رهانات الدبلوماسية المصرية تجاه مؤتمر المناخ: الأهداف والفرص والقيود
7-11-2022

السفير د. محمد حجازي
* مساعد وزير الخارجية الأسبق

إذا كانت قضايا بعينها كالإرهاب والهجرة غير الشرعية محورا للاهتمام الدولي خلال العقد الماضى، فإن قضية التغير المناخي ستكون محلا للاهتمام الدولي لعقود أخرى ممتدة وقادمة، وستبقي فى قلب الأجندة الدولية بوصفها التحدي الأخطر الذي تواجهه البشرية، مادامت الأطراف الدولية جادة فى مساعيها لمجابهة هذا الخطر الداهم. ومصر، كما هو حالها دائما، تقف بصلابة أمام هذا التحدي الجديد الذي بات يتهددها ودولا كثيرة لتقف مدافعة عن قارتها الإفريقية الأكثر عرضة لآثار تغيرات المناخ، والأقل قدرة علي مجابهة تداعياتها المدمرة(1).

وقد وقعت مصر اتفاقية «باريس للمناخ» ضمن 194 دولة وقعتها. وكان من أهم بنودها  تعهد المجتمع الدولى بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقاؤها «دون درجتين مئويتين»، قياسا بعصر ما قبل الثورة الصناعية. وقد توالت الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، والسعى لتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، واتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار فى الطاقات البديلة، وإعادة تشجير الغابات، والسعى لوضع آلية مراجعة كل خمس سنوات للتعهدات الوطنية(2).

 لذا، أولت مصر جل اهتمامها لقضية المناخ وتداعياتها داخليا واقليميا ودوليا، وحرصت على أن تضع قدمها على أجندة الفاعليات الدولية بتنظيمها مؤتمر قمة المناخ (COP 27) فى شرم الشيخ فى 7 نوفمبر المقبل، وهو  أكبر حدث دولي علي أجندة الأمم المتحدة. ففى قمة جلاسكو فى بريطانيا، حضر الموتمر 34 ألف مشارك، منهم 10 آلاف من منظمات المجتمع المدنى. وقد صدر عن هذا المؤتمر 140 قرارا تم التفاوض عليها فى أثناء انعقاد المؤتمر(3).

تعد «قمة المناخ» السنوية أكبر اجتماع عالمى بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تعد أزمة التغيرات المناخية أكبر أزمة عالمية تواجه جميع الدول بلا استثناء. مما لا شك فيه أن اختيار مصر لاستضافة هذا المؤتمر يمثل تقديرا لها ولمكانتها ودعمها للدول المتضررة والإنسانية من التغيرات المناخية. فبالرغم من أن مصر من أقل دول العالم إسهاما فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا، بنسبة 0.6% من اجمالى انبعاثات العالم(4)، فإنها من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية، حيث تنتج الدول المتقدمة أكثر من ثلث الانبعاثات المرتبطة باستهلاك السلع والخدمات. ويجب أن نوضح بداية أن مفهوم التغير المناخى يختلف عن التلوث البيئى، فهو عبارة عن اضطراب فى مناخ الأرض مع ارتفاع فى درجة حرارتها(5)، يصاحبه تغير كبير فى الظواهر الطبيعية، ما يؤدى إلى ارتفاع منسوب المحيطات وحدوث فيضانات، كما أن له تأثيرا سلبيا فى الإنتاج الزراعى وانتشار أنواع من الأوبئة الجديدة التى سوف يعانيها العالم كله، وعلى الدول المتقدمة أن تقوم بمسئوليتها من خلال تقديم الدعم للدول النامية المتضررة لكى تواجه تلك التغييرات المناخية.

كان نجاح الدبلوماسية المصرية فى تأمين استضافة مدينة شرم الشيخ للمؤتمر البداية أمام العديد من الفرص والتحديات التى لا بد أن تعمل القاهرة على استغلالها فى المرحلة المقبلة، والعمل على أن يكون المؤتمر انطلاقة جديدة ودفعة متميزة لملف التغير المناخى على مختلف المستويات داخليا واقليميا وعالميا.

وسيتيح المؤتمر بالفعل لمصر عقد العديد من الشراكات التى تصل لتمويلات مؤثرة تستفيد منها، والزخم الإعلامى الدولى المصاحب للحدث الذى يتم تسليطه على الدولة المستضيفة للمؤتمر(6). كما أن الاهتمام بالمؤتمر وتغطيته الإعلامية الواسعة يعزز الفهم العام لقضايا المناخ وسبل مجابهته على المستويين الوطنى والإقليمي، وزيادة الوعى بمخاطر وأبعاد الظاهرة. وسوف يتيح الاستعداد المستمر للمؤتمر الفرصة للدولة المصرية لإبراز المشروعات القومية، ومعالم الجمهورية الجديدة، وجهود تطوير الملف البيئي، إضافة إلى فرص الشراكات فى مشروعات، مثل الهيدروجين الأخضر ومشروعات أخرى لتوطين التكنولوجيا، كما أنها فرصة عظيمة لدمج ملف تغير المناخ فى القطاعات المختلفة على مستوى الدولة.

ويشير موقع القمة الرسمى إلى أن إفريقيا مصممة على إظهار ريادتها فى العمل المناخى من خلال عرض إسهاماتها فى الحركة العالمية للتصدى لتغير المناخ، ودورها فى تسهيل وتعبئة العمل على نطاق واسع، ورؤيتها لمستقبل عادل ومستدام لشعبها ولسكان العالم كافة.

ومن المأمول أن تكون (COP27) نقطة تحول، حيث اجتمع العالم وأظهر الإرادة السياسية اللازمة لمواجهة تحدى المناخ من خلال العمل المنسق والتعاونى والمؤثر. وقد تمت ترجمة الاتفاقات والتعهدات إلى مشاريع وبرامج، وأكد العالم أننا جادون فى العمل معا والارتقاء إلى مستوى المناسبة، كما اغتنم قضية تغير المناخ لتكون معادلة محصلتها صفر ولم يعد هناك «نحن وهم»، لكن مجتمع دولى واحد يعمل من أجل المصلحة العامة لكوكبنا المشترك والإنسانية.

وحول القمة ومحورها، يشير الموقع الرسمى إلى أن التكيف Adaptationسيكون محور القمة، حيث مرت أعوام والاهتمام الدولى منصب على التكيف وتخفيف حدة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية.

أولا- البعدان التنظيمى واللوجيستى:

بالرغم من خبرة مصر الواسعة فى تنظيم المؤتمرات والفاعليات الدولية، لاسيما فى مدينة شرم الشيخ -مدينة السلام- فإن هذا الرصيد الضخم من الخبرات المصرية المتراكمة عبر السنين فى مجال توفير البنية التحتية واللوجيستية يمثل تحديا جديدا أمام الكوادر المصرية بحسبان أن هذه الفاعلية تمثل أكبر وأهم مؤتمرات الأمم المتحدة على الإطلاق من حيث عدد المشاركين ومدة انعقادها. كما أنه رهان لإثبات قدرة مصر على كسب الثقة الدولية وتسهيل مشاركة زعماء العالم والوفود الأجنبية المقدرة عددها بالآلاف إلى شرم الشيخ باستقبال ضيوف المؤتمر، والإقامة، والتنقلات الداخلية، والبرامج السياحية التى سيتم تنظيمها للمشاركين من أجل زيارة بعض المدن والمعالم السياحية فى جنوب سيناء ومحيطها. فتنظيم مؤتمر بهذه الضخامة يضع مصر دائما فى بؤرة الاهتمام العالمي.

 فى سياق متصل، تواصلت جهود تحويل مدينة شرم الشيخ، المستضيفة للمؤتمر إلى مدينة خضراء، سواء فى مجال السياحة من خلال حصول الفنادق ومراكز الغوص على العلامة الخضراء واستخدام الطاقة الشمسية(7)، أو وضع خطة لاستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة فى المدينة. كما تم وضع مخطط لرفع كفاءة منظومة إدارة المخلفات فيها، بالإضافة إلى مشروعات تطوير البنية التحتية، والتحول إلى النقل الكهربائي.

وقد عمدت القيادة المصرية إلى تشكيل لجنة عليا مكونة من عشر وزارات تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء لتنظيم هذا الحدث المهم، وينبثق من هذه اللجنة الرئيسية ثلاثة لجان فرعية، هى: السياسية، والتنظيمية، والمالية(8).

إلى جانب هذا الإطار التنظيمى الداخلي، لعبت الدبلوماسية المصرية دورا، لا غنى عنه من خلال التعاون والتنسيق مع  السكرتارية التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، بالإضافة الى بلورة خطة خارجية لاستغلال هذا الحدث فى تنشيط وتحقيق نمو بالقطاع السياحي، واستثماره لتعزيز سياحة المؤتمرات، على أن تكون هناك مواد فيلمية وكتيبات تعريفية عن مدينة شرم الشيخ ومعالمها السياحية، بالتزامن مع الدعوة للمؤتمر(9).

ثانيا- البعدان السياسى والفني:

تعقد قمة هذا العام فى سياق عالمى يتسم بتحديات متعاقبة، تأتى فى مقدمتها أزمة الطاقة العالمية، وأزمة الغذاء التى يعانى تبعاتها الكثير من الدول النامية، فضلاً عن تراكم الديون وضعف تدفقات التمويل والتأثيرات السلبية لجائحة كورونا، بالإضافة إلى المشهد السياسى المعقد الناجم عن الحرب فى أوكرانيا(10)، ما يضع على عاتق المجتمع الدولى مسئولية جسيمة لضمان تأثير هذه الصعوبات فى وتيرة تنفيذ رؤيتنا المشتركة لمواجهة تغير المناخ التى انعكست فى اتفاق باريس، وتأكدت العام الماضى فى قمة جلاسكو، لاسيما أن الدول غادرت القمة ولديها شعور بالإحباط بأنه لم يتم القيام بما يكفى فى هذا الإطار لتقديم التعويض عن الخسائر والأضرار والالتزام بالتعهدات والوفاء بها. وتعد المرحلة التحضيرية للمؤتمر والحوار التمهيدى الحالى من أهم عوامل النجاح أخذا فى الحسبان أن الهدف الأساسى من مؤتمر المناخ مراجعة تنفيذ التعهدات التى تم الاتفاق عليها فى المؤتمر السابق، سواء للدول النامية أو المتقدمة، حيث تقوم مصر بإجراء سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع مختلف الأطراف لضمان الخروج بمؤتمر شامل للتنفيذ Implementationيضمن مشاركة مختلف الرؤى والأطروحات والمطالب(11)، ويقدم نماذج من مشروعات تنفيذية وقصص نجاح فى مواجهة آثار تغير المناخ لتكرارها والبناء عليها.

بالتوازى مع الإعداد للمسار الرسمى للمؤتمر (المفاوضات)، والانتهاء من المشاورات السياسية مع الدول والأطراف ذات المصلحة، يتم الإعداد للمسار غير الرسمى الذى يضمن مشاركة الفئات غير الرسمية فى المؤتمر كالمجتمع المدنى والشباب والقطاع الخاص(12). فقد كان مهما أن تعطى مصر فرصة للشباب والمرأة والمجتمع المدنى ليكون هذا المؤتمر شاملا ولغرض عرض المشروعات القومية ومعالم الجمهورية الجديدة، وهى المنطقة الخضراء التى ستكون ملاصقة للمنطقة الزرقاء. كما تحرص إدارة المؤتمر على أهمية وجود القطاع الخاص لتسريع وتيرة العمل المناخي، فهناك حاجة للقطاع الخاص الجاد والملتزم القادر على وضع خطط يتم تنفيذها، وتقديم تمويلات تخفض من انبعاثات تغير المناخ، ونتمنى أن تتخذ مصر خطوة سباقة فى هذا المجال.

إن نجاح الدورة الـ ٢٧ لقمة المناخ العالمية فى الخروج بالنتائج المرجوة، ونجاح النظام الدولى المتعدد الأطراف لمواجهة تغير المناخ، يرتبطان ارتباطا وثيقا بقدرة الدبلوماسية المصرية على صياغة حلول ومواقف تفاوضية مقبولة  لدى المشاركين(13)، حيث بدأت مصر  بقيادة  وتوجيه الموقف الإفريقى عام 2015، منذ أن وقّع الرئيس عبدالفتاح السيسى اتفاق المجموعة الإفريقية المعنية بتغير المناخ، وقدمنا للعالم مطالب القارة لأول مرة فى صورة مبادرتين واضحتين.

فلا بد أن نأخذ فى الحسبان المسئولية الملقاة على عاتق مصر، بالنظر لأنها الدولة التى تتولى رئاسة المؤتمر، سواء فيما يتعلق بالإسهام فى وضع أجندة المفاوضات أو إطلاق عدد من المبادرات والشراكات مع مختلف الدول والمنظمات وشركاء التنمية على هامش المؤتمر(14)، فضلاً عن البعد الإفريقى للمؤتمر لتمثيلها القارة الإفريقية.

 وتحرص القاهرة على صياغة رؤية إفريقية موحدة فى مكافحة التغيرات المناخية، من خلال اجتماعات وزراء المالية والبيئة الأفارقة، والجلسات النقاشية مع شركاء التنمية الدوليين فى إطار الاستعداد لـ «يوم التمويل»، الذى تنظمه على هامش فاعليات قمة المناخ بما يلبى الاحتياجات التمويلية للدول الإفريقية بآليات ميسرة، تُساعد فى التحول للاقتصاد الأخضر، وإرساء دعائم التمويل المستدام، على أن يتم تبنى هذه الرؤية القارية فى المناقشات مع شركاء التنمية الدوليين من أجل الإسهام فى تعظيم المشروعات الصديقة للبيئة، وبلورة رؤية استراتيجية فى تمويل مجالات التكيف المناخي، خاصة فى الدول النامية. تمتلك مصر أفكارًا جيدة وأجندة هادفة ورؤى طموحًا للتعامل السريع مع الأوضاع الاستثنائية التى تُجابهها الدول النامية والإفريقية، فى إطار تبنى مصر للاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية ٢٠٥٠، التى تستهدف إرساء دعائم نظام بيئى متكامل ومستدام، يعزز قدرات الدولة على مواجهة مختلف المخاطر.

فى سياق متصل، يجب الانتباه إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى  تداعيات التغيرات المناخية، ضاعفتا التحديات الاقتصادية بالدول النامية والإفريقية(15) على نحو يفرض التحرك، خلال القمة، لاتخاذ ما يلزم لتحويل التعهدات الدولية إلى إجراءات تنفيذية لمساعدة هذه الدول فى التكيف مع الظروف الاستثنائية، بحيث يتم خفض أعباء الديون على الاقتصادات الناشئة بما يُمكِّنها من الوفاء بمطالب مكافحة التغيرات المناخية.

إن مصر، من خلال رئاستها لمؤتمر المناخ المقبل  (COP27)، والفاعليات الممهدة له، تهدف إلى التوصل إلى توافق بشأن احتياجات الدول الإفريقية فى ملف تغير المناخ، وإلى تسريع وتيرة العمل على توفير التمويل للمناخ، وتأكيد إتاحة التمويل الموجود داخل المنظمات الدولية، وتحديد أدواته المبتكرة «مبادلة الديون، والتمويل الأخضر، والقروض».

لا يقتصر دور القاهرة على القارة الإفريقية، وإنما يمتد إلى المجموعة العربية، ومجموعة الـ 77 أيضاً، حيث ترأست مجموعة تمويل المناخ للتوافق على نص عادل ومتزن بين الدول النامية والمتقدمة(16).

إن مفاوضات تغير المناخ لم تعد مفاوضات فنية، بل سياسية ذات بعد فنى تقودها الدبلوماسية المصرية ممثلة فى وزارة الخارجية، بالتعاون والتنسيق مع الجهات الفاعلة والرئيسية، وعلى رأسها وزارة البيئة. فالتغير المناخى لم يعد موضوعا بيئيا، بل هو نمط تنموى بالأساس، وله تأثير مباشر فى كل قطاعات الاقتصاد بداية من الزراعة إلى التجارة والصناعة، فكل القطاعات الاقتصادية ستتأثر بالتعامل مع التغيرات المناخية.

