أوكرانيا والدعم الأميركي
22-4-2014

نيكولاس كريستوف
*
ذاق الشعب الأوكراني على مدى عقود مرارة الجوع والقهر والخوف على أيدي الروس، وفي ظل التحريض الروسي الراهن على عدم الاستقرار الذي قد يؤدي إلى الغزو وتقطيع أوصال شرق أوكرانيا، يقول كثير من الأوكرانيين الشجعان هنا إنهم يدركون ذلك وإنهم على استعداد «للذهاب لصيد الدب»، إذا ما تمكنوا من تسليح أنفسهم.
 
وقد سألني متظاهر سابق يحدوه الأمل في ساحة الاستقلال في كييف، بين مجموعة من الحواجز المحترقة التي شهدت مقتل الكثير من الأوكرانيين خلال سعيهم لإسقاط حاكم فاسد في بداية العام الحالي: «هل هناك إمكانية لتوفير بعض المدافع الرشاشة أو بنادق القنص»؟
 
وأوضحت له أنني لا أملك أيا منهما. وفي اليوم التالي، عندما طلب مني شخص يزعم أنه قائد للثوار أسلحة لمحاربة الغزاة الروس، أشرت إلى المسدس في حزامه وقلت له إنك أفضل استعدادا مما أنا عليه.
 
ضحك الرجل بأسى، وسحب المسدس ليبدو أنه مسدس غير حقيقي. وقال بازدراء «إنه لعبة طفل، ونحن لدينا واحد فقط من هذه لكل 10 رجال».
 
كانت هذه لمحات من المزاج العام في أوكرانيا في هذه الأيام. ويبدو واضحا أن الناس يشعرون بخيبة أمل بعض الشيء في أن الولايات المتحدة وأوروبا لم تكونا أكثر دعما لهم، ويشعرون بالمهانة من أن حكومتهم لم تفعل شيئا يذكر لمواجهة المتشددين المدعومين من روسيا.
 
عادة ما يكون هناك قدر كبير من اللون الرمادي في الشؤون الدولية، لكن ما يحدث في أوكرانيا هو أسود وأبيض.
 
وقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن أوكرانيا على شفير حرب أهلية، لكن الفوضى في المدن الشرقية كانت صنيعته، بإرساله المحرضين عبر الحدود. ولم يتضح بعد عدد عملاء الأمن الروس في الشرق والأوكرانيين الذين يريدون البقاء ضمن الفلك الروسي، لكن الواضح أن هناك كثيرا من كلا الفريقين. ويشير الأوكرانيون إلى أن السكان المحليين المفترضين المؤيدين لروسيا يبدون في بعض الأحيان غير معتادين على الشوارع المحلية.
 
وقد برز بوتين مدافعا عظيما عن حقوق الناطقين بالروسية في كل مكان - إلا في المكان الذي تتعرض فيه معظم حقوقهم للخطر، ألا وهو روسيا نفسها.
 
وفي الوقت نفسه، بلغت الدعاية الروسية نفس مبلغ الدعاية الكورية الشمالية تقريبا؛ فبوتين يدير ظهره للعالم ويتمسك بالإنكار الذي يستعصي على التصديق.
 
كان السبب في شعور الأوكرانيين، الذين ثاروا طمعا في السير على خطى الغرب، هو أن الغرب لم يبادلهم الحب. فأوروبا تخشى من أن فرض عقوبات على روسيا إلى الإضرار بالمصالح التجارية معها، وحتى إدارة أوباما كانت حذرة ورفضت تقديم المساعدة العسكرية (باستثناء وجبات الطعام العسكرية).
 
مخاوف الرئيس أوباما بشأن استفزاز بوتين مفهومة، وأنا لا أتفق مع أولئك الجمهوريين الذين يزعمون أن بوتين في حالة من الهياج بسبب ضعف السياسة الخارجية لأوباما. لكنني أعتقد أن البيت الأبيض يمكن أن يقوم بما هو أكثر من ذلك - عبر الشحنات العسكرية، والمساعدات المالية، والعقوبات الاقتصادية والدعم المعنوي - للوقوف إلى جانب الأوكرانيين. وقد كانت زيارة جو بايدن نائب الرئيس إلى أوكرانيا لإظهار الدعم خطوة لاقت ترحيبا لافتا.
 
ويقول إيغور غروسول، بائع متجول: «أنا أفهم إحجام الولايات المتحدة، فإذا وقعت حرب بين أميركا وروسيا، قد تكون الحرب الأخيرة التي يمكن أن يشهدها العالم».
 
لكن غروسول، الذي دخل المستشفى في الكفاح من أجل إسقاط النظام القديم، لا يزال يود أن يرى أميركا أكثر مشاركة. ورغم كونه أحد الناطقين باللغة الروسية إلا أنه بدا ساخطا إزاء التقارير التي تقول إن معظم الناطقين بالروسية موالون لروسيا.
 
الواضح أن بعض الأوكرانيين الناطقين بالروسية يريدون قدرا أكبر من الحكم الذاتي لمناطقهم، وهو ما ينبغي لأوكرانيا أن تمنحهم إياه. لكن غروسول يقول إن معظم الناس في مدينته، ميكولايف، ناطقون باللغة الروسية وتحولوا ضد موسكو بسبب الاستيلاء على شبه جزيرة القرم والدعاية الهستيرية المعادية لأوكرانيا.
 
إن هؤلاء الأشخاص لا يملكون الكثير، لكنهم يملكون العاطفة. وينبغي علينا المزيد لدعمهم.
 
-------------------
نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية، الثلاثاء، 22/4/2014.

رابط دائم: