السودان.. ماذا يدور في الدهاليز؟
9-3-2014

عبدالله عبيد حسن
* رئيس الجالية السودانية بتورونتو.
أعلن «ثابو مبيكي» الوسيط المكلف برعاية المفاوضات بين وفدي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في أديس أبابا أن المفاوضات قد أوقفت لمدة عشرة أيام باقتراح منه يعود الوفدان خلالها إلى قيادات حزبيهما بما طرحه عليهم الوسيط.. ويرى «مبيكي» أن اقتراحه، الذي لم يعلن تفاصيله، سيوفر جواً ووقتاً للمفاوضات الصعبة التي فشل في إقناع الطرفين بالتوافق على أجندتها على رغم سعيه الحثيث بينهما، كل على حدة.. وقد كرر القول إن الوقت والأوضاع الإنسانية التي يعاني منها السكان تلزم الطرفين بالتوصل إلى اتفاق يمكن الأمم المتحدة والوكالات والهيئات الدولية المعنية من إيصال المعونات الإنسانية التي تشتمل على الغذاء والدواء والملابس.
 
وقد حرص وفدا المفاوضات على عدم الخوض في مقترح الوسيط الذي حملاه إلى حزبيهما.. ومع ذلك فقد تسربت معلومات مفادها أن الاقتراح يحقق خطوة ستفتح الطريق إلى خطوات أخرى، فهو يقترح أن يتفق الطرفان على فتح ممرات آمنة تمكن العاملين في الإغاثة من إيصالها وتوزيعها على مستحقيها، وهو الأمر الذي يرى المؤتمر الوطني أنه مطلوب ولكن الحكومة سبقت هذه المفاوضات بطرد العديد من منظمات الإغاثة العاملة في السودان متهمة بعضها بالتجسس لحساب الإمبريالية، واستخدام المعونات والوجود في السودان لنشر أكاذيب عنه واتهام السلطة بانتهاك حقوق الإنسان... إلخ، وهي لذلك تطالب بتسليم أمر توزيع المعونات الإنسانية لأجهزتها المحلية.. وبرغم هذا فإن الأرجح هو أن توافق السلطة (المؤتمر الوطني وحكومته) على فتح ممرات آمنة محروسة بالقوات الأفريقية والأممية.
 
وبالنسبة للحركة الشعبية فهي تقول إنها ترى دائماً أن المتضرر الأول من الحصار ومنع وصول المعونات الإنسانية هم السكان المدنيون وإنها قد اقترحت في ورقة الحل الشامل للأزمة السودانية أن يصحب اتفاق فتح الممرات الآمنة اتفاقٌ على وقف إطلاق النار، وهي خطوة مكملة لاتفاق الممرات الآمنة.. وفي المعلومات المسربة فإن مقترح مبيكي يدور حول هذا الاقتراح، ولكنه لا يتقدم خطوة أخرى تحقق الاتفاق بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على أجندة للمفاوضات تقود إلى اتفاق ينهي المواجهة التي تدور الآن ليس في جنوب كردفان فحسب، بل إنها ممتدة إلى أقاليم أخرى فعلاً وأخرى مرشحة للتصعيد.
 
وفي الخرطوم التي عاد إليها وفد حزب المؤتمر الوطني برئاسة إبراهيم غندور يدور حراك واسع.. فقد أعلن على لسان إبراهيم السنوسي (نائب الترابي) أن هذا الأخير «قد عفا عن كل ما سلف، وكذلك فعل هو شخصياً. وأن المهم الآن هو توحيد الصف» في مواجهة الأخطار التي تحيط بالوطن.. وعلى هذا الطريق التقى علي عثمان طه بالسنوسي وحدث اتفاق تام بينهما على ضرورة «توحيد الصف»، وأن الأول قد طلب أن يلتقي الترابي، وتذهب المصادر العليمة في الخرطوم إلى أن الترابي يتحرك الآن حراكاً محموماً داخلياً وخارجياً ليستعيد مكانته السابقة كزعيم ومفكر أوحد، وهو في هذا السبيل يمتن علاقته بالرئيس البشير.
 
وقد تكون في خطط وأحلام الترابي العودة بحزبه إلى أيام مضت تسلم فيها سلطة الحكم وحقق فيها شهوة الشهرة، ولكن موضوعياً لا يمكن لفرد مهما بلغ من الذكاء وبراعة التكتيك السياسي أن يعود بعجلة التاريخ إلى الوراء.. فجماعة «الإخوان المسلمين» التي بناها وفصلها على مقاسه لم يعد لها مكان اليوم في السودان.. والحضور الذي تمتعت به في ذلك الزمن الماضي قد انطفأ وانكشف أمرها. والجماعة ولم يعد أحد سوى أعضائها البؤساء يعتقد أنها تستطيع الاستمرار. ومحاولات الرتق والترقيع لإعادة الحياة للجماعة التي ترعاها (دول أجنبية ودولة عربية معروفة) لن تنجح، وقد فشلت في مصر وتونس وستفشل في السودان.. وقد خبر السودانيون ومعهم العالم واكتوى بنار حكم «الإخوان المسلمين» وقد أورثوا وطنهم الفقر وشعبهم الجوع، وعداوة العالم العربي.. وقد تصدعت الجماعة وتمزقت صفوفها وأوشكت على الغرق سفينتها والمثل يقول «الأيام دول».
 
-----------------------------
نقلا عن الاتحاد الإماراتية، الأحد، 9/3/2014.

رابط دائم: