الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط .. ماذا يحمل المستقبل؟
3-1-2012

كلارا مارينا أونيل
*


علي مدي عقود من الزمان' كان لمنطقة الشرق الأوسط أهمية بالغة بالنسبة للاتحاد الأوروبي' ولكن الدول الأعضاء تعثرت في تحقيق أهدافها الرامية إلي دعم السلام' وتحقيق الرخاء والحوكمة الرشيدة بين جيرانها في الجنوب. وبينما يمكن أن يؤدي تطبيق معاهدة لشبونة إلي منح السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي المزيد من الوضوح والتناغم'  فإن ذلك لن يفيد في مواجهة التحديات الأوسع التي قوضت سابقا من مجهودات الاتحاد الأوروبي في المنطقة. ومن ناحية أخري' فإن الأزمة الاقتصادية الحالية' والضغوط داخل منطقة اليورو تهدد بإضافة صعوبات جديدة في طريق محاولات الاتحاد الأوروبي تحقيق  الاستقرار بالشرق الأوسط.

لأسباب كثيرة' ليس أقلها التجاور الجغرافي' كان الشرق الأوسط  والصراع العربي- الإسرائيلي بشكل خاص ضمن أهم  أولويات الاتحاد الأوروبي' منذ أن بدأت الدول الأعضاء في التعاون في إطار السياسية الخارجية. وفي عام 1980' قامت حكومات الاتحاد الأوروبي (وكانت حينئذ تحت رعاية المفوضية الأوروبية) بإصدار إعلان فينيسيا المثير للجدل. وفي وقت كانت فيه منظمة التحرير الفلسطينية تعتبر منظمة إرهابية في أعين إسرائيل والولايات المتحدة' اعترفت الدول الأعضاء بضرورة إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في مباحثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وفي محاولة لدعم التنمية الاقتصادية والحوكمة الرشيدة' قام الاتحاد الأوروبي بخلق روابط ثنائية واسعة مع معظم الدول في الشرق الأوسط ' كما قدم لتركيا الفرصة للانضمام مستقبلا إلي عضوية الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلي ذلك' قدم الاتحاد الأوروبي لدول المنطقة مساعدات تنموية وامتيازات تجارية. ومن خلال عملية برشلونة' وحاليا 'الاتحاد من أجل المتوسط'' حاولت الدول الأعضاء تشجيع التعاون الإقليمي بين دول المنطقة وبعضها بعضا. وقد لعب الاتحاد الأوروبي دورا كبيرا في عملية السلام بالشرق الأوسط. وبوصفه أكبر مانح للمعونات للفلسطينيين' فقد تولي قيادة الجهود الرامية إلي بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية' وقام بتدريب القوات الأمنية الفلسطينية' وقدم بعثة مراقبة علي الحدود بين مصر وغزة. كما أن دولا أوروبية متعددة لديها قوات ضمن بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة علي الحدود بين إسرائيل ولبنان.

ولكن وعلي الرغم من مبادراته المتعددة' فقد أخفق الاتحاد الأوروبي في تحقيق تقدم ملموس نحو تطبيق أهداف سياسته الخارجية في المنطقة. فلا يزال الفقر منتشرا في عدة دول عربية مشاطئة للبحرالمتوسط' ولا يزال إيقاع الإصلاح السياسي بطيئا. كما أن النزاعات المختلفة التي تهدد الشرق الأوسط لا تزال قائمة. ولقد تم في بعض الأحيان توجيه النقد للاتحاد الأوروبي بسبب بطء تفاعله مع الأحداث' وعدم تبنيه لرؤية استراتيجية موحدة تجاهها. وكثيرا ما شعرت حكومات الشرق الأوسط بالحيرة بسبب كثرة عدد المندوبين المتحدثين بإسم الاتحاد الأوروبي' خاصة أن رسائلهم كانت تتسم بالتناقض في بعض الأحيان. وحتي عام 2009' اشترك كل من المفوضية والمجلس في وضع السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. وكثيرا ما كان لدي كبار المسئولين في المؤسستين أفكار مختلفة حول بعض تفاصيل الصراع العربي - الإسرائيلي. كما خرجت الدول الأعضاء في بعض الأحيان عن الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي. فعلي سبيل المثال' في يوليو 2007' قام  وزراء خارجية من عشر دول أعضاء متوسطية بكتابة خطاب مفتوح إلي مندوب الرباعية' السيد/ توني بلير' معلنين فيه عن فشل خريطة الطريق. وقد خرجوا بذلك عن الخط الرسمي للاتحاد الأوروبي' الذي اعتمد خريطة الطريق' بوصفها الأداة المحورية لتوجيه عملية السلام في الشرق الأوسط...(ملخص)

 


رابط دائم: