" مؤتمر": التعاون المائي عبر الحدود من أجل السلام
9-11-2014


*
  أصبح السلام معرضًا للخطر في تلك المناطق التي تعانى نقصا في المياه، أو نزاعا على تقسيمها، خاصة في أحواض الأنهار المشتركة بين عدة دول. وقد يتزايد الصراع خلال الفترة المقبلة نتيجة تضارب المصالح، واتساع أوجه الانتفاع بمياه الأنهار في أغراض الصناعة، وتوليد الكهرباء، والطاقة.  في هذا السياق، جاء المنتدى السنوي الأول الذي عقد في مدينة اسطنبول بتركيا، والذي نظمته Strategic Foresight group، وجامعة MEF التركية، بالتعاون مع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، والدائرة السياسية لوزارة الشئون الخارجية السويسرية بحضور العديد من الخبراء في شئون المياه بهدف دعم إنشاء منتدى للتعاون المائي بين تلك الدول من خلال " مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط "، التي تسعى إلى تحويل المياه من مصدر للنزاع إلى أداة للسلام.  
 
كيفية إدارة موارد المياه:  
 
أشار عبد الستار مجيد القادر، وزير الزراعة والموارد المائية في حكومة إقليم كردستان العراق، إلى ضرورة الإدارة الجماعية للموارد المائية من خلال التعاون والعمل على استخدام الموارد المائية بما يحفظ حق الأجيال القادمة، واستكمال تلك الموارد مع مياه الأمطار والينابيع، واستخدام التكنولوجيا الجديدة والمتقدمة، خاصة ما تتعرض له الموارد المائية من مؤثرات مناخية، وتأثيرات نتيجة للتعاون المتخاذل من الدول المتشاركة في أحواض الأنهار، بل واستخدامها كورقة ضغط في العلاقات بين الدول بدلا من أن تكون أداة لتفعيل السلام والحوار المشترك.
 
ونصت مذكرة التفاهم التي توصل إليها الجانبان التركي والعراقي على أن بناء الثقة بين البلدين هو أساس توسيع وتعزيز التعاون لبدء تبادل البيانات بطريقة تدريجية. وأكد المشاركون ضرورة تطبيق المذكرة التي تتضمن تحديد إقامة محطة بقياس تيار واحد على كل جانب من البلدين في المنطقة الحدودية لنهر دجلة، وأهمية تبادل المعلومات، وتطوير منهجية مشتركة لتحليلها، وتعزيز التعاون التقني لبناء الثقة والتفاهم، واقتراح إنشاء محطتين: واحدة في تركيا، والأخرى في العراق لقياس كمية تدفق المياه ونوعيتها.
 
مؤثرات جديدة فى الأمن المائي:  
 
 أشارت د. عيشا غول، المتخصصة في العلاقات الدولية، إلى أن الإرهاب المائي وما قامت به داعش فى الموصل وغيرها هو ما يفرض التعاون على كافة الأطراف، لأن الضرر سيطول الجميع لا محالة. فبدلا من المشاركة فى المخاطر، دعت إلى اتخاذ خطوات فعالة من شأنها أن نتشارك الفوائد من خلال التعاون فى قضايا السدود والري، وتغيير الخطاب السائد فى الشرق الأوسط بعيدا عن الإدارة التى يقودها التنافس على الموارد المائية المشتركة.
 
وحذر المشاركون من مخاطر الإرهاب، وضرورة منع استخدام المياه كأداة للضغط، وتفجير السدود واحتلالها، مثلما جرى في الموصل والفلوجة، والتى وصلت إلى حد تعطيش الناس في المقدادية والسعدية، وهو ما يجب التحرك بشأنه من خلال التعاون لمنع استخدام المياه كسلاح فى ظل حماية دولية وتعاون إقليمي للبنية التحتية من محطات وسدود وحماية السكان.
 
وعن أزمة اللاجئين السوريين، أوضح المشاركون أن عدد اللاجئين السوريين بلغ نحو 1,5 مليون في تركيا. وفى لبنان، قالت زينة مجدلاني، الخبيرة الاقتصادية في مكتب مجلس الوزراء اللبناني، إن اللاجئين السوريين قارب عددهم 1,4 مليون بما يضغط على البنى التحتية والمياه على وجه التحديد. وتبعا لذلك، اقترح د. هادى طبارة، الخبير المائي اللبناني، أن تزيد سوريا من حصة الجانب اللبنانى فى نهر العاصي الذي تتقاسمه سوريا، والعراق، ولبنان نتيجة للأعداد المتزايدة التى يحتضنها لبنان.
 
أما أثر اللاجئين على الأردن، فأكدت د. ميسون الزغبي، الأمين العام السابق في وزارة المياه والري الأردنية، أن الأزمة المائية وإن كانت لا تتعلق بالبنى التحتية، فإن الطلب المتزايد على المياه حول الأردن إلى استخدام المياه الجوفية لسد حاجات الطلب، نتيجة لوجود اللاجئين الذين زاد عددهم فى بعض المناطق على السكان المحليين.
 
ومن الملاحظ أن المجتمعات الحدودية، إضافة لما تعانيه من ضعف، ونزاعات، وعدم استقرار سياسي وأمني، أضيف إليها استقبالها للاجئين من الدول المجاورة، مما زاد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وهو ما يستدعى ضرورة وضع تلك المجتمعات فى الحسبان ضمن نطاق البرامج والسياسات الاقتصادية للدول، وهو ما طالبت به ماريا سلدياريجا، الأستاذة بالجامعة الأميركية في السليمانية.
 
إضافة إلى ذلك، أوضح المشاركون ضرورة الالتفات إلى أثر التغيرات المناخية التى تلقي بظلالها على الزراعة سلبا، وضرورة الاستخدام الفعال للمياه بعيدا عن إهدارها.
 
توصيات: 
 
 أكدت أمبيكا فيشواناث، مديرة البرنامج، أن ما توصل إليها المشاركون الــ 90 يتمثل في  سبعة مبادئ تم إقرارها، هي كالآتى: 
 
• أن الموارد المائية هي مسئولية عامة ومشتركة، ومثال ذلك التجربة السنغالية، وإن كانت بعيده فى ظل ما تمر به المنطقة من أزمات.
 
• بناء الثقة بين الأطراف من خلال إتاحة فرص تبادل المعلومات والتكنولوجيا.
 
• تعزيز وترجيح مسار تقاسم المنافع بدلاً من الاكتفاء بالتخصيص الكمي للموارد المائية، والتعاون لتحقيق الأمن المستدام للمياه.
 
• حماية الفئات المستضعفة، وأمنها المائي والغذائي والطاقة.
 
• إدارة مخاطر التغيّر المناخي، وتبعات الاحتباس الحراري على المنطقة.
 
• أن تعمل كل دولة على إدارة مواردها المائية بكفاءة هو الطريق للتعاون عبر الحدود.
 
• عدم استخدام المياه كأداة للحرب، وحمايتها من المخاطر الإرهابية، وأعمال العنف التى أصيبت بها المنطقة.
 
 وفي النهاية، طالب د. بامادين، السكرتير العام لمنظمة حوض نهر السنغال، بضرورة الاستفادة من الإدارة المشتركة، والعمل المؤسساتي لحوض النهر السنغال. وأكد صنديب واسليكر، رئيس منظمة Strategic Foresight group، أنه لابد من الانتقال من حيز النقاش إلى دائرة التنفيذ الفعلي، من خلال إدخال توصيات المنتدى على أجندة أعمال حكومات الدول المشاركة.

رابط دائم: