مقالات رأى

مضيق هرمز.. ورقة التهديد الإيرانية

طباعة
دائما وأبدا ما تلعب إيران بورقة مضيق هرمز بحسبانه تهديدا واضحا وصريحا لدول الخليج العربي، في حالة أي تحرك إيراني لمحاولة إغلاق المضيق، وادعاء أن هناك أي تهديد عليها. وقد هددت من قبل أكثر من مرة بإغلاق المضيق وقت التهديدات الأمريكية لها بتنفيذ عمليات عسكرية ضدها، إبان الأزمة النووية الإيرانية، قبل الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية. والآن تعتبره ورقة ضغط قوية على دول الخليج العربي، بعد اتهامها بدعم العناصر الحوثية في اليمن، وتزويدها بالصواريخ التي تصل إلى العمق السعودي.
وإذا نظرنا إلى مضيق هرمز , فسنجد أنه ممر مائي يربط بين الخليج العربي من جهة , وخليج عمان وبحر العرب , والمحيط الهندي من جهة أخرى. وبما أن مياه الخليج العربي تعد بحرا شبه مغلق , إذ إن المنفذ الوحيد له هو مضيق هرمز , فإن دول الخليج العربي تعد أكثر ارتباطا بالمضيق . ويضاف إلى ذلك أن مياه المضيق غير صالحة للملاحة , وإنما تم تخصيص ممرين ذهابا وعودة فقط , في أكثر أجزائه صلاحية للملاحة , من حيث الخصائص التي وضعتها المنظمة الدولية للملاحة البحرية . والأهم في هذا الشأن أن مخرج الخليج يحاذي الساحل الإيراني , في حين أن مدخله يحاذي الساحل العماني .
ومن ثم، فإن ممر المضيق المخصص للخروج هو الأهم مقارنة بنظيره المخصص للدخول . ومع استمرار حدة التهديد بإغلاق المضيق , فإن إيران ستكون في الوضع الأقدر علي قطع الطريق أمام صادرات دول الخليج العربي , وأهمها البترولية , والتي هي شريان الحياة بالنسبة لها . وبما أن المياه الإقليمية لكل دولة هي (12) ميلا بحريا , فإن مياه المضيق تخضع جميعها للسيادة الإقليمية للدولتين , ويعني ذلك أن نظام الملاحة به يعتمد على فكرة ( المرور البرئ ), بحيث لا يمس أمن واستقرار الدولتين .
 
إذن، فإيران إذا نفذت بالفعل تهديدها بإغلاق المضيق , فسيكون متاحا لها عندئذ الادعاء بأن السفن المارة تسهم في أي عمل عدائي  عليها , حتي لو كانت سفنا تجارية , وسيكون بمقدورها في هذه الحالة القيام بأي عمل يكفل لها حماية نظامها واستقرارها , مستغلة بند ( حق الزيارة والتفتيش ), الذي يسمح لها بإيقاف أي سفينة للاشتباه في حمولتها وتفتيشها والسماح لها بالعبور أو عدم العبور .
 
واذا نظرنا الي الأهمية الاقتصادية لمضيق هرمز , فسنجد أنه وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية , فإن إمدادات النفط عبر المضيق تشكل نحو (40%) من إجمالي المعروض النفطي المتداول عالميا , أي نحو (4,15) مليون برميل يوميا من الخام , فضلا عن مليوني برميل إضافية من المشتقات النفطية وهو ما يعني أن نحو 90% من صادرات نفط دول الخليج تمر عبر المضيق .
 
ونظرا لارتباط اقتصادات دول المنطقة بالنفط , فإن أي احتمال لإغلاق المضيق سوف يؤثر بالسلب فى 88% من الصادرات النفطية السعودية , و 98% من الصادرات النفطية العراقية , و 99% من الإماراتية , و 100% لكل من قطر والكويت , والأخطر من ذلك هو ارتباط الدول الكبري بالصادرات النفطية التي تمر بالمضيق , والتي ستكون علي استعداد للتدخل بأي شكل من الأشكال إذا ما تعرض أمنها الاقتصادي , ومن ثم الأمن القومي للتصدير المباشر في حالة إغلاق المضيق , حيث إن الولايات المتحدة تحصل علي 14% من هذا النفط , واليابان تحصل على 35% وكوريا الجنوبية 14% . أما الهند فتحصل علي 12% والصين علي 8%. بالإضافة إلى ذلك، فإن كل المنشآت الحيوية الخليجية , وبخاصة الاقتصادية والاستراتيجية منها تقع علي ساحل الخليج العربي بشكل أو بآخر , لتؤكد مدى الخطر الذي يمكن أن يلحق بها , إذا ما توترت الأوضاع بمياه الخليج . وإذا أخذنا مثلا المملكة العربية السعودية، فسنجد أنه بالرغم من امتلاكها ساحلا طويلا علي البحر الأحمر، فإن الأهمية الاقتصادية تتمثل في الموانئ التي تطل علي الخليج العربي , حيث إن معظم حقول النفط العامة بالنسبة لها تطل على الخليج العربي , وتعد أهم المواني التي تطل على الخليج هي الدمام والجبيل , وكذا المواني الإماراتية المهمة تطل على الخليج وهي دبي وأبوظبي والشارقة ورأس الخيمة .
 
وإذا كانت أهمية المضيق الاقتصادية لا تقف على الدول المطلة علي الخليج العربي فحسب , فإنها تتعدي ذلك لتشمل دول أوروبا واليابان والولايات المتحدة وروسيا , وذلك بحكم العلاقات وميزان التبادل التجاري بينها وبين دول المنطقة والذي يخدم التقدم الاقتصادي لدول الخليج .
 
إذن فدول مجلس التعاون الخليجي تعلم جيدا أن إيران تستطيع أن تؤثر بشكل سلبي فى اقتصاداتها وتقدمها. لذا، فهي تسعي جاهدة لدرء أي عمليات عسكرية قد توجه ضد إيران على الرغم من التوتر الواضح في العلاقات بين دول الخليج وايران في الوقت الحالي. الا أنه ربما تسعى ايران الى اختلاق أى مشكلة مع دول الخليج من اجل تنفيذ تهديدها، رغم علمها انه قد يؤدى اتخاذ مثل ذلك القرار إلى شن حرب دولية عليها بسبب تضرر العديد من الدول الكبرى من نقص الطاقة التي تسعى في المقام الاول للسيطرة عليها .
 
طباعة

    تعريف الكاتب

    جميل عفيفي

    جميل عفيفي

    مدير تحرير جريدة الأهرام