'الصفقة المزدوجة' :| التغيير في الأردن بين 'الثنائية الديموجرافية' والممانعة الرسمية
2-8-2011

د. محمد أبو رمان
* باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية

بالرغم من أن النزول إلي الشارع للمطالبة بالإصلاحات في الأردن قد تزامن مع المظاهرات والمسيرات في مصر وتونس، فإن التحرك نحو التغيير المرتقب أردنيا يبدو أكثر بطئا وتعقيدا، مقارنة بهذه الحالات، بينما تشي اتجاهات التحول بمسار مختلف عن 'النموذج الثوري' المطروح في بلاد عربية أخري، كما حدث في مصر وتونس، وكما يحدث حاليا في ليبيا واليمن.

يعود الاختلاف بين 'السيناريوهات' الأردنية المطروحة والنماذج العربية الأخري لشروط موضوعية رئيسية، سواء من حيث طبيعة النظام نفسه وسياسات الاستجابة التي تبناها في مواجهة حركة الاحتجاج، أو من حيث طبيعة المجتمع الأردني وتركيبته الديموجرافية، التي تنعكس علي مطالب واتجاهات القوي المتحركة في الشارع.

في المشهد الأردني، ثمة توافق حاليا بين الأحزاب السياسية والحركات الجديدة علي 'المظلة الملكية' للحكم، وعلي عدم السعي إلي تغيير النظام، بقدر ما تكرست (إلي الآن) الصورة الحالية من المطالب في صيغة 'إصلاح النظام'. بيد أن ذلك لا يمنع وجود بعض القوي الشعبية لا تؤمن بالنظام الملكي ولا بالديمقراطية، كما هي الحال في مسيرة تيار 'السلفية الجهادية' الموالي لتنظيم القاعدة.

الفارق الرئيسي بين الحالة الأردنية والحالات الأخري أن هنالك اختلافا واضحا بين أجندات القوي الفاعلة التي قادت المسيرات وحركت الشارع، ولديها منابر إعلامية وبيانات سياسية. وهو اختلاف لا يسمح إلي الآن بتشكل جبهة موحدة للإصلاح، وأجندة محددة عامة تشكل ضغطا باتجاه واحد محدد علي 'مطبخ القرار'.

في المقابل، فإن الاستجابة الرسمية لمطالب التغيير تمثلت في إقالة حكومة سمير الرفاعي، وتكليف حكومة جديدة بكتاب تكليف يجعل لأول مرة من الإصلاح السياسي أولوية محددة، ويطالب الحكومة بقانون انتخاب متطور يعكس توافقا وطنيا. الحكومة الجديدة، بدورها، وبالرغم من الاختلاف بين القوي السياسية في تقييمها، فإنها ضمت شخصيات سياسية قريبة من الألوان المختلفة في المشهد السياسي، بعد أن اعتذرت جماعة الإخوان المسلمين وشخصيات شعبية أخري عن عدم المشاركة في الحكومة.

إذن، فإن السؤال المطروح الذي تناقشه السطور القادمة هو: إلي أين يسير النموذج الأردني في التغيير . هنالك سيناريوهات متعددة، لكن يبدو الأقرب لها هو سيناريو 'الصفقة التاريخية' بين القصر والبرلمان، مما يؤدي إلي تغييرات بنيوية في طبيعة النظام السياسي وهيكليته، بصورة قانونية متدرجة. إلا أن التحدي الحقيقي لهذا السيناريو والتحولات المطلوبة لا يعد مرتبطا ب-'الممانعة الرسمية'، بقدر ما يحضر بوضوح في معادلة 'الثنائية الديموجرافية' (بين الأردنيين من أصول أردنية، والأردنيين من أصول فلسطينية). وهي الملاحظة التي يلخصها مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، د. نواف التل، بالقول 'نحن بحاجة إلي عقد مجتمعي قبل الوصول إلي عقد اجتماعي جديد مع الدولة'(1)، أي أننا بحاجة إلي'صفقة مجتمعية' موازية للصفقة مع الدولة... (ملخص)
 


رابط دائم: