بارقة أمل.. ثروات مصرية وادعاءات الإفلاس
31-5-2023

د. أحمد عرفان
* استشارى تكنولوجيا المعلومات

لطالما تجادلناعلى مقولة موجهة لسياسات الدولة تتردد على لسان البعض بغض النظر عن المستوى التعليمى أو الثقافى أو الاقتصادى ألا وهى:"مش كفاية مشروعات وكبارى، هو إحنا هناكل طوب وخرسانة"، وإنه لمن المؤكد أنك قد استمعت إلى هذه المقولة من شخص ما فى وقت ما. وحديثنا اليوم هو محاولة لاستبيان خطأ هذه المقولة التى ربما تكون قد أطلقت بواسطة البعض ممن لهم أغراض خفية، فى محاولة للتشويش على ما تقوم به الدولة من مشروعات حيوية عند اكتمالها ستنقل مصر إلى مستويات غير مسبوقة من الرخاء والثروة.

بداية، يجب أن نشير إلى تقرير صدر فى الآونة الأخيرة عن بنك كريدى سويس يطلق عليه "تقرير الثروة العالمية"؛ حيث يصنف أكثر الدول ثراء، وهو تقرير سنوى يصدره البنك العالمى حول ثروات الأمم، ويجمع هذا التقرير الأخير بيانات الدول حتى عام ٢٠٢١؛ حيث احتلت فيه مصر المرتبة الثانية والثلاثين عالميا والثانية عربيا بعد المملكة السعودية التى جاءت فى المرتبة الأولى عربيا والرابعة والعشرين عالميا، بصافى ثروة تقدر ٢.٠٧ تريليون دولار وبنسبة زيادة ١٤٤% عن إحصاء عام ٢٠١٠، وذلك لارتفاع أسعار البترول الذى تعتمد عليه المملكة العربية السعودية اعتمادا كبيرا.

فى حين جاءت مصر بصافى ثروة تقدر بإجمالى أصول ١.٤ تريليون دولار!، ويمثل هذا الرقم تقريبا عشرة أضعاف ديون مصر المقدرة بمائة وسبعة وخمسين مليار دولار! على أن هناك توقعا لتقدم مصر فى الترتيب لتصبح فى المرتبة السابعة عالميا فى غضون عدة أعوام مقبلة.

والسؤال الذى سيعصف بأفكارك هو: هل تعلم كم مرة تضاعف هذا الرقم فى الآونة الأخيرة خلال السنوات العشر الماضية؟!

لقد تضاعف الرقم بأكثر من أربعة أضعاف! ويمكنك التأكد من هذه البيانات بمراجعة تقارير البنك فى السنوات الماضية من خلال هذا الرابط:

https://www.credit-suisse.com/about-us/en/reports-research/global-wealth-report.html

إذن، فماذا يعنى ذلك؟!

نعم، لقد تزايدت الديون بما يقرب من خمس وتسعين مليار دولار، ولكن فى مقابل ماذا؟ وما العائد؟ يمثل العائد ما يقارب التريليون دولار أصولا سنتكلم عن بعض منها لاحقا! فهل ترى أن هذا العائد يستحق ما عانيناه من مصاعب ومتاعب؟ حتى هنا والحكم لك!

والسؤال التالي: هل تساءلت يوما لماذا أصدر الرئيس السيسى قرارا منذ عام ٢٠١٦ يحظر تصدير عدد من الثروات الطبيعية كمواد خام بوصفها ثروة قومية؟ وماذا يعنى هذا القرار؟ لقد تم حظر تصدير عدد من المواد الخام، نذكر أهمها:

أولا-الرمال البيضاء

وهى ما يطلق عليها "السيليكا" التى تعد من المواد الخام غير المتجددة ذات الأهمية الكبرى؛ حيث تمتلك مصر احتياطيا يقدر بعشرين مليار طن، يمثل ثروة من الذهب الأبيض حيث سمى "نفط العالم الرقمى".

ويعد الخام المصرى من أجود المتاح عالميا نظرا لتركيز خام السيليكا فى رمالنا البيضاء بنسبة ٩٩.٧٩% مع ندرة المواد غير المرغوب فيها (٠.١%) مثل المعادن الثقيلة والشوائب، وتدخل هذه المادة فى العديد من الصناعات الحديثة، فهى تعد المادة الخام للسيليكون الذى يمثل عصب التطور التكنولوجى فى العالم الحديث؛ حيث يستخدم فى تصنيع الرقائق الإلكترونية التى تدخل فى كل الصناعات الحديثة بداية من ساعة اليد حول معصمك إلى الأجهزة الكهربائية والأسلحة والطائرات والسيارات...إلخ. وللأسف فقد كانت تُصدر فى السابق كمادة خام بمتوسط سعر عشرين دولارا للطن بينما قفز هذا الرقم لأكثر من مائة ضعف عند تصنيعه!

ومن الجدير بالذكر انتباه الرئيس السيسى منذ اللحظة الأولى لهذه الأهمية؛ حيث قرر أن تتم الاستفادة القصوى من ثرواتنا، لذا فقد وجه بعمل عدة مصانع لتصنيع هذه المواد الخام افتتح منها منذ أيام "مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة" الذى يعد الأول من نوعه فى إفريقيا والشرق الأوسط ويقوم على تصنيع:

- الخلايا الضوئية.

- ألواح الطاقة الشمسية.

- الرقائق الإلكترونية.

- ألواح الكوارتز.

وهنا يجب أن نشير إلى أن الحرب التجارية القائمة بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين أساسها الرقائق الإلكترونية التى يمثل إنتاج تايوان منها المورد الرئيسى للرقائق الإلكترونية على مستوى العالم؛ حيث تنتج نسبة 90% من الرقائق الإلكترونية المتطورة. فهل لك أن تتخيل العائد المادى والمعنوى الذى سيعود على مصر مع تشغيل هذه المصانع وبدء التصدير؟! وهل تدرك مدى الثقل الاقتصادى الذى سيمنحه لنا هذا المنتج؟ 

ثانيا -الرمال السوداء

هى رواسب شاطئية سوداء تتكون من المعادن الثقيلة والمعادن المشعة؛ حيث تستخدم هذه الرمال فى استخلاص العديد من المعادن المهمة على رأسها "الألمنيت، الروتيل، الزيركون، المونازيت،  الجارنيت، الماجنيت"، وهذه المعادن لها أهمية اقتصادية عالية؛ لأنها تدخل فى العديد من الصناعات الاستراتيجية المهمة مثل صناعة هياكل الطائرات، والصواريخ، والغواصات، ومركبات الفضاء، والهواتف الذكية، والسيارات التى تعمل بالطاقة الكهربائية، وغيرها العديد. لذلك افتتح مجمع مصانع الشركة المصرية للرمال السوداء بمدينة البرلس لتعظيم الاستفادة من مواردنا.

ثالثا -الرخام والجرانيت

افتتح مجمع الجفجافة الصناعى لإنتاج الرخام والجرانيت فى نوفمبر 2019، ثم مصنع لإنتاج الرخام والجرانيت بالعين السخنة وثالث برأس سدر فى يناير 2021، والقائمة لا تنتهى!

ختاما، هل تعتقد أن دولة ضاعفت أصولها أربع مرات خلال أقل من عشر سنوات، وتقوم بمثل هذه المشروعات الصناعية العملاقة التى توفر الملايين من فرص العمل، إضافة إلى إنتاج ضخم سيؤدى قطعا إلى نمو الصادرات وخدمة الاستهلاك المحلى، مع مشروعات زراعية لتوفير الغذاء وبنية تحتية لتعظيم الاستثمارات، يمكن أن تتوقف عن سداد ديونها البالغة جزءا واحدا من عشرة مقارنة بما تملك من أصول؟!

هذا مع الوضع فى الحسبان أن القاسم الأعظم من الأصول والأنشطة المصرية غير مدرج رسميا نظرا لطبيعة الاقتصاد الموازى المعروف عنا، بمعنى عدم تسجيل معظم المشروعات الصغيرة التى يقوم عليها المواطنون والشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة فى أرقام الاقتصاد الرسمى الذى تعمل الدولة على إدراجه رويدا رويدا لما سيمثله ذلك من نقلة نوعية فى أرقام تقييم الاقتصاد الرسمى لدى الهيئات المالية الدولية. قطعا لا يمكننا إنكار صعوبة الحاضر، ولكن أمامنا مستقبل واعد يحتاج منا إلى قليل من الصبر والتماسك حتى نتخطى ما نحن فيه إلى ما نحن مقبلون عليه.

ملحوظة: للتعرف إلى تفاصيل أوسع عن المشروعات التى افتتحت أو التى مازالت تحت الإنشاء والعمل فيها ساريا، رجاء مراجعة الرابط التالى لرئاسة الجمهورية.

https://www.presidency.eg/ar


رابط دائم: