مؤشر "الإرهاب العالمي".. اختزال تفسيري وربط تعسفي
30-3-2016

د. شادي عبد الوهاب
* رئيس التحرير التنفيذي لدورية اتجاهات الأحداث
شهدت ظاهرة الإرهاب انتشارا وتغيرا من حيث طبيعة القائمين عليها، وآثارها العالمية في الآونة الأخيرة، إذ يشير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2015 إلي تزايد نسبة العمليات الإرهابية بـ 80  في عام 2014، مقارنة بـ 2013(1). كما تطورت أشكالها، خاصة بعد سيطرة تنظيمات إرهابية علي مناطق جغرافية واسعة، وانتزاعها من سيادة الدولة، علي غرار تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ "داعش" في سوريا والعراق، وبوكو حرام في نيجيريا.
 
واستخدمت التنظيمات الإرهابية أساليب متنوعة تتراوح بين حرب العصابات، وتكتيكات الجيوش النظامية، أحيانا، في مناطق وجودها الأساسية. أما خارجها، فقد استطاعت تنفيذ عمليات إرهابية تراوحت بين إرهاب فردي يقوم به أفراد يتعاطفون مع التنظيم أيديولوجيا، وإن كانوا لا ينتمون إليه تنظيميا، وإرهاب منظم يتم التخطيط له من جانب التنظيم، ويرسل عناصره لتنفيذه في الخارج، علي غرار العمليات الإرهابية التي أعلن "داعش" مسئوليته عنها في باريس في نوفمبر .2015 ومع انتشار الإرهاب، تزايدت تداعياته الاقتصادية، فقد بلغت الخسائر الاقتصادية، جراء العمليات الإرهابية في العالم عام 2014، نحو 52.9 مليار دولار، وذلك بزيادة قدرها نحو 61 عن العام الذي سبقه، وفقا لمؤشر الإرهاب العالمي. وفرضت تطورات الظاهرة الإرهابية اهتماما عالميا، لاسيما وأن تداعياتها لم تقتصر علي الشرق الأوسط، أو الدول الغربية، بل امتدت إلي العديد من الدول في جنوب آسيا، خاصة مع مبايعة أكثر من 43 جماعة إرهابية لـ "داعش"، حتي ديسمبر 2015، وفقا لبعض التقديرات.
 
وفي هذا السياق، شكلت المؤشرات التي تهدف لقياس العمليات الإرهابية أهمية متصاعدة، وذلك لتحقيق عدة أهداف، الأول: الوقوف علي تطور الظاهرة نفسها، وما إذا كانت في ازدياد أو انحسار. الثاني: قياس مدي فاعلية السياسات التي يتم تبنيها من قبل الحكومات المختلفة لمواجهة الإرهاب وتقييمها. فاستمرار تصاعد العمليات الإرهابية، برغم تبني إجراءات معينة لمواجهتها، هو مؤشر علي فشل هذه الإجراءات، والحاجة إلي مراجعتها. أما الهدف الثالث والأخير، فيرتبط بكون مؤشر الإرهاب يمثل محددا يتم علي أساسه اتخاذ القرارات الاستثمارية. فالحكومات، ومراكز الأبحاث تفضل استخدام المؤشرات لسهولتها وبساطتها، واتخاذ قرارات بالاعتماد عليها بسهولة، خاصة أن الإرهاب برز كأحد العوامل المهمة المؤثرة في الاستثمارات. فالعمليات الإرهابية تستهدف أحيانا الاستثمارات، والشركات الاقتصادية هذا من جهة. ومن جهة أخري، فإن زيادة العمليات الإرهابية في دولة ما تؤثر سلبا في حجم السياحة الأجنبية المتدفقة إلي تلك الدولة.
 

رابط دائم: