تحليلات

تعديل قانون الإجراءات الجنائية..ضمانة جديدة لحقوق الإنسان

طباعة

أشارت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى اعتمدها السيد رئيس الجمهورية فى المسار التشريعى إلى أهمية تعزيز الضمانات المعنية باحترام حقوق الإنسان، ولما كانت البيئة التشريعية المصرية فى حاجة إلى نظرة وتعديل لبعض التشريعات وضرورة استكمال البناء على هذا الزخم التشريعى لتعزيز الاتساق بين القوانين والاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، ومن بين القوانين التى تحتاج إلى إعادة نظر هو قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950، فبعد 74 عاما من صدور هذا القانون، الذى يمثل أهم الضمانات القانونية لحماية حقوق المتهم والمحكوم عليه، فيضع ضمانات المحاكمات وإجراءاتها وأحوالها. لذا، فإن التعديل التشريعى جاء لتغيير المنظور الخاص بنظر دعاوى الجنايات على درجة واحدة ولجوء المحكوم عليه إلى محكمة النقض إذا شاهد عوارا فى الحكم، دون أن يكون له استئناف هذا الحكم، الأمر الذى أدى إلى تكدس القضايا لدى محكمة النقض.

أخيرا، تدارك المشرع هذا الضرر الذى كان يصيب المحكوم عليه باللجوء إلى محكمة النقض وهى محكمة واحدة ليطعن فى الحكم الصادر ضده، وكان ينتظر لسنوات حتى تنظر محكمة النقض فى دعواه، ولكنه الآن له أن يطعن على الحكم ويعاد محاكمته أمام محكمة جنايات استئنافية تنظر دعواه، وتحكم فيها من جديد إذا وجد مبررا لذلك، وهذا كان حلما يراود فقهاء القانون، وتحدث عنه الكثيرون.

يأتى هذا التعديل التشريعى لبعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 1 لسنة 2024 باستحداث نظام استئناف الأحكام الجنائية؛ حيث قال رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفى جبالى فى أثناء استعراض المجلس لنصوص القانون إنه شاهد على حجم الآمال والتطلعات التى نصبو إليها جميعا فى ظل الجمهورية الجديدة، التى أطلق خلالها رئيس الجمهورية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021، التى تحمل فى طياتها خطوات مهمة لتعزيز حقوق الإنسان وتطوير سياسات وتوجهات الدولة فى التعامل مع هذه الملفات لتُشكل خطوة جادة فى سبيل النهوض بحقوق الإنسان فى مصر، ومواكبة التطور فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فيجب أن يوازيه تطور كبير فى مجال الحقوق والحريات العامة، ولعل أهمها قانون الإجراءات الجنائية الذى يعد دستورا ثانيا، فهو الظهير التشريعى الذى تتجسد فيه كل مظاهر الحماية الدستورية لحقوق الأفراد وحرياتهم، فضلا عما له من أثر مباشر فى مجال حقوق الإنسان على الصعيدين الدولى والداخلى.

فإذا كان من حق الدولة أن تقتص من المذنب بعقابه، فهذا يقابله حق المحكوم عليه فى منحه الضمانات الكافية ومنها حقه فى إثبات براءته، وقد وضع هذا القانون التزاما بتحقيق أمرين، الأول هو الوفاء بالالتزام الدستورى القائم على كفالة الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور، والثانى  إعادة النظر فى بعض نصوص القانون والإجراءات التى كشف التطبيق العملى عن عدم ملاءمتها فى ضوء مرور ما يزيد على سبعين عاما على صدوره، تخللتها ظروف ومستجدات أوجبت إعادة النظر فى القواعد التى تتصل بالمحاكمات الجنائية.

وسوف نتحدث عن هذا الموضوع من خلال النقاط الآتية:

أولا - وظيفة قانون الإجراءات الجنائية:

ينقسم القانون الجنائى إلى قسمين:قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، أما الأول - قانون العقوبات- فيعنى بالنص على العقوبات التى توقع على الجانى؛ ووفقا للمادة 95 من الدستور فالعقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون، وهذا ما يعرف بشرعية العقوبات، فالمشرع وحده هو الذى يملك تحديد الأفعال المعاقب عليها (الجرائم) وتحديد العقوبات التى توقع على مرتكبيها، أى أن العقوبة لا بد من استنادها إلى نص حتى يتم الحكم بها من قبل القاضى، فلا عقوبة من دون نص قانونى. أما الثانى فهو قانون الإجراءات الجنائية الذى يعرف بأنه مجموعة القواعد التى تحكم الدعوى الجنائية من حيث إجراءات مباشرتها منذ لحظة وقوع الجريمة حتى الحكم فيها، وكذلك الحقوق والواجبات الناشئة عن محيط الروابط القانونية الناشئة عن تلك الإجراءات. فالدور الأساسى لقانون الإجراءات الجنائية هو تطبيق وتفعيل قواعد قانون العقوبات فهو قانون إجرائى يبين كيفية تنفيذ العقوبات بالشكل الذى يحفظ للمواطن حقه وحريته المقررة دستوريا. ويشكل قانون الإجراءات ضمانة مهمة للمحاكمة الجنائية، فيهدف إلى ترسيخ مبادئ وضمانات وحقوق، ويكفل بأحكامه حق الدولة فى العقاب بقدر اهتمامه بحماية الأبرياء.

ثانيا- فلسفة هذا التعديل التشريعى وأهدافه:

التعديل التشريعى لقانون الإجراءات الجنائية 150 لسنة 1950 بالقانون 1 لسنة 2024 يهدف لوضع ضوابط جديدة لحماية المحكوم عليه ومنحه حقوقه كاملة، فالمادة 96 من الدستور أشارت إلى أن القانون ينظم استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، ونظرا لما يحتاج إليه ذلك من إمكانيات مادية ولوجستية وكوادر بشرية من قضاة وأعضاء نيابة مؤهلين لذلك، فجاءت المادة 240 من الدستور لتضبط ذلك الأمر حيث تنص على أن: "تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك. كما أن المادة 97 من الدستور تنص على أن التقاضى حق مصون ومكفول للكافة وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى وتعمل على سرعة الفصل فى القضايا.

بناء عليه، فإن فلسفة هذا التعديل التشريعى وأهدافه يمكن تلخيصها فى النقاط التالية:

- جاء القانون 1 لسنة 2024 تنفيذا لالتزام دستورى قائم على الدولة بكفالة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور التى تنتهى فى 17 يناير 2014.

فرز الواقع العملى خلال العقود السابقة تكدس القضايا حتى أصبح من الضرورى إعادة النظر فى بعض نصوص القانون القائم بعد مضى أكثر من 70 عاما، حتى تتماشى القواعد الجديدة مع الوضع الحالى للجمهورية الجديدة.

-  ترسيخ مبدأ التقاضى على درجتين وهو مبدأ أكده الدستور والاتفاقيات الدولية، ونظرا لخطورة الجنايات وعقوباتها الجسيمة التى تصل إلى السجن المؤبد (السجن مدى الحياة) أو الإعدام، فكيف تنظر على درجة واحدة بينما الجنح التى هى أقل خطورة وعقوباتها لا تزيد على الحبس تنظر على درجتين.

- تحقيق العدالة الناجزة يتطلب أن تكون عدالة حقيقية دون الإخلال بضمانات للمحكوم عليه، ووضع أفضل الضمانات للمتقاضين نظرا لخطورة الجنايات وآثارها على المتهم وذويه. وهذا يعد نقلة نوعية فى كفالة ضمانات حقوق الإنسان، دون الإخلال بقواعد المحاكمة المنصفة وحقوق الدفاع، فجاء القانون ضمن حزمة من التشريعات أقرها مجلس النواب لتأكيد توطيد حقوق الإنسان وحرياته وسيادة القانون.

- تخفيف العبء عن محكمة النقض، خاصة أن أحكام النقض يتطلب القيام بالطعن أمامها محامى نقض، فالمحكوم عليه يضطر للبحث عن محامى نقض لإعادة النظر فى قضيته، ويكون على المحامى مراجعة القضية من جديد، أما استئناف حكم الجناية فهو يمنح المتهم فرصة البحث عن محام آخر للنظر فى الاستئناف إذا فشل المحامى الأول فى إثبات براءته.

- التعديل الجديد لم يعد مجرد حق أو أحد ضمانات التقاضى بل أصبح حاجة ملحة وضرورية على جميع الأصعدة للمتقاضين وللمحاكم والمجتمع كله، وهو حلم مشروع كان يطالب به فقهاء القانون لعقود طويلة.

ثالثا - التعديلات التى تضمنها القانون الجديد

[1] مواد الإصدار

- جاء القانون فى المادة الأولى من مواد الإصدار بتعديل مسمى محكمة الجنايات الوارد فى المواد (11، 156، 158، 159، 167/ فقرتان أولى وثانية، 210، 211، 214، 216، 276 مكررا، 384، 394، 397، 529، 536) بعبارة محكمة جنايات أول درجة، وكذا استبدال عبارة محكمة الجنايات بدرجتيها بعبارة محكمة الجنايات الواردة فى المواد (13، 167/ 5، 524)، وكذا استبدال محكمة النقض بعبارة الدائرة الجنائية بمحكمة النقض الواردة فى المادة 12 لمحكمة الجنايات المستأنفة وللدائرة الجنائية، وكذا استبدال عبارة محكمة الجنايات المستأنفة بعبارة الدائرة المختصة الواردة فى المادة 167/1، وكذا استبدال عبارة محكمة جنايات أول درجة بدائرة محكمة استئناف القاهرة بعبارة محكمة جنايات القاهرة الواردة فى المادة 219.

- كما ورد بالمادة ذاتها تعديل نص المادة 151/2 من القانون ذاته بعبارة: (وفى حالة الإحالة إلى محكمة جنايات أول درجة أو الطعن أمام محكمة الجنايات المستأنفة، يكون الأمر فى غير دور الانعقاد من اختصاص محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة).

- كما جاءت المادة الثانية لتفيد استبدال الفصلين الأول والثانى من الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون الإجراءات الجنائية؛ حيث قام المشرع بحذف لفظ (فى) الموجود فى مسمى الفصلين الأول والثانى وقام بإحداث تعديلات فى المواد، فألغى نصوصه واستبدل نصوصا جديدة بها.

- كما جاءت المادة الثالثة لتضيف عنوان الفصل الأول (فى استئناف الجنح)، حيث كان لا يوجد فصل وكان عنوان الباب فى الاستئناف، وكان يفهم فى القانون القديم بأنه لا يوجد استئناف إلا فى الجنح، وبالتعديل التشريعى أصبح هناك استئناف فى الجنايات، فجاء المشرع ووضع مسمى للفصل الأول وتتبعه نصوص المواد من: 402 وحتى المادة 419 إجراءات، ثم أضاف الفصل الثانى (فى استئناف مواد الجنايات) المستحدث وتضمن المواد 419 مكررا والمواد من 419 مكررا 1 إلى 419 مكررا 9.

- جاءت المادتان الرابعة والخامسة لتنصا على إعمال وسريان أحكام هذا القانون بداية من تاريخ العمل بهذا القانون أى من تاريخ اليوم التالى لنشره، وحيث نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية يوم 16 يناير 2024 فهنا تلتزم المحاكم بأن توفق أوضاعها بداية من يوم 17 يناير 2024، ولا يسرى ذلك على الدعاوى التى فصل فيها قبل صدور هذا الحكم، ولكنه يعمل به على القضايا التى لم يفصل بها وذلك توافقا مع نص المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية التجارية الصادر بالقانون 13 لسنة 1968 التى تنص على أنه: (تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ويستثنى من ذلك: القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة فى الدعوى- القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها- القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كنت هذه القوانين ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق).

[2] التعديل الخاص بالمواد من (366 - 373 إجراءات) - (تشكيل محاكم الجنايات وتحديد أدوار انعقادها)

ينص الباب الثالث من القانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن الإجراءات الجنائية (فى محاكم الجنايات)، وينص الفصل الأول من هذا الباب على المواد 366- 373 (فى تشكيل محاكم الجنايات وتحديد أدوار انعقادها)، فجاء التعديل التشريعى باستبدال الفصل الأول وتغيير نصوصه وهو المتعلق بالأحكام المنظمة لتشكيل محاكم الجنايات المستأنفة وتحديد أدوار انعقادها ومكان الانعقاد ومواعيده وكيفية اختيار قضاتها، وذلك على النحو التالى:

- قام التعديل بتغيير أرقام المواد بإعادة ترتيبها على النحو الذى يتفق مع نظامه القانونى فقام بتعديل نص المادة 366 على النحو التالى (تنص المادة 366/1 على أنه: تشكل فى كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر لنظر قضايا الجنايات، وتؤلف كل منها من ثلاثة من قضاتها برئاسة أحد نواب رئيس محكمة الاستئناف على الأقل). كما تنص الفقرة الثانية من ذات المادة على أنه: (تخصص دائرة أو أكثر من دوائر محكمة الجنايات - يكون رئيس كل منها بدرجة رئيس بمحكمة الاستئناف - لنظر الجنايات المنصوص عليها فى الأبواب الأول والثانى والثانى مكررا والثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، والجرائم المرتبطة بتلك الجنايات، ويفصل فى هذه القضايا على وجه السرعة)، وألغى مجلس النواب اقتراح بإضافة المادة 366 مكررا وجعل المادة 366 عبارة عن فقرتين؛ حيث كان مشروع القانون المقدم من الحكومة يتضمن تلك الإضافة وحذفها مجلس النواب وضم تلك المادة كفقرة ثانية للمادة 366.

- كما عدل نص المادة 367 ووضعَ نصا جديدا بها حيث تنص المادة 367 على أنه: (تشكل فى كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر تستأنف أمامها الأحكام الصادرة من دوائر جنايات أول درجة، وتؤلف كل منها من ثلاثة من قضاتها أحدهم على الأقل بدرجة رئيس محكمة استئناف، وتكون رئاسة المحكمة لأقدمهم)، وهذا النص وضع ما يفيد استئناف أحكام الجنايات، وأنها داخل محكمة الاستئناف وتستأنف أمامها جنايات أول درجة وبرئاسة قاض بدرجة رئيس لمحكمة استئناف.

- وأعاد ترتيب نصوص القانون لتصبح المادة 367 هى المادة 368 وعدل فيها بما يتضمن أن أحكام الجنايات أصبحت على درجتين، حيث تنص على أنه: (تعين الجمعية العامة لكل محكمة من محاكم الاستئناف فى كل سنة بناء على طلب رئيسها، من يعهد إليه من قضاتها للعمل بمحاكم الجنايات بدرجتيها، وإذا حصل مانع لأحد القضاة المعينين لدور من أدوار انعقاد محكمة الجنايات بدرجتيها يستبدل به آخر من القضاة يندبه رئيس محكمة الاستئناف من الدرجة ذاتها).

- كما جاءت المادة 369 التى كانت فى القانون السابق المادة 368 لتنص على أنه: (تنعقد محاكم الجنايات بدرجتيها فى كل جهة بها محكمة ابتدائية، وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية، ويجوز إذا اقتضت الحال أن تنعقد محكمة الجنايات فى مكان آخر يعينه وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة الاستئناف، وأضيفت فقرة ثانية للمادة تنص على أنه: ويجوز عند الضرورة بقرار من الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف أو من تفوضه أن تشمل دائرة اختصاص محكمة الجنايات المستأنفة ما تشمله أكثر من دائرة لمحكمة ابتدائية، ويبين القرار فى هذه الحالة مكان انعقادها).

- كما جاءت المادة 370 التى كانت فى القانون القديم 369 لتنص على أنه: (تنعقد محاكم الجنايات بدرجتيهاكل شهر ما لم يصدر قرار من رئيس محكمة الاستئناف يخالف ذلك)، فالتعديل جاء بإضافة لفظ (بدرجتيها)، كما جاءت المادة 371التى كانت فى القانون القديم 370 لتنص على أنه: (يحدد تاريخ افتتاح كل دور من أدوار الانعقاد قبله بشهر على الأقل، بقرار رئيس محكمة الاستئناف)، وكان فى القانون القديم ينص على أنه بقرار من وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة الاستئناف وينشر فى الجريدة الرسمية، فجاء القانون الجديد ليلغى عبارة (بقرار من وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة الاستئناف وينشر فى الجريدة الرسمية)، وأصبح افتتاح الجلسات بقرار من رئيس محكمة الاستئناف مباشرة.

- كما جاءت المادة 372 التى كانت فى القانون القديم 371 لتنص على أنه:(يعد فى كل دور جدول للقضايا التى تنظر فيه، وتوالى محكمة الجنايات بدرجتيهاجلساتها إلى أن تنتهى القضايا المقيدة بالجدول)،فالتعديل جاء بإضافة لفظ (بدرجتيها)،كما جاءت المادة 273 لتنص على: (يتبع فى الدعاوى التى تنظرها محكمة الجنايات المستأنفة جميع الأحكام والأوضاع المقررة أمام محكمة جنايات الدرجة الأولى). وكانت المادة 373 قبل إلغائها بالنص الحالى تنص على إحالة الدعاوى لمحكمة الجنايات بأمر من مستشار الإحالة، فهنا قد ألغى دور مستشار الإحالة، وكذلك ما ورد بنص المادتين 372، 373 فى القانون القديم.

[3] التعديل الخاص بالمواد من (374 - 383 إجراءات)- (الإجراءات أمام محاكم الجنايات)

كما سبق أن ذكرنا ينص الباب الثالث من القانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن الإجراءات الجنائية (فى محاكم الجنايات)، وينص الفصل الثانى منه على المواد 374- 383 (الإجراءات أمام محاكم الجنايات). وقد استحدث المشرع فى الفصل الثانى من الباب الثالث تنظيما للإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة بما فى ذلك إجراءات إعلان المتهم بالجلسة المحددة لنظر الاستئناف ودرجة المحامى الذى يحق له المرافعة أمام المحاكم ودوره وجزاء إخلاله بهذا الدور وأتعاب المحامى المنتدب للدفاع عن المتهم والإجراءات التى تتبع فى سبيل عرض القضايا على المحكمة وسلطاتها فى القبض على المتهم وحبسه احتياطيا والإفراج عنه، وذلك على النحو التالى:

- كانت المادة 374 من القانون القديم تنص على أن يكون تكليف المتهم والشهود بالحضور أمام المحكمة قبل الجلسة بثمانية أيام كاملة على الأقل، فجاء التعديل الجديد بالمادة ذاتها بالرقم ذاته ولكن عدل المدة لعشرة أيام بدلا من ثمانية أيام، وأضاف فقرتين جديدتين لهذا النص وهى: وفى الأحوال التى يكون فيها استئناف الحكم من النيابة العامة يكون إعلان المتهم بالاستئناف والحضور أمام محكمة الجنايات المستأنفة قبل الجلسة بعشرة أيام كاملة على الأقل، ولا تتصل المحكمة بالدعوى إلا بإعلان المتهم بأمر الإحالة. وكان مشروع القانون المقدم من الحكومة ينص على عشرة أيام فقط فجاء التعديل من المشرع بإضافة كلمة كاملة. وهاتان الفقرتان أضيفتا لنص المادة على أساس أن التعديل التشريعى يتطلبهما بعد أن أصبحت الجنايات على درجتين وليست درجة واحدة.

هنا الاستئناف يكون من النيابة بوصفها الخصم الشريف أمام المحكمة للمتهم إذا رأت أن هناك عوارا فى الحكم يستدعى استئنافه؛ حيث قضت محكمة النقض فى حكم حديث لها أنه إذا كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة فلا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها وإلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة، أشار حكم محكمة النقض فى القضية رقم 25991 لسنة 84 ق إلى: نص المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية التى تشير إلى أنه: "إذا كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة فلا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها ولا إلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة". وأنه طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 فإنه ينقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين، مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة القانون أو على خطأ فى تطبيقه أو فى تأويله.

- جاء تعديل المادة 375لحماية المتهم، وأن يجد محاميا يدافع عنه بدلا من أن يتركه دون دفاع، فنص التشريع على تغريم المحامى الذى لا يراعى أصول مهنته ولا يلتزم بالدفاع عن المتهم أمام المحكمة، لتنص على أنه: (فيما عدا حالة العذر أو المانع الذى يثبت صحته يجب على المحامى سواء أكان منتدبا من قبل النيابة العامة أو قاضى التحقيق أو رئيس محكمة الجنايات أم كان موكلا من قبل المتهم أن يدافع عن المتهم فى الجلسة أو ينيب عنه محاميا غيره، وإلا حكم عليه من محكمة الجنايات بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مع عدم الإخلال بالمحاكمة التأديبية إذا كان لذلك مقتضى، وللمحكمة إعفاؤه من الغرامة إذا ثبت لها أنه تعذر عليه أن يحضر فى الجلسة بنفسه أو أن ينيب عنه غيره).

- جاء تعديل المادة 376 ليؤكد حماية المتهم على أساس أن المحكمة تبغى العدالة وليس الإضرار بالمتهم، فجاء النص ليمنح المحامى أجرا عن دفاعه عن المتهم تدفعه له خزانة الدولة إذا كان المتهم معسرا؛ حيث تنص على أنه: (فى الأحوال التى يتعذر فيها على المتهم أن يوكل محاميا للدفاع عنه، تقدر المحكمة للمحامى المنتدب من قبل النيابة العامة أو قاضى التحقيق أو رئيس محكمة الجنايات بدرجتيها بحسب الأحوال أتعابا على الخزانة العامة تحددها فى حكمها الصادر فى الدعوى، ولا يجوز الطعن فى هذا التقدير بأى وجه).

- جاء تعديل المادة 377 حيث تنص على أنه: (المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة جنايات أول درجة ولا تقبل المرافعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة إلا من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف). وكان المشروع الوارد من الحكومة يقصر المرافعة أمام محكمة الجنايات بدرجتيها للمحامين المقبولين أمام محكمة الاستئناف فقط، ولكن التعديل التشريعى سمح بالمرافعة أمام محكمة أول درجة جنايات للمحامين أمام المحاكم الجزئية أيضا، وقصر المرافعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة للمحامين المقبولين أمام الاستئناف. وهذا التعديل يهدف إلى منح الفرصة لشباب المحامين للمرافعة أمام محاكم جنايات أول درجة.

- جاء تعديل المادة 378ليضبط نظر القضايا فلا يتركها فيتأخر نظرها، ولكن يجب الالتزام بمواعيد محددة ويتم إعلان أطرافها حتى يتمكنوا من نظر الدعاوى؛ حيث تنص على أنه: (على رئيس محكمة الاستئناف عند وصول ملف القضية أن يحدد الدور الذى يجب أن تنظر فيه، وأن يعد جدول قضايا كل دور من أدوار الانعقاد، ويرسل صور ملفات القضايا إلى القضاة المعينين للدور الذى أحيلت إليه، ويأمر بإعلان المتهم والشهود باليوم الذى يحدد لنظر القضية، مع مراعاة حكم المادة 374 من هذا القانون إذا كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة. وإذا دعت أسباب جدية لتأجيل نظر القضية فيجب أن يكون التأجيل ليوم معين سواء فى الدور ذاته أو فى دور مقبل).

- لم يطرأ تعديل على المادة 379حيث تنص على أنه: (لكل من النيابة العامة والمتهم والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعارض فى سماع شهادة الشهود الذين لم يسبق إعلانهم بأسمائهم). وهذا هو النص ذاته الوارد بالقانون القديم ولا يوجد تعديل.

- جاء تعديل المادة 380 لتمنح المحكمة بدرجتيها سلطة تنظيم وضع المتهمين إما بالإفراج عنهم أو حبسهم أو تأمر بضبطهم وإحضارهم وعرضهم عليها، فتنص على أنه: (مع مراعاة حكم المادتين 142، 143 من هذا القانون، لمحكمة الجنايات بدرجتيها فى جميع الأحوال أن تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره، ولها أن تأمر بحبسه احتياطيا، وأن تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطيا)؛ حيث أضاف المشرع فى صدر المادة عبارة مع مراعاة حكم المادتين 142، 143 من هذا القانون، وأضاف لفظ بدرجتيها.

- جاء تعديل المادة 381 بحيث تنص على أنه: (تتبع أمام محاكم الجنايات بدرجتيها جميع الأحكام المقررة فى الجنح والمخالفات ما لم ينص على خلاف ذلك. ولا يجوز لمحكمة الجنايات بدرجتيها أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية، ويجب إرسال أوراق القضية إليه، ويتعين عليه فى جميع الأحوال أن يرسل رأيه إلى المحكمة قبل جلسة النطق بالحكم بفترة كافية، فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة قبل التاريخ المحدد للنطق بالحكم، حكمت المحكمة فى الدعوى. وفى حالة خلو وظيفة المفتى أو غيابه أو قيام مانع لديه، يندب وزير العدل - بقرار منه - من يقوم مقامه.ولا يجوز الطعن فى أحكام محكمة الجنايات المستأنفة إلا بطريق النقض أو إعادة النظر).

ونرى أن التعديل تضمن إضافة لفظ بدرجتيها بعد ذكر محكمة أو محاكم الجنايات، وجاء التعديل الخاص بإرسال ملف الدعوى للمفتى؛ لأنه فى القانون القديم كان يتعين على المفتى إعادة ملف الدعوى بالرأى خلال عشرة أيام من وصول الملف إليه، ولكن التعديل الجديد ألزم المحكمة أن تحدد موعد لجلسة النطق بالحكم وتخطره بموعدها، وهنا المشرع منح المفتى مدة أطول من عشرة أيام حتى يمكنه تفحصها جيدا ووضع الرأى الشرعى، ففيما سبق كان المفتى لا يستطيع تكوين رأيه فى المدة البسيطة وهى الأيام العشرة فكانت القضايا يحكم فيها بدون رأى المفتى، وهنا نرى أنه يجب على دار الإفتاء أن تعين هيئة من العلماء للنظر فى أحكام القضاء بالإعدام وتكون رأيا فيها، ويعرض على المفتى حتى يستطيع أن نعظم دوره فى الأحكام؛ لأن الرأى الشرعى مهم جدا حتى تتثبت المحكمة وتكون عقيدتها فيها.

- جاء تعديل المادة 382 بحيث تنص على أنه: (إذا رأت محكمة الجنايات أول درجة أن الواقعة كما هى مبينة فى أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة، فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية.أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق، تحكم فيها). وجاء هذا التعديل ليضيف عبارة أول درجة على عبارة محكمة الجنايات فيتعين على محكمة الجنايات أول درجة أـن تتحقق من اختصاصها بنظر الدعوى، فإذا تبين لها أنها ليست جناية فتعيدها للمحكمة الجزئية، وبناء عليه فإن محكمة استئناف الجنايات (ثانى درجة) لا تحيل الدعوى للمحكمة الجزئية لأنه سبق فحص ذلك فى محكمة أول درجة فلا يعاد نظره أمام محكمة الجنايات المستأنفة.

- جاء تعديل المادة 383 بحيث تنص على أنه: (لمحكمة الجنايات أول درجة إذا أحيلت إليها جنحة مرتبطة بجناية ورأت قبل تحقيقها أن لا وجه لهذا الارتباط أن تفصل الجنحة وتحيلها إلى المحكمة الجزئية). وهنا التعديل جاء بإضافة عبارة أول درجة، تمييزا لها عن محكمة الجنايات المستأنفة.

الفصل الثانى (فى استئناف مواد الجنايات) – مستحدث- مضاف بالقانون 1 لسنة 2024

جاء التعديل التشريعى بإضافة هذا الفصل إلى قانون الإجراءات الجنائية؛ حيث عينت المواد المستحدثة أصحاب الحق فى الطعن بطريق الاستئناف فى الأحكام الصادرة من محكمة جنايات أول درجة سواء فى الدعوى الجنائية أو المدنية وإجراءات الطعن وشروط قبوله والإجراءات التى تتبع حيال الطعن بالاستئناف وتنظيم التزام النيابة العامة بعرض الأحكام الحضورية الصادرة بالإعدام فى محكمة النقض وفقا لقانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959، وجاءت النصوص المضافة على النحو التالى:

- نص المشرع على صاحب الاختصاص باستئناف الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات أول درجة وهو للنيابة العامة والمتهم إذا أدانته المحكمة؛ حيث تنص المادة 419 مكررا على أنه: (لكل من النيابة العامة والمتهم أن يستأنف الأحكام الحضورية الصادرة من محكمة جنايات أول درجة).

- كما نص المشرع على استئناف الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية الصادرة من محكمة جنايات أول درجة من المدعى بالحقوق المدنية أو المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها، وإذا زاد النصاب على مائة ألف جنيه وهو ما يزيد على ما تحكم به المحكمة الابتدائية (وفقا لنص المادة الثانية من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 والمعدل بالقانون 191 لسنة 2020)، حيث تنص المادة 419 مكررا 1 على أنه: (يجوز استئناف الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية من محكمة جنايات أول درجة من المدعى بالحقوق المدنية أو المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها، إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذى تحكم فيه المحكمة الابتدائية نهائيا).

- كما نص المشرع على جواز استئناف الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات أول درجة من النيابة العامة؛ حيث تنص المادة 419 مكررا 2 على أنه: (يجوز للنيابة العامة أن تستأنف الأحكام الغيابية الصادرة فى مواد الجنايات). وكانت هذه المادة قد خضعت لتساؤلات النواب، وطلب البعض أن يقتصر البعض على استئناف الأحكام الغيابية بالبراءة، ولكن الأمر انتهى على حق النيابة فى الطعن حتى لو كان الحكم بالإدانة بوصفها الأمين على الدعوى الجنائية من حقها أن تطعن، وأكد النواب أنه ماذا يضير المشرع أن تمنح النيابة سلطة الطعن لمصلحة القانون؟ للنظر فى أحكام قد تكون بالإدانة ولكنها فيها إهدار للمال العام، كما  أن هناك بعض الأحكام بالإدانة ولكن لا تتناسب العقوبة مع الجرم أو كان الحكم بعدم الاختصاص وغيرها من الحالات القانونية.

- كما نص المشرع على أن يتبع فى نظر الدعاوى أمام محكمة استئناف الجنايات ما يتبع فى الأحكام المقررة للاستئناف فى مواد الجنح ما لم ينص القانون 1 لسنة 2024 على خلاف ذلك، ومن ثم فإن المشرع قد أحال الإجراءات إلى ما ورد بالقانون من نصوص خاصة باستئناف مواد الجنح، حيث تنص المادة 419 مكررا 3 على أنه: (يتبع فى نظر الاستئناف والفصل فيه جميع الأحكام المقررة للاستئناف فى مواد الجنح ما لم ينص القانون على خلاف ذلك)، فعلى سبيل المثال يتبع فى الإجراءات ما لم ينص عليه القانون - ما نصت عليه المادة 413 إجراءات الخاصة بسماع أقوال الشهود واستيفاء التحقيقات وانتداب أحد القضاة لاستيفاء كل نقص فى الإجراءات وتكليف الشهود بالحضور أمام المحكمة.

- كما نص المشرع مواعيد تقديم تقرير الاستئناف وأسبابه التى تقدم لقلم كتاب المحكمة، حيث تنص المادة 419 مكررا 4 على أنه: يحصل الاستئناف بتقرير فى قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم وذلك خلال أربعين يوما من تاريخ صدور الحكم، فإذا كان الاستئناف مرفوعا من هيئة قضايا الدولة يجب أن يكون التقرير موقعا من مستشار بها على الأقل، وإذا كان مرفوعا من النيابة العامة فيجب أن يكون التقرير موقعا من محام عام على الأقل، وللنائب العام أن يستأنف الحكم خلال ستين يوما من تاريخ صدوره، وله أن يقرر بالاستئناف فى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظر الاستئناف. وقد ألغى مجلس النواب عبارة كانت واردة من مشروع الحكومة يتضمن (ومذكرة بأسباب الاستئناف موقعة من محام مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف) وذلك لرفع العبء على المتهم من ضرورة تقديم مذكرة من محام للطعن أمام محكمة الجنايات المستأنفة مع الاكتفاء بتقرير من المتهم أو وكيله وذلك تيسيرا على المتقاضين. وأضاف مجلس النواب الفقرة الثانية فمنح هيئة قضايا الدولة حق استئناف الأحكام نيابة على الدولة على أن يكون التقرير موقعا من مستشار بها على الأقل، وذلك لسد الفراغ التشريعى. ولكن المشرع أضاف نصا لا نرى مبررا له وهو أن يمنح النائب العام حق استئناف مغايرا لحق المتهم، فمنحه الطعن خلال 60 يوما مع أنه منح المتهم والنيابة العامة وهيئة قضايا الدولة مدة 40 يوما فقط، ونرى أن هذا لا يتوافق مع العدالة؛ فالمتهم أيضا من حقه الطعن خلال 60 يوما وليس 40 يوما فقط.

- كما نص المشرع على التزام قلم الكتاب بعرض الاستئناف المقدم على حكم الجنايات أول درجة بعد اتخاذ الإجراءات الشكلية على رئيس المحكمة لتحديد موعد الجلسة؛ حيث تنص المادة 419 مكررا 5 على أنه: (يرفع قلم الكتاب التقرير بالاستئناف وملف الدعوى فور انتهاء الميعاد المحدد لإيداع أسباب الحكم الصادر فيها إلى رئيس محكمة الاستئناف بعد إدراج الاستئناف فى جدول يعد لذلك، ويحدد رئيس المحكمة جلسة لنظره ويأمر بإعلان المتهم وإخطار باقى الخصوم بها). كان مشروع القانون المقدم من الحكومة يشترط رفع تقرير ومذكرة إيداع بأسباب الاستئناف، ولكن المشرع حذفها مع الاكتفاء بتقرير من المتهم أو وكيله وذلك تيسيرا على المتقاضين.

- كما أضاف القانون أن تقوم محكمة الاستئناف بإرسال القضايا المستأنفة للقضاة المعينين على نظرها لفحصها قبل موعد الجلسة بوقت كاف؛ حيث تنص المادة 419 مكررا 6 على أنه: (ترسل محكمة الاستئناف صور ملفات القضايا والأحكام الصادرة فيها إلى القضاة المعينين لنظر الاستئناف قبل ميعاد الجلسة بوقت كاف).

- كما أضاف القانون أن تتخذ المحكمة جميع الإجراءات الخاصة بنظر الدعوى وسماع مقدم أو مقدمى الاستئناف وأوجه الاستئناف والدفوع، ثم تأذن فى نهاية المرافعات للمتهم بالتحدث؛ حيث تنص المادة 419 مكررا 7 على أنه: (تسمع المحكمة أقوال المستأنف والأوجه التى يستند إليها فى استئنافه وأوجه دفاعه ودفوعه كما تسمع باقى الخصوم على أن يكون المتهم آخر من يتكلم).

- وضع المشرع التزاما على النيابة العامة بعرض ملف المحكوم عليه بالإعدام على محكمة النقض، وهذا التزام أقره قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ولكن المشرع جاء ليؤكده فى هذا القانون بوصفه من إجراءات ما بعد استئناف حكم الجنايات، حيث تنص المادة 419 مكررا 8 على أنه: (إذا كان الحكم صادرا حضوريا بعقوبة الإعدام، ولم يجر استئنافه خلال الميعاد المقرر قانونا وجب على النيابة العامة اتباع حكم المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959)؛ حيث تنص تلك المادة على التزام النيابة العامة حتى لو يطعن المتهم فى الحكم الصادر بالإعدام - مادام الحكم حضوريا- فإن النيابة العامة تلتزم بعرض أوراق القضية مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم على محكمة النقض وذلك خلال 60 يوما من تاريخ الحكم، وتحكم محكمة النقض بعد أن تتمحص الدعوى، ولها أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ فى تطبيقه أو فى تأويله، أو أن المحكمة التى أصدرته لم تكن مشكلة وفقا للقانون ولا ولاية لها بالفصل فى الدعوى, أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى.

- جاء المشرع بنص حديث يحكم ما يتبع حيال المتهم فى الفترة بين صدور حكم محكمة الجنايات أول درجة واستئناف الحكم وحتى لا يحدث غلط فى الموضوع، ويعتقد البعض أن الاستئناف من شأنه إخلاء سبيل المتهم، فأشار النص إلى أنه لا يخلى سبيل المحكوم عليه ويظل محبوسا فلا يوقف تنفيذ الحكم إلا بقرار من محكمة الاستئناف المنظور أمامها الدعوى، وكان مشروع القانون الوارد من الحكومة يقتصر على عبارة إلا إذا رأت المحكمة وقف التنفيذ فجاء المشرع بتوضيحها صراحة، فنص على أن محكمة الجنايات المستأنفة المعروض عليها القضية هى الوحيدة المنوط بها وقف التنفيذ أو كان محكوما عليه بالإعدام، تنص المادة 419 مكررا 9 على أنه: (لا يترتب على استئناف الحكم الصادر من محكمة جنايات أول درجة وقف تنفيذ الحكم إلا إذا رأت محكمة الجنايات المستأنفة وقف التنفيذ أو كان الحكم صادرا بالإعدام، وإذا تخلف المحكوم عليه أو وكيله بغير عذر عن الحضور فى الجلسة المحددة لنظر استئنافه أو فى أى جلسة تالية تندب له المحكمة محاميا للدفاع عنه وتفصل فى الاستئناف). كما أن المشرع لعدم تعطل المحكمة عن أداء عملها وضع نصا يمنح المحكمة الحق فى نظر الدعوى فى غياب المحكوم عليه أو المحامى، ولها أن تنتدب محاميا للدفاع عن المتهم. وكان مشروع القانون المقدم من الحكومة يضيف عبارة (ويجوز للمحكمة إذا كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة أن تأمر بالقبض عليه وحبسه احتياطيا إلى حين الانتهاء فى نظر الاستئناف مع مراعاة نصى المادتين 142، 143 من هذا القانون)؛ حيث رأى المشرع أن ذلك النص مستغرق بنص المادة 380 من القانون وليس هناك حاجة إليه.

ختاما:

لا شك فى أن التعديل التشريعى بالقانون 1 لسنة 2024 جاء تتويجا لمتطلب أساسى سعى إليه فقهاء القانون لعقود طويلة، فإذا كانت العدالة تقتضى أن نضع ضمانات للمتهمين والمحكوم عليهم؛ يمكن من خلالها أن نمنحهم حقهم الدستورى فى الدفاع فإن هذا يؤكد أن دولة القانون التى نعيش فيها والتى هى الضمانة الحقيقة لحماية الحقوق والحريات تمشى قدما نحو كفالة حقوق الإنسان بوصفها صمام أمان لكل إنسان. لذا، فإننا نتمنى من المشرع أن يراجع التشريعات السابقة ومدى حاجتها إلى التعديل، ويقوم بإجراء تلك التعديلات على النحو الذى يتفق مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أكدتها القيادة السياسية، وأصبحت تشكل منظورا جديدا ومستقبليا لكفالة حقوق المواطن وحرياته.

طباعة

    تعريف الكاتب

    لواء د. خالد مصطفى فهمى

    لواء د. خالد مصطفى فهمى

    أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة والجامعات المصرية ورئيس قسم حقوق الإنسان بجامعة السلام