مصر - تنمية اقتصادية

مصر في 4 سنوات على طريق 2030: استراتيجيات البناء والتنمية ومكافحة الإرهاب

طباعة
أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي فور توليه رئاسة الدولة في يونيو 2014 خارطة طريق بكافة القطاعات، ومنها المشروعات القومية والتنموية الضخمة، في مسعى حقيقي للنهوض بواقع الاقتصاد الوطني، الذي كان يعاني تحديات وضغوط عدة، وإحداث حراك في كافة مناحي المجتمع المصري، وحشد طاقات الشعب المصري، الذي كثيرا ما كان يحلم بتحقيق تنمية حقيقة وغد أفضل، فكانت تلك المشروعات القومية بمنزلة قاطرة للتنمية وآلية لتحقيق تنمية مستدامة تمتد لكل أطراف القطر المصري، وذلك من خلال الخطوات التالية : استعادة الأمن والاستقرار واقتلاع جذور الإرهاب، فلا تنمية حقيقية بدون أمن، والعمل على تنمية سيناء واستغلال مقومات الثروة الكامنة بها، وتعظيم الإفادة من عبقرية موقع مصر الجغرافي، وتحويل قناة السويس من مجرد مجري ملاحي الي منطقة تنموية عالمية متكاملة تضم بين دفتيها كيانات صناعية ولوجيستية وتجارية، وفتح آفاق أرحب للاستثمار والتصنيع، جعل مصر مركزا لتداول الطاقة، والخروج من الوادي الضيق وزيادة المساحة المأهولة بالسكان عبر اقامة مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة، وتحقيق الأمن الغذائي وسد الفجوة الغذائية، وتقليل معدلات البطالة، كل هذه الأهداف وغيرها كانت دافعا قويا لتبني القيادة السياسية حزمة من المشروعات القومية الطموح والعمل علي تنفيذها علي أرض الواقع وفق ثالوث: أعلى معايير جودة، وأقل تكلفة، وأقصر وقت ممكن . 
ووضع الرئيس عبد الفتاح السيسي استراتيجيته لعملية التنمية الشاملة للدولة، من خلال القطاعات المختلفة من أجل البدء في تنفيذ استراتيجيته كالآتى: 
 
أولا- قطاع مكافحة الارهاب: حيث عانت الدولة المصرية الإرهاب لفترات طويلة، إلا أن الفترة التي تبعت أحداث 25 يناير كانت الأقوى، فقد سعت العديد من القوى الخارجية إلى تصدير الإرهاب إلى مصر، وتوطين جماعات إرهابية في سيناء، ودعمهم أيضا جماعة الإخوان الإرهابية إبان حكمهم. وقد وضع الرئيس رؤيته في مكافحة الإرهاب، حيث إن الدولة المصرية في طريقها لتحقيق ما تربو إليه من تنمية ورخاء واستكمال لبناء مؤسسات الدولة، وكذا وضع مصر في مكانتها المعهودة وريادتها المنشودة إقليمياً ودولياً.
واستند الرئيس إلى ضرورة مواجهة الإرهاب أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا ودينيا.
لقد واجه الرئيس الإرهاب  وكافحه  في الداخل والخارج  من خلال أنشطته الرئاسية اليومية والشهرية والتي تثبت الوعي الحقيقي لملف الإرهاب ومكافحته وطرح الرؤى المصرية وإصدار القرارات وحضور القمم واللقاءات والزيارات الخارجية والفكر المترجم في الخطب والكلمات في المناسبات الوطنية والمحافل الدولية.
وجاءت استراتيجية الرئيس واضحة في مجال مكافحة الإرهاب وترتكز على تجفيف منابع الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار للبلاد، وتوسيع الحوار السياسي وتعدد الآراء لتحقيق التنمية المستدامة، وتحقيق توازن اجتماعي بين مختلف المحافظات والمدن والمبادرة بتنفيذ ما نص عليه الدستور من تقديم امتيازات إضافية إلى الجهات المهمشة، بجانب تعزيز دور المجتمع المدني، وتوفير التجهيزات والمعدات الضرورية للقوات المسلحة وقوات الأمن بمختلف تشكيلاتها لتحسين قدرتها وتحقيق النجاعة الميدانية، بالإضافة إلى توفير الدولة لبرنامج تدريب والمناورات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز برامج التعاون الفني مع الأجهزة الصديق، وتعزيز الجانب القانوني، وسن قانون مكافحة الإرهاب لتشجيع العسكريين والأمنيين على القيام بمهماتهم في كنف الطمأنينة، وكذا الاهتمام بالعلاقات مع الدول المجاورة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز منظومة حماية الحدود بين مختلف بلدان المنطقة، وتعزيز التعاون في المجالات الاستخبارية واللوجيستية .
بناء على تلك الاستراتيجية، تحققت العديد من الإنجازات في مجال مكافحة الإرهاب وذلك عن طريق وضع استراتيجية متكاملة فاعلة وناجزة للقضاء علي الإرهاب وتفعيلها على أرض الواقع، ومواجهة الاختراقات الأمنية على الحدود الغربية مع ليبيا، والتصدي للخطر الحدودي الإرهابي على الجهة الشمالية الشرقية، والتصدي لخطر داعش، وإمكانية تمدده إلى داخل الأراضي المصرية، بالإضافة إلى الدعوة إلى تصويب الخطاب الديني المتطرف، ومنع الاستحواذ على منابر الجوامع،  مع وضع قضية مكافحة الإرهاب على أجندة الأمم المتحدة، من خلال رئاسة مصر لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة .
ومن أجل ذلك، وضعت العديد من القوانين والتشريعات الجديدة التي تخدم استراتيجية مكافحة الإرهاب، فقد أصدر الرئيس العديد من القرارات الجمهورية منها القرار رقم 94 لسنة 2015، الخاص بإصدار قانون مكافحة الإرهاب، وقرارا بتعديل قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، والقرار رقم 355 لسنة 2017 بتشكيل المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف.
وتحركت مصر كثيرا على المستوى الدولي من خلال وزارة الخارجية والأجهزة المختلفة من أجل خلق رأي عام عالمي قوي لمواجهة الإرهاب، من خلال تجريم تمويل الإرهاب ومراعاة المواثيق الدولية للحقوق المدنية  السياسية، وتجريم تشكيلات التنظيمات الإرهابية، وتعميق سياسة التعاون، وتبادل المعلومات بين مختلف أجهزة البلدان المجاورة، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، والتشريعات، والنظم، والأساليب، وإجراءات تسليم الإرهابيين، وإجراءات الإنابة القضائية، وحماية الشهود، بالإضافة إلى المقاربة الاقتصادية، والاجتماعية، والتربوية، والثقافية، والدينية.
وجميع الجهود السابقة لا يمكن أن تكون وحيدة في مواجهة خطر الإرهاب، ولكن كانت هناك ولا تزال الجهود الأمنية من أجل السيطرة على الأرض، وقد بذلت الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية جهودا ضخمة في هذا المجال كان نتاجها عزل العناصر الإرهابية الموزعة داخل أنحاء الجمهورية والقضاء على جميع الشبكات الإرهابية، وتجفيف منابع الإرهاب، بالإضافة إلى تدمير الأنفاق علي الشريط الحدودي بشمال سيناء، والقبض علي مئات التكفيريين بسيناء، وكذا تدمير أعداد  ضخمة من عربات الدفع الرباعي المحملة بالأسلحة والإرهابيين، ومداهمة البؤر الإرهابية، وإطلاق عملية حق الشهيد، والعملية الشاملة سيناء 2018.
 
ثانيا- قطاع تنمية شبه جزيرة سيناء: ففي الوقت الذى تخوض فيه القوات المسلحة المصرية والشرطة المدنية معركة شرسة لاجتثاث جذور الإرهاب من سيناء، تولي القيادة السياسية أهمية قصوي لبناء وتعمير تلك البقعة الغالية من أرض الوطن، إيمانا منها بأن التنمية هي السلاح الأهم للقضاء على الإرهاب، والسبيل لتحقيق تنمية مستدامة في ضوء ما تمتلكه سيناء من مقومات الثروة، وقربها وتداخلها مع إقليم قناة السويس بما يؤهلها لإقامة مجتمعات عمرانية وصناعية وزراعية وسياحية عديدة، الأمر الذي سيجعل من تنمية سيناء ملحمة بناء وجسر يعبر المصريون من خلاله إلى الأمن والاستقرار. لذلك كله، أعلن الرئيس السيسي في الأول من فبراير 2015 عن تخصيص 10 مليارات جنيه لتنمية سيناء، ووفق بيانات موثقة يتم تنفيذ عدد 126 مشروعا تمتد لكافة قطاعات التنمية بشبه جزيرة سيناء بإجمالي تكلفة مالية تقدر بنحو 150  مليار جنيه.
وهناك العديد من الأهداف لتنمية وتطوير شبه جزيرة سيناء يأتي في مقدمتها اقتلاع جذور الإرهاب من سيناء، واستغلال الثروات الكامنة ومقومات التنمية في سيناء، إذ تبلغ مساحتها 61 ألف كم2، والتي تمثل 6% من إجمالي مساحة مصر الكلية، بجانب توطين ثلاثة ملايين من سكان مصر في سيناء، وإقامة مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية وسياحية جديدة،  مع ربط كافة أرجاء سيناء بالقطر المصري .
  
وشهدت شبه جزيرة سيناء تخطيط وإطلاق وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية على كافة القطاعات منذ اطلاق مشروع تنمية سيناء، ومنها، تم تنفيذ سحارة سرابيوم اسفل قناة السويس بطول 400 كم لنقل 1,2  مليون م3 يوميا من ترعة السويس غرب القناة الي ترعة سيناء شرق القناة  بتكلفة 182 مليون جنيه، وجار تنفيذ سحارة  مصرف المحمسة لنقل مليون م3 التي كانت تلقي ببحيرة التمساح الى ترعة سيناء، بالإضافة الى تنفيذ البنية الأساسية لاستصلاح  13680 فدانا بمنطقة رابعة بئر العبد، كما تم تفعيل قرار الرئيس السيسي بشأن تقنين أوضاع اليد في سيناء، بما فيها الأراضي الزراعية، وتمويل مشروع استصلاح 400 ألف فدان علي ترعة الشيخ جابر بشمال سيناء، وإطلاق مشروع استصلاح الـ 100 ألف فدان بطور سيناء، مع إقامة العديد من مشاريع الاستزراع السمكي في قلب وديان سيناء (وادي تال- تجمع البجعة ...)، كما يتم حاليا إنشاء التجمع الزراعي السمكي على مساحة 100 فدان بمدينة الطور . 
وفي مجال الطرق والنقل، الذي يعد شريانا أساسيا من أجل التنمية، تمت إقامة مجموعة من الأنفاق تحت قناة السويس (6 أنفاق) بتكلفة مبدئية  36 مليار جنيه،  وإنشاء  وتطوير عدد 17 طريق بإجمالي اطوال 159,35كم، أهمها شرق بورسعيد شرم الشيخ بطول 477 كم، والإسماعيلية والعوجة بطول 266 كم، وطابا والنقب بطول 28 كم، والطريق الأوسط بشرم الشيخ 12 كم، وطريق وادي وتير 103 كم، وطريق بئر العبد- تماده بطول 160 كم، وطريق الجدي 80 كم، بالإضافة إلى تطوير طريق العريش رفح، وطريق النفق طابا، مع رفع كفاءة الطرق الداخلية بعدد من مدن شمال سيناء ( نخل– الشيخ زويد-  العريش– الحسنة– بئر العبد)، كما تم إنشاء مطار البردويل الدولي في وسط سيناء بمنطقة المليز لخدمة كل المناطق الصناعية المتاخمة لها.
 ولتشجيع الاستثمار والصناعة في سيناء، تم إصدار قانون تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية، بشأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، والبدء في إقامة المنطقة الصناعية بأبو زنيمة التي تتسع لإنشاء ٩٢ مصنعًا للخامات التعدينية، كما تم افتتاح أضخم مجمع لصناعة الرخام في مصر والشرق الأوسط بتكلفة 800 مليون جنيه فى نوفمبر 2016، ويضم المجمع 7 مصانع للرخام بمنطقة الجفجافة بوسط سيناء، وإنشاء مصنع العريش للأسمنت كأكبر مشروع للأسمنت في مصر بطاقة إنتاجية نحو  6,9 مليون طن سنويا، بجانب التخطيط لإنشاء مدنية شرم الاقتصادية التي تشمل مركزا للخدمات اللوجيستية بتكلفة تصل الي 50 مليار جنيه.  
وفي إطار الاهتمام بالمواطن في سيناء فهناك طفرة حقيقية في مجال الإسكان، تم إنشاء عدد 75736 وحدة سكنية بالإضافة إلي 2421 بيتا بدويا بمدن (رفح الجديدة –الإسماعيلية الجديدة– رأس سدر– أبو زنيمة - أبو رديس-  الطور-  سانت كاترين-  دهب- نويبع– شرم الشيخ )، والتخطيط لإنشاء مدينة السويس الجديدة شرق القناة شمال مدينة عيون موسى، بالإضافة الى البدء في اقامة مدينة بئر العبد الجديدة علي مساحة 1940 فدانا، وإنشاء 1200 وحدة سكنية بمنطقة المساعيد بالعريش ضمن مشروع الإسكان الاجتماعي، كما تم إقامة تجمعات بدوية، حيث يتم التخطيط لإقامة 27 تجمعا بدويا، والتجمع البدوي يضم من  100 الى 150 بيتا بدويا وآبار مياه، ومنطقة زراعية تصل مساحتها الى 500 فدان، ويتم حاليا التخطيط لإقامة 26 تجمعا تنمويا بمحافظتي شمال وجنوب سيناء. 
وبالنسبة للبنية التحتية في شبه جزيرة سيناء، تم تنفيذ عدد 18 محطة تحلية مياه البحر بإجمالي طاقة 250 الف م3 يوميا أهمها (الشيخ زويد – العريش – شرق بورسعيد  – الطور)، وإقامة محطة ترشيح وتنقية مياه الإسماعيلية الجديدة بطاقة 140 ألف م3 يوميا، كما تم إحلال وتجديد شبكة مياه  العريش بأطوال 171 كم، بالإضافة إلى مشروع معالجة مخاطر انهيار هضبة أم السيد بشرم الشيخ بتكلفة 80 مليون جنيه، كما تم البدء في تنفيذ أكبر مشروع قومي للحماية من أخطار السيول بجنوب سيناء والذي يستهدف إنشاء ثمانية سدود وثمانى بحيرات صناعية، وتنفيذ خمسة مشروعات للصرف الصحي في مدن الشيخ زويد وبئر العبد والحسنية ونخل، وتم تنفيذ عدد ثلاثة مشاريع لرفع كفاءة شبكات الكهرباء  في ( رفح – الشيخ زويد – العريش). 
 
ثالثا- قطاع قناة السويس الجديدة: مثًل تدشين قناة السويس الجديدة في أغسطس 2015  الخطوة المحورية  لتنفيذ  مشروع  تنمية محور قناة السويس، حيث سعت القيادة السياسية الي تعظيم الاستفادة من الإمكانات الهائلة لإقليم القناة والعمل علي تحويل القناة من مجرد مجري ملاحي الى منطقة تنموية متكاملة صناعية وتجارية ولوجيستية وسكانية تدعم الاقتصاد المصري وتخلق بيئة مواتية للاستثمار وتوفر آلاف فرص العمل. وفي هذا الإطار، أصدر الرئيس السيسي قرارا جمهوريا في 11 أغسطس 2015 بإنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باعتبارها منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة. وفي 28 نوفمبر من العام ذاته،  أعطى سيادته  إشارة البدء  لتنفيذ مشروع تنمية قناة السويس  الذي يعد بلا شك قاطرة لتنمية حقيقية ستسهم في تأسيس حقبة اقتصادية جديدة وواعدة  لمصر المستقبل .
وكانت فكرة المشروع تهدف الى تحويل مصر إلى مركز صناعي وتجارى ولوجيستي عالمي، وخلق مجتمع عمراني متكامل بمنطقة القناة وتحويلها إلى منطقة للجذب السياحي والاستثماري، وتوفير آلاف من فرص العمل للشباب، مع خلق كيانات صناعية ولوجيستية جديدة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتحقيق الاستفادة الاقتصادية القصوى من خلال الاستغلال الأمثل لإمكانات إقليم قناة السويس، مع إنشاء امتداد تنموي اقتصادي جغرافي عمراني لمدن القناة الثلاث، وتحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس الي مركز إقليمي لتموين السفن وتداول المواد البترولية في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا، وتقليل انتظار السفن العابرة من 11 إلى 3 ساعات، وتقليل زمن رحلة العبور بالقناة من 20 إلى 11 ساعة ،  مع رفع درجة التصنيف العالمي للمجرى الملاحي .
 
رابعا- قطاع تنمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس : ويهدف هذا القطاع الى خلق كيانات صناعية ولوجيستية جديدة بإقليم قناة السويس،  ومجتمع عمراني متكامل بمنطقة القناة ، بالإضافة الى تحويل إقليم القناة لمنطقة للجذب الاستثماري والسياحي، وتوفير آلاف من فرص العمل للشباب، وتحويل المنطقة الاقتصادية للقناة لمركز إقليمي لتداول المواد البترولية،  وتحويل مصر إلى مركز صناعي وتجارى ولوجيستي عالمي.   
 وبناء عليه، فقد تم إنشاء الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وفقا للقرار الجمهوري الصادر في 2015، و توقيع اتفاقية إنشاء منطقة لوجيستية مع شركة تيدا الصينية بالعين السخنة علي مساحة 130 ألف م2، وإطلاق المرحلة الثانية للمنطقة الصناعية الصينية باستثمارات 2,5 مليار دولار علي مساحة 6 ملايين متر، كما تم توقيع اتفاقية إنشاء المنطقة الصناعية الروسية على مساحة 5,25كم باستثمارات تبلغ 6,9 مليار دولار، والاتفاق مع مجموعة موانئ دبي العالمية في 19 نوفمبر 2017 على إنشاء مركز صناعي لوجيستي متكامل داخل منطقة السخنة العالمية على غرار جبل على مساحة 95 كم، بجانب اعتماد عقود 15 مشروعا في منطقة العين السخنة في مجالات البتروكيماويات – الأسمدة – الأدوية، مع قرب الانتهاء من حفر الأنفاق الستة اسفل قناة السويس( منتصف 2018 )، بتكلفة  36 مليار جنيه .
 
خامسا- قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة : أولى الرئيس السيسي أهمية قصوى لملف الطاقة باعتباره ركيزة أساسية  للتنمية  بمحاورها المختلفة، فالثابت أن ملف الطاقة يمثل عنصرا رئيسيا في بناء المستقبل وجزءا لا يتجزأ من المنظومة الحاكمة لأمن مصر القومي، خاصة في ظل أزمة انقطاع الكهرباء المتكررة وتداعياتها التي كانت تؤرق حياة المصريين. فخلال عام 2014، كان يتم تخفيف الأحمال بمعدل 6 آلاف ميجاوات يوميا، أي ما يعادل 25 %  من اجمالي قدرات الشبكة القومية. وبناء علي ذلك تحركت الدولة علي عدة  محاور رئيسية  ليس فقط  للوفاء باحتياجات المواطنين من الكهرباء، بل لتوفير الطاقة اللازمة  للمشروعات التنموية والقومية الكبرى، وكذا تجاوز مرحلة إنتاج الكهرباء الى مرحلة التصدير لتصبح مصر مركزا لتداول الطاقة. وفي هذا الإطار تمكنت الدولة من تحسين ترتيب مصر في مؤشر الحصول علي الكهرباء وفقا لتقرير البنك الدولي من المركز 144 عام 2016 الي المركز 88 خلال عام 2017، و مواجهة أزمة انقطاع الكهرباء المتكررة، ومنذ مايو 2015 لم يتم تخفيف الأحمال ، بالإضافة الى تبني الدولة خيار إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية ، حيث تم توقيع اتفاقية بدء العمل في مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية في 11 ديسمبر 2017 وتضم المحطة اربعة مفاعلات تبلغ طاقة كل منها 1200 ميجاوات بتكلفة 21 مليار دولار، ويتوقع أن ينتهي العمل فيها في 2028/2029 وسيتم سداد تكلفة محطة الضبعة  على مدار 35 سنة من إنتاج الكهرباء الخاصة بالمحطة، وقد تم افتتاح محطة كهرباء اسيوط، وخمس محطات اضافية   بإجمالي 4710 ميجاوات، و تشغيل محطة جبل عتاقة لإنتاج 640 ميجاوات من الكهرباء مايو 2015 ، وزيادة الطاقة الإنتاجية لمحطات توليد الكهرباء من خلال برامج الصيانة ورفع كفاءة المحطات ، كما تم تعزيز إجراءات مكافحة الاستيلاء على التيار الكهربائي.
 
وتم توقيع عقد إنشاء ثلاث محطات لتوليد الكهرباء مع شركة سيمنس بقيمة ثمانية مليارات يورو لإنتاج كهرباء بطاقة يبلغ إجماليها 14400 ميجاوات، أي ما يعادل 7 اضعاف الطاقة الناتجة عن السد العالي، وتشغيل هذه المحطات سيوفر سنويا  مليار دولار، أي خلال 6 سنوات  سيغطي مقدار الوفر في الوقود ثمن المحطات بالكامل،  ومن المنتظر أن تكتمل في يونيو 2018، وتبنت  الدولة مشروعات الطاقة المتجددة من خلال إنتاج الطاقة من الرياح والشمس، وافتتاح اكبر محطة لإنتاج الكهرباء من الرياح بمنطقة جيل الزيت بالبحر الاحمر بقدرة 200 ميجاوات،  وتوقيع اتفاقية  انشاء محطة رياح السويس لتوليد  الكهرباء بقدرة 250 ميجاوات وتكلفة 400 مليون دولار، والبدء تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية بموقع بنبان بأسوان الذي يعد من اكثر المناطق سطوعا للشمس في العالم وتبلغ تكلفة المشروع 4,3 مليار دولار، ويضم المشروع 4 محطات رئيسية بإجمالي 2000 ميجاوات، ومن المنتظر اكتمالها في 2019، مع  بدء إنتاج الغاز الطبيعي من حقل ظهر بمعدل 350 مليون قدم مكعبة  يوميا 16 في ديسمبر 2017، والذي تقدر احتياطياته بنحو 30 تريليون قدم مكعبة، ومن المخطط أن يصل الإنتاج مع اكتمال المرحلة الاولي في يونيو 2018 الى مليار قدم مكعبة يوميا.
يبقي أن نشير الى أن تكلفة كافة مشروعات الطاقة التي شرعت الدولة في تنفيذها ما عدا مشروع الضبعة النووي الذى تكلفته بلغت 483 مليار جنيه. 
 
سادسا- قطاع الشبكة القومية للطرق: أطلق الرئيس السيسي  في  أغسطس 2014 مشروع الشبكة القومي للطرق، والذي يستهدف إنشاء طرق جديدة بطول 5000 كم ، وتمثل الشبكة القومية للطرق شريانا للتنمية للأجيال المقبلة، فألمانيا بدأت نهضتها الحديثة في القرن العشرين بتدشين شبكة من الخطوط العملاقة للطرق والسكة الحديد باعتبارها تمثل الشرايين الحقيقية التي تضخ دماء العمران والتنمية. وبناء عليه أضحت المانيا قلب أوروبا النابض. لذا تولي القيادة السياسية أهمية قصوي لتنفيذ المشروع القومي للطرق بأياد مصرية 100%، والذي تقدر  تكلفته بنحو 40 مليار جنيه .
وتهدف تلك الخطة الى فتح آفاق جديدة للتنمية والاستثمار، وبناء مجتمعات عمرانية جديدة، مع ربط كافة أقاليم ومحافظات القطر المصري، وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتيسير حركة نقل الأفراد والبضائع من وإلى مناطق الإنتاج في المجتمعات الجديدة، بالإضافة الى خدمة حركة التجارة بين الصعيد والدلتا، وكذا خدمة محور تنمية قناة السويس، وتحسين ورفع كفاءة ما هو قائم من الطرق، مع تقليل الحوادث علي الطرق، وتحسين الخدمة المقدمة  للمواطنين بشكل فوري وملموس، وقد بلغت نسبة الأعمال في المشروع  القومي للطرق 92%. 
 
سابعا- قطاع  العاصمة الإدارية الجديدة : أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس 2015 خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري عن مشروع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 184  الف فدان  بالحزام الأخضر، بطول 28 كيلو مترا وعرض 24 كيلو مترا، أي ما يعادل مساحة سنغافورة وأربعة أضعاف العاصمة الأمريكية واشنطن. وتتميز العاصمة الجديدة بموقع جغرافي مميز، حيث تقع ما بين طريقي القاهرة السويس والقاهرة العين السخنة، وسيتم ربطها بشبكة مواصلات متطورة مع كافة شبكات الجمهورية، وفي الواقع تمثل العاصمة الادارية الجديدة  متنفسا للخروج من القاهرة  الي  فضاء صحراوي أرحب يسهم في تخفيف التكدس السكاني وزيادة المعمور المصري ويفتح مسارات عدة لاستثمارات وتنمية عمرانية جديدة غير مسبوقة .    
ويهدف هذا المشروع العملاق الى تأسيس عاصمة عالمية تمثل بؤرة للنشاط الاقتصادي في مصر، وإحداث نقلة نوعية في التنمية العمرانية، بجانب تأسيس نموذج للمدن المصرية الحديثة التي تعكس رؤية مصر للمستقبل، مع ضخ مزيد من الاستثمارات في الاقتصاد المصري، وتنشيط  القطاعات الاقتصادية ذات الصلة  بقطاع التشييد فهو قطاع تشابكي، وإيجاد حراك اقتصادي، وتوفير فرص عمل، وتخفيض معدل البطالة، وتخفيف الضغط علي القاهرة التي أصبحت تعاني من التضخم السكاني الرهيب، وتفريغ القاهرة العاصمة الحالية من التكدس والازدحام من خلال نقل الوزارات والمؤسسات الحكومية وبالتبعية آلاف العاملين والمواطنين الذين يترددون عليها بشكل يومي الي العاصمة الإدارية الجديدة، بجانب مضاعفة المعمور المصري المحصور في 7%  لاستيعاب الزيادة السكانية المقدرة 2,2 مليون نسمة سنويا، مع توفير ملايين الفرص العمل، وقف النمو العشوائي.   
وبناء عليه، فقد تم تأسيس شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية برأسمال 6 مليارات جنيه، مع توصيل المرافق للمرحلة الأولى من العاصمة الإدارية بتكلفة 4 مليارات جنيه، والقرب الانتهاء من تنفيذ وتشطيب المرحلة الأولي من الحي السكني والتي تتضمن 117 ألف وحدة سكنية، بالإضافة الي 328 فيلا، و328 تاون هاوس، وإقامة فندق الماسة كابيتال الذي يعد من أكبر وأفخم الفنادق علي مستوي العالم، ويضم واحدة من أكبر قاعات المؤتمرات حيث يستوعب أكثر من 1500 مقعد، وتنفيذ محوري محمد بن زايد الشمالي والجنوبي  لربط  القاهرة الجديدة بالعاصمة الإدارية الجديدة ، مع البدء في تنفيذ الحي الحكومي ومباني السفارات والحديقة المركزية، وبدء تنفيذ المدينة الرياضية والتي تقع علي مساحة 93 فدانا، كما بلغت نسبة تنفيذ طرق الخاصة بالعاصمة الإدارية 55%، وعمل أنفاق للبنية الأساسية لتضم جميع الشبكات الخاصة بالبنية الأساسية، وتوقيع عقد مشروع منطقة الأبراج بالعاصمة الإدارية الجديدة مع الشركة الصينية CSCEC    والمشروع يضم أعلي برج في إفريقيا بارتفاع 345 مترا، والانتهاء من هذا المشروع في 2020، مع زيادة مساحة المرحلة الأولي الي 40 ألف فدان بعد أن كان مقررا إقامتها علي مساحة 10500 فدان، في ظل زيادة طلبات المستثمرين علي الاستثمار في العاصمة الجديدة. 
 
ثامنا- قطاع الزراعة والاستزراع السمكي: لا يستهدف  المشروع القومي استصلاح واستزراع 1,5 مليون فدان فحسب، وإنما اقامة مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة من خلال تأسيس ريف مصري جديد يضم الي جانب النشاط الزراعي الصناعات المرتبطة  بالزراعة مع توفير الوحدات السكنية وجميع المرافق والخدمات الصحية والتعليمية حتي يشكل مجتمعا جاذبا للسكان يسهم كذلك في زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وإحلال الواردات محل الصادرات، وخلق آلاف من فرص العمل امام شباب مصر الطامحين لغد افضل .
ويهدف المشروع الى تحقيق الأمن الغذائي وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي، وإقامة مجتمع تنموي متكامل، يعتمد علي الزراعة كمقوم رئيسي للتنمية مع زيادة المساحة المأهولة في مصر من 6% الي 10%، وزيادة الرقعة الزراعية من 8 ملايين فدان الى 9,5 ملايين فدان بنسبة زيادة 20%، والخروج من الوادي الضيق وتخفيف التكدس السكاني من خلال تأسيس ظهير عمراني جديد، مع تعظيم الاستفادة من موارد مصر من المياه الجوفية، والعمل علي زيادة مساهمة القطاع الزراعي والصناعات ذات الصلة في الناتج القومي، ومواجهة التعديات علي أراضي الدولة والاستفادة منها، والتوسع في مشروعات المزارع السمكية لسد الفجوة الغذائية .
وقد تحققت العديد من الإنجازات في هذا المجال، منها تأسيس شركة تنمية الريف المصري الجديد في 17 فبراير 2016 برأسمال يُقدر بثمانية مليارات جنيه كمطور رئيسي لمشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان ،كما يتضمن المشروع نحو 17 موقعا في 8 محافظات، وتقع  65% من الأراضي المخصصة للمشروع  في صعيد مصر بما يعكس الاهتمام بالإقليم الأكثر احتياجا، فيما تقدر تكاليف البنية الأساسية اللازمة للمشروع (الآبار والاستصلاح) نحو 33 مليار جنيه .
وقد أطلق الرئيس السيسي في 30 /12/ 2015 إشارة البدء للمرحلة الأولي من هذا المشروع بمدينة الفرافرة، كما أعطى الرئيس في 5 مايو 2016 إشارة بدء حصاد محصول القمح في سهل بركة ضمن مشروع  المليون ونصف مليون فدان.   
 
وهناك محور مهم جدا وهو إزالة التعديات على أراضي الدولة، وكان الرئيس يهدف الى العمل على استعادة حقوق الشعب المصري في اراضيه التي تم التعدي عليها، وقد بلغ إجمالي التعديات الخاصة بالبناء التي تم حصرها 168,5 مليون متر مربع، كما بلغ إجمالي التعديات الأراضي الزراعية مليونا و930 ألف فدان، وتمت إزالة التعديات علي أراضي منافع الري، بالإضافة الى استرداد 15 الفا و395 فدانا بالمدن الجديدة منها 1200 فدان بالقاهرة الجديدة. 
  
وقد أولى الرئيس أهمية كبرى للاستزراع السمكي لسد الفجوة الغذائية، لذا فقد افتتح أكبر مزرعة سمكية في الشرق الأوسط ببركة غليون بمحافظة كفر الشيخ، حيث تم افتتاح المرحلة الأولي علي مساحة 4000 فدان والتي تضم 1395 حوض بطاقة إنتاجية تصل الى 5000 طن سنويا ووضع حجر الاساس للمرحلة الثانية على مساحة 9 آلاف فدان،  مما يسهم في تخفيض واردات الأسماك بنسبة 27% تقريبا ويضم المشروع أكبر مصنع لتجهيز الأسماك والجمبري في الشرق الأوسط، كما تم الانتهاء من مشروع الاستزراع السمكي العملاق شرق بورسعيد علي مساحة 19 الف فدان، مع رفع كفاءة البحيرات علي مستوي الجمهورية التي ستسهم أيضاً في زيادة الإنتاج من الأسماك بالإضافة الى توجه الدولة لإنشاء العديد من أحواض الاستزراع السمكي في العديد من أقاليم الدولة (سيناء – شرق بورسعيد – الإسماعيلية –البحيرات...). 
 
إن ما حدث على ارض مصر خلال 4 سنوات فقط يعد إعجازا وسيتوقف التاريخ أمامه لسنوات طويلة ليدرس شخصية الشعب المصري الذي لدية القدرة على قهر المستحيل، وما تم سرده هو كل من جزء من إنجازات شعب وحكومة ورئيس.
 
طباعة

    تعريف الكاتب

    جميل عفيفي

    جميل عفيفي

    مدير تحرير جريدة الأهرام