السياسة الخارجية المصرية و"الدبلوماسية الشبابية"
25-10-2021

علاء عامر
* باحث متخصص فى العلاقات الدولية

لا شك فى أن النظرة التقليدية لشكل العلاقات السياسية الدولية ومنذ نشأة مبادئها في مؤتمر وستفاليا عام 1648، حتى وقت قريب لم تكن تتوقع التطور الهائل والمتزايد الذي يحدث داخل جنبات هذا المجال الأكثر تأثيرا في شكل العالم ومكوناته من دول ومنظمات دولية وما ينبثق عنها من هيئات ومؤسسات، والتي هي نواة للمجتمع الدولي وتشارك جميعها في تفعيل إرادة الجماعة الدولية. وقد صاحب هذا التطور ضرورة تغيير تلك النظرة القاصرة لأدوات العلاقات الدولية وتطويرها واستحداث أدوات جديدة تكون قادرة على مواكبة ركب هذا التطور والتأثير فيه بطرق تتماهى مع العولمة والثورة التكنولوجية والتسارع المطرد لدور الفئات العمرية الأقل سنًا، القادرة على تطويع واستخدام هذه الأدوات لخدمة المصالح العليا لدولهم، فلم يعد مجال العلاقات الدولية مقصورا على المسئولين الرسميين من ممثلي وزارات الخارجية والتعاون الدولي من وزراء وسفراء وموظفي البعثات والسفارات والقنصليات التابعة للحكومات والمؤسسات الرسمية.

ومع هذا التطور في أدوات العلاقات الدولية والدبلوماسية، كانت الضرورة لنشوء ما يعرف بالقوة الناعمة، وهو المفهوم الذي صاغه أستاذ العلوم السياسية جوزيف ناي في عام 1990 لوصف القدرة على الجذب والاستقطاب السياسي دون إكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع.

"القوة الناعمة؛ سلاح مؤثر يحقق الأهداف عن طريق الجاذبية بدلا من الإرغام أو دفع الأموال"، كما يقول جوزيف ناى: كانت هذه انطلاقة لمفاهيم عديدة تكونت في حقل العمل الدبلوماسي، وفى العلاقات الدولية، وفى تنوع استخدام الدول لما تملكه من أدوات للقوة الناعمة بين التوظيف السياسي لصناعة السينما والدراما. ويُعد المثال الأشهر في هذا المجال هو ما أنتجته هوليوود على مدار عقود من الزمن للتسويق والدعاية للسياسة الخارجية الأمريكية، خاصةً في صراعها مع الاتحاد السوفيتي في إطار ما يعرف بالحرب الباردة، وكذلك توظيف السينما لتبرير التوسع العسكري والسياسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط بزعم محاربة الإرهاب والأنظمة الديكتاتورية ونشر الديمقراطية وحقوق الانسان، وأيضا تم استخدام الأنشطة الرياضية كأداة لتحقيق أهداف سياسية وعرف العالم ما يسمي دبلوماسية "البنج بونج"، حيث تلقى فريق تنس الطاولة الأمريكي دعوة لزيارة الصين فى أثناء وجوده في اليابان في عام 1971 لحضور بطولة العالم 31 لتنس الطاولة، وفي 10 أبريل 1971، أصبح الفريق والصحفيون المرافقون أول وفد أمريكي يطأ قدمه في العاصمة الصينية منذ عام 1949، وتم اعتبار الحدث حجر أساس في عودة العلاقات الأمريكية-الصينية ومهد الطريق لزيارة الرئيس الأمريكي نيكسون إلى بكين في عام 1972. ومع نجاح الحدث وظهور تطور في العلاقات، بدأت باقي الدول باستخدام تلك السياسة لإصلاح علاقاتها مع نظيرتها من الدول الأخرى.

وظهر أيضا بسبب تطور شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة ما يعرف بالدبلوماسية الرقمية ودبلوماسية فيسبوك، حيث تمت صياغة هذا المصطلح في أكتوبر عام 2008 عندما قامت الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي آنذاك أوباما باستخدام موقع فيسبوك ومنصات أخرى في الدعاية الانتخابية إلى مرشحهم الديمقراطي في مواجهة السيناتور الجمهوري جون ماكين، واستخدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فى أثناء فترة حكمه ضد خصومة نفس الأدوات، ولكن بفاعلية وبطريقة مكثفة أدت لقيام شركات فيسبوك وتويتر بحظر حساباته على منصاتهم الإلكترونية في تصرف يراه محللون وباحثون مخالفا لزعم الولايات المتحدة الأمريكية بقبول كافة الآراء السياسية واحتضانها للحريات والتعددية السياسية على أراضيها.

كيف استعادت الدولة المصرية شبابها؟

قدمت مصر عقب الثورة الشعبية في 30 يونيو 2013، صورة جديدة أو نمط آخر من أنماط الدبلوماسية والتواصل مع العالم الخارجي عبر رؤية جديدة لسياساتها الخارجية، ليس فقط من خلال وزارة الخارجية، أو أي من أجهزتها المعنية بالتواصل مع الخارج، ولكن عبر بوابة جديدة ومغايرة تماما، عنصرها الأساسي والجوهري هو الشباب المصري.

استغلت الدولة المصرية قوتها ومواردها البشرية الهائلة، والتي يمثل الشباب فيها نسبة 60% من حجم السكان في مصر، هذه القدرة التي كانت لعقود طويلة مهدرة لا يلتفت لها أحد، ولا يتم توظيفها في الإطار الصحيح، ولكن ظلت مهملة وتم استغلالها واستقطابها في الأحداث التي مرت بالدولة منذ عام 2011. تأرجحت هذه القوة الجبارة تارة بين منظمات مشبوهة تخدم أجندات غير وطنية، وتارة أخرى بين الجماعات الإسلاموية التي دفعت بالكثير منهم خلف الأوهام.

"شباب مصر هم أمل مصر.. بحماسهم الوطني وكفاءتهم العلمية نبني مصر المستقبل.. وبإخلاصهم ستحيا مصر.. ".

الرئيس عبدالفتاح السيسي

تنبهت الدولة المصرية لهذه القدرة التي يمكن تحويلها إلى طاقة متجددة من الأمل والعمل، فكانت فكرة إنشاء قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية، كي تكون مؤهلة للعمل السياسي، والإداري، والمجتمعي بالدولة، فتم إطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة في يناير2016، ليكون كيانا مستقلا تابعا لرئاسة الجمهورية. واستكمالا لرؤية الدولة المصرية والتي تستهدف تدريب الكوادر الإدارية للعاملين بالدولة تم إنشاء البرنامج الرئاسي لتأهيل التنفيذيين للقيادة، والذي يدار من خلال إدارة متخصصة محترفة هي "الاكاديمية الوطنية للتدريب" التي تم تدشينها في عام 2017، حيث تمكن الخريجون فى هذه البرامج التأهيلية من اعتلاء أعلى المناصب الإدارية في الدولة، من خلال تعيين 23 شابا كنواب للمحافظين، ليصبح تمكينا حقيقيا للشباب يتجاوز الشعارات ويأتي في إطار ثقة الرئيس بأن الشباب هم بناء المستقبل.

وتأكيدا على الاهتمام غير المسبوق والمتزايد من الدولة بدور الشباب المصري، تم إطلاق المؤتمر الوطني للشباب برعاية مباشرة من مؤسسة الرئاسة، وتحولت الفكرة إلى واقع يتم تطبيقه بالفعل وتحت شعار «أبدع.. انطلق» أطلق السيد رئيس الجمهورية المؤتمرات الوطنية للشباب، لتكون منصة للحوار المباشر بين الدولة المصرية بمختلف مؤسساتها، والشباب المصري الواعد الذي يطمح لتحقيق مستقبل أفضل لدولته، وأصبح ملتقى دوري للحوار بين الشباب والرئيس والحكومة المصرية، وتم عقد المؤتمر الأول في مدينة شرم الشيخ في الفترة بين أكتوبر ونوفمبر عام 2016، واستمرت المؤتمرات تعقد بشكل دوري وتنوعت أماكن الانعقاد بين محافظات وأماكن مختلفة، شملت القاهرة، وأسوان، والإسماعيلية، والإسكندرية، وفندق الماسة، وجامعة القاهرة، والعاصمة الإدارية، ومركز المنارة للمؤتمرات الدولية.

وتوسعت الدولة المصرية في منح الفرصة الكبرى للشباب للمشاركة السياسية والمجتمعية، حيث بلغ عدد إجمالي الشباب في مجلس النواب 185 نائبا بنسبة 32.6% من إجمالي عدد النواب، لتقترب من الثلث، وتم إطلاق تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في أبريل 2018، عقب دعوة الرئيس السيسي لتنمية الحياة السياسية، ودشنت التنسيقية لتكون منصة حوارية بين الشباب من مختلف التيارات السياسية، وأعلنت التنسيقية منذ اليوم الأول لتأسيسها أن هدفها، تقوية الأحزاب، وإيجاد قنوات ومساحات اتصال وتقارب مع الدولة، من خلال المشاركة بأوراق عمل ومقترحات ومشروعات قوانين، وكذلك الحوار المباشر مع المسئولين، بالإضافة إلى الحوارات المجتمعية، وعرض الرؤى. وفى يوليو 2021، تم تدشين أحدث الكيانات الشبابية الواعدة بحضور رئيس الجمهورية، وهو اتحاد شباب الجمهورية الجديدة، ليكون مظلة واحدة يجتمع تحتها الشباب المصري بهدف توحيد مجهودات العمل المجتمعي والتنموي في إطار رؤية مصر 2030، وسياسات الدولة المصرية لبناء الجمهورية الجديدة، ويضم بين صفوفه مجموعة من خريجي الأكاديمية الوطنية للتدريب وكوادر البرنامج الرئاسي ومتطوعي مبادرة حياة كريمة والمشاركين في المؤتمرات الشبابية ومنتدي شباب العالم.

كل ما سبق، هو تطبيق حقيقي لرؤية دولة تدرك أن قوتها تكمن فيما لديها من مخزون ينبض بالوطنية والحيوية، تمثل في شبابها الذي تخطى بحكمة ومسئولية مرحلة الاستقطاب بالغضب والشعارات، وكلام السياسيين المنمق الذي لا يتطور إلى رؤية أو مشروع عمل يمكن تطبيقه على أرض الواقع.

تعزيز دور الشباب في السياسة الخارجية لمصر:

قامت الدولة المصرية بتطويع واستثمار أدواتها من خلال الكيانات الشبابية السياسية والمجتمعية التي تم تدشينها عقب تولى الرئيس السيسي الحكم لخدمة السياسة الخارجية لمصر، عبر التواصل مع الدول المختلفة، وكذلك المنظمات والكيانات الدولية المعنية بالعمل العام، وكان من أبرز التعليقات على جهود الدولة الرامية لتنمية دور الشباب هي الإشادة الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بجهود مصر في الاستثمار في شبابها. وقال البرنامج في منشور عبر فيسبوك، نقلا عن تقرير التنمية البشرية في مصر 2021، تحت عنوان "التنمية حق للجميع: مصر المسيرة والمسار"، إن الدولة المصرية "تعمل على الاستثمار في شبابها، وتهدف إلى الآليات الجديدة التي تعزز مشاركة الشباب، مثل المؤتمرات، والأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب، وإشراك الشباب في عملية التنمية.."

وقامت الدولة بتعزيز هذا الدور، من خلال عدة محاور، شملت:

·المحور الأول: الأكاديمية الوطنية للتدريب:

التعاون بين الأكاديمية ومدرسة الإدارة الوطنية الفرنسية:

وذلك من خلال برنامج التعاون المصري - الفرنسي المشترك عبر تطبيق سياسات تبادل الخبرات والعلوم، وأيضا على مستوي المؤسسات التدريبية، حيث يتم التعاون بين الأكاديمية الوطنية للتدريب في مصر والمدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة (اينا)، وهي واحدة من أعرق المدارس العليا الفرنسية التي أنشئت في عام 1945 من قبل ميشال دوبريه، تسعى إلى دمقرطة الوصول إلى المناصب المدنية العليا. ويستهدف هذا التعاون نقل وتبادل الخبرات بين البلدان لتدريب الشباب والكوادر الإدارية عبر انخراطهم في برامج الأكاديمية الوطنية للتدريب والمدرسة الفرنسية وما يمثله ذلك من فتح قنوات جديدة للشباب المصري للاتصال مع المؤسسات الفرنسية ونقل وجهة نظرهم في أمور مختلفة، من بينها المتعلق بالشأن السياسي المصري في بعض الملفات، مثل عرض التغييرات الجارية في المجال السياسي العام في مصر وإتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن آرائهم والانخراط في العمل العام والمشاركة السياسية، وكذلك جهود الدولة في ملف حقوق الإنسان والحريات وجهود التنمية والقضاء على العشوائيات ومجابهة الإرهاب واستعراض أخطار الهجرة غير الشرعية على قارة أوروبا. كما يسهم هذا التعاون بالتبعية في فتح المجال أمام فرنسا للاطلاع على أفكار الشباب المصري الذي بدوره يمكنهم من قراءة دقيقة لمستقبل هذه المنطقة التي تقع ضمن أولويات السياسة الفرنسية، وخاصةً منطقة شمال إفريقيا، كما أن تمثيل فرنسا في اجتماعات المؤسسات الدولية والأوروبية الموجودة في مصر يتيح هذا العمل المنتظم من الرصد والحوار لنقل التحليلات الفرنسية في الأعمال متعددة الأطراف.

ولم ينحصر هذا التعاون على تبادل الخبرات ووجهات النظر والرؤى في المجال السياسي والإداري فحسب، بل تطور ليشمل عقد دورات تعليم للغات العربية والفرنسية والتبادل الثقافي بين شباب البلدان وما يمثله ذلك من تطوير لأدوات القوة الناعمة المصرية في علاقاتها الدولية.

التعاون بين الأكاديمية والدول الإفريقية:

وذلك عبر إطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب الإفريقي للقيادة، حيث انطلقت الفكرة تنفيذًا لإحدى توصيات منتدى شباب العالم 2018، وتزامنًا مع رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي لعام 2019. ويستهدف البرنامج تجميع الشباب الإفريقي بمختلف انتماءاته ومعتقداته تحت مظلة واحدة هدفها التنمية والسلام، وذلك استكمالًا لدور السياسة الخارجية المصرية في المشاركة الفعالة مع الحكومات الإفريقية الأخرى بالاستثمار في أهم عنصر تملكه القارة الإفريقية؛ ألا وهم الشباب. ويهدف البرنامج إلى إتاحة الفرصة إلى أكثر من 1000 شاب من قارة إفريقيا عبر 10 دورات كل دورة بسعة 100 شاب، وفترة الدراسة 5 أسابيع، وتضمنت شروط الالتحاق للبرنامج أن تكون سن المتقدم بين (18-30) عامًا، والأفضلية للقبول ستكون للمتقدمين أصحاب الإنجازات (العلمية، والرياضية، والثقافية، والاجتماعية).

"إن شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب الإفريقي للقيادة هم مستقبل إفريقيا الأفضل من خلال المعرفة ووسائل التعلم". د. رشا راغب المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب.

وقام البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب الإفريقي للقيادة بتغطية 45 دولة من أصل 54 دولة إفريقية، وأكدت الأكاديمية أنها مستمرة في تقديم برامجها حتى الدفعة العاشرة لتغطية الدول الإفريقية بالكامل، هذا الأمر الذي يعد بمثابة نقلة كبيرة في شكل التواصل مع أبناء القارة الإفريقية بعد فترة كبيرة من مستوى متردٍ لشكل العلاقات بين دولتين وشعبين يسكنان قارة واحدة، ولا شك فى إن إعطاء الفرصة للشباب المصري بالتواصل مع أشقائهم من شباب الدول الإفريقية فى أثناء فترات التدريب هو كسر لحواجز كبيرة كانت قد تراكمت في نفسية الشعوب الإفريقية تجاه مصر تحت ضغط عوامل عديدة، منها وجود أطراف إقليمية، وفى القارة نفسها تريد بقاء الفجوة بين مصر وبلدان القارة الإفريقية بل وتعمل على اتساع هذه الفجوة للتأثير على جهود مصر الدولية والإضرار بموقفها أثناء صياغتها للسياسة الخارجية الخاصة بها في تعاملها مع جيرانها ومع أزمات وصراعات القارة، ولعل أزمة السد الإثيوبي، والتي تهدد حياة شعبي وادي النيل في مصر والسودان هي الخطر الأكبر حاليا الذي يهدد أمن واستقرار القارة برمتها ليس فقط القاهرة والخرطوم، وذلك نظرا لتعنت الجانب الإثيوبي الرافض لأي مسارات سياسية وقانونية. وعلى الرغم من بقاء هذه الأزمة عالقة لمدة طويلة من الزمن بدون حل يذكر إلا إن مصر لا تزال تراهن على قدرة الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي لدفع أديس أبابا لتوقيع اتفاق قانوني يحقق للقارة الخير والسلام ويجنبها أي خيارات سيئة في النهاية.

إن اهتمام الدولة المصرية الكبير بالشباب الإفريقي هو احترام وتقدير لدورهم وفهم عميق لضرورة فتح قنوات تواصل مع أبناء القارة الإفريقية. فبحكم الجغرافيا والتاريخ مصر دولة إفريقية، وكثيرا من الدول الإفريقية تمثل امتداد للأمن القومي المصري وهناك علاقة تأثير وتأثر دائمة بين مصر وجيرانها، ومصر تنظر إلى هذه العلاقات برؤية شاملة للتنمية والازدهار لا نظرة تعالى واستعمار، لذلك كانت الحاجة لإنعاش هذه العلاقات خارج الإطار الدبلوماسي المتعارف عليه عبر الاستفادة المتبادلة من خلال الأكاديمية الوطنية للتدريب.

 المحور الثاني- منتدى شباب العالم:

ساهم منتدى شباب العالم الذي تم إطلاقه في عام 2017 تنفيذا لتوصية مجموعة من الشباب المشاركين في المؤتمر الوطني للشباب بالإسماعيلية، في الانخراط بشكل فعال في الحوار مع شباب العالم حيث بلغ إجمالي عدد الحاضرين في النسخة الأولى منه عام 2017 أكثر من 3200 مشارك من 113 دولة، وبلغ عدد الحاضرين في عام 2018 حيث تم إطلاق النسخة الثانية منه 5000 مشارك من 169 دولة، ووصلت ذروة أعداد المشاركين 7000 مشارك من 197 دولة في النسخة الثالثة التي عقدت في ديسمبر 2019. هذا التجمع الهائل من الشباب من مختلف الجنسيات والعرقيات والديانات والألوان تحول إلى منصة عالمية تهدف إلى الجمع بين الشباب لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا والملفات التي تهم سكان العالم. ويوفر المنتدى فرصة للأجيال الشابة لتبادل رؤيتهم والتعبير عن أفكارهم من أجل تعزيز الحوار المفتوح بين الثقافات والحضارات المختلفة وإرسال رسالة السلام والوحدة والوئام والتقدم إلى العالم بأسره. ويشرك المنتدى الشباب في بيئة غنية ثقافيا وسياسيا، مما يسمح لهم بالتفاعل مع كبار صناع السياسات والتواصل مع الشباب الواعدين من المنطقة والعالم بأسره.

وحصدت الدولة المصرية العديد من المكاسب عبر انخراط الشباب المصري مع بقية شباب العالم في حوارات مفتوحة وورش عمل وجلسات نقاشية وملتقيات جمعت الشرق والغرب والشمال والجنوب على أرض مصر. وقد عرض شباب مصر وجهة نظر دولتهم ومؤسساتها على جميع المشاركين وقاموا بإيضاح النقاط التي قد يخفيها الإعلام الأجنبي عن ملفات تشغل بال الشباب في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، تحدث شباب مصر عن ثورة الشعب المصري في يونيو 2013، وانتهاكات وجرائم تنظيم الإخوان ضد حقوق الإنسان والتعرض للآمنين، وتحدث الشباب عن جهود الدولة في بناء وتطوير البنية التحتية بعد عقود من الإهمال والفساد، وتطرق شباب مصر في المنتديات إلى أن حقوق الإنسان تشمل حياة كريمة لكل مواطن مصري في الصحة والتعليم والغذاء والسكن وأن يجد طرق آمنة يسير عليها وتعليم يواكب التطور الهائل وأن ينعم كل مواطن داخل بيته بالأمان، وتحدثوا عن مشاركة الشباب في الحياة السياسية والعمل العام، وعن دولة لم تعامل الذي هجروا بلادهم معاملة اللاجئين، بل احتضنتهم كما تحتضن مواطنيها الأصليين، كما تحدث الشباب عن دولة تحيط بها الأخطار على كل حدودها الاستراتيجية ولكنها لم تتورط في معركة هنا أو حرب هناك، وتحدث شباب مصر للعالم وكانوا خير سفراء لبلدهم.

ظل منتدى شباب العالم المناسبة الأبرز في حياة الشباب والحدث الذي ينتظرونه باعتباره حدثا دوليا تتم فيه مناقشة القضايا التي تمس العالم أجمع والتي تتنوع بين قضايا ذوي الإعاقة، وريادة الأعمال، والتنمية المستدامة، والتغيرات المناخية، والإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وغيرها من القضايا التي يجتمع على مناقشتها العالم.

وقد صدر عن المنتدى منصات تفاعلية من أجل تمكين الشباب وتبني أفكارهم، من خلال سلسلة من الفاعليات، هى:

·  نموذج محاكاة الاتحاد الإفريقي:

وهو أول ما نظم تحت مظلة "منصات منتدى شباب العالم"، وذلك عقب توصيات منتدى شباب العالم 2017، والتي نصّت على ضرورة تفعيل الحوار بين الشباب العربي والإفريقي.

تم عقد نموذج محاكاة الاتحاد الإفريقي بالقاهرة، في مايو 2018، بحضور عدد من الشخصيات المرموقة ورفيعة المستوى، بالإضافة الى ممثّلين لأكثر من 20 دولة عربية وإفريقية، حيث أُتيحت الفرصة للشباب العربي والإفريقي ليتناقشوا ويتحاوروا في التحديات التي تواجه بلادهم وكيفية التغلّب عليها. وقد انعقد نموذج مُحاكاة الاتحاد الإفريقي بتمثيل 55 دولة إفريقية، وهى الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.

· ملتقى الشباب العربي والافريقي:

هي منصة حوار للشباب من كلتا المنطقتين العربية والإفريقية يتبادلون فيها خبراتهم ورؤاهم نحو مستقبل أوطانهم. فقد أتيحت الفرصة للمشاركين في نسخته الأولى مناقشة مُختلَف الموضوعات التي تهم الشباب العربي والإفريقي بهدف تعزيز التعاون بين الدول العربية والأفريقية. كما ساهمت فعاليات الملتقى بمختلف أنواعها، من جلسات نقاشية وورش عمل وموائد مستديرة، في مد مزيد من جسور التواصل بين القادة الشباب الواعدين وصُنَّاع القرار والسياسيين والخبراء في المجالات المختلفة لصياغة رؤية شبابية تسعى نحو مستقبل أفضل بالمنطقتين العربية والإفريقية.

لذلك، أصبح منتدى شباب العالم منصة دولية ونقطة تلاقي العديد من الثقافات والأفكار والجنسيات على أرض مصر وقناة تواصل بين شباب مصر وشباب العالم، وهو نتاج إرادة مصرية خالصة لنقل صحيح ودقيق للأوضاع الداخلية لدول منطقتنا لدول توقفت ذاكرتها عند الاعتقاد الخاطئ والصورة النمطية لشكل المنطقة العربية ومواطنيها وملفاتها السياسية، مثل ملف حقوق الإنسان، والحريات، والإرهاب، والإصلاح السياسي والاقتصادي، والتي ظلت لعقود طويلة ملفات للابتزاز والتوظيف السياسي.

المحور الثالث- فعاليات مشتركة:

تتنوع علاقات مصر الخارجية وتمتد على طول الاتجاهات شرقا وغربا شمالا وجنونا، منفتحة على جميع الأطراف الدولية متخطيةً حدود الاستقطاب الحادة بين القوي العظمي المتناحرة في العالم، لتنطلق إلى عالم متعدد الأقطاب تستطيع من خلاله صياغة سياسة خارجية لها استقلاليتها ورؤيتها المنفردة. هذا التنوع انعكس على اتجاه تحرك الشباب المصري تجاه العالم وتمت ترجمة ذلك في إطلاق منتدى الشباب المصري الروسي الذي صدر في نسختين، كانت الأولى منها في موسكو، والأخرى في القاهرة، عقدت في أول أكتوبر الجاري بإشراف من وزارة الخارجية والشباب والرياضة، وبتنسيق وحضور من السفير  الروسي بالقاهرة جيورجي بوريسينكو والوكالة الفيدرالية الروسية لشئون الشباب، وبالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في مصر، وتم تنفيذ المنتدي في مدينة العلمين الجديدة، مما أتاح للمشاركين الروس رؤية التطورات الكبيرة في مصر، والحوار مع الشباب المصري في ملفات التعاون المصري-الروسي المشترك، وجاء إعلان 2021 عامًا للتعاون الإنساني بين روسيا ومصر ليؤكد توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في كل المجالات، وتعزيز التواصل المباشر بين مختلف طبقات الشعبين، خاصة الشباب. ولعل ما يؤكد الأهمية الكبيرة لمثل هذه الفعاليات هو انعقاد جلستى حوار على هامش افتتاح المنتدي الأولى بعنوان "العلاقات المصرية – الروسية"، والأخرى تحت عنوان "التبادل الشبابي ودوره في تفعيل الدبلوماسية الشبابية". وقد رسخت الجلسة الأخيرة لمفهوم جديد سيكون محل بحث ودراسة في المستقبل لتحليل ومدى بيان أهمية ومحورية تطبيقات "الدبلوماسية الشبابية" ودورها في إطار رسم السياسة الخارجية للدول.

وفى هذا السياق، كان هناك مسار آخر حرصت من خلاله وزارة الهجرة على التواصل مع المصريين بالخارج، خاصةُ الشباب، إيمانا بدورهم القوي باعتبارهم سفراء مصر بالخارج بمختلف دول العالم، فقامت بإطلاق مؤتمر الكيانات المصرية بالخارج، في نسختين الأولى منها في يوليو 2019، والأخرى في أغسطس 2021 بهدف إشراك المصريين بالخارج،  والشباب  منهم خاصة، في تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، واستعراض ما حققته مصر من إنجازات في وقت قياسي، حيث خصصت  النسخة الأخرى من مؤتمر الكيانات المصرية بالخارج لدعم رؤية القيادة السياسية في الجمهورية الجديدة والمشاركة في المشروع القومي لتنمية الريف المصري "حياة كريمة"، والذي يسهم بقوة في المحافظات والقرى الأكثر تصديرًا لظاهرة الهجرة غير الشرعية، وتم تدشين آلية للتواصل مع الشباب المصري الدارس بالخارج لتعزيز دورهم الوطني في التواصل مع الشباب من الجنسيات الأخرى والمؤتمرات التي يتم عقدها في الجامعات التي يدرسون بها، التي يتمكن من خلالها الشباب المصري من نقل الإصلاحات والتطورات التي تحدث على الأراضي المصرية في مجال البنية التحتية، وتطبيقات الحماية الاجتماعية، وإنشاء المدن الجديدة، والحرب على الإرهاب، وحماية الحقوق السياسية والدستورية عبر الاستحقاقات النيابية، والتوسع في منح المرأة المصرية حقوقها في مجال العمل والمشاركة السياسية والمجتمعية والرد على ادعاءات المنظمات المشبوهة بخصوص ملفات حقوق الإنسان والحريات في مصر.

نجحت مصر في هذا الملف المحورى والجوهري بفضل امتلاكها لهذه الطاقة الشابة التي عايشت أحداث سياسية غير مسبوقة، ساهمت في صقل وتشكيل شخصياتهم وأفكارهم ورؤيتهم تجاه الدولة ومؤسساتها ومصالحها وعلاقاتها مع العالم الخارجي، وأيضا بفضل إيمان وثقة الرئيس السيسي وأجهزة الدولة المصرية في شباب مصر، والتي تُرجمت إلى واقع ملموس ينتقل من حالة الشعارات والوعود إلى التطبيق الفعلي. ولا يزال أمام الشباب المصري الكثير ليفعله داخليا وخارجيا، خاصة إذا كان محور نقاشنا هو دور الشباب المصري في تطبيقات السياسة الخارجية المصرية، حيث تجدر الإشارة إلى الأهمية البالغة لمجالات حديثة في عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية وهما (الدبلوماسية الشبابية) و(الدبلوماسية الرقمية) باعتبار أن الشباب هم المكون الأكبر لهذه المجالات من أنماط الدبلوماسية التي أصبحت بفضل العولمة والتطور الهائل في وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي تحتل صدارة وأولوية لدي وزارات الخارجية ومراكز  الفكر لما تمثله من قدرة كبيرة في التأثير علي الحكومات والمجتمعات المستهدفة.


رابط دائم: