يقوم النظام السياسي الأمريكي في جوهره علي مبدأ "الرقابة والتوازن /Check and Balance"، حيث يقيد الدستور الأمريكي المؤسسات السياسية، عبر إعطاء غيرها صلاحيات رقابية، وفي الوقت ذاته يضمن عدم التغول في استخدام تلك الصلاحيات. فتم توزيع الاختصاصات والصلاحيات بين السلطات الثلاث (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) علي نحو لا يسمح لأي منها بالانفراد بصنع القرار. وبذلك، أصبحت العلاقة بين مؤسسات الدولة لا تقوم فقط علي الفصل بين السلطات، وإنما أقرب إلي علاقة "مؤسسات منفصلة تتقاسم السلطات.
بيد أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شهدت، مع أيامها الأولي، صداما مبكرا بين السلطات الثلاث الرئيسية داخل النظام السياسي الأمريكي. وكان ترامب ومستشاروه المقربون وراء هذا الصدام، بإصداره أوامر تنفيذية تغير في بنية المؤسسات الأمريكية بإعطاء مستشاري الرئيس سلطة تفوق التنفيذيين والخبراء، وهو الأمر الذي أحدث صداما داخل المؤسسة التنفيذية، التي يأتي علي رأسها ترامب. وقد ظهر هذا الصدام إلي العلن مع معارضة الرئيس ومستشاريه لتسميات وزيري الدفاع والخارجية لنوابهما، وسعيه إلي فرض أسماء تدين بالولاء له، ولمستشاريه، والتي رفضها الوزيران.
كما دخل الرئيس ترامب في صدام مع السلطة القضائية، بعد أن أوقفت أمره التنفيذي الخاص بمنع دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلي الأراضي الأمريكية، وكذا مع السلطة التشريعية، علي الرغم من تمتع حزب الرئيس (الحزب الجمهوري) بالأغلبية في مجلسي الكونجرس (مجلسي النواب والشيوخ)، إضافة إلي الصدام مع مجمع الاستخبارات الأمريكية، الذي يسرب لوسائل الإعلام الأمريكية اتصالات عدد من أعضاء الإدارة الأمريكية بروسيا في انتهاك القانون الأمريكي.
ولهذا، شهد الشهر الأول لترامب في الرئاسة توترات حادة مع وسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي، مما دفع السيناتور جون ماكين، المرشح الجمهوري الأسبق للانتخابات الرئاسية لعام 2008، ورئيس لجنة الخدمات العسكرية بمجلس الشيوخ، إلي التصريح بأن إدارة ترامب "في حالة اضطراب". واعترف بذلك وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، خلال أول زيارة له إلي منطقة الشرق الأوسط، غير أنه استدرك قائلا إنها "لا تؤثر في أداء الجيش الأمريكي". (للمزيد طالع المجلة)