أطفال غزة بين رحايا العدوان والصمت الدولى
22-5-2025

المستشارة/ دينا المقدم
* عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

نحن أطفال فلسطين لا نكبر..

نحن في أية لحظة يمكن أن نصاب..

يمكن أن نموت..

ونحن نمشي قد نقتل في أي لحظة..

تواجه الطفولة فى غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة  فى إعلان واضح  أن   المحتل لم يعرف يومًا لحقوق الإنسان وحقوق الأطفال والقوانين الدولية سبيلا، ولم تردعه عن أعماله الإجرامية، حتى كتبه الدينية.

تشكل الانتهاكات الإسرائيلية ضد أطفال غزة نموذجاً صارخاً للإبادة الجماعية التي تتم تحت سمع وبصر العالم. فمنذ أكتوبر ٢٠٢٣. وأطفال فلسطين يواجهون انتهاكات جسيمة متعمدة من تجويع منهجي، ومن تهجير قسري إلى حرمان من التعليم والرعاية الصحية..إلخ، ما يعنى أنطفولة كاملة تتعرض في غزة لآلة دمار لا ترحم.

إن حماية أطفال غزة  ليست خيارًا  بل التزامًا قانونيًا يُحاسب عليه الجميع، أرواح هذه الأطفال ستطارد كل صامت ومتواطئ  وعاجز وخائن .. ذنب لن يغفره الله ولن تغفره الضمائر.

ما يحدث في غزة واحد من أسوأ اختبارات التزام المجتمع الدولي بالقانون، لأن التوثيق والمحاسبة ليسا خيارًا، بل واجب لإيقاف مهزلة إنسانية أسوأ مما تعرض له اليهود على يد هتلر. إن إسرائيل تعانى من متلازمة هتلر وكأنها قررت الانتقام،  ولكن تنتقم من من؟!

أطفال عزل ! رضع ! هذا جنون، وعليها أن تحاول علاج أمراضها النفسية التى ورثتها منذ عقود.

أبدا لن تنعم بالسلام فى المنطقة، ما دامت تجرأت وارتكبت جرائم فى حق أطفالنا، لا مبرر نهائى لوحشية إسرائيل سوى أنها تعانى من الدموية وأى حديث عن السلام ورغبتهم فيه عبث، ولا يعول عليه.

فما يتعرض له أطفال غزة اليوم، يُصنّفه القانون الدولي بأنها انتهاكات جسيمة، تشمل جرائم حرب طبقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فى مادته الثانية، وأنها جرائم ضد الإنسانية إذا كانت منهجية ومُنتظمة فى مادته السابعة، وأنها انتهاك لحماية الأطفال بموجب اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولها الاختياري الخاص بالنزاعات المسلحة.

إن استهداف الأطفال عمدا يصنف كجريمة حرب في النزاعات المسلحة، وفقًا للمادة 8(2)(b)(i) من نظام روما، خاصة إذا كان الهجوم مُباشرًا على مدنيين كما تفعل إسرائيل كل يوم على مسمع ومرأى من العالم العاجز الصامت.

إن استخدام أسلحة غير مُتكافئة، مثل القصف العشوائي، فى انتهاك مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين أيضا يعد جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولى.

تنتهك إسرائيل كل المواثيق الدولية لحماية الأطفال، مثل اتفاقية حقوق الطفل (1989)، وبروتوكولها الاختياري الخاص بالنزاعات المسلحة، واتفاقيات جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكول الإضافي الأول عام 1977 (حماية المدنيين والأطفال). والقانون العرفي الدولي يُجرّم تجنيد الأطفال أو حرمانهم من الغذاء والدواء. كما يعد استهداف المدارس والملاجئ انتهاكًا مزدوجًا، وفقا للمادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة (حماية المباني المدنية)، وانتهاك لحق الطفل في  التعليم (المادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل) والحياة الآمنة، وتعد جريمة مضاعفة إذا استُخدمت المدارس كملاجئ (حماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني).

بناء على ذلك؛ فإن دولة الاحتلال تعاقب قانونًا من خلال المحكمة الجنائية الدولية التي أجرت تحقيقًا في فلسطين منذ 2021 (بموجب الاختصاص الإقليمي)، ومن خلال محكمة العدل الدولية لمحاكمة الدول (مثل قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل2024 )، والاختصاص العالمي، مثل محاكم وطنية في دول أخرى (إسبانيا أو ألمانيا) بناءً على مبدأ الاختصاص العالمي لجرائم الحرب.

وليست هذه المحاكمة الأولى  لدول ارتكبت جرائم حرب ضد الأطفال، فقد سبق إدانة قادة لاستهداف الأطفال في البوسنة، فى محكمة يوغوسلافيا السابقة، وكذلك محكمة رواندا بتهمة الإبادة الجماعية ضد أطفال التوتسي، والمحكمة الجنائية الدولية  فى مقاضاة "جوزيف كوني" (زعيم جيش الرب) بتهمة تجنيد الأطفال.

جميعها، محاكمات سابقة لمعاقبة كل مرتكب لجرائم الحرب ضد الأطفال، وإن أردنا أدلة وإثبات رغم أن الانتهاكات معلنة فتوثيق شهادات الأطفال، تعتبر  أدلة أولية في المحاكمات (مثل محكمة نورمبرج بعد الحرب العالمية الثانية). وتُساعد في إثبات  سوء النية والقصد الجنائى. كما أن تحويل المعاناة إلى أدلة قانونية، مثل التوثيق الطبي من خلال تقارير إصابات توضح استخدام أسلحة محظورة (مثل الفوسفور الأبيض). أيضا، تظهر الصور والأقمار الصناعية تدمير البنية التحتية (المدارس، المستشفيات). وتظهر الإحصاءات حول أعداد الضحايا من الأطفال تُظهر النمطية المنهجية للهجمات، وطبعا جميعها موثق بالصوت والصورة.

 كما أن حرمان الطفل من التعليم يُعد انتهاكًا للقوانين الدولية والإنسانية، كما يلى:

- المادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل.

- القانون الدولي الإنساني (تدمير المدارس يُحظر إلا إذا كانت أهدافًا عسكرية).

كم أن حق الطفل في الرعاية الطبية والنفسية مكفول بموجب:

- المادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل.

- اتفاقيات جنيف لتوفير المساعدات الإنسانية من دون عوائق.

كما أن استهداف الطفل مرتين هو انتهاك متعدد يُشدد العقوبة، خاصة إذا ترتب عليه:

- معاناة ممتدة، مثل إعاقة دائمة بسبب منع العلاج، فهذا انتهاك مبدأ التناسب في القانون الدولي الإنساني.

والسؤال الآن: هل الضغط القانوني يُحدث فرقًا؟

 الإجابة نعم عبر:

- إدانة بقرار  (مثل قرارات الأمم المتحدة).

- عقوبات اقتصادية (مثل مقاطعة دولية).

- محاكمات تاريخية (كما حدث مع مجرمي الحرب في البوسنة).

ختامًا:

تشهد غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث يتعرض الأطفال الفلسطينيون لانتهاكات منهجية وفقاً للقانون الدولي، وتحولت حياة الأطفال هناك إلى جحيم لا يطاق من القتل والتجويع والتهجير والحرمان من أبسط حقوق الإنسان. والمجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحمل مسئولياته الأخلاقية والقانونية لوقف هذه الجرائم، ومحاسبة المسئولين عنها، وإنقاذ ما تبقى من طفولة في غزة قبل فوات الأوان.

 


رابط دائم: