عن المذهبية في حرب اليمن..
22-4-2015

طلال سلمان
*
فى بيروت، وانطلاقا منها، يمكن فك بعض رموز الشيفرة تمهيدا لقراءة مختلفة لهذه الحرب المباغتة التى أطلقتها المملكة العربية السعودية على اليمن بعنوان «الحوثيين»، بتهمة الخروج على الشرعية والإعداد لانقلاب يوصلهم إلى السلطة بدعم مباشر من إيران.
 
ففى بيروت لا حاجة للتمويه والمداراة، لأن المستنقع الطوائفى مفتوح فيها لرياح الحرب الأهلية العربية (والدولية ضمنا) منذ أربعين عاما على الأقل، وفيها وعبرها تتوفر ترجمة مختلفة للحرب فى سوريا وعليها، وللحرب فى العراق وعليه، ولسائر الأحداث والتوترات السياسية فى سائر أنحاء المشرق العربى، وبينها البحرين وصولا إلى اليمن.
 
فى بيروت وعبرها يمكن طمس السياسة أو نزعها عن هوية التفجيرات والصدامات الأهلية التى جرت العادة على تسميتها «الأحداث المؤسفة»، والإعلان عن حروب طائفية، كانت فى بداياتها ونتيجة لثقل العامل الفلسطينى فيها ـ «حربا» بين المسلمين والمسيحيين، لتنتهى إلى معارك متقطعة بين المسلمين أنفسهم، سنة وشيعة.. وإن ظل غلافها السياسى صامدا نتيجة لعوامل عديدة، بينها الحروب الإسرائيلية المتكررة وثقل «العدو القومى» للعرب فى قلب خريطة الصراع بين أطرافها الذين كانوا موحدين فانقسموا متباعدين إلى حدود الفتنة.. خصوصا مع استدعاء إيران أو قدومها من دون دعوة تحت راية الجهاد المقدس من أجل فلسطين، ولعبها دورا مؤثرا كان فى الأصل ـ وعلى مدى التاريخ الحديث ـ من حق مصر، ثم خلفتها فيه سوريا ـ بالاضطرار كما بالرغبة ـ بعد معاهدة الصلح التى أخرجت مصر من قلب الصراع العربى ـ الإسرائيلى، وتسببت ـ بنسبة أو بأخرى ـ فى خلخلة الاطمئنان إلى رسوخ الهوية العربية، مانعة الانزلاق إلى مستنقع الطوائف والمذاهب والحرب الأهلية.
 
على هذا، لم تتأخر بيروت عن كشف الهوية الفعلية أو المضمرة لهذه الحرب التى باشرت المملكة العربية السعودية ـ ومعها بالضرورة مجلس التعاون الخليجى ـ فى ما عدا سلطنة عمان ـ شنها على اليمن باسم «عاصفة الحزم» مستعيدة مقطعا من أهزوجة نظمها مؤسس المملكة عبدالعزيز آل سعود فى حروبه ضد خصومه (من المسلمين السنة) الذين كانوا ينازعونه حقه فى حكم المملكة المذهبة.. فالسلطة أقوى من الدين غالبا.
 
------------------------
* نقلا عن الشروق المصرية، الأربعاء، 22/4/2015

رابط دائم: