
2-الخلايا الكامنة غير المتصلة: وهي مجموعات غير مترابطة، وأفراد مجندين، عن طريق استغلال العاطفة، والمناخ الموجود في الدولة، والذي يدفع كله في اتجاه العنف، سواء عبر الممارسات السياسية الخاطئة، أو عبر الممارسات الأمنية الأشد خطئاً، أو الملفات السياسية،وهناك خلط كبير بين الذئاب المنفردة والخلايا الإرهابية الكامنة، وهما شكلان مختلفان تماماً، فالخلايا النائمة هي خلايا تنظيمية إما مرتبطة بالتنظيم ويتم تدريبها ودعمها بالأموال والدعم اللوجستي والأوكار وكافة أشكال الدعم، وتُزرع في بلد ما لفترة غير محددة حتى تتبدد الشكوك من حولها تماماً، ثم في لحظة ما تصدر لها الأوامر بتنفيذ عمليات محددة بتوقيتات وأهداف لا تحيد عنها، وإما غير متصلة وهي لا تعمل بشكل تنظيمي، ولا يوجد بينها رابط فكري، ولا تعلن عن نفسها تنظيميا، حيث تظهر في صورة مجموعات صغيرة، وتعقد اجتماعاتها بشكل منظم، وتعد الأكثر خطراً؛ لأنها يسهل تنشيطها للعمل المسلح ودفعها لتنفيذ عمليات جهادية بمجرد وجود فكرة دافعة أو توافر التمويل أو التدريب؛ وبالتالي يمكن استغلالها بسهولة عن طريق الدعاية والدعوات في تنفيذ عمليات ضد أي أهداف، وأما الذئب المنفرد فهو عنصر يعمل بشكل فردي غير متصل بالتنظيم.
3-الخلايا الكامنة العشوائية: وهي مجموعات كامنة متوالدة عن طريق الانقسامات التي تحدث كل حين بين التيارات المختلفة، والتي تؤدي لتوالدها بأشكال جديدة، بنفس الفقه الجهادي، ودون محيط تنظيمي، وهي تتألف من عناصر تنطوي على العقيدة التي تُعد حجر الأساس لوجودها، ويحوّلها التشرذم إلى خلايا سرية راقدة، عبر فكرة جهادية (والفكرة هي الأساس في استراتيجية الجهاد، وبعدها تأتى بيعة الفرد للتنظيم، ليكون عضواً في خلية أو سرية، ليست بالضرورة أن تكون علنية، وبعدها يتم ربط كل أطياف الخلايا والسرايا والجماعات بـ3 روابط، هي الاسم المشترك والبيعة، والعقيدة المشتركة، والهدف المشترك، عن طريق نشر فكر الجهاد المسلح، وتعبئة الشباب، وتوجيههم إلى ضرب الأهداف المعادية، وذلك لتحقيق المردود السياسي والهدف، ثم إرشاد الشباب إلى أن تعد كل مجموعة نفسها بنفسها، على ما يلزم من العمل العسكري، بدءاً من أساليب المقاومة الشعبية وانتهاءً بالعمليات الاستراتيجية المعقدة، ومروراً بكل أشكال ومستويات عمليات العصابات سواء كانت في المدن أو الأرياف)[10].
الخلاصة:
يتبين لنا من خلال ما تم طرحه، إن التنظيمات يمكن أن تكون على شكل هرمي، أو ذات بنية شبكية، ليس لها رأس تنظيمي محدد ولا هيكل واضح للقيادة والمسئولية، لكن لها قائد موحّد في النهاية، وحتى تكون فعّالة، تتطلب فكرة موحدة، واهتماما وهدفا أو أيديولوجية، وهذا ما عمل عليه "تنظيم الدولة" بالفعل.
كما أن هناك طريقة حركية موحّدة لتشكيل الخلايا، وكذلك أشكال متبعة لتكتيكات عمل هذه الخلايا، وكل ذلك يكون في البداية لأن (العمل الاستراتيجي للتنظيم) يكون سابقا للفكر التنظيري، لكن الأخير هو العمود الفقري لتشكيل الخلايا.
إن الخلايا الداعشية لم تعد مختلفة التوجهات الفكرية، إذ تم حسم هذه الأمور، وقد نجحت القيادة في جمعها على قضايا محددة، لأن الهدف هو تكوين قوة عبر مجموعات منفصلة ومتصلة، وهذا التكوين لن يتم إلا بتشكيلها وتربيتها على أفكار محددة، وهذا يأتي بالعمل السري، وأما العلني فهو المعني فقط بنشر الأفكار والتأثير الإعلامي العام، ومن خلال السرية يتم تشكيل أجنحة للعمل العسكري.
ومن أهم أوجه الخطورة في تلك الخلايا:
1- اختلاف دوافعها يؤدي إلى تعاظم أعداد المستقطبين وعدم الوصول إليهم بسهولة، مثال خلايا النساء، اللاتي يهربن من حالة التهميش الذى تعيشه بعض الفتيات العربيات، ما يؤدي لوجود خلايا خطيرة تتنوع مهامها بداية من دعم الأزواج وتربية جيل جديد من المتطرفين إلى مجال الدعاية والترويج لأفكار التنظيمات الإرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو تنفيذ عمليات إرهابية، أو الاضطلاع بأدوار أخرى مثل توفير الدعم اللوجيستي أو المالي أو توصيل الأسلحة والمعدات وإخفائها لاسيما فى ظل إمكانية مرور المرأة من الأكمنة والارتكازات الأمنية دون تعرضها للتفتيش[11].
2-تشكيل شبكات جهادية غير معروفة، لأن الخلية الكامنة المتصلة تستطيع الحفاظ على استمرار التواصل المنتظم وتبادل المعلومات فى إطار عمل يهدف إلى الحفاظ على الكيان وانتشار الأفكار وتداولها والترويج لها، وتربية جيل غير معروف الملفات لدى الأجهزة الأمنية المختلفة، إذ إنهم يمكن أن يحملوا أفكارا للتنظيمات الإرهابية سرياً ويضمنون عدم اندثار الفكر الإرهابي مع الزمن[12].
3-صناعة جماعات موازية غير معروفة أمنياً، وبالتالي إيجاد جماعات إرهابية حسب الطلب، وحسب الحاجة، وحسب المهمة، وبالمواصفات.
4-(إمكانية قيام الكامنين المتصلين بقادة التنظيم بدور التنسيق، حيث يمكنهم الاحتفاظ بروابط تنظيمية، وقنوات اتصال وركائز كتوفير الدعم اللوجيستى أو المادي، أو استقبال وإيواء بعض الكوادر دون أن يعرفهم أحد)[13].
وفي النهاية، فإن النماذج التفسيرية لعمليات تنظيم داعش الإرهابية تكشف عن تحولات عميقة على صعيد الممارسة الحركية عبر صناعة أفق جديدة من العوالم الجهادية، وتدشين جيل ثالث من الجهاديين أكثر خطورة ومعرفة ودراية يصعب تتبع مساراته ومآلاته"[14].
المراجع:
[1]محمد جمعة، الجماعات الإرهابية الجديدة، العدد 259 كراسات استراتيجية، مركز الأهرام للدراسات، 2015، صــ5.
[2]أصدر التنظيم فيديو (أرض الله الواسعة)، أعلن فيه بشكل صريح عن انتشاره في أفغانستان، وأشار لخطته لدعشنةآسيا الوسطى كلها، وتعقيد أزمة هذه المنطقة، وأوضح خطته الجديدة للاستنزاف https://archive.org/details/T-ardallahwaseah
[3]قوات النخبة، هي الموجودة في سوريا والعراق، وهي من منتقاة بعناية، ومسؤول عنها بشكل مباشر، مسؤول المجلس العسكري للتنظيم، الولايات البعيدة: هم مجموعات نوعية مسلحة، موجودة في أماكن بها نفوذ للتنظيم، ويشرف على عملها مسؤول جناح العمليات الخارجي. والذئاب المنفردة: هم أفراد يؤمنون بجل أفكار التنظيم، لكنهم يعملون بشكل فردي دون اتصال مباشر، وقد عبرت النبأ عنهم بقولها: إن كل عضو في التنظيم يجب أن يمثل جيشا، وهم الجنود التائهة داخل المدن والمراكز الحيوية، ويرتبطون أيديولوجيا بالتنظيم الأم، ويكونون مستعدين للتحرك بصورة منفردة، لتكوين خلايا نائمة، وتنفيذ عمليات ارهابية بصورة منفردة مستغلين امكانيات بسيطة، لإحداث ضجة اعلامية، وتحقيق أهداف تخدم التنظيم بصورة أكبر بالاضافة الى التأثير على الروح المعنوية للأنظمة الموجودة في المنطقة. راجع حقيبة المجاهد، صناعة الذئاب المنفردة، https://archive.org/details/himail125
[4]صحيفة النبأ الأسبوعية، وكالة الحياة للإعلام، العدد 254.
[6]العائدون من داعش، التصنيف، المخاطر، الإدماج، مركز الإمارات للسياسات، 20 أكتوبر 2020.
https://epc.ae/ar/topic/the-returnees-of-daesh-classification-risks-and-integration
[7]العقيد حسان عبد العزيز، أساليب داعش، المركز الأوربي، 7 أغسطس 2018. https://cutt.us/x0PLJ
[8]الخلايا النائمة والتنظيم الخيطي، مجلة المجلة، عدد 30 أغسطس 2016.
https://cutt.us/cbnzO
[9]أبو مصعب السوري (مصطفى ست مريم)، دعوة المقاومة الإسلامية، منشورات التوحيد والجهاد، ص133.
[10]أبو عبيدة البنشيري (علي الرشيدي، أحد مؤسسي تنظيم القاعدة)، كتاب حرب العصابات، منشورات التوحيد والجهاد، صــ34.
[11]عقيد عمرو الخولي، (العائدون من داعش) رسالة ماجستير، كلية الدفاع الوطني أكاديمية الشرطة المصري، 2020.
[13]حسن ابو هنية، البناء الهيكلي لتنظيم الدولة، الجزيرة للدراسات، 23 نوفمبر 2014.
https://studies.aljazeera.net/ar/files/isil/2014/11/2014112363816513973.html
[14]القاعدة والجهاد الإلكتروني، حسن أبو هنية، موقع السكينة:
http://www.assakina.com/center/files/12842.html#ixzz3LabfnRLx