتخفيض عملاتها بنسبة أقل من 10%. 

فماذا حدث بعد ذلك بالضبط؟

دعونا نفسر ما حدث بشكل أكثر تبسيطا؛ فنتيجة لفك ارتباط الدولار بالذهب أصبح من حق البنك الفيدرالى الأمريكى طباعة أى مقدار من الدولار الأمريكى دون التقيد بما لديه من احتياطى الذهب وبهذا اكتملت العملية.

فهل أدركت عزيزى القارئ عملية النصب العالمية لكيفية السيطرة على النظام الاقتصادى العالمى وإزاحة أوروبا من الطريق، ثم اكتمال العملية بفك الارتباط بالغطاء الذهبى على يد ريتشارد نيكسون لتصبح العملة الأمريكية المسيطرة ما هى سوى أوراق تطبع عن طريق وزارة الخزانة الأمريكية تأتى قيمتها أساسا من خوف الدول والمستثمرين من انهيار الاقتصاد العالمى حال انهيار عملة الدولار!

وللعلم فقد قامت الولايات المتحدة بإصدار تسعة تريليونات دولار فى آخر خمس سنوات فقط؛ حيث تفاقم الدين الأمريكى ليصل إلى 31.4 تريليون دولار بزيادة قدرها 15 تريليونا فى آخر عشر سنوات منها 10 تريليونات دولار فى آخر خمس سنوات فقط!

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. أحمد عرفان

    د. أحمد عرفان

    استشارى تكنولوجيا المعلومات