فيما يتعلق بالشق الفني، هناك جزء خاص بالمؤتمر يسمى الأيام الموضوعية(17)، حيث جرى الاتفاق على عدد من الأيام ذات الأهمية. فهناك يوم التمويل نتحدث فيه عن آليات التمويل المبتكرة وكيف تفى الدول المتقدمة بتمويل الـ 100 مليار دولار(18)، وكيف نبنى قدرات الدول النامية لكى تحصل على تمويل عادل يمكِّنها من الانتقال السليم لعملية التصدى لآثار تغير المناخ. وهناك يوم للمياه، وهى المرة الأولى التى يتم فيها تخصيص يوم للمياه فى المؤتمر ويناقش تأثير التحدى الخاص بتغير المناخ فى قضية المياه(19)، وهى فرصة ذهبية لمصر لتؤكد من جديد ضرورة التعامل بجدية مع أى إجراءات أحادية تسهم فى تفاقم تبعات تغير المناخ، وفى مقدمتها إقامة السدود على الأنهار الدولية دون توافق مع دول المصب على قواعد ملئها وتشغيلها، حيث تمثل جانبا شديد الأهمية من عمل المناخ الدولى وأولوية قصوى للدول النامية، خاصة فى القارة الإفريقية التى تعانى التبعات الأشد وطأة لهذه الظاهرة، لاسيما المتعلقة بندرة المياه والجفاف وتصحر الأراضى وتهديد الأمن الغذائي، وهذه التغيرات المناخية جميعها تنطبق على قضية «سد النهضة». لذا، ينبغى على المجتمع الدولى التدخل للتوصل إلى حل شامل ونهائى للقضية.

 وهناك يوم للزراعة وقضية الأمن الغذائي، ويوم للطاقة، يتم الحديث عن تجربة مصر وكيفية دعم القارة الإفريقية فى الانتقال العادل والطموح لاستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة والتمويلات المتاحة وشراكات القطاع الخاص. وهناك يوم لخفض الكربون، يتم الحديث فيه عن الصناعات الكثيفة التى تخرج انبعاثات، وهناك يوم للتنوع البيولوجى والطبيعة.

جدير بالذكر أنه من خلال عضوية مصر فى المفاوضات، توجد ثلاث قضايا رئيسية تمثل تحديا للدول النامية(20)، أولاها الفجوة بين احتياجات الدول النامية والمتاح من التمويل. وفى إطار اللجنة الدائمة لتمويل احتياجات الدول النامية، وهى 5.3 تريليون دولار حتى عام 2030، فى حين أن تدفقات التمويل المخصصة للدول النامية لا تتجاوز 600 مليار دولار، هناك فجوة تمويلية كبيرة جدا يتم التعامل معها بقوة. القضية الثانية هى عدم تناسب أدوات التمويل مع احتياجات وظروف الدول النامية على وجه الخصوص، لأن أغلب التمويل المتاح حاليا فى شكل قروض تجارية، والتمويل الميسر محدود جدا. وهناك دول كثيرة جدا، معظمها إفريقية، لديها مشكلة فى القروض بسبب المديونية العالية. القضية الثالثة والأخيرة هى نفاد التمويل، والأمر ليس قروضا فقط، ولكن توجد شروط ومتطلبات كبيرة قبل الضخ فى أى استثمار فى دول القارة.

بناء على ذلك، يتضح أن التمويل هو أحد أهم المحاور الأساسية التى يحتاج إليها العالم لدفع العمل المناخي، وتلبية طموحات الدول النامية والاقتصادات الناشئة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتقليل الانبعاثات الضارة، وتنفيذ مشروعات التخفيف والتكيف مع تداعيات التغيرات المناخية، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص فى جهود التنمية(21). ومن المهم أن تقوم المؤسسات الدولية وبنوك التنمية المتعددة الأطراف والقطاع الخاص بدورها لمساعدة الحكومات فى توفير التمويلات اللازمة لتمويل خطط العمل المناخى والتحول الأخضر.

لذا، فإن منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائي، الذى عقد فى شهر سبتمبر 2022، أتاح الفرص للإعداد والتحضير لـ «يوم التمويل»، من خلال تنسيق الرؤى والجهود المشتركة بين حكومات دول القارة الإفريقية، وتجمع وزراء المالية والبيئة الأفارقة لوضع رؤية موحدة يتم العمل على تحقيقها خلال قمة المناخ بهدف دفع جهود القارة لتحقيق التنمية المستدامة ٢٠٣٠، وأجندة إفريقيا ٢٠٦٣، وخفض الآثار الضارة للتغيرات المناخية

وتمنح قمة المناخ فرصا عدة للدولة المستضيفة فتتيح لها عرض المشروعات التى قامت باستخدام الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة فى مجالات مختلفة، مثل قطاع النقل والزراعة والمياه، فضلاً عن أهمية الترويج لقصص النجاح المصرية فى هذا المجال، والبحث عن التجارب والنماذج الملهمة لتشجيع الدول على تنفيذ إسهاماتها الوطنية، مع تأكيد ضرورة توفير الدعم اللازم لها من المجتمع الدولى لإمكانية تنفيذ الإجراءات المطلوبة على الأرض.

ستوفر القمة مصادر تمويل إضافية من المنظمات الدولية لتمويل مشروعات التصدى لتغير المناخ بمصر، واستغلال الفرص التى يتيحها التمويل، وأهمية الاستفادة من تلك الفرص لحشد الموارد من خلال المنح أو  لخفض تكلفة القروض للمشروعات ذات الأثر الايجابى على موضوعات المناخ، سواء فى مجال خفض الانبعاثات أو التكيف مع التغيرات المناخية، الأمر الذى سيكون له أثر إيجابى على الاقتصاد المصري، مع تأكيد  أهمية المؤتمر على المستوى البيئى فى تعزيز جهود الدولة فى تنفيذ استراتيجيتها للتنمية المستدامة 20-30 وزيادة الوعى العام.

سيتيح المؤتمر الفرصة لاستعراض مشروعات الطاقة النظيفة(22)، مثل مشروعات النقل (المونوريل، والقطار الكهربائي، والأتوبيس التبادلى الذى يعمل بالطاقة الكهربائية)، وكذلك مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، مثل مشروع محطة بنبان بأسوان التى تعد أكبر محطة توليد كهرباء للطاقة الشمسية فى العالم، ومشروع تحويل وسائل النقل القديمة إلى أخرى حديثة تعمل بالغاز الطبيعى، وترشيد الطاقة وأبرزها استخدام الغاز، فى وسائل النقل، بدلا من البنزين ومراجعة قانون البيئة. وقد تم إعلان أن المستخَدم من مصادر الطاقة اللازمة للكهرباء، الجديدة والمتجددة، فى حدود 5%، وسيرتفع إلى 20% بحلول 2022، و42% بحلول 2035، وأن مشروعات الطرق والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع الـ 1.5 مليون فدان، ومشروعات عدة تعمل على حماية سواحل الدلتا من آثار التغيرات المناخية.

يعد تعزيز وتسهيل الاتفاق فى المفاوضات فى غاية الأهمية بالنسبة لرئاسة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لتحقيق نتائج ملموسة بطريقة متوازنة. وسيساعد تقدم الشراكة والتعاون فى تحقيق أهدافنا، ويضمن أن يتبنى العالم نموذجًا اقتصاديًا أكثر مرونة واستدامة، حيث يكون البشر فى قلب محادثات المناخ.

تستند مفاوضات الأمم المتحدة إلى توافق الآراء، وسيتطلب التوصل إلى اتفاق مشاركة شاملة وفعالة من جميع أصحاب المصلحة. وستحرص الدبلوماسية المصرية ورئاسة القمة على ضمان التمثيل المناسب والمشاركة من جانب جميع أصحاب المصلحة المعنيين فى (COP27)، خاصة المجتمعات الضعيفة والممثلين من البلدان فى القارة الإفريقية الذين يتأثرون بشكل متزايد بآثار تغير المناخ، فالحاجة باتت ملحة.

الهوامش:

1- Global Warming: Severe Consequences for Africa | Africa Renewal”. United Nations, available at: https://bit.ly/3pQsQFl 

2- Egypt and Climate Change. SIS, available at:  https://bit.ly/3cq0ChR.

3- (COP26): Together for Our Planet. United Nations. United Nations. available at:  available at:  https://bit.ly/3AtxgHa.

4- Egypt Accounts for 0.6% of the World›s Carbon Dioxide Emissions: Minister, Egypt Today, December 26, 2021. available at:  https://bit.ly/3TsOVHB.

5- Climate. Climate | Special Issue : Environment Pollution and Climate Change, available at: https://bit.ly/3wBi61i.

6- تمويلات وشراكات وتغطية إعلامية دولية تحظى بها مصر خلال قمة المناخ، بوابة الأهرام، متاح على الرابط:

 https://gate.ahram.org.eg/News/3625588.aspx

7- Egypt to Make Sharm El-Sheikh a Green City Ahead of COP27: Environment Minister - Society - Egypt. Ahram Online, available at: https://bit.ly/3e4Hlmd.  

8- الحكومة: تشكيل لجنة عليا استعدادا لتنظيم مصر مؤتمر (COP27) لتغير المناخ، اليوم السابع، 17 نوفمبر 2021متاح على الرابط:

 https://bit.ly/3QZozvm

9- كيف تستثمر مصر مؤتمر المناخ سياحيا؟ مصراوي.كوم، https://bit.ly/3pPEiRN،

متاح على الرابط: https://bit.ly/3QZozvm.

10- (COP 27) in Sharm: Few Opportunities and More Challenges for MENA Environmentalists. Wilson Center, available at:   https://bit.ly/3cq3zyX.

11- (COP 27) Will Be ‹Implementation Cop›: Egypt (COP27) Presidency, Down To Earth, available at:    https://bit.ly/3Rhhlm1.

12- Enviroment Minister Speech,  (COP27),  available at:   https://bit.ly/3AuDsyK,

13- الدبلوماسية المصرية.. 8 سنوات من حرية واستقلالية القرار وسياسة خارجية تحكمها المصالح الوطنية، وكالة أنباء الشرق الأوسط، 7 يونيو 2022، متاح على الرابط:

 https://bit.ly/3wynSRx

14- مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) مصر 2022، الهيئة العامة للاستعلامات، متاح على الرابط:

https://bit.ly/3Asl75n.

15- Climate Change Poses Risks, (COP 27), Presents Unique Opportunity for Africa | Africa Renewal. United Nations. United Nations, available at:    https://bit.ly/3TjSAaV.

16- صالح على، نتطلع لدعم مجموعة الـ 77 والصين لجهود مصر من أجل إنجاح (COP27)  صدى البلد، 8 يونيو 2022، متاح على الرابط.

 https://www.elbalad.news/5310921 .

17- (COP27) Home Page. (COP27), available at: https://bit.ly/3PWpQSG.

18- Rishikesh Ram Bhandary Assistant Director. Wealthy Countries Still Haven›t Met Their $100 Billion Pledge to Help Poor Countries Face Climate Change, and the Risks Are Rising,  The Conversation, May 27, 2022, available at:  https://bit.ly/3AylHOW.

19- Climate Change, Water Scarcity and Security. UNEP, available at:    https://bit.ly/3CAVTnV.

20- كيف تستثمر مصر مؤتمر المناخ سياحيا؟ مصراوي.كوم، متاح على الرابط:

.https://bit.ly/3pPRCWb

21- Ahead of (COP27): Financing Solutions on Climate Change - Egypt , Al-Ahram Weekly,  Ahram Online, available at:    https://bit.ly/3PY9KHZ

22- Environmentally-Friendly Projects Qualify Egypt to Host COP27, August 24, 2022, available at:  https://bit.ly/3RihFRD.


رابط دائم: