عدد جديد لـ" السياسة الدولية" : يناقش إرهاب ما بعد "داعش" والعلامة الوطنية والمشاريع التنموية المتنافسة
29-9-2017
تَصْدُر مجلة "السياسة الدولية" فى عددها الجديد (210)، في الأول من أكتوبر 2017، حاملة بين دفتيها مناقشات أكاديمية معمقة وثرية حول القضايا البارزة على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة ما يتعلق بمكافحة إرهاب ما بعد "داعش"، أو سبر أغوار التحديات التنموية التي تواجه الدولة القومية، في ظل المشروعات التنموية المتنافسة، والصراعات الجيوسياسية، فضلا عن طرح اتجاهات جديدة تتعلق بكيفية صناعة الدولة لعلامتها الوطنية، كجزء من عملية تحسين سمعتها وصورتها في التفاعلات الدولية.
لم يكتف العدد الجديد بتلك القضايا، بل ضم كذلك أبوابا وقضايا أخرى عديدة، من قبيل شخصية العدد حول المفكر السياسي د. مصطفى الفقي، إضافة إلى تناول المجلة لتفاعلات بارزة على الساحتين الإقليمية والدولية، منها ما يتعلق بالفضاء الإلكتروني، ونزع السلاح، ومجلس التعاون الخليجي، فضلا عن الجزائر، وإيران، وليبيا، وكوريا الشمالية، والتنافس الدولي على إفريقيا، والتجربة السنغافورية في التنمية، وغيرها. 
في افتتاحية العدد الجديد، تناول أ. أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير المجلة، زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، محاولا استكشاف ما وراء تلك الزيارة من معان، ورموز، وتحديات، في إطار مساعي الدولة المصرية لاستعادة مكانتها في إدارة التفاعلات الدولية والإقليمية، عبر إعادة تصنيع علامتها الوطنية، انطلاقا من ثوابت السياسة الخارجية لمواجهة أزمات النظام الدولي.
ولأن الرؤية المصرية الساعية للحد من عدم الاستقرار الإقليمي والدولي صارت متشابكة مع الشواغل والاهتمامات العالمية، فقد طرح قسم الدراسات بدوره ثلاث قضايا على درجة عالية من الأهمية البحثية، والعمق الأكاديمي، تتعلق أولاها بمعضلة تعريف الإرهاب في الفكر والممارسة الدوليين، والذي يثير دوما جدلا يعرقل من مكافحة التنظيمات المتطرفة. وتناولت ثانيتها استخدامات الفضاء الإلكتروني من منظور التدخل الخارجي. أما ثالثتها والأخيرة، فتناقش عملية نزع السلاح في معاهدة حظر الأسلحة النووية.
ملف العدد : "إرهاب ما بعد داعش"
 وبما أن مكافحة الإرهاب باتت تستلزم تعاونا داخليا وخارجيا في تفاعلات النظام العالمي، فقد ناقش ملف العدد في المجلة قضية "إرهاب ما بعد داعش"، حيث يحوى موضوعات عديدة لخبراء وأكاديميين اتجهوا في غالبية تحليلاتهم إلى تقييم استراتيجيات وتجارب مكافحة الإرهاب على الصعد الداخلية، والإقليمية، والدولية. 
إذ طرح الملف تحليلات عديدة من قبيل: فعالية التحالفات الدولية في مكافحة الإرهاب، ودروس مواجهة التطرف، ومعوقات القضاء على تنظيم "داعش"، فضلا عن السياسة الخارجية القطرية التي انتهجت مسارا داعما للإرهاب يحد من استقرار الإقليم. تطرق كذلك الملف إلى تحولات الإرهاب بعد "داعش"، وقضية الإرهاب الذكي، في ظل اتجاه التنظيمات الإرهابية لتوظيف التطورات التكنولوجية في تجنيد عناصرها المتشددة، فضلا عن مناقشة مسارات المقاتلين، خاصة في مرحلة ما بعد انحسار "داعش" في سوريا والعراق.

مقالات : من الخليج إلى الجزائر 
ضم قسم المقالات في العدد الجديد للمجلة ثلاث قضايا تشغل الساحة الإقليمية، إذ تنوعت ما بين أسئلة التغيير الحتمي المطروحة أمام مجلس التعاون الخليجي عقب أزمة مقاطعة الدول الأربع ( مصر، والسعودية ، والإمارات، والبحرين) لقطر، وتحليل استراتيجية الجزائر كقوة أمنية في شمال إفريقيا لمواجهة التهديدات اللادولتية في الجوار الإقليمي، إضافة إلى استشكاف المسارات التي يمكن للتعليم من خلالها أن يسهم في استعادة قوة مصر الناعمة، في لحظة تاريخية مليئة التحديات التي تهدد أمنها القومي.
قضايا معاصرة وتقليدية
وبرغم مرور أكثر من أربعة عقود على حرب أكتوبر 1973، فلا تزال دروسها حاضرة إقليميا ودوليا، في ظل ما تقدمه المؤسسة العسكرية المصرية من دروس متواصلة، صارت عنوانا لقوة التماسك الوطني، والاحترافية، ودعم الدولة القومية، وسط بحيرة إقليمية، تواجه فيها المؤسسات العسكرية الأخرى هشاشة وانشطارا أمنيا، خاصة في دول الصراعات العربية. 
لذا، ناقش القسم الخاص في المجلة حول "حرب أكتوبر والفكر العسكري المصري" قضايا مثل: الإبداع الفكري الذي سطرته هذه الحرب، وفلسفة التسليح في القوات المسلحة المصرية، وطبيعة قوة العنصر البشري في معادلة القوة العسكرية، فضلا عن محاور الاستعداد الاستراتيجي لحرب أكتوبر. أيضا، ضم هذا القسم مائدة مستديرة عقدتها مجلة السياسة الدولية، ربطت خلالها بين سباقات التسلح الراهنة وتأثيراتها في التوازنات الإقليمية والدولية.
 في الوقت نفسه، تطرق قسم "قضايا السياسة الدولية"، الذي حمل تقديمه عنوان "الارتداد نحو التقليدية"، إلى تحليل أبرز الأزمات على الساحتين الإقليمية والدولية، إذ سلط القسم الضوء على قضايا، مثل: تحولات السياسة الإيطالية تجاه ليبيا، خاصة في ظل منافسات فرنسية، وروسية، وإقليمية، وتقييم الاتفاق النووي الإيراني بعد عامين على توقيعه مع القوى الغربية الكبرى، وكذلك مدى جدوى العقوبات ضد كوريا الشمالية، في ظل احتدام الصراع بين هذا البلد والولايات المتحدة. 
تناول القسم أيضا السباق الدولي على إفريقيا، كظاهرة جديدة عكست استراتيجية إعادة التكالب الجديدة على موارد وموقع القارة، ضمن المنافسات الجيوسياسية بين قوى النظام الدولي. وامتدادا لذلك الاتجاه، تم أيضا تحليل استراتيجيات التنافس الأطلسي– الروسي في شرق أوروبا والبلطيق.
شخصية العدد : مفكر عبر الزمن
في قسم شخصية العدد، الذي تقدمه المجلة للقراء للاستفادة من الطروحات الفكرية والعملية للخبراء والأكاديميين، وقع الاختيار على المفكر السياسي الأستاذ الدكتور مصطفى الفقي، الذي يعد مدرسة فكرية مستقلة، إذ يجمع بين ممارسة السياسة لتقلده العديد من المناصب الدبلوماسية والسياسية، وطرح الرؤى الفكرية حول مستقبل القضايا العربية.
يحوي هذا القسم المحطات الزمنية للدكتور مصطفى الفقي وآراءه المختلفة، التي جاءت في الحوار الموسع الذي أجراه معه فريق تحرير مجلة السياسة الدولية في مكتبة الإسكندرية، التي يديرها د. الفقي حاليا، إلى جانب وجهة نظر تلاميذه، خاصة السفير عمرو الجويلي، الوزير المفوض، نائب مساعد وزير الخارجية المصري. 
فيم يفكر العالم : التجربة السنغافورية

 

ونظرا لما تمثله سنغافورة من نموذج تنموي استطاع الخروج من أزمة الفقر لتصبح أكثر دول العالم ثراء، وأفضل تعليما، فقد ضم قسم "فيم يفكر العالم؟" حوارا خاصا مع سفير سنغافورة لدى مصر، بريمجت سداسيفان، حول خصوصية العلاقات بين البلدين، ورؤيته لتحولات القوة في العلاقات الدولية. كما شمل القسم أيضا استعراضا مفصلا لكتاب "سنغافورة.. قوة لا مثيل لها" لجون كورتيس بيري، الذي يناقش كيف تحولت هذه الدولة إلى قوة اقتصادية ناجحة في العالم.
ملحقا المجلة : علامة وطنية وتنمية متنافسة
ومع تصاعد أهمية العوامل الثقافية والهوياتية في العلاقات الدولية، ناقش ملحق "اتجاهات نظرية" في عدده الجديد قضية "صناعة العلامة الوطنية للدولة" عبر ثلاثة مستويات أساسية، يركز الأول على المفهوم وإشكالياته النظرية، وكيفية بناء الدول لعلامة وطنية تجعل تصورات الآخرين عنها إيجابية بما يدعم اقتصادها، وهويتها الوطنية، فضلا عن مكانتها الدولية. أما المستوي الثاني، فيتجه لتقييم تجارب الدول في إعادة تنميط علامتها الوطنية في مراحل التحول، مع التركيز على نموذجي جنوب إفريقيا واستونيا. فيما يناقش المستوي الثالث والأخير أنماط التوظيفات المضادة للعلامة الوطنية التي باتت تشغل حيزا مهما في التفاعلات الدولية.
في الوقت نفسه، يناقش ملحق " تحولات استراتيجية" قضية ذات أهمية قصوى تتعلق بـ" المشاريع التنموية المتنافسة". فبرغم أن التنمية تمثل دافعا للتعاون ومساحات التوافق بين الدول، فإن عدم التوازن في تحقيق هذه التنمية قد يؤدي لتنامي قوة طرف بعينه في موازين القوة الإقليمية، بما يعزز الصراعات الجيوسياسية.
من هنا، طرح الملحق جملة من الموضوعات المعمقة التي تمس المنافسات التنموية الإقليمية، كتحدي التنمية العصية للدولة العربية، وإمكانيات التعاون المهدرة في منطقة حوض النيل، وكذلك حدود التنافس والتكامل بين المناطق اللوجيستية في الشرق الأوسط. وتطرق أيضا إلى مدى قدرة الشرق الأوسط على اللحاق برهان المراكز المالية عابرة للحدود، وكذا المساحات المتقاطعة للصراع والتعاون في فضاء الطاقة بالإقليم.


 

رابط دائم: