قيادة مصرية ناجحة للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية
18-11-2025

عائشة غنيمي
* خبير اقتصادي ومسئول برامج وعلاقات دولية

تحت رعاية فخامة رئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي، افتتحالدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشريةPHDC’25، الذي عُقد بالعاصمة الإدارية الجديدة خلال الفترة من 12 إلى 15 نوفمبر 2025. الأمر الذي يؤكد على دور الدولة المصرية المحوري دبلوماسيًا وسياسيًا على الساحة الإقليمية والدولية، هذا إلى جانب التزام الدولة المصرية بتعزيز الشراكات الدولية في مجال التنمية البشرية المُستدامة. إذ يشكل المؤتمر خطوة رائدة في خلق مزيد من الفرص لعقد استثمارات مشتركة في البحث والابتكار، وتمويل الرعاية الصحية حيث تجسد الصحة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.

ويأتي ذلك في ضوء الأولوية الأولى التي توليها القيادة السياسية للاستثمار في البشر وضمان جودة بناء الإنسان، حيث تمثل الرعاية الصحية حجر أساس لضمان تحقيق التنمية البشرية المستدامة، إذ تزخر الدولة المصرية بثروة بشرية هائلة يشكل منها60% من الشباب. وتجسد المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، نموذجًا رائدًا لكونها استراتيجية موحدة تجمع بين الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية بهدف تمكين المواطن وتحسين جودة الحياة.

وتجدر الإشارة إلى أن الدولة المصرية قد حققت إنجازات وطنية عديدة في مجال الصحة العامة وبناء الإنسان، وذلك من خلال إطلاق استراتيجيات وطنية متكاملة ومبادرات رئاسية تستهدف توسيع نطاق تغطية الخدمات الصحية والقضاء على الفجوات بين القري، والمحافظات، والمراكز لضمان عدالة توزيع خدمات الرعاية الصحية وتيسير وصولها لكل مواطن. ومن بين هذه المبادرات: مبادرة "100 مليون صحة" التي حققت تقديم خدمات صحية شاملة لأكثر من 95% من السكان، وأدت إلى خفض معدلات وفيات الرضع بنسبة 30%، بالإضافة إلى الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030، التي تعمل على إحداث توازن بين الخصائص السكانية الإيجابية وتعزيز جودة الحياة، مع التركيز على تمكين الشباب من خلال المهارات الرقمية والتعليم مدى الحياة.

هذا إلى جانب المشروع القومي للتنمية البشرية والمبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير قرى الريف المصري في دمج قطاعات الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية.

وفي هذا الصدد، فا يقتصر اهتمام الدولة المصرية على تقديم خدمات الرعاية الصحية فحسب، بل النهوض بعملية تحسين الجودة الصحية الشاملة، وتتوافق رؤى القيادات السياسية العالمية على جودة الحياة والتي يتم تعظيمها من خلال الاستثمار في تحسين الجودة للخدمات الصحية المقدمة للبشرية. مما يعزز من الأمن الجماعي الدولي. وعليه يأتي شعار المؤتمر تحت عنوان "تمكين الأفراد.. تعزيز التقدم.. إتاحة الفرص"، والتركيز على موضوع رئيسي هو "الاستثمار في الرعاية الصحية: حجر الأساس للتنمية البشرية المستدامة"، وعُقد المؤتمر في خضم التحديات السكانية والصحية والاقتصادية عالميًا وإقليميًا،الأمر الذي يُحتم تضافر الجهود الدولية لبناء منظومات متكاملة تستهدف الاستثمار في البشر كأولوية تنموية. وفي هذا الصدد تميزت محاور الموضوعات التي ناقشها المؤتمر بتكاملها التي تعكس رؤية شاملة للتنمية البشرية، وتضع أولوية جودة بناء الإنسان في صميم السياسات العامة للدول، شملت تلك المحاور القضايا الصحية العالمية من خلال إعداد وتنفيذ سياسات عامة تتميز بالعدالة من حيث ضمان تحسين جودة الحياة للجميع، والقضاء على الفجوات التي تحول دون تحقيق التغطية الصحية الشاملة، فضلًا عن وضع آليات متنوعة ومختلفة لتحسين التمويل والحوكمة والقوى العاملة الصحية.

هذا إلى جانب التطرق إلى أهمية دور اقتصاد الرعاية والتنمية الشاملة، من خلال تسليط الضوء على القيمة المضافة الاقتصادية والاجتماعية لتشغيل خدمات الرعاية الصحية، ودعم مشاركة المرأة وتمكينها كركيزة للنمو المستدام، وكذلك الحماية الاجتماعية والعدالة الاقتصادية عبر تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وتوسيع الوصول لخدمات الرعاية الصحية وتعظيم الفرص العادلة، مما يسهم في القضاء على الفقر المتعدد الأبعاد، ويحقق الرفاهة الاقتصادية والاجتماعية للشعوب على المديين المتوسط الطويل.

وتشكل استضافة مصر للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية في نسخته الثالثة نجاحًا رائدة في خلق منصة عالمية رائدة للابتكار والتغيير، إذ جمع محفل المؤتمر على أرض الدولة المصرية نخبة من القادة العالميين، وصناع السياسات، والخبراء الدوليين، ورواد الابتكار، وممثلي منظمات أممية ومؤسسات مالية عالمية، ووفود عربية وأجنبية، وشركات تكنولوجية متخصصة في التحول الرقمي الصحي، بما يعكس الطابع الدولي للمؤتمر ودوره في خلق منصة تدعم الحوار والشراكات لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال بحث التحديات والفرص في مجالات الصحة الشاملة، والديناميكيات السكانية، والهجرة، والسياحة الصحية، وتمكين الشباب، والتعليم، والذكاء الاصطناعي، واقتصاد الرعاية الصحية، وذلك من أجل وضع رؤى وسياسات مستدامة تعزز الكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية الشاملة، بما يتوافق مع استراتيجية الدولة المصرية للتنمية البشرية، مع تضافر جهود الدولة المصرية لتحقيق الاستغلال الأمثل لجميع الإمكانات والموارد المتاحة للدولة وتعظيم الاستفادة منها.

أخيرًا وليس أخرًا، فعلى مدار أيام انعقاد المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية الثلاثة حقق نجاحًا متميزًا بحضور عالمي، ومحلي، وإقليمي كبير ليصبح المؤتمر حديثًا للإعلام الدولي، مما يؤكد على ثقل الدور المصري ومكانة الدولة المصرية في المحافل الدولية المعنية بقضايا الإنسان والتنمية المستدامة .ويجسد القوى السياسية والدبلوماسية كدولة محورية قادرة على قيادة الحوار العالمي حول تحقيق التنمية المستدامة الشاملة، متضمنة التنمية البشرية وتعزيز دور القطاع الصحي ليصبح محركا فعالا للنمو الاحتوائي والتنمية المستدامة، وتقديم رؤية الدولة المصرية كرؤية متكاملة تركز على الاستثمار في الصحة كأحد أهم الركائز الأساسية لبناء الإنسان في الجمهورية الجديدة، يتمتع بجودة حياة شاملة ومتكاملة تتسم بالعدالة وتكافؤ الفرص تعظم من الاستغلال الأمثل لموارد وإمكانيات الدولة.

 


رابط دائم: