تحليلات - شئون دولية

هل تحولت أوكرانيا مسرحا لتجارب الأسلحة الجديدة ومن المستفيد؟

طباعة

عادة ما يكون للحرب تأثيرات مباشرة متباينة علي الدول المشاركة فيها،  ويمتد هذا التأثير أيضا على الدول غير المشاركة، مثلما هو الحال في حالة حرب أوكرانيا، حيث تأثر العالم بمشاكل إمدادات الموارد الطبيعية، مثل الغاز والبترول، والسلع الغذائية ومشاكل سلاسل التوريد. لكن هناك بالتأكيد أوجه استفادة لأطراف من مثل هذه الحرب، حيث إنها تعد فرصة للدول غير المشاركة بشكل مباشر مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، للاستفادة من رؤية مدي قوة الدول المشاركة في الحرب، من خلال التسليح الفعلي علي أرض الواقع، ومن خلال الأسلحة المختلفة التي يتم إسقاطها فى أثناء القتال لتحليل نقاط القوة والضعف لدي الدول الأعداء المشاركة في الحرب، حيث تعد الحرب الميدان الأنسب لفهم نقاط الضعف والقوة العسكرية. فعلي الرغم من أن أمريكا تكبدت خسائر اقتصادية بسبب الحرب، وأنها دولة غير مشاركة في الحرب بشكل مباشر، فمن المؤكد أن هناك استفادة بشكل كبير من هذه الأزمة من جانب معرفة مدي قوة التسليح الروسي وفعاليته في الحروب لتطور أسلحتها علي هذا الأساس.

منذ بداية الحرب الروسية – الأوكرانية، كانت روسيا تستخدم أسلحة متنوعة كثيرة وكانت منها أسلحة تُجرب علي أراضي أوكرانيا للمرة الأولى، مثل صواريخ كينجال وسلاح الجيل الجديد المضاد للدبابات (NLAW)، بجانب العديد من الأسلحة الأخرى، وتعمل أوكرانيا أيضا بمساعدة من أمريكا علي استكشاف هذه الأسلحة، لاستخدامها ضد روسيا أو لتجري أمريكا أبحاث عليها وتكتشف سر هذه الأسلحة، وقوتها لتطوير أسلحة الجيش الأمريكي. وهنا، يكمن اتجاه إيجابي لأمريكا من هجوم روسيا علي أوكرانيا، بأن تستفيد بتحليل الأسلحة المتساقطة على أرض المعركة.

الأسلحة المستخدمة من الجانب الروسي في الحرب:

بدأ التدخل الروسي فى أوكرانيا، في 24 فبراير الماضى، بضربات برية وبحرية وجوية في أكبر هجوم عسكري تشنه دولة أوروبية على أخرى منذ الحرب العالمية الثانية.خلال الأسبوع الأول من الحرب، تحولت روسيا من الضربات الاستراتيجية ضد أهداف عسكرية باستخدام صواريخ كروز إلى هجوم بري، وحاليًا حصار أوسع للمدن الكبرى، بما في ذلك القصف بالمدفعية الصاروخية والذخائر العنقودية، وأحيانًا ضد المباني السكنية والبنية التحتية المدنية. وتنفي موسكو استهداف المدنيين، وتصف أفعالها في أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح جارتها وعزل القادة الذين تعتبرهم قوميين خطرين. فيما وصفته أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون بالغزو غير المبرر الذي أودى بحياة مئات المدنيين. وفيما يلى نعرض للأسلحة المستخدمة لأول مرة في قتال فعلى من جانب روسيا:

- صواريخ كينجال، يمكن لهذه الصواريخ الفائقة السرعة أن تصل لأكثر من خمسة أضعاف سرعة الصوت ويبلغ طوله 8 أمتار، ويبلغ مدى صواريخ كينجال 2000 كيلومتر. وتُحمل في الأغلب علي طائرات (Mig-31).


-

- سلاح الجيل الجديد المضاد للدبابات (NLAW)، وهو عبارة عن نظام محمول يتم إطلاقه من الكتف ويمكن استخدامه من قبل مشغل واحد، ويمكن لرءوسها الحربية الخارقة للدروع أن تدمر دبابة قتال حديثة محمية بشدة بطلقة واحدة، والنظام فعال في نطاقات تتراوح بين 20 و800 متر، ويزن 12.5 كيلوجرام فقط.


-

- الطائرة سوخوي 35، Su-35أحدث نسخة من عائلة Su-27 Flanker، وهى مقاتلة متعددة الأدوار مع التركيز على التفوق الجوي، وتتسم بالعديد من المواصفات التي تجعلها سلاحا جويا متميزا. دخلت الطائرة الخدمة في ديسمبر 2012 داخل سلاح الجو الروسي.

الأسلحة المأخوذة من الجيش الروسي وعلاقة الولايات المتحدة:

قال الرئيس زيلينسكي، في منتصف مارس الماضي، مازحا إن المعدات التي تم الاستيلاء عليها جعلت روسيا من أكبر موردي الأسلحة إلى أوكرانيا، لأن القوات الأوكرانية تستولي على معدات عسكرية روسية وتستخدمها ضد القوات الروسية. وقد أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية أن القوات الروسية فقدت نحو 498 دبابة و121 طائرة هليكوبتر و1535 ناقلة جند مدرعة منذ بداية الصراع.

ثمة خبر مهم، تم إعلانه في 3 أبريل 2022، مفاده أنه تم إسقاط طائرة سوخوي 35 الروسية بعد إصابتها بصاروخ للقوات المسلحة الأوكرانية، حيث إن الطائرة تم إسقاطها بالقرب من إيزيوم في الجزء الشرقي من أوكرانيا، على بعد نحو 120 كيلومترًا إلى الجنوب الشرقي من خاركيف. وبجانب هذه الطائرة أيضا تم إسقاط طائرة سوخوي 24 وسوخوي 34 وسوخوي 25.


-

ثم يأتي الجزء الأخطر بالنسبة للروس، بعد إسقاط السوخوي 35، وهو أن انجلترا أخذت قطع منها، ليتم تحليلها بفرض أنها مدمرة، وأما بالنسبة للقطع السليمة فقد أخذتها أمريكا لتدرس كيفية عمل هذه الطائرة وتجري أبحاث عليها، وتهتم الأبحاث بأنظمة الاستهداف والتنظيم لدي هذه الطائرة.

أيضا، بعد هذا الحدث فإن من كان يرغب فى شراء الطائرات الروسية، لأنها كانت تقارن بطائرة إف 35 الأمريكية، حيث تعد مقاتلة فريدة ومميزة وفائقة القوة، فبالتأكيد بعد خبر سقوط الطائرة واستحواذ أمريكا وانجلترا علي قطع منها لإجراء أبحاث والتعرف عليها، سوف تقل ثقة الدول في هذه المقاتلة والخوف بأنها لا تستحق الشراء، والذهاب لأمريكا لشراء المقاتلة المنافسة لها (إف 35).

ختاما، من الواضح أن الحرب ستستغرق وقتا طويلا لكي تنتهي وتتوقف، وهناك العديد من التقارير التى تتوقع طول الحرب وأمدها لنهاية عام 2023. هذا يوضح أنه ستكون هناك المزيد من دخول لأسلحة جديدة إلى أرض المعركة، سواء كانت من جانب روسيا، أو من جانب أوكرانيا المدعومة من الناتو والولايات المتحدة. وهذا يعني أيضا أن أوكرانيا ستستمر في دورها الحالي كمسرح لتجارب الأسلحة، فبجانب الأسلحة الروسية، من الممكن دخول أسلحة أمريكية أيضا الحرب لأول مرة بعد معرفة إمكانية الجيش الأمريكي بالتسليح الروسي.

طباعة

    تعريف الكاتب

    فادى طلعت

    فادى طلعت

    باحث فى العلوم السياسية