الخليج وإيران والمتغيرات
4-9-2011

د. شملان يوسف العيسى
* رئيس سابق لقسم العلوم السياسية بجامعة الكويت.

يبدو أن العلاقات الخليجية - الإيرانية تمر بمرحلة حرجة بعد تبادل الاتهامات والاتهامات المضادة بين السعودية وإيران، فتصريحات وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز ذكر فيها بأن السعودية تعاني من استهداف إيران والإرهاب.

وقد نفت إيران على لسان وزارة الخارجية الإيرانية كل هذه الاتهامات وأكد البيان الإيراني بأن طهران تعتبر أمن السعودية أمن إيران، وأن إيران تريد الاستقرار والهدوء للسعودية على الدوام، وأن الأمن في السعودية وإيران مرتبطان، وأن أمن السعودية هو من أمن إيران، مستغرباً التصريحات السعودية.

مهما كانت الاتهامات وردود الفعل، فلا أحد ينكر أو يتغافل بأن هنالك خلافات جوهرية بين دول الخليج وإيران حول العديد من القضايا. كما جاءت خلافات جديدة بين الطرفين منذ نشر قوات سعودية وخليجية في البحرين في شهر مارس الماضي. فقوات "درع الجزيرة" ساعدت السلطات البحرينية على وضع حد للاحتجاجات التي أطلقتها الأغلبية الشيعية.

شعور إيران بأن بريق الثورة الإيرانية بدأ يفقد دوره بعد الثورات العربية الشبابية وأفول دور الخطاب الأيديولوجي سواء الديني أو القومي في هذه الثورات، إضافة إلى امتداد الثورة الشبابية إلى سوريا الحليف الاستراتيجي لإيران، جعل إيران تأخذ مواقف متناقضة. فطهران اعتبرت الاحتجاجات التي شهدتها كل من تونس ومصر واليمن والبحرين مستوحاة من "الثورة الإسلامية" الإيرانية، لكن طهران سرعان ما غيرت وجهة نظرها عندما عمت الاحتجاجات سوريا، حيث أيدت طهران إجراءات التعسف والبطش من النظام السوري ضد الشعب السوري الأعزل.. كما أن وكيل المرشد الأعلى في العراق محمد مهدي الأصفي أصدر فتوى بتحريم التظاهر في العراق.

واضح جداً بأن إيران الثورة تتعامل مع الثورات العربية بمنطق الدولة القومية الإيرانية التي تريد الحفاظ على مصالحها، وليس من منطلق الثورة الإسلامية. هنالك قلق إيراني من وصول الثورات الربيعية العربية إلى سوريا، كما ذكرنا.

لقد اهتز وضع إيران في المنطقة خصوصاً بعدما كشفت المحكمة الدولية أسماء المتهمين في اغتيال الحريري في لبنان، وهم ينتمون لـ"حزب الله" اللبناني المدعوم من طهران... حيث وضع ذلك كله إيران في موقف حرج، خصوصاً بعد رفض حركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطيني في غزة إصدار بيان يدين المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في سوريا.

السؤال هنا ما هو موقف إيران في حالة سقوط حليفها الرئيس في المنطقة، وهو سوريا؟ ما هي البدائل المتاحة أمام إيران لاستمرار نفوذها في المنطقة؟ إيران تحاول بشتى الطرق حماية النظام السوري من السقوط بدعمه مالياً ومعنوياً، وقد مارست طهران ضغوطاً على العراق لفتح علاقات تجارية مع دمشق رغم خلافات الدولتين العميقة.

إيران تعمل بقوة لحماية مصالحها القومية في العراق حيث تتحالف طهران مع القوى والأحزاب الشيعية العراقية الموالية لإيران، حيث خطت هذه الجماعات الشيعية في الجنوب بالهجوم على الكويت وتهديد الكويت بضرب ميناء "مبارك الكبير" في جزيرة بوبيان الكويتية من "حزب الله" العراقي.. إذا لم توقف الكويت مشروعها في بناء الميناء.. كما أقدمت مجموعة شيعية أخرى بتخريب الإشارات الحدودية - الحديدية التي وضعتها الأمم المتحدة بين البلدين.

كل ذلك يحصل رغم تأكيد بغداد والكويت بأن علاقتهما قوية ومتينة وأن الخلافات يمكن حلها بالتفاوض بين البلدين.

الخلافات - الإيرانية الخليجية سوف تستمر ما دامت دول الخليج تلعب دوراً نشطاً في المحيط العربي من أجل استقرار المنطقة، ومنع انزلاق الدول العربية نحو التطرف الديني أو الفوضى التي يديرها الشارع... من حق الشعوب العربية اختيار الأنظمة الديمقراطية التي تريدها لإدارة بلدانها بعيداً عن تدخلات دول الجوار غير العربية.

---------------------------

* نقلا عن الاتحاد الإماراتية.


رابط دائم: