ندوة: أزمة بناء الدولة في ليبيا واليمن
9-11-2014

أحمد خميس كامل
* مدرس مساعد علوم سياسية، جامعة حلوان
كشفت الموجة الثورية التي ضربت العديد من بلدان العالم العربي، بما فيها اليمن وليبيا، مدى هشاشة هياكل السلطة فى تلك الدول، سواء علي المستوى التنظيمي، أو الخدمى، أو الإداري، أو الأمني، أو السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي. ومن ثم، فقد شكلت أزمة بناء الدولة التحدي الرئيسي أمام تلك الدول. وفى هذا السياق، نظم المركز العربي للبحوث والدراسات ندوة حول "أزمة الدولة في اليمن وليبيا "، حضرها نخبة من المتخصصين فى الشأن العربي. وقد تحدث فيها كل من الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، رئيس مجلس إدارة دار المعارف، والكاتب والمفكر الليبي إبراهيم بشير الغويل، والمفكر الليبي عمر الحامدي، أمين عام المجلس القومي للثقافة العربية، والدكتور محمد السعيد إدريس، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
 
افتتح الجلسة وأدارها السيد ياسين مدير المركز، الذي أكد أن المنطقة العربية تمر بمرحلة حرجة، لافتا إلى أن بعض الدول العربية تمر بمرحلة الدول الفاشلة التي عجزت عن إدارة شئونها، والحفاظ على أمنها القومي، كما حدث في اليمن، وسوريا، والعراق، وليبيا.
 
وذكر ياسين أنه وقف كثيرًا أمام مقولة إن الفكر لا يحارب إلا بالفكر، لأنه بدون تغيير الشئون الاقتصادية والاجتماعية، لا يمكن تغيير الفكر، وهذا ما استغلته الجماعات الإرهابية، حيث استطاعت غزو تلك العقول. ونادى بضرورة المواجهة الثقافية للإرهاب.
 
أزمة الدولة في اليمن:
 
تحدث الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجة، رئيس مجلس إدارة دار المعارف، عن أن ما حدث في 21 سبتمبر الماضي من سقوط صنعاء فى يد الحوثيين يمثل إعلان نهاية نظام 1962 الذى كان قائما على التحالف ما بين تيار الاستقلال بقيادة الرئيس السابق على عبد الله صالح وآل الأحمر، فضلا عن أن المبادرة الخليجية، واستمرار الحوار الوطني أصبحت أمورا مشكوكا في قابليتها.
 
وأشار أبو طالب إلى أن الحوثيين يشكلون نحو من  7 إلى 10% من اليمنيين، وهم قوة تقترب من الاثني عشرية ذات الطابع الجهادي بالمعني الإيراني، وليس بالمعني السلفي. وعلى الرغم من ذلك، تمكنوا من السيطرة على محافظات من الوسط والشمال فى أقل من ثلاثة أسابيع. وقد رفع الحوثيون شعارات العدالة الاجتماعية، ومواجهة الفساد بغية التواصل والتنسيق مع العديد من القوى الاجتماعية الأخرى في اليمن.
 
وذكر أبو طالب أن الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح يتمتع بنفوذ معنوي كبير في الأوساط اليمنية، وهناك قيادات عسكرية سلمت مناطق للحوثيين بكل سهولة ودون مقامة وهذه القيادات كانت تنتمي للنظام اليمني. وأكد أبو طالب أن الموقف السعودي حرج بالنسبة لليمن، حيث خرج أحد القادة العسكريين السعوديين ليؤكد أن هناك تأمينًا جيدًا للحدود الجنوبية للمملكة مع اليمين، ورد الحوثيون بأنهم لا يريدون الاقتراب من الجنوب، وفقًا للاتفاقيات بينهم.
 
واختتم أبو طالب كلمته  مؤكدا عدم وجود دولة عربية واحدة خالية من عناصر الانهيار الذاتي نتيجة استمرار الفساد والاستبداد لسنوات طويلة.
 
وأكد المفكر الليبي إبراهيم الغويل أن السنة والشيعة ليسا مذاهب سياسية، وإنما تقسيم سياسي من أجل افتعال الأزمات، وأن قوى الشر والرأسمالية هي التي تسيطر، ولا تزال مستمرة في افتعال الأزمات .وأضاف الغويل أن الحقيقة أننا لا نرى الرؤى الحقيقية، وهذا هو سبب الأزمة في الدول العربية، مضيفا أننا لا بد أن نفكر كيف وصل بنا الحال إلى هذا الوضع من التدهور.
 
 وطالب الغويل بضرورة الإجابة على التساؤلات التالية: في أي عصر نعيش؟، وفى أى عالم نعيش؟، ومن نحن؟، ومن هو الآخر؟.
 
أسباب ثلاثة للأزمة الليبية:
 
أكد عمر الحامدي، المفكر الليبي، أمين عام المجلس القومي للثقافة العربية، أن هناك عدة طرق لابد أن تنفذ للسعي لحل الأزمة الليبية، وطالب الحامدي بالإفراج عن المعتقلين الليبيين، سواء كانوا نساء أو رجالا، والسماح لليبين بالتهجير، واللجوء إلى أي دولة أخرى، مشيرا إلى أن مصر تدعم الحوار والمصالحة الليبية، قائلا "ونحن نثق في الشعب المصري والرئيس السيسي".
 
 وأضاف الحامدي أن أسباب الأزمة في ليبيا والدول العربية يجب النظر إليها من ثلاثة أضلاع أو زوايا، الضلع الأول هو التخلف العام، والثاني هو حالة التجزئة المفروضة بالقوة من العدو الغربي، وأخيرا التغريب والاستلاب الثقافي. وحذر الحامدى المصريين من أن ما حدث في ليبيا ليس المقصود منه ليبيا فقط، وإنما موجه ضد مصر. 
 
اليمن يمزق بين ثلاث قوى:
 
ذكر الدكتور محمد السعيد إدريس، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن الحراك الثوري الذي حدث في الدول العربية عام 2011 هو نتيجة الإقصاء السياسي، واحتكار السلطة، وتحول الدول إلى بوليسية، وتهميش دور المجتمع المدني.
 
وأضاف إدريس أن الدول الفاشلة هي السبب في تفريق الإرهابيين، وأن الدول العربية تفتقد الخصوصية لكونها تابعة سياسيًا، واقتصاديًا، وعسكريًا، وتكنولوجيا. وضرب مثلا بمحور القاهرة- دمشق- الرياض. ففى عز مجده، كان يصعب عقد قمة عربية دون التشاور مع الحليف الأمريكي.
 
واكد إدريس أنه يرى الوضع في اليمن، حيث يدور الصراع بين ثلاث قوى: أنصار الله، وأنصار الشريعة، والحراك الجنوبي. وفي سوريا، يمول الجبهة الإسلامية عدد من الدول العربية، ويتم تدريبهم في تركيا، والأردن، ولبنان، وأن ماحدث في ليبيا- عقب إسقاط نظام القذافي- هو دخول الجماعات الإرهابية، وكان الشعب الليبي في ذلك الوقت مغيبا.
 
واختتم إدريس كلمته قائلا: المطلوب هو تدمير الدولة العربية، ونادى بضرورة البدء بالواقع المؤلم، لأننا أمة عظيمة، ولها دور تاريخي.

رابط دائم: