نصرة الله .. والخروج من زنزانة الظلام
4-2-2021

د. إلهــام سيــف الدولــة حمــدان
* أستاذ العلوم اللغوية بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر

تداهمنا الحياة دوما بمآزق واختبارات وابتلاءات نضيق بها ذرعا، ولا نجد سبيلا للخلاص منها بسهولة ويسر، بل بمواجهة صعاب وأهوال، وحين الخروج من المأزق وانقشاع الغيوم الحياتية، نجتر الأحداث ونراجع أنفسنا لنفاجأ بأننا من حوّلنا اليسير إلى عسير، ولم نهّون على أنفسنا الأمور بالحكمة والروية وحسن التأمل في الممكن من الحلول، وهو جلي وضاح أمام أعيننا.

 

وهنا أسوق دليلا من مرويات التاريخ التي أجدها تؤكد على كلامي بطرافة الموقف الذي واجهه أحد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في عصر لويس الرابع عشر ، قبيل موعد تنفيذ الحكم عليه بليلة واحدة، وكان مسجونًا في جناح القلعة، وإذا بالسجين يفاجأ في تلك الليلة بأن باب زنزانته يُفتح ويدخل عليه (لويس) يرافقه الحراس؛ ليعرض عليه فرصة ذهبية للفرار والنجاة بحياته؛ وذلك إن اهتدى إلى المخرج الموجود في زنزانته الخالية من الحراسة، وفي حالة عدم تمكنه من إيجاده، فإن الحرّاس سيأتون في الموعد المحدد مع شروق شمس اليوم التالي لتنفيذ حكم الإعدام فيه.. ثم غادر الحرّاس الزنزانة مع لويس بعد أن حرروه من الأغلال والسلاسل؛ ليبدأ رحلته للعثور على المخرج المنقذ.

 

وبدأ يفتّش هنا وهناك في أرجاء الجناح الذي سُجن فيه، وهو يتأرجح بين أمل يلوح وآخر يخبو، فتارة يكتشف غطاء فتحة مغطّاة بسجادة بالية على الأرض تؤدّي إلى سلّمٍ يقوده إلى سرداب سفلي، ثم يليه درج آخر علوي فظل يصعد، وخدعه ما تسلل من نسائم هواء، فظن أنه قد عثر على المخرج، لكن أحبطه اكتشافه أنه لا يزال قابعًا في برج القلعة الشاهق بعيدًا عن الأرض، وعندها ركل الحائط بقدمه وإذا به يحس بالحجر الذي يضع عليه قدمه يتزحزح، فقفز وبدأ يختبر الحجر فوجد بالإمكان تحريكه، وما إن أزاحه فإذا به يعثر على سرداب ضيّق، فبدأ يزحف إلى أن بدأ يسمع صوت خرير مياه فراوده الأمل مجددًا لعلمه أن القلعة تطل على نهر، لكنّها كانت مجرد نافذة مغلقة بالحديد رأى النهر عبرها..

 

وهكذا أمضى ليلته لاهثًا وراء محاولات النجاة وبشائر أمل وشيكة؛ لكنها تتحول إلى سراب في لحظة حتى نال منه التعب والإحباط، وأخيرًا انقضى الليل ثقيلًا على السجين. ومع شروق الشمس أطل عليه من الباب لويس الرابع عشر بوجهه متسائلا: أراك مازلت هنا!

 

قال السجين: كنت أتوقع أنك صادق معي!

 

فبادر بالرد مستنكرا: لقد كنت صادقًا!

 

سأله السجين: لم أترك بقعة في الزنزانة لم أحاول فيها، فأين المخرج المزعوم؟

 

ففاجأه بالرد: لقد كان باب الزنزانة مفتوحًا غير مغلق!

 

ياله من موقف ينطوي على حكمة بالغة الأهمية تنبهنا إلى ما نقع فيه من أخطاء عندما نمر بمشكلة يستعصي علينا حلها دون أن نلتفت إلى أبسط السبل التي تغيب عن تفكيرنا البالغ التعقيد الذي يقعدنا عن حل في متناول اليد يختزل الوقت والجهد ويبعد شبح المعاناة والمكابدة بسهولة..

 

ولا أدري لم جعلتني هذه المروية التاريخية أثمّن مجددًا جهود الرئيس السيسي التي جعلته يأخذ على عاتقه إنقاذ مصر والمرور بها من عنق الزجاجة، والعثور على المخرج المنقذ لها من زنزانة كادت أن تظل حبيسة بها بعد العام الأسود لـ حكم ظلامي ربما لأعوام وأعوام أخرى لولاه.

 

لقد جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بحكمته ووطنيته وحبه الحقيقي لمصر وشعبها ليفتح الباب على مصراعيه لنتنسم نسائم الحرية - التي عجز السجين عن استنشاقها - ولنعيد بناء أنفسنا ووطننا من جديد فأصبحنا يدًا تبني ويدًا تحمل السلاح دفاعًا عن أغلى ما يستطيع أي إنسان امتلاكه، وهو الوطن.

 

حقا إن الخروج من الأزمات فن لا يجيده إلا كل كيّس فطن، تعلو رأسه الحكمة وينطوي عقله على التفكير السديد، وتتملكه رغبة حقيقية في إنقاذ من حوله من أذى محقق، فلنحمد الله على نعمة القيادة السياسية الحكيمة التي حبانا الله بها وجعلها تمتلك من الكياسة والفطنة ما استطاعت به الوصول إلى أقصر الطرق التي تؤدي إلى انتشال أمة من كبوة حفر لها أعداء الإنسانية لتقع فيها ولا تقوم لها قائمة بعدها، فنراه شعلة نشاط لا يهدأ له بال في كل فيمتو ثانية إلا وهو يفكر في إنجاز مخططات التنمية، وإعادة بناء لكل موقع واجه تعثرًا في وقت ما.

 

ولا يقتصر اهتمامه على البنية الداخلية التي تهلهلت في عهود سابقة؛ بل عمل بكل طاقته لإصلاح صورة مصر الخارجية منذ لحظة توليه زمام الأمور، فمن يراقب مسار جولاته وأسفاره حول العالم يستطيع أن يرى كيف كانت نظرة العالم لمصر من قبل، وما أصبحت عليه الآن من احترام وإجلال، فرئيسنا يقف كتفًا بكتف مع رؤساء الدول العظمى بشموخ وعزة ويكون محط أنظارهم ومحور اهتمامهم بشكل لافت، وهو في قرارة نفسه يرسل رسالة خفية لكل مواطنيه: ارفع رأسك فوق أنت مصري!

 

لقد استطاع في وقت وجيز تحقيق قفزات حضارية واسعة، تضع مصر على الطريق الصحيح، وخلصنا من مآزق لم نكن نحلم بالخروج منه؛ لنصل إلى بر الأمان وسط عدو لا يتوقف عن محاولات الهدم بمعول الخيانة، وسواعد الغدر والعمالة والتواطؤ حتى لحظة كتابة هذا المقال.

 

لكننا بإيماننا بالله والتفافنا حول قيادتنا السياسية المخلصة وجيشنا وشرطتنا معتصمين بحبل الله لا ولن يفرقنا شيء، حقًا وصدقًا إن ينصركم الله فلا غالب لكم!

 

فليس بعد نصرة الله من نصر.. حفظ الله مصر!


رابط دائم: