دلالات اغتيال رئيس الوزراء اليابانى السابق "شينزو آبى"
18-7-2022

د. جوزيف رامز أمين
* خبير فى الشئون الإفريقية

على نمط زعماء وسياسيين ومشاهير تم اغتيالهم في العصرين الحديث والمعاصر، إنضم "شينزو آبيى" رئيس الوزراء اليابانى السابق، فى هذا البلد الهادئ والمسالم لهذه القائمة. وفيما يخص محاولات الاغتيال داخل اليابان ذاتها، فلم تكن حادثة اغتيال آبي هي الأولى من نوعها في اليابان، رغم قلة تكرارها، لكن تجدر الإشارة إلى أن شينزو آبي يعد من الشخصيات الأكثر تأثيرًا في بلاده خلال العصر الحديث، كما أنه أصغر من تولى منصب رئيس الوزراء بعد الحرب العالمية الثانية، لهذا يرجع الاهتمام، لكن في عام 1960، تعرض نوبوسكي كيشي، رئيس الوزراء آنذاك، وهو جد شينزو آبي لأمه، إلى هجوم مسلح بسكين، من قبل شخص ينتمي إلى جماعات يمينية، فيما لم يتضح الدافع وراء الهجوم، لكن كيشي نجا من الحادث. لكن كان لليابان بالتأكيد نصيبها من الاغتيالات السياسية. وكان أشهرها عام 1960 أيضا عندما تعرض زعيم الحزب الاشتراكي الياباني، "إنيجيرو أسانوما،" للطعن في البطن من قبل متعصب يميني يستخدم سيف  الساموراى.                                                                  

في عام 1990 توفي وزير العمل السابق "هيوسوكي نيوا" متأثرًا بجروح أصابه بها رجل مختل عقليًا، فيما تعرض "هيتوشي موتوشيما"، حاكم مدينة ناجازاكي، لإصابات خطيرة بعدما أطلق عليه النار رجل يميني. في عام 1992، أطلق مسلح يميني النار على نائب رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي آنذاك، "شين كانيمارو" عندما كان يلقي خطبة، لكن السياسي الياباني لم يُصب. فيما حاول متطرف من الجناح اليميني، في عام 1994، تم إطلاق النار على رئيس الوزراء، موريهيرو هوسوكاوا، لكنه لم يصب بأذى، كما ذكرت الأنباء وقتها.

في منتصف التسعينيات، وتحديدًا عام 1996، تعرض عمدة بلدة ميتاكي لهجوم، وأصيب بجروح خطيرة. واشتبهت الشرطة في أن جريمة الضرب بالهراوات في مدينة ياناجاوا كانت منظمة. وقد شهدت أعوام 2002 و2006 و2007 أيضا حوادث مشابهة، كان آخرها تعرض حاكم آخر لمدينة ناجازاكي لإطلاق نار على يد أحد أفراد عصابات الجريمة المنظمة، مما أودى بحياته.

من هو شينزو آبي؟

ينتمي آبي لعائلة سياسية ثرية، وكان والده وزيراً للخارجية، وجده رئيساً للوزراء، كما تم انتخابه لأول مرة في البرلمان عام 1993 بعد وفاة والده، واكتسب شعبية من خلال اتخاذ موقف متشدد تجاه الجارة كوريا الشمالية في نزاع متعلق بمواطنين يابانيين اختطفتهم بيونج يانج قبل عقود. وشينزو آبي لم يعد منذ فترة رئيسا للوزراء، ولكنه لا يزال رمزا كبيرا في الحياة العامة اليابانية، وربما أكثر السياسين اليابانين شهرة في العقود الثلاثة الأخيرة. ويعتبر آبي (67 عاما) صاحب أطول مدة كرئيس للوزراء في تاريخ اليابان، وقد تولاها  لفترتين -مرة من 2006 الى 2007، ثم من 2012 إلى 2020- وبعدها استقال لأسباب صحية. بينما استمر كعضو في الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم.  كان آبي عمره 52 عاما عندما أصبح رئيس للوزراء للمرة الأولى، وهو بذلك يعتبر أصغر رئيس حكومة  في اليابان.

قاتل "شينزو آبى":

أكد اتحاد الأسرة للسلام العالمي والتوحيد، المعروف على نطاق واسع باسم كنيسة التوحيد، في مؤتمر صحفي يوم الإثنين، 11 يوليو الجارى، إن والدة المتهم بقتل رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي بالرصاص هي من أتباع هذه الجماعة الدينية. وفي المؤتمر الصحفي في طوكيو، قال توميهيرو تاناكا، رئيس الفرع الياباني لكنيسة التوحيد، إن والدة المشتبه به، "تيتسويا ياماجامي"، انضمت إلى الكنيسة كعضو كامل في نحو عام 1998. وفي غضون ذلك، قال تاناكا إن ياماجامي نفسه "ليس من أتباع الكنيسة ولا يوجد سجل عن كونه تابعاً في الماضي". وأضاف تاناكا إن ياماجامي "لم يعبر بشكل مباشر عن ضغائن" لأي من أعضاء الجماعة. وقالت مصادر استقصائية إنه يحمل ضغينة ضد الكنيسة، لأن والدته قدمت "تبرعات كبيرة". وقال تاناكا أيضاً إنه إذا ثبت أن الاستياء من كنيسة التوحيد قد حفز ياماجامي على إطلاق النار على آبي، لذا يتعين على الكنيسة "التعامل مع الوضع بجدية". ولدى سؤاله عن علاقة الكنيسة بآبي، قال تاناكا إن آبي لم يكن عضوا في الكنيسة أو مستشاراً لها. لكنه اعترف بأن رئيس الوزراء الياباني السابق بعث رسالة فيديو إلى المنظمة التابعة لها، الاتحاد العالمي للسلام. وحيث تم إنشاء المنظمتين من قبل الكوري الجنوبي مون سون ميونج، وفقاً لتاناكا. وقالت مصادر بالشرطة إن ياماجامي أبلغ المحققين أن والدته قدمت تبرعات كبيرة لكنيسة التوحيد، مما أدى إلى تدمير عائلته مالياً. وقال أيضاً إنه يعتقد أن آبي كان لديه صلات بالكنيسة. وقال تاناكا إن الكنيسة كانت على علم بإفلاس والدة ياماجامي في وقت ما حول عام 2002، لكن الكنيسة لا تعرف الظروف التي أدت إلى هذا الوضع. وأشار إلى أنه لا يوجد أي سجل عن مطالبة الكنيسة بتبرع كبير من والدة ياماجامي بعد أن أفلست. وأضاف تاناكا إنه بعد فترة توقف، بدأت الأم المشاركة مرة أخرى في الأحداث التي نظمتها الكنيسة مرة واحدة في الشهر تقريباً من عام 2017. وفي الآونة الأخيرة، حضرت منذ نحو شهرين. وأكد تاناكا أن الكنيسة، إذا طلبت منها الشرطة، فسوف تتعاون بشكل كامل مع التحقيق. وعن طبيعة التبرعات من الأتباع، قال تاناكا في المؤتمر الصحفي إن "بعض الناس قدموا تبرعات كبيرة، لكن لا توجد نسبة محددة". وقال "لا أعرف مقدار التبرعات التي قدمتها" والدة المتهم. ونفى تاناكا أي تدخل للكنيسة في الانتخابات أو ما إذا كانت الكنيسة تقدم تبرعات للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، قائلاً "لا توجد حركة أموال من الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى الكنيسة أو العكس"، لكن الثابت أن هذه الكنيسة ليست كنيسة دينية، إنما أقرب لأن تكون حركة اجتماعية.

ما "كنيسة التوحيد"؟

يختلف تصنيف "كنيسة التوحيد" بين مؤيديها ومعارضيها، ففي حين تعرّف نفسها عبر موقعها الرسمي بأنها "حركة دينية وجمعية دينية غير ربحية"، يصنفها آخرون بأنها "طائفة دينية خطرة". وقد اشتهرت "كنيسة التوحيد" خلال العقود الماضية، بتنظيم أعراس جماعية ضخمة، كانت تجمع بين عشرات آلاف أتباع مؤسس الكنيسة الكوري سون ميونج مون. ويرى المؤمنون بعقيدة مون، أنهم قادرون على إرساء ملكوت الله على الأرض من خلال "النعمة" أو الزواج، ولذلك يحتفلون بأعراس جماعية، كانت تضم عشرات الآلاف في بعض الأحيان، حين بلغت الحركة ذروة شعبيتها في الثمانينيات. هذا وتقول الحركة إنها تضم ثلاثة ملايين عضو، ولكن المختصين يعتقدون أن الأرقام أقلّ من ذلك بكثير.

وقد تأسست الحركة عام 1954 على يد سون ميونج مون (1920-2012)، باسم "جماعة الروح القدس لتوحيد المسيحيين في العالم"، ولكن تغيّر اسمها مع السنوات لتصير اليوم "اتحاد الأسرة من أجل السلام العالمي والتوحيد"، وتنشط خصوصاً في كوريا الجنوبية، واليابان، والولايات المتحدة. وتلقّب الجماعة باسم "مونيز" نسبة إلى الكلمة الإنجليزية المستخدمة لوصف أتباع مون. وبحسب موسوعة بريتانيكا، يؤمن أتباع الحركة بأن الخالق أراد للإنسان اختبار سعادة الحب. لكن آدم وحواء فشلا في تحقيق ذلك الهدف، فساد الحب الأناني الأرض. أراد الخالق ترميم ما تخرّب، بإرساله مخلّصين كثر للبشرية، من بينهم السيد المسيح الذي لم يستطع إكمال مهمته لأنه لم يتزوج.. على حد زعمهم. على مرّ الأعوام استقطب مون الأتباع، وصار مالكاً لإمبراطورية تجارية تتنوع بين البناء، والغذاء، والتعليم، والإعلام، وكرة القدم.                        

وقد انتقل مون إلى الولايات المتحدة في مطلع السبعينيات، حيث أسس صحيفة واشنطن تايمز المحافظة، وأدين وسجن بتهمة التهرب الضريبي، وهو ما يعدّه أتباعه نوعاً من الاضطهاد الديني. وبعد وفاته، باتت زوجته هاك جا هان مون القائدة الفعلية للحركة، بالرغم من انشقاق ابنها هيونج جين مون (معروف باسم شون) عنها، وتأسيسه حركة دينية أخرى في الولايات المتحدة تسمّى "رعايا طريق الحديد". وعرف عن مون الأب نشاطه السياسي في مناهضة الشيوعية، ويعتقد أن حركته بنت علاقات جيدة مع نخبة من السياسيين ذوي التوجه اليميني في العالم، من بينهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي. وقد ألقى آبي كلمات في مناسبات لمجموعات مرتبطة بالحركة، مما جعله في مرمى نيران منتقديها. والعام الماضي، تقدّم عدد من المحامين برسالة احتجاج بعدما ألقى آبي خطاباً في حفل لمجموعة على صلة بـ "كنيسة التوحيد". كما سبق للمحامين الذين يمثّلون موكّلين خسروا أموالاً بسبب الكنيسة، انتقاد آبي على خلفية توجيهه برقية تهنئة لأزواج اقترنوا خلال زفاف جماعي عقدته عام 2008.                                          

ما علاقة "كنيسة التوحيد" بمقتل آبي؟

بقيت العلاقة بين "كنيسة التوحيد" وشينزو آبي محط أسئلة خلال سنوات، خاصة أنه كان من بين السياسيين الذين أظهروا صلة إيجابية بالجماعة. وقال الطبيب النفسي الأمريكي والمختص بالطوائف "ستيفن حسن" لبي بي سي نيوز العربية، إن حركة "كنيسة التوحيد" لديها تاريخ طويل في "دفع الأموال لسياسيين نافذين ولأكاديميين لكي يروجوا أفكاراً إيجابية عنها"، كما أنها ترفع دعاوى تشهير ضد وسائل إعلام تنتقدها، أشهرها دعوى تشهير ضد صحيفة "ديلي مايل"، خسرتها الحركة. من بين هؤلاء السياسيين، إلى جانب آبي، عدد من السياسيين المحافظين في الولايات المتحدة، وعلى رأسهم دونالد ترامب. ويلفت ستيفن حسن إلى أن شون مون، كان من بين الشخصيات المؤثرة في الهجوم على مقرّ الكونجرس (مبنى الكابيتول)، في أحداث 6 يناير 2021. وبحسب حسن فإن الحركة ليست مجرد مجموعة دينية، بل هي "شبكة معقدة من المصالح والعلاقات التي تستخدم الأفكار الدينية كستار لها. وبحسب ستيفن حسن، ربما تكون والدة المتهم بقتل آبي، تيتسويا ياماجامي، واحدة من أولئك الذين خسروا أموالهم بطريقة مماثلة. وفي السياق الياباني، قد يكون تورط الحركة فيما يُعتقد أنه عملية غش كبرى، بحيث تعد من الدوافع التي مهدت لاغتيال شينزو آبى.                                        

في توديع ورثاء آبى:

قررت الحكومة اليابانية يوم الاثنين (11 يوليو) تكريم رئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي، الذي قُتل بالرصاص يوم الجمعة 8/7 في مدينة نارا غرب اليابان، وقالت وكالة كيودو نقلا عن محققين إن القاتل، الذي أُلقي القبض عليه في مكان الحادث وعرفته الشرطة باسم تيتسويا ياماجامي ويبلغ من العمر41 عاما، يعتقد أن آبي روج لمجموعة دينية قدمت لها والدته "تبرعا كبيرا". وقد تم منح "آبى" وسام الأقحوان، وهو أعلى وسام في اليابان. وبذلك، سيكون آبي رابع رئيس وزراء سابق يحصل على الوسام بموجب دستور ما بعد الحرب بعد شيجيرو يوشيدا، إيساكو ساتو وياسوهيرو ناكاسوني، وفقاً لمكتب مجلس الوزراء. وأقيمت في المكان نفسه يوم الاثنين الماضى 11/7 مراسم وداع تقليدية، وفقا للطقوس البوذية، والتي تسمى "تسويا"، حضرها نحو 2.5 ألف شخص من الدائرة المقربة من شينزو آبي، كما شارك فيها السفير الروسي بطوكيو، ميخائيل جالوزين. وكان يمكن وصف آبي بأنه رئيس الوزراء الأكثر ميلا للصداقة مع روسيا في تاريخ اليابان، وكانت لديه خطة من ثماني نقاط لتطوير محدد لمجالات التعاون الاقتصادي مع روسيا. وجزئيا، بدأ في تنفيذ الخطة، لكن تمت عرقلة ذلك، أولاً بسبب جائحة فيروس كورونا، ثم جرى تدميرها بجهود رئيس الوزراء الحالي، "فوميو كيشيدا"، المؤيد لخط متشدد للغاية تجاه روسيا  بالعلاقة مع الأحداث في أوكرانيا.

رؤية مستقبلية.. إمكانية تعديل سياسات آبي الاقتصادية "آبينوميكس" بعد الانتخابات:

رغم ان إطلاق النار على رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي يوم الجمعة 8/7 أدى إلى اهتزاز إدارة رئيس الوزراء الياباني "فوميو كيشيدا" على الرغم من فوز الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في انتخابات مجلس الشيوخ يوم الأحد. وقال كيشيدا، وهو أيضا رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي، في مؤتمر صحفي يوم الإثنين: ”لقد فقدنا زعيما عظيما“. ”يجب أن ندعو إلى الوحدة". هذا ويهتم المراقبون السياسيون بكيفية تعامل كيشيدا مع قضايا تعديل الدستور الياباني، والتي كانت هدف حياة آبي، وكيف سيتم التعامل مع أعضاء الحزب الليبرالي الديمقراطي المقربين من آبي في التعديل الوزاري لحكومة كيشيدا والتشكيلة التنفيذية للحزب الليبرالي الديمقراطي المتوقع في أغسطس المقبل. وقال كيشيدا "سوف نرث رغبات (آبي) ونعالج القضايا الصعبة"، مثل التعديلات الدستورية واختطاف كوريا الشمالية لمواطنين يابانيين منذ عقود.

المعروف أن كيشيدا هو زعيم فصيل يُنظر إليه على أنه قوة ليبرالية داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي، بينما كان آبي زعيم الجناح المحافظ بالحزب.                                                                  

وبعد فوز الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في انتخابات مجلس الشيوخ يوم الأحد، تستعد حكومة رئيس الوزراء الياباني "فوميو كيشيدا" لتكثيف جهودها لمواجهة التحديات الاقتصادية بما في ذلك ارتفاع الأسعار. وبينما من المرجح للغاية أن يحافظ مصرف اليابان المركزي على سياسة التسهيلات النقدية المفرطة في الوقت الحالي، هناك تكهنات في الأسواق المالية بإمكانية تعديل سياسات آبي الاقتصادية، التي يُطلق عليها آبينوميكسو هي مزيج من سياسات انكماشية خاصة برئيس الوزراء السابق شينزو آبي، الذي قُتل بالرصاص خلال خطاب انتخابي يوم الجمعة 7/7. ومن المرجح أن يتم إيلاء اهتمام وثيق لاختيار خليفة لحاكم مصرف اليابان المركزي "هاروهيكو كورودا"، الذي من المقرر أن تنتهي ولايته الحالية في أبريل 2023، للحصول على فكرة عما إذا كان من الممكن إجراء مراجعة لسياسة التسهيلات النقدية، التي تم إطلاقها باعتبارها السهم الأول من "السهام الثلاثة" التي تتكون منها سياسات أبينوميكس. وكانت السياسة النقدية واحدة من القضايا الرئيسية في انتخابات مجلس الشيوخ. ولا يزال مصرف اليابان حذراً بشأن رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر، حيث لم تتعاف اليابان بالكامل بعد من الركود الناجم عن وباء فيروس كورونا. ويشير الانتصار الانتخابي للحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي دعا إلى استمرار سياسة التسهيلات النقدية المفرطة، إلى أن الناخبين يدعمون النظام الحالي لمصرف اليابان المركزي. وفي الوقت نفسه، تعمل المصارف المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا على تشجيع تشديد السياسة النقدية لكبح التضخم المتسارع. وقد أدى الاختلاف في السياسات النقدية إلى اتساع الفجوات بين أسعار الفائدة في اليابان والخارج، مما أدى إلى انخفاض قيمة الين مقابل بقية العملات. وفي تداولات طوكيو يوم الاثنين 11/7، ارتفع الدولار مؤقتاً إلى أعلى مستوى له في 24 عاماً فوق 137 يناً. ومع ارتفاع أسعار الطاقة والمواد بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، يتسبب ضعف الين في ارتفاع الأسعار من خلال ارتفاع أسعار السلع المستوردة. وقد ارتفعت بالفعل أسعار العديد من الضروريات اليومية. وانتقدت أحزاب المعارضة الحكومة خلال انتخابات مجلس الشيوخ، مطلقة على الارتفاع المستمر في الأسعار مصطلح "تضخم كيشيدا". لقد مرت تسع سنوات منذ أن أطلق مصرف اليابان المركزي سياسة تسهيلات نقدية غير مسبوقة في ظل سياسة آبينوميكس. وفي ظل سياسة التسهيلات النقدية المفرطة، واصل مصرف اليابان شراء السندات الحكومية اليابانية من خلال عمليات سوق المال لإغراق المؤسسات المالية الخاصة بالسيولة. ونتيجة لذلك، يحتفظ المصرف المركزي الآن بنحو 520 تريليون ين من سندات الحكومة اليابانية، أي نحو نصف إجمالي الرصيد المستحق، مما أثار مخاوف بشأن فقدان الانضباط المالي للحكومة. ومع ظهور الآثار الجانبية للتسهيلات النقدية المفرطة، ينصب الاهتمام على ما إذا كان كيشيدا سيختار التخلي عن سياسات أبينوميكس. وقالت ناومي موجوروما، خبيرة في السندات في شركة ميتسوبيشي يو إف جي مورجان ستانلي للأوراق المالية، إن "رحيل آبي قد يؤدي إلى إضعاف دعوات الكتلة الحاكمة لمصرف اليابان لمواصلة سياسة التسهيلات النقدية المفرطة، مما قد يخفف من "العقبة السياسية" أمام تعديل السياسة النقدية". ويجري العمل على اختيار الحاكم التالي لمصرف اليابان المركزي خلفاً لكورودا على قدم وساق. وبين المرشحين الرئيسيين المحتملين نائب حاكم المصرف المركزي "ماسايوشي أماميا" والنائب السابق لحاكم المركزي "هيروشي ناكاسو"، وهو الآن رئيس معهد دايوا للأبحاث. وبينما عيّن آبي أشخاصاً يؤيدون التسهيلات النقدية في المناصب الرئيسية في المصرف المركزي، قال محللون إن موقف كيشيدا بشأن تعيين مسئولي مصرف اليابان سوف يكون موضع اهتمام ومراقبة من كثب كعامل للتنبؤ بالمسار المستقبلي للسياسة النقدية، وهو ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.                                                                                             


رابط دائم: